المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحوبة.. لعنة الحق الضائع / موضوع حلو (منقول)



Fashion Princesses
05-08-2018, 04:20 PM
مفهوم الحوبة عند العامة في الخليج العربي تعني «لعنة الحق الضائع» أو «العاقبة الأخلاقية»؛ أي أنه إذا ظلم شخص شخصاً آخر ولم ينصفه فإنه إذا ما أصيب بقدر معيّن أو انتكاسة ما نقول عنه (حوبة فلان)، وفي معتقد العامة أن الحوبة قدر لا مفر منه ويقول المثل الشعبي: «الحوبة لو تبطي ما تخطي»، ومفهوم الحوبة قديم لكنه تطور عبر الزمن، فقد كان قديماً يعني الإثم والسبيل الوحيد للتخلص من الحوبة يكون عن طريق التوبة والاستغفار، قال الإمام علي (ع): حُسْنُ التَّوْبَةِ يَمْحُو الْحَوْبَةِ، واشتق من ذلك المثل الشعبي المشهور «التوبة تغسل الحوبة»، ويمكننا تتبع مفهوم «الحوبة» عند العرب من خلال معجم «تاج العروس»؛ إذ جاء في مادة (حوب):

«الحَوْبَةُ: الإِثْم، في التهذيب: رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي واغْسِلْ حَوْبَتِي، قال أَبو عُبيد: حَوْبَتِي يَعْنِي المَأْثَمَ، بِفَتْح الحَاءِ وتُضَمُّ، وهُو من قوله عَزَّ وجَلَّ: «إنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً» قال: وكُلُّ مَأْثَمٍ حُوبٌ وحَوْبٌ، والوَاحِدَةُ حُوبةٌ ... والحَابِ والحَوْبِ ويُضَمُّ، فالحَوْبُ بالفَتْحِ لأَهْلِ الحِجَازِ، والحُوبُ بالضَّمِّ لِتَمِيمٍ، والحَوْبَة: المَرَّةُ الوَاحِدَةُ منه، قال المُخَبَّلُ السَّعْدِيُّ:

فَلاَ تَدْخُلَنَّ الدَّهْرَ قَبْرَكَ حَوْبَةٌ

يَقُومُ بِهَا يَوْماً عَلَيْكَ حَسِيبُ

والحِيبَةُ: مَا يُتَأَثَّمُ منه، قال:

وصُبَّ لَهُ شَوْلٌ مِنَ المَاءِ غَائِرٌ

بِهِ كَفَّ عَنْهُ الحِيبَةَ المُتَحَوِّبُ

وكُلُّ مَأْثَم حُوبٌ وحَوْبٌ، قاله أَبو عبيدٍ: وقَدْ حَابَ بِكَذَا يَحُوبُ: أَثِمَ، حَوْباً ويُضَمُّ، وحَوْبَةً وحِيَابَةً، وفي نسخة: حِيَاباً، وحِيبَةً، وحُبْتُ بِكَذَا: أَثِمْتُ، قال النابغةُ:

صَبْراً بَغِيضُ بنُ رَيْثٍ إنَّهَا رَحِمٌ

حُبْتُمْ بِهَا فَأَناخَتْكُمْ بِجَعْجَاعِ

الحوبة والكارما

البعض يقارب بين مصطلح «الحوبة» وبالمصطلح البوذي «الكارما»، وهناك فرق بين الاثنين، فالحوبة لا تكون إلا عقاباً بسبب إثم ارتكبه الفرد، بينما الكارما يطلق على الأفعال التي يقوم بها الكائن الحي، والعواقب الأخلاقية الناتجة عنها. إن أي عملٍ، خيِّراً كان أو شّراً، وأي كان مصدره، فعل، قول أو مجرد إعمال فكرة، لا بد أن تترتب عنه عواقب، ما دام قد نَتَج عن وعي وإدراك مسبوق، ولا يمكن لكائن من كان أن ينال جزاء لا يستحقه، نظراً إلى أن الكارما تقوم على عدالة شاملة حيث يعمل نظام الكارما وفق قانون أخلاقي طبيعي قائم بذاته وليس (كما في الأديان الأخرى) تحت سلطة الأحكام الإلهية. ويمتد نطاق قانون الكارما إلى حيوات أخرى يولد فيها ليكون ذا مكانة أعلى وحظ أوفر، لو ظل على فضيلته الأولى؛ أما إن عاش حياته عيش الرذيلة، أعيدت ولادته في حياة تالية منبوذاً أو ابن عرس أو كلباً.

أهمية الاعتقاد بالحوبة

تم توظيف مفهوم الحوبة منذ القدم للتقليل من الآثام التي ترتكبها أفراد المجتمع، فكل شخص يعتقد أن ما سيرتكبه من إثم سيعود عليه بالضرر فإنه سيمتنع عن القيام بذلك الإثم، كذلك مفهوم الكارما فقد أوضحت دراسة أجريت في ثمانينيات القرن التاسع عشر في شبه القارة الهندية أن جرائم القتل في أوساط المجتمعات التي تعتقد بالكارما أقل بكثير من باقي المجتمعات (Gordon 199،p.395). وفي الخليج العربي تم توظيف مفهوم الحوبة لحماية عدد من الكائنات الحية.

