المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ذات حماقة عربية ركع فيها النخل لبرج إيفيل



صدى صوت
14-10-2017, 06:31 PM
حمود بن سالم السيابي
------------------------
كان يمكن للعالم أن يعشق نخيلنا الخضراء المثقلة بالثمر في قصر المنتزه وجزيرة النخيل بالدوحة ولكننا بحماقاتنا جعلناه يحب "إيفيل" أطول نخلة من حديد بلا سعف ولا عذوق ، ولا يترنم على شماريخها "الضاضو" ولا يطيب فيها للحمام الهديل.
وكان يمكن للعالم ان يسمع شوقي والبارودي وحافظ إبراهيم وقطري بن الفجاءة ولكننا بأنانيتنا أحرقنا دواوين شعرائنا ومولنا بفلوس الأجيال حملة إعادة طباعة دواوين "جان دي لافونتين وفاليري ورامبو".
وكان يمكن لعيون العالم أن تتزين ببقايا كحل نفرتيتي وتتخضب الأكف بحناء بدوية في الوكرة وأم سعيد والرويس ولكننا وجهنا الأنظار إلى محال "لافاييه وجوريليان وسيفورا".
جاء العالم إلى اليونسكو ليقلد الراية لإنسان يعشق إرث الإنسان ، ويعهد بالمهمة لفنان يحمل فرشاته ليزيل الغبار عن عن وجه من الأمس ، وقلعة من الأمس ، وفلج من الأمس ، وحارة من الأمس ، وذهبنا كعرب إلى اليونسكو بعقلية صبيان الحارة الذين يتعاركون على "الكرة الشراب".
ذهبنا وخلف ظهورنا الخناجر و"المطاوي" لنستلها في وجه بعضنا البعض، و لنغمدها في صدور بعضنا البعض.
ذهبنا بلافتة :
وأحيانا على بكر أخينا
إذا مالم نجد إلا أخانا.
ونسينا كعرب :
إذا احتربت يوما فسالت دماؤها
تذكرت القربى ففاضت دموعها. ونسينا يوم كنا نقول "هنا القاهرة من دمشق".
ذهبنا إلى المحفل الأممي المعني بالرقي والتحضر والسمو لننحدر لأسفل سافلين ونتصايح كالديكة ، ونستنسخ أمام ميكرفونات منصة اليونسكو أمراض "فضائياتنا العربية" غير العربية وتصريحات "ساستنا العرب" غير العرب.
وكان يمكن أن نقود المشهد الثقافي الأممي ونبحر بسفينة اليونسكو صوب شطآننا العربية ليقرأ العالم تاريخنا وقصائدنا ، وليستمع للعود والربابة والطار والطنبور ، وليتعرف على كرائم النخل ونجائب الخيل و"يخاشم" أنف أبي الهول ونوق تميم.
ولكننا فضلنا أن تتشتت أصواتنا ليغنمها الآخرون ، وأن نتبعثر ليلملم أشلاءنا الآخرون.
ذهبنا إلى اليونسكو لنسمع العالم براعتنا في الهجاء ، وذهب الآخرون ليسكبوا في الآذان خرير الأنهار وأغاريد الطيور وبوح البجعات للبحيرات.
ذهبنا وفي أيادينا بقايا تماثيل بوذا في إقليم باميان ، وكدر مياه دجلة المتلون بالدم وأحبار خزائن الآثار ، وذهب الآخرون بسجل متلأليء بترميم أقراط ماري أنطوانيت والإبقاء على بهاء ألوان الموناليزا وتفاصيل لوحة العشاء الأخير لدافنشي ومنمنمات غرفة نابليون.
وإلى أن نكسر سباتنا الطويل سيبقى "إيفيل" أطول نخلة يراها العالم على حساب نخيلنا. و"السين" أجمل أنهار العالم على حساب النيل وموج الدوحة.
وستبقى خيول لويس الرابع عشر متقدمة على خيول محمد علي وأحصنة آل ثاني.
وسيبقى "رامبو" أمير الشعراء مزحزحا ضجيع كرمة ابن هاني ومعلقات ابن الفجاءة.
وسيبقى العالم يودع حاضرنا وأمسنا ولربما مستقبلنا وهو يرطن "أور فوار" ....
---------------
هامبورج في ١٤ أكتوبر ٢٠١٧م.)

صدى صوت
15-10-2017, 10:55 PM
ابن خلدون
مؤسس ورائد علم الاجتماع في العالم.

كتب في مقدمته الشهيرة
في القرن الرابع عشرالميلادي.
يقول فيها :
عندما تنهار الدول يكثر المنجمون والمتسولون.....
والمنافقون والمدّعون....
والكتبة والقوّالون.....
والمغنون النشاز والشعراء النظّامون..
والمتصعلكون وضاربوا المندل....
وقارعو الطبول والمتفيقهون....
وقارئوا الكفّ والطالع والنازل....
والمتسيّسون والمدّاحون والهجّائون وعابرو السبيل والانتهازيون...
تتكشف الأقنعة ويختلط ما لا يختلط..
يضيع التقدير ويسوء التدبير.....
وتختلط المعاني والكلام.....
ويختلط الصدق بالكذب
والجهاد بالقتل.....
​عندما تنهار الدول​....
يسود الرعب ويلوذ الناس بالطوائف..
وتظهر العجائب وتعم الإشاعة.....
ويتحول الصديق الى عدو
والعدو الى صديق......
ويعلو صوت الباطل...
ويخفق صوت الحق...
وتظهر على السطح وجوه مريبة.. وتختفي وجوه مؤنسة...
وتشح الأحلام ويموت الأمل..
وتزداد غربة العاقل
وتضيع ملامح الوجوه...
ويصبح الإنتماء الى القبيلة
اشد التصاقا......
والى الأوطان ضربامن ضروب الهذيان.
ويضيع صوت الحكماء
في ضجيج الخطباء.....
والمزايدات على الإنتماء..
ومفهوم القومية والوطنية
والعقيدة وأصول الدين.....
ويتقاذف أهل البيت الواحد التهم بالعماله والخيانة......
وتسري الإشاعات عن هروب كبير....
وتحاك الدسائس والمؤامرات.....
وتكثر النصائح من القاصي والداني...
وتطرح المبادرات من القريب والبعيد..
ويتدبر المقتدر أمر رحيله
والغني أمر ثروته......
ويصبح الكل
في حالة تأهب وانتظار.......
ويتحول الوضع
الى مشروعات مهاجرين.....
ويتحول الوطن الى محطة سفر...
والمراتع التي نعيش فيها
الى حقائب......
والبيوت الى ذكريات
والذكريات الى حكايات.......

يا بن خلدون
هل انت بيننا الآن ؟؟؟
فكلّ مايجري لنا وثّقته
منذ سبعة قرون...