المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القرآن يرتقي بك (1)



نـــــــقــــــــاء
31-05-2017, 03:10 PM
الارتقاء .. النجاح .. الرفعة.. السمو .. التغيير نحو الأفضل.. تنمية الذات.. السعادة
كلمات نسمعها كثيرا، فتشرأب لها أرواحنا، وتتوق لها نفوسنا، وتهفو لها قلوبنا..
*ونجد الكثيرين حول العالم يبحثون عنها بجدية وحزم، أو تظل أمنية بلا عزم* ، وتعقد لها البرامج والدورات، وقد تقطع لأجلها الأزمنة والمسافات، ويبذل لها الغالي والنفيس ..
إنها الطبيعة البشرية الحالمة التواقة ..

❣ *أوتعلم؟*❣
لديك منبع دفاق لا ينضب، يرشح بكل هذه المعاني ، ويحقق لك كل هذه الآمال والتطلعات، *ويهديك السبيل لكل مفردات الرقي والسعادة وكل تفاصيل رواياتها وحكاياتها*، ويأخذك في جولة رائعة في روابيها النضرة، فتعيش معه في جنة حقيقية في الدنيا قبل أن يعانق أهله في جنة الآخرة ..
*إنه القرآن ..*
نعم .. القرآن ، الذي ركنه بعضنا في رفوف المنازل وأروقتها..
هل رأيت عاقلا سليم العقل يرمي مصدر سعادته ورقيه ورفعته في رف منسي يتراكم عليه الغبار؟!!
خذه بين يديك، وانفض عنه ما يخجل منه المؤمن، وافتح صفحاته، وتأمل آياته بتدير وخشوع وحضور فكر واستجماع قلب..
تأمله بعقلك وقلبك واجعل روحك تحلق في عوالمه، ستجد فيه من الرقي النفسي والروحي والفكري والتربوي والأسري والاجتماعي ما لا تتصوره..
❣ *" طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى"*❣
لقد أنزل لسعادتك .. *فكيف تشقى في مدلهمات الحياة ؟!!*
إنه مصدر هدايتك .. *فكيف تحار وتتوه في دروب الحياة؟!!*
كلما اقتربت منه احتضنتك السعادة ولفتك لفة المشتاق إلى حبيبه، وكلما أهملته وابتعدت عنه حلقت أطيار السعادة بعيدا عن عالمك .. فالقرآن فضاؤها الرحب، ولا تستطيع العيش في عالم مقفر بلا قرآن ..

لا تقل لي الحياة تعقدت.. ومفرداتها كثرت وتشابكت .. *القرآن يحل وثاقها، ويهديك للخيط الذي يفك عقدها ..*
❣ *كيف؟*❣
لأن السعادة الحقة والرقي موطنهما القلب، وليس المظاهر الخارجية؛ فإذا سكن قلبك حقا ورضت نفسك وصفا فكرك هبت إليك السعادة هبة محب هائم ..

❣ *أيها الكرام*❣
في هذه السلسلة المتواضعة سنحاول الوقوف معا على الآلية التي يرقّي القرآن بها الناهلين من سلساله العذب روحيا وفكريا ونفسيا واجتماعيا، وكيف يضفي عليهم حلل السعادة وينشر عليهم أثواب النجاح والرفعة والسمو..

محمد بن سعيد المسقري

نـــــــقــــــــاء
31-05-2017, 03:12 PM
❣ *حمدا يريح صدرك*❣

🌱 محمد بن سعيد المسقري🌱

🌹 نفسك بطبيعتها تحب أن تعطى، وتمنح، وتجنح للتكاثر ، وتطمع في المزيد، لا تشبع وإن أؤتيت كنوز الأرض *" لو كان لابن آدم واديان من ذهب لتمنى لهما ثالثا "*.

🌹 القرآن الذي جاء للارتقاء بك، والسمو بنفسك؛ ضبط بوصلة هذا المسار، وهذب هذا الطموح، وروّض النفس الجموح، فألبسها ثوبا يقيها حر صحراء التكاثر، وسقاها كأسا يرويها من عطش الأطماع غير المنتهية .. حتى ترتاح..
*إنه ثوب القناعة* .. الكنز الذي لا يفنى .

