المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التسامح



فيصل الغماري
26-11-2014, 03:02 AM
التسامح مبدأ من مبادئ الإنسانية وهو في الإسلام العفو عند المقدرة والترفع عن الصغائر والسمو بالنفس البشرية إلى مرتبة أخلاقية عالية، ومقابلة الإحسان بالإحسان ، وهو المبدأ الذي جاءت به كافة الرسل والانبياء والمصلحين من بعدهم لما له من أهمية كبرى في تحقيق الوحدة والتضامن وتماسك المجتمعات والقضاء على الخلافات والصراعات بين الأفراد والجماعات , وهو ركيزة أساسية للديمقراطية والحريات الانسانية العامة والعدل.

وهذا الدين العالمي رسالته لكافة أطياف البشرية ، وهو يدعو إلى التعايش الإيجابي بين البشر جميعاً في جو يسوده الإخاء والتسامح دون نظر إلى أجناسهم وألوانهم ومعتقداتهم. فالجميع ينحدرون من «نفس واحدة»، كما جاء في كتاب الله العزيز : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ) النساء 1 .

وكم هي عظيمة تلك النفوس المتسامحة التي تنسى إساءة من حولها، وتبتلع حماقاتهم، وأخطائهم، لا لشيء سوى أنها تحبهم حبا صادقا يدفعها لاحتوائهم ، شعارها الخير لا ينعدم وإن قل ولا بد من وجود إنسان مخلص يبحث عن ذلك الخير ، وغاية مرادهم أن من يسيء لغيره قد يعيش ظروفا صعبة أدت به أن يسيء لمن حوله، لكنه ما وجد من يعذره ويتسامح عن زلته ، ويعفو عن زلته.

وأين نحن من نهج الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في تعامله الراقي، ونهجه العظيم، وها هو يقول : (
وما أروع القائل : لا تعجلن بلومك صاحباً لعله له عذراً وأنت تلوم، وللوصول لذلك النهج لابد من حمل نفوس عظيمة كتلك النفوس، صافية شفافة لا تكدرها الأحقاد، كالبلور يشف عما بداخله، فملؤها الحب والإخلاص ، فكانت جديرة بالحب والتقدير والاحترام ، فهي صدقت مع الله ثم مع نفسها فصدقت بالتالي مع خلقه.

إننا اليوم نفتقر لهذا المبدأ الإنساني الإسلامي العظيم، حيث فقدنا مبدأ التسامح في قبول الآخر، فالحوار لا يؤدي إلى الهدف المنشود إلا بوجود احترام لوجهة نظر الآخر. واحترامُ الرأي الآخر لا يعني بالضرورة القَبول المطلق . وإنما هدفُه الأهم هو ترسيخ قيمة التسامح بين الناس وإثراء الفكر، خصوصاً بوجود هذه الثورة الهائلة في المعلومات والاتصالات التكنولوجية التي أزالت الحواجز الزمانية والمكانية فأصبح الجميع يعيش في قرية كونية كبيرة.

لقد جعل الله الناس جميعاً خلفاء في الأرض ، وجعلهم شركاء في مسؤولية عمارتها مادياً ومعنوياً كما قال تعالى : (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) هود 62 ، وقد سلّحهم بالعلم حتى يكون قادرين على أداء مهمتهم على أكمل وجه.

إن السلوك الإنساني القويم لا بد أن يدرك ويعي أن الخطأ أمر وارد ذلك يشعر بالمسؤولية وتقدير الكرامة الإنسانية ، وعليه سيتولد سلوك قويم متسامح حيال الآخر الذين يشاركه في الإنسانية، وما أعظم المشرع العظيم جل شأنه حين يقول : (لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الممتحنة 8 ، وهو وصف محكم يلزمنا السلوك العادل الذي يقبل بالآخر ويحترم ثقافته وعقيدته وخصوصياته الحضارية.

وقد خط لنا الكتاب العزيز منهجاً ينبغي اتباعه حال محاورة الآخر ، وذلك في قوله تعالى : (وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْـلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِـي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْـزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) العنكبوت 46 ، فيجدر بنا أن نترك الحكم على من يشاركنا الإنسانية لله جل شأنه؛ ولنسلك حيالهم مسلكاً عادلاً متسامحاً طالما لم يسيئوا إلينا ؛ ولهذا يقول القرآن الكريم في موضع آخر: (وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمْ اللهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) الشورى 15 ، ومن حقهم علينا أن نجتهد في عرض الدين الحنيف لهم وترغيبهم فيه، ذلك خير لنا ولهم من حمل جذوة العداء وتدمير الأرض التي أمرنا أن نعمرها والله يحب المحسنين.

ضياء القرآن
26-11-2014, 10:40 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
التسامح نصف السعادة..
جزاك الله خير الجزاء..

مفآهيم آلخجل
28-11-2014, 10:57 AM
بآأإرك الله فيك على آلطـــــــــرح!