ابا مازن
23-01-2018, 12:25 PM
/ عبدالله باحجاج يكتب: ترند هاشتاج #مسندم_في_خارطة_سلطنة_عمان
أثير-د.عبدالله باحجاج
ليس غريبا أن يصل هشتاج #مسندم_في_خارطة_سلطنة_عمان إلى ترند ( أي الصدارة ) على مستوى السلطنة في تويتر، فكل الرأي العام في البلاد ، قد تفاعل مع حذف محافظة مسندم من خارطتنا السياسية ، وضمها الى خارطة إماراتية ، هي أصلا مثيرة للجدل بعد تفجير أزمة مع قطر ، بنفس الكيفية ، وفي الخارطة ذاتها .
علامات استغراب كبيرة يبديها الرأي العام العماني ، وهو لا يصدق ابدا ، أن يصل الامر بالأشقاء الى محو احدى محافظات البلاد من خارطتنا ، ويرجحون النية المبيتة أكثر من الهفوة غير المقصودة ، ويدللون على هذا الترجيح، بمسلسل المزاعم المتكررة للحقوق العمانية المعنوية ، والمتصاعدة حتى وصلت الان الى مسندم .
· جدلية المسؤولية .. متاهات الفهم الخاطئ.
من وراء هذا التلاعب بالسيادات ؟ غرقت بعض نخبنا المثقفة في جدلية المسؤولية داخل دولة الاشقاء ، ونرى أنه لا ينبغي أن يغرق الوعي في هذه الجدلية ، فسواء كان وراء التلاعب ، فاعلون ينتمون لجهة داخل دولة أم مؤسسات الدولة ، فالتفرقة هنا لا تعني شيئا في تحديد المسؤولية ؟ ، فالدولة تعبر عنها جهات ومؤسسات حكومية، ومن يملك الصلاحية والقدرة على الفعل في حجمه وخطورته سوى جهة أو مؤسسة ، أما أنها تملك القرار أو مؤثرة فيه ، الا اذا كان هناك عدة جهات ومؤسسات تملك صناعة القرار ، أو مؤثرة فيه ، وغير منسجمة فيما بينها ، وبالتالي تعيش صراعات داخلية ، والتساؤل الآخر المهم ، هل يمكن قبول تبرير منطق الهفوات غير المقصودة في حالتنا العمانية ، أسوة بحالة محو خارطة دولة قطر من ذات الخارطة ؟ قد يرد التبرير نفسه ، وحتى هذا ، لم يرد حتى الان ؟
· تساؤلات المساءلة .
س: كيف تظل السلطة السياسية في الامارات صامتة على مثل هذه التصرفات ، وهي أي التصرفات ، تعبث بالجغرافيا الجيوسياسية – لن نسميها اعتداءات حتى لو احتملت التسمية – ؟
س : هل خليجنا في حاجة الى المزيد من تأجيج الفتن واشعال النار ؟
س : هل ينبغي أن تظل حكومتنا متفرجة على هذا التطور الخطير ؟
· العمانيون وعقلنة غضبهم .
من اللافت في ردة فعل العمانيين من اقتطاع جزء غالٍ ، واستراتيجي جدا ، من خارطتهم السياسية ، عدم استدعائهم التاريخ السياسي ، والمطالبة بعودة الأوضاع الى ما كانت قبل عام 1972، رغم قوة غضبهم مما حدث ، ومثل هذا الموقف الاجتماعي ، سيكون له الكثير من الدلالات والابعاد السياسية التي ستشكل قلقا مرتفعا للآخر ، لأنه سيرجعنا الى المربع الأول ، الى الحدود السياسية للدولة العماني عام 1970م.
