تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : " سلسلة من المواقف"



مُهاجر
30-09-2024, 08:34 AM
لا تزال ذكراهم عالقة في عقلي وقلبي ، بعد أن طواهم الموت منذ سنوات ، لتلك االأماكن ،
ولذلك الزمان ، ولتلكم اللحظات التي قضيتها معهم ، تعلمت منهم الكثير ، كالأدب ، والتواضع ، وحب الناس ، تعلمت منهم معنى الحياة ،
وكيف تتعامل معها ، في جميع اوقاتك ، في حال الرخاء ، وفي حال الشدة ، في حال المنشط والمكره ، في حال اليسر والشدة ،


تعلمت كيف تكون الحكمة ، وأين يكون موضعها ، بعد أن تعلمتها عملياً وقت وقوعها ، بعد أن جعلوها
_ تلكم المُعاملة والمعرفة _ واقعا يعيشونه ويُترجمونه في تعاملهم مع الناس ،


من اتحدث عنهم هم العالِمين الشيخ / سعيد بن خلف الخروصي _ مساعد المفتي سابقا _ والشيخ / سعبد بن حمد الحارثي
_احد علماء عمان _ _ رحمهما الله _ ولعلي هنا أذكر بعض المواقف التي عشتها مع الشيخين ، لتكون لي وقفة ، لنستخلص منها الفوائد .



بدايتي مع مُعلمي الشيخ / سعيد بن خلف الخروصي ؛
فقد كان الشيخ عالما عاملا لا يبخل في النُصح ، يوجه حين يُطلب منه ، وكان يخُص بالنصيحة المباشرة ،
لمن كان بالقُرب ، ويُبديه بالتلميح للعامة من الخَلق ،


فقد عرَّفني عليه أحد الأخوة الأعزاء ، فقد كان كثير الترداد عنده ، وقد كان يجلس معه ما بعد جلوس الطلبة والزوار ،
فعرَّفني على الشيخ ، وكنا نزوره حتى في فترة الليل ، حين اصطفانا وجعلنا من خاصته _ وذاك شرف لي _

فمن جملة المواقف :
كنا عند الشيخ بعد العِشاء ، وكان وقت تناول العَشاء _ وأنا أول مره أكل مع الشيخ _ قربوا لنا العَشاء ، وأكلنا إلى أن توقفت ، فقال لي الشيخ :
كمَّل أكلك ، فقلت للشيخ : يا شيخ سعيد كليت واجد والحمدلله ، وتراني بيني وبينك أن تايب عن اكل واجد ، فما كان من الشيخ إلا وقد بادرني بالسؤال فقال :
من موه تايب ؟



قلته يا شيخ :
كنت يوم أكل أكل أكل سنوقيه ، وعاد يوم اسير أنام ما اقدر من كرشي ، لدرجة أنهم يقلبوني يوم ابغى اتحرك ،
واعلنها هذك الساعة توبه اني ما اعودها الفِعله مره ثانيه ، وما يطلع علي الصبح إلا وانقض هذك التوبه وأرجع اجرع واجد ،

وهذي المره ناوي تكون توبة " نصوحة " بإذن الله ، فبينما أنا أحكي للشيخ سر التوبة ،
وإذ بالشيخ يبتسم ابتسامة كبيرة ، حتى كاد أن يُقهقه من الضحك .



وهنا وقفة مع هذا الموقف :
لفتَ انتباهي أن الشيخ كان حريصا على جعل اللقاء بعيدا عن أي رسميات ، وكان يُشاركنا الطعام ويُجارينا _
بالرغم من كِبَرِي سنة _ وكان دقيقا جدا ، وحريصا على أن يُبادر بالحث أن نترك الخجل ، ونأكل على راحتنا ،
وحين طلب مني أن اقص قصة التوبة ، كان طلبه من أجل إضفاء اللقاء بعض الفُكاهة ، وكان يُنصت بِكُله ،
وبعد سماع قِصتي علَّق عليها ، ومنها أخرَجَ منها الفائدة ، ليُخبرنا بوجوب الاعتدال في كل شيء ،
ومنها لم يُكلفني على اكمال الأكل ،



وهذا موقف آخر :
فبينما كنت زائرا للشيخ في احدى المرات ، وطلب مني أن أمر عليه يوم الجمعة _ بالرغم أن الشيخ لديه سائقه الخاص
_من اجل زيارة الشيخ / سعيد الحارثي _

وقد كان في ذلك اليوم يجتمع بعض العلماء مع الشيخ سعيد ، _ ومن جملتهم سماحة الشيخ الخليلي _ فمررتُ عليه في الصباح ،
وكان هناك بعض الزوار ، وقدموا لنا الفطور ، كان الشيخ يأكل وحده لكونه كبيرٌ في السن وله فطور خاص به ،
وكان الحضور لا يقل عن 10 اشخاص ، فقلت للشيخ :
" أنا اريد اكل معك ، ولا تخاف أني اجرعه عنك " ؟!

والحضور ينظرون إلي باستغراب ، كيف لي الجرأة أن أكلم الشيخ بهذه الطريقة ،
وهو العالم الذي يصمت في حضرنه الجميع ! فما كان من الشيخ إلا الامساك بيدي وقال : كُل بسم الله .



