المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المشاركون في ندوة "مخاطر المخدرات" يوصون بالتصدي للآفة بتعزيز الجوانب القيمية لدى ال



حق المعرفة
11-01-2015, 02:56 PM
http://photos.alroya.info/d/62668-3/666987+_3_.jpg
◄ الرعيدان: مرحلة التأهيل تستغرق من 3 أسابيع لشهرين اعتمادا على قوة إرادة المدمن ورغبته في التعافي

◄ المكتومية: التدخين بداية الطريق لتعاطي المخدرات.. ولابد من مراقبة مصروف الأطفال

◄ الهنائي: من الظلم تحميل الأسرة المسؤولية كاملة.. ومواجهة الآفة تحتاج لتضافر جهود مختلف الأطراف

◄ جعفر: مؤسَّسات المجتمع المدني لها دور كبير في تشجيع المدمن في التغلب على آلامه

◄ توصيات بتكثيف حملات التوعية وتقدير العمل التطوعي في مجال المخدرات ودمج المتعافين

◄ المطالبة بتحديد خط ساخن لمساعدة المدمنين وتنفيذ برامج تنموية لشغل أوقات فراغ الشباب

◄ تأكيدات على ضرورة مضاعفة العقوبات على تجار المخدرات ودعم برامج التعافي




http://photos.alroya.info/d/62665-3/666987+_2_.jpg

أوْصَى المشاركون في ندوة "مخاطر المخدرات وسبل الوقاية منها" -والتي عُقدت الخميس الماضي؛ في إطار تدشين حملة الرؤية "لا للمخدرات"، برعاية صاحب السمو السيد نمير بن سالم آل سعيد المدير العام المساعد لشؤون الصحافة المحلية بوزارة الإعلام- بإيجاد شراكة حقيقية بين الأسرة ومُختلف مؤسَّسات المجتمع؛ للتوعية بمخاطر المخدرات، وإنجاح جُهود مُكافحة هذه الآفة.. وشدَّدوا على ضرورة تكامل الجهود التوعوية؛ من خلال برامج شاملة تستهدف كافة فئات وشرائح المجتمع لإيصال الرسالة التوعوية للجميع، وأبرزوا أهمية الدور الوقائي في مواجهة الإدمان.

ودَعَا المشاركون في الندوة إلى تعزيز الجوانب القيمية، والعمل على تقديم الرعاية العلاجية والتأهيلية لمدمني المخدرات.. مؤكدين أنَّ المسؤولية تضامنية في التصدي لهذه الآفة التي تتربص بالشباب، وطالبوا بزيادة حملات التوعية الإعلامية الهادفة للحد من المخدرات وتقدير العمل التطوعي في مجال المخدرات، وتحديد خط ساخن لمساعدة المدمنين، ووضع برامج تنموية للشباب تساعدهم على ملء الفراغ، ومُضاعفة العقوبات على تجار المخدرات، ودمج المتعافين، وتوفير برامج موسَّعة للمتعافين نحو دَمْجهم في المجتمع مرَّة أخرى، وزيادة برامج التعافي من المخدرات، والعمل على تحصين الشباب عبر زرع القيم النبيلة في نفوسهم.


http://photos.alroya.info/d/62659-3/666987.jpg

الرُّؤية - مدرين المكتوميَّة - مُحمَّد قنات

واستهلَّت سعاد العريمية مديرة الندوة، باستعراض الآثار الناتجة عن تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية.. وقالت إنها من أكثر الظواهر التي تُؤثر على المجتمع؛ لذلك وجدتْ اهتمامًا من جانب الرأي العام، وتطرَّقت إلى الجانب النفسي والأسري، مُرورا بدَوْر المجتمع والجهات المعنية في الحد من انتشار آفة المخدرات.

