حائرة بدنيتي
12-12-2014, 03:54 PM
«بائعة البخور»
لـ سعيد اليعربي
ابحـروا في معاني قوافيـها
رأيتُهـا تحمـلُ اﻷقـدامَ مسرعـةً
نحوي تعدُّ خُطاها قلـتُ واعَجَبـي
مـاذا تريـدُ فتـاةٌ فـي براءَتـِها
سمراءُ والوجه مصفرٌّ مـن التعـبِ
ماذا تريـدُ مـن المـرآةِ أرمُقـُهـا
وكلما اقترَبَتْ يـزدادُ بـي عَجَبـي
تقدَّمـتْ وأنـا دَهَشـًا أُناظـرُهـا
صغيرتي ما الذي أغراكِ بالنـََّصَـبِ
فمِثلـُكِ اﻵنَ بين الصَّحْـبِ وادعـةً
لتنهـلَ العلـمَ أو تـزدانَ بـاﻷدبِ
فأيـن وَالـدُكِ الحَانـي وأمُّـك
أيـن اﻷهلُ أينَ ذوو اﻹحسان؟ لم تـُجـِبِ
«بخورُ يا عم» هل تشـري رائحـة
للعودِ والصَّمغِ لم تُخْلَطْ ولم تشـبِ
«بخورُ يا عم» خذ لﻸهلِ واحـدةً
أو اثنتيـن فهَـذا غايـةُ الطـلـبِ
«بخورٌ يا عم» أغرتنـي برَاعَتـُهـا
فقلتُ هاتِ فقد أعفيـكِ مـن تـَعَـبِ
بكم بخـورُكِ هـاتِ الكـلَّ آمنـةً
وَهَاكِ قيمَتـَـهُ بالضِّعْـفِ فاقتـربي
قرأتُ في عينِها والـدِّفءُ يسكُنـُهـا
ما لستُ أقرؤُهُ في أعذَبِ الخُطـَبِ
يا عمُّ شكراً لقد خفـَّفـْتَ مـن ألمـِي
فصَوتُ أمي هُناك اﻵنَ يهتِفُ بـي
فوق السرير مع المَرضَـى مُمَـدَّدَةً
في إثر حَادثِ سَيرٍ مَاتَ فيـه أبـي
أبي ، وندََّتْ مـن العينيـن دمعَتـُهـا
وفارقتني وكادَ الحُزنُ يعصفُ بـي
وبينما صوتـُها الحاني يـرنُّ أسـىً
في مسمعي وصَدري جـذوة اللهبِ
إذا بصوتٍ يثيرُ الرعـبَ أفزعنـي
وزحمةٍ لجموعِ الناسِ بل صَخَـبِ
مَنْ؟ مَا؟ وكيفَ؟ وما هذا؟ أُسائلـُهُم
قالوا اقتربْ لترى ما كان من عَجَبِ
لما اقتربتُ وكان الخوفُ يسبقـُنِـي
دعوتُ يا ربُّ يا رحمنُ لـُطفـَك بـي
رأيت سيـارةً حمـراءَ ، صاحبُهَـا
روائحُ الخمرِ من بُردَيْهِ لـم تغِـبِ
ثم التفتُّ يمينـاً فاحترقـتُ أسـىً
رأيتـُها والـدَّمُ المسفـوحُ كالقِـرَبِ
دنوتُ منها وقـد بانـَتْ بشاشَتـُهـا
وافترَّ مَبسَمُها عـن لؤلـؤٍ رَطـبِ
«بخورٌ يا عم» إنـي كنـتُ عائـدةً
لحضن أمي أواسيهـا مـن التـَّعَـبِ
«بخورٌ يا عم» شرُّ النـاسِ منزلـةً
ذاك الذي يرجعُ العافين بالغضـبِ
«بخور يا عم» ، فأفِقْ حيـن تسمعهـا
ثم اشترِ أو فجُدْ بالقـولِ فـي أدَبِ
الله ، مـا أنبـلَ اﻹحسـانَ أعظمَـهُ
في رقةِ القول ما يُغني عن الذهـبِ
«بخورٌ يا عم» كان الصوتُ مُنخنِقَـاً
كأنمـا يتـوارى ثـَم بالحُـجُـبِ
«بخورٌ يا عم» ريحُ العـود طيبـةً
