المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مذاق الألم



شموس الحق
05-09-2019, 01:01 PM
مذاق الألم جلس منزويا في احدى اركان ذلك المكان المزحوم بالالم .. بعيدا عن تجمعات الرفاق .. محشورا في زاوية احزانه .. تكوم على نفسه كأنه زاهدا في محرابه .. يتأمل ساعة الحائط البغيضة .. دام صمته طويلا .. آلام الدهر تماهت في جبينه المكفهر .. لم يرحم شفاهه العابسة .. طوقه التفكير .. خنق انفاسه بعزلة حصينه .. واسوار عاليه .. لم نتجرأ على اقتحامها .. مثله كثيرون هنا .. لكنه مختلف عنهم .. تجاوز الحدود المعقولة .. طاف المسموح به وغير المسموح .. طوقته قضبان الصمت.. عصرت قلبه .. يرثي ما مضى من عمره وسنين الجفاف .. ضاع الحرث والنسل .. يرثي ما تبقى من احلام شبابه .. اطبقت على انفاسه سنوات الحزن .. تكسرت امام موانئه البعيدة أمواج حبلى بالامنيات والاحلام .. باءت محاولاته بالفشل .. حينما حاول اختراق حصون وأسوار واقعه المرير .. عيون تراقبه .. قلوب تتأمله .. اخرى تزدريه .. وتسخر منه .. ذات يوم تكسرت أشرعته و دفعته الرياح ليجنح الى شاطيء حزين .... دفعني الفضول نحوه .. اقتربت منه كثيرا .. كتم الامس انفاسه .. سألته كما ينبغي ان يسأل الغرباء .. سبرت اغواره .. هيجت اعماقه باسئلة شتت رغبات مكبوتة في صدره .. سمعت منه همسا يطغى عليه الالم .. ربما اقل من المعتاد .. اجوبة قصيرة ومختصرة .. التزمت الصبر كالعادة .. لم تطفأ نار الفضول لدي ..أجوبته تشبه قطرات ماء .. في صيف العطش .. اصبحت مطرا.. اتسعت الدائرة قليلا .. بادرني بسؤال غير متوقع .. خصني بابتسامة متحفظة .. دعوة خجوله .. لم اتردد في قبولها ..شعرت بالبرد .. وذوبان الجليد .. تدافعت تلك القطرات المتساقطة .. اظلمت السماء .. كانها تمطر .. زخات.. هربت الى خلف الابواب .. ازهرت الارض ورودا .. تلعثم الرفيق كثيرا .. بكى كثيرا .. شعرت برغبة جامحة .. بوح لم يروق له .. كشف اللثام .. آذان صاغية تنتظر في انصات .. دموع غياب والم .. لثمتها شفاه متصحرة.. غمغمت بالآه ..و قهر الرجال .. تجلى كشمس الصباح .. كدموع اطفال مريضة .. عيون باكية .. مستوحشة.. ماضيعلن بيانه .. ظلام الوحدة القاتل .. سنوات الغربة والحرمان .. سراب الاحلام .. قاطعته قليلا .. استعاد انفاسه المبعثرة .. فوضى مفرطه في احشائه ..رسم لوحة بالوان صاخبة .. اختزل عذاب الدنيا .. تناقضات مبعثرة .. لوحة في جدران الروح .. تشبه اعماق بحاره .. احزان تتوالد من احزان اخرى .. استاذنته .. لم يسمعني .. لانه غارق في بحر ظلامه .. زلزال ضرب معاقل جراحه .. عدت الى غرفتي .. ودفتر مذكراتي .. اكتب قصة شقية .. حب مؤلم .. في عالم آخر .. في زمن آخر.... تذكرت تلك اللحظة السوداء .. والغرفة المظلمة .. و دموع بالية .. وصبر محترق .. وصخب قرية ..وسط ظلام ليلة في آخر الشهر,, جلس وحيدا ذات مساء .. رمقته يمسك رواية.. كأنها مذاق الصبر .. ذاب بين سطورها .. وصفحاتها .. ماسورا في بريق فكرتها .. تشابكت الخيوط في خياله الواسع .. تقاسمت عيونه انين الصبر .. استفزتني ارادته وعزمه .. احكم قبضته على زمام الامور .. وعلى حطام الماضي .. اقتربت منه رويدا .. لم يشعر بقربي منه .. مطلقا .. كانه تحرر من قبضة الألم .. رحل بعيدا .. سافر باجنحة خيال الى هناك .. مشى خلف ظلال قمرية .. في شاطيء قمري .. تمسك تلك الفاتنة انامله وقلبه .. تمسد راسه .. همست في اذنه .. كلام لم يستوعبه بعد .. احلاما كبيرة بلا حدود .. طريق طويل .. آفاق انسانية ..اطرق سمعه ينصت لها باهتمام واضح ..وطموح شباب .. نهاية صبره .. احلام طفولة .. خارطة طريق العمر .. رسم الحب والسعادة .. وبساتين الورود .. طار الى نجوم المساء .. تذكر شهادة السنة الاخيرة من دراسته في الكلية .. مساء حفل التخرج .. تذكر عالمه الافتراضي ... واروقة ذلك المكان البائس ..وتلك الوجوه المشؤومة .. والاسماء القبيحة .. تذكر اليوم الاخير .. لقاء الظهيرة .. قبل العودة .. قبل ان يلعن تلك الاشباح.. وتلك الغرفة اللعينة .. لا يزال يتامل جروح معصمه .. وقلبه .. يتذكر استغاثات آخر الليل .. وآخر الأحزان .. انه يوم الرحيل .. نقطة اللاعودة.. افلت شمس الحب.. ساد الظلام .. تعالت أصوات .. تأمل تلك الاسوار العالية .. والاشواك الملتوية .. كانها ثعابين الليل .. تعكس بريق النجوم .. ووجوه العابسين .. تاملني بالقرب منه ..رفع راسه ... سألني .. اختصرت له الاجابة .. لم ترقني نظراته.. ووجهه العابس .. شعرت بخيبة امله .. اقسم يمينا غليظة .. انكر كل شي.. انه يعلم اصول اللعبة .. اربكت مشاعره الساكنة بين ضلوعه .. حطمت اركان قلبه .. انه على يقين انها ستعود يوما ما ..ذات يوم تشرق فيه الشمس .. تمطر السماء بردا ... تنثر الارض ورودا .. تنفح الحياة اريج حب .. ثم استاذن الى خلوته .. فهو على موعد بلقاء خاص مع خيالها.. ومائدة عشاء دسمة.. ووجوه غريبة في الاحلام .. مشتاق اليها ..على موعد.. يشبههدايا الميلاد .. واشياء اخرى .. تحمل فصول انتظاربين ضلوعه.. يمسح دموع..مشى يجر خلفه الم الخطيئة الزائفة .. لم يلتفت خلفه .. راقبته حتى ذاب في الظلام .. رمقت اسراب طيور مهاجرة تحلق في الظلام .. تعالت اصواتها .. هممت بالعودة بعد ان عرفت مذاق الألم.. بقلمي/ ناصر الضامري

