seajie
12-12-2017, 09:04 PM
كاتبة هذا المقال طالبة في جامعة السلطان قابوس، كلية التمريض
"رسالة وجع"
لستُ أدري لمن أكتب هذه الرسالة، و لكنّ صرخات هؤلاء المرضى تغورُ إلى أعماق قلبي و تُفتته، و يُمزّق صمودي صوتَ نحيب مجروح يعلو شيئًا فشيئًا بين أسِرّتِهم!
و أنا أغوص بين عشرات الذين تتقاطع أصواتهم و صرخاتهم ، ليتحول ذلك إلى ضوضاء حزينة كل يوم! أنا أعيش بين مرضى يملكون مقياسًا للألم يجعلهم - مهما كان صراخهم- دون مستوى الضجيج و الإزعاج.! مرضى لا يمكن أن يُلامو أبدًا على تخطيهم مرحلة الصبر ليصرخوا بكل ما أوتوا من قوة لأجِل حُقنة تُسكن آلامهم!
ما أقسى أن تبدأ صباحاتي ببكاء رجلٍ نزعت منه الآلام قوته، ما أضعف أن أرى شابًا يتنازل عن أحلامه لأنّ نقص الدم وتخثُّره قد اغتالها بكل قسوة، ما أحزنني و أنا أرى الأسِرّة ممتلئة و لا تكفي لهذا العدد الكبير من المرضى!
من المسؤول؟
أقولها و الأمر تعدى مرحلة المجاملة، أنتم! *نعم أنتم*
معظم القصص ليس لها بداية، و لكنّ لقصص هؤلاء المرضى بداية واضحة، بل أكاد أجزم أنّها من الوضوح ما يكفي لمعرفة كيف سيعيش هؤلاء بين أسِرة المستشفى و حُقَن المورفين.
لسنا بجهلة، وصلنا لمرحلة من الثقافة تستطيعون من خلالها أنّ تفهموا أنّ هذه الأمراض الوراثية تأتي منكم و من تماديكم في تجاهلها لتتوارثوها بينكم ، و أنّكِ أيتها الأم و أنّكَ أيّها الأب السبب في معاناة ابنكم أو ابنتكم! لماذا؟
بحجة أنّ الفحص قبل الزواج بدعة و لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، و ما هذا سوى هـــراء -مع احترامي الشديد-
أعلم أنّ أقدارنا يسيّرها الله كما يشاء، و أن المرض قد يأتينا به الله ابتلاء، لكنّ الله أنعم الله علينا بنعمة العلم و التطور، أليس من الظلم في أنفسنا أن نجحد هذه النعمة و نضرب بها عرض الحائط؟
لو لم يكن للأمر أهمية، لما عيّن مختصين في مراكزنا الصحية فقط للاهتمام بفحص المُقبلين على الزواج من أجل أسرة لا تغزوها أمراضاً قاسية كأمراض نقص الدم وتوابعه. لستُ ضدّ الثقافات و العادات التي لا زال المجتمع يتمسك بها، بأنّ زواج الأقارب متعارفٌ عليه، و لكنّ حين تُرزَق غدًا بمولودٍ يعاني في حياته ما يعانيه للأبد؛ تذكر أنّكَ السبب، و أنّ هذه العادات لن تنفعك و لن تنفع أبنائك، و أنّ الفحص الذي تدّعون أنّه بِدعة أو تخلف كان بإمكانه أن يقيكم كل هذا الحجم من الألم!
في الحقيقة سألتُ الكثير عن وجهة نظرهم حول الفحص قبل الزواج و كانت إجاباتهم محصورة بين العادات و الحب بين الأقارب( البنت لولد عمها، القريب أولى من البعيد، لا أتقبل صدمة أني لا أستطيع الزواج من فتاة أحببتها لأنّ ورقة طبيب تمنعني من ذلك! ، طلب التحليل قبل الزواج به شيء من التجريح للرجل، ....... إلخ )
هدم الله كل هذا الجهل من عقولكم على هذه الإجابات المريضة، و كيف تتقبل فكرة أنّ طفلك سيعاني للأبد من مرضٍ وراثي؟
و الله أنّ ألمًا ممضًا يعتصر صدري و أنا أسمع أحد المرضى يقول لي أنّه و أربع من شقيقاته يعانون من فقر الدم المنجلي و يمكثون في المستشفى بالأشهر أحيانًا.
ما الذي تركه نقص الدم من أثرٍ في حياتك؟
:طويتُ في أسِرّة المشفى رداء شبابي، و سأطوي فيه رداء شيخوختي! -يجيبني أحد المرضى-
أخيرًا، أطالب بأن يُصدر قرار منع الزواج في عُمان دون نتيجة الفحص، و أن يكون للكشف ما قبل الزواج وثيقة قانونية لا يتم الزواج إلّا بها.
