المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل تدرون من أنتم؟



سهل الباطن
20-10-2018, 11:32 AM
هل تدرون من أنتم؟

عبدالله الشيدي

4/4/2016م



من أنتم؟ أخبروني عن أنفسكم؟ أخبروني عن منجزاتكم؟ احكوا لي عن شيءٍ لكم غير تاريخكم، لقد مللنا تكرار الجُمل، سئمنا فعلاً قصص راكبي الجمل، وأيست عقولنا من سقوط مناةٍ وعزى وهُبل، لأننا لا نزال نركنُ إليها في جدّنا والهزل، ونمجدّها حتى امتطت صهواتنا نحنُ الجامحون بلا وجل، فانتفضنا وثرنا، ولكن سرعان ما خرنا واستسلمنا لذلك الأمر الجلل، هؤلاء أنتم أمةٌ تحيا في جهل!

لا تزالُ حبال ذلك الحديث الدائر مع أحد أعمدة القبيلة متصلةً منذُ يومين، ولم أعتد حقيقةً التهجم على فكرٍ أو عمقٍ وجدانيٍ يحمل طابع الثقافة من قريبٍ أو بعيدٍ، لكن سيكون الحالُ مغايراً هذه المرة، وليس ذلك لأنني أبدلتُ عباءتي، واستنكرت لمبدأي مطلقاً، ولكنه آخر الدواء، وأمل الشفاء، لـ(غباء) أو (هراء) الكِبَرُ الذي عليه هؤلاء. ولو تخلّص الناسُ من كِبرِهِم لما احتاجَ الأنبياءُ كثيرَ عناءٍ ليصلوا مع قومهم إلى كلمةٍ سواء.

وأطرح عليكم سؤال المناظرة التي دارت بيننا (هل تجوز الصلاة بالجلابية؟) أو جلابية النوم كما يحلو للعمانيين تسميتها وهم الوحيدون في ذلك لأني لم أسمعها من أحدٍ غيرهم، وليس هذا محورنا اليوم، ولنعُد للسؤال... أعلمُ أن ثوراتٍ وعواصفاً تدورُ الآن في خلدِكم وقد أدلى كلٌ منكم بدلوه، ومعظم الأجوبة ستاتي بـ(لا) حتمية دون أن تعطيك سبباً وجيهاً، وربما أغلظ بعضكم القول كما حدث مع (عمود القبيلة) فأنهالَ بوابلٍ من الصفات السيئة على فاعلها، أحسستُ معها بأنني اقتربت من الكفر أو الزندقة.

وسنأتي للقصة البالية التي تتكرر دائماً، لو كنتَ ستقابل الوزير فماذا ستلبسُ له؟ هل تستطيع أن تذهب لمقر عملك بتلك الصورة؟ هل ....؟ وهل...؟ ولكن لم يلحظ أحدٌ منهم بأني أسأله عن الحكم الشرعي (الستر)، بينما غلب على إجاباتهم الحكم (العرفي أو المجتمعي) والكبرياء المتعجرفة، وجميع ما يتنافى والبساطة الإنسانية والفطرة المحمدية التي جاء بها خيرُ الخلقِ صلواتُ الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه. وسأبدأ حواري في ركائز ثلاث هي:

خذوا زينتكم:

وهي أكثر ما يراوغ فيه الجاهلون من أمثال (عمود القبيلة) فالزينةُ في صورتها العامة تعني المنظر الحسن، هندامٌ نظيف ومنظرٌ لطيف، ولم يربطهُ الرسولُ صلى الله عليه وسلم بنوعٍ من الملابس ولا بشكلٍ معينٍ وهذا من الرحمة التي جاء بها عليه صلواتُ ربي وسلامه عليه من مبدأ التيسير على العباد، وما يروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه رأى رجُلاً عليه ثيابٌ وسخةٌ فقال: ألم يجد هذا ما يغسل به ثوبه؟ ورأى آخر أشعثَ الشعر فقال صلى الله عليه وسلم: ألم يجد هذا ما يمشط به شعره؟ فهل دار الحديث عن نوع الملبس أم صفته؟ وهل كان القياس على الرجل أم هندامه؟ وما هو الأفضل الصلاة بدشداشة وسخة ولحيةٍ متناثرةٍ؟ أم بجلابية نظيفة وشعرٍ مرتب؟ والقياس لكم.

بين عمان وخارجها:

نقطتي الثانية كانت عبر الحوار العقلاني المنطقي، فسألتُ (عمود القبيلة) سؤالاً أعتبره مفصلياً في الموضوع مثار النقاش وكان السؤال هو: عندما تسافر للخارج هل تلبس اللباس العماني؟ قال: لا. فقلتُ: لماذا؟ أليس هذا هو لباس هويتك؟ قال نعم، ولكن العرف في تلك البلد يحتّم عليك لبس لباسهم. قلتُ سبحان الله وهل أجبروك على ذلك وهم سادة الديموقراطية؟ قال لا، ولكنني لا أتخيلُ نفسي بهذا اللباس في وسط ذلك العالم، فقلتُ له إذاً أنت تخجل من لباسك الذي تقابل به ربك في بلدك لتغيرّه في بلد غيرك، فهل تغيّر الإله؟!