🌹 والتربية على هذا الخلق العظيم، والعلاج الرائع لهذه
الإشكالية التي يعاني من لأوائها كثير من البشر، جاء بوسائل شتى في ديننا الحنيف، وعبر دستور الأمة الخالد ..
سنقف اليوم على إحدى هذه الوسائل القرآنية الرائعة ..

❣ *تأمل معي :*❣
ما هي أول آية في كتاب الله بعد البسملة الشريفة، والتي ترددها وجوبا في كل ركعة من ركعات صلاتك وعمود دينك؟
*" الحمد لله رب العالمين "*
🌹 أن يتصدر الكتاب العظيم بهذه العبارة، ويأمرك خالقك أن ترددها مرارا وتكرارا في يومك وليلتك، فيه حكمة جليلة، وتربية على أمر له أهميته العظمى في تزكية نفسك والرقي بها ..

❣ *كيف ذلك؟*❣
من المعلوم في علم النفس أن ترداد العبارات بصورة متكررة – خاصة مع حضور القلب – يرسخ في الفكر والعقل الباطن إيحاءات ( إيجابية أو سلبية) تجاه ذلك الأمر؛ فترديد عبارات النجاح يعين على السعي لوصوله، وترديد المخاوف يعززها، وترديد الأمور المقلقة بسلبية يقوي هواجسها، وهكذا ..
👈🏼 وكذا حين يلهمك الله أن تردد " الحمد لله" بهذه الصورة المتكررة خشوعا، وفي عبادة تتقرب بها إليه وجوبا؛ يجعلك تتأمل في النعم التي أمدك بها – وما أكثرها -، *وهذا يمنحك جرعات نفسية عائلة من عدة نواحٍ :*
🌻 التأمل في النعم والهبات والعطايا وتعدادها؛ *يجعل النفس تحس بها وبعظمتها ، وتحسن الانتفاع بها،* وهذا يورثها انشراحا ولذة نفسية جميلة، فتردد : الحمد لله.
🌻 كثرة الحمد لله تلفت النفس إلى المصدر العظيم لهذه النعم، وأن بيده خزائن السموات والأرض، وأن سعادتك لم يجعلها في يد مخلوق ضعيف مثلك، فتزداد ترديدا : الحمد لله,
🌻 عند أي بلاء أو محنة, أو كلما صور الشيطان للإنسان الضيق والنكد؛ *يتذكر ما يقابل ذلك من النعم الواسعة فيرتاح باله*، ويقول : الحمد لله.
🌻 حين تردد بقلبك: الحمد لله؛ *تنزاح منه كل هم وظلمة*؛ لأنك توقن أن الله الذي تحمده هو مسير الكون بأسره، فتصغر في عينك كل بلية ورزية، بل ترى فيها خيرا عظيما قد يخفى عليك, يخبئه لك عالم السر وأخفى, ومدبر حاضرك ومستقبلك بعناية، فيسعد قلبك بقول : الحمد لله.
🌻 إيراد صفة " رب العالمين" في هذا الموضع الذي أمرنا بتكراره كل يوم مرارا؛ لعل من دلالاته الخفية أنك تستشعر معه إحاطة الله بالعوالم كلها على اختلاف أصنافها وأنواعها، فتشعر أن الله قادر على أن يجلب لك أي نفع منها، وأن يدفع عنك أي ضر قد يأتيك منها بعناية عظيمة لا مثيل لها قط..

👈🏼 ومن هنا نجد الحمد لله يتكرر عشرات المرات في كتاب الله تعالى، تارة بتقريره بعد نعم، وتارة بالأمر به ، وتارة بحكايته عن الأنبياء والمؤمنين؛ *حتى يختلط مع سويداء قلب المؤمن، ويجري في عروق دمه*، فتتربى نفسه على الاعتراف بنعم الله، ويستشعر عظمتها، فيقنع بما آتاه الله منها، ويسعى لشكرها واغتنامها في طاعة الله، *ويسعى للحفاظ عليها وتنميتها* بما يحقق الخلافة في الأرض، ويمهد له السبيل للفوز يوم العرض، *وتترفع نفسه عن الحسد والحقد، والمقارنات مع الآخرين*، ومراقبة ما أنعم الله به عليهم، وتطمئن نفسه إلى وحدة المنعم فلا يرى رازقا غيره، ولا يخشى مانعا غيره، فتنمى في نفسه مع هذا كل معاني الطمأنينة والعزة ..