وهنا وقفة أخرى :
في هذا الموقف تساءلت كثيرا بعدها ، حين خلوت بنفسي ، وكنت أتساءل هل ما قمت به هو تطاول على الشيخ ؟!
هل كان فيه وقاحة ، وتجاوز للحد ؟!

بَقَت تلك الأسئلة تعصف في ذهني ، إلى أن ركبنا السيارة ، فأبديتُ لشيخي
اعتذاري وتأسفي من ذاك الموقف ، فما كان من الشيخ غير التخفيف عني ،


حين قال لي :
أنت في مقام ابني ، فلا تأخذ الأمور بحساسية
زائدة ، من الفائدة هنا تلكم اللمسات التربوية ، من جَبرٍ للخواطر ، وكيف للشيخ ابداء نصيحته من غير احراجٍ أو تجريح ،
حين حكى لي موقفاً حصل له مع شيخه _ واظنه ساقه
من باب النصيحة الناعمة _
والتي تٌربي ، لا تلك التي للقلبِ تُدمي !

، تعجبت من سعة صدره ، وكيف لهُ من التحكم بتعابير وجهه _ في أوج الموقف _ ،
حتى في تلكم المواقف ، لا تَجَد َلجسده أي تعابير ، كي تكشف من خلاله ردة فعله !



وبالرغمِ من ذلك ... يتكرر المشهد !!!
والذي سأخبركم عن أحداثه في اللقاء القادم_ بِحَولِ الله _ .

مُهاجر
30-09-2024, 08:42 AM
عدنا ... لنُكمل معكم باقي المواقف ؛
من تلكم المواقف التي اذكرها مع شيخي الخروصي ، هو ذلك اليوم الذي زرته فيه ، وقد اجتمع معه عدد من مُريديه من الطلبة ،
وممن جاء للفُتيا ، فكان الموضوع المطروح في شأن المذاهب والخلاف
في بعض المسائل فيها ، فما كان من الشيخ إلا الاستدلال بحادثة وقعت في عهد الامام الرضي محمد بن عبدالله الخليلي _ رحمه الله _ ،
إذ جاءه الشيخ محمد بن شامس البطاشي يُخبره عن رؤيا رأها ،

فقال له الامام :
خيرا رأيت ، فقص عليه الرؤيا فقال :
رأيت وكأن القيامة قد قامت ، وبأن الناس قد حُشروا ، وقاموا لله ، وقد وقفوا جميعا للحساب ، وإذ بمُنادي من قِبَل الله يقول :
يا ملائكتي أدخلوا أهل السنة الجنة ، قالها ثلاث ، وأنا في كل مرة أقول : يا رب والاباضية ؟

وهو يكرر ادخلوا أهل السنة الجنة ، وبعد الثالثة قال _ ذلك المُنادي _ :
يا ملائكتي ادخلوا الاباضية الجنة ، فما كان من الامام ، بعد سماعه للرؤيا إلا أن قال :
" وانتوه تفكروا الجنة بَس حالكم " ؟!



فالشيخ الخروصي ؛
حين كان يستدل بهذه الحادثة ، كان يُدلل على ضرورة تجاوز الخلاف ، وأن ينظر المسلم في شأن الاختلاف
المذهبي ، بأنه خلافٌ صحي لا يؤدي إلى التناحر ، والتنافر ، وإلغاء الغير !


وددت هنا أن نتوقف معا عند هذا الموقف لأقول :
تذكرت حينها موقف حصل لي ولاصحابي حين ذهبنا في احدى السنوات للعمرة ،
كان في شهر رمضان المبارك ، وقد تعودنا اقامة صلاة التهجد في سطح الحرم المكي ،
وبينما كان الاخوة يتعبدون ، وبعد الصلاة شرعوا في الدعاء ، وقد كان اثنين من الاخوة
اليمنين يستمعون لذاك الدعاء ويؤمنون عليه ، جاء شاب صغير من احدى الدول العربية ،

فسمعه أحد الاخوة وهو يهمس لأولئك اليمنيون قائلا لهم :
أن هؤلاء الذين قال فيهم رسول الله بأن القرآن لا يُجاوز حناجرهم !
وبعد الانتهاء من الدعاء توجه الاخوة لهذا الشاب ، مستوضحين عن سبب قوله ذاك الكلام ،
وكان م بينناأحد الاخوة من طلبة العلم الشرعي ، فدار النقاش بينهما ، فقلت لصاحبي انت اذهب مع الاخوة ،
فالوقت وقت السحور ، فذهبوا ، مشينا أنا والشاب ، فسألته ، لما هذا التحامل ؟
فقال :
شيخكم " الخليلي " ، قال :
عند موت أحد العلماء " أراح الله منه الأمة "

فقلت له :
هل سمعته بنفسك يقول ذلك ؟
قال :
لا ،
ولكن سمعت هذا يُتداول بين الناس ،

فقلت :
يا أخي " ما كل منقول غدا مقبولا " !

