المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من هذا الذي أدمى فؤاد رسول الله



نـــــــقــــــــاء
25-11-2014, 11:22 AM
وَحْشِيُّ بْنُ حَرْبٍ

من هذا الذي أدمى فؤاد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قتل عمه حمزة بن عبد المطلب يوم (( أُحُد ))؟!

ثم شفى قلوب المسلمين حين قتل مسيلمة الكذاب يوم (( اليمامة ))؟.

إنه وحشي بن حرب الحبشيّ ، المكنّى (( بأبي دَسْمَة ))… وإن له قصة عنيفة حزينة دامية … فأعره سمعك ليروي لك مأساته بنفسه …

قال وحشي : كنت غلاما رقيقا (عبدا) لجُبَيْر بن مُطْعَم ( كان من علماء قريش وساداتهم ؛أسلم وصحب الرسول عليه الصلاة والسلام ) ، وكان عمه ( طُعيمة ) قد قُتل يوم بدر على يد حمزة بن عبد المطلب ، فحزن عليه أشد الحزن ؛ وأقسم باللات والعزّى ( صنمان كبيران من أصنام العرب في الجاهليّة ) ليثأرنّ لعمه وليقتلنّ قاتله … وجعل يتربّص بحمزة الفرص .

لم يمض على ذلك وقت طويل حتى عقدت قريش العزم على الخروج الى (أحد) للقضاء على محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، والثأر لقتالها في (بدر) … فكتّبت كتائبها (اي أعدّت ونظّمت) ، وجمعت أحلافها وأعدّت عدّتها ثم أسلمت قيادها الى أبي سفيان بن حرب … فرأى أبو سفيان أن يجعل مع الجيش طائفة من عقيلات قريش (اي سادتها ) ؛ ممن قُتل آباؤهنّ أو أبناؤهنّ أو إخوتهنّ أو أحد من ذويهنّ في (بدر) ، ليحمّسن الجيش على القتال ، ويحلن دون الرجال ودون الفرار ، فكان من طليعة من خرج معه من النساء زوجه ( هند بنت عتبة ) … وكان أبوها وعمها وأخوها قد قُتلوا جميعا في (بدر).

ولما أوشك الجيش على الرحيل ، التفت إِلَيَّ ( جبير بن مطعم ) وقال : هل لك يا أبا دسمة في أن تنقذ نفسك من الرقّ ؟

قلت : ومن لي بذلك ؟! … قال : أنا لك به …. قلت : وكيف ؟! …. قال : إن قتلت حمزة بن عبد المطلب عمِّ محمد بعمِّي ( طعيمة بن عدي ) فأنت عتيق ( اي أنت حرّ)…. قلت : ومن يضمن لي الوفاء بذلك ؟ … قال : من تشاء ، ولأُشهدنّ على ذلك الناس جميعا … قلت : أفعل ، وأنا لها …

قال وحشي : وكنت رجلا حبشيا أقذف بالحربة قذف الحَبَشَة ، فلا أخطئ شيئا أرميه بها …. فأخذت حربتي ومضيت مع الجيش ، وجعلت أمشي في مؤخرته قريبا من النساء فما كان لي أرب ( رغبة ) بقتال … وكنت كلما مررت بهند زوج أبي سفيان أو مرّت بي ورأت الحربة تلتمع في يدي تحت وهج الشمس تقول : أبا دسمة ؛ اشفِ واستشفِ …

فلما بلغنا (أُحُداَ َ) والتقى الجمعان ، خرجت ألتمس حمزة بن عبد المطلب وقد كنت أعرفه من قبل ، ولم يكن حمزة يخفى على أحد ، لأنه كان يضع على رأسه ريشة نعامة ليدل الأقران عليه كما كان يفعل ذوو البأس من شجعان العرب .

وما هو إلا قليل حتى رأيت حمزة يهدر بين الجموع كالجمل الأورق (جمل لونه من لون الرماد وهو من أقوى الجمال) وهو يهدّ الناس بسيفه هدّا (يقطعهم قطعا) ، فما يصمد أمامه أحد ولا يثبت له شيء … وفيما كنت أتهيّأ له وأستتر منه بشجرة أو حجر متربّصا أن يدنو مني ، إذ تقدّمني اليه فارس من قريش يدعى ( سِباع بن عبد العزَّى ) وهو يقول : بارزني يا حمزة .. بارزني … فبرز له حمزة وهو يقول : هلمّ إليّ يا بن المُشركة …هلمّ إليّ ..ثم ما أسرع أن بادره حمزة بضربة من سيفه ؛ فخرّ صريعا يتخبّط بدمائه بين يديه … عند ذلك وقفت من حمزة موقفا أرضاه ؛ وجعلت أهزّ حربتي حتّى إذا اطمأننت إليها دفعت بها نحوه ، فوقعت في أسفل بطنه وخرجت من بين رجليه .

فخطا متثاقلا نحوي خطوتين ثم ما لبث أن سقط والحربة في جسده ، فتركتها فيه حتى أيقنت أنه مات ، ثم أتيته وانتزعتها منه ورجعت إلى الخيام وقعدت فيها ، إذ لم تكن لي حاجة بغيره ؛ وإنما قتلته لأُعتق …

ثم حمي وطيس المعركة ( أي اشتدّت) وكثر فيها الكرّ والفرّ ، غير أن الدائرة ما لبثت أن دارت على أصحاب محمد ؛ وكثر فيهم القتل …. عند ذلك غدت هند بنت عتبة على قتلى المسلمين ومن ورائها طائفة من النساء ، فجعلت تمثّل بهم : فتبقر بطونهم ( تشق بطونهم ) ، وتفقأ عيونهم ، وتجدع أنوفهم وتصلم آذانهم (أي تقطعها) … ثمّ صنعت من الأنوف والآذان قلادة وأقراطا ( أي طوقا وحلقا) فتحلّت بها ، ودفعت قلادتها وقرطيها الذهبيّين إليّ وقالت : هما لك يا أبا دسمة ….هما لك … احتفظ بهما فإنهما ثمينان .

