المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : د.رجب العويسي يكتب : بمناسبة الخامس من يناير، قراءة في الخطاب الإعلامي الشرطي



مائة بيسة
06-01-2019, 09:55 AM
https://i0.wp.com/www.atheer.om/wp-content/uploads/2017/09/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D8%B7%D8%A9.jpg?resize=64 0%2C332


د. رجب بن علي العويسي- خبير الدراسات الاجتماعية والتعليمية
في مجلس الدولة

يعيش الخطاب الإعلامي الشرطي تحولات نوعية على مسار الكم والكيف، كنتاج لعمليات التطوير والتحديث المخططة التي شهدتها شرطة عمان السلطانية في السنوات الأخيرة، وما حققته من تنافسية في كفاءة المنظومة الأمنية والخدمية الشرطية وتنوعها، حيث عُززت بافتتاح العديد من المنشآت الشرطية تنوعت بين قيادات للشرطة ومراكز شرطية بالولايات ومباني للخدمات ووحدات للمهام الخاصة، انعكست على جودة الأداء الشرطي وانتاجيته والكفاءة الأدائية للموارد البشرية الشرطية، حتى أصبحت الرسالة الاعلامية الشرطية تفوق في حجم مسؤولياتها، والقناعة بأهمية تطويرها وتحسينها ما يقوم به الاعلام العام لكونها أقرب إلى التخصصية وتتطلب مهارات دقيقة في التخطيط والتنفيذ، ومنهجيات الوقاية وإدارة الطوارئ وسرعة الاستجابة للحالة الأمنية، وقدرة أكبر على فهم الواقع الاجتماعي، والدخول في عمق الظروف والمتغيرات التي يعيشها المواطن، في ظل ما تمتلكه من أدوات الرصد، وعمليات الإحصاء والتقييم، وبما تمثّله من سيادة في القرار وقوة في الصلاحيات وتقدم في التنفيذ.
لقد التزام الخطاب الإعلامي الشرطي لغة تواصلية أكثر واقعية واتزانا ومهنية، ناسبت مهام الشرطة وخصوصية دورها في حفظ الامن وتحقيق النظام وترسيخ منظومة القيم والمبادئ الوطنية واحترام القانون، امتلك حس الرصد للواقع، وحدس الفراسة في قراءة التوقعات، مستفيدا من الاحصائيات والبيانات والمؤشرات اليومية للمنجز الشرطي واتجاهاته والأولويات التي يسعى لتحققها، لذلك ارتبط هذا التحول بجملة من الموجهات، في بنية الخطاب الإعلامي ومحتواه وآلياته وادواته وسياساته وبرامجه وخططه، وما يظهره الخطاب الاعلامي الشرطي في مختلف الوسائط الاعلامية المسموعة والمقروءة والمرئية من نشاط نوعي ومتابعات دقيقة ورصد متكامل لمجريات الاحداث الشرطية والفعاليات والأنشطة والتغطيات المستمرة لها أو ما يتعلق برصد مؤشرات العمل الميداني الشرطي وما يرتبط به من جرائم أو حوادث أو غيرها لتصبح بارزة للجمهور عبر المنصات الإعلامية والتفاعلية المختلفة، لضمان مشاركة المواطن في الحد منها وتوعيته بالقوانين واللوائح المنظمة لها والجزاءات والمخاطر المترتبة عليها.
وعليه ارتبط الخطاب الإعلامي الشرطي باستراتيجيات واضحة ومسارات متنوعة تتناسب مع حجم المهام وطبيعتها عبر استثمارها الأمثل لكل المنصات الإعلامية التقليدية أو الرقمية، فمن حيث منصات التواصل الاجتماعي( التويتر والفيس بوك والانستجرام واليوتيوب وغيرها)، بلغ عدد التغريدات في التويتر في النصف الثاني من عام 2018 ( 1001) تغريده، كما بلغ عدد المتفاعلين معها أكثر من( 314.374 )، في حين يزيد عدد المتابعين للصفحة بشكل عن (314.373) متابعا، كما بلغ مجموع التغريدات في الانستجرام (1.499) تغريدة، وبلغ عدد المتفاعلين معها 6300، وبلغ عدد المتابعين للصفحة ( 108000) متابع ، بالإضافة إلى الموقع الالكتروني أو البوابة الأمنية لشرطة عمان السلطانية ومواقع الإدارات العامة والمراكز الوحدات الشرطية بالولايات، وقد بلغت أعداد الوسائط المنشورة في الموقع الالكتروني في ذات الفترة، أكثر من 1082 مادة، موزعة على المنشورات والملصقات واليوتيوب وغيرها، أما من حيث الاعلام التقليدي فقد حفلت تلك الفترة من العام بتنوع في البرامج التوعوية والتثقيفية والتخصصية اليومية والدورية التي تنفذها إدارة العلاقات العامة، سواء في الإذاعة، كحلقات برنامج العين الساهرة الإذاعي، والبرنامج الإذاعي المروري اليومي في مختلف الإذاعات المحلية الذي يرصد حالة