صدى صوت
07-02-2018, 10:59 AM
أثير
د. عبدالله باحجاج
لن أنسى ، ولن أتناسى ، صور ومقاطع فيديو وصلتنا أثناء حرب الأخوة والحلفاء على عدن ، من إحدى الشخصيات البارزة في تعز اليمنية، وهو له موقع متقدم في التفاعلات العسكرية في هذه المدينة التي تبتعد عن عدن أكثر من ساعة ، يظهر فيها جنود يمنيون ممددين على الأرض ، وقد قتلوا على أيدي أخوة لهم ، وآخرون يُلقى بهم من السيارات فوق زملائهم على الأرض ، بعضهم ينتمون لقوات التحالف ، وآخرون لقوات الحزام اليمني ، وفريق ثالث يطلقون على أنفسهم الانفصاليين .
مشاهد الضحايا ملقاة فوق بعضها البعض ، والدماء تنزف منها ، وجميعهم من فئة الشباب ، وكلهم كانوا يحاربون قوات الحوثيين ، وقد تحولوا إلى محاربة بعضهم البعض بعد جنوح السياسة الإقليمية ، تجعلنا نصرخ بصوت عال: من يرسم البهجة على ملامح وشفاه 27،4 مليون نسمة ؟
أية قلوب تتحمل رؤية مثل هذه المشاهد ؟ وأية إنسانية تقف وراءها ؟ فما ذنب شباب اليمن ، يدفعون ثمن الخلافات السياسية ؟ فكيف نقبل استباحة دمائهم ، وهي محرمة شرعا وإنسانيا ؟
العجيب العجاب ، الذي يندى له الجبين ، ويتقطع له الضمير ، أن تلكم الضحايا ، جميعهم يمنيون ، وذات صلات قربى ، شطرتهم السياسية الإقليمية ، وحولتهم الى أدوات نيابة عنها ، وأصبحوا متوزعين على تلك التشكيلات المسلحة ، ويحاربون بعضهم البعض ، ويسقطون برصاص ونيران بعضهم البعض ، من أجل أجندة إقليمية ، فأين المصلحة اليمنية العليا ؟
عدن والصراع الدموي .
ليس سببه تحرير عدن من الحوثيين ، فقد حررها التحالف ، وسلمها لقوات الشرعية المتمثلة في الرئيس هادي ، وإنما سببه ، تفجر حالة جنون وراء اعتلاء جواد السلطة في عدن بين تلكم التشكيلات المسلحة التي تنتمي للتحالف ، وبدعم كبير من قبل فاعلين أساسيين في التحالف .
شهدنا يوم الأحد 28 من يناير 2018 ، صراعا دمويا متوحشا ، استخدم فيه كل أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة ، من أجل الاستفراد بجواد السلطة ، ويكون الضحية دائما الشعب اليمني ، فدماؤه كانت مطية للسلطويين ، والآن وسيلة لتحقيق أجندة السياسة الإقليمية .
مما يتضح لنا المشهد اليمني الآن ، مقسما بين الحوثيين في صنعاء ، والتحالف العربي في عدن ، وهذا التشطير للجغرافيا اليمنية ، وبصورة الانفجار المفاجئ ، قد تزامن مع تعيين مبعوث دولي جديد للأزمة اليمنية ، بريطاني الجنسية ، في الوقت الذي تتحرك فيه لندن لحل الأزمة سلميا ، ونجاح دبلوماسيتها في اختراق عواصم إقليمية مؤثرة في الأزمة ، كطهران والرياض ، فهل كان الهدف من الصراع الدموي المتوحش في عدن ، التأثير على الجهود السلمية الراهنة ؟
توقيت الانفجار في عدن ، ووحشيته اللإنسانية ، وتحويل الأخوة إلى أعداء ، بعد ما كانوا في صف واحد ، وخندق واحد ، لقتال عدو واحد ، ليس له من تفسير أو تأويل سوى التسليم بما قلناه سالف الذكر ، خاصة بعد تصريح المبعوث الدولي الجديد في الأزمة اليمنية بعيد زيارته لصنعاء ، بأن الحوثيين قوة لا يستهان بها ، ولا يمكن إقصاؤها ، ولا تحييدها .
تساؤلات من أجل التاريخ .