وما أمهلته حتى رميته بسؤالٍ مباغتٍ أخير، هل تعتبر تغيير لبسك احتراماً للبلد الذي تزوره؟ قال: نعم. فقلتُ له ولماذا لا يُغيرون هم ملابسهم عندما يزوروننا؟ هل لأنهم لا يحترموننا؟ أم لأنهم محافظون على هويتهم؟ والجوابُ طبعاً لأنهم محافظون على هويتهم، وأنا أقول له جوابك خطأ، فهم يلبسون على سجيتهم وفطرتهم ولا ينافقون ويجاملون أو يتملقون ويتصنّعون كما نفعلُ نحن؟

حتى العمالة الآسيوية التي تقدم إلينا للعمل في الأعمال الصغيرة لا تغيّر من ثقافتها وتجبرنا على احترامها كما هي، وتمارس طقوسها الثقافية في الملبس كما تشاء وهي بعيدة عن مواطنها بكينونتها وليس بهويتها.

إذاً تعالوا نكتشف الخلل ومكمنه، فمن هم دوننا، ومن هم عالينا محافظون على سجيتهم وفطرتهم، فلماذا نتصنّعُ نحنُ فقط؟

وهذا هو مكمن الخلل، الخللُ في عقولنا، فمن يستحقر نفسه لا ينتظر من الناس أن يحترموه، فنحنُ لا نُعطي أنفسنا للأسف الشديد القدر الذي تستحقّه، ولا نعيشُ هويّتنا إلا بيننا، وسرعان ما نتملّصُ منها، ونرميها كطفلِ خطيئةٍ في أقرب صالة مغادرةٍ



أأنتم أعلم أم الله:

وهذه النقطة هي الضربة القاضية التي سحقتُ بها (عمود القبيلة)، واستحضرتُ فيها النقطتين السابقتين في سؤالٍ مباشرٍ فسألتُ: أنا الآن في بلدٍ خارجيٍ وألبس لباسهم وحضرت الصلاةُ وكنتُ أمرُّ بجانب مسجدٍ وبيتي بعيدٌ فهل أدخلُ لأصلي؟ أم أذهبُ لتغيير ملابسي التي لا تحملُ هويتي العمانية؟ طبعاً الجوابُ هو تدخلُ المسجدَ طبعاً لتصلي! إذا لم يعُد نوع الملبس مهمٌ فسقط حكمه (العرفي والمجتمعي)، وبقي حكمه الإلهي (الستر والزينة).

فلنعدِ الآن للداخل عزيزي (عمود القبيلة) وندخلُ المسجدَ العمانيّ سويةً، ما هذا؟ هنالك رجلٌ يلبسُ دشداشةً ملونةً؟ طيب... لكن لا يُسمح لك بمقابلة الوزير بهذه الدشداشة، فكيف بك وأنتَ تقابلُ ربك؟

أنظر يا (عمود القبيلة)... أين؟ هناك في طرف المسجد؟ ماذا؟ رجلٌ لا يرتدي عمامة، وآخرُ جاء بدون الكمة، ولا يُسمحُ لك بمقابلة الوزير بهكذا هيئة؟ فكيف بك وأنت تقابل ربّ الوزير؟!

ثم يا (عمود القبيلة) لماذا لا يفصلون المساجد على حسب الملابس؟ فكيف يصلي الأسيوي بوزاره وبنطاله، والمصري والمغاربي بجلابيته (النومية) إلى جانب العماني بدشداشته (الهوية)؟ وكيف سيتقبل الله منهم جميعاً ذات الصلاة بملابس مختلفة؟

لكن هل طلب الله منك صراحةً أن تأتيه بدشداشتك العمانية التي تمثل هويتك؟ ولماذا يُسقطها عنك في أعزّ مكان عليه في أرضه؟ حرمه الحرام وكعبته الشريفة؟ ولماذا جرّدكم جميعاً من اختلافاتكم الثقافية في الملبس ووحدكم على بساطته في إحرامٍ من قطعتين بريالاتٍ لا تتعدى الخمسة بمفهوم هويتك العمانية وجعله عليك واجباً لتمام حجك وعمرتك؟ أليس ليجرّدك من مباهر الدنيا ومباهجها ويعلمك بأنك وجميع خلقه عنده بنفس المقام ولا يرتقي أحدكم عنده إلا بتقواه؟

إذاً ما يرفعك هو التقوى، وهذه لن تستطيع يا (عمود القبيلة) أن تُلبسها ما شئت، فهي قابعةٌ خلف الحنايا ولربما رفع الله بها فقيرٌ، وهوى بها بأصحاب الدنانير.

يا أيها الملأ أفتوني في أمري فالشكُ بدأ يساورني فهل تدرون من أنتم؟

ابوقيس99
21-10-2018, 12:17 PM
منذو اسبوع وانا موجود في ايران ولبسي كله دشداشه ومصر ولكن اجبروني الشحاتين والمتسولون البس بنطال طبعا بالليل فقط
اما الصباح والعصر لايوجد متسولون
نعم الايرانيين كانو يرحبون بنا ترحيب اجلال
حين يرون بلباسنا العماني ويقولو انتم اجمل بالباس العماني
الله سبحانه وتعالى قال خذو زينتكم عند كل مسجد الصلاة بلباس نظيف وشعر مهذب ورايحة
العطر تفوح منك افضل رايحة النتنه
طرح يستحق النجوم يا استاذي

الغالي المستبد
10-11-2018, 10:00 PM
بارك الله فيك أخي سهل

أم سعاد
11-11-2018, 08:37 AM
شكرا لك طرح موفق

الغالي المستبد
17-11-2018, 11:15 PM
بورك اليراع

Fashion Princesses
18-11-2018, 05:13 PM
حبيت المقال كثير،، لله دره

تحليل رائع