شموس الحق
28-01-2018, 04:33 PM
الشاطيء الحزين
لا يزال المشهد لم يبارح مخيليتي ، ترجف اطرافي حينما شاهدته .. اتذكر جسده المسجى على سطح القارب ، لايزال اسمه يتردد صداه في مسامعي ، ولا تزال صرخة ابنه احمد تذوب قلبي .. اتذكر جلبة نسوة تجمعن على ضفاف شاطيء حزين ..أبصارهن شاخصة نحو أمواج البحر ..ينتظرن اخبارا جديدة يحملها رجال .. يذرعون البحر ..بحثا عن أبو احمد .. اختفى منذ اكثر من يوم في رحلة بحرية بمفرده .. في اليوم الثاني رجع قارب صيد يجر خلفه قارب ابو احمد ..فرحن النسوة ..انها بشارة خير .. القارب بدون ابو احمد ..كانه لغز ..كيف اختفى من قاربه ؟..توالت التفاسير والتأويلات ..كل يدلوا بدلوه ..الصواب ان ابو احمد لا يزال مصيره مجهولا .. فعل الرجال المستحيل .. يبحثون عنه .. يسالون عنه ..حتى ما يسمونهم بالمعالمة لجأوا اليهم ..سألوهم ..الجواب حتما بعد ثلاث أيام ..لم يكل الرجال .. يبحثون ليل نهار ..لا تزال امه في الشاطيء الحزين ..تتكأ على معصم ام أحمد ..أنهكها الدموع .. الصبر .. الامل .. واسئلة النساء وتاويلاتهن .. يعود الرجال من البحر ..رؤوسهم منكوسة ..يطويها الصمت .. والدمع الحزين .. غربت شمس اليوم الثاني ..اسدل الظلام وارخى سدوله ..يعم الشاطي الحزين ..صامت بسكونه .. الا من عجوز وزوجة.. لا تبارحان ذلك الشاطيء ..في صباح اليوم الثالث .. كالعادة تجمع الاطفال وبعض النسوة بالشاطيء..ترقب الجميع عودة الرجال .. موعدهم قبل صلاة الفجر .. يبدو ان طلوع شمس ذلك اليوم بطيئة ..حتى امواج البحر سكنت بعدما كانت عاتية في الفترة الماضية .. يلوح من بعيد احد القوارب ..يقترب رويدا رويدا ..لم يفارق عيني منذ ان رأيته .. وصل القارب..رفع الرجال ايديهم ..كأن أمر ما يضمرون .. كنت اركض نحو القارب كغيري من الاطفال .. حينما وصلت بالقرب من الرجال .. كان ذلك الجسد مسجى على سطح القارب .. يلتحف بثوب شفاف .. لا استطيع وصف ما اشاهد ..الرجال ينتحبون ..الدموع اختلطت بماء البحر ..علمت ان ابو احمد فارق الحياة .. اطلق احمد صرخة ..سمعتها النسوة ..علمن بمصير ابو احمد ..الشاطي الحزين يعج بالنحيب والعويل ..تداخلت اصوات الرجال باصوات النساء .. لم يكن الامر يخص اسرته فقط .. الخبر فجع جميع اهل القرية ..آه يابحر ..آه يا بحر ..تعطي الكثير ..تأخذ الغالي ..انها الاقدار ..مؤمنين بمشيئتها ...لا نملك ..الا ان نقول ..انا لله وانا اليه راجعون ..رحمك الله ابا احمد .. أليس هذا أحمد ؟..سألت أبني ذات مرة ..أجاب نعم انه هو ..انه رجل ..ونعم الرجال ..يشبه في طلعته أبيه .. حتى ابتسامته .. يحتفظ بشيء من ابتسامة ابيه واخلاقه.. كنت أراقبه ..لمحته يتأمل البحر .. لا أعلم فيما يفكر ... سألني أبني بقوله من أبو أحمد؟ .. نظرت اليه برهة.. تنهدت .. آثرت ان لا أجيبه .. اختصرت الاجابة .. انه رجل من رجال الزمن الجميل .... بقلمي/ ناصر الضامري