👈🏼 أنظر كيف يربيك القرآن ويرقّيك ..
❣ *فقل : الحمد لله رب العالمين*☺❣

نـــــــقــــــــاء
31-05-2017, 03:14 PM
*( إياك نعبد)*

🌱محمد بن سعيد المسقري🌱

🌹 الإيمان فطرة في النفس البشرية، والعبودية متأصلة فيها، تنزع لها وتجنح إليها بطبيعتها..
🌹 والإسلام جاء ليوجه هذا الشعور لوجهته السليمة، ويشبع هذه الرغبة بالطريقة السوية، *فيرتقي بالنفس إلى أسمى معاني العبودية*؛ حين يردها ردا جميلا للتعلق بالربوبية العظمى، إلى التعلق بالله وحده ..
👈🏼 *أنظر كيف أنت راق على كل الوجود البشري*، ومرفوع إلى أسمى معاني العبودية الإنسانية؛ بأن جعلك الله تتوجه بالعبادة خالصة لله وحده، لا شريك يظلمك، ولا ند يهضمك حقك, ولا ضعيف غير قادر على رعايتك ولا حمايتك، بل رب السموات والأرض الذي فطرهن، وبيده كل ذرة فيهن ..
👈🏼 *أنزل عليك بشكل خاص في أول سورة من كتابه : " إياك نعبد "*، وأوجب عليك تردادها في كل ركعة من ركعات صلاتك، وأمرك بالخشوع حين تقولها، بالتفكر في معانيها ..
*أتظن الأمر عبثا ؟ أم طقسا روتينيا لا معنى له ولا دلالة؟*🤔
كلا وحاشا ..
🌹 إن في هذه الجملة العظيمة *غذاء للنفس البشرية الكامنة بين جنبيك*، ووقودا راقيا لمسيرتها في الحياة باتزان ..

❣ *كيف*❣
🌻 حين يردد لسانك " إياك نعبد" ؛ ويستجيب قلبك المؤمن بالله *تشعر أنك ملك في عبوديتك, وأن الحائرين في صحارى الكفر عبيد مهما ملكوا،* لأن متعلقهم ضعيف جدا، ومستندهم لا يملك من أمره فضلا عن أمر غيره شيئا، ومعبودهم لا متكل عليه، ومن كان منهم بلا إله يعبده أصلا ، فهو في حيرة شديدة، وفقر نفسي عظيم..

❣ *أو تعلم ؟*❣
🌹 العبودية ليست السجود والركوع فحسب؛ *بل هي معنى كبير يشمل كل معاني الخضوع والطاعة والامتثال ..*
كلنا يدعي العبادة الخالصة لله، ولكن العبادة لغير الله لا تقتصر على السجود لصنم من حجر أو مدر..
*بل كل خضوع وطاعة لغير الله هي عبادة*، فمن الناس من يعبد الطواغيت والظلمة حين يطيعهم في معصية الله، ومن الناس من يعبد المال حين لا يبالي من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ ومنهم من يعبد الجاه والمناصب حين تكون همه ومبتغاه يسعى إليها بكل وسيلة غير مكترث بدينه، *ومنهم من يعبد شهواته وملذاته وهي تقوده من أنفه لغير مرضاة الله*، ومن الناس من يطيع زوجته أو ولده أو صديقه ، ومنهم من يعبد عموم الناس حين يقيم شعائر دينه والأعمال الصالحة رياء ومفاخرة وليقال أنه تقي صالح، وهكذا كل شخص أو عَرَض من أعراض الدنيا إذا كان مقدما على طاعة الله ورضاه فهو (معبود) من دون الله، وكل ذلك يجمعه ( الهوى) فهو أكبر معبود من دون الله : *" أفرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا "*..

🌻 القرآن جاء ليرتقي بك ويرفع نفسك عن أي عبادة لغير الله، سواء كانت عبادة شرك خالصة، أو عبادة رياء وطاعة، *فوجه قلبك لمعبود واحد* بيده خلقك ورزقك وحياتك وموتك، وكل تفاصيلك..
🌻 فحين تردد : " إياك نعبد" بخشوع وتدبر *تسقط كل المعبودات الأخرى*، وتخجل من نفسك حين تطيع غير الله في معصية الله الذي أنشأك من عدم، والذي أنت واقف بين يديه للصلاة ..
🌻 حين ترددها بخشوع تستحي أن تكذب فيها، وأنت تعلم أن الله يعلم سرك وجهرك..
🌻 إنها تجعل منك شخصا واثقا من معبوده، ذا قلب متجه لخالق السموات والأرض، بينما للناس آلهة شتى يتيهون، ويتخبطون في صحارى أهوائهم ..
🌻 إنها تربي فيك الإخلاص لله وحده.. والعزة بالله وحده .. والثقة بالله وحده .. وتورثك استقرارا نفسيا جميلا ..

