المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ||مقالات شباب متنوعه ||...



fawaz_a
20-01-2015, 02:39 PM
صور على جدار العتمة: الصورة الذهنية للعرب والمسلمين في الأوساط (http://omaniaa.co/showthread.php?t=30605)
عبد الله المقبالي
البيضة أم الدجاجة؟ هل الصورة الذهنية تصنع القرار السياسي أم القرار السياسي يصنع الصورة الذهنية؟ من نحت صورة العرب والمسلمين في ذهن المواطن الأمريكي؟ هل هي السياسة أم الثقافة أم الدين؟ كل هذه الأسئلة دارت في خلد محمد عايش، عميد كلية الاتصال بجامعة الشارقة، إبّان طرحه لموضوعه الموسوم بـ"دور وسائل الاتصال في تأجيج الصراع بين الحضارات". حيث عمد الكاتب إلى البحث في الاتجاهات التحليلية في تفسير سبب هجوم الصحافة ووسائل الاتصال الأمريكية على العرب والمسلمين، والكشف عن بواعث رسم صورة ذهنية مغلوطة في ذاكرة المواطن الأمريكي عن الشخصية العربية والمسلمة.
بات التنميط أو صناعة الصورة النمطية من أدوار وسائل الاتصال المحورية، التي تكون عادة صورة إيجابيّة إذا أحسنت الأمة تقديم نفسها وصناعة صورتها الذهنية التي تصبو إليها، ولكن النتيجة قد تكون عكسية إذا ما أخذ الزمام كيانا معادا وبات يرسم هذه الصورة في العتمة فتخرج مشوهة خداجًا لا تفي بالغرض ولا تحقق المنشود، بل تقدم صورة مغلوطة من شأنها نشر ثقافة الكراهية وتأجيج الصراع بين الحضارات.
يستهل الكاتب مقاله بالتنويه بأهمية العناية بالصورة الذهنية الوطنية، واهتمام مراكز الدراسات والبحوث بهذه القضية لما لها من أهمية في تشكيل رأي عام مساند/ معاد نحو الأمم التي ترتبط بها الصور المنقولة. ولا يستثني الكاتب الأمة العربية من هذا المجال، التي وصفها بأنها تواجه تحديات خطرة ترتبط بملامح صورتها القومية في وسائل الإعلام الغربية. ويذكر عايش أن وسائل الإعلام في الغرب من صحافة وإذاعة وتلفزيون وسينما تقوم برسم صورة وصفها أنها مشوهة ومغلوطة وغير دقيقة؛ الأمر الذي يراه الكاتب أسهم في خلق وتعزيز أنماط من التفكير المناوئ للعرب في أذهان الجمهور. تنتهي مقدمة الكاتب ليتلاشى بعدها عنوان المقال ويدخل في محاولة للإجابة عن سؤال: "لماذا يصوروننا هكذا في وسائل إعلامهم؟" حيث يرى أنّ هذا السؤال شغل المفكرين العرب الشاغل منذ أوائل الخمسينيات، وحتى السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين. ويؤكد الكاتب أنّ الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام الأمريكية في نقل وتشكيل المعلومات المتعلقة بالعالم العربي يسهم وبشكل فاعل في بلورة الرأي العام الأمريكي حول المنطقة، كما يرتبط بعملية صنع القرار في السياسة الخارجية الأمريكية نحو العرب.
وفي مقدمة أخرى للمقال وصفها الكاتب بالخلفية التاريخية، يتحدث عن تأريخ تغطية الإعلام الأمريكي للشرق الأوسط والأحداث الجارية فيه، حيث ربطها بثلاثة تواريخ مهمة، هي على الترتيب: حرب حزيران 1967، وحرب أكتوبر 1973، وأحداث سبتمبر 2001. ويشير الكاتب إلى أن التغطية الأمريكية لما يدور في الشرق الأوسط قبل 1967 كانت مقتصرة على الحروب، والفوضى السياسية والكوارث الطبيعية.
أمّا عن حجم تغطية وسائل الإعلام الأمريكية واتجاهاتها فهما مرتبطان بتغيرات الواقع العسكري والسياسي في المنطقة، وبدرجة ارتباط الولايات المتحدة بتلك التغيرات. ويرى الكاتب ثلاثة اتجاهات في تحليل وضع صورة العرب والمسلمين في الإعلام الأمريكي، هي على التوالي: منظور سياسي ومحلي، ومنظور ثقافي، ومنظور تنظيمي مؤسسي.
فمن منظور سياسي محلي يرى أن وسائل الإعلام طرف من مجموعة أطراف ذات مصالح وأهداف تتفاعل مع بعضها بعضا، فيورد الكاتب دراسة طرحها سير اسبيرSir Spears تتمثل في رؤية المضامين الإعلامية المتحيزة على أنها نتيجة لنفوذ متعمد، يسهم بفاعلية في كل من العملية السياسية والصحفية والرأي العام الأمريكي. فيما يرى الباحث الأمريكي اليهوديليلينثال Lilienthal أن هناك مجموعات ضغط داخلية يهابها الصحفيون مما يدفعهم إلى تجنب المواجهة معها. ويربط الكاتب الفكرة السابقة بتقصير الإعلام العربي على الساحة الأمريكية الأمر الذي أفرد مساحة للتيارات الأخرى المناوئة من جهة، ومن جهة أخرى يرتبط بحجم التأثير السياسي للأمريكيين العرب على الساحة الأمريكية. وهنا يجد الكاتب المناسبة للحديث عن العرب في الولايات المتحدة، فيذكر أهمية اجتماعات رابطة خريجي الجامعات من الأمريكيين العرب في دعم نفوذ العرب هناك وتعزيز صورتهم الذهنية، ثم يبين الكاتب الدور الذي لعبته الرابطة القومية للأمريكيين العرب في تفعيل مشاركة العرب في الحياة الأمريكية العامة. ثم يذكر الكاتب اللجنة الأمريكية العربية لمكافحة التمييز حيث عززت حضور العرب على الساحة السياسيّة. عند النقطة السابقة يتوقف استطراد الكاتب وينطلق إلى نقد وتقويم فكرةليلينثال، وسير اسبير، وكل من سايرهما. حيث يجزم الكاتب بعدم خضوع الأفكار آنفة الذكر للاختبار العلمي المنهجي، وما التحليل الذي ذكر إلا تحليل انتقائي للأدلة والبراهين لا تعكس جوانبه الواقع المراد دراسته.
ومن منظور ثقافي فإنّ أصحاب هذا الاتجاه يفسّرون حالات التحيّز والتشويه إلى "التباين التاريخي" القائم بين القيم الثقافية السائدة عند العرب، وتلك التي تستوطن الوجدان الغربي. ويستشهد بما قاله إدوارد سعيد عن الغرب الذي يحمل مجموعة معقدة من الصور النمطية، التحاملية حول المسلمين والعرب، وقد عللها سعيد بنمط الاتصال بين العرب والغرب الذي غلب عليه طابع التحدي والمواجهة على مر العصور. ثمّ يذكر محمد عايش جون كوليJohn Cooley الذي أكد على دور التباين الثقافي في التأثير على طرح وسائل الاتصال الغربية السلبي تجاه العرب والمسلمين، ويرى الصحفي الأمريكي وجود وعي باطني جماعي مناهض للعرب والمسلمين لدى الأمريكيين تشكل عبر الأجيال، قبل ظهور التلفاز والأفلام عن طريق الأدب الشعبي في أمريكا. ولكن عايش في خاتمة هذا الجزء يوجه نقده لأصحاب هذا الاتجاه متهمًا إيّاهم برصد أنماط في ظاهرها أنّها المشكلة لكن في حقيقتها أنّها مجرد عرض لهذه المشكلة.
وفي الجزء الأخير من المقال ينطلق الكاتب إلى الاتجاه الثالث التنظيمي- المؤسسي، حيث يرى الكاتب أنّ هذا المنظور يستند إلى فكرة أنّ المضامين الإعلاميّة ما هي إلا نتيجة لممارسات وقوانين وقيم العمل الصحفي السائدة وعليه لابد من دراسة الجوانب المهنية والشخصية للصحفيين. إذا الأمر ليس مبرمجًا ولا مخططًا له، وما هو إلا نتيجة قوانين وأنظمة، وقد أورد الكاتب دراسة مسحية لشخص - لم يعرِّف به- اسمها سريبنيSreebny على عينة من الصحفيين الأمريكيين اشتكوا خلالها من ضيق الوقت والمساحة الممنوحين للشرق الأوسط في نشرات الأخبار والبرامج التلفزيونية. وفي محاولة أخيرة لتفسير الصورة النمطية العربية السائدة في أمريكا، وفي الأفلام على وجه الخصوص، يورد الكاتب ما قاله جاك شاهين الذي برر استمرار هذه الصورة السائدة بقلة العرب العاملين في هوليوود. وقد لاحظ أحد كبار المديرين التنفيذيين -لم يسمه الكاتب- أنه يتم استخدام الصورة النمطية لأنّها ما يحتاج إليه فعلا المواطن الأمريكي، وذلك هو ما يرغب في مشاهدته لا صورة أخرى.
الخلاصة خرجنا بنفس السؤال الذي دخلنا به: من يصنع من؟ الصورة الذهنية تصنع القرار السياسي كما أكّدت بعض الأمثلة أم أنّ القرار السياسي يوجه صناعة الصورة الذهنية التي سيستغلها في ما بعد لإدارة الأزمات وتمرير القرارات؟

fawaz_a
20-01-2015, 02:41 PM
د. هلال الحجري
أثناء قراءتي لبعض الدراسات الآركيولوجية المتصلة بعمان، خاصة تلك التي قام بها باولو كوستا حول المساجد والأضرحة العمانية القديمة، استوقفني مشهد مثير يستوجب التأمل، وهو وجود بعض الصحون الصينية الجميلة، ذات اللون الأزرق والأبيض، والتي تزين بها معظم محاريب المساجد القديمة في عمان. يتجلى المشهد في وجود طائر العنقاء الخرافي الذي يتوسط هذه الصحون الملصقة في محاريب المساجد العمانية. ومنها على سبيل المثال، الصحن الذي يزين محراب مسجد "الشواذنة" المشيّد في حلة العَقْر في نزوى سنة 936هـ/ 1529م، أو الصحن الأزرق - الأبيض تزيّنه العنقاء، والذي زُخرِف به محراب مسجد "العالي" في منح المشيد سنة 909هـ/1503م. وهذا أمر مألوف في المساجد العمانية الأخرى مثل مسجدي "العين" و" سعال" في نزوى، والأول بناه الإمام المهنا بن جيفر، والثاني بني في عهد الإمام الصلت بن مالك الخروصي.
ما يوحي به تأمل هذا المشهد هو مدى سعة الأفق الديني الذي كان يتمتع به الأسلاف؛ فوجود صورة طائر في محراب مسجد، يرتاده الأئمة والعلماء والفقهاء، أمر ليس هينا، ولا يمكن تفسيره إلا بسعة الأفق وروح التسامح وتقدير الجمال المعماري. لم يكونوا سُذجًا حتما حتى يمر عليهم مثل هذا المشهد دون دراية بأبعاده الدينية والاجتماعية، كلا لم يكونوا كذلك، وإنما في تقديري، غلب حبُّ الجَمال على نفوسهم فلم تتسع تلك القلوب الطاهرة للتنطع والغلو الذي يفيض به الخطاب الإسلامي اليوم.
لقد علم أولئك المشايخ أن "الدين المعاملة"، ولا يمكن أن يُختزل في شكليات غثة تتحول تدريجيا وسيكولوجيا إلى أفكار متطرفة وعنيفة. إن ذلك الاستقبال الجليل للثقافة الصينية في المساجد العمانية يدل على هذا الوعي المكين بالدين، الذي اتسم به أسلافنا، قدس الله أرواحهم. لقد كانوا يُعلون من شأن الجَمال في كل شيء؛ في الشعر، والأدب، والعمارة، والرسم. هكذا كانوا منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عهودهم الماجدة.
لقد كانت دماء المشايخ القدماء تنحاز للجمال، ولم يغلب عليها جفاف الفقه وغلظة الطبع. ولذلك سَلِموا من مزالق التطرّف، فاتسعت نفوسهم للأدب والفن والحياة، وهذا ما تؤكده شواهد عديدة من تراثهم الثقافي، والشعري، والفكري. ترى المصاحفَ العمانية القديمة، فيُدهشكَ الاحتفاءُ باللون بين الأسود، والأزرق، والأحمر، والذهبي، ناهيك عن الاهتمام بالزخرفة على دَفّتيّ المصحف وهوامش الآيات، فترى مخطوطة القرآن وكأنّها لوحة تشكيلية حديثة تتعانق فيها مختلف الألوان. وترى المحاريب في المساجد، فتَعجَبُ من نزوع القوم إلى النحت والزخرفة، سواء على الخشب أو الجص، حيث تتنوع الرسومات بين أشكال زهرية، وخطوط جميلة، وطاسات صينية مختلفة، نقشت عليها آيات من القرآن، أو خُلّد فيها أسماء الفنانين الذين أبدعوا هذه التحف الفنية الرائعة. وترى الحصونَ في نزوى، وبهلاء، والرستاق، والحزم، وغيرها من المناطق العمانية، فتجد الفن حاضرًا، بنقوشه، ورسومه، وأشعاره، رغم الغرض العسكري الذي شيدت من أجله هذه المعاقل. وهناك نماذج أخرى من التراث الثقافي العماني تشهد على عشق القوم للجَمال وتقديرهم له، منها الرسومات والخطوط الزاهية التي نجدها على جذوع النخل في أسقف المنازل العمانية التقليدية، ومنها أيضا النقش على الجِرَار، والطاسات، والصحون، والحِليِّ، والسيوف، والبنادق. إنّها منظومة فنية متكاملة تعزز هذا الموضوع الذي انطلقت منه هذه المقالة. وفي هذا السياق أشيد بكتاب أصدرته وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، بالتعاون مع وزارة التراث والثقافة، نشر باللغة الإنكليزية في مسقط سنة 2008، يتناول بمقالات علمية رصينة "الفن الإسلامي في عمان"، وقد صدر هذا الكتاب مؤخرا باللغة العربية.
إن حُبَّ الجَمال فطرة ركزها الخالق في نفوس العباد، به تتزن نفوسهم، فيقبلون على الحياة بمختلف ألوانها وأطيافها، وإذا تجردت منه النفس البشرية فإنّها تجنح للغلوّ، وتنحاز إلى الاستبداد.

fawaz_a
20-01-2015, 02:42 PM
بشاير السليمية

في مقال "التاريخ والوعي بالتاريخ"، يُحاول حسن حنفي أنْ يُؤسِّس قاعدة؛ مفادها أنَّ الوعي بالتاريخ هو شَرْط دراسة التاريخ؛ يُناقش فيها ترائي الحاضر في الماضي، وأسباب غياب الوعي بالتاريخ عن وجداننا المعاصر، والوعي المعاصر بالتاريخ بين الأنا والآخر.

ويُوضح حنفي أنَّ "الهدف من دراسة التاريخ هو تنمية الوعي التاريخي وتعميقه. فدراسة التاريخ ليست غاية في ذاتها من أجل عمل أرشيف للتاريخ خارج الوعي القومي، بل وسيلة لتعميق الوعي القومي ومدِّه بخبرات تاريخية سابقة، تساعده على رؤية الحاضر ومكوناته التاريخية؛ لذلك يُمكن دراسة التاريخ عن طريق قراءة الحاضر في الماضي؛ فالحاضر ما هو إلا تراكم للماضي".

وبهذا؛ يذهب بنا حنفي بحثا عن آثار الوعي التاريخي في الحقب الزمنية التي مرَّت بنا في القرون السابقة؛ مُحدِّدا ما لا يندرج تحت مظلة الوعي التاريخي كالحوليات وكتب الطبقات والوقوع في الرد التاريخي والنزعة التاريخية التي ليس من الممكن أن تنفخ روحا في التاريخ.