لكنََّ هذا بغيرِ الخمـرِ لـم يَطِـبِ
«بخورٌ يا عـم» وانسلـَّتْ أمانَتـُهـا
لله عائـدةً فـي موكـبِ الشُّهُـبِ
وحينها فاحَ في اﻷرجـاءِ رائحـة
كأنما بُعثـَتْ في الكـونِ روحُ نبـي
وعُـدتُ للبيـتِ مُغتمًّـا ومُنقهـراً
وحسرةُ الحزنِ تُطفي فورَةَ الغَضَبِ
أُكفكِفُ الدََّمعَ فـي عينـيَّ أحبسُـهُ
وحرقةُ القلبِ مثـلُ الجمـرِ واللَّهَبِ
ما ذاك؟ تسألني زوجي حُفِظت لنـا
فقلتُ صمغٌ وعودٌ طيِّـبُ الحَطـَبِ
هاكِ انشُرِي في ربوعِ الدارِ رائحةً
زكيـةً ودعينـي أحتسـِي تَعَبِـي
فقـد شَهـدتُ قُبيـلَ اﻵن حادثـةً
مريعةً فاسمعي بالحـَادث العَجَـبِ
إنـي شهـدتُ فتـاةً مثـل طفلتنـا
وديعةَ الوجهِ في حُسْنِ المها العربي
رأيتُهـا تلفـظُ اﻷنفـاسَ قائـلـة
«بخورُ يا عم» بلـِّغْ كـلَّ ذي أَرَبِ
أني قضيت وفي نفسي أسى وجوى
لم ألقَ حولي ذوي اﻷرحام والنـَّسَبِ
سعيتُ خلفَ رغيفِ الخبـزِ أطلبُـهُ
بالكـدّ حافيـةً فـي لَسْعَـةِ اللَّهَبِ
«بخورٌ يا عم» واﻷلبـابُ حائـرةً
فيما تقول ومـا تحـوي مـن اﻷدَبِ
وعندها همسَ النقـالُ فـي أذنـي
قمْ حانَ وقتُ صﻼةِ الفجر واحْتَسِبِ
الحمـدُ لله رؤيـا ، تلـكَ أيقظـََـنِـي
بها اﻹلـهُ لفعـلِ الخيـرِ والقـُرَبِ
لـ سعيد اليعربي
ابحـروا في معاني قوافيـها
رأيتُهـا تحمـلُ اﻷقـدامَ مسرعـةً
نحوي تعدُّ خُطاها قلـتُ واعَجَبـي
مـاذا تريـدُ فتـاةٌ فـي براءَتـِها
سمراءُ والوجه مصفرٌّ مـن التعـبِ
ماذا تريـدُ مـن المـرآةِ أرمُقـُهـا
وكلما اقترَبَتْ يـزدادُ بـي عَجَبـي
تقدَّمـتْ وأنـا دَهَشـًا أُناظـرُهـا
صغيرتي ما الذي أغراكِ بالنـََّصَـبِ
فمِثلـُكِ اﻵنَ بين الصَّحْـبِ وادعـةً
لتنهـلَ العلـمَ أو تـزدانَ بـاﻷدبِ
فأيـن وَالـدُكِ الحَانـي وأمُّـك
أيـن اﻷهلُ أينَ ذوو اﻹحسان؟ لم تـُجـِبِ
«بخورُ يا عم» هل تشـري رائحـة
للعودِ والصَّمغِ لم تُخْلَطْ ولم تشـبِ
«بخورُ يا عم» خذ لﻸهلِ واحـدةً
أو اثنتيـن فهَـذا غايـةُ الطـلـبِ
«بخورٌ يا عم» أغرتنـي برَاعَتـُهـا
فقلتُ هاتِ فقد أعفيـكِ مـن تـَعَـبِ
بكم بخـورُكِ هـاتِ الكـلَّ آمنـةً
وَهَاكِ قيمَتـَـهُ بالضِّعْـفِ فاقتـربي
قرأتُ في عينِها والـدِّفءُ يسكُنـُهـا
ما لستُ أقرؤُهُ في أعذَبِ الخُطـَبِ
يا عمُّ شكراً لقد خفـَّفـْتَ مـن ألمـِي
فصَوتُ أمي هُناك اﻵنَ يهتِفُ بـي
فوق السرير مع المَرضَـى مُمَـدَّدَةً
في إثر حَادثِ سَيرٍ مَاتَ فيـه أبـي
