المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : راحوا الطيبين



سهل الباطن
22-10-2018, 09:12 AM
راحوا الطيبين؟!

عبدالله الشيدي

17/9/2014م



أزمةٌ كبيرةٌ تلك التي نعيشها في هذه الأيام، فلم يعد يكفي الإنسان منا مجرّد العيش، بل سعى ليعيش أحسن وأرفع وأجل مما يستطيع، فتباهى بالقصور التي لا يملك، والسيارات التي لا يستعمل أو لا يريد أصلاً، وزرع في أولاده أنك يجب أن تكون أحسن من فلان إبن جاره، فزجّ به في المدارس الخاصة، وتغنّى بمنصبٍ جديدٍ ربما لن يعمّر فيه طويلاً. ولم يعِ الإنسان بعد بأنه يغير جلده للأسف الشديد.

كان نفس الإنسان هذا يعيش في منزل بطابقٍ واحدٍ وثلاث غرف يحوي على ثلاث أسر، وكان المكان واسعاً جداً لإستقبال الضيوف، بل وحتى مبيتهم، وقد تعلم في مدارسٍ غابت عنها حتى أبسط مظاهر الحضارة ومن منا لا يتذكر الكرسي ثلاثي المقاعد؟!!، والسيارة الوحيدة التي كانت تخدم الحي من فئة " البيك-أب" ولا أخفيكم سراً عن الجمال الذي كنا نراه في "الكريل" أو القمرة الخلفية لتلك السيارة حتى أننا كنّا نأبى الجلوس على المقاعد المخملية لرتابتها ومللها، بل كان الجالس عليها يُعتبر في شرعنا معاقباً ذلك اليوم. وكان ذلك الإنسان أسعد ما يكون على رغم بساطته، فكانت قناعته تسبي إليه جميع ملذات الحياة دون أن يكون له نصيبٌ في تذوّقها.

والعجبُ كلّ العجب في التحول الرأسمالي الذي قلب الموازين رأساً على عقب، فبالرغم من أن الإنسان لا يزال هو نفس الإنسان، إلا أنه راح ليسكن قصراً غلب على أروقته الظلام لأنها لا تجد من يعبرها، فالقصر بغرفه الفارهة المتعددة يسكنه شخصين وطفلين وخادمة، وبقيّة الغرف تسمع لأبوابها صريراً بسبب الصدأ الذي تراكم على سانداتها، ويرجع الإنسان ليقول لك بأنه يحس بأن البيت ضيق ؟!! وأنه يبحث عن مقاول لزيادة الطابق الثاني!!؟ وأن سيارته الحالية لا تكفي إحتياجاته ويبحث عن سيارة عائلية بسبعة مقاعد، لتحمل من عليها يا صديقي!!؟؟ ولم تعد المدرسة الحكومية تنفع لتعليم إبني الذي سيذهب للمدرسة للمرة الأولى، ولقد سمعت عن مدرسة خاصة أفتتحت حديثاً ثنائية اللغة صحيح أنها غالية قليلاً لكن كل ذلك يهون في سبيل أن يتعلم طفلي!!؟؟ يا رجل أولم تتعلم أنت، وأم الطفل بل وحتى مدرّسه أو مدرّسته في المدارس الحكومية!!؟؟ بل هي الموضة يا صاحبي .. هي الموضة

فبعد أن كانت الثلاثمائة ريال التي يستلمها الأب ليربيك أنت وخمسةً من أخوتك على الأقل، وعلى كاهله أيضاً أسرته وأمه وأبيه تكفيكم جميعاً، ما عاد الألف والألفين يكفي لك أنت وزوجتك وأبنيك وخادمة، بل وزيادةٌ على ذلك أنك لست سعيداً أبداً ولا تجد وقتاً لأسرتك. فسبحان الله رحم الله من قال "راحوا الطيبين ".

Fashion Princesses
22-10-2018, 09:26 AM
راحوا الطيبين؟!

عبدالله الشيدي

17/9/2014م



أزمةٌ كبيرةٌ تلك التي نعيشها في هذه الأيام، فلم يعد يكفي الإنسان منا مجرّد العيش، بل سعى ليعيش أحسن وأرفع وأجل مما يستطيع، فتباهى بالقصور التي لا يملك، والسيارات التي لا يستعمل أو لا يريد أصلاً، وزرع في أولاده أنك يجب أن تكون أحسن من فلان إبن جاره، فزجّ به في المدارس الخاصة، وتغنّى بمنصبٍ جديدٍ ربما لن يعمّر فيه طويلاً. ولم يعِ الإنسان بعد بأنه يغير جلده للأسف الشديد.

كان نفس الإنسان هذا يعيش في منزل بطابقٍ واحدٍ وثلاث غرف يحوي على ثلاث أسر، وكان المكان واسعاً جداً لإستقبال الضيوف، بل وحتى مبيتهم، وقد تعلم في مدارسٍ غابت عنها حتى أبسط مظاهر الحضارة ومن منا لا يتذكر الكرسي ثلاثي المقاعد؟!!، والسيارة الوحيدة التي كانت تخدم الحي من فئة " البيك-أب" ولا أخفيكم سراً عن الجمال الذي كنا نراه في "الكريل" أو القمرة الخلفية لتلك السيارة حتى أننا كنّا نأبى الجلوس على المقاعد المخملية لرتابتها ومللها، بل كان الجالس عليها يُعتبر في شرعنا معاقباً ذلك اليوم. وكان ذلك الإنسان أسعد ما يكون على رغم بساطته، فكانت قناعته تسبي إليه جميع ملذات الحياة دون أن يكون له نصيبٌ في تذوّقها.

