المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [ قـصـة منـقـولـة ] «يا أمة ضحكت من جهلها الأمم»



صدى صوت
31-07-2018, 12:19 PM


وفد الشاعر الشهير «المتنبى» إلى مصر أيام كافور الإخشيدى عام 354 هـ. وكافور كان عبداً من خدم أسرة الإخشيدى تمكن فى لحظة زمنية فارقة من اعتلاء ظهر الحكم، واشتهر بعلاقته بواحد من أشهر وأشعر شعراء العربية، وهو أبوالطيب المتنبى. ومثله مثل شعراء عصره، جعل «المتنبى» من مدح الملوك والأمراء أداة للتكسب، فقد كان الشعراء فى ذلك الحين يماثلون الإعلاميين فى حياتنا المعاصرة، وكان كل حاكم يحرص على أن يكون فى بلاطه شاعر يصدح باسمه ويخلد ذكره ويتحدث عن مآثره بين العالمين. وأحداث التاريخ تحركها دائماً لحظة تتلاقى عندها الرغبات أو الآمال أو الأحلام، ويتيسر فيها اللقاء بين طالب ومطلوب. وقد كان «كافور» يطلب شاعراً، لا يهمه أصل «الممدوح» قدر ما يعنيه ماله، وكان «المتنبى» يبحث عن يد سخية تجزل له العطاء وتمنحه السلطة والنفوذ، خصوصاً خلال الفترات التى ساءت فيها علاقته بـ«سيف الدولة» فى الشام. وقد كان العداء مستعراً بين كافور وسيف الدولة.

كل الظروف كانت تهيّئ الفرصة للقاء بين الشاعر والأمير، ولم يتبقَّ سوى اللحظة التى يجتمع فيها الطالب بالمطلوب، وقد جاءت فى سياق عجيب، تمثل فى زلزال (هزة أرضية) ضرب مصر أيام «كافور». يقول ابن إياس: «وقعت زلزلة عظيمة فى أيامه فخاف الناس، وهربوا إلى الجبال، فدخل محمد بن عاصم الشاعر على كافور وهو فى موكبه فأنشده قصيدة عظيمة منها هذا البيت: ما زلزلت مصر من خوف يراد بها.. لكنها رقصت من عدله طربا. فلما سمع كافور ذلك أجازه على هذه القصيدة بألف دينار. وهذه الجائزة التى هيجت المتنبى حتى دخل إلى مصر ومدح كافور بقصائد سنية». تلك هى اللحظة التى اجتمع فيها الطالب والمطلوب، فكافور كان يبحث عن صوت دعائى له، وكان على استعداد لدفع الكثير مقابل ذلك، و«المتنبى» كان طامعاً فى هذا الكثير، فهرول إلى مصر وبدأ رحلته فى المدح وحصد الدنانير والتمتع بالنفوذ والسلطان. كان كافور بحاجة إلى من يدافع عن قيمته كشخص وكحاكم بغض النظر عن تاريخه الإنسانى كعبد خصىّ وواحد من خدم أسرة الإخشيد، مكنته الظروف فى لحظة من الوثوب على الحكم.

امتدح «المتنبى» كافور فى قصائد عديدة، وبلغ به الأمر أن قال فيه: «قواصد كافور توارك غيره.. ومن قصد البحر استقل السواقيا». وأجزل أبوالمسك -أحد ألقاب كافور- العطاء للمتنبى، لكن نفس الشاعر الطموحة لم ترضَ بما نالت، إذ كانت تحلم بالمزيد. وبمرور الوقت انقلب المتنبى على الإخشيدى، ومقابل ما كتب فيه من قصائد مديح كتب ضده هجاء موجعاً مؤلماً استخدم فيه أقذع الألفاظ، وأكبر وجع اجتهد المتنبى فى الإلحاح عليه تمثل فى تاريخ كافور فى العبودية وخدمة أسرة الإخشيد، وبلغ فى هذا المقام درجة من العنصرية لم يبلغها شاعر من قبله. ولك أن تعلم أن بيت الشعر الذى يقول: «لا تشترِ العبد إلا والعصا معه.. إن العبيد لأنجاس مناكيد» قاله المتنبى فى سب «كافور»، ولم يكتفِ بذلك بل أخذ يشير إلى أصله الوضيع قائلاً: «من علم الأسود المخصى مكرمة.. أقومه البيض أم آباؤه الصيد؟!». وأكمل «المتنبى» حفلة الشتم بسبّ الشعب المصرى جميعه، وتسفيه عقول أبنائه قائلاً: «أغاية الدين أن تحفوا شواربكم.. يا أمة ضحكت من جهلها الأمم»

نديم الماضي
03-08-2018, 10:01 PM
طرح جميل وانتقاء رائع
يعطيك العافيه

نوارة الكون
04-08-2018, 11:48 AM
سلمت يمناك اخوي
انتقاء جميل وتواجد اجمل
دمت في حفظ الرحمن

أميرة الروح
05-08-2018, 10:49 AM
قصة جميلة

بارك الله فيك