المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وقفات ما بعد رمضان



ام الهنوف
10-06-2019, 11:47 AM
** وقفات ما بعد رمضان **


https://www.alukah.net/images/content/full/119905/119905_180x180.jpg (https://www.google.com/url?sa=i&source=images&cd=&ved=2ahUKEwjEi4eItt7iAhUKDOwKHUa5AuEQjRx6BAgBEAU&url=https%3A%2F%2Fwww.alukah.net%2Fspotlight%2F0%2 F119905%2F&psig=AOvVaw2DcYbhC-LMRxyyA2d93rgG&ust=1560238988818035)

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا
إخوتي في الله
لقد مر ذلك الشهر الكريم وانقضى رمضان وولى عنا، فوا حزناه على ذلك الشهر الذي تولى، ووا أسفى على رمضان الذي انقضى، ولكن السعيد من كان قد استودعه الأعمال الصالحة، والشقي من ضيع حق رمضان.
وبعد انقضاء الشهر لنا وقفات نقفها في هذا الموقف حول رمضان الذي انقضى.



الوقفة الأولى: من الذي إستفاد من رمضان

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) فمغفرة الذنوب كل واحد منها مكفر لما سلف من الذنوب، وهي صيام رمضان وقيامه وقيام ليلة القدر، فيترتب على ذلك مغفرة ما تقدم من ذنبه، ومن نقص من العمل الذي عليه نقص له من الأجر بحسب نقصه فلا يلومن إلا نفسه

الصلاة مكيال والصيام مكيال فمن وفاها وفى الله له، ومن خفف فيهما فويل للمطففين، أما يستحي من يستوفي مكيال شهواته ويطفف في مكيال صيامه وصلاته؟!

إذا كان الويل لمن طفف في مكيال الدنيا وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ

فكيف حال من طفف مكيال الدين؟

فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ وهذا الويل لمن طفف، فكيف حال الذي فرط بالكلية!
كيف حال الذي لم يقم ولم يصم!
وهم أعداد ممن ينتسبون إلى الإسلام، ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله، وقالها جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم ثم قال له: قل آمين (فقلت آمين)

من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله دعا عليه بالإبعاد عن رحمة الله والطرد عنها؛ لأن ذلك الشهر قد مر ولم يستفد منه، لأن ذلك الموسم العظيم قد حصل ولم ينهل منه، لم ينتهز الفرصة فتباً له إذا كان لم ينتهز الفرصة العظيمة لأنه لا يستحق أجره ولا يستحق الرحمة ولا المغفرة،

ولأننا قد حصل منا تطفيف في الصيام والقيام،
وقد حصل منا إخلال بآداب الصوم الواجبة والمستحبة،
لقد حصل منا تفريط وهذا ما يدفعنا للوقفة الثانية وهي:



ثانياً: كيف يتوب المقصر في رمضان ؟

توبة المقصر في صيامه وصلاته، الاستغفار عما مضى من الإخلال والتفريط في حق الله تعالى، وحق ذلك الشهر الذي انقضى ولم يستفد منه كما ينبغي، الاستغفار هو الدعاء بالمغفرة، وقد جاء في حديث أبي هريرة: (يغفر فيه إلا لمن أبى) قالوا: ومن يأبى يا أبا هريرة؟
-من الذي أبى- قال: "الذي يأبى أن يستغفر الله عز وجل"قال الحسن رحمه الله: "أكثروا من الاستغفار فإنكم لا تدرون متى تنزل الرحمة"
وقال واحد ممن مضى لولده: "يا بني عود لسانك الاستغفار فإن لله ساعات لا يرد فيهن سائلا"وقد جمع الله بين التوحيد والاستغفار في قوله عز وجل:فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ فعطف هذا على هذا مبيناً أهميته،
قال إبليس: أهلكت الناس بالذنوب وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار، والاستغفار ختام الأعمال الصالحة كلها،