قال :
أريد مناظرتك ،

قلت له :
وماذا تعرف عن مذهبي ؟

فقال :
لم امطلع عليه ،

فقلت :
وهل يُعقل أن تُحاور ، أو تناظر من لا تعرف عن فكره ،
ولا توجهه ، ولا عقيدته شيء ؟!


فأنا اعرف عن عقيدتك ، ومذهبك ، وفكرك ، ولكن لي في ذلك رأي ، لما لا تقرأ عنا ،
ولكن تقرأ بتجرد ، بعيدا عن التعصب ، فبدأت معه بالنصيحة ، بأن الاسلام يحتاج منا أن
نكون أمة واحدة ، وأن نُبعد عنا هذه النعرات ، أكانت حزبية ، أم مذهبية ، أو طائفية ،
فنحن تحت قُبة الاسلام ، وما يجمعنا أكثر مما يُفرقنا ،


ومن تأمل في حالنا في بلدنا الحبية :
تجد ذاك الترفع عن الدخول في هذا الاماكن الملغومة ، وقد عزز من ذلك وحفظة ، ليكون سلوكا ،
يعيشه المواطن في وطنة ، تلكم القوانين الرادعة ، والتي تصل العقوبة إلى 10 سنوات لمن دخل في
هذا النفق المُظلم ،

ولجمال ما نعيشه معا من تعايُشٍ سلمي اذكر لكم حادثة مُضحكة في هذا الشأن :
فأحد الاخوة من " الاباضية " _ أعتذر على هذه التصنيفات _ تزوج اخته أحد الاخوة من أهل السنة ،
فُرزقه الله الاولاد ، وفي كل مرة يأتي ذلك الأخ ليُصلي معنا ، يمزح معه أحد الاخوة قائلا له :
" ما غايته تتحول اباضي " ؟

وهو يضحك ، مرت الايام ، ونحن على ذاك الحال ، وفي يوم من الايام سألته ، حين رأيته ابنه الكبير ،
فقلت له ممازحا :
هذا اباضي ولا سني _ يعني ولده _ ؟

قال :
اولادي قاسمنهم بالنص ، حد على امهم اباضي ،
والتص الثاني سني ، قلته ليش؟!

قال :
عشان يوم القيامة يشفعولي إن كان م أهل الصلاح ،
تراه إذا كانوا الاباضية على حق نالنتني منهم الشفاعة ،
وإذا كانوا أهل السنة على حق تراني اتنالني منهم الشفاعة ،

يعني ما خسران في الحالتين .




سادتي الأكارم :
ما قصدتُ بهذا الطرح هو الاستهزاء وغير ذلك ، بل قصدت به أن الأرض تسع الجميع ، حتى من كانوا على غير ديننا ،
فما نقول عن حالنا كمسلمين ؟!


وما حدث في تلكم الايام الماضية ، من جريمة هزت البلد بأسره ، كونها حادثة دخيلة على هذا البلد ،
وما كان ليكون هذا لو لا وجود مُنظمات قائمة في الخفاء تعمل ليل نهار من أجل تقطيع اواصر ، وامشاج افراد هذا الوطن ،
ومن أبحر متمعناً في حال هذه الأمة ، وذاك الهوان الذي فتك بها ، لوجدَ أن هذه النعرات الطائفية ،
هي من اودت بهذه الامة في ذلك المُستنقعِ الآسن ،


ولولا هذا ؛
لما استطاعت قوى الاستعمار من استعباد الشعوب ، فقد علِمت نُقاط الضعف ، وذاك الوتر الذي
تَفُت به عند هزهِ جَسد هذه الأمة ، وما علينا غير التركيز ، والعمل على بَثِ الوعي _ الذي تحاول جاهدةٍ دول الاستعمار تخديره ،
أو تحطيمة ، كي تضمن احكام قبضتها على شعوب العالم _ فما ينقُص هذه الامة هو الوعي ،
ومعرفة مكانتها ، وأن تعرف من هو العدو الحقيقي الذي وجب عليها الوقوف في وجهه ،
وأن تعلم يقينا بأننا أخوة ، يجمعنا ذات الدَم .



ملحوظة :
بأمانة لم استطع تصنيف هذا الموضوع ، أيكون سياسيا ،
أم يكون فكرياً ، أم هو اجتماعي ، أم هو ديني ، أو يكون مكانه في السبلة العامة ،


تاركاً تصنيف هذا الموضوع لذوي الاختصاص ،
من سادتي الاداريين .




نترككم الآن في حفظ الله ، على أمل اللقاء معكم في وقفة أخرى ،
مع شيخي الجليل .