وأكَّدت الدكتورة أميرة بنت عبدالمحسن الرعيدان طبيبة أولى قسم الأمراض غير المعدية وقسم الصحة النفسية بمستشفى المسرَّات، على أهمية موضوع الندوة؛ لأنه يُحاصر أفراد المجتمع في حياتهم اليومية؛ سواء بين أفراد الأسرة الواحدة أو الجيران أو زملاء الدراسة والعمل.. لافتة إلى أنَّ تأثير المواد المخدرة يتوقَّف على نوعها وجُرعتها؛ حيث يلجأ المدمن أحيانا لاستخدام أكثر من نوع من المخدرات في وقت واحد؛ بهدف الوصول للنشوة التي يرجوها، ومع مرور الوقت يبحث المدمن عن أشياء يظن أنَّها تخفف عنه الآلام، وهي ما تُعرف طبياً بالأعراض "الانسحابية"؛ حيث يشعر المدمن بالراحة عند الحصول على المادة المخدرة، بينما تظهر لديه الأعراض الانسحابية حال تأخره في تعاطي المادة.
http://photos.alroya.info/d/62662-3/666987+_1_.jpg

وضربتْ الدكتورة أميرة مثالا بمن يتناولون القهوة والشاي؛ حيث تظهر لديهم حالات تغيُّر مزاجية في رمضان أو في حال طالت فترة عدم تناولهم للشاي والقهوة.. مشيرة إلى أنَّ ذلك الأثر البسيط ناتج عن تأثير الكافيين الذي لا يستمر طويلاً.. واستدركت بأن أعراض المخدرات تستمر طويلاً مصحوبة بآلام شديدة القسوة.. وأضافت بأن الإنسان السليم إذا أصيب بزكام أو تناول طعاما فاسدا، تظهر عليه أعراض الحُمَّي، ويشعر بالفتور والخمول، وهي أعراض يُعانيها المدمن في كلِّ ثانية إذا لم يتحصَّل على المخدر الذي يتناوله، كما أنَّ من يتناولون المورفين والهيروين يُعانون معاناة أشد رغم أنَّ دَوْرها فقط تسكين الآلام الذي يعادل ألم كسر العظام أو أشد منه.

http://photos.alroya.info/d/63079-3/RSR_9470.JPG

الأعراض الانسحابية

وأوضحت أنَّ في هذه المرحلة تظهر لدى المدمن أعراض تتمثل في: الخوف والقلق، ويبدأ يسأل نفسه: إلى متي يستمر في هذا الوضع؟ وتصبح حالته النفسية بالغة السوء في ظل الشعور بالذنب؛ حتى يصل إلى مرحلة الاكتئاب، ويُصبح إنسانًا منطويًا على نفسه لا يكلم الآخرين، وربما تسُوء حاله حتى يفكر في الانتحار. ومن الناحية الصحية العضوية، يُمكن أن يُصاب بالجلطة الدماغية والسكتة القلبية والفشل الكلوي، والضعف الجنسي. ومن أخطر الأمراض التي تُصيب مُتعاطي المخدرات عن طريق الإبر هو مرض الإيدز والكبد الوبائي.. لافتة إلى أنَّ المدمن قد يفكر في السرقة لسداد تكاليف المخدرات، فضلا عن ارتكاب الممارسات الجنسية الخاطئة التي رُبما تصيبه بأمراض أخرى تنتقل جنسيًّا.

وقالت الدكتورة أميرة الرعيدان: إنَّ رحلة العلاج تبدأ بالتقييم، وهي نقطة أولى يجب أن تكون للشخص رغبة أكيدة في العلاج، خاصة وأنَّ جزءًا كبيرًا من العلاج يعتمد على رغبة المدمن في أن يتعافى من المخدرات.. مشيرة إلى أنَّ تأثير عوامل الأصحاب والمادة والمكان، وتجنبها يمثل خطوة أساسية في طريق التعافي من المخدرات؛ لأن المدمن مهما تلقى عقاقير معالجة دون عزيمة ونية صادقة للتخلي عن الإدمان لا يمكنه أن يتعافى، ويُمكن أن يرجع للإدمان في أي وقت.