ينبغي أن يختم صيام رمضان بكثرة الاستغفار، كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى الأمصار يأمرهم بختم شهر رمضان بالاستغفار والصدقة -صدقة الفطر- فإن صدقة الفطر طهراً للصائم من اللهو والرفث، والاستغفار يرفع ما حصل من الخروق في الصيام باللهو والرفث،
وقال بعض أهل العلم: "إن صدقة الفطر للصائم كسجدتي السهو"وقال عمر بن عبد العزيز في كتابه:
قولوا كما قال أبوكم آدم: قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَوقولوا كما قال نوح عليه السلام:وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ صيامنا هذا يحتاج إلى استغفار نافع، وعمل صالح له شافع، كم تخرق من صيامنا بسهام الكلام ثم نرقعه وقد اتسع الخرق على الراقع، كان بعض السلف إذا صلى صلاة استغفر من تقصيره فيها كما يستغفر المذنب من ذنبه، إذا كان هذا حال المحسنين في عباداتهم فكيف حال المسيئين. إذاً أيها المسلمون علينا أن نكثر من الاستغفار بعد هذا الشهر، علّ الله أن يتجاوز عنا إسرافنا وتفريطنا، وما حصل منا من المعاصي والسيئات في ذلك الشهر الذي تعظم فيه السيئة؛ لفضله وشرفه.


وثالثاً: هل تقبل تلك الاعمال ام لا ؟

لقد مضت الأعمال، والصيام، والقيام، والزكاة، والصدقة، وختم القرآن، والدعاء، والذكر، وتفطير الصائم، وأنواع البر التي حصلت، والعمرة التي قام بها الكثير،

لكن هل تقبلت أم لا؟ يقول الله تعالى: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ

كان السلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل وإكماله وإتقانه، ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله ويخافون من رده، وهؤلاء الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة،
يعطي ويخشى أن لا يقبل منه، يتصدق ويخشى أن ترد عليه، يصوم ويقوم ويخشى أن لا يكتب له الأجر،

قال بعض السلف: كانوا لقبول العمل أشد منهم اهتماماً بالعمل ذاته، ألم تسمعوا قول الله عز وجل: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ فغير المتقين ما هو حالهم؟

وعن فضالة بن عبيد قال: "لئن أكون أعلم أن الله قد تقبل مني مثقال حبة من خردل أحب إليّ من الدنيا وما فيها؛ لأن الله يقول: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ

يقول بعضهم: لو أعلم أن الله تقبل مني ركعتين لا أهتم بعده؛ وقال عبد العزيز بن أبي رواد رحمه الله: "أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح فإذا فعلوه وقع عليهم الهم أيقبل منهم أم لا" وقع عليهم الهم وليس وقعوا في المعاصي، وقع عليهم الهم أيقبل منهم أم لا، وكان بعض السلف يقول في آخر ليلة من رمضان.

يا ليت شعري من هذا المقبول فنهنيه
ومن هذا المحروم فنعزيه،
أيها المقبول هنيئا لك
أيها المردود جبر الله مصيبتك،
فإذا فاته ما فاته من خير رمضان فأي شيء يدرك، ومن أدركه فيه الحرمان فماذا يصيب، كم بين من حظه فيه القبول والغفران ومن كان حظه فيه الخيبة والخسران.


رابعاً: الاستمرار على الطاعة بعد رمضان ؟

من علامات التقوى الامتناع عن الفسق في رمضان، الذي يخشى على عمله ولا يدري هل قبل منه أم لا، يجتهد في العبادة، ويواصل في الطاعة.
والذي يظن أنه قد عمل حسنات أمثال الجبال فلا يهمه بعد ذلك، ويقول عندي رصيد، وساعة لربك وساعة لقلبك.

