المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صنائع المعروف لا تضيع



حنااايا..الروح
22-04-2015, 08:31 AM
(جابر) رجلا عرفت عنه أخلاقه العالية مدرس متزوج لديه طفل أشغله بحياته التي أنشغل عنها قبلا فلا يحب المشاكل أو أخواتها يسير مع الحائط جنب إلى جنب لم يؤذي حتى قطط الشوارع التي أفزعته في نومه ومنزله , الجميع كان يحترمه ويقدره لطيبته وصدقه وأمانته ,إذ كان قدوة لطلابه ومن حوله .

ذات ليلة حارة رطبة وقتذ كان القمر مختفيا بنوره كأنه يلبد خلفه بلوة ما أو مصيبة , كان يجوب الشوارع بسيارته إذ أدخله القدر كمن تعمد ذلك إلى أحد الأحياء المهجورة ومبانيها الموحشة المتهالكة لاصوت يعلو فيها عدى صرير الحشرات المخيف .

تفاجأة أمام سيارته إذ رأى رجلا ملقى على الأرض ملطخا بدمائه يلتقط أنفاسه الأخيرة , توقف مفزوع خائف من ذلك هب لنجدته بسرعة كي ينقذ نفس كأنه ينقذ بذلك الناس جميعا , وضع يده على صدره يضغط ويضغط ليدب الحياة فيه من جديد لكن محاولته تلك بائت بالفشل إذ وصل متأخر ومات الرجل بين يديه .

متحيرا لايدري (جابر) ما العمل؟ وكأن دنياه تعاقبه لأنها أبعدته عن مشاكلها كل تلك السنين ,أحاطته الشرطة من كل جانب قبضوا عليه زجوا به في السجن , لم يتكلم لم يرد لم يدافع عن نفسه من تلك المصيبة التي تسللت إليه وأصابته في مقتل .

وحيدا متهم في قضية لاناقة له فيها ولاجمل ذنبه مر بلحظة غدرت به الحياة وبدل أن ينقذ روح أصبح يصارع ليبقى روحه حية تنبض .

حكم عليه بالإعدام رميا بالرصاص لكفاية الأدلة التي تدينه , كان يعيش حلما يعيش أو وهما كابوس ما أفزعه من نومه قط , معاتب ذاته التي كانت طيبة مع الجميع إذ كافأها القدر بهذهالتهمة والحكم الجائر بحقه لم يرحمه أو أخلاقها ونيته التي صفاها مع كل من قابلهم .

موعد أعدامه أقترب وهو لايحرك ساكنا , والده أشقاءه زوجته أصدقاءه طلابه فعلوا كل مابوسعهم لتبرئته لكن دون جدوى ألتزقت به تلك الجريمة وسكنته كأنها أرتكبها فعلا .

الأيام تمر عليه كالثواني حالته النفسية تزداد سوء فمن يلومه , لايأكل لايشرب لايتكلم , يجلس منزويا في زنزانته التي أصبحت كعالمه لايريد أن يغادره .

جاء يوم الشؤم الذي سينفذ حكمه ويقطع نفسه ويسفك دمه ظلما , كما في السجن كثر من شاكلته , تجمع الحشد أحضرته الشرطة بقوة بعد أن جرجروه وسحلوه إذ كان ممسكا بأعمدة الزنزانة التي بدت آخر صديق لديه قد يساعده .

الجميع كان يدعو يصلي حتى الساعة الأخيرة عل معجزة من السماء تنزل وتنقذه , حان الوقت المحدد لتنفيذ الأعدام حضر الشرطي الذي سيطلق النار عليه دون رحمة أو ذرة شفقة ماهتزت شعرة منه رغم ماسمع عن (جابر) وأخلاقه الحميدة التي لن تفكه من رصاصة الشر تلك حيث ستستقر في رأسه يعلم ذلك لكنه لن يستطيع أن يردعها فعينه تبصر ولكن يده قصيرة .

رفع سلاحه كي ينهي حياة (جابر) التي عاش آخرها ميتا أصلا , لكن قبل أن يطلق الرصاص بلحظة واحدة ؟ جاء رجلا من الخلف يجري مهرولا وقال : أوقفوا تنفيذ الحكم , أنا القاتل الذي تبحثون عنه ؟

حدث ضجيجا بين الحشد سمعه حتى الأصم , تهليلا وتكبير يالها من لحظة , يالها من نصرة لمظلوم حكم عليه بالإعدام , ياللرحمة السماء , ألقت الشرطة القبض على الرجل برء بعدها (جابر) من التهمة حينما تحققت الشرطة من أقوال القاتل , كأنها مصيبة أشتدت به لتنفرج بسيناريو الحياة المحكم حيث هذا العالم المجنون يسير وفق خطة .

مرت الأيام ظل (جابر) يتابع تلك القضية التي كانت تدق المسامير في نعشه , كأنه حلما لم يستفيق منه بعد , يتابع أدق التفاصيل , يقرء كل ورقة لدى الشرطة يسأل أي شخص له علاقة بالجريمة , شعر بأن هناك حلقة مفقودة , شيئا لم يكتمل , غموضا يلفها في مكان ما , سرا دفين وراءها .