نجلاء محمد
منقول ...
"رسالة وجع"
لستُ أدري لمن أكتب هذه الرسالة، و لكنّ صرخات هؤلاء المرضى تغورُ إلى أعماق قلبي و تُفتته، و يُمزّق صمودي صوتَ نحيب مجروح يعلو شيئًا فشيئًا بين أسِرّتِهم!
و أنا أغوص بين عشرات الذين تتقاطع أصواتهم و صرخاتهم ، ليتحول ذلك إلى ضوضاء حزينة كل يوم! أنا أعيش بين مرضى يملكون مقياسًا للألم يجعلهم - مهما كان صراخهم- دون مستوى الضجيج و الإزعاج.! مرضى لا يمكن أن يُلامو أبدًا على تخطيهم مرحلة الصبر ليصرخوا بكل ما أوتوا من قوة لأجِل حُقنة تُسكن آلامهم!
ما أقسى أن تبدأ صباحاتي ببكاء رجلٍ نزعت منه الآلام قوته، ما أضعف أن أرى شابًا يتنازل عن أحلامه لأنّ نقص الدم وتخثُّره قد اغتالها بكل قسوة، ما أحزنني و أنا أرى الأسِرّة ممتلئة و لا تكفي لهذا العدد الكبير من المرضى!
من المسؤول؟
أقولها و الأمر تعدى مرحلة المجاملة، أنتم! *نعم أنتم*
معظم القصص ليس لها بداية، و لكنّ لقصص هؤلاء المرضى بداية واضحة، بل أكاد أجزم أنّها من الوضوح ما يكفي لمعرفة كيف سيعيش هؤلاء بين أسِرة المستشفى و حُقَن المورفين.
لسنا بجهلة، وصلنا لمرحلة من الثقافة تستطيعون من خلالها أنّ تفهموا أنّ هذه الأمراض الوراثية تأتي منكم و من تماديكم في تجاهلها لتتوارثوها بينكم ، و أنّكِ أيتها الأم و أنّكَ أيّها الأب السبب في معاناة ابنكم أو ابنتكم! لماذا؟
بحجة أنّ الفحص قبل الزواج بدعة و لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، و ما هذا سوى هـــراء -مع احترامي الشديد-
أعلم أنّ أقدارنا يسيّرها الله كما يشاء، و أن المرض قد يأتينا به الله ابتلاء، لكنّ الله أنعم الله علينا بنعمة العلم و التطور، أليس من الظلم في أنفسنا أن نجحد هذه النعمة و نضرب بها عرض الحائط؟
لو لم يكن للأمر أهمية، لما عيّن مختصين في مراكزنا الصحية فقط للاهتمام بفحص المُقبلين على الزواج من أجل أسرة لا تغزوها أمراضاً قاسية كأمراض نقص الدم وتوابعه. لستُ ضدّ الثقافات و العادات التي لا زال المجتمع يتمسك بها، بأنّ زواج الأقارب متعارفٌ عليه، و لكنّ حين تُرزَق غدًا بمولودٍ يعاني في حياته ما يعانيه للأبد؛ تذكر أنّكَ السبب، و أنّ هذه العادات لن تنفعك و لن تنفع أبنائك، و أنّ الفحص الذي تدّعون أنّه بِدعة أو تخلف كان بإمكانه أن يقيكم كل هذا الحجم من الألم!
في الحقيقة سألتُ الكثير عن وجهة نظرهم حول الفحص قبل الزواج و كانت إجاباتهم محصورة بين العادات و الحب بين الأقارب( البنت لولد عمها، القريب أولى من البعيد، لا أتقبل صدمة أني لا أستطيع الزواج من فتاة أحببتها لأنّ ورقة طبيب تمنعني من ذلك! ، طلب التحليل قبل الزواج به شيء من التجريح للرجل، ....... إلخ )
هدم الله كل هذا الجهل من عقولكم على هذه الإجابات المريضة، و كيف تتقبل فكرة أنّ طفلك سيعاني للأبد من مرضٍ وراثي؟
و الله أنّ ألمًا ممضًا يعتصر صدري و أنا أسمع أحد المرضى يقول لي أنّه و أربع من شقيقاته يعانون من فقر الدم المنجلي و يمكثون في المستشفى بالأشهر أحيانًا.
ما الذي تركه نقص الدم من أثرٍ في حياتك؟
:طويتُ في أسِرّة المشفى رداء شبابي، و سأطوي فيه رداء شيخوختي! -يجيبني أحد المرضى-
أخيرًا، أطالب بأن يُصدر قرار منع الزواج في عُمان دون نتيجة الفحص، و أن يكون للكشف ما قبل الزواج وثيقة قانونية لا يتم الزواج إلّا بها.
نجلاء محمد
منقول ...