أبي ، وندََّتْ مـن العينيـن دمعَتـُهـا
وفارقتني وكادَ الحُزنُ يعصفُ بـي
وبينما صوتـُها الحاني يـرنُّ أسـىً
في مسمعي وصَدري جـذوة اللهبِ
إذا بصوتٍ يثيرُ الرعـبَ أفزعنـي
وزحمةٍ لجموعِ الناسِ بل صَخَـبِ
مَنْ؟ مَا؟ وكيفَ؟ وما هذا؟ أُسائلـُهُم
قالوا اقتربْ لترى ما كان من عَجَبِ
لما اقتربتُ وكان الخوفُ يسبقـُنِـي
دعوتُ يا ربُّ يا رحمنُ لـُطفـَك بـي
رأيت سيـارةً حمـراءَ ، صاحبُهَـا
روائحُ الخمرِ من بُردَيْهِ لـم تغِـبِ
ثم التفتُّ يمينـاً فاحترقـتُ أسـىً
رأيتـُها والـدَّمُ المسفـوحُ كالقِـرَبِ
دنوتُ منها وقـد بانـَتْ بشاشَتـُهـا
وافترَّ مَبسَمُها عـن لؤلـؤٍ رَطـبِ
«بخورٌ يا عم» إنـي كنـتُ عائـدةً
لحضن أمي أواسيهـا مـن التـَّعَـبِ
«بخورٌ يا عم» شرُّ النـاسِ منزلـةً
ذاك الذي يرجعُ العافين بالغضـبِ
«بخور يا عم» ، فأفِقْ حيـن تسمعهـا
ثم اشترِ أو فجُدْ بالقـولِ فـي أدَبِ
الله ، مـا أنبـلَ اﻹحسـانَ أعظمَـهُ
في رقةِ القول ما يُغني عن الذهـبِ
«بخورٌ يا عم» كان الصوتُ مُنخنِقَـاً
كأنمـا يتـوارى ثـَم بالحُـجُـبِ
«بخورٌ يا عم» ريحُ العـود طيبـةً
لكنََّ هذا بغيرِ الخمـرِ لـم يَطِـبِ
«بخورٌ يا عـم» وانسلـَّتْ أمانَتـُهـا
لله عائـدةً فـي موكـبِ الشُّهُـبِ
وحينها فاحَ في اﻷرجـاءِ رائحـة
كأنما بُعثـَتْ في الكـونِ روحُ نبـي
وعُـدتُ للبيـتِ مُغتمًّـا ومُنقهـراً
وحسرةُ الحزنِ تُطفي فورَةَ الغَضَبِ
أُكفكِفُ الدََّمعَ فـي عينـيَّ أحبسُـهُ
وحرقةُ القلبِ مثـلُ الجمـرِ واللَّهَبِ
ما ذاك؟ تسألني زوجي حُفِظت لنـا
فقلتُ صمغٌ وعودٌ طيِّـبُ الحَطـَبِ
هاكِ انشُرِي في ربوعِ الدارِ رائحةً
زكيـةً ودعينـي أحتسـِي تَعَبِـي
فقـد شَهـدتُ قُبيـلَ اﻵن حادثـةً
مريعةً فاسمعي بالحـَادث العَجَـبِ
إنـي شهـدتُ فتـاةً مثـل طفلتنـا
وديعةَ الوجهِ في حُسْنِ المها العربي
رأيتُهـا تلفـظُ اﻷنفـاسَ قائـلـة
«بخورُ يا عم» بلـِّغْ كـلَّ ذي أَرَبِ
أني قضيت وفي نفسي أسى وجوى
لم ألقَ حولي ذوي اﻷرحام والنـَّسَبِ
سعيتُ خلفَ رغيفِ الخبـزِ أطلبُـهُ
بالكـدّ حافيـةً فـي لَسْعَـةِ اللَّهَبِ
«بخورٌ يا عم» واﻷلبـابُ حائـرةً
فيما تقول ومـا تحـوي مـن اﻷدَبِ
وعندها همسَ النقـالُ فـي أذنـي
قمْ حانَ وقتُ صﻼةِ الفجر واحْتَسِبِ
الحمـدُ لله رؤيـا ، تلـكَ أيقظـََـنِـي
بها اﻹلـهُ لفعـلِ الخيـرِ والقـُرَبِ