المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ليبيا.. من الثورة إلى الثأر



بدر الدجى
17-02-2015, 08:18 AM
لم يكد الليبيون يثأرون ممن سامهم سوء العذاب 40 عاماً، ويفرغون ما في صدورهم من أوجاع طال فيها المقام ردحاً من الزمن، عبر الانتقام الذي مارسوا بحق معمر القذافي، بعد أن أخرجوه من بطن حفرة أوسعوه ضرباً ولكماً وشتماً وسحلاً، لم يتركوه إلا جثة هامدة نقلت إلى مصراتة لتعرض على طوابير ثوار أرهقهم الانتظار، و«هرموا» قبل رؤية الزعيم الأوحد مسجى ليس على حرير.
بل خرقة بالية في ثلاجة خضروات، شُفي بعض الغليل، ولم يدارِ المجتمع الدولي ارتياحاً بدا سافراً أمام الكاميرات، وخلفها فالأمم المتحدة وواشنطن وباريس ولندن وعواصم أخرى رأت في نهاية حكاية اسمها القذافي مدخلاً لرفع الظلم والاستبداد وتأسيس دولة ديمقراطية حرة كنيتها «ليبيا الحرة».
وأنهى دفن القذافي في ضريح غير معلوم حقبة سوداء في تاريخ أحفاد عمر المختار، ومن مهد الثورة مدينة بنغازي أعلن المجلس الانتقالي في أكتوبر 2011 التحرير وبشر بعهد جديد ومرحلة انتقالية تؤسس دستوراً ونظام حكم جديدين في البلاد، أمرر قابله الخارج بالترحيب على أمل مشروع خروج ليبيا من المحنة وطي صفحة القذافي ونظامه إلى غير رجعة.



بدايات ملغومة
بمجرد إعلان التحرير كشرت المليشيات عن أنيابها وبدا المجلس الوطني الانتقالي برئاسة مصطفى عبد الجليل وحكومته، التي يرأسها محمود جبريل غير قادرين على إيقاف جموح المسلّحين نحو السيطرة على مرافق الدولة وجنوحها نحو الانتقام تحت مسميات عدة، فأنشات المليشيات سجونها، ومارست النهب والسلب، وبدا أن الثورة التي كانت تنادي بالديمقراطية والحرية حادت عن الطريق.
ومارس طلابها أبشع صنوف القتل والدمار والخطف والتنكيل بكل مدني محسوب على نظام القذافي، كما نفخت الروح في النعرات القبلية والمناطقية، وعادت كل قبيلة ومدينة تبحث في تاريخها عن ثأر تستحضره مغتنمة فرصة الفوضى، لتسجل ليبيا أكبر موجة نزوح عبر تاريخها هرباً من بطش القادمين الجدد، لتتضاءل الآمال في ليبيا الغد.
وعلق الكل الآمال على أول انتخابات نظمت في 7 يوليو 2012 في الخروج من النفق المظلم، لكن مخرجاتها التي يعد المؤتمر الوطني العام أبرزها أسهمت في تعميق الأزمات.
قرارات كارثية
تم تسليم السلطة من المجلس الوطني الانتقالي إلى المؤتمر الوطني العام في 8 أغسطس 2012، ليدير شؤون البلاد عاماً ونصف وفق الإعلان الدستوري ليكون السلطة التشريعية العليا، لكن سرعان ما تمكنت منه جماعة الإخوان وحلفاؤها.
وكان من اللافت أن يكون من بين القرارات ما أصدره المؤتمر الوطني يتعلق بمنع التعامل بالفوائد الدائنة والمدينة في جميع المعاملات المدنية والتجارية، وقرار ثان بتشكيل لجنة للعزل السياسي، ليظهر جلياً أن نزعتين تتجاذبان السياسات، الأولى ترضية الإخوان وحلفائها، والثاني قطع الطريق أمام مساعي المصالحة مع أنصار القذافي، ولتكتمل سطوة المؤتمر صدر قرار آخر يقضي بتشكيل قوة أمنية مهمتها حماية المؤتمر الوطني العام وأعضائه.