❣ *اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل ، واجعلنا نعبدك حق عبادتك ..*❣

نـــــــقــــــــاء
31-05-2017, 03:15 PM
🌱محمد بن سعيد المسقري🌱

🌹 تعالوا اليوم نقطف الزهرة الثالثة من أزهار الفاتحة الشريفة في روابي الرقي القرآني الرائعة ..
*زهرة الهداية ..*

👈🏼 تحمد الله على واسع نعمه، ثم تذكره بصفتي الرحمة ( الرحمن الرحيم)، وتتذكر يوم العرض عليه، وتعلن الإخلاص له، *تتوسل إليه بأن يهديك طريقا به جمالين:*

❣ *أولهما :*❣
كونه دربا مستقيما لا اعوجاج فيه ولا زيغ ولا تخبط ( إهدنا الصراط المستقيم)
وهذا جمال لا نظير له ولا مثيل..
*ألا ترى قطعانا من البشرية تتخبط في ضلالاتها*، وتحار في شتى دروبها وطرقها، تفرقهم أهواءهم، وتمزقهم غاياتهم وأهدافهم المبعثرة، تؤرقهم معاصيهم، وتقض مضاجعهم مصائب ضلالاتهم وانحرافاتهم؟
👈🏼 *وهذه ضريبة اتباع السبل، والبعد عن سبيل الله*: " وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله"، تفرق وتمزق وتشتت وحيرة وضلالات..
🌹 أما المهتدون للصراط المستقيم، الطائعون لربهم ، *فهم في راحة بال لا تضاهى*؛ لأن قلوبهم استقرت على التوجه لمعبود واحد ، وأقدامهم استقرت بالخطو على درب واحدة، فلم تمزقهم الدروب المختلفة، ولم تفرقهم المصالح المتضادة، *ألم تقرأ قول الحق تبارك وتعالى : " سيهديهم ويصلح بالهم"*؟

❣ *والجمال الثاني*❣ :
أنه درب الذين أنعم الله عليهم..
من هم الذين أنعم الله عليهم، وما الجمال في كونك معهم ؟
إليك الجواب : " فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أؤلئك رفيقا "
ألهمك أن تسأله أن يسلك بك سبل صفوة خلقه والمصطفين من عباده، وهم أفضل رفقة وأجمل صحبة درب على الإطلاق، ونأى بك أن تصاحب أهل الضلالات في دروبهم..

❣ *لو تلاحظ ..*❣
وصفهم الله بأنه أنعم عليهم ، *وكأنه لم ينعم على غيرهم بشيء*، رغم أن نعم الله كثيرة، وكلها جليلة عظيمة ..
*لكن لعظم هذه النعمة تضاءلت النعم الأخرى*، فالهداية من الله أعظم نعمة على الإطلاق، فهي طريق اغتنام جميع النعم الأخرى، وطريق الاستمتاع بها والراحة فيها الراحة الحقيقية، فمهما أؤتي الإنسان من نعم ، ما لم يكن مهتديا للطريق السليم تخبط في نعمه، *وصارت أداة لشقائه وتعبه في الدنيا والآخرة*، فكأنها نقمة وبلاء نسأل الله العافية .

❣ *تفكر*❣
🌹 أنت في زمن كثرت فيه الفتن والمنكرات، وطغت فيه الشكوك والشبهات، *وأصبح كثير من (العقلاء) حائرين من قوة الشبهات* التي تقذف ليل نهار، تشكك في العقائد، وتغري بالمعاصي والمهالك، بشتى الوسائل والطرق الخبيثة والملتوية، *ومنها ما يكون باسم الدين، أو يرفع شعار الإصلاح*، أو يدعي التسامح ومحاربة الإرهاب، أو يلبس ثوب التيسير والتسهيل، أو يغريك بالحرية والانطلاقة الفكرية ؛ فيجرجرون الناس رويدا رويدا عن الطريق المستقيم، ليتبعوا السبل التي تفرق بهم عن سبيله، فيعيشون في دوامة تدور بهم ، وحيرة يتخبطون في مستنقعاتها والله المستعان.