فالصورة الذهنية المحفورة في أعماق عقولنا عن عمان ، ليس عمان التاريخية ، التي نعرف امتداداتها الجغرافية إقليميا – خليجيا- وكذلك عالميا ، فلو استحضرناها ، وأطلقنا طموحاتنا ، فستتحرك جغرافيتنا في كل الاتجاهات والجهات ، طولا وعرضا ، ورغم ذلك ، لم يسبق لنا أن لوحنا بها ، تحت اية مطامع او غايات سياسية أو اقتصادية ، فهذا ليس من أخلاق العمانيين ، لأننا مع استقرار المنطقة ، ولأننا نعد ذلك لو حدث فعلا ، عبثا من مراهق ، او من سياسي متهور قد يقود المنطقة الى فتنة جديدة .
وانما حديثنا هنا ، عن عمان السبعين ، وما طرأ على جغرافيتها في بدايات مرحلة السبعينيات من استثناء جغرافي خاص ، منح خصوصية عالية المستوى على أمل العيش المشترك بين أشقاء تجمعهم روابط النسب والحسب ، والاحساس المتجذر بالديموغرافية الواحدة ، ومصيرها المشترك ، على أمل تقاسم المصالح والمنافع ، والتكامل ، لا التنافس ، ولا الصراعات ، ولا المزاعم بحقوق معنوية ولا مادية .
· الأسس التاريخية ” الحاكمة ” للعيش المشترك .
الاستثناء الجغرافي ، يعطي الخصوصية ، ويعلي من شأنها ، وقد كان هذا سائدا منذ بداياته ، وباعتراف سياسي رفيع وأصيل ، بدليل ان السفارة العمانية لم تفتتح إلا عام 1997م ، وبدواعي توسيع خصوصية الاستثناء ، وتعزيز تلك الروابط ، وهذا ما نجده في تبرير الشيخ زايد عليه رحمة الله ، حول أسباب عدم فتح السفارة خلال السنوات الطويلة الماضية ، قائلا ” لم يخرج العماني من بلده لتكون له سفارة ، وعلاقتنا بعمان علاقة اخوان وليس جيران ، وأنا سفير لكل عماني بالإمارات ” .
هل نتأمل في الغايات والابعاد السياسية في الفكر السياسي للمغفور له بمشيئة الله ، أنه يختصر لنا طبيعة العلاقة التي يجب ان تسود بين الاشقاء بين ضفتي الدولة العمانية ، كأساس للديمومة ، وككيان واحد بخصوصيتين استثنائيتين ، مع التسليم في جوهر فكره السياسي بالاصل الجغرافي واستثنائه الجديد ، دون أن يلغي الاستثناء خصوصيته ، لكنه يدرجه في المصير الواحد ، فأمعنوا التأمل في مفردات ” لم يخرج العماني من بلده ” وكذلك ” علاقتنا بعمان علاقة أخوان ..” ففكر المرحوم بمشيئة الله ، ينظر لعمان الكيان الجامع الشامل في اطار الاستثناء الجغرافي ، لذلك رفض تبني نهج السفارات الذي يعكس كينونة دولتين مستقلتين .
نحاول هنا التذكير بهذا الفكر الذي سهل عملية تأسيس المسير الجديد ، وكسب القلوب ، مما كان له الأرضية النفسية والديموغرافية في اكساب الاستثناء الجغرافي ، بناءاته الفوقية والتحتية في اطار خصوصية الاخوة التي كان ينبغي أن تكون أهدافها واحدة ، ومنطلقاتها مشتركة ، ورؤيتهم الجيوسياسية واحدة .
نحن هنا ، عندما نعلي من شأن فكر الشيخ زايد عليه رحمة الله ، حصريا ، دون الاستشهاد بالفكر السياسي العماني ، ودور عاهل البلاد حفظه الله ورعاه في حل مشاكل الأشقاء الداخلية ، القديمة والجديدة ، ودور جلالته في مساعدتهم على استقرار كيانهم السياسي ، ودوره في التسامح والعفو عن الهفوات والشطحات السياسية رغم كبر حجمها ، واستفزازاتها ، إنما نذكر الاشقاء بالأساس التاريخي الذي اختاره الشيخ زايد لكي يكون جوهر العلاقة بين الاشقاء .
