المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : د.عبدالله باحجاج يكتب: السيكولوجية الخليجية.. وانفتاحها للابتزاز الاجنبي



أفتخر عمانيه
13-12-2016, 11:17 PM
http://www.atheer.om/wp-content/uploads/2016/12/IMG_3019.jpg






د.عبدالله باحجاج





كاتب عماني


اندهشنا كثيرا من المبالغات وصور التضخيم اللامتناهية التي يرسمها خبراء ومحللين خليجيين وبالذات من الأشقاء السعوديين حول تداعيات حقبة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب على الخليج من منطلق تصريحاته الانتخابية، الشعبوية والعدائية، وقد كانت أوراقهم المقدمة في المنتدى الثالث للخليج والجزيرة العربية في الدوحة مؤخرا ، وكذلك من يقرأ مقالات الكتاب الخليجين، تضخم الرعب الترامبي، وترسم سيناريوهات مخيفة للأمن الخليجي في عهده، وإظهار الخليج كفاقد للقدرة على إدارة حقبة ترامب ومواجهة الإرهاب من مختلف مصادره – الدولة واللادولة – فأين نتائج المليارات لشراء الأسلحة المتطورة من الغرب؟


ربما يكون تلك النخب قد نست أو تناست، إن التداعي الأمني الاقليمي ، سببه السياسة الدولية ، بريطانيا سابقا، وأمريكا وورسيا حاليا، فهل ينبغي الرهان على الأجنبي لديمومة الأمن في الخليج الآن؟ وبدلا عن غرق الخليج في الرعب متعدد الأشكال ، كان بالأحرى التركيز على الممكن داخليا، وربطه بمجموعة المصالح العالمية في الخليج، سواء أكانت تابعة للقوى القديمة أو الجديدة.


تلكم النخب كانت مستاءة من التراجع الأمريكي في المنطقة الخليجية، والكل يريد بقاء أمريكا فيها لمحاربة ايران نيابة عنهم، وطوال ثلاثة أيام متواصلة طرحت بدائل كثيرة، منها تركيا كحليف استراتيجي جديد، لكن ظلت الكثير من الهواجس عن تركيا العثمانية، على الرغم من تبديد الخبراء الأتراك هذه المزاعم، ودعوتهم الى التأمل في تركيا الجديدة، وليس تركيا القديمة “اتاتورك”.


وحتى تركيا الجديد قد أثيرت حولها علاقتها بالإسلاموفيا، كما طرحت مصر، لكن هذا الخيار يصطدم بالخلاف المصري السعودي الذي يتجه نحو التعقيد، التساؤل الأهم ، هل بهذه البساطة يمكن لواشنطن أن تتخلى عن الخليج ؟ وهل ترامب سيعطل العمل المؤسساتي الأمريكي حتى يستفرد لوحده بقرارات كبرى دول العالم؟ فلو كان ذلك، فهذا يعني انقلابا على دولة المؤسسات الدستورية الأمريكية، ولو كان ذلك، فلن يستمر ترامب طويلا في الحكم، والسيناريو الأخير يطرحه خبراء كذلك، ويرون أنه لن يكمل فترته الأولى إذا ما حاول تنفيذ أجندته الانتخابية.


صحيح هناك هامش كبيرا لترامب في إدارة السياسة الخارجية لبلاده ، لكن الأصح ، أنه لن يخرج عن الثوابت والمصالح الأمريكية الاستراتيجية، ولو شعر النظام الامريكي بهذا الخروج، فلديه من الأدوات والوسائل ما يجعلهم يعيدون الرئاسة الأمريكية الى أحضان المؤسسات الدستورية.


وتجري حاليا، ما يسميه البعض، بالطعن في الانتخابات الاخيرة التي فاز فيها ترامب ، فقد أمر الرئيس أوباما المنتهية ولايته، فتح تحقيق تحت ضغط الكونجرس في احتمال تدخل روسيا في هذه الانتخابات، فيما نشرت صحيفة واشنطن بوست أمس الأول تقريرا سريا لوكالة الاستخبارات الامريكية (CNN) يتهم موسكو بالتدخل في الانتخابات الأمريكية لمساعدة ترامب، وقد رد فريق ترامب على هذا التهم بالقول إن فريق المحليين الذين توصلوا الى تلك النتيجة هم أنفسهم الذين قالوا إن صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل، وكأنه يصفهم بالكذب، فهل هذا مؤشر على عزل ترامب عن الرئاسة؟ لذلك، لا يمكن تصور اختزال ترامب الشخصي لعمل المؤسسات الدستورية الأمريكية عامة ، أو لحزبه الجمهوري خاصة ، لذلك فمن المتوقع أن يقف إلى صف الصقور في حزبه، وبالتالي أجندتهم واضحة تماما، أما إذا حدث العكس، وحاول أن يشخصن الحكم في دولة الديموقراطية التي ترى نفسها الرائدة والقائدة في العالم، ففعلا، لن يستمر طويلا، وإلا تحولت أمريكا إلى دولة من دول العالم الثالث، وسوف تحتل المرتبة الدنيا في مجال حقوق الإنسان وحرياته الاساسية.