وأوضحت الرعيدان أنَّ بإمكان المدمن أنَّ يذهب إلى المستشفي بدون أهله؛ حيث تحرص المستشفي على أن تُشعره بالأمان، والتأكيد على أنَّ المعلومات سرية والإجراءات الأولية التي تجري له تتمثل في إجراء فحص الدم وفحص الكبد، ووظائف الكلي، وفحص الإيدز، إلى جانب فحص الأمراض التناسلية؛ مثل: الزهري، وفحص الغدة بغرض معالجته من أي مرض آخر أولا، وإذا أكَّدت الفحوصات سلامته صحيا، تبدأ مرحلة التأهيل ويُجرى له فحص البول لأنه يكشف المواد المخدِّرة التي يتناولها المدمن، والتي قد تكون حبوبًا أو حشيشًا أو مواد مخدرة، والفحوصات تؤكد سلامة الشخص، وعلى ضَوْئها يُعطى الأدوية المعالجة، ويتم تحديد تركيز المادة المستخدمة، وفي حال توافر سرير بالمستشفى تبدأ مرحلة العلاج. أما في حال الاضطرار للانتظار، تمنحه المستشفى خيارَ التنويم من خلال أدوية تساعده على الانتظار وتحمُّل الأعراض التي يُعاني منها؛ مثل: الإسهال، والاستفراغ، وآلام المفاصل...وغيرها من الأعراض.

وأضافت الرعيدان بأن أكبر مشكلتين لا يمكن مُعالجتها هما: قلة النوم وفقدان الشهية، وكثير من المدمنين يطلبون دواء يجعلهم ينامون؛ باعتبار أنهم محرومون من النوم، وأن الأدوية التي تُعطى لهم ليست ذات جدوى من وجهة نظرهم؛ لأن المواد التي يُدمنونها قوية، مُقارنة بالعقاقير التي تُصرف لهم، وهو ما يثبت أنَّ التعافي من تناول المخدرات يحتاج إلى إرادة قوية من قبل المدمن، خاصة وأن الأعراض الانسحابية تستمر من خمسة إلى سبعة أيام فقط حتى تقل تدريجياً، ويُصبح أمامه خيار العودة للمادة المخدرة أم لا. والشخص الذي لا يجد فرصة التنويم يُعطى علاجا يستمر من أسبوعين إلى شهر، وخلال هذه الفترة يتم استدعاؤه وتنوميه للتخلص من السموم، وتناول أدوية تساعده على تحمل الأعراض الانسحابية، وهي أدوية تعطي عن طريق وصفة طبية، ولا تعطى لأي شخص، وبعد خمسة أيام يُمكن أن يتخلص المدمن من السموم عن طريق الأدوية التي تصرف له.

http://photos.alroya.info/d/63085-3/RSR_9491.JPG

وعن الفترة اللازمة للتأهيل، قالت الرعيدان إنَّ مرحلة التأهيل تستغرق في مستشفي المسرة من ثلاثة أسابيع إلى شهرين، ومن يستمر لشهرين يُثبت قوة إرادته ورغبته في العلاج، والأشخاص الذين يخرجون قبل إكمال المدة يكشفون ضعف إرادتهم، مع احتمال عودتهم للتعاطي، خاصة وأن المدة المثالية ليست شهرين، وإنما هي ستة أشهر، ولكن لكثرة الضغط على الخدمة لا يُمكن أن يظل الشخص أكثر من ستة أشهر بالمستشفى.. موضحة أنَّ هناك منافذ أخرى مُتاحة حاليا، وهي مراكز الرعاية اللاحقة التي دشَّنتها اللجنة الوطنية، ويُجرى افتتاحها خلال أسابيع، وتوفر للمدمن مساحة آمنة بعيدا عن رفاق السوء والمادة المخدرة.



الأسرة أساس البناء

ومن جانبها، أثنتْ نادية بنت راشد بن سيف المكتومية استشارية تربوية وأسرية، على دَوْر جريدة "الرؤية" في إقامة مثل هذه الندوات، وتسليط الضوء بشفافية على القضايا التي تهم المجتمع.. مؤكدة أنَّ هذا هو الدور الإيجابي لوسائل الإعلام. وأوضحتْ أنَّ تجارة المخدرات أصبحت المصدر الثالث في تحقيق الأرباح بعد النفط وتجارة السلاح بين الدول، وهي تجارة تتوسع علي حساب الأبناء ويجد التجار السبل السهلة لترويج سمومهم.. مشيرة إلى أنَّ لكل طبقة اجتماعية بحسب مستواها المادي يُوجد نوع معين من المخدرات يروَّج فيما بينها، وكانت المخدرات في السابق تطال فئة المراهقين فقط، لكنها اليوم باتت تروج بين الأطفال الذين لا تزيد أعمارهم على الحادية عشرة، وهنالك أسر بالكامل تتعاطى المخدرات.

