فيصل الغماري
15-05-2015, 07:58 AM
ما أسرع الرحيل ولكن أين المعتبر
أبو العبادلة
الأثنين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مدبر الليل والنهار ، مرسل البحار والانهار ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القوي القهار ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي المختار ، صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله وصحبه من المهاجرين والأنصار ، ومن تبعهم بإحسان من الأخيار ، إلى يوم يفوز فيه الأبرار ، وبعد ،،،
ففي ظهيرة يوم السبت الماضي أخذ الجد يسبح في حوض ماء صغير في منزله ، إنه حوض ضحل فالجد يجلس فيه والماء بالكاد يصل إلى حزامه ، ولكن غرضه من الاستحمام هو تسلية أبناءه وأحفاده اللذين يتراشقون بالمياه وأصوات الفرح ذات صخب.
الجد يستعد للصلاة والصغار غيروا ملابسهم بعد السباحة والنشاط ، حال خروجه من المنزل يتعلق به حفيده ذا السنتين ويصر على مرافقته إلى المسجد ، يعيده إلى الداخل ، وينصرف راشداً .
في غمرة تعلق العائلة الكبيرة بالصلاة رجالاً ونساء ، تسلل الحفيد إلى حوض الماء ليكون ذا حظ وافر من الاستمتاع ، يحاول الصعود إلى الحوض لكنه عالي قليلاً ، يدور حول الحوض فيكتشف العتبة الوحيدة الموصلة إلى داخل الحوض ، اعتلى جداره ونزل فيه.
انقضت الصلاة ، أعمام الحفيد يفتقدونه ، ويبحثون عنه ، لقد رآه أوسط عموته أنه في الحوض ، ولكن طاف على سطحه ، ولا يسبح فيه ، يحركه ولا حراك ، يا الله أن روح الحفيد تحلق في عليين ، لقد فارق الحياة غرقا ، يتعالى الصياح والعويل ، يحمل إلى المستشفى ليؤكد خبر الوفاة ، ويعودون به إلى المنزل لأداء الواجب والوداع الأخير.
أكرمني الله بتغسيله ، ولقد غسلت من قبله موتى كبار في السن ، والله لا مقارنة ولا تقارب ، قلبي يسابقي عيني في البكاء والتأثر ، جده يساعدني وخال له ، وأبوه يشاهد فراق ابنه وهو يتسمر على الجدار ، غير مستوعب للصدمة .
صلينا عليه بعد صلاة العصر ، حملناه للمقبرة نتناقله بين الأيدي ، حافر قبره صائم لليالي البيض ، أنزله إلى قبره خاله بأمر من جده وأبيه ، يا الله ، كم للموت من غصة ، ينزل الحبيب حبيبه في التراب ، يدفنه فيه ويطلب الجميع أن يشاركه الأجر والثواب ، يا الله إن في الموت عبر وعبر ، ولا يعرف حمامه صغير ولا كبير ، يأخذ العزيز والذليل والكبير والصغير والذكر والأنثى دون سابق إنذار ولا وعيد.
لله در أبي العتاهية حين قال :
الدهر ذو دول والموت ذو علل
والمرء ذو أمل والناس أشباه*
ولم تزل عبر فيهن معتبر
يجري بها قدر والله أجراه*
يبكي ويضحك ذو نفس مصرفة والله أضحكه والله أبكاه
اليوم ختام مجلس العزاء ، وهم الفراق وألمه لا يزال يخيم على كل سكان قريتنا ، لقد ودعناه ذلكم الطفل العزيز علينا جميعا ، فلله الأمر من قبل ومن بعد ، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
هذا ما جال بخاطري فإن كان من توفيق فمن الله وحده، وإن كان من خطأ فمن نفسي والشيطان وأستغفر الله من ذلك وأتوب إليه. *
------------------
العمر يمر مر السحاب ونحن نسوف وقت المتاب ونرجو عفو رب الأرباب إنّ هذا لشيء عجاب. *
أبو العبادلة
الأثنين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مدبر الليل والنهار ، مرسل البحار والانهار ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القوي القهار ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي المختار ، صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله وصحبه من المهاجرين والأنصار ، ومن تبعهم بإحسان من الأخيار ، إلى يوم يفوز فيه الأبرار ، وبعد ،،،
ففي ظهيرة يوم السبت الماضي أخذ الجد يسبح في حوض ماء صغير في منزله ، إنه حوض ضحل فالجد يجلس فيه والماء بالكاد يصل إلى حزامه ، ولكن غرضه من الاستحمام هو تسلية أبناءه وأحفاده اللذين يتراشقون بالمياه وأصوات الفرح ذات صخب.
الجد يستعد للصلاة والصغار غيروا ملابسهم بعد السباحة والنشاط ، حال خروجه من المنزل يتعلق به حفيده ذا السنتين ويصر على مرافقته إلى المسجد ، يعيده إلى الداخل ، وينصرف راشداً .
في غمرة تعلق العائلة الكبيرة بالصلاة رجالاً ونساء ، تسلل الحفيد إلى حوض الماء ليكون ذا حظ وافر من الاستمتاع ، يحاول الصعود إلى الحوض لكنه عالي قليلاً ، يدور حول الحوض فيكتشف العتبة الوحيدة الموصلة إلى داخل الحوض ، اعتلى جداره ونزل فيه.
انقضت الصلاة ، أعمام الحفيد يفتقدونه ، ويبحثون عنه ، لقد رآه أوسط عموته أنه في الحوض ، ولكن طاف على سطحه ، ولا يسبح فيه ، يحركه ولا حراك ، يا الله أن روح الحفيد تحلق في عليين ، لقد فارق الحياة غرقا ، يتعالى الصياح والعويل ، يحمل إلى المستشفى ليؤكد خبر الوفاة ، ويعودون به إلى المنزل لأداء الواجب والوداع الأخير.
أكرمني الله بتغسيله ، ولقد غسلت من قبله موتى كبار في السن ، والله لا مقارنة ولا تقارب ، قلبي يسابقي عيني في البكاء والتأثر ، جده يساعدني وخال له ، وأبوه يشاهد فراق ابنه وهو يتسمر على الجدار ، غير مستوعب للصدمة .
صلينا عليه بعد صلاة العصر ، حملناه للمقبرة نتناقله بين الأيدي ، حافر قبره صائم لليالي البيض ، أنزله إلى قبره خاله بأمر من جده وأبيه ، يا الله ، كم للموت من غصة ، ينزل الحبيب حبيبه في التراب ، يدفنه فيه ويطلب الجميع أن يشاركه الأجر والثواب ، يا الله إن في الموت عبر وعبر ، ولا يعرف حمامه صغير ولا كبير ، يأخذ العزيز والذليل والكبير والصغير والذكر والأنثى دون سابق إنذار ولا وعيد.
لله در أبي العتاهية حين قال :
الدهر ذو دول والموت ذو علل
والمرء ذو أمل والناس أشباه*
ولم تزل عبر فيهن معتبر
يجري بها قدر والله أجراه*
يبكي ويضحك ذو نفس مصرفة والله أضحكه والله أبكاه
اليوم ختام مجلس العزاء ، وهم الفراق وألمه لا يزال يخيم على كل سكان قريتنا ، لقد ودعناه ذلكم الطفل العزيز علينا جميعا ، فلله الأمر من قبل ومن بعد ، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
هذا ما جال بخاطري فإن كان من توفيق فمن الله وحده، وإن كان من خطأ فمن نفسي والشيطان وأستغفر الله من ذلك وأتوب إليه. *
------------------
العمر يمر مر السحاب ونحن نسوف وقت المتاب ونرجو عفو رب الأرباب إنّ هذا لشيء عجاب. *