المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التعويبة الاخيرة



شموس الحق
17-06-2019, 02:44 PM
التعويبة الاخيرة ....وحيدة جلست تحت شجرة سمر صغيرة في آخر الوادي.. وارفة الظل ..تمسك بعود تلوح به..في حين تناثرت أغنامها على سفح الوادي.. في حين اقتربت الشمس لحدود المغيب.. وتناثر اصفرارها على صفحة ماء الوادي الذي ينساب بهدوء على نقيق ضفادع صغيرة تتقافز على جنباته .. ملابسها قاتمة الالوان.. رثة بفعل عرق الصيف ..وجحيم الريح (الغربي) القادمة من هامات جبل (الحمري) ..الجاثم خلف بلدتها الصغيرة التي تلفها واحة نخيل ...نظرت الى قمته الشاهقةمتفحصة .. تمنت ان تقف يوما على قمة الحمري ..لتعرف ما يخفى خلفه في الجانب الاخر من عالم تعتقد انه سري ..قد يعلم تفاصيله اولئك العابرون للوادي بمركباتهم ودوابهم صباح كل يوم.. لا يراودها ادنى شك انه عالم جميل...لا يقل جمالا عن بلدتها الرائعة .. وواديها الرقراق .. وغابة نخيل تعانق الأفق..وشجر الليمون والسفرجل.. راودتها فكرة جميلة .. ان تصعد يوما ما الى قمة جبل الحمري ..لتستكشف ما يخبيء هذا الجبل خلفه .. كالعادة بعثت الفكرة في نفسها احساسا جميلا لتتغنى بتعويبتها المعتادة..تعلمتها من جدتها رحمها الله في رحلات الرعي وجمع الحطب ..، في حين تقافزت الشياه فرحة بتعويبة صاحبتها الصغيرة ...(يا عوب ..ياعوب ..ياعوب..علوه ونحش ونهول.. نحن صغيرين ماه ونذكر دهر اول...يمي يو موزه ..معنا تعويب..ومخابر مكنوزه)..بينما مالتالشمس نحو حدود المغيب ..لتهش عائشة اغنامها نحو طريق العودة الى بلدتها الصغيرة ..تستقبلها امها باحضان دافئة ..تسرد الفتاة تفاصيل رحلتها في الوادي ..اسرعت لتنام باكرا ..تحسبا لرحلة الغد..أستيقظت باكرا.. أقتربت من أمهاالجالسة على موقد الخبز .. لتأكل شيئا من الخبز الشهي برائحته الزكية ..وتحتسي كوبا من حليب الاغنام الساخن .. ثم استأذنت امها الذهاب للمرعى قبل شروق شمس الصباح..أبتعدت عن المنزل خلف الاغنام ..ترمقها الام بنظرات وداع ..بدت في عيني أمها صغيرة في بطن الوادي ..توارت عن الانظار ..سلكت الفتاة واغنامها طريقا وعرا باتجاه قمة جبل الحمري..يدفعها الفضول والرغبة الجامحة.. الاغنام تتقافز بين الصخور... بينما تسعى الفتاة - جاهدة - لتجاوز الصخور الكبيرة والمرتفعات الخطرة .. مرهقة ومتعبة .. واصلت التسلق دون كلل.. وصلت القمة بسلام.. صدمت في الوهلة الاولى لما شاهدته خلف الجبل .. انها المدينة وبريقها ودورها ..أبهرت مما تشاهد .. وما زادها ابهارا شيئا ازرق يمتد خلف المدينة على مد البصر ..اعتقدت انه وادي كبير .. لم تسمع من قبل بأنه يسمى ( بحرا) ..جذبتها المدينة بشغف..تمنت ان تصل لما تعتقد أنه وادي كبير .. لتستمتع بالغطس في مياههالواسعة..لما لا؟ ...دفعها المنظرلتهبط من قمة الجبل لتواصل مسيرها نحو المدينة والبحر ..انها الرغبة الجامحة وغواية المدينة...بينما امها موزة وقفت تنظر في بطن الوادي قدوم ابنتها (عواش) –كما تسميها- في الموعد قبل غروب الشمس ..دون ان تصل ..فقدت زمام الصبر بحلول الغروب وغياب الشمس ..تجمع رجال البلدة الصغيرة ..قرروا البحث عن عواشفي بطن الوادي ..راودهم شعور بتعرضها لهجوم غادرمن ذئاب السيح او ربما لدغة افعى –لا قدر الله... أنطلقوا معتمرين اسلحتهم التقليدية..رافقتهم الأم .. في آخر الوادي ..أكدت انها تسمع صدى تعويبة ابنتها ..تتردد في اذنها .. بحلول منتصف الليل عزم الرجال العودة الى بلدتهم..مع شروق شمس الصباح تجدد الأمل بعودة عواش..واصل الرجال مهمة البحث مرة اخرى..تسلل اليأس الى نفوسهم..هاهم يعودون في منتصف النهار دون جدوى مرة اخرى..وبعد صلاة الظهر ..شاهدوا مركبة تاجر الأسماك تقترب من بلدتهم قادمة من رحاب المدينة ..لدى وصولها .. كالعادة ذهبت بعض النسوة والرجال لشراء ما لديه من اسماك..ليتفاجأوا بأن المركبة لم تكن محملة بالأسماك ..بل جثمان فتاة صغيرة ممد في حوض المركبة .. أخبرهم –بنبرة حزن – ان الفتاة كانت غارقة في البحر-على حد قوله...فتحت إحدى النسوة الغطاء عن وجه الفتاة ..تأكدت أنها عواش.. أطلقت صرخة مدوية ..تردد صداها في بطن الوادي وقمة جبل الحمري ... بقلمي /ناصر الضامري

آسية
17-06-2019, 08:03 PM
سرد قصصي مبهر وجميل جدا جدا

إستمتعت جدا ببداية القصة والتسلسل الجميل للأحداث وإندمجت مع السرد كما أعجبتني جدا التعويبة لأصدم بنهاية مأساوية ما كنت أرغب بهذه النهاية المحزنة..