http://photos.alroya.info/d/63088-3/RSR_9496.JPG

ونبَّهت المكتومية إلى أنه من الضروري دق ناقوس الخطر مادام الأمر وصل إلى هذه الدرجة، خاصة وأنَّ المخدرات أصبحتْ تنتشر بسرعة ربما يصعب السيطرة عليها.. مؤكدة أنَّ الحصانة من المخدرات تعتمد على ترابط الأسرة قبل كل شيء؛ لذلك يجب تفعل دورها بشكل إيجابي لمراقبة أبنائها؛ فالأسرة التي تعي دورها تجاه أبنائها من توعية ومراقبة لا يستطيع التاجر أو المروِّج أنْ يصل إليها؛ باعتبار الأبناء سيكونون على علم ودراية بالخطر المدمِّر الذي سيلحق بحياتهم وحياة أسرهم من تناول المخدرات.

وأوضحت أنَّ دَوْر الأسرة ينقسم إلى مرحلتين: الأولى؛ مرحلة غرس القيم؛ وتشمل: سلوك التنشئة والتوعية؛ حيث إنَّ الأسرة التي لا تستوعب الأساليب التربوية الحديثة ستفشل باعتبار أن أبناء اليوم يختلفون عن أبناء الأمس، وسيدنا عمر قال: "ربوا أبناءكم لزمان غير زمانكم"، ولا يُمكن التعامل مع الأبناء بعقلية وأساليب الأمس، خاصة في ظل انتشار التكنولوجيا التي قرَّبت آفة المخدرات للأبناء أكثر من السابق؛ حيث يمكن أن يحصلوا عليها من خلال الشاشات الإلكترونية، والتواصل مع الآخرين؛ مما يجعل الخطر داخل المنازل من خلال شبكات التواصل، والآباء لا يُدركون ذلك، كما أنَّ الأسرة يُمكن أن تفشل في التربية إذا اتبعت أسلوب التسلط أو الإهمال، وهذه الأساليب تولِّد أشخاصا منحرفين؛ لذلك يجب على الأسرة أن تركز في علاقتها مع أبنائها على القرب للتعرف على سلوكياتهم، وتجنيبهم تلك الآفات التي تهدد حياتهم؛ من خلال إيجاد مساحة للتفاهم واحتواء المشاكل؛ وبذلك يضمن الشخص حال وقوعه في مشكلة أن بإمكانه أن يُخبر أسرته بحثا عن حل بدلا من إنكارها حتى تتراكم الأزمة؛ حيث إن التدخل المبكر في مواجهة المشاكل يُسهِّل حلها؛ لذا فإن الأسرة تحتاج إلى الحب والاحتواء وتخصيص أوقات للأبناء، وشغل أوقات فراغهم.

وأضافت المكتومية بأن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت تلهي الكثيرين عن الجلوس مع أبنائهم ومعرفة أحوالهم والمشكلات التي تواجههم؛ فالأسرة تحتاج لجهود جبارة حتى تواجه مشاكل هذا العصر؛ مما يجعل الدور المنوط بالأسرة أكبر من السابق؛ نظراً للتحديات الحديثة المتلاحقة؛ حيث على أولياء الأمور تلبية احتياجات أبنائهم من التنشئة السليمة والحب والاحتواء والمراقبة لضمان التربية السليمة، وهذه العملية تحتاج لدور الأب والأم سوياً، وألا يتحمل أحدهما عبء التربية مُنفردا؛ لأنَّ التربية عملية مشتركة بين الطرفين، وتحتاج لجهدهما معا.. مشيرة إلى أنَّ الأسرة إذا قامت بدورها كاملاً في التربية الايجابية ستحصن أبنائها وتحميهم من آفة العصر؛ بفضل الاهتمام بالتعرف على احتياجات الأبناء في كل مرحلة عمرية وتوفيرها لهم حتى ينشأ جيل ينفع الأسرة والمجتمع الذي يعيش فيه، كما أنَّ تلك الاحتياجات تشمل الاحتياجات النفسية والعاطفية والمعرفية، ولابد أن يكون هناك نوع من الحوار ومساحة للتعبير عن المشاكل التي تواجه الأبناء، وهو ما يقوِّي علاقة الآباء والأبناء.. مُحذِّرة من أنه كلما عانت الأسرة من خلل في علاقاتها هرب الأبناء لخارجها؛ بحثا عن الاحتواء أو ما ينسيهم مشاكلهم الأسرية التي يعيشونها.