وهو اختيار ، لا يلغي التاريخ ، ولا يصنع تاريخا جديدا ، ولا يجعله يقتطع ترابا ، ولا يزعم حقا معنويا ، وانما يجعله في اطاره الجغرافيا الراهن ، مع انفتاحه التضامني والتكاملي مع ارتباطه الجغرافي التاريخي .
لم نكن نحبذ ، الدخول في مثل هذه القضايا ، الا أن قضية نسخة اللوفر الفرنسي في ابوظبي ، واستهدافاتها السياسية الواضحة تجاه مسندم ، تجعلنا نفتح هذا الملف ، ليس من منظور السلطة السياسية ، فهذه السلطة لها فريقها المعبر عنها ، وانما من منظور مجتمعي خالص ، من شقيق الى شقيقه ، متمسك بكل مقومات العيش المشترك معه وفق المبادئ والاسس المؤسسة ابان حقبة تأسيس الاستثناء الجغرافي الخاص ، وعلاقاته الأخوية بالديموغرافية الواحدة .
خاصة وأن مسح مسندم العمانية من خرائط تنشر من قبل الأشقاء، ليست الأولى ، وانما هي الثانية ، الأولى في خارطة ظهرت بعد الإعلان عن جائزة للمعلم الخليجي ، والثانية ، نشر خارطة مغيب فيها مسندم بعد توقيع بلادنا اتفاقية لتوليد الطاقة مع إحدى الشركات الإماراتية .
ولو صمتنا ، ربما تكون الثالثة الأخطر ، من هنا ، نجد انفسنا ملزمين في هذا التدخل ، والتحذير من أبعاد مثل هذه الخطوات السياسية ، الاستباقية ، التي تحاول قياس الرأي العام ، ثم تهيئته للخطوة التالية .
· خطأ الجيل الجديد .
قد يقع الأشقاء في خطأ استراتيجي ، اذا كانت استقراءاتهم عن شأننا الداخلي بأنه يمثل ظرفية مواتية لاثارة مثل هذه القضايا ، على اعتبار انشغالاتنا الاقتصادية ، وتذمر الباحثين عن عمل لسياسات التوظيف الراهنة .. فإنهم بذلك ، لم ينفذوا الى عمق سيكولوجية اشقائهم ، أو انهم يدركونها ، لأنهم جزء منها ، لكنهم إما يعولون – خطأ – على المتحولات ، أو يقيسون التحول السيكولوجي بتجارب أخرى ، ويسقطون نتائجها على أشقائهم .
وهنا تساؤل آخر مهم كذلك ، وهو كيف نفسر التعاقب بين مسح دولة قطر من الخارطة مع مسح محافظة مسندم منها ؟ هل نفهم من وراء مسح الخارطة القطرية انه يشكل الدافع من نشوء الازمة الخليجية الخليجية في يونيو عام 2017؟ فالتحليلات تشير الى أن هذه الازمة هدفها ابتلاع الدوحة من قبل دول الجوار ، فمسح الخارطة القطرية ، تزكي الان هذا الاعتقاد ، ونتمنى أن لا يكون ذلك صحيحا ، لكن السياق يحتمل ذلك التفسير بكل موضوعية وعقلانية .
وهنا نخشى أن يكون وراءه بعد دولي – وإن توفر فعلا – فسيكون ذلك مجرد مجاملات وأساليب احتيالية ، بهدف نهب الثروات ، أكثر منها تغيير الخارطة الجيوسياسية ، فالجغرافيا السياسية الإقليمية محكومة بمنظومة المصالح الإقليمية والعالمية ، الجديدة والقديمة ، ولا يمكن أن تتغير بهذه السهولة ، كما أنها محصنة بجبهة ديموغرافيتها الوطنية ، وهي القوة الناعمة التي لا يمكن اسقاطاتها ، وترند هشتاج #مسندم_في_خارطة_سلطنة_عمان أكبر الاستدلالات على متانة الجبهة الداخلية ، واستنفارها التلقائي والعفوي ، عندما يتعلق الامر بمثل هذه القضايا الوطنية العليا .
