المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القطاع الخاص والتشغيل في مشروع سكة الحديد



مجالسنا
22-01-2015, 08:23 AM
القطاع الخاص والتشغيل في مشروع سكة الحديد


10 آلاف كيلومتر من خطوط السكك الحديدية من المتوقع الانتهاء من انشائها داخل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال المستقبل المنظور.. وبدء تسيير القطارات فعليا خلال اربعة اعوام تقريبا من الآن.. هذه الخطوط الحديدية مرشحة للزيادة والامتداد حتى 40 الف كيلومتر ضمن مشروع متناغم ومتفق عليه بين 6 دول هي سلطنة عمان والكويت والمملكة العربية السعودية والبحرين وقطر و الامارات.. الدول الست ايقنت تماما ان مثل هذا المشروع ضروري لتحقيق فوائد عديدة ليس على المستوى الاقتصادي فحسب و انما على المستويات التنموية بأبعادها السياسية والاجتماعية والحضارية..فوائد تصب مباشرة لصالح الشعوب وسيكون لها تاثير ايجابي كبير.

فاختراع القطار في بريطانيا العظمى خلال القرن الثامن عشر كان فقط مجرد وسيلة نقل – كما كان مخططا له – للمساعدة في اعمال المناجم ونقل البضائع بين المدن، لكنه تحول الى ثورة صناعية سرعان ما انتشرت في القارة الاوروبية كلها.. بل ان القطار لم يظهر اساسا من اجل نقل الركاب بل لنقل البضائع وكان البريطانيون يتعففون من ركوبه الى ان ظهر القطار الملكي في عام 1842 ليقل ملكة بريطانيا التي سرعان ما قالت عند محطة الوصول « لقد كانت الرحلة شيقة ومريحة» فسارع البريطانيون بعدها الى استخدام القطار.
اختراع القطار ساهم في تغيير سلوك واتجاهات المجتمعات حيث نشأت مدن جديدة على خطوط التماس معه واقيمت صناعات ثقيلة وتحويلية ومناطق لوجستية للتخزين والمناولة ومشروعات خدمية وترفيهية تستفيد منه كوسيلة للنقل، كما تطورت صناعة المحركات من بخار الى ديزل وواكب ذلك تسارع وتيرة التكنولوجيا المستخدمة فيه واتساع المعارف والعلوم… فبريطانيا قبل القطار لم تعد هي بريطانيا بعد القطار واستحقت ان يطلق عليها وقتها انجلترا الجديدة فاتسعت وتعاظمت امبراطوريتها.
مسار القطار في السلطنة سوف يرتبط ويلتقي او لنقل سيبدأ في المنطقة الحدودية الواقعة ما بين مدينتي البريمي العمانية والعين الاماراتية لينطلق حتى مدينة صحار، بطول 140 كيلومترا على بحر عمان لتأتي المرحلة الثانية لتربط بين صحار ومسقط بطول 260 كيلومترا – مع ضرورة الوضع في الاعتبار ان خطوط السكك الحديدية ليست صورة طبوغرافية من الطرق البرية المرصوفة، فقد تطول هنا المسافة أو تقصر – ثم يأتي بعد ذلك خط سكة حديد مسقط – الدقم بطول 526 كيلومترا مرورا بمحافظات الشرقية والوسطى و9 محطات رئيسية للركاب اضافة الى محطات للبضائع. وهناك خط رابع سيمتد من صحار الى خطمة ملاحة بولاية شناص بطول 58 كيلومتر تقريبا.
هل لك ان تتخيل ما ستؤول اليه هذه المناطق التي يمر عبرها شريط السكك الحديدية من البريمي الى صحار ثم شناص فمسقط فالشرقية فالوسطى الى ان يصل الى الدقم؟! انها تضم وفقا للمخطط الحالي 25 محطة رئيسية للركاب اضافة الى عدد لا بأس به من محطات البضائع… ومن المتوقع ان تنشأ عبر هذه المناطق خدمات اضافية وصناعات تكميلية خاصة في المحافظات التي تتميز باتساع مساحتها مع قلة عدد السكان والتي هي في حاجة الى انشاءات لوجستية تواكب الحركة التجارية والصناعية التي سيحدثها خط السكك الحديدية المار بها.. هذا التطور الذي نتوقع حدوثه اليوم لم يكن متوقعا ولا في الحسبان عندما انشأت بريطانيا خطوطها للسكك الحديدية.. بل حدث التطور والنمو على نحو متسارع ليفرز ثورة صناعية نقلت العالم من حقبة تاريخية الى حقبة اخرى مغايرة تماما.
