المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شجرة كمثرى



memet bro
19-04-2018, 03:01 PM
قصة قصيرة (https://www.stories26.com)
في 2 حزيران 2029
بشموخ كانت تقف في زاوية الحديقة، شجرة كمثرى كثيفة الأوراق ويانعة الثمار. كانت بقايا أشعة الشمس التي تكاد أن تغرب تتخلل أوراقها، وتنكسر على ثمارها فيطغى انعكاسها البرتقالي على لون الثمر الاخضر المصفر.
كنت وحفيدي في الحديقة نمضى ما تبقى من نهار ذلك اليوم الصيفي. بيدٍ أمسكت يد حفيدي، وبيدي الأخرى قطفت له حبة كمثرى بعد أن جالت عيني تبحث عن أكثرها نضجاً. أمسك. قلت له وناولته الثمرة. وقلت: هذه مستويّة. أمسك أحمد حبة الكمثرى بيده الصغيرة، وابتسم متأملاً الثمرة، ثم قال مؤكداً ومطمئناً: مستويّة، جدي.
مسحت على رأسه، وقلت: رحم الله جد أبيك ، فهو من غرس لتأكل. لم أكمل جملتي حتى هبّت نسمة هواء غربية ، عبثت بغطاء رأسي وكشفت آثار ما تبقى من شعر شائب. حملتني هذه النسمة وتلك البسمة لأكثر من نصف قرن للوراء. أعادتني لمساء خريفي تحوطه الغيوم والريح ساعدت فيه أبي بغرس هذه الشجرة ..... وهذه الشجرة ككل شىء في حديقة البيت لها قصتها. وقصة هذه الشجرة مثال على الصمود والتحدي والاصرار على الحياة. فقبل أن تكمل شهرها الأول التهمت ماعز الجيران كل أخضر بها وتركتها ساقاً بلا ورق. ومع ذلك فقد أنبتت ورقاً وأفرعاً جديدة وعاشت. ولم يمض عام أو عامان حتى تعرضت لحادث آخر. هذه المرة كسرت سكة المحراث ساقها، وكادت تقطعه، وتركتها معلقة باللحاء فقط. لم يتركها الحرّاث - أبو خالد، رحمه الله - إلا وقد جبّر ساقها بعصا وربط عليها بحنو. ونجحت الجبيرة، وعاشت شجرة الكمثرى. ترك الحادث عقدة في ساق الشجرة لا تزال ماثلةً حتى اليوم، تكبر مع شموخها. تلمست العقدة في ساق الشجرة وتذكرت ما تعرض له أهل غزة يوماً قبل سنين من قتل وتدمير. رفعت رأسي أتأمل شموخها فتذكرت انتصارهم.
مضى بعض وقت ثم التفت لحفيدي وقلت: هيا ندخل للبيت .. وقبل أن نقفل راجعين أمسكت ساق الشجرة وهززته، كأنني أصافح من زرعها ، فهبّت نسمة هواء هزّت أوراق الشجرة حتى انحنى فرع منها ومسحت أوراقه وجهي بحنو. إبتسمت وهمست في سري: وعليك السلام والرحمة يا أبي

seajie
19-04-2018, 05:34 PM
كل شيء يذكرك بشيء .. الكمثرى ذكرت الشخصيه بأبيها .. اسلوب روائي وسرد مميز جعلني اعيد النظر في اسلوبي

نوارة الكون
23-04-2018, 07:54 AM
يسلمو ع الطرح
انتقاء جميل وتواجد اجمل