ضاع في كل تلك الألغاز لم يعرف طريقة لحلها الشخص الوحيد الذي يعرف كل ذلك هو القاتل نفسه (جابر) لم يزره ولو لمرة واحدة ربما خائف أو مستكرها أو هارب من نظرات عيون من أنقذه وأرجع له ماكاد يقتله .

أياما قلائل تفصل القاتل عن موعد تنفيذ حكمه مما خشي (جابر) أن يرحل الرجل ويدفن معه كثيرا من الأسرار والأسئلة التي لم يعرف أجاباتها , فقد قضت مضجعه ومن يحب حذرته وأختبرته بحكاية الجريمة تلك وماشابها من أعدام .

معاندا نفسه زار القاتل في زنزانته جلس قليلا دون أن يتكلم يتلعثم يتردد ينظر إلى عينيه وبرودها كي يكتشف حقيقة ماوراءها , لحظات ثم قال :
في الحقيقة لا أعرف ماذا أقول لك , فالكثير من الأسئلة تشغلني , لكن لما أعترفت بجريمتك ؟
ظل القاتل هادئا لم ينبس بشيء ذو أعصاب باردة إذ انتظر (جابر) إجابة أعتقد بأنه يعرفها مسبقا ,
قال الرجل بعد صمت متقع إجابته الغريبة : أنا لست القاتل .

كان وقع الكلام عليه كالصاعقة , هز أركانه , وأفقده رشده مصدقا مكذبا بعد حيرة , قال : كيف لست أنت القاتل , لما أعترفت بالجريمة إذا , لما ذهبت للموت بقدميك ؟
الرجل : لمعروفا فعلته لي
توقف (جابر) في مكانه , تزلزل في صدمته , أخذ يمعن النظر في الرجل جيدا يمينا شمالا يسأل نفسه المشتتة ويصارعها : اللعنة , من هذا الرجل , لاأتذكر بأني رأيته من قبل!

ظل يحدث نفسه برهة ويصفعها لعلها تذكر شيئا مضى لكن دون جدوى , قال بعدها:
- من أنت ياهذا ؟
- مالمعروف الذي فعلته لك ؟
- ماقصتك معي ؟

قال الرجل : أتعرف , أحيانا تفصيلا صغير يغير مجرى حياتك إلى الأبد , قبل سنتين طرق بابك رجلا مشرد يطلب طعاما أدخلته منزلك وتناولت العشاء معه وأسرتك جعلته ينام تلك الليلة في منزلك , أتذكر ؟
قال جابر الذي لم يفق من صدمته بعد : نعم , نعم , ذلك المشرد , أتذكره .
الرجل : أنا ذلك المشرد ؟

سكت بعدها لحظات ودقائق مسترجعا طفولته القاسية التي عاشها وتمرمر منها , وقال :
30 سنة عشت مشردا بلا منزل بلا عائلة أذهب من مكانا إلى آخر , قرية تلو قرية , أطلب المال من الناس , أنام على الأرصفة , يمر الجميع بجانبي ويرمون علي القمامة , كنت نكرة , لاشيئ ,لم ينظر إلي أحد , لكنني لم أنتحب يوما أو أتذمر فلم يهمني ذلك , لأنني ولدت في هذا الواقع فتقبلته , كنت ميتا بلا مشاعر فلا قلب يخشع أو عين تدمع , لكن عندما دخلت منزلك تلك الليلة وأتناولت الطعام معكم , كانت أسعد لحظات حياتي , حلما لم يراودني مرة , لدي عائلة منزل أناسا ينظرون إلي ويهتمون لأمري , بعدها ذهبت للنوم وأستلقيت على السرير كنت أسمع صوت طفلك يضحك أحسست بالطمأنينة والسكينة , غططت حينها في سبات عميق , جلست صباحا كأنني ولدت من جديد , شعرت بالحياة بعد أن كنت ميتا , شعرت بالأمان بعد أن كنت ضائعا , شعرت بالحنان بعد أن كنت قاسيا , خرجت من منزلك أردت أن أرى العالم بعد أن عدت للحياة ذهبت من مكان إلى آخر أبحث عن عمل ومنزل حتى حققت ماأردت , رغم سعادتي بذلك لكن قلبي ظل منشغلا , لأنني أردت أن أشكرك على مافعلته لي ولم أعرف بأي طريقة أفعل ذلك , أعطيتني حياة
جديدة وأسرة ومنزل , فأنا مدينا لك بحياتي , كنت خائفا لأني لم أقدر أن أقدم لك شيئا بقيمة ماأعطيتني أياه . جئت ذات يوم لزيارتكم فأخبروني أنكم أنتقلتم , بحثت عنكم في كل مكان دون جدوى , وقتها لم يهنأ لي بال ولم يرتح ضمير ولم أنم جيدا إذ الرجل الذي أنقذ حياتي أختفى .