مُهاجر
30-09-2024, 08:42 AM
عدنا ... لنُكمل معكم باقي المواقف ؛
من تلكم المواقف التي اذكرها مع شيخي الخروصي ، هو ذلك اليوم الذي زرته فيه ، وقد اجتمع معه عدد من مُريديه من الطلبة ،
وممن جاء للفُتيا ، فكان الموضوع المطروح في شأن المذاهب والخلاف
في بعض المسائل فيها ، فما كان من الشيخ إلا الاستدلال بحادثة وقعت في عهد الامام الرضي محمد بن عبدالله الخليلي _ رحمه الله _ ،
إذ جاءه الشيخ محمد بن شامس البطاشي يُخبره عن رؤيا رأها ،

فقال له الامام :
خيرا رأيت ، فقص عليه الرؤيا فقال :
رأيت وكأن القيامة قد قامت ، وبأن الناس قد حُشروا ، وقاموا لله ، وقد وقفوا جميعا للحساب ، وإذ بمُنادي من قِبَل الله يقول :
يا ملائكتي أدخلوا أهل السنة الجنة ، قالها ثلاث ، وأنا في كل مرة أقول : يا رب والاباضية ؟

وهو يكرر ادخلوا أهل السنة الجنة ، وبعد الثالثة قال _ ذلك المُنادي _ :
يا ملائكتي ادخلوا الاباضية الجنة ، فما كان من الامام ، بعد سماعه للرؤيا إلا أن قال :
" وانتوه تفكروا الجنة بَس حالكم " ؟!



فالشيخ الخروصي ؛
حين كان يستدل بهذه الحادثة ، كان يُدلل على ضرورة تجاوز الخلاف ، وأن ينظر المسلم في شأن الاختلاف
المذهبي ، بأنه خلافٌ صحي لا يؤدي إلى التناحر ، والتنافر ، وإلغاء الغير !


وددت هنا أن نتوقف معا عند هذا الموقف لأقول :
تذكرت حينها موقف حصل لي ولاصحابي حين ذهبنا في احدى السنوات للعمرة ،
كان في شهر رمضان المبارك ، وقد تعودنا اقامة صلاة التهجد في سطح الحرم المكي ،
وبينما كان الاخوة يتعبدون ، وبعد الصلاة شرعوا في الدعاء ، وقد كان اثنين من الاخوة
اليمنين يستمعون لذاك الدعاء ويؤمنون عليه ، جاء شاب صغير من احدى الدول العربية ،

فسمعه أحد الاخوة وهو يهمس لأولئك اليمنيون قائلا لهم :
أن هؤلاء الذين قال فيهم رسول الله بأن القرآن لا يُجاوز حناجرهم !
وبعد الانتهاء من الدعاء توجه الاخوة لهذا الشاب ، مستوضحين عن سبب قوله ذاك الكلام ،
وكان م بينناأحد الاخوة من طلبة العلم الشرعي ، فدار النقاش بينهما ، فقلت لصاحبي انت اذهب مع الاخوة ،
فالوقت وقت السحور ، فذهبوا ، مشينا أنا والشاب ، فسألته ، لما هذا التحامل ؟
فقال :
شيخكم " الخليلي " ، قال :
عند موت أحد العلماء " أراح الله منه الأمة "

فقلت له :
هل سمعته بنفسك يقول ذلك ؟
قال :
لا ،
ولكن سمعت هذا يُتداول بين الناس ،

فقلت :
يا أخي " ما كل منقول غدا مقبولا " !

قال :
أريد مناظرتك ،

قلت له :
وماذا تعرف عن مذهبي ؟

فقال :
لم امطلع عليه ،

فقلت :
وهل يُعقل أن تُحاور ، أو تناظر من لا تعرف عن فكره ،
ولا توجهه ، ولا عقيدته شيء ؟!


فأنا اعرف عن عقيدتك ، ومذهبك ، وفكرك ، ولكن لي في ذلك رأي ، لما لا تقرأ عنا ،
ولكن تقرأ بتجرد ، بعيدا عن التعصب ، فبدأت معه بالنصيحة ، بأن الاسلام يحتاج منا أن
نكون أمة واحدة ، وأن نُبعد عنا هذه النعرات ، أكانت حزبية ، أم مذهبية ، أو طائفية ،
فنحن تحت قُبة الاسلام ، وما يجمعنا أكثر مما يُفرقنا ،


ومن تأمل في حالنا في بلدنا الحبية :
تجد ذاك الترفع عن الدخول في هذا الاماكن الملغومة ، وقد عزز من ذلك وحفظة ، ليكون سلوكا ،
يعيشه المواطن في وطنة ، تلكم القوانين الرادعة ، والتي تصل العقوبة إلى 10 سنوات لمن دخل في
هذا النفق المُظلم ،

ولجمال ما نعيشه معا من تعايُشٍ سلمي اذكر لكم حادثة مُضحكة في هذا الشأن :
فأحد الاخوة من " الاباضية " _ أعتذر على هذه التصنيفات _ تزوج اخته أحد الاخوة من أهل السنة ،
فُرزقه الله الاولاد ، وفي كل مرة يأتي ذلك الأخ ليُصلي معنا ، يمزح معه أحد الاخوة قائلا له :
" ما غايته تتحول اباضي " ؟

وهو يضحك ، مرت الايام ، ونحن على ذاك الحال ، وفي يوم من الايام سألته ، حين رأيته ابنه الكبير ،
فقلت له ممازحا :
هذا اباضي ولا سني _ يعني ولده _ ؟

قال :
اولادي قاسمنهم بالنص ، حد على امهم اباضي ،
والتص الثاني سني ، قلته ليش؟!