👈🏼 ففي زمن الشتات بالتحديد ، تتضاعف حاجتنا لطلب الهداية ..
*ولكن* هذا الالتماس حين تقدمه بين يدي ربك ليل نهار في كل ركعة من ركعات صلاتك ؛ لا تجعله لقلقة باللسان ..
👈🏼 بل لا بد أن تسعى للهداية وتتلمس دروبها، وتجتهد بالعلم والعمل ، فالاجتهاد مناط الهداية : *" والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا "..*
فإذا سألت الهداية واهتديت زادك الله من هداه، وبلغك منازل تقواه : *" والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم "*

🌹 هل علمت الآن لماذا أنزل الله عليك في أول سورة من كتابه وألهمك تردادها : " اهدنا الصراط المستقيم "؟
👈🏼 إنه يريد الرقي بأهدافك .. الرقي بغاياتك .. الرقي بموضع أقدامك ، يريدك أن تعيش في راحة بال وطمأنينة حال ، لا يريد لك دروب التشتت والحيرة والضياع ..

نـــــــقــــــــاء
31-05-2017, 03:17 PM
*(مضادات الحسد)*

🌱 محمد بن سعيد المسقري🌱

الفراغ الروحي والإيماني .. الطمع الدنيوي ,,الفضول البشري .. *تدفع الإنسان أحيانا إلى مراقبة ما عند الآخرين*، فيستكثر ما أنعم الله عليهم، ويتحرق قلبه لما ميزوا به وما حباهم الله إياه .. فيتمنى زواله ..
❣ *إنه الحسد .. داء الأمم العضال ..*❣
👈🏼 إذا تمكن في القلوب أتعبها كثيرا، وهد طاقاتها ، ولربما أحرقها، وإذا فشا في مجتمع كثرت فيهم الضغائن والأحقاد، ولا تسل بعدها عما قد يرتكبونه في حق بعضهم؛ لأن القلوب اسودت فاسودت صفحة المجتمع ..

🌹القرآن .. دستورنا الجميل .. *لا يرضى لأنفسنا أن تحترق، ولقلوبنا أن تتعب وتشقى كل هذا الشقاء ..* لأنه جاء لراحتنا وسعادتنا ..
👈🏼 من هنا كانت التربية القرآنية لقلوبنا تترفع بها عن هذا الداء الخطير، وقاية وعلاجا ..

❣ *لماذا يحسد الإنسان أخاه؟*❣
🌻 لأنه لم يلحظ النعم التي حباه الله إياها ..
🌻 ولأنه لم يقتنع – والعياذ بالله – بالقسمة الإلهية للأرزاق والمواهب ..
🌻 ولأنه يظن أنه بحسده وزوال نعمة الغير أنها تتحول إليه , فلا يلحظ أنه مجرد شقاء لقلبه..
🌻 ولأنه غفل عن الأسباب المؤدية لزيادة النعم غير الحسد..

👈🏼 *كل ذلك عالجه القرآن بحكمة بالغة ..*

❣ *الجرعة الأولى*❣ :
ألفت القرآن الكريم العقل البشري إلى كثرة النعم التي من الله بها على الإنسان، في نفسه وما سخره له في الكون من حوله، وأنه هيأه ليكون ملك الوجود الخلقي وخليفة الأرض ، فعدد له النعم تفصيلا ليتأملها واحدة واحدة، حتى قال له : *" وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها "* ، الجملة التي إذا وقف عندها القلب المؤمن بخشوع سجد وقال : الحمد لله كثيرا ..
👈🏼 كل هذه النعم العظيمة لو أحسن التأمل فيها وعرف قدرها غرست في قلبه الشكر والقناعة والرضا بما قسم الله ، وهذا منتهى الراحة ..