الحوبة واصطياد «الغيلمة»

كانت الأطفال قديماً تصطاد «الغيلمة» (أي سلحفاة المياه العذبة) وذلك ليتسلون بها، فقد كانت بعض العيون العذبة في مملكة البحرين قديماً تعج بأعداد كبيرة من الغيلمة ولم يكن الأطفال يتورعون عن إيذائها حتى أن بعض الأطفال كانوا يخرجون بعض هذه السلاحف خارج العين ويقومون بتكسير أصدافهن بحجارة على صخرة وقد كان كبار السن يحذر هؤلاء الأطفال ويأمرونهم بالتوقف عن إيذاء السلاحف وذلك خوفاً عليهم من «الحوبة».

ويبدو أن الأجيال القديمة قد طورت طريقة لتحمي بها الغيلمة من سطوة بعض الأطفال التي تؤذيها فابتكرت أسطورة لطيفة تختص بانتقام الغيلمة؛ إذ زعمت العامة أن الغيلمة عندما يتم أذيتها فإنها تتبع من قام بإيذائها للمنزل وتنتظره حتى ينام ثم تنتقم منه وذلك بعضه في مكان حساس، وفي حال قام أحد الأطفال بقتل غيلمة يتم تخويفه بانتقام الغيلمة أو أن يصاب بحوبتها.

ربما يكون سبب تلك الأسطورة هو التخويف لحماية هذه الكائنات أو ربما يكون السبب هو ارتباط الغيلمة بالعيون الطبيعية؛ إذ إن من المعتقدات القديمة في البحرين أن عيون المياه سكن للجن وهناك العديد من القصص على ذلك، وقد ربطت العامة بين الغيلمة والجن حيث اعتبروها من الجن، وهذا ليس بالغريب ففي الغرب، لم يكن المسيحيون الأوائل يحبون السلاحف، وكانوا يرونها كرمز للقوى الشريرة وخاصة في زمن الحروب. وفي اليونان كان يسود الاعتقاد ذات مرة بأن السلاحف هم سكان الجحيم، وتعرف السلحفاة أحياناً بأنها حارسة الأبواب، لذا كان القدماء عند رؤيتها على الشاطئ يعتبرونها بمثابة علامة على اتصالٍ من الجن أو بمثابة بشيرٍ بمكافأة جنية (مجلة جهينة، ع 55، 2009).

ويعتقد البعض أن الغيلمة من الجن وأن أي شخص يمسها بسوء فإنها تنتقم أو أن ذويها سينتقمون لها إلا إذا تم إرضاء الغيلمة وذلك بتقديم غذاء خاص لها، وعادة ما يسمى غذاء الجن «عذرة»، وقد يكون هذا الاسم مشتق من الاعتذار أي أنه الغذاء الذي يقدم كهدية لطلب المعذرة، فهذه العذرة تعتبر فدية الغيلمة التي قتلت أو تم إيذاؤها، ومما يروى من القصص أنه بعد أن يتم قتل غيلمة فإنه بعد ساعات ستأتي غيلمة تطالب بالفدية فيقومون بتحضير معجون من التمر ويثبت على ظهر الغيلمة على شكل حلقه ويوضع وسطه زيت وسكر حينها تبدأ الغيلمة بالدوران البطيئ كعادتها والاتجاه نحو الطريق التي جاءت منها وهنا أيضاً يجب الحذر فيجب عدم تتبع الغيلمة أو السير خلفها لأنها قد تضر من يتتبعها.

حوبة «طائر القارور»

طائر القارور في الجزيرة العربية هو طير الوروار أو آكل النحل أو ما يعرف عند العامة في البحرين باسم الصقرقع، وقد زعمت العامة في الجزيرة العربية أن من يصطاد هذا الطائر يصاب بحوبة وقد يصاب بالعمى، وقالوا في أمثالهم:

يا صايد القارور لا تامن العمى

ولا تامن الفقر المقيم سنين

وقد أوضح محمد اليوسفي (اليوسفي 2010) هذه الأسطورة في مقال له جاء فيه:

«أما معنى بيت الشعر السابق فلا يخرج عن مزاعم شعبية، منها أن الكبار كانوا يحذرون الصغار من صيد الطيور المحلية خلال فترة التفريخ في أواخر فصل الشتاء وأوائل فصل الربيع، فالصياد ربما قتل أمّاً ترعى صغارها فتلحقه - على حد زعمهم - العقوبة (وحوبة الفروخ) إما بكسر رجله أو إصابته بالعمى. ولعل التحذير من صيد القارور نشأ في بيئة البدو الذين كانوا يسمونه (طير المطر) ويتفاءلون بمشاهدة أسرابه (المهاجرة) محلقة حولهم لأن قدومها في رحلتي الهجرة والعودة يتزامن مع بدايات هطول أمطار الوسم وأمطار الربيع

ابوقيس99
07-08-2018, 11:19 AM
شكرا استاذه فانشين على هذه التوليفه
الجميلة والرايعه
طرح يستحق النجوم

أميرة الروح
07-08-2018, 12:19 PM
طرح جميل

بارك الله فيك

Fashion Princesses
12-08-2018, 10:51 AM
بارك الله فيكم أعزائي .. شكرا لمروركم من هنا