المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيلُ بعير!



سهل الباطن
07-11-2018, 08:56 PM
كيلُ بعير!

عبدالله الشيدي

15-12-2016م


وذات يومٍ أصبحتُ بلا مقدماتٍ وزير، ورأيتُ الدنيا ألتفت حولي وقد كانت عنّي بعيداً تطير، ولفيفُ الجمعِ جاء مباركاً صغيرهم قبل الكبير، وما بقت في البلادِ قبيلةٌ إلا وبعثت في ذلك المقام سفير، ورأيتني وقد أضحى كل مستحيل ببناني يصير، ورأيتُ الدنيا بلونها الوردي وأخيراً صفت بعد العكر المرير، فعاقرتُ كؤوسَ العنبِ العصير، وخُصّ بلاطي بالبُر والشعير، ورفلتُ على الناعم من السرير، وتناسيتُ صفق الخشبِ والصرير، وتلك البغلةُ السوداءُ العرجاءُ ولّى زمانها وقد حانَ أوان البعير!.

وذات نهارٍ ضجّ مقامي والأثير، والحاجبُ منادٍ "سيدي الوزير": جاءت جباياتُ القومِ المزجاة منها والنضير، والناس تنتظرُ كرمك نادرُ النظير، فخرجتُ عليهم في حُلتي فما رأيتُ بينهم إلا كل أمير!؟ فصحتُ بالحاجب أين الفقراء؟! أين الغُبرُ الشُعثاء؟! ألم يبقَ في المدينةِ فقير؟! فقال الحاجبُ: يا سيدي أولئك قومٌ ما فيهم بشير، كُلُ شأنهم للشؤم نذير، أما من ترى من القومِ فصاحبُ نخلٍ، أو آمُرُ أكلٍ، أو ذو شأنٍ يُطلقُ الأوامر بين تجديدٍ، وتحييدٍ، وإبقاءٍ، وتغيير، وهم من قد حمل عن السنامِ الكثير، هم من أخذ عن العاتق العسير، ولنا عليهم أن نُغدق اليسير، فنضمن بهم المسير، وما هو يا سيدي سوى كيلُ بعير؟!

فأحترتُ كثيراً بين الحاضر أو الغائب من الضمير، وأنى لي في مال اليتامى خوضاً وكيف سيصنعُ الله بي منه تكفير؟! لكنّ سوطاً وقع على ظهري فأشعلهُ سعير، ودلو ماءٍ سقط على رأسي فانبرى الدمُ نفير، أتنامُ ها هُنا والغنمُ تشعبت بين الوديان تسير، ونضُبَ الماءُ من سُقيا الحمير، فيالك من سائسٍ حقير، رددتُ مُسرعاً يا عمُّ عذراً فقد أثقلني الشخير، ولو تعلمُ يا عمُّ أنك رددتني من كابوسٍ خطير، فالحمدُ للهِ الذي أنشأني بين حميرٍ وبعير، ولم يجعلني بين الورى وزير...

أم سعاد
08-11-2018, 11:30 AM
طرح موفق .. شكرا لك

ابوقيس99
09-11-2018, 05:13 PM
تسلم استاذي سهل شرفتنا بطرحك المفيد
بارك الله فيك

الغالي المستبد
17-11-2018, 12:20 AM
جميل ما خطه قلمك هاهنا