بداية انزلاق
في 25 سبتمبر 2012 وبعد أسابيع من استلامه السلطة، أصدر المؤتمر الوطني العام قراراً يحمل الرقم 7 ليتحول هذا الرقم لنقطة سوداء تلاحق «ثوار فبراير» والسلطات الجديدة، الذي يقضي بتكليف وزراتي الداخلية والدفاع بإلقاء القبض على من قام باختطاف وتعذيب أحد المقاتلين من مصراتة ورفاقه، ودعا القرار إلى القبض على بقية المطلوبين للعدالة وتسليمهم إلى القضاء، والإفراج عن الأسرى بمدينة بني وليد وتخول الوزارتان كل الصلاحيات اللازمة لتنفيذ هذا القرار، بما في ذلك استخدام القوة.
وفور صدور القرار حشدت مصراتة قواتها على مشارف بني وليد وسط أنباء عن إيواء المدينة أزلام القذافي وتسريبات عن اختباء خميس القذافي في المدينة، وبعد أيام من فرض حصار ومنع دخول الإمدادات وقصف مستمر بصواريخ «غراد» تمكنت دروع مصراتة من اقتحامها لتمارس أبشع عمليات القتل والتعذيب بحق السكان.
قانون عزل
ولعل ما يماثل القرار رقم 7 في ضغط المليشيات التي طوقت المؤتمر الوطني العام وهددت أعضاءه بالعواقب الوخيمة حال عدم التصويت على قانون يقصي كل من تحمل مسؤولية إدارية أو سياسية في نظام القذافي، ورغم إذعان المؤتمر لمطالب المليشيات تحت تهديد السلاح هددت المليشيات باحتلال الوزرات حتى بدء تطبيق القرار، فيما انتشر المسلحون في الشوارع من أجل الضغط نحو تسريع تطبيق القانون، الذي قال عنه في حينه رئيس الوزراء السابق محمود جبريل، إنه يستهدف نحو نصف مليون ليبي عملوا في مؤسسات الدولة طيلة أربعة عقود.
والهدف طبعاً كان حرص «الإخوان» على إفراغ الدولة من الكفاءات، فيما المثير في القانون انسحابه على عدد كبير من قادة «ثورة 17 فبراير» ممن التحقوا بها في أيامها الأولى ليشكل القانون أهم انتصار للمليشياتعلى الديمقراطية، وليتم قطع الطريق أمام مساعي المصالحة ولملمة شمل أبناء الوطن الواحد.
وعلى رأس من شملهم قانون الإقصاء محمد المقريف، رئيس المؤتمر الوطني، الذي قام بمهام رئيس الدولة، ومحمود جبريل رئيس تحالف القوى الوطنية وأول رئيس للوزراء بعد الثورة وعلي زيدان رئيس الحكومة.



