المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : زواج الإحباط بالتخلف العربي



fawaz_a
22-01-2015, 01:25 PM
http://up.arabseyes.com/uploads2013/22_01_15142191867230641.jpg (http://up.arabseyes.com/) (http://games.arabseyes.com)


عبيدلي العبيدلي
تداعيات صحيفة "تشارلي إيبدو" ما تزال تتفاعل في صفوف المواطنين العرب، وتتحول من مجرد علامات استفهام عارضة إلى تساؤلات مصيرية، تشكل تحديات تمس فكر وسلوك ذلك المواطن، بغض النظر عن قصر أو طول المسافة التي تفصله عن مدى انغماسه في العمل السياسي. تتفاعل تلك التساؤلات داخليًا على المستوى الذاتي، وخارجيًا على الصعيد الموضوعي كي تتطور فتتحول إلى أعمال مشينة، تشوّه الصورة العربيّة في أذهان الآخرين، كتلك التي كرّسها الهجوم غير الإنساني على تلك الصحيفة، دون أن يزيح عن هذه مسؤولية ممارساتها غير المهنية عندما حاولت، بشكل متعمّد مقصود، جرح أحاسيس العرب المسلمين في أقدس مقدساتهم.
من الطبيعي، بل والمنطقي أيضًا أن تكون هناك مجموعة من الأسباب الذاتية والموضوعية التي تفاعلت كي تولد هذه الظاهرة الإرهابية "المعاصرة"، التي التصقت بالسلوك العربي، وقادت إلى مثل تلك الممارسات الإرهابيّة، التي ليست عملية "تشارلي إيبدو" سوى واحدة من قائمة طويلة أخرى كرست تلك الصورة المهينة ورسّختها في أذهان الآخرين من غير العرب، بمن فيهم بعض رعايا الدول الإسلامية ممن يفترض أن يكونوا في خانة الأصدقاء بدلا من انخراطهم في صفوف القوى المعادية.
ولو حاولنا التعمق في البحث عن السبب الرئيس الكامن وراء مثل هذه الظاهرة الإرهابية العربية، فربما سنكتشف أنّها محصلة مجموعة متفاعلة من العوامل التي تتمحور، من بعيد أو قريب حول حالة الإحباط الذاتي المتفشية بعمق في صفوف مواطني البلاد العربية، بعضها، وهو الأساس، ذاتي ويتحمل العرب مسؤوليته بالكامل، والبعض الآخر موضوعي، تفرضه القوى الأجنبية ويقع العرب ضحايا له.
على المستوى الذاتي المحض تتوزع الأسباب التي ولدت حالة الإحباط التي يصعب نكرانها على ثلاث زوايا يمكن تشخيصها في النقاط التالية:
1- الزاوية السياسية؛ حيث أصبح المواطن العربي ضحية محبطة سهلة يفتك بها طرفان، الأول هو القوى النشطة في الساحات السياسية العربية سواء كانت فوق كراسي الحكم أو بين صفوف المعارضة، فكلتا القوتين لم ترق إلى المستوى الذي يوفر لذلك المواطن البيئة السياسية الملائمة التي تمكنه من ممارسة الحقوق السياسية التي ينعم بها نظراؤه من مواطني الدول غير العربية، بما فيها تلك المسلمة من أمثال تركيا وإندونيسيا بل وحتى الدول الصغيرة من حجم مالطة. يتفاعل ذلك بشكل سلبي مع الطرف الثاني وهي حالة التشظي السياسي التي تعاني منها البلدان العربية، التي باتت تفتقر إلى الحدود الدنيا المنطقية من أشكال التعاون الذي تفرضه عليها عوامل الثقافة المشتركة، دع عنك عوامل العقيدة والجوار.
