المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العجوز لا تشفق على أحد



عطر الاحساس
10-03-2015, 08:49 PM
العجوز لا تشفق على أحد


لم يكن عاماً كئيباً على أية حال , ولا حتى لطيفاً للدرجة التي تجعلني أبكي طويلاً على رحيله
كان كالعجوز التي تعطي لأحفادها دروساً عن الحياة , الصداقة , الموت , وانتظار أشياء لا
تأتي , هكذا كانت تفعل معي .. كانت تجلس أمامي دائماً تخبرني بأن الحياة ما هي إلا سرٌ كبير
ولنكتشف سرها علينا أن نتلقى دروساً موجعة
بعد ذلك سيصبح في حوزتنا مفتاح صغير أمام سر الحياة الكبير .. سرها الكبير جداً !

الصداقة كما قال لي أحدهم يجب أن نأخذ منها ما نريد ونغض الطرف عن الزوايا التافهة والسطحية
في العلاقة , بل إن هذه الزوايا تكاد تكون مهمة أحياناً كي نجاري الحياة كما يجب , لا يعني هذا أن
أصبح منافقة , بل يجب ألا أنتظر من الأيام أن تهديني صديقة مثالية كالتي ترحل عنا دائماً وتتركنا
في المنتصف .

تقول هذه العجوز: .. بينما تقفين أمام رياحٍ باردة ستأتي يد أحدهم لتمنحك الدفء , ستقول لك أن
الدفء قريب جداً لو تطلعنا حولنا ونظرنا جيداً , نعم كان الدفء قريباً مني ولكني لم أراه , لم أكلف
نفسي عناء النظر إليه , كنت دائماً أضيع وقتي بالبكاء , كانت على عيناي غشاوة الماضي والأشخاص الراحلين .
أتساءل لماذا يرحلون قبل أن يسمعون منا كلاماً أخيراً ككلمة شكر وامتنان ؟ لن تجد لهذا السؤال
إجابة إلا أنهم اختاروا الهروب !

لن أكون مثلهم وأختار الهروب , سأقول لهم شكراً قبل أن أطوي صفحتهم .. أنا ممتنة لكم للغاية ,
لم أكن أعلم أن للحياة وجه بشع كهذا !

لن أطلب من الحياة أن تتلقاني بوجهٍ واحد بعد اليوم , بل أرجو منها أن تريني كل وجه تحمله حتى
لا أسقط في أقنعتها مرةً أخرى .

وفي كل عام سأتذكر كم أن الله كان كريماً معي للغاية , رغم ما فقدته وما سأفقده إلا أني على
يقين بأن هدايا الله لا تنقطع , سيمطرني بها يوماً ما .
ما سلبته الحياة مني لم أكن في الحقيقة بحاجة إليه , هذا ما اهتديت إليه أخيراً , الفقد رغم ألمه
وغصاته المريرة إلا أنه أصدق بكثير من أحضان الأوهام والسراب .

ولأن الساعة لا تسير إلى الوراء , يجب أن تمضي يا صديقي إلى الأمام , ما كان ماضياً اجعله
ورائك , وإن لم تفعل فسيجري الزمان من حولك وستظل لوحدك واقفاً , الماضي لا يجب أن ينام ولا
أن يأكل ويشرب معك , لا يجب أن يحضى بكل هذا التدليل يا صديقي .
الماضي مكانه هناك في مقبرة بعيدة , لا تأخذ منه إلا الذكريات التي تبعث في نفسك البهجة ,
أما تلك التي تخنقك فإن لم تقتلها قتلتك بأنيابها الحادة!

كما ترى لم يعد هنالك متسع لمزيد من الخسارات , أعد حساباتك من جديد , وعامل الحياة وكأنها
طفلك الصغير , يجب ألا تشعرها بأنك في معركة طويلة معها , نحتاج في أوقات كثيرة أن نكون أغبياء ,
أن نضحك بشكل هستيري على نكتة سخيفة , أن نصافح أيادٍ ملوثة , أن نكون أنانيين جداً ..

_ هل مازلتِ تصغين إلي ؟ تقولها العجوز "الحياة"

أنا : نعم مازلت أصغي إليك وأعلم أنكِ تقولين كلاماً جيداً في وقت متأخر جداً , في الوقت الذي
يستقبل العالم فيه عاماً جديداً , بينما أستلقي أنا على السرير والمرض ينام في جسدي .

أنا :هل مازلتِ تشفقين علي ؟
العجوز"الحياة" : لا .. أنا لا أشفق على أحد !

نديم الماضي
10-03-2015, 08:54 PM
هلا فيك اختي عطر الاحساس
دائم قصصك جميله وفيها عبره
بارك الله فيك وحفظك الرحمن..

رايق البال
10-03-2015, 11:28 PM
هلا فيك عطر ..
قصه جدا رائعه ومعبره
الف شكر لجهدك واختيارك وتفاعلك الجميل .. كل الود لك مني

القيصـــــر
11-03-2015, 10:59 AM
قصه جميله
ألف شكر لك على الطرح ،،

نوارة الكون
12-03-2015, 07:33 AM
سلمت يمناج جميل جدا ما اخترتيه لنا غاليتي دمتي في حفظ الرحمن

الشيخه الفلانيه
14-03-2015, 09:22 PM
،



قصههء جميله ;
كُل آلششكرْ عَ آلأنتِقآء
يعطيكِ آلله آلععآفيهً :) !