المواصلة على العمل الصالح والطاعة بعد رمضان، إن الذي يتق الله حق تقاته يواصل على الطاعة والعبادة،

والله تعالى لما ذكر صفات المؤمنين لم يقيدها بوقت ولم يخصها بزمان

قال: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ خاشعون دائماً وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ليسوا معرضين في رمضان فقط
وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ متى دار الحول يزكي في رمضان أو في غيره، وبعض الناس إذا حال الحول في رمضان زكى ويهمل الزكاة في الأموال التي يحول عليها الحول في غير رمضان

فانتبهوا لهذه المسألة وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ليس في رمضان فقط في غير رمضان أيضاً وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا دائماً هكذا مشيهم وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا هكذا هم في العادة وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا هم باستمرار يفعلون ذلك وليس قيام رمضان فقط


وهكذا من سائر صفات المؤمنين؛ والسبب أننا مطالبون بالعمل إلى الموت بأمر من الله تعالى،

مرسوم رسمه الرب وأمر صدر من الرب، قال الله عزو جل: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ واليقين هو الموت،



وقال الله تعالى: فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ فلا بد من الصبر والمصابرة على الطاعة،

وهذه وقفة مهمة جداً في قضية الاستمرار على الطاعة، ولعله لهذا السبب شرع لنا صيام الست من شوال،

حتى لا تنقطع العبادة الجميلة وهي عبادة الصيام

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها)
هكذا يقول الله تعالى وفي رواية: (جعل الله الحسنة بعشر)
وفي رواية: (صيام شهر رمضان بعشرة أشهر وصيام ستة أيام من شوال بشهرين فذلك صيام السنة)

ستة في عشرة بستين، ستون يوماً هي شهران مع الشهر الذي صمناه في عشرة بعشرة أشهر فتمت السنة، وفضل الله عظيم، وكرمه واسع، وهباته مستمرة، وعطاءه لا ينقطع، ولكن أين العاملون؟ فمن فعل هذا دائماً فكأنما صام عمره، من كان كلما صام رمضان صام ستاً من شوال فإنه يكون قد صام العمر، له أجر صيام الدهر.


والوقفة الخامسة: الاغترار والمن يحبط العمل .

عدم الاغترار بما حصل من الطاعات، بعض الناس اجتهدوا فعلاً صاموا، وحفظوا جوارحهم، وختموا القرآن، وبعضهم أكثر من مرة، وعملوا عمرة في رمضان، وصلوا التراويح، صلوا قيام رمضان كله من أوله إلى آخره لم يخرموا منه يوماً أو ليلة، وفعلوا ما فعلوا من الصدقات، وقدموا ما قدموا، وجلسوا في المساجد من بعد الفجر إلى ارتفاع الشمس، وبعد الصلاة يقرؤون القرآن، وقبل الصلاة ينتظرون الصلاة، حصلت عبادات كثيرة،

لكن إذا كانت النفس تبطر وتتعالى وتسيئ على الناس تكون سيئة، إذا كان الطبع متعفناً فإن كثرة العبادة لا تنفع بل إن الشيطان يوسوس
ويقول: لقد فعلت أشياء كثيرة وطاعات عظيمة، خرجت من رمضان بحسنات أمثال الجبال فرصيدك في غاية الارتفاع، صحائف حسناتك مملوءة وكثيرة فلا عليك بعد ذلك ما عملت، ويصاب بالغرور وبالعجب، وتمتلئ نفسه تيهاً وفخراً،

ولكن آية من كتاب الله تمحوا ذلك كله، وتوقفه عند حده، وتبين له حقيقة الأمر،

وهي قول الله تعالى: وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ ,,

وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ أتمن على الله! أتظن أنك فعلت له هذه الأشياء!

تكون أنت قد قدمت له أشياء عظيمة تظنها كخدمة من خدمات البشر!

