المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [ قـصـة منـقـولـة ] وذلك أضعف الإيمان



حنااايا..الروح
27-06-2018, 11:22 AM
ابتسامة الرضا علت وجهي وانعكست على وجه مصففة الشعر التي تقف خلفي وتطالع ردة فعلي المبتهجة في المرآة ... قلت لها " سلمت يداك ... تصفيفة شعر ولااروع ..." ردت وقد لاح على وجهها الفخر " اهلا بك في اي وقت ..."



ارتديت حجابي على مهل حتى لاافسد ما اجادت عمله المصففة وقضت فيه ما يقارب الساعتين !!



خرجنا انا وجارتي نتضاحك وقد اعتلى وجهيّنا خلو البال .... كانت شمس الظهيرة في يومٍ صيفي كهذا ازعاج شديد بالنسبة لنا لامفر من التذمر منه ونحن نقطع بضعة امتار حتى نصل سيارة جارتي المركونة على جانب الشارع ...



كومة بشرية تتلحف بعباءة سوداء مغبرة جذبت نظري .. بدى واضحا انها امرأة وقد جلست القرفصاء على ارضية الرصيف اللاهبة بينما بائع يقف على بعد خطوتين منها وقد اتخذ من باب محله المفتوح مسندا لكتفه وهو يدخن بتلذذ ويتطلع اليها بلااهتمام ...



لم اتبين ما تفعله بالضبط حتى وصلت اليها يدفعني الفضول ... كنت على بعد متر واحد تقريبا عندما رفعت اناملي لانفي في حركة اشمئزاز من الرائحة العفنة التي تصدر قريبا من المرأة او ربما منها هي شخصيا !.. ليتحول شعوري الى احساس مؤكد بالغثيان !! ولم يكن شعوري هذا مصدره اقترابي من مصدر الرائحة فقط ولكن لاني اكتشفت ان مصدر الرائحة هو كيسين متهالكين يحويان على ما يظهر منهما بقايا طعام ... والمرأة فتحت احداهما وتقلب فيه عسى ان تجد ضالة لم استوعبها !!



لم اسمع صوت جارتي التي اخذت تناديني بتذمر بينما عيناي تجمدتا على يد المرأة التي تشير لعجز السنين التي تحمل كاهلها ... لم اشعر بنفسي الا وانا اقول بحدة لم اكن اعنيها هي شخصيا بها " ماذا تفعلين ؟!!" اجفلت المرأة وهي تستدير لتتطلع نحو الاعلى لوجهي ... يدها التي كانت منذ قليل تفتش بين بقايا الطعام انسحبت سريعا لتضمها لصدرها بينما اطرقت براسها للاسفل تتوارى خلف طرف عباءتها .. ولكن... ليس قبل ان التقط وجهها بتغضناته البائسة ... ذلك الوجه الذي يوحي ان صاحبته قد تعدت السبعينات حمل من القهر والانكسار والذل ما لم اره في حياتي كلها ... صوتها جاء محملا بالخزي وهي تهمس " احفادي جائعين .." قلت بغضب لم افهم مصدره " انه طعام عفن .. سيتسمم احفادك .." ردت بنفس الهمس " وقد يعيشوا ... "



لااعلم كيف سقطت تلك الدمعة مني وانا اقول بحدة متزايدة " ابتعدي عن هذه الاكياس ... خذي هذا المال واشتري طعاما نظيفا لاحفادك " كنت ابحث عن محفظتي داخل حقيبتي وانا اقول هذه الكلمات وعندما وجدتها فتحتها وسحبت كل ما فيها من اوراق مالية وقدمتها للعجوز ... هالني ان اراها تنظر الي وعيناها دامعتان بانكسار اكبر!! بينما يدها ما زالت مضمومة لصدرها ... اوشكت ان اجهش بالبكاء وانا اقول بتوسل " ارجوك ..خذيها يا خالة ... خذيها واشتري طعاماً لاحفادك .."



يدها كانت ترتعش دون ان تفارق مكانها على صدرها فلم اجد بدا من الانحناء اليها لاضع المال في يدها واغلقت اناملها على الاوراق باحكام وضغطت عليها بكلتي يديّ وانا اقول باختناق " ليتني استطيع فعل المزيد .." ردت بتحشرج وقد سكن عينيها حزن مرير " ربما تستطيعين .. عندما ترين بقايا طعاما على قارعة الطريق ضعيه في الظل حتى لايفسد سريعا بتأثير حرارة الشمس ... فربما تنفع انسانا جائعا يمر بها ... وذلك... اضعف الايمان ..."



ومرت الايام ... والمرأة لاتفارق خيالي ... بل وبعد مرور سنوات ما زلت اذكرها كلما تصدقت بمال او طعام للفقراء ... لن اقول اني لم اكن اتصدق قبل رؤيتي لها ولكنها جعلتني استشعر عن قرب شديد ذلك الاحساس المؤلم بالذل وامتهان الكرامة ...



وكلما وجدت فضلات طعام في الشارع نحيتها الى الظل وانا اردد " وذلك اضعف الايمان ..."

نوارة الكون
27-06-2018, 12:06 PM
لاحول ولاقوة الى بالله
قصه مؤلمه
سلمت يمناك اخي
دمتي في حفظ الرحمن

نديم الماضي
28-06-2018, 11:01 AM
هلا فيك حنااايا الروح قصه رائعه
ومفيده ومعبره
يعطيك العافيه

شموس الحق
28-06-2018, 02:40 PM
حنايا الروح ... اعذريني اتساءل كم دفعت المراة لصالون التجميل لا اتوقع اقل عن 25 ريال ...باعتقادي ان لو كل النساء يوفرن ما ينفقنه في الكوافير لما كان هناك جائع في الشارع ..اكرر اعتذاري لاني احس هناك ربط بين الكوافير والعجوز ...اشكرك جدا على هذا الطرح المفيد ...تحياتي