الطرقات بالسلطنة ويعزز من توعية مستخدمي الطريق وقائدي المركبات في القيادة المرورية السليمة، وقد بلغ عدد المواد السمعية في الإذاعات المحلية والأجنبية أكثر من 277 مادة، كما برز على مستوى البرامج التلفزيونية، برنامج العين الساهرة، بالإضافة إلى التقارير الإخبارية لافتتاح القيادات والمراكز والوحدات والاستضافات الأخرى لذوي الاختصاص في الدورات البرامجية التلفزيونية المختلفة، وفي الجانب الآخر عزز الاعلام الشرطي من حضوره في الصحافة اليومية الورقية منها والالكترونية، وما تنشره من أخبار الشرطة الأمنية منها والخدمية، بالإضافة إلى الصفحة الشهرية الخاصة بالشرطة في مختلف الصحف المحلية، وقد بلغ مجموع المواد الصحفية أكثر من 1082 مادة صحفيه منشورة في الصحف اليومية، ناهيك عن التعامل اليومي مع حالات الابتزاز الالكتروني والاشاعة وغيرها والتي ترصدها الجهات المختصة عبر الاتصال بمركز عمليات الشرطة والرقم الخاص بالابتزاز الالكتروني، وما تقدمه من مادة إعلامية دورية حول هذا الشأن، وفي الإطار نفسه تأتي مجلة الشرطة ( العين الساهرة) ومجلة الشرطي الصغير بالإضافة إلى الوسائط الأخرى كالأفلام التوعوية والتثقيفية التي تنتجها إدارة العلاقات العامة، على أن مجلة الأمانة والإصدارات الأخرى التي ينتجها مجمع البحوث بأكاديمية السلطان قابوس لعلوم الشرطة منصات إعلامية شرطية، تضع أمام المواطن والمقيم صورة التحديث والتطوير في العمل الشرطي.
إن الغاية من الإشارة إلى بعض هذه المؤشرات، التأكيد على اتساع منصات الخطاب الشرطي والتحول الحاصل في بنية الخطاب ذاتها، وقدرتها على صياغة أنموذج لبنية خطاب إعلامي شرطي يقوم على المنافسة والتخصصية والتجديد والتحليل وعمق الرصد، والتي اتجهت إلى تأصيل مفاهيم الاعلام المسؤول عبر تعزيز قيم الرصانة والموضوعية والشفافية والوضوح والتنوع والايجابية في التعاطي مع السلوك بهدف تغييره وإعادة هندسته بطريقة تضمن نقل المواطن من دور المتلقي السلبي إلى دور الباعث المنتج للفرص، المعزز لتفوق المنجز، ومن يصنع السلوك الأمني ويحقق المنافسة في سلوكه، وأن توقع السلوك الأفضل منه كفيل بالمحافظة على حياته وحياة الآخرين، والثقة في قدرته على تحقيقه كمدخل لاستراتيجيات التغيير الذاتي في ممارساته، فمثلا عزز الخطاب الإعلامي المروري وعبر شعار ” شكرا على تقيدكم بالسرعة ” من وضع الثقة في قائد المركبة ليكون دافعا له نحو ممارسة أفضل. بالإضافة إلى امتلاكه مسارات الجاهزية والاستباقية والتعاطي الفوري مع متطلبات الحالة الأمنية الوطنية في مختلف اشكالها، وتعزيز الاعلام الوقائي وأسلوب بعث الأمل والتفاؤل، فيستنهض فيه دافعية العمل من أجل الوطن، وحس الشعور بقيمة الأمن ويؤسس فيه الممكنات النفسية والمهارية والفكرية، فيتجاوب معها بطريقة استثنائية، تنبع من حس الالهام فيه، وعمق الشعور الداخلي في التزام هذا السلوك.
وبالتالي شكّل هذا التحول في نمط الخطاب وأسلوبه وطريقته في إيصال المعلومة وبث الفكرة وتقديم النصيحة واختيار آلياتها والفئة المستهدفة منها وأنماط المخاطبين بها والمسوغات التي باتت تطرحها لإقناع المخاطبين ، ونقل المخاطبين إلى الحدس بمعطيات الحاضر وتوقعات المستقبل، مدخل لمفهوم خطاب المرحلة الذي يتناسب مع طبيعة المخاطبين وظروفهم وحجم النتاج المراد منهم تحقيقه، انعكس على قوة الخطاب الاعلامي الشرطي وانتاجيته في المجتمع وامتداد تأثيره لكل محطات التغيير المطلوبة في سلوكيات المواطن والمقيم ووعيه الأمني أو في الاستفادة المثلى من المنجز الشرطي واستمراريته للأجيال القادمة والتي صنعت منه مسارا أكبر للثبات في مشاعر طلبة المدارس والمواطنين عامة وتقديرهم للمنجز الشرطي.
إنه أسلوب راق في الأداء الإعلامي الناجح، نالت فيه شرطة عمان السلطانية استحقاقات التميز وموقع الصدارة، استلهاما من السياسة الإعلامية الوطنية وترجمة لها في إطارها الأمني. فتحية إجلال للعين الساهرة حماة الحق حراس المبادئ في الخامس من يناير ” يوم شرطة عمان السلطانية”.