قال :
عشان يوم القيامة يشفعولي إن كان م أهل الصلاح ،
تراه إذا كانوا الاباضية على حق نالنتني منهم الشفاعة ،
وإذا كانوا أهل السنة على حق تراني اتنالني منهم الشفاعة ،

يعني ما خسران في الحالتين .




سادتي الأكارم :
ما قصدتُ بهذا الطرح هو الاستهزاء وغير ذلك ، بل قصدت به أن الأرض تسع الجميع ، حتى من كانوا على غير ديننا ،
فما نقول عن حالنا كمسلمين ؟!


وما حدث في تلكم الايام الماضية ، من جريمة هزت البلد بأسره ، كونها حادثة دخيلة على هذا البلد ،
وما كان ليكون هذا لو لا وجود مُنظمات قائمة في الخفاء تعمل ليل نهار من أجل تقطيع اواصر ، وامشاج افراد هذا الوطن ،
ومن أبحر متمعناً في حال هذه الأمة ، وذاك الهوان الذي فتك بها ، لوجدَ أن هذه النعرات الطائفية ،
هي من اودت بهذه الامة في ذلك المُستنقعِ الآسن ،


ولولا هذا ؛
لما استطاعت قوى الاستعمار من استعباد الشعوب ، فقد علِمت نُقاط الضعف ، وذاك الوتر الذي
تَفُت به عند هزهِ جَسد هذه الأمة ، وما علينا غير التركيز ، والعمل على بَثِ الوعي _ الذي تحاول جاهدةٍ دول الاستعمار تخديره ،
أو تحطيمة ، كي تضمن احكام قبضتها على شعوب العالم _ فما ينقُص هذه الامة هو الوعي ،
ومعرفة مكانتها ، وأن تعرف من هو العدو الحقيقي الذي وجب عليها الوقوف في وجهه ،
وأن تعلم يقينا بأننا أخوة ، يجمعنا ذات الدَم .



ملحوظة :
بأمانة لم استطع تصنيف هذا الموضوع ، أيكون سياسيا ،
أم يكون فكرياً ، أم هو اجتماعي ، أم هو ديني ، أو يكون مكانه في السبلة العامة ،


تاركاً تصنيف هذا الموضوع لذوي الاختصاص ،
من سادتي الاداريين .




نترككم الآن في حفظ الله ، على أمل اللقاء معكم في وقفة أخرى ،
مع شيخي الجليل .

مُهاجر
30-09-2024, 08:47 AM
لا زلنا في حضرة شيخي الخروصي ، ومع تلكم المواقف /
كُنت مع شيخي ، وكانت تُراودني افكار ، في ظل تلك الفتن التي تعصف بالحياة ،
وذاك التدافع المُقلق ، كيف يكون السبيل لتجنبها والسلامة منها ؟

سألتُ شيخي عن الذي يَشغلُني فقال :
قال : " إلزم بيتك " !


فما كان مني الوقوف على أعداد حروف الإجابة ، ولا الاكتفاء بظاهر الإجازة ، بأن يكون جلوسي في البيت لي عادة ،
بل تعمقت وغصت في المعنى ، لكوني أعرف الشيخ جيدا ، فليس من المنطق أن يأمرني بترك الدعوة ، وطلب العلم ؛
وفعل الخير خارج نطاق البيت ، ليكون البيت لي مسقر و مستودع ! وعندما قلبت نظري فيما يجول من حولي من عبر حري بمن يمر عليها أن يقف وقفة بصير ، فما عادت القلوب تتسع ، وما عادت الناس تطيل حبل العذر لكل من وقع في الخطأ، وأتى بما به الصدر ينخلع _ الا ما رحم ربي _

حينها بحثت عن السلامة التي بها أجني ثمار القرار الذي مِنِّي يصدر ويُستثار ، فقلت في " العزلة " الحل بها يصدق ،
فبنيت عليه ، ورسمت ذلكَ الواقع الذي بين أطواره أتقدم وأكبر ، وما أربكني هو حكم " العزلة " ! أتكون اختيارا ؟! أم أنها نوع من الأقدار ؟!
بعيدا عن التعمق في المعنى ، وجدت في " العزلة " راحة الأبدان والأذهان ، وسلامة القلب من الأضغان ، ومقربة من رب الإنس والجان ،

غير أني رسمت بيت العزلة جاعلا له نوافذا ، كي أرى من خلالها ما يستجد في الكون ، وأرمق نجوم الليل ،
وأرى تعاقب الفصول وما يقع في نهار اليوم والليل ، ومنها الحفاظ على _ الأكسجين _ كي لا يفرغ في مخدع " العزلة " ،
وتتجدد الحياة بنفس جديد ، ومنها أستقبل طيور الأمل وأودعها بقلب مطمئن ببزوغ فجر قريب ، بعيداً عن أضواء الشهرة ،
وبعيداً عن انتقاد رفاق العشرة ، ومنها أبني وأقيم بنياني لأبعث خلقا آخر وقد أحاطت بي هالة الثقة بالنفس ، وعرفت حقيقة الذات ،
فقد خبرت الحياة وأنا بين هذا وذاك ، فانسلخ منها غالب عمري بين جلاد يجلد الذات ، وبين جاحد يكفر بالثبات في معمعة الحياة.