لا تمن على الله بعملك، لا تفخر، لا تغتر، لا تصاب بالعجب وتتخيل أنك من أهل الجنة ،

فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الحسن: (لو أن رجلا يجر على وجهه من يوم ولد إلى يوم يموت هرما في مرضاة الله تعالى لحقره يوم القيامة)
لجاء يوم القيامة فرآه قليلاً ضعيفاً، لرآه حقيراً، لرأى عمله لا يساوي شيئاً،
فإنه لو قارنه بنعمة واحدة من النعم كنعمة البصر أو غيرها لصار هذا قليلاً لا يساوي شيئاً، لم يكد يعمل شيئاً،

ولذلك فإن الناس لا يدخلون الجنة بأعمالهم، وإنما يدخلونها برحمة الله تعالى، ليست الأعمال ثمناً للجنة لكنها سبب لدخول الجنة،
لا ندخل الجنة إلا بالأعمال الصالحة، الذي لم يعمل صالحاً لا يدخل الجنة فهي سبب لكنها ليست الثمن،
فبدون رحمة الله الأعمال لا تؤهل لدخول الجنة بل ولا تسديد نعمة ولا تسديد حق نعمة واحدة من النعم.


سادساً: الاستمرار في العبادة والطاعة

الاستمرار في العبادة والطاعة وهضم النفس مع وجوبهما فإن ذلك لا يعني أن يكلف الإنسان نفسه فوق ما لا يطيق
(خذوا من العبادة ما تطيقون فإن الله لا يسأم حتى تسأموا) حديث صحيح.

أنه لا يشترط أن نكون في بعد رمضان كما كنا في رمضان، فنحن نعلم أن ذلك موسم عظيم لا يأتي بعده مثله إلى رمضان الذي بعده، لا يأتي شهر فيه خيرات ومغفرة ورحمة وعتق كما في هذا الشهر الذي انصرم، فنحن لا نقول كونوا كما كنتم في رمضان من الاجتهاد فالنفس لا تطيق ذلك،

لكن لا للانقطاع عن الأعمال، الخطورة في الانقطاع يا عباد الله!

لا بد من أخذ الأمور بواقعية ليس من المطلوب أن نكون بعد رمضان مثل رمضان
لكن الانقطاع عن الأعمال لا،
ترك الصيام بالكلية لا،
ترك القيام بالكلية لا،
ترك ختم القرآن بالكلية لا،
ترك الدعاء والذكر والصدقة والعمرة لا،
استمروا على العمل وإن كان أقل مما كان في رمضان،

ثم إن الله سبحانه وتعالى إذا كان العبد مواصلاً على عمله لو أصابه عارض لو مرض لو سافر يكتب له من الأجر مثلما كان يعمل صحيحاً مقيماً، وجاء في الحديث: (إذا مرض العبد قال الله للكرام الكاتبين: اكتبوا لعبدي مثل الذي كان يعمل حتى أقبضه أو أعافيه) إذاً هذه من فوائد المواصلة على الطاعة والعبادة .


سابعاً: المداومة على الطاعة لطلب حسن الخاتمة

من الوقفات المهمة أن الاستمرار في الطاعة والعبادة سبب لحسن الخاتمة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله قبل موته) قالوا: يا رسول الله وكيف يستعمله؟ قال: (يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه) فإذا كان من الصالحين كانت عبادته حسنة،

وكذلك فإن عبادتنا لله في جميع الأوقات والأحيان، سواء في السراء أو الضراء، في رمضان أو في غير رمضان، في أوقات الرخاء والشدة، في أوقات المحنة والنعمة، إذا كانت مستمرة

فإن الأجر يعظم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، العبادة في وقت الفتن واختلاط الأمور أجرها كأجر المجاهد في سبيل الله تعالى،
عندما لا يشجع الجو على العبادة، عندما يرجع كثير من الناس إلى فتورهم بعد رمضان،
عندما تقوم أنت بالعبادة لا شك أن لك أجراً عظيماً،
عندما فتر الناس أنت نشطت، عندما تقاعس الناس أنت تقدمت، عندما تخلفوا أنت تقدمت.


ثامناً: مآسي ما بعد رمضان .