الخاتمة :
من المؤكد الاستشرافي ، والدلالي ، ان العلاقات العمانية الإماراتية ، ليست في عصرها الذهبي ، ولا تسير وفق تطلعات الأشقاء وطموحاتهم في كلا الدولتين ، وهي تبتعد عن مساراتها التاريخية المرسومة ، والمأمولة .
لماذا ؟ وهل هذا في صالح البلدين ؟ العقلانية تنفي صفة المنفعة الأحادية لأي طرف ، بل العكس يضر بهذه العلاقات الان أكثر من أي وقت مضى ، خاصة في حجم التحديات الكبرى الجيوسياسية ،.
فلماذا يتم الاقدام على مثل هذه التصرفات الآن ؟ تساؤل يزلزل العقل ، لأنه لا يجد إيجابة مقنعة للتفسير ، في المقابل لا يمكن التصور ، لمجرد التفكير فيه ، ان يقبل المساس بمسندم ، فهذا يدخلنا في متاهات الجنون السياسي .
وبالتالي ، فان مصلحة المنطقة ، تحتم من حكومتنا التدخل سريعا ، ومن خلال قنواتها الدبلوماسية الرسمية ، في توضيح الاشقاء بصورة لا لبس فيها ، الخيارات العمانية لمواجهة تداعيات مثل هذه المتاهات ، والكشف للرأي العام الغاضب خلفيات وابعاد حذف محافظة مسندم من الخارطة العمانية ، فالمسير في العلاقات الثنائية ، يتجاوز الآن ، إشكالات المزاعم والادعاءات ، الى الفعل المنتج لوقائع تمس الوجود المادي العماني ، وربما علينا التساؤل ماذا بعد مسندم ؟ فهل سنظل صامتين ؟
Read more: http://www.atheer.om/archives/458555/%d8%af-%d8%b9%d8%a8%d8%af%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%a8%d8%a7%d8%ad%d8%ac%d8%a7%d8%ac-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%aa%d8%b1%d9%86%d8%af-%d9%87%d8%b4%d8%aa%d8%a7%d8%ac-%d9%85%d8%b3%d9%86%d8%af/#ixzz54zheaqES
أثير-د.عبدالله باحجاج
ليس غريبا أن يصل هشتاج #مسندم_في_خارطة_سلطنة_عمان إلى ترند ( أي الصدارة ) على مستوى السلطنة في تويتر، فكل الرأي العام في البلاد ، قد تفاعل مع حذف محافظة مسندم من خارطتنا السياسية ، وضمها الى خارطة إماراتية ، هي أصلا مثيرة للجدل بعد تفجير أزمة مع قطر ، بنفس الكيفية ، وفي الخارطة ذاتها .
علامات استغراب كبيرة يبديها الرأي العام العماني ، وهو لا يصدق ابدا ، أن يصل الامر بالأشقاء الى محو احدى محافظات البلاد من خارطتنا ، ويرجحون النية المبيتة أكثر من الهفوة غير المقصودة ، ويدللون على هذا الترجيح، بمسلسل المزاعم المتكررة للحقوق العمانية المعنوية ، والمتصاعدة حتى وصلت الان الى مسندم .
· جدلية المسؤولية .. متاهات الفهم الخاطئ.
من وراء هذا التلاعب بالسيادات ؟ غرقت بعض نخبنا المثقفة في جدلية المسؤولية داخل دولة الاشقاء ، ونرى أنه لا ينبغي أن يغرق الوعي في هذه الجدلية ، فسواء كان وراء التلاعب ، فاعلون ينتمون لجهة داخل دولة أم مؤسسات الدولة ، فالتفرقة هنا لا تعني شيئا في تحديد المسؤولية ؟ ، فالدولة تعبر عنها جهات ومؤسسات حكومية، ومن يملك الصلاحية والقدرة على الفعل في حجمه وخطورته سوى جهة أو مؤسسة ، أما أنها تملك القرار أو مؤثرة فيه ، الا اذا كان هناك عدة جهات ومؤسسات تملك صناعة القرار ، أو مؤثرة فيه ، وغير منسجمة فيما بينها ، وبالتالي تعيش صراعات داخلية ، والتساؤل الآخر المهم ، هل يمكن قبول تبرير منطق الهفوات غير المقصودة في حالتنا العمانية ، أسوة بحالة محو خارطة دولة قطر من ذات الخارطة ؟ قد يرد التبرير نفسه ، وحتى هذا ، لم يرد حتى الان ؟
· تساؤلات المساءلة .
