المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مذاق الصبر



شموس الحق
04-07-2019, 09:12 AM
مذاق الفقد جلس منزويا في احدى اركان ذلك المكان المزحوم بالالم .. بعيدا عن تجمعات الرفاق .. محشورا في زاوية احزانه .. تكوم على نفسه كأنه زاهدا في محرابه .. يتأمل ساعة الحائط البغيضة .. دام صمته طويلا .. آلام الدهر تماهت في جبينه المكفهر .. لم يرحم شفاهه العابسة .. طوقه التفكير .. خنق انفاسه بعزلة حصينه .. واسوار عاليه .. لم نتجرأ على اقتحامها .. مثله كثيرون هنا .. لكنه مختلف عنهم .. تجاوز الحدود المعقولة .. طاف المسموح به وغير المسموح .. طوقته قضبان الصمت.. عصرت قلبه .. يرثي ما مضى من عمره وسنين الجفاف .. ضاع الحرث والنسل .. يرثي ما تبقى من احلام شبابه .. اطبقت على انفاسه سنوات الحزن .. تكسرت امام موانئه البعيدة أمواج حبلى بالامنيات والاحلام .. باءت محاولاته بالفشل.. ولكن دون يأس.. حينما حاول اختراق حصون وأسوار واقعه المرير .. عيون تراقبه .. قلوب تتأمله .. اخرى تزدريه .. وتسخر منه .. ذات يوم تكسرت أشرعته و دفعته الرياح ليجنح الى شاطيء حزين .... دفعني الفضول نحوه .. اقتربت منه كثيرا .. كتم الامس انفاسه .. سألته كما ينبغي ان يسأل الغرباء .. سبرت اغواره .. هيجت اعماقه باسئلة شتت رغبات مكبوتة في صدره .. سمعت منه همسا يطغى عليه الالم .. ربما اقل من المعتاد .. اجوبة قصيرة ومختصرة .. التزمت الصبر كالعادة .. لم تطفأ نار الفضول لدي ..أجوبته تشبه قطرات ماء .. في صيفالعطش .. اصبحت مطرا.. اتسعت الدائرة قليلا .. بادرني بسؤال غير متوقع .. خصني بابتسامة متحفظة .. دعوة خجوله .. لم اتردد في قبولها..شعرت بالبرد .. وذوبان الجليد .. تدافعت تلك القطرات المتساقطة .. اظلمت السماء .. كانها تمطر .. زخات.. هربت الى خلف الابواب .. ازهرت الارض ورودا .. تلعثم الرفيق كثيرا .. بكى كثيرا .. شعرت برغبة جامحة .. بوح لم يروق له .. كشف اللثام .. آذان صاغية تنتظر في انصات .. دموع غياب والم .. لثمتها شفاه متصحرة.. غمغمت بالآه ..و قهر الرجال .. تجلى كشمس الصباح .. كدموع اطفال مريضة.. مستوحشة.. ظلام الوحدة القاتل .. سنوات الغربة والحرمان .. سراب الاحلام .. قاطعته قليلا .. استعاد انفاسه المبعثرة .. فوضى مفرطه في احشائه ..رسم لوحة بالوان صاخبة .. اختزل عذاب الدنيا .. تناقضات مبعثرة .. لوحة في جدران الروح .. تشبه اعماق بحاره .. احزان تتوالد من احزان اخرى .. استاذنته .. لم يسمعني .. لانه غارق في بحر ظلامه .. زلزال ضرب معاقل جراحه .... جلس وحيدا ذات مساء .. أمسك بقربه رواية مذاق الصبر .. ذاب بين سطورها .. وصفحاتها .. كانه ماسور في بريق فكرتها .. تشابكت الخيوط في خياله الواسع .. تقاسمت معه انين الصبر .. استفزتني ارادته وعزمه .. نحو مستقبل غد .. احكم قبضته على زمام الامور .. وعلى حطام الماضي .. تحرر من قبضة قضبان الغياب .. رحل بعيدا .. سافر باجنحة خيال الى هناك .. مشى خلف ظلال قمرية .. في شاطيء قمري ..تخيل كثيرا.. كأنها تمسك تلك الفاتنة انامله وقلبه .. تمسد راسه .. همست في اذنه .. كلام لم يستوعبه بعد .. احلاما كبيرة بلا حدود .. طريق طويل .. خارطة طريق العمر .. رسم الحب والسعادة .. وبساتين الورود .. طار الى نجوم المساء .. تذكر شهادة السنة الاخيرة من دراسته.. مساء حفل التخرج .. تذكر عالمه الافتراضي ... واروقة ذلك المكان البائس ..وتلك الوجوه المشؤومة .. والاسماء القبيحة .. تذكر اليوم الاخير .. لقاء الظهيرة .. قبل العودة .. قبل ان يلعن تلك الأقنعة السوداء .. وجلبة الحضور.. وتلك الغرفة اللعينة .. لا يزال يتامل جروح معصمه .. وقلبه .. يتذكر استغاثات آخر الليل .. وآخر الأحزان .. انه يوم الرحيل .. نقطة اللاعودة..زمن فقد الرحمة والانسانية .. وأفلت شمس الحب.. ساد الظلام .. تعالت أصوات .. تأمل تلك الاسوار العالية .. وأشياء اخرى ..تلتوي كانها ثعابين الليل .. تعكس بريق النجوم .. ووجوه العابسين .. تاملني بالقرب منه ..رفع راسه ... سألني .. اختصرت له الاجابة .. لم ترقني نظراته.. ووجهه العابس .. شعرت بخيبة امله .. اقسم يمينا غليظة .. انكر كل شي.. انه يعلم اصول اللعبة .. اربكت مشاعره الساكنة بين ضلوعه .. حطمت اركان قلبه .. انه على يقين انها ستعود يوما ما ..ذات يوم تشرق فيه الشمس .. تمطر السماء بردا ... تنثر الارض ورودا .. تنفح الحياة اريج حب .. ثم استاذن الى خلوته .. فهو على موعد مهم .. ومائدة عشاء دسمة.. ووجوه غريبة في الاحلام .. مشتاق اليها ..على موعد.. يشبه هدايا الميلاد .. واشياء اخرى .. تحمل فصول انتظاربين ضلوعه.. يمسح دموع..مشى يجر خلفه الم الخطيئة الزائفة .. لم يلتفت خلفه .. راقبته حتى ذاب في الظلام .. رمقت اسراب طيور مهاجرة تحلق في الظلام .. تعالت اصواتها .. هممت بالعودة بعد ان عرفت مذاق الفقد.. عدت الى غرفتي .. ودفتر مذكراتي .. اكتب قصة شقية .. غواية حب مؤلم .. في عالم آخر .. في زمن آخر.... تذكرت تلك اللحظة السوداء .. والغرفة المظلمة .. و دموع بالية .. بقلمي/ ناصر الضامري