من المسؤول أمام الله عز وجل ، عن الدماء البريئة ، المغرر بها بسبب ظروف فقرها المدقع ، وجهلها المزمن ؟ ماذا سنقول عندما نسأل عن مبرراتنا لهذه الجرائم التي لا صلة لها بالتحرير وإنما تدخل في جرائم القتل والتدمير ، من أجل الاستفراد بجواد السلطة في عدن ؟
يمنيون أخوة يقتتلون من أجل عدن ، ويسقطون فيها ، كيف دُفع بهم الى هذا القتال ؟ ومن وراء صناعة العداوة بين هؤلاء الأخوة ؟ وما هي الكذبة التي صدقتموها أيها الاشقاء في الدين والعروبة والجوار ، حتى تدفعوا من أجلها ثمن حياتكم ؟
دماؤكم أيها الأشقاء محرمة ، فكيف تم استباحتها بهذه السذاجة ؟
حرام حرام حرام ما جرى في عدن مؤخرا خاصة ، وما يجري في اليمن عامة ، من قتل وتدمير وتشريد ومجاعة ومرض .. إلخ فالحرب فيها ، قد خرجت من مسارات أية شرعية يمكن التحجج بها ، وعدن نموذجا .
والحرب التي فجرها الحوثيون ، وفجر معاناتها التدخل الإقليمي ، قد أدت الى ارتفاع نسبة الفقر في اليمن إلى (85 % ) من اجمالي عدد السكان البالغ عددهم (4، 27) مليون نسمة ، ولدينا من زاوية مشهدنا الجغرافي في محافظة ظفار ، الرؤية واضحة وكاشفة لحجم معاناة الأشقاء بحكم الجوار ، ومن حق الجار علينا ، ما تفعله حكومتنا ومجتمعنا العماني ، من فتح أبواب العلاج لهم ، وتقديم مختلف المساعدات الإنسانية ، درجة إحساسنا بهم مرتفعة ، وأكثر من غيرنا ، من هنا ، يأتي تعاطفنا الإنساني مع الأزمة اليمنية ، بعيدا عن السياسة ، وفرقائها .
ماذا بعد السيطرة الإقليمية على عدن ؟
هذا هو التساؤل الذي يكشف النوايا ، ويظهرها إلى فوق السطح ، جلية ، واضحة ، لا لبس فيها ، ولا تأويل ، ولا تفسير ، فعدن الآن في عهدة السيطرة الإقليمية المباشرة ، جوها وبرها ومياهها ، لذلك ، ينبغي أن تكون عدن ، تعكس النوايا الإقليمية الصادقة في حربها في اليمن، ينبغي أن تكون عدن آمنة ومستقرة ، تغبطها كل المدن اليمنية ، وتتمنى أن تكون مثلها ، من حيث توفير كل الخدمات الأساسية من كهرباء وماء صالح للشرب ، وتعليم ، وصحة ، وفرص عمل.. فرسالة التحول في عدن ، ستكون أبلغ من عمليات قصف الطيران ، ومن إطلاق المدفعية .. لأن رسالة التنمية الشاملة ، هي كفيلة بإنهاء الصراع في كل بقاع اليمن ، وهي كفيلة بوضع حد لكل الحماقات التي لا تريد لليمن الجغرافيا ، ولليمنيين الإنسانية خيرا .
غير أن هذا لم يحدث حتى الآن ، بل العكس النفسيات الديموغرافية اليمنية ، تتأزم ، وتستدعي الان المقارنات بين الاحتلالين ، أيهما تكون فيه ، حياتها آمنة ، هل في عهد الحوثيين – المحتلين – أم عهد الإقليميين – المحررين – ؟.
الأمل :
قلوبنا تتقطع من أجلك يا جارنا وشقيقنا ، وإحساسنا بكل معاناتك ، تجعلنا نفتح قلوبنا قبل بلادنا ، للتخفيف منها ، وتدعونا دعاء الله عز وجل ، أن يسخر لك من يرسم البهجة على ملامح وشفاه (27،4) مليون من أبنائك ، وأن يضع حدا نهائيا لنكابتك المتوالية ، فهل آن الأوان للحرب أن تخجل من سقوط دماء الأبرياء ، وموت المواطنين بالقصف والتدمير والجوع والأمراض ؟ أعان الله .. اليمن الشقيق.
