المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في محكمة السيب: قاضٍ يدفع من جيبه الخاص لينقذ متهمًا،،،



اطياف السراب
03-05-2019, 02:45 PM
لا يمكن للحياة أن تستمر بين أفراد المجتمع الواحد دون حضور الروح الإنسانية بينهم، ولا يمكن أن نراهن على مجتمع متسامح دون أن يكون العطف أحد أركانه، كيف لا ونحن في بلدٍ عُرف عنه تكاتفه الاجتماعي، وبالرغم من تباين مسافة التكاتف بين المجتمع والمجتمع، إلا أن الخير موجود، وأصحاب “النخوة” حاضرون في أي زمان ومكان نتوقعه، لأن الإنسانية ما تزال هي الرابط الأول بين المجتمعات والأفراد.

علمنا عن قصة، من الواجب والأهمية الحديث عنها، بل وأن نفتخر بتفاصيلها، ليس لأنها وقعت في إحدى محاكم بلدنا، بل لأن روح القانون انتصرت، وانتصرت الروح الإنسانية معها، وهي ليست للعبرة فقط، بل رسالة لكل إنسان في هذه الأرض بأن الخير والتسامح عندما ينتصر، يهبنا أكثر من استرداد الحقوق، ويذكرنا بطبيعة أصل الإنسان الخيّر والباقي ببقاء الإنسان.
قصتنا بطلها أحد القضاة في محكمة السيب، كان ينظر في قضية سرقة، المتهم فيها قام بسرقة مواد غذائية من أحد المراكز التجارية في السيب، وبعد معرفة تفاصيل السرقة، انتصر القاضي بروح القانون على القانون نفسه وقام بدفع المبالغ المترتبة على المتهم من جيبه الخاص.

بدأت القصة حين أقدم أحد المراكز التجارية المعروفة بالسيب على تقديم بلاغ عن سرقة قام بها أحد الزبائن، قام بالتسوق من المركز وملء سلة بالمواد الغذائية ثم انصرف خارج المركز دون المرور على أقسام المحاسبة، ليتوجه إلى سيارته ويفرغ السلة فيها وينصرف بسرعة.

المركز قام بتوجيه بلاغ حول السرقة، لتقوم الجهات المختصة بالتحقيق في الموضوع، وبعد العودة إلى كاميرات المراقبة داخل المركز التجاري وخارجه؛ تم التعرف على الشخص ثم إلقاء القبض عليه بتهمة السرقة، لم ينكر المتهم أنه فعلًا سرق؛ ولكن سبب سرقته هو “الحاجة” ولم يفعلها إلا مضطرًا بسبب وضعه المالي الصعب، خصوصًا وأن لديه عائلة كبيرة وظروفه المادية أجبرته على السرقة.

مبررات ساقها المتهم لم تر قبولا لدى الجهات المختصة، خصوصًا مع اعترافه المباشر، ليخوض مراحل التحقيق وصولًا للادعاء العام ثم المحكمة المختصة في السيب وهو رهن الحبس الاحتياطي.
نظرت محكمة السيب في القضية برئاسة فضيلة الرحمة وشيخ الإنسانية، وبعد سماع تفاصيل الشكوى وسؤال المتهم عن ما اقترفه، اعترف كما اعترف سابقًا، وذكر أمام القاضي بأنه سرق مضطرًا وكان لا يملك في منزله ما يعيل به أسرته، وأنه لم يعتد على ارتكاب أي عمل جرمي لكن لأنه لا يملك أي مال ليجلب لعائلته متطلبات المنزل الغذائية من حليب وسكر وأرز ومواد أخرى، والظروف القاهرة هي من أجبرته.

أمضى الرجل حوالي 40 يومًا في الحبس الاحتياطي ، وبكى أمام القاضي بحرقة عن ظروفه المادية التي أجبرته على هذا الفعل، وما إن أنهى كلامه حتى أصدر القاضي بأن ينظر في القضية نهاية الجلسات.

قام القاضي في نهاية الجلسات بالاجتماع مع ممثل المركز التجاري وطلب منهم عمل تسوية، بأن يقوموا بالتنازل عن القضية مقابل أن يقوم القاضي بدفع المطالبة المدنية من حسابه الخاص، وفعلًا هذا ما حدث، حيث قام المركز بالتنازل، وأصدر القاضي في اليوم نفسه أوامره بالإفراج عن المتهم على أن تحجز القضية للحكم النهائي في وقت لاحق.

من هنا انتصر القاضي بروح القانون، واختار أن تكون الروح الإنسانية هي الحكم في القضية… انتهت القصة لنخرج منها بفائدة عظيمة وهي أن التعاضد الإنساني ممكن أن يكون حاضرًا في أزقة المحاكم، وهي رسالة بأن نتحسس عن المحتاجين حتى لا يقعوا في أمر مجبورين عليه، وهي طبعًا ليست حجة أمام العمل الجرمي، ولكن أحيانًا يجب نتغاضى عن شيء انتصارًا لإنسانيتنا.

من جهتها، تواصلت “أثير” مع المحامي بسام الكلباني لمعرفة الرأي القانوني في هذه القصة فقال: يحق لقاضي الموضوع أن يوقف العقوبة متى ما تبيّن له وجود ظروف إنسانية للمتهم، أو أن المتهم قد خلا سجله من أي شائبة أو سابقة، ولما كان قانون الجزاء الجديد الصادر بالمرسوم السلطاني (7/2018) قد نص في المادة (71) منه على ما يلي: (للمحكمة عند الحكم بعقوبة الغرامة أو السجن مدة تقل عن (3) ثلاث سنوات، أن تأمر في الحكم بوقف تنفيذ إذا رأت من أخلاق المحكوم عليه، أو ماضيه أو سنه، أو الظروف التي ارتكبت فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود إلى ارتكاب جريمة، متى كان له محل إقامة معلوم. وللمحكمة أن تجعل وقف التنفيذ شاملاً الآثار الجزائية المترتبة على الحكم، أو أي عقوبة تبعية أو تكميلية عدا المصادرة)، والمادة (72) من القانون ذاته نصت على: (للمحكمة أن تجعل وقف تنفيذ الحكم مشروطًا بالرد أو بأداء المبالغ المحكوم بها، وذلك خلال أجل يحدد في الحكم).

الصـــــاعـــــق
13-05-2019, 08:46 AM
مثال رائع للانسانية

محامي السبلة
23-05-2019, 10:50 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,
غالب المجتمع يقول بأن القانون متسلط وبعض الاحيان يقولون أن القانون قاسي وهم لا يعلمون بأن القانون وجد من أجل المجتمع ونظامه حتى يحافظ على إستقرار الدول ومجتمعها وبين الفرد والفرد الآخر ,ولكن يبقى من يطبق القانون بروح القانون وليس حرفية النص هناك الكثير من الاشخاص مثل هذا القاضي الشهم وعلى سبيل المثال مشروع فك كربة المشرف عليه جمعية المحامين الانسانية موجوده لدى أغلب الناس .
نقل رائع ومن أجل أن يتسامح الناس في بعض الاحيان بينهما على الخلافات البسيطة.
مودتي