وقد كانتْ الأخيرة التي وَقَع فيها أوجست كونت، يتوقَّف فيها الفكر عند تعليل الظواهر بالرجوع إلى المبادئ الأولى، وتكتفي باكتشاف قوانين الأشياء وعلاقات الأشياء عن طريق الملاحظة والتجربة الحسية.. يقول حنفي: "التاريخ هو قصد وَعْي جماعي يصبُّ في الوعي الفردي، والتاريخ هو جذر الوعي وأساسه؛ فعلى أساس الوعي بالتاريخ تتم دراسة التاريخ، فهو المسار والقانون، وروح التاريخ".

وقد عَزَا حنفي تأويل المسار التاريخي إلى حركتين: الحركة التراجعية للحقيقة، أو ترائي الحاضر في الماضي، وهي التي تجلب الماضي في الحاضر ليستنير به، والحركة التراجعية التقدمية، والتي تجمع بين الحركة التراجعية للحقيقة ونقيضتها؛ فينعش قلب التاريخ انقباضا وانبساطا.

ويتساءل حنفي عن مدى حضور الوعي التاريخي لدينا وأسباب غيابه، ويستند في تأكيد ذلك إلى العلوم العقلية والنقلية الأربعة: علم أصول الدين، وعلم أصول الفقه، وعلوم الحكمة، وعلوم التصوف الخالية في المجمل من الوعي التاريخي لأسباب؛ منها: تجريد الإنسان من عمل الفعل، في حين أنَّ "الوعي التاريخي لا ينشأ إلا إذا كان الإنسان خالق فعله". فالنص -حسب حنفي- هو "الأساس في الأدلة الشرعية وليس الواقع والتاريخ، وما لم يكن الإنسان والتاريخ عصبا الوعي غاب ولم يتحقق".

أما في العلوم النقلية الخمسة -القرآن والحديث والتفسير والسيرة والفقه- فقد غاب الوعي بالتاريخ؛ إذ "تقتصر العلوم على الكلام والنصوص خارج التاريخ، كما كتب بعضها بطريقة الحوليات (التي ترصد الحوادث عاما بعد عام دون رؤية لمسار التاريخ أو قصده أو غايته)".

ويقول حنفي: إنَّنا نجد في القرآن ما يستجيب لمتطلبات تغير الزمان والمكان؛ فنزوله مفرَّقا وتبيان أسباب نزوله والناسخ والمنسوخ على أن الحياة تتغيَّر بتغيُّر المكان والزمان (وما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها). وما كان هذا إلا وجوب الحركة والتطور؛ فالقرآن الكريم تجاوز حدود المكان والزمان، وأتاح فرصة تعدُّد القراءات للأحكام والمبادئ والقضايا.

وإذا ما تحدثنا عن العلوم الخالصة كالعلوم الرياضية والفلك والموسيقى؛ فيراها حنفي خالية هي الأخرى من التاريخ؛ "لأنها تدرس الظواهر في حالتها الراهنة دون تاريخها. أما العلوم الإنسانية -باعتبارها مُرتبطة بالإنسان- فتاريخ كل علم جزء من العلم وليس منفصلا عنه".

ورَغْم ذلك، ظهرت بعض المحاولات لتأسيس وعي تاريخي؛ بدءا من ابن خلدون في القرون السبعة الأولى من التاريخ الإسلامي، ثم انقطع بعد وفاته لقرون سبعة تالية، ليقدم من بعد عدد من الفلاسفة والعلماء دراسات عدة تفاوتت بين وضعه كموضوع جديد وبين بعثه، ووضع فلسفة جديدة له. ومن المحاولات ما حاوله عدد من العرب من الجمع بين التراث العربي والغربي؛ مما ساهم في تغريبه، إلى أنْ "حاول آخرون تحقيقه في مراحل متمايزة، وإذا ما بلغ الوعي مرحلته الأخيرة توقف التاريخ واكتمل الوعي".

ويقول فوكوياما صاحب نظرية نهاية التاريخ: "إنَّ ما نشهده الآن ليس نهاية للحرب الباردة، أو مرور فترة معينة لمرحلة ما بعد الحرب، وإنما نهاية للتاريخ، بوضع حد للأفكار الأيديولوجية في التاريخ الإنساني، وانتشار قيم الليبرالية الديمقراطية الغربية".

ولكنْ إذا كُنَّا نسلِّم بأن التاريخ هو عمر الزمن الكبير، وهو الخط السائر من الماضي مرورا بالحاضر وصولا إلى المستقبل، والوعي بهذا الخط الزمني هو ما يحاول حنفي في مقاله أن يبحث عنه وعن دواعي غيابه في التاريخ الإسلامي، أقول إذا كنا نسلم بهذه الخطية والتراكمية في التاريخ؛ فهل لهذا الخط من نهاية يُمكن القول بأنها النهاية لهذا التاريخ كما يقول فوكوياما؟

لعلِّي أستعير جُملة مما قاله الباحث العماني زكريا المحرمي في كتابه "استئناف التاريخ": "الكل يدَّعي أنَّ نظريته تمثل نهاية التاريخ، ولكن التاريخ يتجاوز تلك ويثبت فشلها، ويقذف لنا بحره الزاخر كل يوم بكنز جديد من الأفكار والنظريات والتجارب السياسية التي يكمل اللاحق منها السابق، أو يلغيه أو يبدِّده؛ فتاريخ الإنسان ليس سوى تاريخ أفكاره، فإن توقَّفت الأفكار توقف الكون، والأفكار باقية ما دامت السماوات والأرض".

ويبقى علينا إذن -كما يُقرر حنفي- أنْ نعي في أي مرحلة تاريخية نعيش؛ فلا نغرق في بحر السلفية ولا نحترق بنار العلمانية، اللتين إذا ما أسقطنا الماضي على الحاضر نتجت الأولى، ومتى ما أسقطنا المستقبل على الحاضر نتجت الثانية، بل علينا أنْ نستحضرَ الماضي في الحاضر؛ فنستنير به، وأن نستحضر الحاضر في الماضي ليحيا.

وأخيرا: يبدو أنَّ الحاضر وحده من يَدْفع ضريبة غياب الوعي التاريخي المنشود، ووحده ضحية الحركة التراجعية وأختها التقدمية التراجعية؛ فمتى ما وَعِيْنا أن الحاضر إنما هو تراكم تاريخي وحلقة في سلسلة الزمن المتصلة، أمكننا فهم الحلقات المكونة للتاريخ بما يضيء حوادثه بالنظر إلى الواقع وأحواله وبما يتناسب مع مقتضيات السياق الفعلي، لا النموذج الذي نفترض مثاليته في زمن آخر.

fawaz_a
20-01-2015, 02:45 PM
محمد الشحي

يستمر الحديث عن الثقافة وما ينتج عنها، إثر الاحتكاك، من صدامات ثقافية تتجلى في الصراعات الأصولية في كل ثقافة. هذه الحركة الدائرية للثقافات، بدءًا من الثقافة المحلية (التقليدية)، واحتكاك هذه الثقافة بنظيراتها في الخارج، ثمّ استقبال الثقافة مجددًا ولكن بثوب جديد وما ينتج عن هذا التجديد من صراعات داخليّة، هذه الحركة الدائرية تحتاج إلى تسليط ضوء النقد عليها وآلياتها كي نتمكن من إدراك سيرورتها. يطرح عبدالله إبراهيم، في مقاله "العالم المعاصر وتنازع المركزيات الثقافية"، تحليلا ثقافيا لظاهرة التمركز الثقافي في العالم الذي نتجت عن التنازعات الثقافية الكبرى.

استهل إبراهيم مقاله بالتأكيد على دور الثقافة ومكوناتها في لعبها الدور الحاسم في تثبيت المعايير التفاضلية بين الشعوب، وقدرتها على أن تهيمن وتحلل وتحرم وتخفض منزلة فكرة ما أو ترفعها؛ مما يجعل الثقافة تعيش في ثنائيات الخير والشر، الشرق والغرب، التأصيل والتحديث. وفي هذ الصراع الثقافي والحضاريّ في العالم الحديث، يلاحَظ آلية تراتبية ثنائية تمايز وتفاضل بين ما هو غربي أصيل و ذي مكانة رفيعة، وبين ما سوى ذلك من الشواذ التابعين لتلك الحضارة الأصيلة. كما تحدث عن تسرب هذه المفاضلة إلى علوم اللغة والتاريخ والأعراق والفلسفة والأنثروبولوجيا. وهنا نجد الكاتب يتجاوز البسطات النظرية المعتادة للثقافة وصراع الحضارات ليتحدث مباشرة عن تمثلات هذه المفاهيم على أرض الواقع؛ مؤكدا على خطورتها وفعاليتها في تثبيت التصورات والقيم والرؤى.

وفي ظل الحديث عن صدام الحضارات، لا يمكن إغفال مفهوم "العولمة" ودوره في هذا الصراع. فالثورة المعلوماتية الحديثة، وسرعة الاتصال انتهكت كل الثقافات، وأصبح لا يمكن الحديث عن ثقافة غير قابلة للاختراق؛ لتصبح الثقافة عابرة للقارات. ينتج عن ذلك صدمة ثقافية تهز الثقافات التقليدية وتجعلها أمام احتمالين: إمّا الذوبان في الثقافة الأقوى، وإمّا الالتفات إلى الذات والانكفاء عليها، لتنتج عن ذلك بالتالي جدلية "الأنا" و"الآخر"، وفي كلتا الحالتين تكون الثقافة التقليدية أمام خطر الانقراض أو الاحتماء بالماضي والهرب إليه من الوحش المتخيَّل المهدِّد لها.

يستطرد الكاتب في توصيف سيرورة دورة الثقافة هذه، ليؤكد على أنّ هذا الوصف يصح حين يكون التبادل الثقافي متكافئًا بين الثقافات، أمّا حينما لا يكون كذلك فإن ذلك سيؤدي إلى تدمير الأنساق الثقافية التقليدية لضعفها أمام قوة الثقافة العابرة للقارات. ويصرّ الكاتب على أن التبادل غير المتكافئ بين الثقافات ينتج لنا أيديولوجيًا عند الثقافة المهزومة أيديولوجيا تختزل الآخر إلى مكون هامشي يستتبع تبعية له في نهاية الأمر.

ينتقل الكاتب إلى تحليل نشأة مفهوم "التمركز"، نفسيًّا، ليعرفه بأنّه تعالِي النسق الثقافي (بمعانيه الدينية، الفكرية، العرقية) على بُعده التاريخي، فتُنتج ذاتًا مفكرة متعالية، مشبعة بالأنا، ترى في نفسها أنّها الأفضل، ويجب على "الآخر" المشوّه أن يتبع قالبه الخاص به. ولكنّ تعاليه هذا تعرّيه الآلة النقدية التي تستنطق المتون والذاكرة التاريخية لتكشف عن التكوينات الداخلية المؤسسة لهذه الذات.

يفرق الكاتب بين هويتين متقابلتين؛ هويّة ثقافية لا تدّعي الحتمية والنهاية، وهويّة مركزية هي على العكس من الأولى؛ تشكل أيديولوجيا قارّة وكونية في آن واحد، وتصطنع أصولا عرقية ودينية وفكرية تقتات منها أمام الشعور بالنقص أمام الآخر، ويفتعل علاقات وهميّة لا وجود لها إلا في ذهنه.

ثم ينتقل الكاتب تدريجيًا إلى الحديث حول نقد المركزية الغربية والمركزية الإسلامية؛ كون النقد يمثل الدعامة الأساسية لهوية الاختلاف التي تعطي الهوية الثقافية مرونة تمكّنها من التعاطي مع مكونات الثقافات الأخرى (دين، فكر، عرق). ويؤكد على أن النقد يؤسس طريقة في التعامل بين الذات والآخر لا تقصد إلى القطيعة بينهما قدر قصدها لإقامة جسور التواصل بينهما. ويمثل على ذلك بحال الثقافة الإسلاميّة التي تعاني من عدم الاهتمام بمسار (دورة) تلقي الأفكار من الثقافة الغربية (المركزية)، مما أنتج حقل صدامات لانهائية بين المفاهيم والمقولات والتصورات المستعارة إليها.

وفي معرض حديث الكاتب عن أصول التمركز الغربي، تطرق أولا إلى ظهور المصطلحات التي أسست لتلك المركزية؛ حيث أعاد ظهور مصطلحي "أوروبا" و"الغرب" إلى العصر الوسيط الذي تطورت فيه جملة من العناصر الاجتماعيّة والدينية والسياسية والثقافية فاندمجت لتشكل هوية الغرب بما تحمله من دلالات المركزية والإقصاء للآخر والتبعية. وليس أدل على ذلك من حملات تنصير العالم العربي، واعتباره تابعًا يجب أن ينضم إلى أوروبا المسيحية في الدين الحق، رغم أنّ مهد الديانة المسيحية في العالم العربي، كما أنّ أوروبا لم تكن مسيحية فيما عدا حوض البحر المتوسط قبل أن يتم تنصير بقية أوروبا الوثنية. الأمر ذاته فيما يتعلق بأصول المركزية الإسلامية في مروياتها، طوال القرون الوسطى، وبخاصة تلك المرويات الجغرافية والدينية وكتب الرحلات؛ فالعالَم خارج الإسلام غفل، مبهم، بعيد عن الحق، بانتظار عقيدة صحيحة لإنقاذه من ضلاله. ثم يعود لتتبع ظهور المصطلحات ذات الدلالة المركزية؛ ففي القرون الوسطى بدأ مصطلح "العالم الإسلامي" يحل محل "دار الإسلام"، مما يجعل الدلالات الثنائية تتداعى من قَبيل "العوالم الأخرى" المختلفة عن "العالم الإسلامي" المثالي.

وفي حديثه عن تنازع المركزيات الثقافية، بين التقليدية منها والمدنية، يؤكّد على الازدواجية التي تعيشها المجتمعات الإسلاميّة بين القيم الروحية الشرقية والمادية الغربية. مما جعل المجتمع في مأزق أخلاقي بين الالتفات إلى التاريخ والانكفاء على الذات والجمود في المكان الذي هو فيه، وبيّن التعاطي مع المركزية الغربية التي غزت العالم سياسيًا واقتصاديًا ومعرفيًا. ونتج عن ذلك تيار يدافع عن الهوية التقليديّة المميزة التي أوقعتهم في تقديم قراءات هشّة للإسلام تقوم على فهم مدرسي ضيق، وسعت إلى البحث في تاريخ الإسلام الأول عن تصورات تقبل الآخر وإسقاطها على الحاضر الذي يكذب تلك المقدمات عمليًا. وتيار آخر، قال باحتذاء الغرب واستعارة حداثته والاندماج في عالمه الذي ضمن حقوق الإنسان ورسّخ سننا قانونية وحقوقية واجتماعية في دولة المؤسسات، متناسين النسق الثقافي الخاص الذي ولّد هذه المفاهيم وانبثقت منه، ما من شأنه أن يوقع العالم الإسلامي فيما وقعت فيه أوروبا القرون الوسطى، وهو ما نراه حاليا في العالم الإسلامي؛ فكأننا أمام أوروبا جديدة سيأكل بعضها بعضًا قبل أن تستقر على تلك المفاهيم الإنسانية.