2- الزاوية الاقتصادية؛ فعلى الرغم من تزَعّم البلدان العربية للدول المصدرة لأهم سلعة استراتيجيّة على المستوى الدولي، وهي النفط، لكنّها ما تزال تقبع في أسفل القائمة الدولية عندما يأتي الحديث عن أبسط معايير التقدم الاقتصادي المعمول بها دوليًا. فإذا استثنينا السيولة النقدية التي وضعتها الصادرات النفطيّة بين أيدي الحكام العرب، يصعب إيجاد أي عامل آخر يمثل تقدمًا اقتصاديًا يضع العربي في مصاف الأمم المتقدمة اقتصاديًا. بل يعاني العرب حتى من تخلفهم في الصناعات التي يولدها النفط كمادة خام. الأسوأ من ذلك أنّه حتى العوائد النفطية المتراكمة أخذت طريقها للإنفاق إمّا على معدات عسكرية تستخدم في الحروب الداخلية الطاحنة، أو للتبذير المسرف على الواردات الاستهلاكيّة التي لا تولد القيمة المضافة التي تحتاجها خطط التنمية الاقتصادية بمقاييسها الدولية المعاصرة.
3- الزاوية الاجتماعية؛ التي تتفرع إلى شقين الأول بين البلدان العربية ذاتها، حيث يشطر العالم العربي أخدود عميق تقف على إحدى ضفتيه الدول النفطيّة الغنيّة، والضفة الأخرى تلك التي لم تنعم الطبيعة على أراضيها بالذهب الأسود. هذا الشرخ العميق تحول إلى سد منيع يحدد آليات العلاقات العربية - العربية، التي قادت إلى التمزق العربي الذي يحول دون إجماع العرب حتى على الحدود الدنيا، وكأنّما تحوّلت الدول إلى فئات اجتماعيّة ينتمي البعض منها إلى الطبقات المرفهة، وينتسب الآخر إلى تلك المحرومة. يزداد ذلك الأخدود عمقًا واتساعًا عندما نصل إلى كل مجتمع عربي على حدة، حيث باتت تنخر وحدته الخلافات الطائفيّة بين الأديان السماويّة من جانب، والمذهبيّة في نطاق الدين الواحد من جانب آخر، وهذا التمزّق لا ينحصر في الدين الإسلامي فحسب، وإنّما يتسع نطاقه، وإن كان في دوائر أضيق في الأديان الأخرى، وخاصة المسيحية.
تتفاعل هذه الأسباب جميعها، ثمّ تلتقي محصلتها مع عامل آخر هو التخلف، حيث يسكن روح المواطن العربي شعور محبط قوي متنام هو التخلف، إذ لا يستطيع ذلك المواطن أن يتغاضى عن رؤية البلدان والأمم الأخرى تتقدم بخطى حثيثة نحو الأمام، في حين يتقهقر هو بشدة نحو الوراء، مما يولد حالة تخلف مركبة على المستويين المطلق والنسبي.
فالعرب يعانون من تخلف مطلق على المستويات الثلاثة: السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وبالقدر ذاته هم يعانون من تخلف نسبي عندما تقاس سرعة تقدمهم بسواهم من الأمم الأخرى، بما فيها أمم صغيرة بل وحتى فقيرة، مقارنة بالبلدان العربية، من أمثال سنغافورة، وتايوان، وماليزيا.
هذا الزواج العربي غير المقدس، ولا المبارك بين الإحباط والتخلف، هو الذي ولد بشكل مباشر، وفي أحيان كثيرة أخرى بشكل غير مباشر ذلك السلوك غير السوي، والبعيد عن أي معيار من معايير الإنسانية، الذي تمظهر في عمليات إرهابية ليس الهجوم على صحيفة "تشارلي إيبدو" سوى واحد منها.
ولربما آن الأوان من أجل العمل الجاد من أجل فسخ عقد ذلك الزواج العربي بمحاربة الإثنين، دون الفصل بينهما، إذ يبحث كل منهما الآخر كي يتمخض عن ذلك الزواج مثل تلك الظواهر الإرهابية المشينة.

ورد القرنفل 1
23-01-2015, 11:12 AM
نتمنى ان تتخلص الدول العربية من (الاحباط والتخلف) قريبا فهي قادرة على ذلك في اي لحظة
تريد.......

بارك الله فيك على مواضيعك القيمة والرائعه
احترامي وتقديري لك

العيون الساهرة
23-01-2015, 10:00 PM
الله يعطيك العافيه على
هذا الطرح الرائع