❣ *الجرعة الثانية :*❣
🌹 ركز القرآن كثيرا على الحقيقة المطلقة أن الأرزاق بيد الله يؤتيها من يشاء، ويوزعها كيفما شاء، فحين يمر المؤمن على تلك الآيات بقلبه اليقظ *يستشعر غنى رازقه ومن يتكل عليه في رزقه فتسكن نفسه* لما آتاه اياه، بل يستكثر تلك النعم ويستعظمها..
👈🏼 فإذا وقع في نفسه أن فلانا أكثر منه في النعم، علمه القرآن – بعد ان فتح عينيه على عظم النعم التي عنده - أن في تقسيم الله حكما جليلة بيّن له بعضها : " نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا "، *إنه توزيع عادل حكيم ليتكامل الناس ويتعاونوا*..
👈🏼 فإذا حدثته نفسه كيف يكون الحال لو مكن الناس من أرزاق بعضهم جاءه الجواب : " قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا "، *فيشكر ربه على أن رزقه لم يجعله بيد غيره*، ويترفع عن حسد غيره ؛ لأنه لا يصلح لتقسيم أرزاق الناس وتوزيعها، *وسيوقن أن الحسد مهما عظم وتعاظم فإنه لا يعدو قلب صاحبه تعبا وإحراقا *، ولا يؤثر أبدا في نعم الله على الناس، فيدرك انه جهد ضائع، وشقاء بلا فائدة ، تعب في الدنيا وعذاب في العقبى، وكفى بذلك للعاقل زاجرا ومنفرا ..

❣ *الجرعة الثالثة :*❣
🌹 نبه القرآن على أنه بث خيرات الأرض، وفتح الموارد ، وأعطى للناس عقولا ومواهب وملكات، وأمرهم بالسير في الأرض، وجعل المغانم بأسبابها، *وجعل في الاجتهاد كثيرا من الحصاد*؛ وفي هذا توجيه للإنسان أن يعمل ويجتهد للاستزادة والتوسع في النعم – متى ما احتاج وأراد - ، *بدل أن يشغل نفسه بحسد غيره ، ومراقبة نعم الله على الناس، فيموت غما كمدا بلا فائدة* ، كما بيّن له أن الشكر على ما آتاه الله من نعم سبب من أسباب زيادتها : " وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم" .

❣ *الجرعة الرابعة :*❣
🌹 ركز القرآن كثيرا على أن الدنيا بكل ما فيها لا تساوي شيئا أمام الآخرة، وأنها ليست غاية للمؤمن حتى يخاصم عليها ويحسد غيره، ويشقي نفسه في التفكير في التكاثر عليها، وهذا مستفيض كثيرا في كتاب الله، وسنقف لاحقا – بإذن الله – على الأثر النفسي الرائع لهذه الحقيقة القرآنية الخالدة ..

👈🏼 وبهذا الجرعات الإيمانية تصفو نفس المؤمن تجاه نعم الله تعالى، ويرتاح ضميره، ولا يتحرك قلبه حسدا وغيضا على الآخرين، *بل يتمنى لهم الزيادة والخير، ويسعى لنفسه بالخير،* فإن رزقهم من عند الله وليس هو الذي يرزقهم من جيبه أو جيب أبيه ..

سهل الباطن
31-05-2017, 03:39 PM
بارك الله فيك وجزاكم الله خير الجزاء
موضوع قيم وسلسلة ممتازه
تستاهل التقييم

قاتل ضفدع
31-05-2017, 10:50 PM
بارك الله فيك

جزاك الله خيرا كثيرا

فعلا يستحق التقييم .. ربي يحفظك

مفآهيم آلخجل
01-06-2017, 10:00 AM
جزآك الله خيرآ على آلطرح...~

قناص و بعيوني رصاص
01-06-2017, 01:04 PM
بارك الله فيك وفي ميزان حسناتكم

تباشيرالأمل
03-06-2017, 02:38 PM
مساء الخير
ماشاءالله موضوع مميز جدا وقيم
نسأل الله أن ينفعنا وأياكم به
جزاك ربي خيرا

أميرة الروح
04-06-2017, 09:11 AM
طرح جميل كجمال انتقائك
بارك الله فيك

نـــــــقــــــــاء
05-06-2017, 07:29 PM
سهل الباطن
قاتل ضفدع
مفاهيم الخجل
قناص وبعيوني رصاص
تباشير الأمل
أميرة الروح
شكرا لمروركم العطر

نـــــــقــــــــاء
05-06-2017, 07:31 PM
❤ *القرآن يرتقي بك (6)*❤

محمد بن سعيد المسقري

*لا تحزن(الحلقة الأولى)*

لا تتصور كيف يعتني القرآن بنفسيتك، ويهتم بطمأنينة فؤادك .. ولا عجب؛ فقد جاء لسعدك وراحتك ..