لعل البعض يرى فيها خير الوسيلة للدفاع ، وأنها تكون استراحة يلتقط فيها الأنفاس ، بحيث لا تكون " سرمدية " فيها تدفن المواهب والأفكار ،
قد يكون فيها ومنها يكون البناء ، ومراجعة النفس ، ومعرفة الأخطاء ، وتضميد الجراح ، ليس شرطاً أن يصطحب في معناها الهروب بمعناه الإنهزامي ،
الذليل ، المذل ! بل هي فرصة للإنقطاع ، والتفرد بالذات أما نرى العلماء ، والفلاسفة ، ومن يعكفون ويداومون على ذلكَ من أجل ترويض النفس ،
ومراجعة الذات ، ويجعلون من العزلة فرصة لتصفية _ وفلترة _ ما تزاحم وتراكم على القلب حتى غدا رانا أطبق عليه ،

ولم يستثني من ذاكَ العقل فشل بذلك تفكيره !
فمن ضجيج الناس تسلو الروح ويستريح العقل والقلب من دوامة الإختلاف والخلاف ، ليكون التبصر يشع سناه ،
ويخرج من رحم الهدوء والتروي ، وما عنيت " بالعزلة " تلك التي يجعل المرء من هامة الجبل له مأوى يعصمه من أمزجة ،
ونفسيات ، ومشارب الناس ! فلا عاصم اليوم من مخالطة الناس!


أود هُنا أن نجتمع هنا ليكون بيننا اتفاقا ووفاق بأن ؛
" العزلة ليست حلا بالمطلق " ،
من هنا تبقى نقطة الحوار في كنه هذهِ العزلة ؟ وتوقيتها ؟ وهل هناك فترة محددة بعدها يخرج المرء من تلكم العزلة ،
التي فرضها على نفسه ؟ فمن تأمل وقرأ في السير يجد بأن العزلة تكون خيارا ملحا إذا ترادفت الفتن ، وعلى صوت الغوغاء،
ليشرق بذاك الصباح وتغيب شمس ذلكَ المساء ، وتحدث سفهاء الناس بما يجهلون معناه ! ولنا أن ننظر في واقعنا اليوم ،
لنجد ما ذكر ماثلا أمام أعين الأنام ، وما توارى أطم وأعظم مما رأته العينان ، أو خطه بنان ، أو نطق به لسان ! ،
ومع هذا لا يكون فرضا واجب النفاذ ، بل يلجأ للإعتزال من أجل النظر فيما فيه صالحه ذلك النفر و صالح العباد ، ،
ولعلي طرحت موضوعي بسبب ولوجي في هذا الأمر وعشت واقعه ، ليكون بساطا نتحاور فيه ليستفيد كل منا ،



دعوني اسوق تجربتي لتكون لكم مثال:
فقد نشأت في كنف مجموعة من الأصدقاء تجاوزت تلك الصداقة معناها الثابت ، ليتحرك ليتوسع ويدخل في معنى الأخوة ،
ولكن وبالرغم من تلك الصحبة الصالحة تخللها داعي الفتنة ، لتنقلب تلكم الأخوة لأقرب من العداوة ، وكان الشيطان لنا ظهيرا ،
فاستمر أولئك النفر ، وكانت بصمتهم واضحة في المجتمع ، وذكرهم يلهج به كل لسان ، وما خفي من حقيقة أمرهم لا يعلم به غير عالم السر والإعلان
_ " وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي " _ حينها قررت الإعتزال عن تلكم الفتنة التي أرهقت بدني وعقلي ،
واشتغلت في طلب العلم وتقويم ذاتي ، فبحمد الله كانت تلك العزلة لي خير ونماء ، فمن ذاك المثال الذي سقته لكم عن تجربتي يتجلى القصد من تلكم " العزلة "،
التي اقصدها ، ولم أقصد بالعزلة هو هجر كل الناس حتى منهم الأرحام ، ومن ذلكَ يقيس كل مار على موضوعي في دواعي كثيرة تستوجب الوقوف على قرار الإعتزال ، ولكن بالضوابط الشرعية ، كي لا ينجر للملاحقات الشرعية لتطاله يد المسائلة!




إذا قصدت العزلة بمعناها:
" إعتزال ما من شأنه يُضيِّع النفس والوقت في توافه الأمور ، والوقوف على صغائرئها ،
كي لا تمر الأيام والأعوام من غير جني أي فائدة تضاف لرصيد ذلكَ الإنسان ! أما إذا ما أجدبت أرض ، وشحَّ ماءها ،
فما على المرء غير البحث عن أرض أخرى ليلقي فيها بذور الخير ، لتنبت وتثمر الخير العميم ، لينتفع منه جميع العالمين " ،



فهنالك ؛
من العبارات لا تتعدى بضع حروف ،
ولكن تحوي في معناها من الحكم الألوف ،
تصنف من أجلها مجلدات لتكون منهاجا ودروس يستفيد منها المارون عليها ، فما علينا غير توسيع مداركنا ،
ونسبح في معاني ما نتلقاه ولكن نضعها في ميزان الشرع وحسن الظن كي لا نظلم الناس حقوقهم ،
ولكم أن تقتبسوا وتستخلصوا من تلكم النصيحة لذلك الطالب للنصيحة من سيد الأنام فاقتضبها في بضع حروف في ظاهرها ،
ولكن تعجز عن حمل معانيها سطور الصفحات:


فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أوصني.
قال : (لا تغضب فردد مرارا قال : لا تغضب) رواه البخاري.
فمن علم ما معنى الغضب وأنه سنام كل جريمة وشر _ مالم يكن في سبيل الله _
علم عظم تلك الكلمات البسيطة في عدد حروفها وعظم معنى حقيقتها.