التوعية منذ الطفولة

وأوضحتْ المكتومية أنَّ التوعية يمكن أنْ تبدأ مع الطفل قبل دخوله المدرسة عن طرق القصص الإلكترونية والخيالية، وتسريب المعلومة التوجيهية، وهذه التوعية تكبر معه كلما تقدَّم في العمر، لكنَّ غَرْس القيم وتنميتها لا يكفي إذ لابد من حراسة تلك القيم ومراقبة تفعيلها سلوكيا، خاصة عندما يكبر الطفل ويخرج للمجتمع بداية من بيئة المدرسة التي يوجد بها الصالح والطالح؛ حيث تقترب الآفات من الأبناء، وهنا تكون حراسة القيم عن طريق الرقابة بمعرفة أصدقاء الأبناء والتواصل معهم ومعرفة أسرهم وخلق جسور تواصل بين الأسر.

ونبَّهت إلى أنَّ التدخين يُعد بداية لتعاطي المخدرات؛ لذلك ينبغي مُراقبة مصروف الأطفال، خاصة وأن هنالك بعض الأسر تنفق على أبنائها، وتظن أنها بذلك تفعل الخير أو تُحسن المظهر الاجتماعي، لكنَّهم في الواقع يورِّطون أبناءهم في عالم المخدرات بتوفير الأموال التي تزيد على حاجتهم، وينبغي تعليم الأبناء صَرْف المصروف في الوجهات الصحيحة، ولابد أن تعرف الأسرة مظاهر إدمان المخدرات، وكيف يُمكن أن تكتشف إدمان المراهق؛ وذلك من خلال تكثيف برامج التوعية من قبل الجهات المختصة للأسرة.

الجانب التشريعي والديني
http://photos.alroya.info/d/63094-3/RSR_9522.JPG

وقال سلطان الهنائي بدائرة الوعظ والإرشاد بوزارة الأوقاف: إنَّ هناك مسلَّمات لا تقبل الجدل في مبادئ التشريع الإسلامي التي جاءتْ لتحمي الإنسان؛ حيث إنَّ كل تشريعات الإسلام في العقل والفكر والمبادئ والقيم والأخلاق، ومعظم العقوبات تستهدف مصلحة الإنسان، وعندما يتأمل المرء خطاب القرآن الكريم للإنسان، يدرك أنَّ الله -عز وجل- لا يُخاطب المسلِّم بشرعه، وإنما يخاطب الإنسان، وعندما نصنِّف تعاطي المخدرات أو الاتجار بها، هل هي عقيدة، أو مبدأ أو قيمة من القيم أو سلوك من السلوكيات، نجد أنَّها سلوك، ينتج عن فكر أو قناعة وعقيدة يتبناها الإنسان. وأما أن تنتج عن فكرة خاطئة لدى هذا الشخص، أو نتيجة لخواء فكري، خاصة وأنَّ الحاجة للمال قد تكون هاجسا لديهم؛ لذلك يبحثون عن الوسيلة السريعة لتحقيق ذلك؛ فيسعون لتعاطي المخدرات والاتجار بها، وقد تكون البداية في أن يتاجر الإنسان بالمخدرات قبل أن يفكر بالتعاطي. وفي الحالتين، يرتكب الإنسان فاحشة تضاف إلى سلسلة من الفواحش التي تواجهها خطبة الجمعة، وإدارات المدارس...وغيرها من الجهات.