من هنا، نرى أن هناك مبالغة كبرى في تضخيم وتصوير الرعب “الوجودي لترامب”، فهناك بديهيات ومسلمات لا يمكننا اسقاطها من حساباتنا العقلية، وهى الأهمية الأمريكية الثابتة للخليج، لا ترامب ولا كلينتون ولا أي زعيم لاحق … سيراوده التفكير في مغادرة الخليج إطلاقا فهذا سيكون جنونا أمريكيا، ولن تدخل فيه واشنطن إلا بضغوط الأزمات المالية والاقتصادية الطاحنة، مثل ما حدث لبريطانيا في بدايات السبعينيات، والتخلي الأمريكي البريطاني عن الخليج، سيكون لصالح الفاعلين الجدد في المنطقة الصين وروسيا، وهذا غير متخيل شكلا ومضمونا.


قد تتراجع الأولوية الخليجية في الاهتمامات الإمريكية، مثل هو حاليا، وحتى في هذه الحالة، ستكون هناك لعبة كراسي بين واشنطن ولندن، كما يحدث الآن ، حيث استضافت قمة المنامة الاخيرة على هامش قمتها الخليجي قمة بريطانية خليجية، لتغطية النقص العسكري والأمني الامريكي أسفر عنها إقامة شراكة أمنية وعسكرية بين الجانبين.


وحتى لو تراجعت الأهمية النفطية للخليج، ستظل القواعد الأمريكية في الدول الست قائمة، وأمن الممرات المائية في المنطقة تشكل الشغل الشاغل للمصالح الأمريكية في العالم – كما أشرنا في مقال حديث – أنها لعبة الكراسي بين لندن وواشنطن ، وربما يكون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، رؤية بعيدة المدى لمرحلة كونية جديدة، باتفاق بريطاني أمريكي على حساب أوروبا، لكنه لن يكون على حساب الخليج، فلندن لن تتخلى عن حلفائها التاريخيين الذين ترتبط معهم بعمق تاريخي يضرب جذوره لنحو (200) عام، ومن ثم مصالح عميقة، فدعوة رئيسة وزرائها لقمة خليجية على هامش قمة المنامة الخليجية ، يدلل طرحنا حول الأهمية البريطانية والأمريكية للخليج، وتصريحات رئيسة الوزراء البريطانية قبيل وبعيد وبعد القمة الخليجية ، تؤكد ما لا يدع مجالا للشك ، على أن الغرب لن يتنازل عن المنطقة مهما كانت الدواعيـ فكيف ، والخليج بأنظمته السياسية ونخبه، يلهثون وراء بقاء الغرب الأمريكي في المنطقة؟


هل وقعت تلك النخب في الفخ أو حملت عليه؟ بمعنى أنها هيأت السيكولوجية النفسية السياسية والاجتماعية والاقتصادية لمرحلة ابتزاز غربية جديدة؟ كل من تابع اأراق العمل العديدة في ذلك المنتدى، سيشعر بوقوعهم في الفخ، هل بوعي أو اللاوعي أم المزيج؟ هنا مربط الفرس، وقد نفتح باب التواطؤ لو كان وراءه وعيا مع سبق الإصرار والاخراج.


الأهم هنا النتيجة، وهى النفسيات الخليجية قد أصبحت من جراء ذلك مهيأة لدفع الثمن مهما كان حجمه، لدرء الخطر الوجودي المتصور من قبل ايران وترامب وقوى أخرى متطرفة، وهذا ما نلمسه في تصريحات بعدية لرئيسة وزراء بريطانيا التي تحدث فيها عن قواعد بريطانية في كل دول المنطقة بتكلفة مالية تبلغ (100) مليار دولار، وانتشار قوات بريطانية مع عائلاتهم بالآلاف، أن الزمن يعود نفسه، لكن بمباركة الوعي النخبوي الذي كان ينبغي أن يقود المرحلة الى المستقبل لا أن يرجعها الى الماضي، ولن يقتصر الابتزاز على تلكم الثنائية، بل سيفتح كل الأبواب للفاعلين الدوليين الآخرين، لكن سيظل ابتزاز ترامب بوسائله غير التقليدية، القلق الخليجي المستدام، وهذا أقصى ما سوف يسعى إليه ترامب، فكل سياساته ضد الخليج ستكون من أجل الابتزاز المالي، وقد قالها مرارا وتكرارا في حملاته الانتخابية، عندما طالب بنصف وبربع الثروات الخليجية … وقد أوضحنا في مقالاتنا الاخيرة، أن التحدي الأخطر على الأنظمة الخليجية، سيكون داخليا، خاصة عندما يتقاطع الابتزازين الأمريكي والبريطاني في مرحلة التقشف والضرائب، وتتضخم أعداد الباحثين عن عمل بتراكماتها من فئات الشباب، وتعميم موازناتها حالات الفقر والجوع، لن يكون بسبب انخفاض أسعار النفط ، فكل مؤشراته تشير إلى (60-55) دولار للبرميل وإنما من جراء الفاتورة الضخمة التي ستدفع للابتزاز الاجنبي.


إذا، ساهمتم أيها النخب في تحويل الثروة الخليجية من مساراتها التنموية الداخلية – المفترضة – إلى الأجنبي، ونجحتم للأسف في تزوير الوعي الاجتماعي الخليجي، فأصبح يقبل الأجنبي كمنقذ وليس كمحتل، فاستعدوا لمشاكل الجبهات الداخلية في عصر الضرائب والتفقير والتجويع

Histeria
14-12-2016, 10:46 AM
المشكله اننا نتأثر بمتغيراتهم و دائما نتبع امريكا ولو هي ضعيفة .