س: كيف تظل السلطة السياسية في الامارات صامتة على مثل هذه التصرفات ، وهي أي التصرفات ، تعبث بالجغرافيا الجيوسياسية – لن نسميها اعتداءات حتى لو احتملت التسمية – ؟
س : هل خليجنا في حاجة الى المزيد من تأجيج الفتن واشعال النار ؟
س : هل ينبغي أن تظل حكومتنا متفرجة على هذا التطور الخطير ؟
· العمانيون وعقلنة غضبهم .
من اللافت في ردة فعل العمانيين من اقتطاع جزء غالٍ ، واستراتيجي جدا ، من خارطتهم السياسية ، عدم استدعائهم التاريخ السياسي ، والمطالبة بعودة الأوضاع الى ما كانت قبل عام 1972، رغم قوة غضبهم مما حدث ، ومثل هذا الموقف الاجتماعي ، سيكون له الكثير من الدلالات والابعاد السياسية التي ستشكل قلقا مرتفعا للآخر ، لأنه سيرجعنا الى المربع الأول ، الى الحدود السياسية للدولة العماني عام 1970م.
فالصورة الذهنية المحفورة في أعماق عقولنا عن عمان ، ليس عمان التاريخية ، التي نعرف امتداداتها الجغرافية إقليميا – خليجيا- وكذلك عالميا ، فلو استحضرناها ، وأطلقنا طموحاتنا ، فستتحرك جغرافيتنا في كل الاتجاهات والجهات ، طولا وعرضا ، ورغم ذلك ، لم يسبق لنا أن لوحنا بها ، تحت اية مطامع او غايات سياسية أو اقتصادية ، فهذا ليس من أخلاق العمانيين ، لأننا مع استقرار المنطقة ، ولأننا نعد ذلك لو حدث فعلا ، عبثا من مراهق ، او من سياسي متهور قد يقود المنطقة الى فتنة جديدة .
وانما حديثنا هنا ، عن عمان السبعين ، وما طرأ على جغرافيتها في بدايات مرحلة السبعينيات من استثناء جغرافي خاص ، منح خصوصية عالية المستوى على أمل العيش المشترك بين أشقاء تجمعهم روابط النسب والحسب ، والاحساس المتجذر بالديموغرافية الواحدة ، ومصيرها المشترك ، على أمل تقاسم المصالح والمنافع ، والتكامل ، لا التنافس ، ولا الصراعات ، ولا المزاعم بحقوق معنوية ولا مادية .
· الأسس التاريخية ” الحاكمة ” للعيش المشترك .
الاستثناء الجغرافي ، يعطي الخصوصية ، ويعلي من شأنها ، وقد كان هذا سائدا منذ بداياته ، وباعتراف سياسي رفيع وأصيل ، بدليل ان السفارة العمانية لم تفتتح إلا عام 1997م ، وبدواعي توسيع خصوصية الاستثناء ، وتعزيز تلك الروابط ، وهذا ما نجده في تبرير الشيخ زايد عليه رحمة الله ، حول أسباب عدم فتح السفارة خلال السنوات الطويلة الماضية ، قائلا ” لم يخرج العماني من بلده لتكون له سفارة ، وعلاقتنا بعمان علاقة اخوان وليس جيران ، وأنا سفير لكل عماني بالإمارات ” .