من الوقفات العظيمة التي نقفها الوقفة للذين دخلوا رمضان بالمعاصي وخرجوا بالمعاصي، إنهم لم يستفيدوا شيئاً

قال الله تعالى: وَإِذَا جَآؤُوكُمْ قَالُوَاْ آمَنَّا وَقَد دَّخَلُواْ بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ

قال ابن كثير رحمه الله: هذه صفة المنافقين، وقد دخلوا، أي: يعني: مستصحبين الكفر في قلوبهم، ثم خرجوا من عندك والكفر كامن فيها، لم ينتفعوا بما سمعوا، لم يفد فيهم العلم، فالذين دخلوا رمضان ثم خرجوا مثلما كانوا قبل رمضان أو أسوأ تنطبق عليهم هذه الآية،

دخلوا بالمعاصي وخرجوا بالمعاصي، بعد رمضان رجعوا إلى ما كانوا فيه من المنكرات، لم يستفيدوا من رمضان،

رمضان لم يورث توبة عندهم، ولا استغفاراً، ولا إقلاعاً عن المعاصي، ولا ندماً على ما فات،

لقد كانت محطة مؤقتة ثم رجعوا إلى ما كانوا فيه،

هذه النفسية السيئة هل عبدت الله حق عبادته؟
هل وفت حق الله؟ هل أطاعت الله أصلاً؟

هذه مصيبة كبيرة أن يعود شراب الخمور إلى خمورهم، ومتعاطوا المخدرات إلى مخدراتهم، وأصحاب الزنا إلى الزنا،
وأصحاب الربا إلى الربا، وأصحاب الفسق ومجالس اللغو إلى اللغو، وأن يعود أصحاب السفريات المحرمة إلى السفريات المحرمة،

هذه مصيبة والله! كارثة! دخلوا بالمعاصي وخرجوا بالمعاصي ما استفادوا شيئاً أبداً.
بعض الناس يتصور أن ما حصل في رمضان كافٍ للتكفير عن سيئات الأحد عشر شهراً القادمة، ولذلك فهو يحمل على ما مضى ويعول على ما مضى، وكأن هذا باعتباره ونظره ما حصل منه كافٍ، مستند يستند عليه، ومتكأ يتكئ عليه لمعصية الله تعالى، وهو ما درى ربما رد على أعقابه ولم يقبل منه عمل واحد في رمضان.


من المآسي ما بعد رمضان، نكتشف ما حصل من البلايا في رمضان، تفريط! هذا أكل مجاملة لكفار دخل عليهم المكتب وهم يأكلون فأكل معهم، وهذه حصلت! وهذا وقع على زوجته في نهار رمضان وانتهك حرمة الشهر الكريم بأسوأ مفطر من المفطرات وعليه الكفارة المغلظة عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع لمرض وعذر حقيقي لا تلاعب فإنه يطعم ستين مسكيناً، فكيف بمن زنا في رمضان، وفعل الفاحشة في رمضان، هذا كلام العلماء لمن حصل له ذلك في نهار رمضان، قتلى حوادث السيارات في العيد، الذين يخرجون متهورين لا تسعهم الفرحة، الفرحة بالمعصية، الفرحة بانقضاء موسم الطاعة، ماذا يكون حالهم؟ مآسي ما بعد رمضان.

تاسعاً: هل تعلمون من هم الفائزون؟ العائدون؟

يقول الناس لبعضهم البعض في العيد من العبارات التي يقولها العامة: من العائدين! ومن الفائزين!

هل تعلمون من هم الفائزون؟ قال الله تعالى: فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ...
لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ...
وقال الله عن أهل الجنة: خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
وقال: لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ..
هؤلاء هم الفائزون، فالفوز الحقيقي الفوز في الجنة.