أخيرًا أقول إنّ عبدالله إبراهيم قدّم لنا توصيفًا جيدا حول المركزيات الثقافية، الغربية والإسلامية، وطبيعة تكوّن كل منهما، وقدّم محاولة لتحليل تكوّن تلك المركزيات نفسيّا إلا أنّه أعوزه العمق النفسي قليلا؛ فلمْ يُشر إلى الرغبات النفسية العميقة والحاجات المحركة لتلك الرغبات. وأراني أتفق معه في كثير مما طرحه في مقاله من دورة الثقافات فيما بينها وتداول أفكارها، إلا أنّ الطرح الموسوعي أضعف قليلا من لغة المقال وأوقعه في تكرارات لا داعي لها.

fawaz_a
20-01-2015, 02:47 PM
أسماء الشامسية

يَبْنِي الدكتور أحمد برقاوي فكرةَ مقاله على ثلاثة اتجاهات فلسفية؛ هي: طبيعة الوعي الفلسفي -النظري- لدى المنظِّرين والفلاسفة العرب؛ انطلاقًا من فكرة "فلسفة التقدم"، عبرَ مفاهيم الأمة والقومية العربية والحرية في إطَارها الماركسي لأقطاب تلك العقائد، مرورًا بفكرة "الفلسفة العقلية النقدية وحرية العقل"، متعينةً في عِلل التخلف وميتافيزيقية العقل العربي وأيديولوجيته، وفي الفلسفة الاجتماعية عبر الاضطهاد الطبقي باسم الدولة، واستبداله بالمجتمع؛ من أجل صَوْغ مفهوم واقعي للحرية؛ انتهاءً بموقف الفلسفة من اللاهوت ومشكلة التراث العربي الإسلامي.

وبحسب برقاوي، فإن مشكلة التقدُّم ارتبطَتْ بمشكلة لصيقة بها؛ وهي: "الحرية"، وأنَّ الوعي الفلسفي العربي المعاصر تشكَّل عبر مُحاولة فهمه لـ"الحرية" كمفهوم ومبدأ، وقد بعثت الحرية فلسفيًّا عبر التنظير لأهم المشاريع العربية، وهو مشروع "القومية العربية"، ويحاول برقاوي نَقْد الأيديولوجية القومية التي تعلو على الخطاب الفلسفي القومي؛ من خلال قولبَة الأسس النظرية وإشكالاتها وتعقيداتها التي أسست عليها "القومية". إنَّ الإشكال الأول في الخطَاب الفلسفي القومي هو تناقض الإرادة والتاريخ في الوعي الفلسفي؛ فالفلسفة القومية جعلتْ الإرادة في مكانٍ أرفع من التاريخ؛ هذا الأخير الذي ساهم في الحؤول دون إرادة الأمة العربية في تحقيق تقدُّمها بسببٍ من المشكلات التاريخية العالقة والعراقيل السياسية والإرث الثقافي والتناقض الاجتماعي الطبقي؛ فالفلسفة القومية تقيم ارتباطًا حول فاعلية الأمة وحرية إرادتها؛ إذ إنَّ فاعلية الأمة توصل إلى اكتمال حريتها، ولا تتم الأخيرة إلا بتحقيق الوحدة. إنَّ الارتباط بين مفهومين عظيمين "الإرادة والحرية"، وتحقيقهما بالوحدة، يفضي إلى تنظير فلسفي آخر؟ إنَّ الحرية ليستْ حقا مستقلا بذاته، بل فعلاً لا تتم إلا ضمنَ "تكتل قومي"، وهو ما يعني أنَّ الدول القومية الحرة هي الهوية المطلقة؛ فلكي تقوم وحدة الأمة يجب أن تختزَل حرية الأفراد في الحرية الأسمى للدولة التي هي ليست بالضرورة حرية المجتمع؛ فوحدة الأمة تعني "نزع الاختلاف": الاختلاف المذهبي والطبقي والعشائري والقطري. ويُمكنني القول بأن ما أفشَل مشروع القومية هو مبدؤها في التنظير القائم على ذوبان الأقطَار وتمايزاتها الثقافية والاجتماعية ككل؛ فها هي"الجمهورية العربية المتحدة" مؤسسةً في سوريا ومِصر؛ آلت إلى التفكك بفضل الاختلافات الراسخة بين الإقليمين التي يتعذر معها جمع مستويين من التاريخ والثقافة في مستوىً واحد. إن حتى نزع الاختلاف المذهبي ليس بريئًا في حد ذاته؛ لأن هدفه الأوحد ليس التخلص من الفرقة المذهبية بقدر ما هو تركيع الفروقات في المجتمع لصالح المشروع الماركسي. إنَّ هذا التركيع واضحٌ في النصف الثاني من القرن العشرين من عمليات إبادة كل من تسوِّل نفسه إقامة دولة قطرية أو تأسيس مشروع سياسي مستقل في كل من العراق وسوريا ومصر.

ويعرِّج برقاوي على ظهور اتجاه جديد في الخطاب القومي وهو" الفلسفة النقدية وحرية العقل" بسبب فشل تَعين فكرة الأمة الحرة على أرضِ الواقع؛ فكان لابد من تحرير العقل العربي من القيود التي تحد من قدرته على التفكير الواعي، والعقل العربي بحسب الاتجاه الجديد هو عقل ميتافيزيقي، خرافي، مغترب؛ مما يؤسس لعقل متمايز. ويعترض برقاوي على تصنيف العقل العربي بأنه مُتمايز من جهةِ أن مفهوم "العقل العربي" غير متعيَّن واقعيا بخلاف مفهوم الأمة العربية المتعيَّنة واقعًا. وعلى هذا؛ فلا توجد عقول متمايزة، إنما أمم متمايزة عبر مكونات عديدة؛ لأنَّ العقل انتصر لأن يكون عقلا إنسانيا واحدًا. وربما يجد برقاوي في فكرة التمايز بين العقول ضَرْبا من العنصرية المتعمدة في اعتبار العقل العربي الميتافيزيقي والخرافي الضد من العقل الوضعي والعلمي؛ لذلك يرفض الفكرة كليًّا، ولكنني أجد أن التصنيف لا يعيبه شيء من جهة أن كلَّ عَقل يتشكل عبر مراحل وفقًا لمكونات ثقافية واجتماعية وسياسية واقتصادية عميقة وراسخة، ويتحوَّل تاريخيًّا عبر مرحلة فاصلة؛ فالعقل الأوروبي منذ ما قبل الكشوفات الجغرافية كان عقلاً قروسطيا ما ورائيا قبل التحول الفاصل بإرهاصات الثورة الفرنسية وبزوغها النهائي في القرن السابع عشر؛ فالعقل العربي متمايز عن العقل الأوروبي، وعن العقل الياباني، وعن العقل الأمريكي، وعن العقل الإفريقي، وهكذا بسبب من التحولات التاريخية الداخلية والخارجية والعبر زمنية التي تؤثر في أنساق المجتمع نفسها بما فيها الثقافية والاجتماعية. إنَّ ما يُشير إليه برقاوي بالعقل الإنساني اللامتمايز يُعبِّر عن المنتج النهائي لكل عقل وآخر، ويُشكِّل مُجتمِعًا بخبراته وتفرُّداته عقلا إنسانيا متراكمًا، ولكنه مُتراكم عبر تمايز خاص.

وفي مَوْقف الفلسفة من اللاهوت، يتساءل برقاوي على لسان الفيلسوف العربي عن إمكان التقريب بين عالمي الإلهام "الوحي" والبرهان "البشر" أم إبقائهما مُنفصلين؟

ولمحاولة إيجاد جواب توفيقي لهذا السؤال، يستعرض آراء فلاسفة عرب حاول بعضهم التقريب بين الفلسفة واللاهوت فيما رَأى بعضهم أن إبقاءهما بمعزل عن بعضهما أولى من تقريبهما؛ من أمثال: إبراهيم بيومي مدكور؛ الذي حاول أن يعرف من الدين جدوى اشتغاله بالفلسفة، وزكي نجيب محفوظ ونقده للأحكام الدينية ومحاولة توضيح موقفه من الميتافيزيقيا الدينية، وفؤاد زكريا وتعريفه للإشكال بأنه إشكال في المنهج لا المضمون؛ باعتبار أن الدين يغلب العاطفة، فيما الفلسفة إنسانية المصدر، حتى يصل برقاوي إلى رؤية فؤاد زكريا التي يحرص أن يستعرضها؛ باعتبارها غير داحضة لأي رؤية دينية، بل باعتبارها مصالحة بين الفكر الديني والفلسفي يُثري بعضهما بعضا. ويدعم برقاوي رغبته في هذه المصالحة بضرورة الاعتراف بخصوصية الفلسفة الإسلامية؛ باعتبارها فلسفة محضة وليست فلسفة يونانية في ثوب عربي كما يزعم المستشرقون؛ أمثال: رينان؛ الذي رأى أن العرب أمة عارية من أي ثوبٍ حضاري في الفلسفة أو الفنون والخيال الخلاق وآداب الملاحِم، وعلى لسان مدكور الذي يُؤكد أنَّ الفلسفة العربية ليست خالصة محضة، بل هي نتاج إضافات الفرس والأوروبيين والهنود؛ لذا فهي فلسفة إسلامية تجمع كافة أطياف المجتمعات التي دخلت ضمن الإمبراطورية العربية بمعناها السياسي.

لكنَّ المأزق الذي وَقَع فيه برقاوي في مناقشته للوعي الفلسفي العربي هو خلطه لرؤية مدكور أنْ ليس ثمة فلسفة عربية وحسب، بل إسلامية عامة، وهو ما يجعل "الوعي الإسلامي" إجمالاً ضمن إطار الوعي الفلسفي العربي؛ مما يعني أنَّ الوعي الفلسفي العربي غير فاعل دون وعي الأجناس "غير العربية" التي شكَّلت الخطاب النظري، بل وما يجعل تأسيس فلسفة "قومية عربية" من الصعوبة بمكان، خصوصًا وأن البلاد العربية نفسها تضم أعراقًا غير عربية من الكرد والأرمن.. وأخيرًا يرى برقاوي أنَّ إعادة قراءة التراث العربي تتطلب ثورية من نوع ثورية حركات التحرُّر الوطني، موافقًا على آراء حسين مروة وطيب تيزيني في مبدأ الثورية على التراث العربي-الإسلامي، وأجدني أتفق مع برقاوي في أنَّ العودة لقراءة هذا التراث كان دافعها: سيرورة الحركة القومية العربية والماركسية العربية التي فُرضتْ فرضًا على أساس فكري عربي وتاريخي مختلف تمامًا عن ذلك الذي نشأت فيه الماركسية وهو ما يُفسِّر سقوط المشروع القومي نهاية الثمانينيات، إلا أنَّ الخراب الذي حلَّ بالأمة العربية أدى إلى أن يحمِّل التيار الإسلامي حركات التحرُّر الوطني هذه المسؤولية، وهذه الأخيرة بدأت تأخذ على عاتقها النهضة الجديدة، ولكنَّ السؤال: إلى أيِّ مدى كان التيار الإسلامي مُستعدًا للعودة للتراث وقلب المقولات الدينية الراكدة وإحداث ثورة في المفاهيم؟ وإلى أيِّ مَدَى تأكد للتيار الإسلامي أنَّ العودة للتراث وغربلته هما الحل الأمثل لاستنهاض روح الأمة العربية؟ إنَّ في رأيي أن ذلك النشاط الإسلامي منذ الثمانينيات وحتى اليوم لم يتحرك قدمًا؛ وذلك لبروز الهدف السياسي عند المشاريع الإسلامية الجديدة أكثرَ من الهدف النهضوي على مستوى المجتمع والفكر والعلم والفلسفة أيضًا؛ فضلاً عن أنَّ القراءات التراثية وغربلتها لم تكن دعوة جدية بقدرِ ما هِيَ دَعوات نظرية تخفِّف من واقع القصور التطبيقي في رفع الحِمل عن الأمة العربية.

fawaz_a
20-01-2015, 02:49 PM
إيمان الحوسنية

يقدِّم الدكتور غسان عبد الخالق بحثه بعنوان "مستقبل اللغة العربية في ظل صراع الحضارات"، والذي يحاول فيه تسليط الضوء على مستقبل اللغة العربية في ظل صراع الحضارات، وكيف يُمكننا النهوض باللغة العربية ومواجهة ما تتعرَّض له من صعوبات، وقد ابتدأ المقال بمقدمة صغيرة، يوضِّح فيها العلاقة الجدلية بين اللغة والفكر أو اللفظ والمعنى وكيف أنهما غير مفصَّلين، وأن اللفظ ليس إلا انعكاسا للمعنى الباطني أو الفكر، ومن ثمَّ تطرَّق إلى الحديث حول ما توليه منظمة اليونسكو من اهتمام في مسألة حفظ وتطوير اللغات الحية بوجه عام واللغات الرئيسية في العالم بوجه خاص، وكيف أن مسألة حفظ اللغة وتطويرها باتت تتصدر أوليات الكثير من الدول الكبيرة والصغيرة على حد سواء، وذكر بعض الأمثلة على هذه الدول، ومن ثمَّ تطرَّق إلى الحديث عن اللغة العربية في ظل صراع الحضارات، وذكر أنَّ نسبة الناطقين باللغة الإنجليزية قد هبطتْ على مستوى العالم في مقابل صعود بعض اللغات؛ ومن بينها: اللغة العربية، وماله من أثر في توزيع القوة العالمية مستقبلا؛ وذلك أنَّ "التحولات في توزيع القوة العالمية تؤدي عادة إلى تحولات في استخدام اللغات", وأنَّ الشعوب القوية هي التي تفرضُ لغتها على الآخرين؛ وبالتالي تفرضُ هويتها الاجتماعية وحضارتها؛ فاللغة والهوية مرتبطان، وهما يكمِّلان بعضهما البعض, كما هو حاصل الآن فيما يتعلق باللغة الإنجليزية، وهي اللغة الرئيسية في العالم؛ لكونها لغة الأقوى، وكيف استطاعتْ فرض هُويتها عن طريق اللغة، وأنهى الدكتور غسان بحثه بالتشديد على أنَّ مستقبل اللغة العربية منوط أولا وأخيرا بتغيير الصورة النمطية لمدرس اللغة العربية، والقيام بإعادة تأهيله، وقد ذكر بعض النقاط المتعلقة بكيفية بناء شخصية مدرس اللغة الغربية، لينتهي البحث عند هذه النقطة.

والآن، وبعد أن فرغتُ من تقديم ملخَّص بسيط عن البحث؛ فإنَّ لي بعض الملاحظات والانتقادات لما تفضل به الدكتور غسان، وسأستهلها بما ذكره في المقدمة من علاقة اللغة والفكر، فهو لم يوضح ما هي أدلته على ارتباط اللغة بالفكر، بل اكتفى بالسخرية ممن يفْصلون اللفظ عن المعنى، ووصف هذا الرأي بأنه ساذج؛ حيث قال: "وهو ما يرفع تلقائيا أغلوطة الفصل بين اللفظ والمعنى، ويجعل منها مَحْضَ ثنائية صورية تسوغ ذلك التصوُّر الساذج للغة على أنها محض وسيلة أو حامل أو وعاء للموضوعات والثقافات والأفكار".

وفي الحقيقة أنَّ جدلية اللغة والفكر منذ القدم إلى الآن، لا يزال البحث فيها مستمرا، وإنَّ المسألة فيها آراء واختلافات، وليستْ قطعية، حتى يصف الدكتور غسان الرأي الآخر بالسذاجة دون تقديم الأدلة الكافية على ذلك أو حتى توضيح أنها مسألة جدلية وليستْ محسومة، ومن هذا المنطلق يقول الدكتور حامد كاظم من كلية اللغات في جامعة بغداد "وإذا كانت الدراسات القديمة لم تتفق في تصورها للعلاقة بين اللغة والفكر؛ فإنَّ تصوُّر هذه العلاقة في الدراسات اللغوية المعاصرة أصبح أكثر تعقيدا بسبب تطور الدراسات في علم اللغة وتشعُّب علومها؛ فاللغة في الدراسات المعاصرة -من حيث حقيقتها- تتصل بالمكونات الأربعة للإنسان؛ وهي: الميدان الفيزيقي، والميدان العضوي، والميدان النفسي، والميدان الروحي، وهذه الصفة المعقَّدة التي تتصف بها الظواهر اللغوية تجعل التحديد الدقيق للظواهر التي يشتغل بها علم اللغة أمرا بالغ الصعوبة".