الكاتب والشاعر ناصر الضامري الله يعطيك العافية..

نوارة الكون
18-06-2019, 08:15 AM
قصه اخذتني للبعيد
استمتعت بالبدايه بالقراءه ولاكن صدمتني النهايه
سلمت يمناك استاذي
ودمت في حفظ الرحمن

أميرة الروح
18-06-2019, 09:36 AM
قصه رائعه جدا
والتعويبه جميلة
راقت لي
بالرغم من النهايه المأساويه لتلك الفتاه الحالمه
بارك الله فيك ووفقك دوما

صدى صوت
19-06-2019, 10:49 PM
احيانا الرغبة في اكتشاف الاشياء تكون سببا في هلاك عندما تكون الرغبة اقوى من مجرد التفكير فيما ستؤول اليه النتائج.
هذا ما حدث مع عواش.. كانت رغبتها في اكتشاف العالم الآخر القابع خلف الجبل سببا في غرقها.. غرقها في المجهول.
نص جميل ومبهر ويستحق القراءة
يقيم

رايق البال
20-06-2019, 08:39 PM
هلا شموس ..
قصه جميله ومشوقه رغم انها مؤلمه للغايه في نهايتها
الف شكر لإبداع قلمك وتفاعلك الجميل
طابت مساءاتك ..

شموس الحق
22-06-2019, 02:56 PM
سرد قصصي مبهر وجميل جدا جدا

إستمتعت جدا ببداية القصة والتسلسل الجميل للأحداث وإندمجت مع السرد كما أعجبتني جدا التعويبة لأصدم بنهاية مأساوية ما كنت أرغب بهذه النهاية المحزنة..

الكاتب والشاعر ناصر الضامري الله يعطيك العافية..
اسعدت كثيرا بتعقيبك الرائع الليدي بسمة
صدمت النهاية مقرون بصدمة المدينة وبريقها
كل الشكر والتقدير على المرور

شموس الحق
22-06-2019, 02:58 PM
قصه اخذتني للبعيد
استمتعت بالبدايه بالقراءه ولاكن صدمتني النهايه
سلمت يمناك استاذي
ودمت في حفظ الرحمن
نوارة الكون
كم هو رائع حضورك واطلالتك على النص وتفاعلك معه
تقبلي شكري

شموس الحق
22-06-2019, 03:00 PM
قصه رائعه جدا
والتعويبه جميلة
راقت لي
بالرغم من النهايه المأساويه لتلك الفتاه الحالمه
بارك الله فيك ووفقك دوما
رائع للغاية مرورك على النص
ولاشك ان تفاعلك مع نهاية القصة دليل على ذائقتك الرائعة
كل الشكر والتقدير

ســـعـيد مصــبـح الغــافــري
28-06-2019, 07:34 PM
الأديب الشاعر الجميل / ناصر الضامري
كم جدا جدا اشتقت لنصوصك التي لا تخذل مشاعري أبدا حين أقرأها
دمت كما أحب دائما أن أراك
ناصر الضامري
وفقط ناصر الضامري
بكل جمال قلبه الشاعر والناثر
بكل هذا الفكر الراقي الموجود فيه
كل اشواقي وتحياتي لك أخي
دمت بخير وسعادة

شموس الحق
01-07-2019, 02:28 PM
الأديب الشاعر الجميل / ناصر الضامري
كم جدا جدا اشتقت لنصوصك التي لا تخذل مشاعري أبدا حين أقرأها
دمت كما أحب دائما أن أراك
ناصر الضامري
وفقط ناصر الضامري
بكل جمال قلبه الشاعر والناثر
بكل هذا الفكر الراقي الموجود فيه
كل اشواقي وتحياتي لك أخي
دمت بخير وسعادة

ابتهج كثيرا حينما اقرأ تعقيبا لسعيد الغافري
انه ليس مجرد تعقيب فهو يعني لي الكثير
وهذا النص يجيد سعيد الغوص فيه والابحار بين امواجه المتلاطمة
كل الشكر والتقدير

شموس الحق
01-07-2019, 08:44 PM
احيانا الرغبة في اكتشاف الاشياء تكون سببا في هلاك عندما تكون الرغبة اقوى من مجرد التفكير فيما ستؤول اليه النتائج.
هذا ما حدث مع عواش.. كانت رغبتها في اكتشاف العالم الآخر القابع خلف الجبل سببا في غرقها.. غرقها في المجهول.
نص جميل ومبهر ويستحق القراءة
يقيم
الله عليك استاذ صدى صوت..لا شك انك تجيد قراءة النص وفهمه جيدا
وبالفعل هي الرغبة في اكتشاف المدينة احيانا تؤدي بنا الى ما يحمد عقباه
لذا يجب علينا ان نحتاط قليلا..كل الشكر والتقدير

شموس الحق
01-07-2019, 08:46 PM
هلا شموس ..
قصه جميله ومشوقه رغم انها مؤلمه للغايه في نهايتها
الف شكر لإبداع قلمك وتفاعلك الجميل
طابت مساءاتك ..


حياك استاذ رايق البال
يهمني كثيرا رأيك وتعقيبك فيما أحاول
ولك مني كل الشكر والتقدير