المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ردود أفعالنا بين الوعي و العاطفة.



طارق التميمي
24-12-2014, 02:55 PM
إن مما يميز النفس البشرية هو تعدد صفاتها وتنوع أوصافها, ومن أهمها ما تتصف به من عاطفة تتمثل في قلب الشخص, فتجسد أجمل سلوك وأرقى تعامل في سلوكيات حياته وأنماط تصرفاته. وقد تختلف نسبة العاطفة من شخص لأخر, فمنهم من هو عاطفي بلا وعي ومنهم من يحكم العقل بلا عاطفة ومنهم من يمزجهم ببعض ويُغلب جانب على جانب بما تقتضيه المصلحة ويتطلبه الحال وهو ما يسمى "بالوعي العاطفي" والذي هو الأساس الذي يجب علينا التعامل به في حياتنا و معيارا لتصرفانتا وسلوكياتنا, فالعاطفة وحدها لا تكفي كما أن العقل بمجرده غير كفيل بتحصيل الوسطية ووزن المواقف بميزانها الصحيح, فالعقل بما فيه والعاطفة بما فيها مكملان لكثير من المواقف التي تتطلب ردود الأفعال المناسبة لتدارك المواقف وحسن التدبير.
و من الملاحظ أن في إعمال العقل فقط تجاه ردة أفعالنا المرتبطة بالمواقف والأفراد, دون وجود أثر للعاطفة, مما يزيد في الشحن النفسي لجميع الأطراف و يبهت لون القضية, وفي المقابل فإن العاطفة المجردة قد تؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها خاصة إذا تعلقت بمواقف حتمية أو ما يتعلق بقضايا الأمة المصيرية, والتي غالباً ما تكون من أنجع الطرق لاستغلال الشعوب بواسطة عاطفتهم ,حسب ما يرتأي كل من أراد تسويق أفكاره وتبني مبادئه سواء البناءة منها أو الهدامة.
إن الوعي العاطفي هو ما يجب أن نحتكم إليه في علاقاتنا المتنوعة سواء الزوجية, أوبين الأخ و أخيه, والصديق مع صديقه, والزميل مع زميله, والجار مع جاره, والرئيس ومرؤسه, والدائن مع مدينه, و بين البائع والمشتري, والمسافر بين رفقته, والغريب في مجتمع الغربة, وبين المدرس وطلابه, والخصم مع خصيمه, والقاضي مع جليسه, والسجين مع سجانه, والقائد مع اتباعه كما قال الله تعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم : (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) ال عمران 159,ولكن كان مكان هذه الفظاظة رجاحة العقل ومكان هذه الغلظة العاطفة والمحبة لهم فكانت النتيجة الوعي العاطفي التي كانت سبب إلتحامهم حوله صلى الله عليه وسلم.
يقول يونس الصدفي: "ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يوما في مسألة ثم افترقنا، ولقيني فأخذ بيدي، ثم قال يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخوانا وإن لم نتفق في مسألة"(السير للذهبي 10/16) ويعلق الذهبي رحمه الله تعالى على هذا فيقول: "هذا يدل على كمال عقل هذا الإمام وفقه نفسه، فما زال النظراء يختلفون"(السير للذهبي 10/17) فكمال العقل مع فقه النفس هو عين الوعي العاطفي الذي يفترض أن يتحلى به المجتمع بمختلف شرائحة وطبقاته.
إن في الوعي العاطفي تسخيراً لقدرات مكنونة وهبنا الله عز وجل إياها وموازنة بين متطلبات الحياة وحاجيات الإنسان النفسية والتي قد تُغيب الحاجة المادية أو النفسية لها أي وعيٍ عقلي أو معرفي وبالتالي تتحصل من ورائها النتائج العكسية والتي يصعب تداركها.
وأيضاً فإن وجود هذه الصفة في الإنسان كفيلة بمعالجة كثير من الأزمات التي تعصف به في مشوار حياته من حزن واكتئاب, وضيق و ارتياب, مما ينتاب كثير من الأشخاص وعلى مختلف المستويات, فالتوازن دائماً هو الحل لكثير من الأزمات بل مانع لكثير من العقبات الحياتية التي تطرأ على الإنسان قبل وقوعها, ولو نظرنا إلى الوراء قليلاً وتفكرنا في بعض مواقفنا وردود أفعالنا و التي كانت نتائجها سلبية وغير مرضية, لوجدنا أنها تفتقد أحد هذين العاملين ألا وهما الوعي المتمثل في العقل والعاطفة والتي محلها القلب.
باختصار .. العاطفة وحدها لا تكفي لإتخاذ قرارات تجاه ردة فعل أو خبر سمعناه , فهي جميلة مالم تُغيب العقل عن الحقيقة، فقد قال الله عز وجل عن إخوة يوسف(وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ) يوسف 16 , ومع هذا قدم يعقوب عليه السلام عقله فعلم أنهم كاذبون مع أنهم يبكون!
فالعاطفة مما تُزين بها الأفعال والأقوال بعد تحكيم العقل للمواقف والأحداث والتي تضفي على ردة أفعالنا توازنا و انسجاماً تكون عواقبها للإيجابية والواقعية أقرب.
طارق التميمي

hamad alaraimi
24-12-2014, 04:52 PM
السلام عليكم

اهلا بعودتك استاذنا العزيز طارق ابو العينيين كيف حالك

مقالة جدا مستفاده الحقيقه كثير من اعمالك اتابعه من خلال
اماكن ما تنشر وهذه المقالة استفدت منها كثيرا من خلال الشرق والأحساء
اتمنى استمرارك ايها العزيز
ادارة القسم من الأجود للمقالة بان تكون بقسم تطوير الذات

تقديري واحترامي

نـــــــقــــــــاء
24-12-2014, 08:24 PM
طرح موفق
الله يعطيك العافية

اطياف السراب
02-01-2015, 10:05 PM
رائع جدا

شكرا جزيلا لك

صخب أنثى
13-01-2015, 10:10 PM
http://store2.up-00.com/2015-01/1421162795791.png