... إنَّ الدراسات اللغوية المعاصرة -كما يقول الدكتور حامد- قدَّمت آراء عديدة، توضِّح علاقة اللغة والفكر؛ لعل أهمها يكمن في نظريتين رئيسيتين؛ هما: استقلال الفكر عن اللغة مع وجود تلاحم بينهما وعلاقة تكاملية، والنظرية الثانية هي: نظرية العزل؛ أي أنَّ اللغة هي وعاء للفكر؛ وبالتالي فإنَّ اللغة معزولة عن الفكر؛ وبالتالي فكان من الأفضل لو استخدم الدكتور غسان لغة موضوعية في حديثه عن هذا الأمر بعيدا عن إطلاق الأحكام المسبقة.

وكذلك فيما يتعلق بقوله بأن مستقبل اللغة العربية منوط أولا وأخيرا بتغيير الصورة النمطية لمدرس اللغة العربية وإعادة تأهيله، فإنَّه يتبادر إلى ذهني عدة أسئلة، وهي: هل يكفي تغيير الصورة النمطية للمدرس لإنقاذ اللغة العربية وجعلها الهدف الأول والأخير؟ وماذا عن مدى استيعاب اللغة العربية للمصطلحات الحديثة في العلوم المختلفة؟ وهل الخلل من اللغة العربية ذاتها أم هو قصور منا؟ وهذا يجعلني أعود لأحد المقالات المهمة للباحث التربوي بن داود المرزاقي؛ حيث تحدَّث فيه عن أحد الأسباب الرئيسية التي من شأنها النهوض باللغة العربية، وهي مسألة اللغة والاصطلاح؛ حيث يعرِّف المرزاقي الاصطلاح بأنه "اتفاق العلماء على ألفاظ العلم"؛ حيث إنَّ المصطلح يكون دقيقا وعلميا، ولكننا نرى في حياتنا اليومية، وجود نوع من القطيعة بين اللغة العادية أو لغة العامة، وبين لغة العلماء؛ حيث يكثر استخدام المجازات والإيحاء وربما التضخيم وحتى المغالطات، والتي تؤدي بدورها إلى أخطاء فكرية، بينما لغة العلم تهتم بالمصطلح بدقة. والجدير بالذكر أنَّ العناية بالمصطلح ليست وليدة الساعة، بل لقد اهتم المسلمون في العصور الوسطى بمسألة المصطلح اهتماما شديدا، وحينما قاموا بنقل العلوم المختلفة من الحضارة اليونانية وغيرها؛ فإنَّهم لم يكتفوا فقط بالنقل والترجمة، بل ابتكروا مصطلحات علمية مختلفة تواكب الحضارة في ذلك القرن، وهذا يجعلنا نستبعد أن يكون الخلل من اللغة العربية ذاتها؛ فقد أثبتت على مدى عصور طويلة، قدرتها على التجديد والابتكار والاشتقاق ومواكبة العصر، ولكن الخلل والقصور يكمن فينا نحن أبناء هذا القرن، فقد اكتفينا بنقل العلوم المختلفة، ولكننا لم نقرُّنها باهتمام جاد، فيما يتعلق بابتكار مصطلحات علمية، مشتقة من لغتنا العربية؛ لذلك فإنه من الطبيعي أن تدرس بعض المناهج العلمية باللغة الإنجليزية؛ لذلك فإنني أرى أن الدكتور غسان عبدالخالق لم يُولي هذه المسألة -لدى حديثه عن عوامل نهضة اللغة العربية- ذلك الاهتمام، في حين أنني أراها مسألة مهمة جدا، بل أكتفي بطرح حلول ثانوية، وجعلها الهدف الأسمى.

وأخيرا.. فإنَّ مسألة النهوض باللغة العربية، لابد أن تكون من سلم أولوياتنا؛ لكون اللغة هي انعكاسا لهوية حضارة بأكملها، ولقد تنبهت لذلك العديد من دول العالم؛ فأولتها اهتماما وميزانية من الدولة مخصَّصة فقط للنهوض باللغة.

fawaz_a
20-01-2015, 02:51 PM
ابتهاج يونس

وقت تزامن الأحداث التاريخية في أوروبا في قرونها الوسطى -هنا تترسَّب فيها تراكمات الجهل والتشدد والحروب الأهلية، وهناك يغزوها المسلمون ويستوطنونها، ومن جانب آخر تنطلق حملات أوروبا الصليبية لتغزو الشرق الأوسط- يندفعُ فضول أوروبا لسبر أغوار الشرق؛ لأسباب علمية ونهضوية؛ ومنها: سياسية واستعمارية؛ فظهر مفهوم الاستشراق الذي يُعنى بتمشيط الشرق بدراسات إنثربولوجية وتاريخية ودينية، والتعمُّق في بناه الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

استمرَّت هذه الدراسات لقرون لتبلغ أوجها في القرن الـ18-19م؛ وذلك بسبب التغيُّر السياسي الذي كان شعلته الثورة الفرنسية، فبدأت في حركة التنوير، والتشجيع على العلم والبحث، أملا في أن تكون أوروبا سيدة العالم، وهذا ما أدَّى بالحكومات الغربية إلى الاستفادة من منجزاتها العلمية والأخذ بنظريات نوابغها، وساعدهم ذلك التقدم العلمي في مجال النقل والاتصال لينتشروا حول العالم فيدرسوه، ويمشطوا كل شاردة وواردة فيه.

ويقدِّم الباحث محمد شاهين أطروحة دقيقة ومفصَّلة في هذا الصدد -بعنوان "خطاب الاستشراق"- مُستندا على نظرية الخطاب لميشيل فوكو، ناقدا الاستشراق بالرجوع إلى نظريات الغرب نفسها؛ ومنها: فاضل إدوارد سعيد على بقية من تناول الاستشراق ليس بكونه أول من تحدَّث عنه، بل بكونه أول من تناوله بعيدا عن عواطف الاستعلاء والازدراء، أو الخيالية والشفقة، فقد عرض مكونات الاستشراق بكل دقة وموضوعية على عكس المؤلفات الأخرى التي تميزت بالتحيز والأيديولوجيا، ناهيك عن اقتصارها على السرد الأدبي والتصور الرومانسي للشرق.

إدوارد سعيد رائدا

يقدِّم لنا سعيد مادة علمية جادة على خلاف البقية؛ فقد نقد الأساليب الأكاديمية القديمة في اقتصار المستشرقين على المخطوطات والأدبيات التاريخية الشرقية، وتحريرها وتصنيفها دون الولوج إلى الميدان والواقع. وكذلك يُحسب له أنه استخدم مناهج النقد الفلسفية الحديثة في تأصيل الأفكار وتحليل هذا الخلاف والتعامل مع الاستشراق بكونه "خطابا" متأثرا بنظريات ميشيل فوكو.

ويُمكن حصر نقد إدوارد سعيد للاستشراق في النقاط الآتية:

1- ينظر الغرب للشرق بنظرة الجمود، وأنه غير متغير، وأن حراكه التاريخي والحضاري دائرة مغلقة، أي لا جديد فيه، وأن عناصر الحراك الاجتماعي فيه شديدة البطء، وهذا يذكرنا بنظرة عالم الاجتماع ماكس فيبر في تصوره للشرق أن قيمه عائق لهذا الحراك فهي ليست كالبروتستانية التي تحفز على الإنتاج والتقدم.

2- خطاب الثنائية بين الشرق والغرب، والتعامل بينهما كأضداد؛ فالشرق لديهم شرق لأنه ليس غربا. مثلا يزعمون أن الشرق خيالي لأن الغرب عقلاني، الشرق مريض لأنَّ الغرب معافى... إلخ.

3- العلاقة بين الشرق والغرب علاقة هادف ومستهدف، مناهض وتابع، سيد وعبد، ويعد هذا أسوأ أنواع الاستشراق فيصبح وظيفة يستخدمها الآخرون كتركيب يرى الغرب شرقه تاريخيا ليوجهه ويسيطر عليه بالطريقة التي تحلو له.

4- تتسم نظرة الغربي للشرق بالخيالية وعدم الواقعية؛ فإنْ كان مُتعاليا يراه دارا للخرافات والسحر وينسى أن الأساطير والخرافات مكوِّن لكل حضارة، ومنها اليونانية. أما إن كان متعاطفا أو معجبا؛ فيصف الشرق برومانسية فوق طاقة الحياة الشرقية.

5- العلاقة بين الغرب والشرق تتسم بالجحود، علاقة مستهلك مسيطر بمنتج تابع، وهذا يظهر في كتابات المستشرقين عندما يستغلون ثقافات الشرق وثرواتهم ثم ينسبون التقدم لأنفسهم؛ أي أنَّ الاستشراق عمل مناهض للغرب، والشرق أداة نهضتهم.

6- ينقد سعيد العلاقة غير المتكافئة في وصف الشرق، فإما أن يكون المستشرق متعاليا يحط من قدر الشرق، أو في المقابل ترى الآخرين يتعاطفون معه بكونه مظلوما وبلا تنمية، ويحتاج ليد لمساعدته لانتشاله من التخلف؛ فتظهر الأدبيات المبرِّرة لاستعماره بهدف النهوض به.

7- ينظر سعيد أنه لا يوجد شيء اسمه شرق وغرب، ولو تخلى العالم عن الثنائيات والأفكار المسبقة، لرأينا أن الشرق -كما تم تصويره- ليس شرقا، والغرب -كما يظن نفسه- ليس غربا؛ فلابد للغرب أن ينفتح على الشرق ويلغي الحدود النفسية التي ورثها اتجاه الشرق؛ فتاريخيًّا هناك تداخل كبير بين الحضارات، وهي متشابكة ويصعب الفصل بينها.

8- تتسم أدبيات الاستشراق بالتغريض السياسي، وأنها ذات هدف استعماري؛ فأغلبها يحاول تعميق فجوة الصراع بين الشرق والغرب، واحتكار الشرق على أوروبا بكونه معبِّرا لهم لا أكثر ولا أقل، والتركيز على الفروقات الثقافية في الشرق؛ بكونهم يتميَّزون بالتنوع الثقافي في منطقة واحدة؛ وبالتالي فهم حتماً يتحاربون ويتقاتلون.

الإطار النظري

اعتمد إدوارد سعيد على نظريات ميشيل فوكو في تحليل أدبيات الاستشراق؛ استنادا لعنصر "الخطاب"، وهو قائم على نظام تحليل عنصر المنطوقات، والذي به يستخدم النص للتعرف على العالم وليس العكس، وهو يختلف عن التحليل اللغوي؛ فهو يُؤصِّل الموضوعات للوصف الأركيولوجي، والوصف الجينولوجي؛ فالاستشراق عند سعيد يُعد نوعا من الخطاب الذي يتجسد بالتوظيف الميكانيكي للقوة.

وتنصُّ هذه النظرية على أنَّ المجتمع الحاضر مُجتمع منظَّم يمارس وظائفه من خلال فرض قوة وهمية "القانون"، وهو ما يدفع الناس للامتثال لها بمبدأ "الاستكانة للتنظيم" كما لو كانت غريزة بشرية. فهو ينظم نفسه بنفسه، ويصنف نفسه بنفسه، وهذا ليس من باب القمع بقدر ما هو تنظيم وحفاظ؛ فالفرد يشذِّب نفسه داخل الجماعة، ويساوم بما تملي عليه مصالحه ومصلحة المجتمع.

ويُدلل فوكو على ذلك بحدث تاريخي بأن نظام المدينة يعود لانتشار الطاعون في القرن الـ17م، فقد تعيَّن على المريض التزام مكان معين لا يغادره، وأن يقدم تقريرا عن حالته الصحية، وهكذا انتظم الفصل بين المرضى والأصحاء على أساس تنظيم فردي لا اجتماعي، فتعيش المدينة حياة فاضلة وتسيِّر أمورها بنفسها. ويذكر فوكو مثالا تاريخيا آخر حول معمار سجن بنثام في القرن الـ19م، والذي كان به برج مراقبة تحيط به مجموعة من الزنازين، لا يستطيع فيه السجناء التحرك بسبب عدم تأكدهم من فعالية البرج، فهكذا تصبح سلوكياتهم منتظمة بعد مدة من الزمن حتى لو كان البرج لا يعمل، وهنا يُؤكد على نظريته "ميكانيكية السلطة".

وهنا؛ يربط إدوارد سعيد نظريات فوكو بالاستشراق؛ كون الجدل حوله لا يُمكن تحديده أو فهمه دون فهم النظام الهائل الذي صنعته الحضارة الغربية، والتي بها استطاعت أن تهيمن على الآخر، وتخرجه لنا بالقالب الذي تريده ثقافيا واجتماعيا وفكريا؛ فعندما يتحدَّث المرء عن شيء لا يعني أنه يفهمه، وتعامل المرء مع الحقيقة الظاهرية لا يعني قربه منه، فهناك لا وعي يحرك كل ذلك، ولابد من سبر أغوار هذا العنصر؛ ففكرة الغربي عن الشرق ناتجة عن رواسب تاريخية وسياسية واجتماعية عميقة أدت به إلى أن ينظر للشرق بهذه الطريقة.

الأنا والآخر

وفضلا عن تحليل إدوارد سعيد، يُمكن أن نحلل الاستشراق بفلسفة الأنا والآخر، والذي شرحه محمد عابد الجابري بأنه يرجع للفكر اليوناني الذي يرى ثنائية الإنسان والطبيعة، ويحلل علاقات الصراع بينهما؛ باعتبار أنَّ الإنسان هو مركز الكون والفاعل فيه، والطبيعة أو الآخر عبارة عن موضوعات مسخرة له، وهي غالبا مرتبطة بالفعل.

فالأنا هي نفي الآخر، أي أن منطق الثنائيات هو عنصر متجذِّر في الفلسفة الغربية ومبني على السيطرة. ويؤكد ذلك الفيلسوف ماكس هوركهايمر: "من الصعب جدا أن يحدد المرء بدقة ما أرادت اللغات الأوربية في وقت من الأوقات أن تقوله وتعنيه من لفظ الأنا الذي يسبح في تداعيات غامضة قاحلة، فهو يحاول كسب معركة ضد الطبيعة على العموم وضد الآخرين من الناس على الخصوص، كما ضد الدوافع السلوكية التي تحركه، يبدو مرتبطا بوظائف السيطرة والحكم والتنظيم"، ويضيف: "لم يتحرر مفهوم الأنا في أي وقت من حمولاته وشوائبه الأصلية الراجعة إلى نظام السيطرة الاجتماعية".

ويؤكد بليز باسكال: "للأنا خاصيتان؛ فمن جهة هو في ذاته غير عادل من حيث إنه يجعل من نفسه مركزا لكل شيء، وهو من جهة أخرى مضايق للآخرين من حيث أنه يريد استعبادهم؛ ذلك لأن كل "أنا" هو عدو، ويريد أن يكون المسيطر على الكل".

وهُناك وجهة نظر أخرى في هذه الفلسفة تحاول تحسين العلاقة بين الأنا والآخر، لتجعلها علاقة تكاملية؛ فمن الفلاسفة من يرى أن الآخر انعكاس للأنا ومرآته، أو أن الأنا مكمل للآخر، فيفسر أن أدب الرحلات والاستشراق والاستغراب هو اكتشاف لزوايا لم تعرفها الأنا عن نفسها، وقد تساهم في التأثير والتغيير أحيانا، وهي مجال رحب للاستفادة والتشارك الحضاري.

إيجابيات الاستشراق

تكمُن إيجابيات الاستشراق في تطبيق نظرية الأنا والآخر ذات العلاقة المتكافئة في الحراك الثقافي في العالم وتبادل العلوم والخبرات. وكذلك الشد والجذب بين الثقافتين أدى إلى ظهور أدبيات أثرت المكتبات العالمية، وظهور دراسات مختلفة تسبر أغوار العالمين. كذلك نشاط الحركات الثقافية وتطور المجتمع المدني في المجالات الفكرية المختلفة، والاستفادة من العلم والتقنية في تطوير السياسات. كما اهتم الغرب بالتنقيب عن الآثار والمعالم التاريخية التي لم يكتشفها الشرق لنفسه، فظهرت في عهدهم المخطوطات المطمورة.