أميرة الروح
04-07-2019, 01:47 PM
دائما مبدع في سردك للقصص
قصة جميلة وراقيه
أبحرت في كلماتها إلى عالم ثاني
بارك الله فيك

رايق البال
06-07-2019, 09:21 PM
هلا شموس ..
قصه جميله وتصوير مذهل للاحداث
احييك على هذه المواهب المتعدده
الف شكر لجهدك وابداعك وتفاعلك الجميل
طابت مساءاتك ..

نوارة الكون
07-07-2019, 07:33 AM
من تميز اي آخر استاذي الكريم
قلم مبدع
دمت في حفظ الرحمن

ابوقيس99
08-07-2019, 05:16 PM
لا أستطيع اضيف عليك شئ
فقط أقول أنك قمة الابداع والتميز اخي ناصر

شموس الحق
10-07-2019, 01:38 PM
دائما مبدع في سردك للقصص
قصة جميلة وراقيه
أبحرت في كلماتها إلى عالم ثاني
بارك الله فيك
هلا بك اميرة الروح
تحياتي الحارة وشكري لك

شموس الحق
10-07-2019, 01:40 PM
هلا شموس ..
قصه جميله وتصوير مذهل للاحداث
احييك على هذه المواهب المتعدده
الف شكر لجهدك وابداعك وتفاعلك الجميل
طابت مساءاتك ..


حياك الغالي رايق البال
مليون شكر والتقدير على جهودك الملموسة

|| كآف ||
13-07-2019, 02:49 PM
أيُّ قلمٍ وشحتَ سطورَ هذا الإبداع أستاذي الكريم
سُطور حُبلى بإبداع يفوق الخيال

عشتُ تفاصيلها إلى أن أيقضتني نهاية سطورها

شكرًا لبهاءِ قلمك وفِكرك || ⚙️