والعجبُ كلّ العجب في التحول الرأسمالي الذي قلب الموازين رأساً على عقب، فبالرغم من أن الإنسان لا يزال هو نفس الإنسان، إلا أنه راح ليسكن قصراً غلب على أروقته الظلام لأنها لا تجد من يعبرها، فالقصر بغرفه الفارهة المتعددة يسكنه شخصين وطفلين وخادمة، وبقيّة الغرف تسمع لأبوابها صريراً بسبب الصدأ الذي تراكم على سانداتها، ويرجع الإنسان ليقول لك بأنه يحس بأن البيت ضيق ؟!! وأنه يبحث عن مقاول لزيادة الطابق الثاني!!؟ وأن سيارته الحالية لا تكفي إحتياجاته ويبحث عن سيارة عائلية بسبعة مقاعد، لتحمل من عليها يا صديقي!!؟؟ ولم تعد المدرسة الحكومية تنفع لتعليم إبني الذي سيذهب للمدرسة للمرة الأولى، ولقد سمعت عن مدرسة خاصة أفتتحت حديثاً ثنائية اللغة صحيح أنها غالية قليلاً لكن كل ذلك يهون في سبيل أن يتعلم طفلي!!؟؟ يا رجل أولم تتعلم أنت، وأم الطفل بل وحتى مدرّسه أو مدرّسته في المدارس الحكومية!!؟؟ بل هي الموضة يا صاحبي .. هي الموضة

فبعد أن كانت الثلاثمائة ريال التي يستلمها الأب ليربيك أنت وخمسةً من أخوتك على الأقل، وعلى كاهله أيضاً أسرته وأمه وأبيه تكفيكم جميعاً، ما عاد الألف والألفين يكفي لك أنت وزوجتك وأبنيك وخادمة، بل وزيادةٌ على ذلك أنك لست سعيداً أبداً ولا تجد وقتاً لأسرتك. فسبحان الله رحم الله من قال "راحوا الطيبين ".

لا فُض فوك يا أستاذ سهل الباطنة .. أنت تصف واقع كثير من أسر اليوم للأسف.. هذه حقيقة،، ولكن برأيي المتواضع أنه نظراً للضغط الإقتصادي والتضخم وتكدس الباحثين عن عمل وازدياد تسعيرة الكهرباء والماء، عادت الناس لتجاهد حثيثاً لتستطيع أن تلبي وتغطي مصاريفها الأساسية والكثيرون يعجزون، الرواتب التي كانت تكفي أيام الثلاثمائة ريال كانت كذلك بسبب الأسعار المعقولة، اليوم الكل يغالي في تسعيرته، أنت تُغلي عليَّ في شيء وأنا أُغلي عليك في أشياء، الإنسان يسعى نحو الرفاهية ويطلبها إن وجدها، ولكن هناك تآكل حاصل في جسد الأسرة متوسطة الدخل، بالرغم أن هناك أشخاص لا يعرفون كيف يقننون مصروفاتهم ألا أنك ومهما حاولت أن تقنن لتظل مستوراً حتى نهاية الشهر لا تستطيع دائماً.. الماضي كان جميل والأجمل منه هو روح التعاون والمساندة المجتمعية حين كنا نحتاج لبعضنا البعض، اليوم انصرفنا فانصرفت ارواحنا، ونحن نعيش عصر التوحد مع أطفالنا للأسف.. يبقى أن لكل زمن جمالياته، على المجتمع أن يعود لحمه واحدة كما كان قبلاً،، فهل يمكن ذلك؟ صعب جداً
شكرا للمقال الرائع

أميرة الروح
24-10-2018, 09:45 AM
جميل ماطرحت هنا
بارك الله فيك

الغالي المستبد
06-11-2018, 12:13 AM
أشكر الأستاذ سهل الباطنة على أقتباساته وتذكر دائما العمل وراء الكواليس��

سهل الباطن
06-11-2018, 08:32 AM
أشكر الأستاذ سهل الباطنة على أقتباساته وتذكر دائما العمل وراء الكواليس��

العفو استاذي وشرفت المنتدى . لنا الشرف بالاقتباس ونقل ما خطه هذا المبدع المتواضع الذي ابى ان يظهر امام الكواليس

ابوقيس99
09-11-2018, 05:17 PM
شكرا لجهودك في القسم استاذي سهل
بمثل هذه الطروحات المفيده والاقتباسات
عن كتاب كبار
طرحك مميز يستحق النجوم

الغالي المستبد
10-11-2018, 09:56 PM
شكلك ما سهل أستاذ سهل

أم سعاد
11-11-2018, 08:38 AM
شكرا لك أبدعت

الغالي المستبد
17-11-2018, 11:14 PM
لم أزل أتنقل بين خلجات ذلك القلم أيها السهل
بوركت