المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإغراق في الماديات



أميرة الروح
07-02-2017, 11:07 AM
الإغراق في الماديات

لقد طغت الماديات على عالمنا المعاصر حتى صارت هي الشغل الشاغل وهي الهدف والغاية!

وموضوع الإغراق في الماديات مترامي الأطراف، ولكني هنا اقتصر على جانب الإغراق في طلب المال.

فلا إفراط ولا تفريط، ولا ضرر ولا ضرار في الأمور على حساب الأخرى.

فهناك إغراق في المفاهيم حتى تلبس مفهوما آخر قد يكون مغايرا لها، مثل أن تفهم قوة الشخصية في المظهر المادي وحدة الطباع والإعتداد بالرأي!

وهناك إغراق في المشاعر، فقد يحب المرء ويكره في غضون ساعات، وربما تحب شخصا لغرض مادي كالجمال أو المصالح بينما هو من الداخل خواء، أو تحب الشخص لجماله وتكرهه لطباعه!

وهناك إغراق في التدين في التعصب للآراء على اختلافها، أو التشدد في العبادات بينما الحقيقة هي:
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :
( إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا ، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَىْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ ) رواه البخاري (39) ومسلم (2816).
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هلك المتنطعون قالها ثلاثا رواه مسلم .
المتنطعون المتعمقون المشددون في غير موضع التشديد.
وكما أسلفت في حديثي عن المتاجرة بالدين!

انتقلت العدوى إلى الكثير من المسلمين حتى في أمور الدين.

بل صار الزواج مربوطا بالمادة من الجهتين، فالزوج لا بد أن يكون ميسورا ماديا حتى يزوج، وربما سعى الخاطب إلى ذات المال أو العاملة وكأن الزواج مصلحة مادية وليست رابطا مقدسا.


وقس على ذلك...

أما الإغراق في المادة فهو السائد حاليا ويتمثل في حرص الكثير من الأفراد والمؤسسات على الحصول على الأموال بأي طريقة كانت وفي كل مكان!

فالإعلانات التجارية تحيط بنا وتنشر في مختلف الوسائل، حتى البريد الإلكتروني صار يضج بالإعلانات ووسائل التواصل الاجتماعي تنتهك خصوصية الناس من الإعلانات.

وربما وصل الحد بأن يتصل بك أحدهم مدعيا بأنه مندوب لشركة يروج بضاعته أو يزورك في بيتك أو يلاقيك في الشارع.

وحتى المجالس لا تسلم من الحديث عن الماديات أو الترويج للبضائع.

ولا استغرب من شخص محتاج لا يعمل عملا آخر أو من ذوي الدخل المحدود بأن يفعل ذلك، ولكن للأسف حتى أصحاب الألف ريال يسعون للمزيد!

أنا هنا لا أحارب الاجتهاد في طلب المال ولكن الإغراق في ذلك!

فالأولى للإنسان بعد يوم طويل من الإرهاق في العمل أن يعطي نفسه وأهله حقهما من الوقت والاسترخاء.
فالركض وراء المادة سيكون على حساب الصحة والالتزام بمسؤولية ذوي القربى وأداء الشعائر التعبدية في وقتها.

فالمال والوقت مهما ازددت منهما لا يكفيان!

والمستعجل في طلبه فالموت أسرع منه.

والأعمار تفنى وتبقى الأعمال.

وما نجمعه في الحقيقة هو لغيرنا على حساب عافيتنا.

أريد أن أقعد في مجلس يتحادثون في المعرفة والأخبار المفيدة والدعوة إلى الله جل علاه، يكفينا حديث عن الأسعار والبترول والمركبات والرياضة والفن والترويج للبضائع...

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.