وأضاف الهنائي بأنَّه في سبيل مُواجهة تلك الآفات ليس أمامنا ما نقوم به كأفراد ومؤسسات وأسر، إلا التركيز على بناء الذات السليمة للإنسان، وتنمية الشخصية الإيجابية القوية؛ حيث إنَّ من يتمتعون بشخصيات إيجابية سليمة يستطيعون مواجهة تلك الآفات التي تواجههم في مشوار؛ لذلك فمن الصعب أنْ نجد من بين هؤلاء من يتناول المخدرات، وكم من إنسان تعرَّض لسلوكيات خاطئة، لكنه تغلب عليها ورفضها؛ بفضل ما يتمتع به من مبادئ وذات سليمة.

وأوضح الهنائي أنَّه عندما نغرس مبادئ صحيحة، نبني شخصية متكاملة وسليمة وواعية؛ وذلك لا يتم بالقوة والترهيب.. وأشار إلى أنَّه عندما جاء شخص إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال له: يا رسول الله أأذن لي بالزنى؛ فقام عُمر بن الخطاب، وقال لرسول الله: أأذن لي بقطع راس هذا المنافق، لكن كيف كان تصرُّف النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الموقف، قال للصحابة دعوه، ثم قال له: أترضاه لأمك؟ قال: لا يا رسول الله، فقال له: ولا الناس يرضونه لأمهاتهم؛ لذلك فقد استخدم النبي مبدأ يُسلِّم به الرجل، ومن ثم دعا له النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى ذلك حين أخاطب شخصًا يتعاطى مخدرات، يُمكنني أن أقربه مني أو أبعده عني من خلال طريقة التعامل؛ فعندما تشعره أن الأمر بسيط، وأن هناك قضايا ومشاكل أصعب، حينها يتغيَّر هذا الإنسان داخليا.

http://photos.alroya.info/d/63097-3/RSR_9526.JPG

وذكر الهنائي أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- جلس في مكة 13 عاما، ولم يتعرَّض لأصنام قريش، كما لم يتعرَّض لكثير من الأحكام والتشريعات الخاصة بهم؛ لأنه كان يركز على شيء واحد فقط وهو بناء الذات؛ من خلال سياسة تحطيم الأفكار الخاطئة لتحل محلها الأفكار الصحيحة؛ لذلك إذا أردنا بناء مبادئ قوية في هذا الجانب؛ فعلينا أنْ نركِّز على ما ركَّز عليه ديننا الإسلامي الحنيف، وهو بناء "الذات" وتنمية الشخصية، ولكن وفق قواعد قرَّرها الله -عز وجل- وهو أعلم بالإنسان؛ وذلك من خلال البديل العقلي والبديل الروحي والبديل التشريعي، والبديل البيئي؛ لذا يجب علينا أن نخاطب الناس بخطاب ديني متوازن وفق ما شرعه الله -عز وجل- في كتابه، ولا نحمِّل الأسرة المسؤولية كاملة لأن المسؤولية مُشتركة؛ حيث يُقال: "متى يبلغ البنيان يومًا تمامه، إذا كنت تبنيه وألف من الناس يهدمه".



دور المجتمع المدني

وقال علي جعفر عضو مجلس جمعية الحياة، إنه بحكم تجربته مع التعافي من المخدرات، يُؤكد أنَّ الفضل في ذلك لله، ومن بعده لجمعية الحياة.. مشيرا إلى مُعاناة المدمن في السلطنة حين لا يجد مكانا في السلطنة يحتويه ويرحمه من الألم الدائم، خاصة وأنه يعود لنفس البيئة ونفس المكان ونفس الأشخاص، والمجتمع لا يتقبل المدمن المتعافي، ويعامل مُعاملة ضاغطة. وتلعب مُؤسسات المجتمع المدني دورا كبيرا في تشجيع المدمن على التغلب على ألمه ومعاناته، وهذا ما حدث معي؛ حيث توجَّهت للجمعية التي سخرت إمكانياتها لمساعدتي، والبحث عن الحلول، وخلال عام واحد من وجودي بالجمعية بلغ عدد المتعافين 45 شخصا. ومن المفارقات أنني كُلفت من قبل الجمعية بإدارة الجانب المالي، في حين أنَّ أسرتي ترفض إعطائي مبلغ 20 ريالا لشراء أي شيء، خوفا من قيامي بشيء خاطئ. وقد حصل المتعافون من خلال الجمعية على وظائف وتحسَّنت أوضاعهم الحياتية، وشعروا بالأمل من جديد.