الوقفة العاشرة : قضاء ما فات من صيام رمضان
تذكّروا بعض الأحكام الشرعية من فاته شيء من رمضان كالمسافر والمريض والحائض والنفساء فإنه يقضي بعدد الأيام التي أفطرها؛

لقوله تعالى: فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ

فإن كان الشهر ثلاثين وأفطره لزمه ثلاثين، وإن كان تسعة وعشرين فأفطره لزمه تسعة وعشرون،

ويجوز أن يقضيه متتابعاً أو مفرقاً وهذا هو الراجح،
فإن الله لن يشترط التتابع وإنما أطلق فقال: فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وتنبغي المبادرة إلى القضاء،
والأولى أن يكون من حين زوال العذر؛ لأنه أسبق إلى الخير وأسرع في إبراء الذمة،
ويجوز أن يؤخره حتى لا يكون بينه وبين رمضان الثاني بعدد الأيام التي بقيت،
ولا يجوز تأخير القضاء أكثر من ذلك أبداً،
ومن فعله فهو عاصٍ عليه التوبة والكفارة، كفارة التأخير،

ولكن من أخر لعذرٍ فليس عليه شيء

وقد قالت عائشة رضي الله عنها: "كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان"

ومن شرع في صوم واجب كالقضاء أو الكفارة والنذر فلا بد له من إتمامه وليس مخيراً في الإفطار،
ولا بد من نيةٍ لصيام القضاء من الليل، واعلموا رحمكم الله أن قضاء رمضان قبل الست،
قبل صيام الست(من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر) ولو لم يكفِ الشهر شهر شوال للقضاء والست يبدأ بالقضاء، يبدأ بالواجب،
بل إن صيام الكفارة الواجب يقدم على الست ولا قضاء للست بعد شوال،

ولكن يصوم من ذي القعدة إذا لم يكفِ الوقت لاستدراك ما يمكن استدراكه من الخير،
والأفضل النية لصيام الست من الليل أحسن خروجاً من خلاف أهل العلم،
ولكن من أصبح فصام في الصباح ونوى ولم يأكل شيئاً فصيامه صحيح، ونفله مقبول عند الله عز وجل،
لحديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها

قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم: (يا عائشة هل عندكم شيء؟) قالت: يا رسول الله ما عندنا شيء، قال: (فإني صائم) قالت: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهديت له هدية، قالت: فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يا رسول الله أهديت لنا هدية وقد خبأت لك شيئاً، قال: (ما هو) قلت: حيس طعام من التمر والأقط والسمن قال: (هاتيه) فجئت به فأكل ثم قال: (قد كنت أصبحت صائماً) قال طلحة: فحدثت مجاهداً بهذا الحديث، قال:"ذلك بمنزلة الرجل يخرج الصدقة من ماله فإن شاء أمضاها وإن شاء أمسكها" رواه مسلم ,

فإذاً حثوا النساء على القضاء والحامل والمرضع كذلك الراجح عليهما القضاء فقط أفطرتا عن نفسيهما أو ولديهما وإن أطعمتا مع القضاء أحسن،
لكن الراجح أن عليهما القضاء فقط كالمريض، وكذلك نذكر الذين لم يخرجوا كل الزكاة بعضهم أخرج جزءً من الزكاة في رمضان سارعوا بإخراج بقية الزكاة يرحمكم الله.



هذا شهر مبارك الذي نحن فيه أيضاً وهو شهر شوال، وعوضنا الله بأشياء

به تبتدئ أشهر الحج شوال، وذو القعدة، وعشر ذي الحجة، ويأتي بعده موسم الحج بأشهر الحج؛
دلالة على الاستمرار في الطاعة، وحتى لا ينسى الناس العبادة،
موسم عظيم بعد موسم عظيم وفي هذا الشهر شهر شوال الست،
وقضاء الاعتكاف،
فقد اعتكف النبي صلى الله عليه وسلم عشراً من شوال لما فاته الاعتكاف في رمضان،
وربما كان يفوته في الغزو والجهاد، وهو شهر بناء ونكاح وإعفاف بالحلال، قالت عائشة:
"تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال، وبنى بي في شوال،
وكانت عائشة تستحب أن تدخل نساءها في شوال" كما جاء في صحيح مسلم.