د. عبدالله باحجاج
لن أنسى ، ولن أتناسى ، صور ومقاطع فيديو وصلتنا أثناء حرب الأخوة والحلفاء على عدن ، من إحدى الشخصيات البارزة في تعز اليمنية، وهو له موقع متقدم في التفاعلات العسكرية في هذه المدينة التي تبتعد عن عدن أكثر من ساعة ، يظهر فيها جنود يمنيون ممددين على الأرض ، وقد قتلوا على أيدي أخوة لهم ، وآخرون يُلقى بهم من السيارات فوق زملائهم على الأرض ، بعضهم ينتمون لقوات التحالف ، وآخرون لقوات الحزام اليمني ، وفريق ثالث يطلقون على أنفسهم الانفصاليين .
مشاهد الضحايا ملقاة فوق بعضها البعض ، والدماء تنزف منها ، وجميعهم من فئة الشباب ، وكلهم كانوا يحاربون قوات الحوثيين ، وقد تحولوا إلى محاربة بعضهم البعض بعد جنوح السياسة الإقليمية ، تجعلنا نصرخ بصوت عال: من يرسم البهجة على ملامح وشفاه 27،4 مليون نسمة ؟
أية قلوب تتحمل رؤية مثل هذه المشاهد ؟ وأية إنسانية تقف وراءها ؟ فما ذنب شباب اليمن ، يدفعون ثمن الخلافات السياسية ؟ فكيف نقبل استباحة دمائهم ، وهي محرمة شرعا وإنسانيا ؟
العجيب العجاب ، الذي يندى له الجبين ، ويتقطع له الضمير ، أن تلكم الضحايا ، جميعهم يمنيون ، وذات صلات قربى ، شطرتهم السياسية الإقليمية ، وحولتهم الى أدوات نيابة عنها ، وأصبحوا متوزعين على تلك التشكيلات المسلحة ، ويحاربون بعضهم البعض ، ويسقطون برصاص ونيران بعضهم البعض ، من أجل أجندة إقليمية ، فأين المصلحة اليمنية العليا ؟
عدن والصراع الدموي .
ليس سببه تحرير عدن من الحوثيين ، فقد حررها التحالف ، وسلمها لقوات الشرعية المتمثلة في الرئيس هادي ، وإنما سببه ، تفجر حالة جنون وراء اعتلاء جواد السلطة في عدن بين تلكم التشكيلات المسلحة التي تنتمي للتحالف ، وبدعم كبير من قبل فاعلين أساسيين في التحالف .
شهدنا يوم الأحد 28 من يناير 2018 ، صراعا دمويا متوحشا ، استخدم فيه كل أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة ، من أجل الاستفراد بجواد السلطة ، ويكون الضحية دائما الشعب اليمني ، فدماؤه كانت مطية للسلطويين ، والآن وسيلة لتحقيق أجندة السياسة الإقليمية .
مما يتضح لنا المشهد اليمني الآن ، مقسما بين الحوثيين في صنعاء ، والتحالف العربي في عدن ، وهذا التشطير للجغرافيا اليمنية ، وبصورة الانفجار المفاجئ ، قد تزامن مع تعيين مبعوث دولي جديد للأزمة اليمنية ، بريطاني الجنسية ، في الوقت الذي تتحرك فيه لندن لحل الأزمة سلميا ، ونجاح دبلوماسيتها في اختراق عواصم إقليمية مؤثرة في الأزمة ، كطهران والرياض ، فهل كان الهدف من الصراع الدموي المتوحش في عدن ، التأثير على الجهود السلمية الراهنة ؟
توقيت الانفجار في عدن ، ووحشيته اللإنسانية ، وتحويل الأخوة إلى أعداء ، بعد ما كانوا في صف واحد ، وخندق واحد ، لقتال عدو واحد ، ليس له من تفسير أو تأويل سوى التسليم بما قلناه سالف الذكر ، خاصة بعد تصريح المبعوث الدولي الجديد في الأزمة اليمنية بعيد زيارته لصنعاء ، بأن الحوثيين قوة لا يستهان بها ، ولا يمكن إقصاؤها ، ولا تحييدها .
تساؤلات من أجل التاريخ .