http://photos.alroya.info/d/63100-3/RSR_9528.JPG

استعراض التوصيات

وفي الختام، استعرض المشاركون بعضا من توصياتهم لمواجهة انتشار آفة المخدرات في المجتمع.. وأوصت نادية بنت راشد بن سيف المكتومية بالعمل على خلق شراكة حقيقية بين الأسرة ومُختلف المؤسسات؛ لأن الأسرة هي الأساس؛ فليس من المنطق أن تبني الأسرة والمؤسسات في الخارج تهدم؛ لذلك يجب تكاتف الجهود لخلق بيئة تكاملية لدى الشاب تعزِّز في نفسه السلوكيات السليمة. وناشدتْ الجهات المعنية والمؤسسات المتخصصة بتنظيم مزيد من برامج التوعية لشرح طرق احتواء مدمن متعافٍ، وكيفية التعرف على المدن، وقالت إنه من المنتظر من جانب وزارة الأوقاف والشؤون الدينية أنْ تركِّز على السلم القيمي لحماية النشء من الإدمان.

ومن جانبها، أوصتْ الدكتورة أميرة بنت عبدالمحسن الرعيدان بالتركيز على التوعية؛ على اعتبار أن الاعتماد على الجانب العلاجي فقط لن يُجدي، خاصة وأن الأعداد تتزايد والخدمات لا تزال تتطور؛ لذلك فإنَّ الدور الوقائي هو أساس كل شيء لتقليل الأضرار في المستقبل؛ فلماذا ننتظر حتى يصل الشخص إلى مرحلة الإدمان وهناك حلول من شأنها تغيير ذلك المصير، كما يجب خلق شراكة مع كل الجهات الحكومية وتوعية الأسرة عن طريق الإعلام.

وقال علي جعفر: إنَّ المسؤولية مُشتركة بين الجميع أفرادًا ومؤسسات.. مؤكدا أنَّ تكاتف الجهود هو الأساس. وأوصي سلطان الهنائي بأنْ يكون الهدف الإستراتيجي لجميع الأطراف هو العمل على بناء الذات روحيا واجتماعيا وفكريا؛ لأننا لو بنينا ذاتا سليمة لن نخاف من أي سلوك منحرف أيا كان مصدره.


يروي أحد المتعافين تفاصيل رحلته من الإدمان إلى التعافي: العلاج صعب لكنه ليس مستحيلا


الرُّؤية - عهود المقباليَّة


يقول أحد المتعافين من الإدمان، إنَّه كان يُعاني من مشاكل نفسية بالمنزل، وبرغم تفوقه الدراسي والتزامه الديني، إلا أنه تعرَّف على أصدقاء السوء حين اعتاد الخروج من منزله هُروبا من الضغوط الأسرية والنفسية، وهو ما ورَّطه في بداية طريق الإدمان.. ويضيف : ما زلت أذكر أول جُرعة تعاطيتها في العام 2002؛ حيث قلت لزميلي أعطني أيَّ شيء يُنسيني ما أشعر به من الفشل في فعل أي شيء؛ لتبدأ بذلك مرحلة التعاطي، وفي المرحلة الأولى كانت الأمور على ما يرام من الناحية الجسدية والمالية، فقد كانت لديَّ وظيفة وأول أيام التعاطي تكون أيام "النشوة"، وأي مُدمن في أيامه الأولى يشعر بالفرح والسرور، لكن مع مرور الوقت ابتُليت بمرض الكبد الوبائي، وعندما ذهبت للمستشفى لإجراء الفحوصات تم اكتشاف نسبة الهيروين في الدم؛ حيث بدأتْ الإدمان من الحشيش إلى الهروين، وما زلت أذكر ردة فعل والدتي التي كانت معي في المستشفى بمجرد علمها بإدماني؛ حيث بكت كثيرا، وأصرَّت على أن أبدأ مرحلة العلاج، وذهبنا إلى البحرين للعلاج، وكنتُ أعتقد أنَّ المشكلة فقط جُسمانية؛ فقرَّرت أن أتزوج وأستقر للابتعاد عن طريق المخدرات.