الحزن شيء ثقيل على النفس البشرية، وهو في ذات الوقت فطرة فيها حين تعرضها للمصائب والمواقف الصعبة، *وكل إنسان قد يتعرض له الحزن في بعض المواقف والمراحل*، ولقد مر الحزن حتى على أنبياء الله، فقد حزن سيدنا يعقوب على فراق سيدنا يوسف، بيد أنه لم يكن حزن تذمر وسلبية، بل شكوى إلى الله وأمر لإخوته أن يتحسسوا منه، كما حزن المصطفى – صلى الله عليه وسلم – على موت ابنه إبراهيم وموت زوجه خديجة وعمه أبي طالب، وهكذا، *ولكن حزنهم إيجابي في الدافع الدعوي والخيري، وإيجابي في ثمرته وإنتاجه ..*

ومن هنا اعتنى القرآن عناية بالغة بهذا الشعور النفسي المؤلم وقاية وعلاجا، ووجه الفطرة فيه إلى ما يحسن منه، وما يحقق السعادة بعده، بحيث يكون شعورا إيجابيا دافعا للإنتاج الحقيقي، وليس ألما وحسرة لا جدوى من ورائها، كما اعتنى بمضاده في الجهة المقابلة(الفرح)، وحسن توجيهه وتنظيمه، فلك الحمد يا ربي ..

❣ *كيف وقى القرآن النفس المؤمنة من لأواء الحزن السلبي وطوله ؟*

*أولا :* أمر بالإكثار مما يزرع في النفس البشرية الطمأنينة ويعلقها بخالقها، وهو ذكر الله ، وجاء بالحقيقة الخالدة : " ألا بذكر الله تطمئن القلوب "، فالقلوب المطمئنة لا تعيش متقلبة في ضيق وحزن وكدر، بل تحظى بالسعادة والراحة..
*ثانيا* : نهى عن الحزن عن ما يفوت من أعراض الدنيا ونعيمها ومغانمها ، ووجه إلى التسابق إلى الآخرة ..
تعالوا لنتأمل معا– رعاكم ربي – في الآيات من (20 – 23 ) من سورة الحديد، تجدونها *تضع منهجا رائعا يوجه قلب المؤمن توجيها إيجابيا عجيبا* ، وتقتلع الحزن والتأسف على الدنيا من جذوره ..
*إنها تنطلق من اختصار قصة الدنيا* ومقدارها وحقيقتها : " اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر .. "، *ثم تدعو للتسابق إلى المغنم الحقيقي* : " سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ... " ، *ثم تبيّن أن المصائب التي تقع على الإنسان إنما هي مكتوبة من قبل الله* ومقضي فيها ولا تراجع : "ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها .. "؛ *لتاتي الثمرة الطيبة والعلاج الناجع* لشعور الأسى والحزن الدنيوي : " لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم "..

فالدنيا بما فيها من متاع لا يعدو تلك الأوصاف الخمسة ( لعب ولهو وزينة وتكاثر وتفاخر) ، وما يحدث فيها من مصائب لا يعدو زمانه ومكانه فالأقدار واقعة لا محالة، ومقدرها رحمن السموات والرض ورحيمهما، والهدف الحقيقي للمؤمن هو الفوز الأخروي..

أنظر كيف يبعد عنك القرآن شبح الحزن .. *إنه لا يريد لك ان تحزن على شيء لا قيمة حقيقة له*( متاع الدنيا )، *ولا أن تنكب في أسى على شيء لا يد لك فيه*( المصائب)، *ويوجه قلبك إلى نعيم جميل ينتظرك* حين تمضي في درب الإيمان ( سابقوا إلى مغفرة ) ..
هذه الحقائق الثلاث الخالدة التي اجتمعت وتوالت هنا في هذه الآيات، مبثوثة في كتاب الله تمر على قلبك مرارا وانت تقلب صفحات مصحفك وتتلوه وتتدبر فيه، حقائق تزرع في قلبك الرضا والقناعة *وتذيب جليد الحزن، وتذهب ظلمته* ، حقائق غابت عن كثير من البشر الذين لا يعرفون إلا متع الدنيا، ويرون في الأقدار ظلما وبخسا ، فيعيشون في حسرة على ما فات، وحسرة على ما أصاب، وليتها حسرة شكوى إلى الله تريح الضمير، بل حسرة مقطوعة الصلة بالله ..