لا يزال المشهد لم يبارح مخيليتي ، ترجف اطرافي حينما شاهدته .. اتذكر جسده المسجى على سطح القارب ، لايزال اسمه يتردد صداه في مسامعي ، ولا تزال صرخة ابنه احمد تذوب قلبي .. اتذكر جلبة نسوة تجمعن على ضفاف شاطيء حزين ..أبصارهن شاخصة نحو أمواج البحر ..ينتظرن اخبارا جديدة يحملها رجال .. يذرعون البحر ..بحثا عن أبو احمد .. اختفى منذ اكثر من يوم في رحلة بحرية بمفرده .. في اليوم الثاني رجع قارب صيد يجر خلفه قارب ابو احمد ..فرحن النسوة ..انها بشارة خير .. القارب بدون ابو احمد ..كانه لغز ..كيف اختفى من قاربه ؟..توالت التفاسير والتأويلات ..كل يدلوا بدلوه ..الصواب ان ابو احمد لا يزال مصيره مجهولا .. فعل الرجال المستحيل .. يبحثون عنه .. يسالون عنه ..حتى ما يسمونهم بالمعالمة لجأوا اليهم ..سألوهم ..الجواب حتما بعد ثلاث أيام ..لم يكل الرجال .. يبحثون ليل نهار ..لا تزال امه في الشاطيء الحزين ..تتكأ على معصم ام أحمد ..أنهكها الدموع .. الصبر .. الامل .. واسئلة النساء وتاويلاتهن .. يعود الرجال من البحر ..رؤوسهم منكوسة ..يطويها الصمت .. والدمع الحزين .. غربت شمس اليوم الثاني ..اسدل الظلام وارخى سدوله ..يعم الشاطي الحزين ..صامت بسكونه .. الا من عجوز وزوجة.. لا تبارحان ذلك الشاطيء ..في صباح اليوم الثالث .. كالعادة تجمع الاطفال وبعض النسوة بالشاطيء..ترقب الجميع عودة الرجال .. موعدهم قبل صلاة الفجر .. يبدو ان طلوع شمس ذلك اليوم بطيئة ..حتى امواج البحر سكنت بعدما كانت عاتية في الفترة الماضية .. يلوح من بعيد احد القوارب ..يقترب رويدا رويدا ..لم يفارق عيني منذ ان رأيته .. وصل القارب..رفع الرجال ايديهم ..كأن أمر ما يضمرون .. كنت اركض نحو القارب كغيري من الاطفال .. حينما وصلت بالقرب من الرجال .. كان ذلك الجسد مسجى على سطح القارب .. يلتحف بثوب شفاف .. لا استطيع وصف ما اشاهد ..الرجال ينتحبون ..الدموع اختلطت بماء البحر ..علمت ان ابو احمد فارق الحياة .. اطلق احمد صرخة ..سمعتها النسوة ..علمن بمصير ابو احمد ..الشاطي الحزين يعج بالنحيب والعويل ..تداخلت اصوات الرجال باصوات النساء .. لم يكن الامر يخص اسرته فقط .. الخبر فجع جميع اهل القرية ..آه يابحر ..آه يا بحر ..تعطي الكثير ..تأخذ الغالي ..انها الاقدار ..مؤمنين بمشيئتها ...لا نملك ..الا ان نقول ..انا لله وانا اليه راجعون ..رحمك الله ابا احمد .. أليس هذا أحمد ؟..سألت أبني ذات مرة ..أجاب نعم انه هو ..انه رجل ..ونعم الرجال ..يشبه في طلعته أبيه .. حتى ابتسامته .. يحتفظ بشيء من ابتسامة ابيه واخلاقه.. كنت أراقبه ..لمحته يتأمل البحر .. لا أعلم فيما يفكر ... سألني أبني بقوله من أبو أحمد؟ .. نظرت اليه برهة.. تنهدت .. آثرت ان لا أجيبه .. اختصرت الاجابة .. انه رجل من رجال الزمن الجميل .... بقلمي/ ناصر الضامري