لم يعرف (جابر) بما يجيبه ضاع في كل الموقف وكأن صفعة التهمة تلك أحس بها ثانية فظل بلا حول أو قوة يستمع ,
أكمل الرجل مابدا قصة أوجعته دينا وتفننت تعذيب في قريرته :
في الحقيقة لم أكن أعلم بقضيتك لكن في يوم تنفيذ حكم الأعدام الذي صدر بحقك , كنت في أجازة فأنا وظيفتي هي (مشرف عمال بناء) , ذهبت للمطار قاصدا السفر فجأة أتصل بي أحد الزملاء في العمل وقال : وقعت مشكلة كبيرة بين العمال في أحد المواقع ويريدون مني الذهاب , ترددت في البداية ثم ذهبت , حللت المشكلة بعدها وقفت أتكلم مع أحد العمال على عجالة لأنني أردت العودة إلى المطار لألحق بالطائرة , بالصدفة مر أمامي طفل يضع يده على وجهه ويبكي لوحده , شعرت بالأسى عليه تذكرت طفولتي وحياة التشرد الأليمة , فحاولت أن أشتت ذهني عن تلك الذكرى الأليمة , لحظات ركبت السيارة مشيت قليلا فكان الشارع مزدحما فدخلت أحد الأحياء لأختصر الطريق , ماأثار أستغرابي بأنني رأيت ذات الطفل مرة أخرى على حالته يضع يده على وجهه ويبكي , أقتربت منه بالسيارة فقطع علي الطريق أبعد يده عن وجهه نظر إلي ورحل ؟ عندما نظرت إليه قلت في نفسي : كأنني رأيت هذا الطفل من قبل ؟ أثار فضولي كل ماحدث ظللت ألحقه حتى وصل إلى منزلا به جمعا من الناس بدا عليهم الحزن والعزاء ودخل , توقفت في الحي سألت : مالخبر ؟ قالوا لي : بأن رجلا من هذه العائلة حكم عليه بالأعدام ظلما , وبعد قليل موعد تنفيذ الحكم ؟ سألت عن أسمه : فأخبروني , عرفت بأنه أنت وذاك الطفل هو أبنك , قلت في نفسي حينها : أنه وقت سداد الدين , فحضرت بسرعه إلى مكان تنفيذ الأعدام , وحصل مارأيته قد حصل .

أنتابت (جابر) قشعريرة روعته لخبطته وضربت لبه من الداخل , أحس بأن ماسمعه جريمة كالتي أتهم بها لكن هذه المرة أشد قسوة وعنف من تلك متعتعا أراد أن يتكلم قاطعه الرجل وقال مختنق في عبرته :
الآن سددت لك دينك , وسأموت مرتاح البال , أذهب من هنا , فمثلك لايقتل

روح الحلا1
22-04-2015, 11:35 AM
قصة رائعة ومؤلمة

ربي يعطيك العافية عزيزتي..

نديم الماضي
22-04-2015, 02:13 PM
قصه رائعه ومعبره
بالتوفيق لك حنايا روح عابر
بارك الله فيك..

نوارة الكون
22-04-2015, 05:41 PM
لاحول ولا قوة الى بالله
سلمت يمناج اختي قصه مؤلمه ربي يعطيج العافيه

رايق البال
23-04-2015, 01:30 AM
هلا فيك حنايا ..
قصه جدا مؤلمه ولا حول ولاقوة الا بالله العلي العظيم
الف شكر لإبداعك المستمر وجهدك وتفاعلك الجميل .. كل الود لك مني

الشيخه الفلانيه
24-04-2015, 01:13 PM
،



قصههء جميله ;
كُل آلششكرْ عَ آلأنتِقآء
يعطيكِ آلله آلععآفيهً :) !

حنااايا..الروح
26-04-2015, 09:23 AM
قصة رائعة ومؤلمة

ربي يعطيك العافية عزيزتي..

مرورك الاروع..الله يعافي قلبك عزيزتي

حنااايا..الروح
26-04-2015, 09:25 AM
قصه رائعه ومعبره
بالتوفيق لك حنايا روح عابر
بارك الله فيك..

أخ نديم ,,مرورك أسعدني
الله يسعدك

حنااايا..الروح
26-04-2015, 09:25 AM
لاحول ولا قوة الى بالله
سلمت يمناج اختي قصه مؤلمه ربي يعطيج العافيه

الله يسلمك عزيزتي نوارة كل الشكر لك على المرور

حنااايا..الروح
26-04-2015, 09:27 AM
هلا فيك حنايا ..
قصه جدا مؤلمه ولا حول ولاقوة الا بالله العلي العظيم
الف شكر لإبداعك المستمر وجهدك وتفاعلك الجميل .. كل الود لك مني

ألف شكر أستاذ رايق ’’مرورك اسعدني
تقبل تحياتي

حنااايا..الروح
26-04-2015, 09:28 AM
،



قصههء جميله ;
كُل آلششكرْ عَ آلأنتِقآء
يعطيكِ آلله آلععآفيهً :) !



مرورك الأجمل...كل الشكر لك على المرور

القيصـــــر
27-04-2015, 01:38 PM
لا حول ولاقوة إلا بالله
كل الشكر لك على الطرح ،،