وكيف لا ؟! وقد أتيَ عليه الصلاة والسلام:
" جوامع الكلم ".

مُهاجر
30-09-2024, 08:53 AM
ادعوكم الآن للجلوس معا ، مع شيخي / سعيد بن حمد الحارثي ؛
فلذلك الشيخ _ رحمه الله _ اثرٌ بالغ في حياتي ، حيث كان لي الأب ،
والصديق ، والمُربي ، فكم من مواقف جمعتني به ، غير أني سأقتصر على بعضٍ منها ،
لنخلُص منها بالفائدة ...

فمن جملة المواقف :
كُنتُ شغوفا في طلب العلم ، غير أن الذي كان ينقصني هو ذلك التوجيه ،
فكان شيخي سعيد نِعمَ الموجه ، فقد سعيت لتعلم كتب الفقة ، سألتُ شيخي عن تلكم
الكُتب التي أسس لي منها قاعدة انظلاق ، فأوصاني بأربعة كُتب _ هي مُلخصات ،
أو كُتيبات تكون مداخل لعالم الفقه _ وحين اعطاني الكُتب ، قال : ستكون علما نِحريرا
إذ ما اتممتها ،



ولي هنا وقفة :
امعنت النظر إلى ما قاله لي شيخي ، فكيف لي أن ابلغ تلكم الهامة ، بهذه الكُتب ،
والتي هي للمبتدئين من طلبة العلم ،


بعدها ؛
غثصت في المعنى ، وتجاوزت تلك الكلمات الظاهرة ، حتى وصلت لجذور المعنى ،
فقد كان شيخي يقصد بكلامه ، أنك إذا قرأت ، وفهمت ، فإنك على بداية الطريق الصحيح تسير ،



أذكر لكم هنا لطيفة حصلت لي مع شيخي ؛
فبينما نحن في مجلسه ، وهناك الكثير من الزوار ، تعمدتُ الجلوس عند شيخي ،
فجعلت رُكبتي تُلامس رُكبته ، فقلت له حينها :
مزاحما أهل العلوم بالركب *** وطالبا لنيله كل الطلب



فرد علي الشيخ ممازحا قائلا :
" هذاك المزاحمه في مجالس العلم ، ما هنا في مجالس الصواني والقهاوي " !



فرد علي الشيخ ممازحا قائلا :
" هذاك المزاحمه في مجالس العلم ، ما هنا في مجالس الصواني والقهاوي " !



الشيخ سعيد الخروصي ، والشيخ سعيد الحارثي ؛
هم كبار السن ، إذ تتجاوز _ كانت _ أعمارهم الثمانين سنة ، غير أنهم يُجارون
من يجالسهم ، " فيهم بَارُض واجد " ، بالرغم من ذلك ، نجد الكثير ممن اعلموا العلم الشرعي ،
ولهم المحاضرات والدروس ، غير أني لم أجد تلك السماحة والتواضع كمثل ما رأيتها في الشيخين ،
قطعا لا أعمم بكلامي هذا ، غير أنه السائد .



ولي مع شيخي موقق آخر ، يُدلل على قُلته :
فقد تعود الشيخ أن تكون له حلقه فقهية ، نقرأ له من كتاب بعد المغرب ،
بعدها يُعلق على كلام المؤلف ، ثم يتخلل التعقيب أسئلة من الحضور إن وجِدت ،
وفي يوم من الأيام كان الحديث عن " البراءة " والولاية " ، فسأل أحد الحضور الشيخ ،
هل نُخالط ونسلم على مرتكب المعاصي ؟


ومن غير وعي تصدرت الإجابة ، وقلت له :
على هذا فلن نُسلم على أحد ! أليس الواجب أن نحتويهم ،
ونبين لهم الصواب من الخطأ ، واسترسلت في الإجابة ،


وبعد زوال الغضب :
تذكرت بأني في حضرة الشيخ ، وتحسرت على تصرفي ، والشيخ ساكت ، ولم يُعقِّب على فعلي ،
وبعد الدرس ، مشيت مع شيخي إلى مكان الوضوء ، وأنا استسمح منه وأقول :
اعذرني على قلة ادبي ، وتجاوزي لحدي ، فما كان من الشيخ إلا القول :
" جزاك الله خير علمتنا " !



حين يقول الشيخ ذاك الكلام :
لا يقصد بذلك الكلام بظاهره ، وإنما هو عتاب مُبطن وناعم ، بحيث لا يجرح
من يُعاتبه .