تراجع مشروع
وبإصدار قانون العزل السياسي بدت الهوة تتسع بين مكوّنات الشعبوابتعد أمل المصالحة الوطنية، وبدا الحديث عن عدالة انتقالية بديلة عن العدالة الانتقامية ضرباً من الخيال فالمليشيات تمكنت من مفاصل الدولة، التي باتت مؤسساتها رهينة لمطالبها من مال وعتاد على حساب بناء جيش وطني ليبي قوي يحق له وحده حمل السلاح وتأمين البلاد.
وأطلق المؤتمر الوطني العام قرارات أخرى اتخذتها يد المليشيات لتدير السجون والمعتقلات وأنفق ملايين الدولارات على تسليحها وتجهيزها من دون أن تكون للدولة السيطرة عليها وبلغت سطوة المليشيات ذروتها في أكتوبر 2013 حينما أقدمت مليشيا من طرابلس على اختطاف رئيس الحكومة المؤقتة علي زيدان وأظهرت أشرطة مسربة زيدان يتعرض للسب والشتم من قبل مسلحين.
وعزا الثوار الحادثة إلى مواقف زيدان من انتشار السلاح والمليشيات والثوار، لكن السبب الحقيقي هو ما تم تداوله في طرابلس، إثر قيام قوات خاصة أميركية قبل ثلاثة أيام من حادثة الاختطاف بعملية نوعية أدت إلى اعتقال الإرهابي المطلوب دولياً أبو أنس الليبي أحد قيادات «القاعدة»، وقال عناصر المليشيات إن الحكومة على علم بالحادثة إن لم تكن ساعدت القوات الأميركية على تنفيذها.
استهداف بعثات دبلوماسية
ولم تسلم البعثات الدبلوماسية التي تحميها الأعراف والقوانين الدولية من سطوة المليشيات، وكانت البداية من القنصلية الأميركية في بنغازي التي أدى الهجوم عليها في 11 سبتمبر 2012 لمقتل السفير كريستوفر ستيفنز وإداري المعلومات الخارجية شون سميث، وموظف الأمن الخاص غلين دوهرتي، وعشرة من رجال الشرطة الليبية، إثر إلقاء قنابل يدوية وهجوم بالقذائف وهي الحادثة التي هزت العالم ودفعت الخارجية الأميركية لتغيير مقاربتها للأزمة الليبية، وفي 22 مارس 2014 أعلن وزير الخارجية التونسي منجي حامدي عن اختطاف أحد دبلوماسيي بلاده في طرابلس.
وفي 15 أبريل أكدت وزارة الخارجية الليبية تعرض السفير الأردني فواز العيطان ومرافقيه للخطف عند مغادرتهم منزل السفير في طرابلس، وسواء كان الأمر مع ليبيا أو مع تونس فإن الخاطفين طالبوا بإطلاق سراح متطرفين في سجون كل من عمان وتونس، وبالوصول إلى هذه المرحلة بدا أن البلاد انزلقت فعلياً في أتون حرب أهلية مع تعاظم دور المليشيات وطغيانه على حساب تراجع دور الدولة والمؤتمر الوطني العام.
تبدد أحلام
وعلى الرغم من هذه الظروف وسوء الأوضاع الأمنية والمناخ السياسي المتوتر وحالة الفوضى، نجحت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تنظيم انتخابات تشريعية لاختيار أعضاء مجلس النواب، الذي يعد السلطة التشريعية التي تخلف المؤتمر الوطني العام وفق الإعلان الدستوري، وفي 25 يونيو 2014 توجه الليبيون إلى صناديق الاقتراع لاختيار 200 عضو في مجلس النواب في ظل استمرار قتال الميليشيات.
وتقدم للمنافسة على هذه المقاعد 1734 مرشّحاً، ورغم ضعف المشاركة في التصويت بسبب سوء الأوضاع الأمنية وحرمان بعض المناطق من المشاركة بسبب المعارك وانطلاق عملية الكرامة التي يقودها اللواء خليفة حفتر في بنغازي، علق الليبيون الآمال على مجلس النواب الليبي لإخراج البلاد من الفوضى.
تعميق انشقاق
وبعد الخسارة التي مني بها «الإخوان» في الانتخابات تتالت أصوات الرفض للمجلس المنتخب تحت ذرائع شتى، إذ تمسك الإخوان وحلفاؤهم بالنواحي الشكلية في انعقاد أولى جلسات المجلس في طبرق في الرابع من أغسطس 2014 بدلاً من بنغازي التي تعد مقر المجلس بحجة أن الإعلان الدستوري والتعديلات التي أجراها المؤتمر الوطني العام نصت على أن بنغازي هي المقر الرسمي، إذ اعتمد المجلس على استشارة من وزير الداخلية المكلف صالح مازق، الذي أكد أن مدينتي طرابلس وبنغازي غير آمنتين لانعقاد الجلسات.
وعلى الرغم من الاعتراف الدولي بنتائج الانتخابات ومجلس النواب باعتباره السلطة الشرعية المنتخبة تمسك نوري بوسهمين وعدد من نواب «الإخوان» وأعضاء في المؤتمر الوطني العام بعدم شرعية انعقاد مجلس النواب ليعيد المؤتمر الوطني العام الانعقاد في طرابلس كونه رداً على انعقاد مجلس النواب في طبرق وليعلن عن تشكيل حكومة اطلق عليها اسم الإنقاذ الوطني برئاسة عمر الحاسي لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي.
اغتيال صحافيين
تم اغتيال 6 صحافيين في ليبيا، إذ قتل رئيس تحرير جريدة برنيق مفتاح بوزيد يوم 26 مايو على يد مجهولين في بنغازي، فيما قتل مسلحون مجهولو الهوية الناشطة سلوى بوقعيقيص في منزلها ببنغازي في 25 يونيو. وفرّعشرات الصحافيين من البلاد جراء الاعتداءات والتهديدات، والترهيب، فيما أخفقت الحكومة في إجراء تحقيقات أو إلقاء القبض على الجناة أو ملاحقتهم على الأقل.
ووجه أفراد النيابة تهم التشهير الجنائي إلى العديد من الصحافيين، والمُحللين السياسيين والمشرعين والسياسيين.
كما صدر حكم غيابي بالسجن لمدة 5 سنوات على عمارة الخطابي مدير تحرير صحيفة الأمة، جراء اتهامه بالتشهير بأعضاء في السلطة القضائية، بينما واجه سامي الشريف مُقدم برامج إذاعية اتهامات لتشهيره المزعوم بأحد مسؤولي مجلس محلي في أحد برامجه، وقام جمال الحاجي المحلل السياسي، باستئناف حكم محكمة جنائية بسجنه 8 شهور لتشهيره المزعوم برجال أعمال وسياسيين.
تهجير قسري
استمرت المليشيات المسلحة في ليبيا وأغلبها من مصراته في منع قرابة 40 ألفاً من سكان مدينة تاجوراء وتومينا وكفر كريم من العودة إلى ديارهم، في عقاب جماعي على جرائم مزعومة ارتكبها بعض سكان تاورغاء خلال «ثورة 17 فبراير».
وأجبر تعنت المليشيات النازحين إلى البحث عن الملاذ والمأوى في مخيمات مؤقتة ومنازل خاصة إلا أنهم ظلوا هدفاً للاعتداء والاحتجاز التعسفي على يد الميليشيات، فيما أخفقت السلطات وقادة الميليشيات في إنهاء الاعتداءات أو تقديم المسؤولين عنها إلى المحاكمة.

عطر الاحساس
17-02-2015, 10:34 AM
يعطييكك العافيه
ننتظر آلمزيد من ج’ـمآل آطروح’ـآتك
دمت بهذآ التآلق والتميز♪

اطياف السراب
17-02-2015, 11:57 AM
شكرا جزيلا لك على الخبر

Emtithal
17-02-2015, 09:02 PM
كل آلشكر لك ع آلخبر

صخب أنثى
17-02-2015, 10:23 PM
​http://store1.up-00.com/2015-01/1420905572132.png

بدر الدجى
18-02-2015, 07:36 AM
كل الشكر لكم ع المرور

بدر الدجى
18-02-2015, 07:37 AM
كل الشكر لكم ع المرور