هل نتأمل في الغايات والابعاد السياسية في الفكر السياسي للمغفور له بمشيئة الله ، أنه يختصر لنا طبيعة العلاقة التي يجب ان تسود بين الاشقاء بين ضفتي الدولة العمانية ، كأساس للديمومة ، وككيان واحد بخصوصيتين استثنائيتين ، مع التسليم في جوهر فكره السياسي بالاصل الجغرافي واستثنائه الجديد ، دون أن يلغي الاستثناء خصوصيته ، لكنه يدرجه في المصير الواحد ، فأمعنوا التأمل في مفردات ” لم يخرج العماني من بلده ” وكذلك ” علاقتنا بعمان علاقة أخوان ..” ففكر المرحوم بمشيئة الله ، ينظر لعمان الكيان الجامع الشامل في اطار الاستثناء الجغرافي ، لذلك رفض تبني نهج السفارات الذي يعكس كينونة دولتين مستقلتين .
نحاول هنا التذكير بهذا الفكر الذي سهل عملية تأسيس المسير الجديد ، وكسب القلوب ، مما كان له الأرضية النفسية والديموغرافية في اكساب الاستثناء الجغرافي ، بناءاته الفوقية والتحتية في اطار خصوصية الاخوة التي كان ينبغي أن تكون أهدافها واحدة ، ومنطلقاتها مشتركة ، ورؤيتهم الجيوسياسية واحدة .
نحن هنا ، عندما نعلي من شأن فكر الشيخ زايد عليه رحمة الله ، حصريا ، دون الاستشهاد بالفكر السياسي العماني ، ودور عاهل البلاد حفظه الله ورعاه في حل مشاكل الأشقاء الداخلية ، القديمة والجديدة ، ودور جلالته في مساعدتهم على استقرار كيانهم السياسي ، ودوره في التسامح والعفو عن الهفوات والشطحات السياسية رغم كبر حجمها ، واستفزازاتها ، إنما نذكر الاشقاء بالأساس التاريخي الذي اختاره الشيخ زايد لكي يكون جوهر العلاقة بين الاشقاء .
وهو اختيار ، لا يلغي التاريخ ، ولا يصنع تاريخا جديدا ، ولا يجعله يقتطع ترابا ، ولا يزعم حقا معنويا ، وانما يجعله في اطاره الجغرافيا الراهن ، مع انفتاحه التضامني والتكاملي مع ارتباطه الجغرافي التاريخي .
لم نكن نحبذ ، الدخول في مثل هذه القضايا ، الا أن قضية نسخة اللوفر الفرنسي في ابوظبي ، واستهدافاتها السياسية الواضحة تجاه مسندم ، تجعلنا نفتح هذا الملف ، ليس من منظور السلطة السياسية ، فهذه السلطة لها فريقها المعبر عنها ، وانما من منظور مجتمعي خالص ، من شقيق الى شقيقه ، متمسك بكل مقومات العيش المشترك معه وفق المبادئ والاسس المؤسسة ابان حقبة تأسيس الاستثناء الجغرافي الخاص ، وعلاقاته الأخوية بالديموغرافية الواحدة .
خاصة وأن مسح مسندم العمانية من خرائط تنشر من قبل الأشقاء، ليست الأولى ، وانما هي الثانية ، الأولى في خارطة ظهرت بعد الإعلان عن جائزة للمعلم الخليجي ، والثانية ، نشر خارطة مغيب فيها مسندم بعد توقيع بلادنا اتفاقية لتوليد الطاقة مع إحدى الشركات الإماراتية .
ولو صمتنا ، ربما تكون الثالثة الأخطر ، من هنا ، نجد انفسنا ملزمين في هذا التدخل ، والتحذير من أبعاد مثل هذه الخطوات السياسية ، الاستباقية ، التي تحاول قياس الرأي العام ، ثم تهيئته للخطوة التالية .
· خطأ الجيل الجديد .
قد يقع الأشقاء في خطأ استراتيجي ، اذا كانت استقراءاتهم عن شأننا الداخلي بأنه يمثل ظرفية مواتية لاثارة مثل هذه القضايا ، على اعتبار انشغالاتنا الاقتصادية ، وتذمر الباحثين عن عمل لسياسات التوظيف الراهنة .. فإنهم بذلك ، لم ينفذوا الى عمق سيكولوجية اشقائهم ، أو انهم يدركونها ، لأنهم جزء منها ، لكنهم إما يعولون – خطأ – على المتحولات ، أو يقيسون التحول السيكولوجي بتجارب أخرى ، ويسقطون نتائجها على أشقائهم .