لذا فالمشروع جد ضخم وكبير ويحتاج بالفعل الى اعمال آليات للتوطين تستفيد من التجارب الأخرى وتواجه التحديات المتوقعة – وهذا امر طبيعي – باستعداد و ادراك علمي ووفق خطط لا تترك شيئا للصدفة.. فهناك تحديات تواجه هذا المشروع لعل من اول هذه التحديات هي ان يبدأ القطاع الخاص العماني في الانتباه الى ضرورة ان يعمل على تصدر هذا المشهد .. وان استطاع ان يستحوذ بمفرده على كامل لوجستيات هذا المشروع فليفعل .. فالحكومة تؤكد من وقت لآخر على اهمية الشراكة مع القطاع الخاص وتدفع به للصدارة ايمانا بأن الاقتصادات الكبرى نشأت وازدهرت عبر تشجيع القطاع الخاص والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وفقا لنظام الاقتصاد الحر وتداول راس المال .. فقط على اصحاب الأعمال العمانيين اغتنام الفرصة ليس في الداخل فحسب وا نما في الخارج ايضا بطول وعرض الـ 10 آلاف كيلومتر من خطوط السكك الحديدية لدول مجلس التعاون الخليجية.
ايضا اذكر القطاع الخاص العماني بنسبة الـ 10% من المناقصات واعمال الاسناد التي قررت الحكومة بقيادة صاحب الجلالة منحها للشركات الصغيرة والمتوسطة تشجيعا لأصحاب ورواد الاعمال وتنشيط ودعم القطاع الخاص العماني.. ولكم ان تتخيلوا حجم هذه المبالغ فيما يتعلق بمشروع السكك الحديدية والذي من المتوقع ان تصل تكلفته الاجمالية داخل السلطنة لما يقرب من 5 مليارات ريال عماني وتتجاوز استثماراته على مستوى بلدان الخليج العربية 250 مليار دولار على مدار 10 سنوات.. بل ان خطوطه الحالية مرشحة للامتداد والتوسع لتصل الى نحو 40 الف كيلومتر في المنطقة..كما ان تكلفة البنية الاساسية لهذا المشروع من المتوقع ان تصل الى 15.4 مليار دولار شاملة الربط بين البحرين والسعودية عبر جسر بحري مواز لجسر الملك فهد.. ايضا من المتوقع ان تبلغ الخطوط عند مرحلة التشغيل الاولى 2117 كيلومترا مع مواصلة الاعمال ومد الخطوط المتبقية الى ان تستكمل 10 آلاف كيلومتر .. وقد عملت دول المجلس على توحيد المعايير والمواصفات المعمول بها لتصل سرعة القطار القصوى الى 220 كيلومترا في الساعة لقطارات الركاب و80 كيلومترا في الساعة لقطارات البضائع واستقر الجميع على ان تعمل هذه القطارات بالديزل لتوليد الكهرباء.
ايضا من التحديات التي يمكن التغلب عليها ومواجهتها من الآن هي ما يتعلق بالكادر البشري الذي سيتولى الاشراف على التشغيل.. فلا شك ان المشروع يحتاج الى كادر بشري مدرب ومؤهل وعلى علم واطلاع بكل ما يتعلق بتكنولوجيا ومعارف السكك الحديدية وكيفية ادارتها وتشغيلها على نحو نموذجي يبدأ من حيث انتهى الاخرون ويعول في ذلك كثيرا على الكوادر البشرية الوطنية.
ايضا الاراضي التي ستمر بها خطوط السكك الحديدية والتي اعتقد انها دخلت ضمن مخطط بما في ذلك الولايات المركزية الكبرى ومناطق تخزين او شحن البضائع وتحديد حرم للسكة .. فلا شك ان قيمة الارض سترتفع وسيكون هناك طلب واقبال عليها وتعمل الدولة على توفيرها وفق مخطط عام ومدروس يساهم في ايجاد صناعات خدمية ولوجستية ويصب في صالح تنشيط التجارة وسرعة انتقال ومناولة البضائع وتوفير اماكن ترفيهية تجذب السائح وتقدم الخدمات المطلوبة وعلى مستوى راق للمسافرين عبر القطارات. ويبقى هنا ان نذكر بقرار مجلس الوزراء العماني في اجتماعه الاسبوع الماضي، ادراج مشروع توطين صناعات السكك الحديدية ضمن سياسة الحكومة لنقل العلوم والمعارف والتكنولوجيا الحديثة ومدى مساهمة ذلك في تأهيل الكوادر البشرية العمانية كي تتصدر مشهد الادارة والتشغيل فعليا وعمليا.


زكريا فكري –
zakariafekry@yahoo.com –

حدائق
22-01-2015, 11:12 AM
اللهم بك أمسينا ، وبك أصبحنا ، وبك نموت ، وبك نحيا ، وإليك المصير
اللهم ما أمسى بنا من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر