المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحرية من الخدمة المدنية



سهل الباطن
02-12-2020, 09:46 AM
الحرية من الخدمة المدنية!؟

عبدالله الشيدي
1/12/2020م

لم أصدّق عينيّ وأنا أقرأ قرار قبول استقالتي من الرق والعبودية تحت مسمى موظف، لقد كانت لحظةً يحارُ الإنسانُ في وصفها، عشرون عاماً كاملةً كانت اليدُ مقيدةً بأصفاد عبوديةٍ ناعمةٍ، وحريرية الملمس. لكنّها أبداً لم تكن حقيقتي، ولا هويتي، ولا حتى مطمحي، ولكن كذلك جرت الريحُ بعكس ما اشتهت سفينتي!

عشرون عاماً قيّدتُ فيها أحلامي، وآمالي، وأسلمتُها مُكبّلةً لراعٍ بخسها ثمناً، وأوضعها قدراً، فسجنها في قفصٍ عفنٍ، وأحاطه بحرّاسٍ وافقَت طبقتهم شَنّ، عشرون عاماً والصقرُ يرنو للسماء حتى كاد أن يُجنّ.

هناك فقط يشعرُ المرء بقيمة الحرية المسلوبةِ قسراً، فالمساومة على الحريةِ أمرٌ لا جدال فيه حتى لو كان السجنُ قصرا، ولقد عجبتُ في زمانٍ مضى على من يدفن نفسهُ في نفق الظلام ويتوارى عن الشمسِ لسنينٍ طوال، يكونُ شُغله الشاغل في حضورٍ وانصراف حتى لو كان ما بينهما صفرا!

عشرون عاماً لا أذكُرُ منها سوى بداياتٍ حالمةٍ، استحالت إلى نهاياتٍ جامدةٍ كجليد القطبين! وكثيراً ما كنّا ننادي ونستغيث بأن تعمل الحكومة على صياغة قوانين خدمتها المدنية العتيقة، والتي لا يكفي أن تنتهي اسماً، بل يجب أن تُجتث من جذورها! والبحث عن قوانين تُسعفُ الموظف قبل المسؤول على المبادرة والإنجاز دون الركون إلى زوايا القوانين الركيكة، والتي غالباً ما توفّر قدراً كبيراً من السم المذاب عسلاً في كأسٍ ينعمُ شاربها بنشوة السكرة، لكنّه يُدمّرُ جيناتِ أجيالٍ مُتعاقبةٍ لا ذنب لها إلا أنها وجدت آبائها على أُمّةٍ فاتّبعوا آثارهم مقتدون.

إن استبانةً بسيطةً بسؤالٍ أبسطٍ، وإجابةٌ محددةٌ ب "نعم" أو "لا" لا شك لديّ بأنها سترجعُ علينا بنسبةٍ عاليةٍ فيمن يأملون في الخروجِ من براثنِ الخدمة المدنية بمسماها "الهَرِم"، ولن يُتيح لنا المقام ذكر أسبابها تباعاً، لكننا نوجزها في سببٍ واحدٍ وهو الثوبُ الفضفاض للواجبات والحقوق، والذي سبب ترهُّلاتٍ متتابعةٍ، تحولت مع التقادمِ إلى أغلالٍ وأصفادٍ تكونُ في نعومة العذارى على الذين من شيعتي، أو وبالاً نازلاً على الذين من عدوّي، مُسقطةً من مُعادلة العمل الجِّدَ والاجتهادَ، ومُدخلةً فيها الودَّ والنفاق، ومُختصرةً مستقبل الموظف في يد "مسؤولٍ مُباشرٍ".

حريٌ بنا اليوم ونحنُ نعايشُ الطفرات المجتمعية، والاقتصادية، والعلمية، والتكنولوجية، أن نساير هذه الطفرات ونواكب متطلباتها على جميع الأصعدة، وإلا فإن قبور التاريخ ستكون مثوانا الأخير، فالتطبيل الإعلامي بدا عارياً تماماً مع أول ريحٍ عاصفةٍ، والجنّة التي كان يعدُنا بها لم يجد حتى ورقها ليواري بها سوءته، وبدا جلياً أننا بحاجةٍ لتطورٍ شاملٍ، وتطويرٍ شموليٍ، ليُبعثَ الحلم من جديد، وأرجو أن يكون ذلك في هذا العهد السعيد.

نـــــــقــــــــاء
02-12-2020, 07:28 PM
الحرية من القيود مطلب كل فرد ولكن لا تتسنى للكل للأسف
شكرا للطرح أستاذ سهل

ملك الوسامه
09-12-2020, 09:43 AM
شكرا على الطرح اخوي

وريث العز
09-12-2020, 10:31 PM
الموضوع شيق وجميل والنقاش فيه مثري ربما احدا من هنا وهناك يقف عليه ليستفيد منه قبل ان يفوته القطار هذا فقط ان كان يعاني مما عانيت ... لكن يوجد ايضا وجه مشرق واخر شق طريقه وربما اخر تكيف ووضع مصطلح (موظف في الخدمة المدنية) مجرد ساعات يقضيها واخرى في ادارة عمله الخاص