نديم الماضي
05-09-2019, 07:03 PM
مبدع استاذي العزيز
يعطيك العافيه قصه في قمة الروعه

رايق البال
06-09-2019, 07:48 PM
هلا شموس ..
قصه جدا رائعه كما تعودنا منك واحييك على هذا الابداع والتألق المستمر
الف شكر لجهدك وتفاعلك الجميل
طابت مساءاتك ..

نوارة الكون
08-09-2019, 10:21 AM
قلم مبدع ومتميز كما تعودنا منك استاذي الفاضل
دمت في حفظ الرحمن

ســـعـيد مصــبـح الغــافــري
08-09-2019, 06:10 PM
النص القصصي الأقوى للكاتب المبدع / ناصر الضامري
بصدق وجدت روحي غائبة في أعماقه
أنت مذهل يا ناصر !!

شموس الحق
09-09-2019, 12:23 PM
مبدع استاذي العزيز
يعطيك العافيه قصه في قمة الروعه
الله يعافيك اخي نديم الماضي والابداع صوبك

شموس الحق
09-09-2019, 12:25 PM
هلا شموس ..
قصه جدا رائعه كما تعودنا منك واحييك على هذا الابداع والتألق المستمر
الف شكر لجهدك وتفاعلك الجميل
طابت مساءاتك ..


اشكرك اخي رايق البال على تفاعلك مع النص
طاب يومك

شموس الحق
09-09-2019, 12:26 PM
قلم مبدع ومتميز كما تعودنا منك استاذي الفاضل
دمت في حفظ الرحمن
لاشك اخت نوارة الكون انت الابداع تحياتي وشكري لك

شموس الحق
10-09-2019, 01:38 PM
النص القصصي الأقوى للكاتب المبدع / ناصر الضامري
بصدق وجدت روحي غائبة في أعماقه
أنت مذهل يا ناصر !!
استاذي العزيز ليس لدي ما اعبر تجاه ماعقبت يرقى لجمال حروفك الساحرة
كل الشكر والتقدير

أميرة الروح
06-10-2019, 03:18 PM
قصة رائعه جدا تعمقت في كلماته
وفقك الله دوما
وبارك الله فيك

صدى صوت
06-10-2019, 03:42 PM
شكرا لك على هذا الابداع عزيزي الشاعر ناصر
قصة جميلة وربي يوفقك والى الامام

شموس الحق
28-10-2019, 12:34 PM
أميرة الروح
كل الشكر والتقدير على جمال حرفك