ولما وضعت المعركة أوزارها ، عدت مع الجيش إلى مكّة ، فبرّ لي جبير بن مطعم بما وعدني به وأعتق رقبتي فغدوت حرّا …

لكن أمر محمد جعل ينمو يوما بعد يوم ، وأخذ المسلمون يزدادون ساعة بعد ساعة ، فكنت كلما عظم أمر محمد عظم عليّ الكرب ، وتمكّن الخوف والجزع من نفسي …وما زلت على حالي هذه ، حتى دخل محمد مكّة بجيشه الجرّار فاتحا . عند ذلك ولّيت هاربا الى الطائف ألتمس فيها الأمن ، لكن أهل الطائف ما لبثوا كثيرا حتى لانوا للإسلام ، وأعدّوا وفدا منهم للقاء محمد وإعلان دخولهم في دينه .

عند ذلك سُقط في يدي (اشتدّ ندمي وازدادت حيرتي ) وضاقت عليّ الأرض بما رحبت وسدّت في وجهي الطرق ، فقلت : ألحق بالشام أو باليمن أو ببعض البلاد الأخرى … فوا لله إني لفي غمرة همّي هذه ؛ إذ رقّ لي رجل ناصح وقال : ويحك يا وحشي ، إن محمدا –والله- ما يقتل أحدا من الناس إذا دخل في دينه ، وتشهّد بشهادة الحق .

فما إن سمعت مقالته حتى خرجت ميمّما وجهي شطر (يثرب) أبتغي محمدا ، فلما بلغتها تحسّست أمره فعلمت أنه في المسجد … فدخلت عليه في خفّة وحذر ، ومضيت نحوه حتى صرت واقفا فوق رأسه وقلت :

أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا الله وَأَنَّ مُحَمَّدَاَ َعَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ

فلما سمع الشهادتين رفع بصره إليّ ، فلما عرفني ردّ بصره عنّي وقال : أوحشيّ أنت ؟!

قلت : نعم يا رسول الله .. فقال : اقعد وحدّثني كيف قتلت حمزة … فقعدت فحدّثته خبره ، فلما فرغت من حديثي ، أشاح عنّي بوجهه (أمال وجهه) وقال : ويحك يا وحشي ، غيّب وجهك عنّي فلا أرينّك بعد اليوم … فكنت منذ ذلك اليوم أتجنّب أن يقع بصر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عليَّ ، فإذا جلس الصحابة قبالته أخذت مكاني خلفه . وبقيت على ذلك حتى قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربّه .

وعلى الرغم من أني علمت أن الإسلام يجبّ ما قبله ( يمحو ما قبله من الذنوب) ، فقد ظللت أستشعر فداحة الفعلة التي ارتكبتها ، وأستفظع الرّزء الجليل الذي رزأت به الإسلام والمسلمين (المصيبة التي أصبت بها الإسلام بقتل حمزة ) ، وطفقت أتحيّن الفرصة التي أُكفّر بها عما سلف منّي .

فلما لحق الرسول عليه الصلاة والسلام بالرفيق الأعلى ، وآلت خلافة المسلمين إلى صاحبه أبي بكر ، وارتدّت بنو (حنيفة) أصحاب مسيلمة الكذّاب مع المرتدّين ، جهّز خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا لحرب مُسيلمة ؛ وإعادة قومه بني حنيفة إلى دين الله .

فقلت في نفسي : إنّ هذه-والله- فُرصتك يا وحشيّ فاغتنمها ، ولا تدعها تُفلت من يديك … ثم خرجت مع جيوش المسلمين ، وأخذت معي حربتي التي قتلت بها سيّد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ، وآليت على نفسي أن أقتل بها مسيلمة أو أظفر بالشهادة .

فلما اقتحم المسلمون على مسيلمة وجيشه حديقة الموت (( الحديقة الكبيرة التي لجأ إليها مسيلمة وأتباعه ، وسميت بذلك لكثرة من مات بها من المرتدّين ) ، والتحموا بأعداء الله ، جعلت أترصّد مُسيلمة ؛ فرأيته قائما والسيف في يده ، ورأيت رجلا من الأنصار يتربّص به مثلما أنا أتربّص به : كلانا يريد قتله … فلما وقفت منه موقفا أرضاه ، هززت حربتي حتى إذا استقامت في يدي دفعت بها نحوه ؛ فوقعت فيه …وفي نفس اللحظة التي أطلقت بها حربتي على مُسيلمة كان الأنصاري (( قيل أن هذا الأنصاري هو عبد الله أخو حبيب بن زيد ) يثب عليه ويكيل له ضربة بالسيف … فربّك يعلم أيّنا قتله . فإن كنت أنا الذي قتله ؛ أكن قد قتلت خير الناس بعد محمد صلى الله عليه وسلم وقتلت شرّ الناس أيضا .

منقول

ضياء القرآن
25-11-2014, 02:41 PM
السلام عليكم..
بارك الله فيك..

نـــــــقــــــــاء
27-11-2014, 10:06 AM
وبارك فيك ضياء
شكرا للمرور العطر

ملك الوسامه
27-11-2014, 10:21 AM
جزاك الله خير

مفآهيم آلخجل
28-11-2014, 10:59 AM
بآأإرك الله فيك على آلطـــــــــرح!

نزف الحروف
28-11-2014, 01:53 PM
قصة مؤثرة
تسلم الايادي اللي خطتها**