وحول ملامح تجربته مع المخدرات بعد الزواج، يقول : رغم أنني تزوَّجت، إلا أنني رجعت إلى الإدمان مجددا، وبعد فترة قرَّرت أن أخوض مرحلة إعادة التأهيل للعلاج نهائيا من الإدمان، خصوصا بعد علمي بأن الإدمان لا يؤثر على الجسم فقط، وإنما على العقل والروح، في ظل معاناة المدمن من نظرة المجتمع له.

ويوضِّح مُعاناته مع الجانب المجتمعي، فيقول: ذهبتُ إلى المسجد فسمعت المصطلح المتداول "مخدراتي"، وكان لهذه الكلمة وقع كبير على نفسي، وذهبت إلى المصحَّة 8 مرات، ودخلت السجن أربع مرات، قبل أن أعود إلى الطريق الصحيح، بعد معاناة وألم بسبب خسارة كل شيء؛ بما في ذلك سمعتي ووظيفتي وزوجتي وابنتي ورضا الوالدين وثقتي في نفسي؛ فقد طلب مني أبي وإخوتي أن أغادر المنزل، وقالوا إنهم لا يريدون أن أعيش بينهم لأنني "عار عليهم"، بحسب تعبيرهم، وأبلغتهم برغبتي في العلاج، وحاولت والدتي أن تساعدني لأتخلص من هذه السموم، لكنني استسلمت للإدمان، وعند مغادرتي للمنزل قالت لي: "لعنة الله عليك دنيا وآخرة"، حتى مَنَحني الله القوة للالتزام بالعلاج لأتحدى الجميع، وقرَّرت أن أتحسن وأخرج من طريق الدمار؛ فذهبت إلى جمعية الحياة، وكان هناك برنامج تأهيل خارجي، لكنني لم أطبِّق تعليمات البرنامج بالخارج وأكرر نفس الأخطاء.

ويُشير إلى الدَّعم الذي تلقاه من بعض المتعافين.. فيقول: أرشدوني إلى الطريق الصحيح، ونصحوني بالابتعاد عن الأشخاص والأماكن والأدوات التي تذكرني بالإدمان؛ حيث إنَّ المدمن يُصبح فاقدًا للسيطرة على أحاسيسه وسلوكياته، ويصبح تفكيره محصورا في كيفية الحصول على الجرعة، حتى وإن لجأ إلى السرقة من أجل حصوله على المخدر الذي يحتاجه خمس مرات في اليوم مقابل 50 ريالا لكل جرعة.

ويُؤكد من واقع تجربته أن الإدمان مرض قاتل مخادع، وأنقذته منه -بفضل الله- جمعية الحياة التي دعَّمته واحتوته، بعد أن كان فاقدًا لكل أمل في الحياة، وتملك منه اليأس.. ويضيف: عوَّضني الله بزوجة تركت أهلها وأعطتني فرصة جديدة بعد أن تألمت فتعلمت فتغيرت وزادت فرحتي حين قال لي والدي إنه يفتخر بي. ويوجِّه رسالته إلى كل مدمن يرغب في التعافي من الإدمان.. مؤكدا أنَّ العلاج صعب لكنه ليس مستحيلا، مطالبا أفراد المجتمع بتقديم الدعم المعنوي لمساعدة المدمنين على التعافي بدلا من الضغط عليهم نفسيا.

حدائق
11-01-2015, 08:33 PM
اللهم إنا نعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وغلبة الدين وقهر الرجال

أفتخر عمانيه
11-01-2015, 09:41 PM
اللهم أحفظ شبابنا من المخدرات يارب


شكرا على الموضوع


تحياتي لك