من المسؤول أمام الله عز وجل ، عن الدماء البريئة ، المغرر بها بسبب ظروف فقرها المدقع ، وجهلها المزمن ؟ ماذا سنقول عندما نسأل عن مبرراتنا لهذه الجرائم التي لا صلة لها بالتحرير وإنما تدخل في جرائم القتل والتدمير ، من أجل الاستفراد بجواد السلطة في عدن ؟
يمنيون أخوة يقتتلون من أجل عدن ، ويسقطون فيها ، كيف دُفع بهم الى هذا القتال ؟ ومن وراء صناعة العداوة بين هؤلاء الأخوة ؟ وما هي الكذبة التي صدقتموها أيها الاشقاء في الدين والعروبة والجوار ، حتى تدفعوا من أجلها ثمن حياتكم ؟
دماؤكم أيها الأشقاء محرمة ، فكيف تم استباحتها بهذه السذاجة ؟
حرام حرام حرام ما جرى في عدن مؤخرا خاصة ، وما يجري في اليمن عامة ، من قتل وتدمير وتشريد ومجاعة ومرض .. إلخ فالحرب فيها ، قد خرجت من مسارات أية شرعية يمكن التحجج بها ، وعدن نموذجا .
والحرب التي فجرها الحوثيون ، وفجر معاناتها التدخل الإقليمي ، قد أدت الى ارتفاع نسبة الفقر في اليمن إلى (85 % ) من اجمالي عدد السكان البالغ عددهم (4، 27) مليون نسمة ، ولدينا من زاوية مشهدنا الجغرافي في محافظة ظفار ، الرؤية واضحة وكاشفة لحجم معاناة الأشقاء بحكم الجوار ، ومن حق الجار علينا ، ما تفعله حكومتنا ومجتمعنا العماني ، من فتح أبواب العلاج لهم ، وتقديم مختلف المساعدات الإنسانية ، درجة إحساسنا بهم مرتفعة ، وأكثر من غيرنا ، من هنا ، يأتي تعاطفنا الإنساني مع الأزمة اليمنية ، بعيدا عن السياسة ، وفرقائها .
ماذا بعد السيطرة الإقليمية على عدن ؟
هذا هو التساؤل الذي يكشف النوايا ، ويظهرها إلى فوق السطح ، جلية ، واضحة ، لا لبس فيها ، ولا تأويل ، ولا تفسير ، فعدن الآن في عهدة السيطرة الإقليمية المباشرة ، جوها وبرها ومياهها ، لذلك ، ينبغي أن تكون عدن ، تعكس النوايا الإقليمية الصادقة في حربها في اليمن، ينبغي أن تكون عدن آمنة ومستقرة ، تغبطها كل المدن اليمنية ، وتتمنى أن تكون مثلها ، من حيث توفير كل الخدمات الأساسية من كهرباء وماء صالح للشرب ، وتعليم ، وصحة ، وفرص عمل.. فرسالة التحول في عدن ، ستكون أبلغ من عمليات قصف الطيران ، ومن إطلاق المدفعية .. لأن رسالة التنمية الشاملة ، هي كفيلة بإنهاء الصراع في كل بقاع اليمن ، وهي كفيلة بوضع حد لكل الحماقات التي لا تريد لليمن الجغرافيا ، ولليمنيين الإنسانية خيرا .
غير أن هذا لم يحدث حتى الآن ، بل العكس النفسيات الديموغرافية اليمنية ، تتأزم ، وتستدعي الان المقارنات بين الاحتلالين ، أيهما تكون فيه ، حياتها آمنة ، هل في عهد الحوثيين – المحتلين – أم عهد الإقليميين – المحررين – ؟.
الأمل :
قلوبنا تتقطع من أجلك يا جارنا وشقيقنا ، وإحساسنا بكل معاناتك ، تجعلنا نفتح قلوبنا قبل بلادنا ، للتخفيف منها ، وتدعونا دعاء الله عز وجل ، أن يسخر لك من يرسم البهجة على ملامح وشفاه (27،4) مليون من أبنائك ، وأن يضع حدا نهائيا لنكابتك المتوالية ، فهل آن الأوان للحرب أن تخجل من سقوط دماء الأبرياء ، وموت المواطنين بالقصف والتدمير والجوع والأمراض ؟ أعان الله .. اليمن الشقيق.