الاستغراب كردة فعل

ويُعد الاستغراب من أهم نتائج الاستشراق على البلدان الشرقية؛ فأصبح الشرقيون يزورون الغرب ويتعرفون على حضارتهم وإرثهم الفكري للمقارنة، ومعرفة الجديد وخروجا عن الحدود الثقافية الضيقة التي حصروا فيها، وهذا كان بسبب عامل الاستفزاز الذي صنعه الغرب لهم من جهة، ومن جهة أخرى استعمار الغرب للشرق؛ مما أدَّى إلى ابتعاث الشرقيين للخارج للاستفادة والرجوع لخدمة مصالحهم.

ولتحليل سيكولوجية المستغربين؛ فهم لا يختلفون عن المستشرقين؛ فمنهم المغالي في الذوبان ويصوِّر الغرب بالرومانسية الشديدة، ومنهم من كان مُتعصِّبا متشددا يفسر كل شيء بـ"بارانويا المؤامرة" والكيد على الإسلام، ومنهم منصف يحاول أن يجد ما يفيده ويترك ما لا يفيده.

fawaz_a
21-01-2015, 03:11 PM
الكتاب العماني يتجاوز تحديات النشر الورقي.. ويرنو للإلكتروني


http://up.arabseyes.com/uploads2013/21_01_15142183855560731.jpg (http://up.arabseyes.com/) (http://games.arabseyes.com)

مسقط - د ب أ

يحمل رئيس الجمعية العمانية للكتاب والأدباء خميس بن راشد العدوي مسودة كتاب «الطريق إلى القدس» ويضع على ورقته الأولى علامة «صح» بعد أن أجازته اللجنة للدفع به إلى المطبعة. وكتاب «الطريق إلى القدس» واحد من بين 24 كتابا ستدفع بها جمعية الكتاب والأدباء إلى المطبعة لتكون حاضرة في معرض مسقط الدولي للكتاب أواخر فبراير القادم. ومنذ سنوات ثلاث مضت، حافظت الجمعية على مشروع تبني إصدارات الكتاب العمانيين كجزء من دعمها لهم، حيث تتبنى الجمعية طباعة الكتب وتوزيعها دون أن تكلف الكاتب أي عناء.
لكن مشروع جمعية الكتاب ليس المشروع الوحيد في عُمان اليوم الذي يتبنى طباعة إصدارات الشباب، فهناك العديد من المشاريع، من بينها مشروع وزارة التراث والثقافة التي تطبع كتبها مع دور نشر عريقة في بيروت. وتدفع للكاتب مكافأة تتراوح بين 1500 و2000 دولار أميركي. وهناك مشروع النادي الثقافي لطباعة إصدارات الكتاب العمانيين والعرب المقيمين في عُمان. لكن الغريب أن دار نشر جديدة «عمرها قرابة سنتين» نشأت في عمان وتحمل اسم «بيت الغشام للنشر والترجمة» تطبع الكتب وتوزعها في مختلف المعارض العربية دون أن تأخذ أي مقابل عن ذلك حتى بالنسبة للكتاب الشباب الذين لم يسمع بهم أحد قبل أول يوم إصدارهم. وبيت الغشام مشروع ثقافي يملكه السيد علي بن حمود البوسعيدي، لا يحمل أي هدف ربحي كما يؤكد القائمون عليه، وهدفه الوحيد نشر الإصدارات العمانية حتى لا يقول عماني: إنه لم يستطع أن يصدر كتابه.
يقول خميس العدوي: إن الجمعية ستظل ملتزمة بإصدار كتب أعضائها سواء في دور النشر المحلية أو في دور نشر عربية. مشيراً في سياق حديثه لوكالة الأنباء الألمانية «د. ب.أ» نحاول أن نلتزم بالجودة واختيار أفضل الإصدارات ولكننا نحاول في الوقت نفسه أن نتيح الفرصة لجيل الشباب من أعضاء الجمعية. ويضيف العدوي وهو يتناول مسودة أخرى من كتاب آخر مقدم للنشر: « خلال أقل من أربع سنوات نستطيع القول أننا رفدنا المكتبة العمانية والعربية بالعديد من الإصدارات المهمة التي تنوعت بين الشعر والسرد والنقد والكتب الفكرية وغيرها من الإصدارات التي تلاقي الكثير من الرواج سواء في معارض الكتب أو من خلال الطلب المباشر من الجمعية».
يصمت العدوي ثم يقول: «هناك أمر آخر وهو أننا نتعامل مع الكتاب بشكل مختلف، فكتبنا لا تبقى في المخازن، فنحن نسافر بها من مكان إلى مكان». ويفسر قوله: «من ضمن أجندة الجمعية تنظيم فعاليات ثقافية في عواصم ومدن عربية وأوروبية وهي تأخذ معها الإصدارات أينما تذهب وتقيم لها معارض للكتب، وآخر تلك المعارض كان في العاصمة الفرنسية باريس وسبقها معرض في الأردن والقاهرة وتونس ومدريد الإسبانية.
يبدو المشهد متغيرا جدا، فبعد أن كانت هناك شكاوى من قلة الداعمين للكتاب في السلطنة صار هناك حضور جيد لهذه المؤسسات وإن كان البعض ما زال يشتكي من مسألة التوزيع التي يعتبرها البعض العائق الحقيقي في حضور الكتاب العماني في مختلف العواصم العربية.
لكن محمد بن سيف الرحبي مدير دار بيت الغشام للنشر والترجمة لديه رأي آخر فهو يرى أن مضمون الكتاب هو الذي يفرض حضوره، مشيراً إلى أن الكثير من الكتاب العمانيين يصدرون كتبهم في دور نشر لبنانية تجوب كل المعارض سواء في العالم العربي أو حتى في المعارض الدولية. ويتحدث الرحبي عن «بيت الغشام» التي بدأت تسجل حضورها في معارض عربية معروفة مثل معرض القاهرة ومعرض الجزائر ومعرض الشارقة وهي في طريقها للحضور في معرض الرياض أيضا ومعرض بيروت.
ويشير الرحبي أن هذا الحضور ما زال لا يحقق للدار مكاسب مادية مطلقا. ويعلل الرحبي الأمر أن الدار «تريد أن تخلق لها حضورا وتواصلا دوليا من منطلق أنها تتبنى رسالة إيصال الإصدارات العمانية الثقافية إلى الخارج، والتعريف بالمنتج الثقافي والصبغة العامة للمشهد الثقافي المحلي عبر الأعمال العمانية التي تصدر سنوياً، وهذا ما يكلفنا قيمة الأعمال المحلية الكثيرة التي نهديها لرواد تلكم المعارض، لكننا ماضون في رسالتنا هذه بكل حب».
ويعزز الرحبي فكرته بالقول: إن الدار لا تعرض في المعارض الدولية كتبها فقط، بل إنها تحمل معها الكثير من الإصدارات العمانية الصادرة من دور نشر أخرى من منطلق أنها تعمل بفكرة المشروع الثقافي وليس المشروع الربحي.. وهذا هو ما أراده صاحبها السيد علي بن حمود البوسعيدي الذي كانت فكرته أن تكون الدار مركز إشعاع ثقافي عماني وشعلة مضيئة تفتح أذرعها للكاتب العماني وتعينه على تقديم نتاجاته الإبداعية الخلاقة.
أما النادي الثقافي فيصدر سنويا عددا كبيرا من الكتب التي تتميز بالتنوع، فلا يقتصر مجال اهتمامه على الجانب الأدبي فقط بل يتعامل مع الثقافة بمنظور شامل فنجده يصدر الكتب التاريخية والدراسات إضافة إلى حضور الكتب الأدبية الشعرية والسردية.
ومع توافر الإصدارات وتوافر الداعمين يتحول السؤال التقليدي عن قلة الإصدارات إلى سؤال آخر وهو حول غياب الكثير من صنوف المعرفة عن الإصدارات العمانية. ففي الوقت الذي تتزايد فيه الإصدارات الأدبية شعرا وسردا ونثرا ودراسات ولو كانت خجولة حولهما نجد أن الكتاب العلمي ما زال غائبا عن مشهد النشر في السلطنة.. ويبقى حضور الدراسات التاريخية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية خجولا جدا في سياق النشر العماني.
وتبدو المشكلة التي تؤرق الكثيرين اليوم، هي عدم وجود نسخ إلكترونية من الكتب العمانية الكثيرة في ظل تحول الكثير من القراء من قراء ورقيين إلى قراء إلكترونيين. هذا الأمر وهذا السؤال هو ما دفع النادي الثقافي إلى وضع نسخ إلكترونية من جميع الكتب التي يصدرها النادي الثقافي حتى يستطيع القارئ الإلكتروني أن يجد غايته من إصدارات النادي. هذا الأمر يؤكده القارئ سيف بن سلطان المعولي الذي يقول: إن المشكلة التي قد يواجهها قارئ اليوم ليس غياب الكتاب الورقي ولكن غياب الكتاب الإلكتروني، فزمن الكتاب الورقي بدأ يتلاشى لصالح الكتاب الإلكتروني. ويضيف المعولي: هناك مواقع إلكترونية لشراء الكتاب الإلكتروني العربي وحتى العالمي لكن الكتاب العماني ما زال غائبا عن هذا المشهد، لكنه يشير بشكل إيجابي إلى التجربة الجميلة التي يعمل بها النادي الثقافي رغم أنها غير كافية كما يشير ولا بد أن تكون هناك تطبيقات إلكترونية للإصدارات العمانية كما هو الحال في جميع أنحاء العالم.
لكن مشهد النشر في عُمان يتطور بشكل سريع وإذا كان استطاع تجاوز معضلة النشر الورقي خلال فترة وجيزة فإن الكثير من المشتغلين على النشر يرون أنه سيستطيع تجاوز صعوبة النشر الإلكتروني سريعا.

fawaz_a
21-01-2015, 03:15 PM
عبير المعاني في قراءة كتاب الربيع العماني ج

كتاب الربيع العماني

اعداد وتحرير سعيد سلطان الهاشمي بمشاركة عدد من الكتاب

الفارابي ٢٠١٣

اسم الربيع العماني والزمن والإهداء:

في تقديري أن اسم الكتاب: الربيع العماني جاء لأن أحداثه الهامة تدور في فصل الربيع العماني منذ نهاية فبراير وحتى مايو 2011، لذا فهو اسم فرضه الزمن، أكثر مما لو تم اختياره اختياراً من بين متعددات، ليس وقت الحدوث وحده، ولكن اللحظة العالمية كلها التي كانت في ربيع عالمي في ذلك العام، أطاح رؤساء وحكومات ودول. ولا يزال اثره مشتعلاً في البلدان القابلة للاشتعال الى اللحظة ولا زالت جمراته مرئية في بلدان اخرى تنتظر رائحة الغاز!

إذن هو ربيع مؤكد بأكثر من مرة ولن يكون اسمه المطبوع بالتالي إلا الربيع.

مع ذلك ينص كتاب الربيع العماني على التحفظ الذي تورده دراسة الدكتور المعتصم البهلاني عن دور الاعلام الالكتروني، وهو رئيس تحرير الفلق الالكترونية: أتحفظ على تسمية ما حدث في عمان بالربيع العماني، لأن الربيع له محدودية زمانية، وأفضل تسميته بالثورة لكونها باقية ما لم تتحقق أهدافها. ص189

بينما يتكرر ذلك التحفظ نفسه على لسان رئيس التحرير الروائي في الفصل المنشور من رواية (الذي لا يحب جمال عبد الناصر) في رواية سليمان المعمري لكن من جهة مختلفة: قلت لك ألف مرة ما اسمه الربيع العماني، اسمه الحراك ..الحراااك…. لا تطلع لي قرون من فضلك. ص284

يجمع إذن كتاب الربيع العماني مرايا متعددة للحظة الفاصلة والحساسة والهامة التي وقعت أحداثها في العام 2011م، ومرايا الربيع العماني ميزتها أنها مسجلة بأقلام عدد من أبرز الكتاب العمانيين والأكاديميين، عبر أقسام الكتاب المنقسم إلى دراسات وشهادات وملاحق تحوي الوثائق والصور عن أحداث ذلك العام الفيصل.

هل نستطيع القول اجمالاً إذن أن الكتاب هو: مفكرة الغضب العماني، الذي تفجر بعد وفاة الشهيد عبدالله الغملاسي، مفكرة تتيح إعادة النظر المستمرة إلى لحظة فاصلة ولدت في التاريخ العماني الحديث، وبالتالي إعادة قرائتها واستيعابها والاستفادة منها بشكل مستمر ومتجدد؟

على الرغم من صعوبة كتابة حادثة تاريخية معاصرة، لكن كتاب الربيع العماني يُـَـفصح من عنوانه الفرعي (قراءة في السياقات والدلالات) عن كونه قراءة تحاول أن تقرأ للقارئ الذي سيغدو بمقدوره أن يرى ويقرأ بها، في دفتي الكتاب، محصلة المواد المكتوبة التي تحاول أن تضيء بانصبابها على نفس اللحظة في الزمن العماني المعاصر 2011.

وبالتالي أن تستشف/ تشم المعنى والعبير من تلك اللحظة، وعبرها، في صيرورة الزمن وحركته العجيبة. وفصوله المتعددة.

وهذا ما يشير إليه معد الكتاب في المقدمة كهدف معلن: توفير مادة تتصف بتقديم قراءة حيادية وموضوعية –قدر الإمكان- ووصفية للربيع العماني في مختلف تجلياته ومظاهره. ص10

اذن فالكتاب عبارة عن نظرات من زوايا متعددة إلى لحظة زمنية، في ضوء الخلفيات المعرفية المتعددة التي تقف خلف المشاركين، والتي تبعث بهم إلى الإدلاء جماعياً بمحاولة لتفكيك اللحظة وتعريتها. من زوايا مختلفة. وبالتالي إعمال أدوات المعرفة في اللحظة نفسها والحدث، وكما في المقدمة أيضاً: بكلمة سوف يأتي الكتاب على مجمل أبعاد ومناشط الحراك العماني ولن يختزله في بعد واحد.. 12

إن النص كشف وسبر أمام القارئ وصورة موثقة لحدث الفتل الزمني المستمر الذي لا يتوقف، قد يبتلع النسيان صورة الحدث نفسها عام 2011م، أو قد تتحول مع الذبول والإهمال إلى نبتة شوهاء يابسة في الذاكرة الشفهية، تهبط بالمستقبل والماضي بدل أن ترتفع بهما، لكن قارئ الربيع العماني يستطيع أن يعثر على الحيوي في الحدث المؤكد في تلك اللحظة والأثر المتبقي والذي نستطيع أن نجرب اختصاره بقولنا أن العماني خرج للارتقاء باللحظة العمانية إلى أفضل ما يمكن، في الزمن.

لم تكن ردة فعل المجتمع العماني، في شبابه بالأخص، تجاه جريمة حدث سيلان الدم البريء في صحار باليد العمانية العويل والنواح، أو الانكفاء والرعب وتربية الغل والشحناء، بل كانت هبة جماعية للسمو ورفع منصة الوطن عالياً، عبر الإحاطة بالوطن. في الشارع. وتسمية الشهيد من أجل إشعال نور الوطن، لذلك إليهما يُهدي الكتاب نفسه كباقة ربيع، كما في الإهداء:

إلى شهيدي الربيع العماني: عبدالله الغملاسي وخليفة العلوي، إلى كل من اعتصم واحتج وتظاهر، إلى كل من ضحى من أجل وطن الحرية والحق والعدالة والإنصاف. مع الحب الأبدي..

