المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متدينيون أم متدنون



سهل الباطن
11-02-2019, 10:32 AM
متدينيون أم متدنون!

عبدالله الشيدي

11/2/2019م

هالني ليلة البارحة أن أقرأ لإحدى الأخوات اللواتي أشعلن قنوات التواصل الاجتماعي ليكون سبيلهن في توصيل أفكار إسلامية بطريقة عصرية يواكبن فيه الصيحات التي تنادي للتجديد في المنابر الإسلامية.

ابتدأت أختنا هذه منشورها الإلكتروني بسؤال هل يجوز للمسلم أن يستمر في استخدام منتج تبين له أنه أمريكي؟! ومن الوهلة الأولى ظننتُ بأن المنتج يمس الجانب الغذائي، كلحم الخنزير، أو الدجاج الذي لا نعرفُ كيف ذُبح، وما شاكلها من أمور، غير أن الصدمة جاءت من أن الأخت المسلمة المتدينة تسألُ عن حكم استخدامها للكمبيوتر المحمول الذي تبين لها بعد شرائه بأنه أمريكي الصنع، وأن أمريكا تستخدم مبالغه لتزويد اليهود بالمعدات لمحاربة الفلسطينيين!!!

والطامة الكبرى تتمثل في أن الأخت المسلمة كانت تشعر بالذنب لدرجة تريد فيها التخلص من الجهاز بأسرع وقت ممكن وتتساءل عن ما العمل فيه؟!! فما تمالكتُ نفسي حتى رأيتني أرد عليها بدون تردد، وهل أمريكا بحاجة لأن تنشئ مصنع يكلفها ملايين الريالات -وسأستخدم عملتنا المحلية لتدرك الأخت المسلمة مقدار طيبتها- ثُم تأتي بالمطورين التقنيين وتدفع لهم أجوراً بملايين الريالات كذلك، وبعدها تفتح باب التوظيف لآلاف من العمال تدفع رواتبهم ملايناً مملينةً من الريالات، وتفتتح لها آلافا من الفروع في جميع بقاع الأرض ليكون هدفها الوصول إلى كم ريال بجيبكِ أختي المسلمة، ثم تنتظر هذه الريالات منك لتجمعها، ثم توجهها نحو اليهود ليشتروا بها عتادهم من الأسلحة –والغريب في هذه الأسلحة أن أمريكا هي من يصنعها فقط- ثم يذهب بها اليهود لمحاربة الفلسطينيين في فلسطين؟!!

السؤال الذي أتوجه به لأختنا المسلمة هو: لماذا لا تقوم أمريكا بتوفير كل تلك الملايين على نفسها فتصنع بها الأسلحة مباشرةً وتعطيها لإسرائيل؟!

وأنا أقول لأختنا المسلمة: للأسف ستظل منابرنا الإسلامية (المؤمنة بأن كل ما صنعه غير المسلمون هو رجسٌ من عمل الشيطان) هي العائق الوحيد نحو تقدمنا (وفرضوا علينا أن اجتنبوه لعلكم تفلحون)، فكما رفضت الدولة العثمانية المسلمة وهي على مشارف نهايتها مبدأ الطباعة الحديثة، وجعلتنا نتخلف لعقود خلف الأمم بعد أن كُنّا سادتها، تستمر نفس نبرة التعنت الديني في الاستمرار لتحرمنا من المنجزات الإنسانية الغير مسلمة، لنزداد تخلفاً على تخلّفنا، وأضلنا المتدينون (صورةً) أو المتدنّونَ (حقيقةً) وما هدوا!