المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماتَ القطيعُ حين أكل!



سهل الباطن
27-12-2018, 09:53 AM
ماتَ القطيعُ حين أكل!

عبدالله الشيدي

27-12-2018م

الأبُ للديسمِ الصغيرِ: يا بُنيَّ هذا وطننا! منهُ نأكلُ، وفيه نحيا، وموتنا للذودِ عن ترابه أمرٌ مُبجّل، ومضت السنون بنشوتها حيناً تعصفُ، وحيناً تتلطّفُ، والديسمُ الصغيرُ غدى مفتول العضلاتِ، مُهابٌ حتى في صمتهِ، معقودٌ عليه لهذا الوطنِ مستقبل.

والأبُ الكبيرُ يرقُبُ أيامَهُ تذبل، غير أن عزائه أنّهُ ترك لهذهِ البقاعِ منَ الذريةِ أمل، أي بُنيّ لا تترك في القطيعِ خلل، فجنسُنا طويلَ عُمرٍ، كبيرَ جسمٍ، شحيحَ عقل، فكُن لهم من بعدي ذلك القائد المحنّك، وقوّم لهم كُلَّ زلل.

فارقَ الأبُ عرشه، وللترابِ نزل، وصعدَ ديسمه العرشَ، وبالبلاطِ نزل، وبدأت ثورةُ التغييرِ، فلا كلل ولا ملل، والقطيعُ مبتهجٌ بما حصل.

وذاتَ يومٍ دعا صاحبُ العرشِ قطيعه أن هلّموا إليّ في أمرٍ جلل، فتصايحَ الجمعُ وللأمرِ أمتثل.

صاحبُ العرش: إني أرى تنافُر جُهدنا في صيد السمك، فبعضُنا جائعٌ وبعضُنا أَكَل، وقد صنعتُ لكم مخازنَ للغِلل، نجمعُ فيها صيدُنا، ومنها جميعُنا ينهل.

القطيعُ: نِعمَ الرأيُ، فلنبدأ العمل!

جُمعَ الصيدُ، ووفُرَ الكيلُ، لكنّ حاجبَ المخازنِ صاح وأبتذل، يا مالكَ الأمر فاضَ الخزينُ فأوقف الجمع ولنبدأ الأكل، وما في خيالهِ أنّ هناكَ شتاء يوشِكُ أن يُقبل، والسمكُ الوفيرُ بدأ يغوصُ للعمقِ ويرتحل، والجدولُ النابضُ قد بدأ يُلملمُ جوانبه، ويغلقُ منابعه، ويسدّه الثلجُ ويُقفل!

أكلَ القطيعُ ثُمّ أكلَ فأكل، وتعاظمتِ الأجسامُ، وتنامت العضلاتُ وبدأت تفتتل، والحاجبُ لا يزالُ يبتذل: يا صاحب العظمةِ لنجعل الكل مع الكل في منافسةٍ يقتتل؟! نلهو جميعاً فلا يُداخلُنا ملل، نسى الجمعُ أن سباتهم قريباً يحل، ولهوهم ألتهم حصادهم تفصيلاً وجُمل، فهرعوا للجدولِ ولات حينَ مهل، فصلى الجمع وأبتهل، يا رب بصيص أمل، ولكنّ الشتاء حل، والسبات طل، وصحيحٌ أنّ المالَ لا ينفعُ إلا ذو عقل، فقد ماتَ القطيعُ حين أكل!

صدى صوت
27-12-2018, 01:59 PM
قصه فيها عبرة وعظة لمن يتعظ..
شكرا عزيزي سهل لتفاعلك الجميل

رايق البال
28-12-2018, 08:44 PM
هلا سهل ..
قصه جدا رائعه وفيها عبره وعظه
الف شكر لجهدك وتفاعلك الجميل
طابت مساءاتك ..

نوارة الكون
30-12-2018, 09:22 AM
سلمت يمناك اخوي
انتقاء جميل وتواجد اجمل
دمت في حفظ الرحمن