وهنا تساؤل آخر مهم كذلك ، وهو كيف نفسر التعاقب بين مسح دولة قطر من الخارطة مع مسح محافظة مسندم منها ؟ هل نفهم من وراء مسح الخارطة القطرية انه يشكل الدافع من نشوء الازمة الخليجية الخليجية في يونيو عام 2017؟ فالتحليلات تشير الى أن هذه الازمة هدفها ابتلاع الدوحة من قبل دول الجوار ، فمسح الخارطة القطرية ، تزكي الان هذا الاعتقاد ، ونتمنى أن لا يكون ذلك صحيحا ، لكن السياق يحتمل ذلك التفسير بكل موضوعية وعقلانية .
وهنا نخشى أن يكون وراءه بعد دولي – وإن توفر فعلا – فسيكون ذلك مجرد مجاملات وأساليب احتيالية ، بهدف نهب الثروات ، أكثر منها تغيير الخارطة الجيوسياسية ، فالجغرافيا السياسية الإقليمية محكومة بمنظومة المصالح الإقليمية والعالمية ، الجديدة والقديمة ، ولا يمكن أن تتغير بهذه السهولة ، كما أنها محصنة بجبهة ديموغرافيتها الوطنية ، وهي القوة الناعمة التي لا يمكن اسقاطاتها ، وترند هشتاج #مسندم_في_خارطة_سلطنة_عمان أكبر الاستدلالات على متانة الجبهة الداخلية ، واستنفارها التلقائي والعفوي ، عندما يتعلق الامر بمثل هذه القضايا الوطنية العليا .
الخاتمة :
من المؤكد الاستشرافي ، والدلالي ، ان العلاقات العمانية الإماراتية ، ليست في عصرها الذهبي ، ولا تسير وفق تطلعات الأشقاء وطموحاتهم في كلا الدولتين ، وهي تبتعد عن مساراتها التاريخية المرسومة ، والمأمولة .
لماذا ؟ وهل هذا في صالح البلدين ؟ العقلانية تنفي صفة المنفعة الأحادية لأي طرف ، بل العكس يضر بهذه العلاقات الان أكثر من أي وقت مضى ، خاصة في حجم التحديات الكبرى الجيوسياسية ،.
فلماذا يتم الاقدام على مثل هذه التصرفات الآن ؟ تساؤل يزلزل العقل ، لأنه لا يجد إيجابة مقنعة للتفسير ، في المقابل لا يمكن التصور ، لمجرد التفكير فيه ، ان يقبل المساس بمسندم ، فهذا يدخلنا في متاهات الجنون السياسي .
وبالتالي ، فان مصلحة المنطقة ، تحتم من حكومتنا التدخل سريعا ، ومن خلال قنواتها الدبلوماسية الرسمية ، في توضيح الاشقاء بصورة لا لبس فيها ، الخيارات العمانية لمواجهة تداعيات مثل هذه المتاهات ، والكشف للرأي العام الغاضب خلفيات وابعاد حذف محافظة مسندم من الخارطة العمانية ، فالمسير في العلاقات الثنائية ، يتجاوز الآن ، إشكالات المزاعم والادعاءات ، الى الفعل المنتج لوقائع تمس الوجود المادي العماني ، وربما علينا التساؤل ماذا بعد مسندم ؟ فهل سنظل صامتين ؟
Read more: http://www.atheer.om/archives/458555/%d8%af-%d8%b9%d8%a8%d8%af%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%a8%d8%a7%d8%ad%d8%ac%d8%a7%d8%ac-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%aa%d8%b1%d9%86%d8%af-%d9%87%d8%b4%d8%aa%d8%a7%d8%ac-%d9%85%d8%b3%d9%86%d8%af/#ixzz54zheaqES