حكاية عن الربيع الماضي

الربيع العماني كتاب، حدث في الماضي، والماضي نفسه ذهب، قام بما قام به وغادر، أدار دفة المركب وذهب، هزّ السفينة ومضى، بما هو ماضٍ؛ أما الحاضر فهو الذي يؤثر الآن، وبين الماضي الذاهب والحاضر الزاهب تختلف مواقع الأشياء، والبشر بما لهم من صفات الأشياء أيضاً. تختلف أمكنتهم: كتابة الربيع العماني 2011، المحكمة العمانية 2012، السجن العماني 2013م.

الكتاب نفسه ليس الحدث نفسه، كما أنه ليس من كتبه، الكتاب حياة مختلفة منفصلة، والسنوات كفيلة بالأعمار، وهي تحمل في طياتها أنباء المستقبل كاملاً، وما على الإنسان أن يراه في حياته؛ أما الكتب فهي أطول عمراً، أو بالأحرى متعددة الأعمار، مولودة بقدرتها الطبيعية على التناسخ، وكل نسخة من أي كتاب حقيقي تدوم مئات السنين، بقدر حاجة الزمن القارئ اليها. بعد أن يكون الجسد نفسه أصبح مجرد طيف وذكرى، يتبَقّى كتاب يحكي عن الربيع.

كتاب ام حكاية اعتصام؟

كتاب الربيع العماني أيضاً عبارة عن فسيفساء من الصور واللقطات المتعددة بأبصار متعددة لساحات اللحظة ذاتها: الاعتصامات؛ ألبوم مكتوب، ومصور.

عن الاعتصامات التي أشعل شرارتها سقوط الشهيد العماني يوم 26 فبراير 2011م حين التقى الشعب في الشارع تحت سقف ساحات وصف أحدها بدر الجابري في شهادته: ساحة الشعب سقف عال من الحرية يعانق السماء. 346 بينما كتب حال الجمع لحظتها الدكتور صادق جواد سلطان: من بعد التعارف اجتماعياً صار المعتصمون يتعارفون وطنياً، من خلال التكاشف عن عمق إحساسهم المشترك بضرورة أن تسود المواطنة المتساوية بين الجميع في الوطن. 16

وبين الاثنين يتوالى الكتابة عن تلك الاعتصامات والساحات التي انتشرت بعفوية وتلقائية في كل مكان عماني، الدكتور محمد المحروقي يكتب: أصبحت الإعتصامات روحاً عامة تدفع الصامتين، بالإكراه وبالاختيار، إلى نبذ الصمت والانطلاق في التعبير. 50

بينما الشاعرة فاطمة الشيدي تلتقط صورة المرأة العمانية في الاعتصام: العطر في موجبات الحضور: ..في بلد ذاهب في الصمت، إلا أن وجودها كان ملحوظاً ومميزاً وثابت الموقف والخطى. ص57

عن صوتها: رفعت صوتها عالياً رافضة كل من يريد الالتفاف على قضيتها بتحويلها إلى حالة شكلية من المظاهر والشعارات. ص58
عن طلبها: تطالب بقوة برفع كل أنواع التمييز ضد المرأة من العمق وبشكل نهائي، وليس في حالة من الشكلانية الاحتفالية الخارجية. مثل قانون الأحوال الشخصية. ص59
تكتب كيف واجهت المرأة محاولات حجبها في ساحة الشعب: كن كشوكة في عيونهم وأرواحهم وتعرضن لأكثر من عشرين محاولة للحجب والحظر .. رفعن صوتهن ب”لا” للانتقاص من حرية المرأة، إلا أنهُ لا حياة لمن تنادي، لذا قررن أن يتركن المكان لأهله من ذوي الخوف من الفتنة.
تشرح للقارئ بذلك كيف انتهى العطر: انتهى دور المرأة في الربيع العماني صمتاً وانسحاباً في مرحلة من الاعتصامات. 60
بينما يلتقط ناصر صالح الحرية المكتسبة من تلك الاعتصامات: لقد حررت الاعتصامات الفرد من مخاوفه كما أنها حررت السلطة من هواجسها وأوهامها الأمنية وهو ما أدى إلى انفراج الحالة السياسية المحتقنة ص69
ويشرح ناصر صالح كيف استطاعت الاعتصامات هضم الاختلافات الحادة: بعض الأطراف المتعارضة حدثت بينها بعض الأزمات في البداية لكن بدأت قيم احترام الآخر، وقبول الاختلاف والتعددية في الآراء والأفكار تصبح أكثر وضوحاً في الخطابات السياسية التي شهدتها ساحات الاعتصام.
بينما عن المرأة التي كتبت فاطمة الشيدي عن انسحابها يكتب ناصر صالح:
لقد أربك حضور المرأة الكثير من الرجال في ساحة الشعب، بين حضور المرأة كاتبة ومثقفة تشاركهم بفكرها ورأيها في المطالبة بالإصلاح والحقوق الوطنية، وبين الصورة التقليدية التي تطالبهم بغض البصر وتحاشي الحديث. ص76
في دراسة ناصر صالح نجد محاولة التقاط صورة متكاملة مبنية على جدليات تلك الاعتصامات، انطلاقاً من زاوية الجدل الفكري الذي أقيم في الاعتصامات حين تحولت الساحات إلى تظاهرات ثقافية للحوار: استقطبت جمهوراً كبيراً سواء من المعتصمين أو الزوار الذين صاروا يتوافدون إلى الساحة كل مساء للاستماع إلى خطاب سياسي وفكري مختلف ص77
هكذا صارت الساحات: تظاهرة ثقافية عامة للحوار والتنوير. ص78
ومن ذلك يستخلص ناصر صالح: بدلت الاعتصامات المشهد السياسي والثقافي في عمان بشكل جذري. 79
أما سعيد سلطان الهاشمي في دراسته فيكتب عن الذريعة الكبرى التي تم بموجبها ضرب فكرة الاعتصام: اتخذت الأعمال التخريبية الذريعة الكبرى لضرب فكرة الاعتصام ص144
بينما ترد صورة الاعتصامات كبرهان في شهادة الكاتب عبدالله حبيب المستخلصة من حوار أجراه معه معد الكتاب سعيد سلطان الهاشمي: ما فعله العمانيون في الاعتصامات هو أنهم قدموا برهاناً على نضج حقيقي ضمن ظروف صعبة جداً. 234
أما في قضية المرأة والحجاب القسري التي اشرنا لها فيرى حبيب بعينيه:
لقد مورست أقسى ضروب القهر عليها (المرأة) إلى درجة مصادرة الإنسانية من قبل بعض أجنحة الاعتصام في ساحة الشعب.. فقد استنسخنا أسوأ أشكال الاضطهاد التقليدية في المجتمع العربي، أنا لا أستطيع أن أنسى ولا أسامح ذلك 238
يسمي عبدالله حبيب الخيمة التي جيء بها لتكون حجاباً وخماراً: خيمة العار: الخيمة التي نصبت –للمفارقة- تحديداً وبالضبط عند المنصة التي يتم من عليها إلقاء الخطب والكلمات المنادية بالحرية، والعدالة، والمساواة. 238
هذا ما يجعله يسجل تحية لصورة المرأة المقاومة: أحيي هنا بصورة خاصة الحقوقية والكاتبة بسمة مبارك التي كانت تتصرف طوال فترة اعتصام ساحة الشعب وكأنها لا تعلم ما يحدث لفرط جرأتها، ووعيها، وإنسانيتها، ووطنيتها. 238

هكذا يبدي لنا كتاب الربيع العماني كيف أن قضية تحجيب المرأة في ساحة الشعب أخذت جدلاً واسعاً، لأنها كانت أزمة كشفت الكثير مما قد يُظن ظاهرياً في الحياة المدنية عدم وجوده، وكان ذلك الكشف والتعرية يتم في ساحات الاعتصام، التي كانت كأنها صورة بالأشعة الحية لعمان اللحظة.
تلك هي صورة من الأهمية الحقيقية للاعتصامات، ولعل تلك الأهمية هي ما حدت بالمثقف الجنوبي فهيم المعشني لمحاولة تأصيلها في الجنوب الأخضر: الاعتصام كثقافة ليس بغريب علينا في ظفار، حيث كان عندنا تاريخياً ما يسمى التعنيد، والتعنيد هي حالة اتخاذ موقف من النظام السياسي، معاندة الفرد للسلطة، كوسيلة رفض. 274
وتلك الأهمية هي ما ترصدها عين المثقف القارئة: لقد تحول الاعتصام بعد أسبوع في الميدان إلى اعتصام أفقي في كل بيت، وكل أسرة، وكل فرد وكل ساحة، وأصبح الجميع يتساءلون 248
وبالتالي يسجل فهيم أثرها في الوعي العام بدقة: إن 77 يوماً من الاعتصام المتواصل أحدثت وعياً جديداً وإدراكاً جذرياً بأهمية الإنسان وقضاياه 251
بينما يستخلص الشاعر خميس قلم دروس تلك اللحظة وذلك الفعل الجذري العام: لقد علمتنا الاعتصامات كيف نتحاور معاً، وكيف نتقبل اختلافنا، وكيف نوحد مساعينا من أجل المصلحة العامة، وأهم درس تعلمناه هو معنى الحرية. 342

كيف بدت صورة عمان ومن اين جاءت تلك النبضة العصبية بالحرية؟ هذا ما سنحاول قراءته في المحاولة الثالثة لهذه القراءة.

fawaz_a
21-01-2015, 03:20 PM
http://up.arabseyes.com/uploads2013/21_01_15142183902887341.jpg (http://up.arabseyes.com/) (http://games.arabseyes.com)

مسقط - عبدالرزّاق الربيعي


وجّهت الباحثة الإسبانية ريتا تابيا اوريجو دعوة للكتّاب العمانيين لتزويدها بنصوص قصصية يتراوح طولها بين ٣٠٠ و٥٠٠ كلمة، على أن تنقل التجارب والأساطير المتعلقة بالمكان العماني لتقوم بترجمتها ونشرها في كتاب ،مع صور تلك الأماكن " التي تحمل توقيع ساحر لعمان " كما تصف ،مضيفة" إغراء الصور الهامسة سوف يعبر عن الغياب، الذي سوف يرغم السياح ليصبحوا ليسوا مجرد زوار، بل مكتشفين يتورطون في مغامرات لا نهاية لها"

جاء ذلك خلال زيارة قامت بها لمبنى "أثير" أمس ، برفقة الدكتور زكريا المحرمي ، ولا يتوقّف مشروع ريتا التي تدرس في المعهد العالمي لتعليم اللغة العربية في السيب، وهي خريجة لغات من المانيا ومتخصصة باللغات : العربية والعبرية والألمانية عند هذا الحدّ ، بل يمتدّ ليشمل إنشاء موقع الكتروني خاص تقوم بنشر تلك النصوص بعد ترجمتها مع الصور .

وحول علاقتها بعمان تقول ريتا إنها تعرّفت على عمان من خلال الكتابات التي كلّفتها بترجمتها السفارة العمانية في إسبانيا في إطار الفعاليات الثقافية التي تم عقدها في إسبانيا فاكتشفت من خلالها جمال عمان ،لذا عقدت العزم على زيارة السلطنة والتعرّف على جماليات المكان العماني عن كثب .

وحول هذه الزيارة تقول في رسالة وجهتها لـ"أثير" " وصلتُ إلى عمان قرابة شهر ونصف ومازلتُ أستغرب من كثرة الأماكن العجيبة التي عثرت عليها في كل أرجاء البلد. عمان تأوي العديد من الأودية التي يعجز لساني أن يصف جمالها وروعتها، فالواحات الصافية تحيط بها أشجار النخيل يلجأ إليها بنو آدم ليتجنب قسوة الصحراء الواسعة الأفق ،فضلًا عن الجبال الشامخة والشاهقة في قممها لترسم لوحة ممزوجة بوحشة اليابسة المنحوتة في كبد السماء، والأمواج الخلابة تداعب الرمال الساكنة فتترك وراءها كنزا من الأصداف التي من المتوقع أن تعتبرها ما كان يأرق البحارة على مر التاريخ مجرد محار. ومساجد بقباب مشرقة ومآذن موشاة بألوان مختلفة، قرى تشمل مساكن بيضاء وسفن خشبية مازالت تتحدى البحر بهيأتها الأصلية التي منحها إياها الأبْطال القدامى، عمان فعلًا بوتقة تحوي الملموس وغير القابل للتصور"

وتضيف " كل اكتشافاتي هذه جعلتني أتأمل في موضوع المحافظة على الهوية الكاملة والثروة التراثية في عمان. إزاء رغبة وزارة السياحة العمانية في ترويج السياحة بطريقة مستدامة، بحيث تستهدف إظهار جاذبية الأراضي العذراء، مركزة على أن تعرضها للسياح ، فقد فكرتُ في مبادرة مبتكرة بغية إيجاد سبيل لتنسيق حاجة البلاد إلى انفتاحه للعالم الخارجي، وكذلك للدفاع عن ممتلكاته النفيسة في الوقت ذاته ،لهذا الغرض عزمت أن أنشئ موقعا إلكترونيا يحوي مجموعة من الصور توضح جزءا من المناظر المتنوعة التي تستحق زيارتها"

إنّ هذا المشروع من شأنه الترويج للسياحة ببعدها الثقافي ،وكلّنا ثقة بأنّ الكتّاب العمانيين سيلبّون هذه الدعوة ، ويمكن إرسال النصوص إلى الباحثة "ريتا " عن طريق "أثير" التي تفتح ذراعيها لاستقبال أي مساهمة ترفد هذا المشروع.

ورد القرنفل 1
21-01-2015, 08:17 PM
لك الشكر على المقالات الرائعه والدسمة
استمتعنا في قرائتها ،،بارك الله فيك

احترامي لك

fawaz_a
22-01-2015, 01:01 PM
دراسة ترصد أثر جودة الحياة والذكاء العاطفي على التحصيل الدراسي

سالم المقبالي

يهدفُ الدكتور سعيد سليمان الظفري مدير مركز الإرشاد الطلابي بجامعة السلطان قابوس، والأستاذ بقسم علم النفس في كلية التربية بالجامعة، في بحثه المتعلق بدراسة أثر جودة الحياة لدى المعلمين العمانيين ومعتقدات كفاءتهم الذاتية وذكائهم العاطفي على التنبؤ بالتحصيل الأكاديمي للطلاب العمانيين باستخدام نموذج يشتمل على ثلاثة متغيرات متصلة بالمعلم العماني.

ويقول سعيد الظفري: يُركز البحث على ثلاثة متغيرات تتعلق بالمعلم؛ وهي: جودة الحياة ومعتقدات الكفاءة الذاتية والذكاء العاطفي لدى المعلمين، والتي تعتبر بلا شك متغيرات نفسية مهمة للمعلم، وفقدان هذه المتغيرات سوف يؤثر سلبا على أداء المعلم ودافعيَّته في التدريس، وبالتالي يؤثر أيضا بشكل سلبي على التحصيل الدراسي للطلاب.

ويُؤكد الظفري على أهمية المتغيرات الثلاثة للمعلم لضمان استمراره في مهنة التدريس وتقديم أداء جيد، وأن غياب هذه العناصر تجعل المعلم يواجه ضغوطا نفسيه، ومن الممكن أن يترك مهنة التدريس، أو أن يستمر في وظيفته ولكن بدون أداء.

ويُضيف بأن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والفكرية تؤثر على المعلم؛ حيث إن هذه الظروف تتفاعل مع بعضها لتؤثر سلبا أو إيجابا على المعلمين. ويوضح الآلية التي سيتبعها فريق العمل في الدراسة بقوله: تقوم الآلية على خطوات المنهج العلمي من خلال الاطلاع على دراسات سابقة لهذا الموضوع والنظر في علاقة المتغيرات ببعضها. وسوف يستخدم فريق عمل الدراسة مجموعة من المقاييس العالمية، كما سيتم إعداد بعض المقاييس لتحقيق أهداف الدراسة. وستشمل عينة الدراسة 10% من إجمالي المعلمين في السلطنة، والذين سيتم اختيار مدارسهم عشوائيا من جميع المناطق التعليمية بالسلطنة.