نـــــــقــــــــاء
05-06-2017, 07:33 PM
❤ *القرآن يرتقي بك (7)*❤

محمد بن سعيد المسقري

➖ *لا تحزن (الحلقة 2)*➖

نتعلم منكم ومعكم ونواصل آلية تعامل القرآن مع مشاعر الحزن

*ثالثا :* كما وضع القرآن الكريم خطا منهجيا لبرمجة قناعات المؤمن تبعد عنه شبح الحزن الذي يجثم في القلوب لأجل المتاع الدنيوي، نجده يؤكد مرارا في مواضع مختلفة النهي عن الحزن وذمه بشكل عام *حتى لا يكاد تمر عليه في القرآن إلا منهيا عنه أو مذموما*، فنجد تردد عبارات ( لا تحزن ) و( لا تحزنوا ) (لا تحزني) (لكيلا تحزنوا )، إضافة إلى النهي عن مرادفاته وما في معناه ( الأسى .. الحسرات .. الضيق ..
وهذا التكرار يزجر النفس عن التلبس به، واتخاذه رفيقا ..

*رابعا :* لو تلاحظون معي ؛ نجد القرآن يركز في قضية الحزن والنهي عنه على أمور قد يخيّل للمؤمن أنها مطلوبة ومحببة لارتباطها بالدعوة والخير ، كالحزن على المعرضين عن الله، وهم يصرون على فسقهم وكفرهم ، فنجد النهي عن ذلك في عدة مواضع من كتاب الله : " ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر " , " فلا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون " ، " فلا تذهب نفسك عليهم حسرات "، وكذا الحزن على ما قد يحصل من انكسارات في المواجهات مع الباطل : " فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون " ، *ونجد في هذه الآيات ذاتها جرعة للنفس المؤمنة، بتعليل النهي عن الحزن* ، بأن الله عليم بكيدهم وأن الهداية من الله؛ لذلك فالأمر كالنعم والمصائب لا يد للمؤمن فيه؛ فبهذا يقر المؤمن عينا ولا يحزن ..

*خامسا* : في قصة النبي – صلى الله عليه وسلم – مع صاحبه الصديق – رضي الله عنه - ، نجد بلسما شافيا لما قد يعتري المؤمن من أحزان , فها هو – صلوات ربي وسلامه عليه – يطمئن صاحبه بقوله " لا تحزن إن الله معنا "، *فاستحضار المؤمن أن الله معه في كل أموره، وأنه هو الذي يصرف حياته يريح قلبه*، وفيها تطمين لأهل الحق أن يكونوا أقوياء القلوب ويوقنوا بالله وأن جولات الباطل ضعيفة، وحبل الحق متين لارتباطه بالقوي المتين ..
*بل فيها أهمية اتخاذ الصاحب الذي يقوي نفسيتك وعزيمتك*، ويعينك على تخطي المصاعب والأحزان بنفس واثقة بالله، موقنة به، *والبعد عن الأصحاب الذين يخذّلون الإنسان ويملأون قلبه بالوساوس* والهواجس والقلق والحزن بإيحاءاتهم السلبية، وتضخيم المصاعب وتهويل المواقف ..

*سادسا* : وجه القرآن عناية المؤمن إلى ما يصرف فيه طاقة الحزن، بحيث تكون إيجابية ، وكما مر معنا عند سيدنا يعقوب – عليه السلام – أن حزنه إنما كان بثا ودعاء إلى الله مع حث أبناءه على التحسس من يوسف وعدم اليأس؛ *نجد القرآن العظيم يمنح لنفوسنا مساحة من الحزن الإيجابي ..*
تأملوا – حفظكم ربي - في هذا الموقف المهيب : " ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا إلا يجدوا ما ينفقون "، لله درهم .. أعينهم تفيض دموعا من الحزن ، *لماذا ؟*
*لأنهم فقراء .. لغياب الكراسي والمناصب.. لفقد العاشقين لحبيباتهم؟!*
*كلا .. إنما لفوات العمل الصالح*، ولعدم قدرتهم على المشاركة في الجهاد مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ..
هكذا هو المؤمن .. حزنه إنما يكون لما قد يفوته من أعمال صالحة , حزن يحفز همته للتعويض والمثابرة والاجتهاد في فعل الخير, حزن يعقب راحة في الدنيا وسعادة في العقبى ..