بينما نجد ذاك التنطع ممن تعلموا العلم ، ولم يتخلقوا بأخلاقه ، من ذلك ،
علمت المعنى حين نسمع من يقول ، ونقرأ لمن يكتب ؛
" عُلماء ربانيون " ، من الذين جمعوا العلم ، والعمل ، والتقوى ، والأدب ، والتواضع .

مُهاجر
30-09-2024, 08:54 AM
ادعوكم الآن للجلوس معا ، مع شيخي / سعيد بن حمد الحارثي ؛
فلذلك الشيخ _ رحمه الله _ اثرٌ بالغ في حياتي ، حيث كان لي الأب ،
والصديق ، والمُربي ، فكم من مواقف جمعتني به ، غير أني سأقتصر على بعضٍ منها ،
لنخلُص منها بالفائدة ...

فمن جملة المواقف :
كُنتُ شغوفا في طلب العلم ، غير أن الذي كان ينقصني هو ذلك التوجيه ،
فكان شيخي سعيد نِعمَ الموجه ، فقد سعيت لتعلم كتب الفقة ، سألتُ شيخي عن تلكم
الكُتب التي أسس لي منها قاعدة انظلاق ، فأوصاني بأربعة كُتب _ هي مُلخصات ،
أو كُتيبات تكون مداخل لعالم الفقه _ وحين اعطاني الكُتب ، قال : ستكون علما نِحريرا
إذ ما اتممتها ،



ولي هنا وقفة :
امعنت النظر إلى ما قاله لي شيخي ، فكيف لي أن ابلغ تلكم الهامة ، بهذه الكُتب ،
والتي هي للمبتدئين من طلبة العلم ،


بعدها ؛
غثصت في المعنى ، وتجاوزت تلك الكلمات الظاهرة ، حتى وصلت لجذور المعنى ،
فقد كان شيخي يقصد بكلامه ، أنك إذا قرأت ، وفهمت ، فإنك على بداية الطريق الصحيح تسير ،



أذكر لكم هنا لطيفة حصلت لي مع شيخي ؛
فبينما نحن في مجلسه ، وهناك الكثير من الزوار ، تعمدتُ الجلوس عند شيخي ،
فجعلت رُكبتي تُلامس رُكبته ، فقلت له حينها :
مزاحما أهل العلوم بالركب *** وطالبا لنيله كل الطلب



فرد علي الشيخ ممازحا قائلا :
" هذاك المزاحمه في مجالس العلم ، ما هنا في مجالس الصواني والقهاوي " !



فرد علي الشيخ ممازحا قائلا :
" هذاك المزاحمه في مجالس العلم ، ما هنا في مجالس الصواني والقهاوي " !



الشيخ سعيد الخروصي ، والشيخ سعيد الحارثي ؛
هم كبار السن ، إذ تتجاوز _ كانت _ أعمارهم الثمانين سنة ، غير أنهم يُجارون
من يجالسهم ، " فيهم بَارُض واجد " ، بالرغم من ذلك ، نجد الكثير ممن اعلموا العلم الشرعي ،
ولهم المحاضرات والدروس ، غير أني لم أجد تلك السماحة والتواضع كمثل ما رأيتها في الشيخين ،
قطعا لا أعمم بكلامي هذا ، غير أنه السائد .



ولي مع شيخي موقق آخر ، يُدلل على قُلته :
فقد تعود الشيخ أن تكون له حلقه فقهية ، نقرأ له من كتاب بعد المغرب ،
بعدها يُعلق على كلام المؤلف ، ثم يتخلل التعقيب أسئلة من الحضور إن وجِدت ،
وفي يوم من الأيام كان الحديث عن " البراءة " والولاية " ، فسأل أحد الحضور الشيخ ،
هل نُخالط ونسلم على مرتكب المعاصي ؟


ومن غير وعي تصدرت الإجابة ، وقلت له :
على هذا فلن نُسلم على أحد ! أليس الواجب أن نحتويهم ،
ونبين لهم الصواب من الخطأ ، واسترسلت في الإجابة ،


وبعد زوال الغضب :
تذكرت بأني في حضرة الشيخ ، وتحسرت على تصرفي ، والشيخ ساكت ، ولم يُعقِّب على فعلي ،
وبعد الدرس ، مشيت مع شيخي إلى مكان الوضوء ، وأنا استسمح منه وأقول :
اعذرني على قلة ادبي ، وتجاوزي لحدي ، فما كان من الشيخ إلا القول :
" جزاك الله خير علمتنا " !



حين يقول الشيخ ذاك الكلام :
لا يقصد بذلك الكلام بظاهره ، وإنما هو عتاب مُبطن وناعم ، بحيث لا يجرح
من يُعاتبه .


بينما نجد ذاك التنطع ممن تعلموا العلم ، ولم يتخلقوا بأخلاقه ، من ذلك ،
علمت المعنى حين نسمع من يقول ، ونقرأ لمن يكتب ؛
" عُلماء ربانيون " ، من الذين جمعوا العلم ، والعمل ، والتقوى ، والأدب ، والتواضع .