ويتابع: من بين أعمال الدراسة: تصميم واختبار فاعلية برنامج تدريبي لتحسين مستوى المتغيرات الثلاثة عند المعلمين، وسوف نركز في هذا البرنامج على عينة المعلمين الذين تنخفض لديهم المتغيرات الثلاثة؛ بحيث نعمل على تطويرها.

وحول الفكرة العامة للدراسة، يقول الظفري: الفكرة العامة للبحث محاولة للتنبؤ بالتحصيل الدراسي للطلاب؛ لكون التحصيل الدراسي من أهم أهداف العمل المدرسي، ومعرفة أهم العوامل التي تؤثر فيه. وسوف يكون التركيز في هذا البحث على جانب معين وهو المعلمون، ومدى تأثير متغيرات متصلة بالمعلمين في التنبؤ بالتحصيل الدراسي، وعندما نذكر "التنبؤ"، المقصود منه: هل تؤثر هذه العوامل في التحصيل الدراسي سواء كان سلبيًّا أو إيجابيًّا. وسيركز البحث على ثلاث متغيرات؛ هي: جودة الحياة، ومعتقدات الكفاءة الذاتية والذكاء العاطفي.

وعن هدف الدراسة، يقول الظفري: هو مُحاولة التأثير في التحصيل الدراسي للطلاب؛ فإذا استطعنا أن نتعرَّف على العوامل المؤثرة فيه، سوف نتمكن من التحكم بها وضبطها.

ويُوضح أنَّ مُعتقدات الكفاءة الذاتية، والذكاء العاطفي للمعلمين تساهم في التنبؤ بالتحصيل الأكاديمي للطلاب العمانيين؛ لأنَّ المتغيرات الثلاثة تعتبر متغيرات نفسية مهمة للمعلم، فبلا شك أنَّها سوف تؤثر على التحصيل الأكاديمي، ولكن لا يوجد دليل لذلك من خلال الدراسات التي أجريت في السلطنة، ووجدتْ العلاقة بين هذه المتغيرات من خلال دراسات في دول أخرى؛ حيث إنَّ المعلم عُنصر مهم في العملية التعليمية؛ فإذا شعر المعلم بمستوى عالٍ من الحياة المهنية، وجودة الحياة عالية أي أنه مرتاح نفسيا، والبيئة المدرسية مناسبة وتهتم بمشاعره، بمعنى آخر: هل الحياة التي يعيشها المعلم داخل المدرسة ذات جودة عالية؛ فالبيئة التي توفر الجودة العالية من الحياة، تؤثر إيجابا على نفسيات المعلم؛ فعندما يدخل المعلم بنفسية إيجابية عالية، فإن ذلك يؤثر على أدائه بشكل إيجابي، بالتالي يكون أداء الطلاب جيدًا. أما من ناحية الذكاء العاطفي، فيُعتبر من ضمن المتغيرات المهمة التي تشكل شخصية المعلم؛ حيث يتمثل هذا المتغير في القدرة على التواصل مع الذات ومع الآخرين. إذا كان المعلم لديه القدرة على التواصل الايجابي وفهم ذاته والتعامل مع مشاعر الطلاب، فإنَّ ذلك سينعكس على أدائه وأداء الطلاب. أما معتقدات الكفاءة الذاتية تتمثل في مدى اعتقاد وقدرة المعلم في التأثير على طلابه. فإذا أدرك هذا المعلم أنَّ له مهارات وقدرات تمكنه من التأثير على الطالب، نتوقع أن الدافعية والأداء يكون عاليًا. وكلما ارتفعت معتقدات الكفاءة الذاتية لدى المعلم، ارتفع أداؤه، وبالتالي يؤثر ذلك إيجابا على التحصيل الدراسي.

وردًّا على سؤال حول مدى تأثير متغيرات جودة الحياة، ومعتقدات الكفاءة، والذكاء العاطفي في أداء المعلمين ودافعيَّتهم واستمرارهم في مهنة التدريس، يقول الظفري: إذا لم تتوافر البيئة المناسبة للمعلم، فإنه سيُواجه ضغوط نفسية أو احتراق نفسي من الممكن أن يجعله يخرج من الوظيفة أو أن يستمر في وظيفته، ولكن دون أداء. أما إذا افتقد إلى الذكاء العاطفي؛ فمن الصعب أن يُوجِّه طلابه للدراسة أو أن يتعامل معهم. فكلما توافرت هذه العوامل، كانت الدافعية والأداء أعلى.

fawaz_a
22-01-2015, 01:04 PM
http://up.arabseyes.com/uploads2013/22_01_15142191739229381.jpg (http://up.arabseyes.com/) العاب (http://games.arabseyes.com)

نائب رئيس "الوطنية للشباب": الأنشطة التطوعية الأكثر انتشارا بين الشباب

حوار - محمد الصبحي
أكَّدت الدكتورة ريا بن سالم بن سعيد المنذرية نائب رئيس اللجنة الوطنية للشباب والأستاذ المساعد بقسم المناهج وطرق التدريس في كلية التربية بجامعة السلطان قابوس، أن النشاط التطوعي في السلطنة من أبرز المجالات التي تشهد حراكا شبابيا غير معهود، وهذه ظاهرة صحية من شأنها تعزيز ثقافة استشعار المسؤولية المجتمعية.
وقالتْ إنَّ التكافل والتعاون بين أفراد المجتمع ميزة أساسية بين أفراد المجتمع العماني، إضافة إلى أنه يشغل أوقات فراغ الشباب بما يفيدهم ويفيد وطنهم، إلا أنَّ ما ينقصُ هذا الجانب التنظيم المقنَّن الذي يكفل حقوق الفرد وواجباته، ويجنب العمل التشتت الذي قد يفقده جدواه. وتابعتْ بأنه يقع على عاتق اللجنة الوطنية للشباب نقل صَوْت الواقع إلى الجهات المعنية بالقطاع الشبابي، وتأتي المطالبة بتنظيم قطاع العمل التطوعي كأبرز الأصوات التي ينبغي أن تصل إلى الجهات المعنية كوزارة التنمية الاجتماعية، ولابد من تنسيق الجهود بما يكفل تحقيق ذلك، وترجمة تطلعات الشباب إلى واقع عملي ملموس يحقق الجدوى المؤملة منها.
وأضافتْ بأنَّ اختصاصات اللجنة أوضحها المرسوم السلطاني رقم 117/2011 الخاص بإنشائها؛ حيث تختص اللجنة بتقصي اهتمامات الشباب ورؤاهم وتطلعاتهم وإيصالها إلى الجهات المعنية بهم، إضافة إلى تنظيم الملتقيات والندوات والبرامج التدريبية التي من شأنها أن تصقل قدرات الشباب، وتعزِّز من خدمتهم لمجتمعهم، مع الاهتمام بمواهب الشباب والسعي لصقلها والارتقاء بها، كما أنها تُعنى بإعداد خطط وبرامج للتوعية بالتشريعات المختلفة، وإعداد قاعدة بيانات باهتمامات الشباب والتنسيق بخصوصها مع الجهات المعنية، إلى غيرها من الاختصاصات التي أوْضَحها المرسوم السلطاني. كما أسلفت بأن اللجنة معنية بإيصال رؤى الشباب وتطلعاتهم واحتياجاتهم إلى الجهات المعنية؛ وبالتالي ينبغي التنسيق مع تلك الجهات بما يجعل صوت الشباب حاضرا لديها بكل شفافية.
وتابعت: هنالك تنسيق قائم بين اللجنة وبعض الجهات المعنية بالقطاع الشبابي خاصة بعد نتائج الاستقراء التي خرجت بها اللجنة من خلال تحاورها مع الشباب في ست محافظات بالسلطنة، تم بعدها إيصال تقرير مفصل عن تلك النتائج إلى الجهات المعنية بهم، كما أنَّ اللجنة تسعى إلى استثمار مواهب الشباب وطاقاتهم من خلال إشراكهم في تنفيذ فعالياتها المختلفة. وفي الوقت نفسه توفر الدعم المعنوي والمادي لأفكار الشباب بما يضمن تحقيق الجدوى المرجوة منها.

اللغة العربية
وأشارتْ نائب رئيس اللجنة الوطنية للشباب إلى أنَّ اللغة العربية لم ولن تندثر؛ لأنها لغة القرآن الكريم التي تكفَّل الله بحفظها إلى يوم القيامة، كما أنَّها ليست لغة هشة يُمكن أن تندثر لمجرد وجود بعض التأثيرات عليها، ولقد كانت -ولا تزال وستظل- لغة عالمية أثبتت قدرتها على مواكبة مستجدات العصر بما يُؤكد مرونتها المعهودة في طبيعتها. وكل ما يحدث من تأثيرات على ثقافة الفرد عموما ولغته خصوصا أمر طبيعي تتعرض له كل لغات العالم، وما ينبغي أن يحدث الآن هو تكاتف جميع الجهود من أجل تجنيب لغتنا العربية أي مخاطر قد تهدِّد استخدامها الفعلي على ألسنة أبنائها الذي بدأ يتأثر كثيرا بالفعل، وهذا أمر لابد من الوقوف عليه وإيجاد الحلول المناسبة لمعالجته.
وأكَّدت المنذرية أن غياب المصطلحات في اللغة أمر نسبي، لا يمكن أن يعمم؛ لأنه يختلف من فرد إلى آخر بحسب استخدامه للمصطلحات العربية، وركودها حكم غير صحيح، حتى إن كان استخدامها قد قل وما عاد بالفعل بمستوى الاستخدام الذي عهدناه عليها سابقا. وترى أنَّ السبب في ذلك قد يعود إلى طغيان اللغة الإنجليزية واللغات الأخرى على باقي التخصصات الأكاديمية، خاصة تلك التي ظهرتْ بظهور التطور التقني والثورة المعلوماتية واعتمدتْ اللغات الأجنبية كلغة لها؛ وبالتالي كان من الطبيعي أن يُحدث هذا الأمر تأثيرا سلبيا على مدى الالتزام بالمصطلحات العربية في واقع الحياة. ودعتْ إلى ضرورة تغيير الثقافة السائدة عن اللغة العربية في كونها لغة لا تستطيع مواكبة المستجدات العالمية والثورة التقنية الحادثة؛ لأنها ثقافة مغلوطة لا تعتمد على أساس متين، فاللغة العربية -من بين ميزاتها- أنها لغة عالمية قادرة على أن تواكب المستجدات متى ما تم الاعتناء بها أيضا من قبل أهلها.
وقالت المنذرية إنه قبل كل شيء فإنَّ الشباب مُطالب بتغيير قناعاتهم اتجاه لغتهم الأم، والنظر إليها على أنها لغتهم الأساس وهم المسؤولون عنها وعن إيصالها للعالم، وعدم حصر أنفسهم في دائرة اللغات الأجنبية على اعتبار أنها رمز تحضُّرهم؛ فاللغة الأم إذا فُقدت في استخدام أبنائها تأثر مستوى انتشارها وهذا ما لا نرجوه أن يحدث للغة العربية التي تكفل الله بحفظها من حفظ القرآن الكريم الذي نزل بها. كما أنه يقع على عاتق المؤسسات التعليمية أن تكون المنطلق الأساسي لتغيير قناعات الشباب، وتعليم اللغة العربية بالأساليب العصرية الحديثة.

fawaz_a
22-01-2015, 01:06 PM
http://up.arabseyes.com/uploads2013/22_01_15142191752681771.jpg (http://up.arabseyes.com/) العاب (http://games.arabseyes.com)

بثينة الفورية

كنتُ أتمنَّى أن أعتلي منبر خشبة مسرح كليتنا لألقي كلمة وداعية أمام كل من سيحضر حفل التخرج. لكنْ شاءت الأقدار وجعلتْ صَوْتي هو هنا من خلال الصحيفة، ومن هنا أوجِّه كلماتي لتعانق مسامعكم، إلى كل من سيفرح بفرحي ويسعد بسعادتي وهو انتهاء دراستي واستلامي لشهادة التخرج التي انتظرتها طيلة سنواتي الأربع في تطبيقية صور، سأخاطبكم وكأنني في الحفل؛ لذا أغمضوا أعينكم وتخيلوا بأنكم على مقاعد المسرح.

حفلنا الكريم.. كان لنا اليوم أن نقف بين أيديكم، نحملُ شهاداتنا بعد جد وتعب بعد أربع سنوات من أجمل سنوات العمر، نقف أمام كل من سيفرح بسعادتنا أمهاتنا آبائنا، وكل من حضر اليوم ليشهد لحظات التتويج، فبعد كلماتي هذه نعاهد أنفسنا نحن الخريجين بأن نبني عمان الحبيبة التي طالما أعطتنا بلا مقابل.

هؤلاء الخريجون على أهبَّة الاستعداد لخدمة هذا الوطن الذي يبذل فيهم الغالي والنفيس من أجل وطنٍ أفضل تحت حكمة أبينا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم، تترقبه قلوبنا وتتسابق إليه أرواحنا دعاءً.. حفظه الله ورعاه.

هذا اليوم هو عُرسنا عُرس طلاب برنامج دراسات الاتصال وتقنية المعلومات اليوم، وقد شددنا الشمس من كتفها لتشاهد كوكبة من الخريجين الذين ينتظرهم المستقبل بصدر رحب.

كانت الرحلة لهذه اللحظة -لحظة التتويج- لا تقل روعة وتحدياً، روعتها كانت في الإنجازات التي حققناها على مدار السنوات الأربع على المستوى الفردي، شخصيا كان أو أكاديمياً.

رونقها كان في مشاركة الطالب في بناء مجتمعه؛ فتخللت عملية التعليم بناء الوطن، فأهَّلت الكلية بعد ذلك ليس خريجا بشهادة، وإنما خريج بكفاءة. فوزارة التعليم العالي كان لها الفضل الكبير في احتواء طلاب كليات العلوم التطبيقية وجعلهم خريجين قادرين على خوض جميع المراحل مهيَّئين للدخول لسوق العمل.

دخلنا سوق العمل للتدريب قبل التوظيف، ولا ننسى بذلك أن التطبيق العملي والممارسة الفعلية إلى جانب الحصيلة المعرفية والنظرية، ساهم في جودة هذه المخرجات.

فنحنُ نتطلع الآن إلى سوق العمل الذي نرجو أن يكون لديه الاستعداد لتجنيدنا في الوظائف التي أُهلنا بها، فنحن كلنا وعي وإدراك بأن مستقبلنا جميل لكن سنتعرض لبعض العقبات التي لن نفك شفرتها إلا بالتحدي والعزيمة والإصرار.

... إنَّ الإعلام لا يُمثل السلطة الرابعة فقط؛ فالسلطة الأولى لا تتحرك إلا بتحرك الإعلام؛ فحماية هذا الوطن لا تتم إلا بإعلام هادف وتواصل فعال وعلاقات ناجحة وصحافة بنَّاءة تساهم في حل مشكلات المجتمع والأخذ به إلى مصاف الدول المتقدمة.

تُدركون تماما أن العالم الآن أصبح قرية صغيرة بعد ثورة الحاسوب الإلكتروني الذي أصبح أداة للحرب الإلكترونية، كما أنه أداة للنهضة العلمية فأمننا وعلمنا لا يتحقق إلا بتخصصات كتقنية المعلومات التي نستطيع من خلالها أن نحافظ على مكتسبات هذا الوطن؛ فحكومتنا الرشيدة تدرك تمام الإدراك أهمية الحكومة الإلكترونية، وتعمل من أجل تطوير ذلك، وما أردته من ذلك هو: أن الخريجين من باكورة برنامج دراسات الاتصال وتقنية المعلومات مستعدون للتجنيد من هذه اللحظة.

