المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دروس مختصرة لآيات سورة البقرة



أبـوالولـــيـد
29-05-2019, 11:39 AM
دروس مختصرة لآيات سورة البقرة للنشر والاستفادة
الدرس ٦٩ :


{وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}


الله سبحانه وتعالى يريد أن يمتن على بني إسرائيل بنعمه ومعجزاته فذكر لنا الحق جل جلاله نعما أخرى من نعمه على بني إسرائيل وقال اذكروا إذ كنتم في الصحراء وليس فيها ظل تحتمون به من حرارة الشمس القاسية وليس فيها مكان تستظلون فيه


أن هذا جرى في التيه بين مصر والشام لما امتنعوا من دخول مدينة الجبارين وقتالهم {قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}


فعوقبوا أربعين سنة يتيهون في خمسة فراسخ أو ستة {قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ}


{وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ} أي جعلناه ظلاً عليكم و{الغمام} هو السحاب الرقيق الأبيض؛ وقيل السحاب مطلقاً؛ وقيل السحاب البارد الذي يكون به الجو بارداً ويتولد منه رطوبة فيبرد الجو، ومن فوائد الآية نعمة الله تبارك وتعالى بما هيأه لعباده من الظلِّ؛ فإن الظلّ عن الحرّ من نعم الله على العباد {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلَالًا}


{الْمَنَّ} الْمَنَّ شيء يشبه العسل ينْزل عليهم بين طلوع الفجر وطلوع الشمس فإذا قاموا أكلوا منه من أشهى أنواع الأطعمة المغذية سهلة الهضم سريعة الامتصاص في الجسم، والله سبحانه وتعالى جعله بالنسبة لهم وقود حياتهم وهم في الصحراء يعطيهم الطاقة، وأصل المن هو ما يمن الله به من غير تعب


{وَالسَّلْوَى} فقالوا يا موسى قد قتلنا هذا المن بحلاوته، فادع لنا ربك أن يطعمنا اللحم فأرسل الله عليهم السلوى بدون تعب ولا مشقة، وهو طائر يشبه السماني وقيل هو السماني بعينه، فكان الرجل يأخذ ما يكفيه يوما وليلة، أن لحم الطيور من أفضل اللحوم وهو أيضاً لحوم أهل الجنة {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ}


{كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} أي من حلال ما رَزَقْناكُمْ أي أننا أبحنا لكم هذا الذي أنزلنا عليكم من المن والسلوى، ولا تدخروا لغد فخالفوا وادخروا ففسد فقطع الله عنهم ذلك


أن الإنسان إذا أنعم الله عليه بنعمة فينبغي أن يتبسط بها، ولا يحرم نفسه منها، فالله تبارك وتعالى قد رزقهم بهذا الرزق الطيب من الْغَمَامَ يقيهم حرارة الشمس والْمَنَّ يعطيهم وقود الحركة وَالسَّلْوَى كغذاء لهم، وكل هذا يأتيهم من السماء دونما تعب منهم


{وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} أي لا يظلمون بهذا إلا أنفسهم؛ أما الله تبارك وتعالى فإنهم لا يظلمونه؛ لأنه سبحانه وبحمده لا يتضرر بمعصيتهم، كما لا ينتفع بطاعتهم، أن الله سبحانه وتعالى باق بقدرته وقوته وعظمته لا يقلل منها لو كفر أهل الأرض جميعا ولا يزيد فيها لو آمن أهل الأرض كلهم


نظلم أنفسنا بأن نوردها مورد التهلكة والعذاب الذي لا نجاة منه دون أن نعطيها شيئا فإن كل من عصى الله وتمرد على دينه قد ظلم نفسه لأنه قادها إلى العذاب الأبدي طمعا في نفوذ أو مال زائل بعد فترة قصيرة ولم يدم فكأنه ظلمها بأن حرمها من نعيم أبدي وأعطاها شهوة قصيرة عاجلة




الحمد لله على فضله
زاهر بن سليمان العبري
٢٣ رمضان ١٤٤٠ جبال
الموافق ٢٩ مايو ٢٠١٩

مــنــــقــووول