وأخيرا نداء:

يامن أعتقه مولاه من النار إياك أن تعود إليها بعد أن صرت حراً من رق الأوزار، أيبعدك مولاك من النار وأنت تتقرب منها! وينقذك منها وأنت توقع نفسك فيها ولا تحد عنها! إن كانت الرحمة للمحسنين فالمسيء لا ييأس منها، وإن تكن المغفرة مكتوبة للمتقين فالظالم لنفسه غير محجوب عنها، ورحمة الله واسعة.

إن كان لا يرجوك إلا محسن *** فمن الذي يرجو ويدعوا المسلم

نسال الله عز وجل أن نكون من أهل الجنة، نسال الله أن يجعلنا ممن قبل عمله في رمضان، اللهم تقبل ما حصل من العمل واغفر لنا الخطأ والتقصير والزلل،
اللهم إنا نسألك رحمة من عندك تلم بها شعثنا، وتغفر بها ذنبنا، وترحم بها ميتنا، وتشفي بها مريضنا، وتقضي بها ديننا، اللهم إنا نسألك رحمة من عندك تجعلنا فيها بعد هذا الشهر الكريم خيراً مما كنا قبله.




أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


دع البكاء على الأطلال والدار *** واذكر لمن بان من خل ومن جار
وادرِ الدموع نحيباً وابكِ من أسفٍ *** على فراق ليالٍ ذات أنوار
على ليال لشهر الصوم ما جعلت *** إلا لتمحيص آثام وأوزار
يا لا ألمي في البكا زدني به كلفاً *** واسمع غريب أحاديثي وأخباري
ما كان أحسننا والشمل مجتمع *** منا المصلي ومنا القانت القاري
أي شهر قد تولى يا عباد الله عنا *** حُق أن نبكي عليه بدماء لو عقلنا
كيف لا نبكي لشهر مر بالغفلة عنا *** ثم لا نعلم أنا قد قبلنا أو طردنا
ليت شعري من هو المحروم والمطرود منا *** ومن المقبول ممن صام منا فيهنى
كان هذا الشهر نوراً بيننا يزهر حسنا *** فاجعل اللهم عقباه نورا وحسنا


https://encrypted-tbn0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcTTQA4DTVwufQxs43Zhe6WohfD05ES5O Zx7AFlHP-_rTBzDNtnu (https://www.google.com/imgres?imgurl=https%3A%2F%2Fwww.alukah.net%2Fimage s%2Fcontent%2Ffull%2F119905%2F119905_180x180.jpg&imgrefurl=https%3A%2F%2Fwww.alukah.net%2Fspotlight %2F0%2F119905%2F&docid=DDS7omO9v8Jq6M&tbnid=MLErWy0JgOG3AM%3A&vet=10ahUKEwiet9Omtd7iAhXGY1AKHXpnCk0QMwhyKBwwHA.. i&w=180&h=180&bih=656&biw=1366&q=%D8%A8%D8%B9%D8%AF%20%D8%B1%D9%85%D8%B6%D8%A7%D9 %86&ved=0ahUKEwiet9Omtd7iAhXGY1AKHXpnCk0QMwhyKBwwHA&iact=mrc&uact=8)

تباشيرالأمل
10-06-2019, 12:24 PM
نسأل الله أن لايحرمنا من فضله
وان يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال
وان يجعلنا ممن غفر ذنبه وتقبل عمله
ويعيننا وإياكم على طاعته
ويثبتنا ولايفتنا
جزاك الله خيرا
وبارك فيك
طرح قيم

أبـوالولـــيـد
11-06-2019, 07:40 AM
نحمد الله تعالى ان مد بأعمارنا
وبلغنا رمضان واتممنا صيامه
وفرحنا بالعيد السعيد
نسال الله تعالى ان يتقبل اعمالنا وصيامنا وقيامنا
بوركت اناملك سيدتي فاقد ابدعت بما نثرتي