شكراً لكل من سانَدَنا للوصول لهذه اللحظة، ولكل من وقف معنا طيلة سنواتي الدراسية، أبي الراحل عن هذه الأرض كن فخورا بي، أمي يا من أسعدتني مرارا وتكرارا أهديك أنتِ وإخوتي فرحة تخرجي.

fawaz_a
22-01-2015, 01:09 PM
http://up.arabseyes.com/uploads2013/22_01_15142191770819991.jpg (http://up.arabseyes.com/) (http://games.arabseyes.com)

"صباح المدارس".. أروع فقرات "صباح الشباب"

محمد المحرزي

"صباح المدارس".. فقرة ممتعة تهل علينا طيلة أيام الأسبوع، مُصاحبة لبرنامج "صباح الشباب"، الذي تقدمه الإعلامية المبدعة بأدائها وهدوئها سهى الرقيشية، على فقرتين في الساعة السادسة وخمسين دقيقة وأيضا في الساعة السابعة والنصف صباحا.

بداية الصباح والمواطنون يُباشرون أعمالهم ودواماتهم فترة الازدحام المروري الشديد، وبشكل يومي والبعض يتضايق منها والبعض الآخر قد تكيَّف معها وهؤلاء هم الناجحون والذين يبدأون يومهم بكل راحة وتفاؤل وعزيمة.

وفي ظل هذه الظروف، يأتي "صباح المدارس" ليعطينا لفتة رائعة؛ فعندما تبدأ الفقرة بصوت طفل صغير يتحدث بكل أريحية وهمة عالية وحب ونقاء فترى من جانبك من سيارات وأنت وسط الزحمة يبتسمون لما يسمعونه من أطفال صغار فيهوِّنون على قائدي المركبات تأثير الازدحام المروري ولله الحمد.

وعندما تسمع هؤلاء الصغار بمواهبهم الرائعة؛ فمنهم المنشد ومنهم قارئ القرآن ومنهم ملقي القصائد والكثير الكثير، تتأكد وتتيقَّن أنَّ عُمان ولَّادة وأنها مليئة بالمواهب، و"صباح الشباب" يُبرز لنا مواهب هؤلاء الصغار الرائعين أصحاب الهمم العالية والمواهب الجميلة.. مُتمنين أن تكون هنالك مبادرات من القطاع الخاص والحكومي لاستغلال هذه المواهب بما يخدم الطرفين.

فعندما تسمع من طفل صغير "أريد أن أكون طيارا بسلاح الجو"، أو "شرطية بشرطة عمان السلطانية" أو "مهندس" و"مهندسة"، وعندما تسألهم سُهى لماذا؟ يقولون لنخدم الوطن.. تصاب بدهشة كبيرة على أنهم صغار، إلا أنهم يعرفون ماذا يريدون في المستقبل وهذا نادرا ما كان سابقا.

عندما تسمع طفلا صغيرا يدعو لصاحب الجلالة بدعاء يثلج الصدور, دعاء من قلب طفل صغير خرج وإلى الله القبول.

ومن هنا وهناك، نحصل على مُؤشر بأنَّ الجيل القادم قادم بقوة, جيل مُدرك لما يدور حوله, جيل واع بمسؤولياته تجاه وطنه, وإن علينا أن نكون مُستعدين ونهيِّئ الساحة المناسبة لهم لخدمة وطنهم بالطريقة التي يتمنونها ونسهل لهم الدرب بالبيئة المناسبة لرفع اسم هذا البلد عاليا.

شكرا لهؤلاء الصغار بما يكنونه لوطنهم، وشكرا للإعلامية سهى الرقيشية، وطاقم برنامج "صباح الشباب" على هذا التميز في الطرح، وشكرا للمستمعين المتأثرين المبادرين بما يخدم أبناء هذا الوطن.

fawaz_a
22-01-2015, 01:11 PM
هل خُلقت لأحاكي غيري؟!

أماني المقبالية

الإنسانُ كائن ميّزه الله عن سائر مخلوقاته، جعله يفكر ويتأمل ويعقل ما يجوب حوله، جعله ممن يستنبطون اجتهادات وأحكامًا بالقياس، الإنسان موضع تفكر وتدبر، موضع استغراب وتعجب، سبحان من خلقك وسبحان الذي صوَّره في أحسن تقويم واصطفاه وخيره من بين خلائقه قال تعالى: "ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" صدق العلي العظيم.

كرّمنا الله وأكرمنا بعطايا لا توصف، بعطايا تقف المخلوقات عاجزة عن إحصائها ووصفها، جَعَل لنا أيادي تهب العطاء وأرجل تبعد البلاء، وعقلًا يتدبر السماء، فيا أيها المخلوق العجيب ألا يكفيك كل هذا السخاء؟!

أمرنا الجليلُ بالسعي للتميز والبذل والنماء، ولكننا ما زلنا متقوقعين في قوقعة البغبغاء لا نعي ما نفعل وقد نعي ولكن في سبيل مسايرة الشعب نحن نسير، نقلد، ونقول في سبيل المزاح، نقلد، فنصيح في كل إنسان عارف ومدرك لنفسه: فلماذا فعلت هذا يا فلان؟ يرد وبكل فخر واعتزاز لكل منا حريته الشخصية!

أفق من غيبوبتك الفكرية، هذا هو العار والخزي على الأمة، ماء راكد عليه حشرات تتناقل الأمراض.

عذراً.. إنها تفاهات أتت من الفراغ تحتم علينا إعادة تدوير لفكر شبابنا والنهوض بهم للترفع والرقي في التفكير وتنويرهم بماهية الحرية الشخصية التي تحفظ كيانه كإنسان مفكر لا محاكي حيواني.

نعم.. ومع وجود مواقع التواصل الاجتماعي، نجد أنفسنا في دوَّامات النكت والخُزَعْبِلاَت منها الأكاذيب الواهية، ومنها وما يضحك القوم من اللاشيء، فقط أكذوبة تنكّرية تصادر فكرهم دون أن يشعروا، هم لاهون بنسخ ولصق وإعادة إرسال، وغيرهم يخطط لدمار عُقيلهم (عذرا على تصغير كلمة العقل)، ولكن ماذا سنقول سوى "هل خُلقنا لنحاكي غيرنا"؟

أما دقت الساعة، وحان موعد الإنجاز، موعد التجرد من أفكار ومصطلحات ودستور الغير؟ أما حان الوقت أن نضع لنا دستورًا تنمويًّا ينهض بفكرنا، هنا هي الحرية الشخصية التي تتطلب منا -إجبارا- أن نبوح بها دون تردد أو تقاعس أو تباطؤ!

وفي هَمْستي الأخيرة: نحن أمة خلقنا لنفكر، وننجز، فنبدع.. لا لنقلد، ونحاكي.

fawaz_a
22-01-2015, 01:15 PM
عزيزتي التقنيات الحديثة.. بعد التحية

مشعل بن حميد المقبالي

عندما يصف أحدهم العصر الحالي يقول إنّه "عصر التكنولوجيا" أو "عصر السرعة"، إذن التقنيات الحديثة هي المحرك الرئيسي للعصر الحديث ولا تكاد تخلو بقعة على وجه هذه البسيطة من تقنيات تستخدم بين عامة الناس، وما جعل العصر يزداد سرعة إلا تطبيقات التكنولوجيا الحديثة أو ما يعرف بالإعلام الحديث حيث جعل سرعة انتشار الخبر أو الإشاعة أسرع حتى من الضوء أو الصوت إذ إن الصوت أو الضوء لهما مكان محدد للانتشار وبعدها يتشتتان إلا أن الخبر في وسائل الإعلام الحديثة ينتشر ويدور شرقا وغربا ولا يكاد انتشاره يبدأ بالخفوت حتى يظهر خبر ينفي أو يؤكد ويزيد دوران الخبر سرعة وفوضى لا نهاية لها.

مما لا شك فيه أن للتكنولوجيا ووسائل الإعلام الحديثة تأثيرات لا أحد ينكرها سواء تأثيرات إيجابية أم سلبية، يظهر ذلك جليا في الجيل الحديث فبعض كبار السن يصفون شباب العصر الحالي بأنّهم أكثر وعيًا من شباب عصور السبعينات والثمانينات من القرن المنصرم أما البعض فيصفون شباب اليوم بأنهم بلا مسؤولية وبدأوا بالتخلي عن عاداتهم وتقاليدهم والانحياز نحو الغرب والشرق لاستيراد ثقافات لا تمت لثقافتنا العربية والإسلامية بصلة. وجميع الآراء حسب وجهة نظري لا غبار عليها.

لو نظرنا في الأفق سنجد أكثر الفئات قابلية لتغير الفكر هم الأطفال والشباب وبالتالي تستهدفهم الشركات المصنعة للتكنولوجيا بأحدث البرامج والأجهزة الحديثة حيث كان لهذه التقنيات فضل كبير في تغير النمط السائد في المجتمعات العربية للتفكير حيث بدأ يشعر الشاب العربي كم هو متأخر عن الشاب الياباني مثلاً بالفكر تارة والمنطق تارة أخرى حيث يصدرون لنا الأجهزة والبرامج والكثير من التقنيات الحديثة وبأسعار خيالية ولا نصدر لهم إلا الخامات والمعادن وبثمن بخس، وربما يكون شعور الشاب العربي بأنّه متأخر عن غيره من شباب الشرق والغرب دافعا كبيرا له للتغيير من واقع نفسه وحافزا كبيرا كي يبدأ بالتغيير في نفسه وطريقة تفكيره وهذه نقطة جيدة قد تعود بالنفع للأمة.

لكن المتعمق في بعض ما يصدر إلينا من هذه التكنولوجيا يجد أن بعض الشركات تقوم بدس السم في العسل ببرامج أو ألعاب خبيثة تحاول من خلالها تغيير فكر بعض الشباب وتوجههم نحو أفكار، مثلاً في بعض الألعاب نجد أغلب ألعاب المغامرات بها صور خادشة للحياء العام على واجهة القرص وفي داخل اللعبة لمصلحة من يا ترى توضع مثل هذه الصور؟. وفي الوجه المقابل شكل ظهور تطبيق "الواتس اب" ثورة جديدة في عالم التواصل الاجتماعي وقلل من عيوب وسائل الإعلام الحديثة مثل"فيسبوك" حيث لا إعلانات مخلة بالآداب وتكاد ظاهرة الرسائل غير المرغوبة تنقرض من "واتس آب" ولكن دائماً التأثير يأتي من أصدقاء السوء حيث بدأ بعض العابثين بأخلاق شباب الأمة وللأسف هم من شباب الأمة بتداول النكات البذيئة والصور وغيرها من الوسائط المخلة بالآداب العامة ولكن هم قلة ربما يتأثروا بالأصدقاء إن كانوا صالحين وربما العكس.

عبر "واتس اب" فكر الكثير من الشباب للأحسن فبتداول المقاطع المشرفة والناصحة والرسائل المحفزة بدأ الكثير من الناس بالتحسن والعمل بجد وإحسان رغبة منهم بتطبيق ما يقرؤونه من أفعال حسنة حيث ازداد معدل القراءة ولو نصوص على شكل رسائل فهناك الكثير من المجموعات على تطبيق "الواتس اب" تُعنى بالثقافة والتقنيات الحديثة حيث يوجد لدي مجموعة في تطبيق الواتس اب يجتمع بها مجموعة كبيرة من المهتمين بتقنية المعلومات والبرمجة وهذا ما أثر إيجابا على فكري وحفزني كثيرا كي أحاول الإبداع أكثر في مجال تقنية المعلومات.

وعندما بدأ "واتس اب" بالظهور بدأت تنتشر عبارات لا أدري من أين أتت هل هذا يشكل ظاهرة اجتماعية صحية أم ماذا ؟ أم هل بدأ نمط تفكير المجتمع بالتغير وبالتأثر لأدنى همس أو لمز؟.

وظاهرة مقلقة أخرى هي ظاهرة النقد الجماعي لشخصية معينة بدأت بالظهور بشكل كبير عندما بدأ الناس يستخدمون واتس اب وبدأ الكثير منهم بنهش أعراض الناس فتارة "الكاتبة فلانة" وتارة أخرى "الممثلة فلانة" والمسؤول الفلاني وغيرهم الكثير.

أغلق الكثير من الناس واستبدلوا أرقام هواتفهم بسبب مزح ثقيل حيث بدأ بعض المستخدمين لوسائل الاتصال الحديث بنشر رسائل فحواها وظيفة مغرية أو بضاعة بأسعار يسيل لها اللعاب وتذييل الرسائل برقم صديق لصاحب الرسالة فقط بغرض المزح أو الانتقام. لكن بالوجه المقابل يستخدم الكثير من التجار رسائل واتس آب أو الانستجرام لتسويق بضاعتهم وخاصة بعض الفتيات يسوقن منتجاتهن المحلية عبر الوسائل الحديثة حيث تغير فكرهن وبدأت تجارتهن بالتوسع.

كما أسلفت سابقاً تشكل التكنولوجيا الحديثة ثقلا جديدا في حياة البشرية إذ تميز عصرنا بها ورقى فكر أبناء آدم وحواء بفضل الله ثم فضلها ولا ينكر أحد على سطح المعمورة دورها البناء في التنمية ودفع عجلة الاقتصاد وتغير طريقة الإنسانية في التفكير والابتكار. إذ أثرت التكنولوجيا بشكل كبير في تغير حياة المواطن في الكثير من الدول حيث أصبح قادرا على التعبير عن رأيه وبثه للجمهور من خلال هذه التقنيات، وأصبح من السهل على الكثير من المنظمات والمؤسسات التي تعاني من قلة الدعم والتي هدفها تغيير فكر الإنسان بشكل إيجابي أن تعمل بتكلفة أقل وبانتشار أوسع.

كان لزاماً على الإنسان أن يستغل هذا الزخم الكبير من التقنيات ويوظفها بشكل أكبر في تعمير الأرض ونشر التعليم والثقافة بين النّاس ورُب فكرة بسيطة غيّرت فكر ومستقبل أمة بأكملها ولنا بالصحابة رضوان الله عليهم خير دليل وبرهان فهذا سلمان الفارسي يشير على نبي هذه الأمة صلوات ربي وسلامه عليه أن يتخذ ختمًا وأن يبني خندقًا وكل هذه الأفكار غيّرت من وجه التاريخ الإسلامي وجعلته يرقى للأعلى.

العيون الساهرة
22-01-2015, 05:16 PM
كل الشكر لك على
هذه المقالات الرائعه

fawaz_a
23-01-2015, 10:57 AM
http://up.arabseyes.com/uploads2013/23_01_15142199612757851.jpg (http://up.arabseyes.com/) (http://games.arabseyes.com)

تهاني البادية تعشق الرسم منذ الصغر وتهوى مزج الألوان

مسقط - إبراهيم الجساسي

الطالبة تهاني البادي من كلية الزهراء للبنات الجامعية تخصص تصميم جرافيكي، تعشق الرسم منذ نعومة أظافرها، وتهوى الإمساك بالفرشاة لتنثر الإبداع على لوحاتها الخاصة.

وتقول: "جميعنا حاول خلال سنين الدراسة أن يرسم عيناً دامعة أو يداً منتصرة أو شجرة يابسة، وغيرها من الخربشات، كما تسهم هذه الموهبة في التعبير عن ما يدور من حولي بالرسم، وتحويل الجامد البارد إلى مشهد دافئ ينبض بالحياة".

وتضيف: "حققت العديد من الإنجازات في مسيرتي الفنية، ونلت الكثير من شهادات التقدير خلال أيام المدرسة، كما شاركت في مسابقات متنوعة نظمتها جامعة السلطان قابوس، وحزت على مراكز متقدمة في كثير من المسابقات".

وترى البادية أنّ المشاركة في ورش العمل بالكلية أو غيرها من المؤسسات، ساعدت في صقل موهبتها، رغم الصعوبات، والتي من بينها كيفية دمج الألوان في اللوحة وتوزيع الظل أو الإضاءة فيها. وتأمل البادية في مزيد من صقل موهبتها وإيصال الفكرة إلى كل من يهمه الفن، مؤكدة أنّ الفن ليس موهبة فقط يمتلكها المرء لكنّه عمل ينبض بالحياة.