المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من كتاب :"رحلة البحث عن معنى :حكاية طبيبة تصاب بالسرطان وهي حامل"



الونيس55
05-06-2015, 08:04 PM
الفصل (١)

خاطرة

وقبل البدء في الكتاب هذه خاطرة بقلم أب الدكتوره نور وهو الأستاذ الدكتور محمد علي البار وهو من أشهر الأساتذة في العالم الاسلامي في عالم الأخلاقيات الطبية وله عدة مؤلفات وإسهامات كبيرة في هذا المجال.

"نور هي آخر العنقود سبقتها ثلاث أخوات وأخ ... بفضل الله تعالى حفظت جميع البنات القرآن الكريم ، وحفظ علي أجزاء طيبة منه . وكانوا جميعا متفوقين في دراستهم ومتمسكين بدينهم وما يدعو اليه .
كانت نور منذ طفولتها الباكرة عقلانية بفضل الله وكرمه ، وأذكر ثلاث حوادث عندما كانت في الخامسة – السادسة من عمرها :
الأولى : كنا جلوسا في بلكونة المنزل وبدأت السماء تمطر وكانت أختي الكبرى معنا فقالت :
صبَّي صبَّي لبن لبن
العيد روس دخل عدن
وهي تشير الى حكاية كانت رائجة في الأجيال السابقة ، وهي أن ( الامام أبو بكر بن عبد الله العيد روس عندما دخل عدن عام 889هـ وتوطنّها أمطرت السماء لبنا . ( وهي حكاية تدلّ على فرح أهل عدن بمقدم العيد روس العالم الجليل والرجل الكريم بلا حدود )
فإلتفتت نور لعمتها وقالت : لبن لبن !!؟
فقالت : العمة : نعم هذه كرامة . اسألي أبوك ؟
فإلتفتت إليّ نور متسائلة : فقلت لها : ما رأيك أنت ؟
ففكرّت قليلا ، وقالت : خرافة . فضحكت واحتضنتها .
وفي الروضة المتقدمة سألت المدرسة التلميذات : كل واحدة تخبرني عن أي عضو مزدوج في جسمها وبادرت التلميذات : العينين .. الأذنين .. اليدين .. الرجلين .. الشفتين ، وجاء الدور على نور ، ولم تجد أمامها الأعضاء المزدوجة فقالت : القلب . فقالت المدرسة : القلب واحد يا نور ، فقالت نور : لا يا أبلة هناك بطين أيمن وبطين أيسر .. وصكت الأبله رأسها تعجبا . من أخبرك بهذا يا نور ؟ أبوك طبعا . قالت : لا ولكني سمعت أخواتي ( وهن يكبرنها ببضع سنوات ) وعرفت ذلك منهن .
وفي أحدى المرات كنت أسوق السيارة ومعي نور في الكرسي الخلفي ، وجاءت إشارة صفراء فعبرت دون توقف ، وبعد مروري بثوان تحولت الى حمراء ، فصاحت نور : يا بابا أنت قطعت الاشارة .
وكانت نور على حق فالاشارة صفراء وفعلا تحولت الى حمراء بمجرد مروري بها . وضحكت معها ، وقلت لها : انت شرطي مرور ممتازة .
ما ان وصلت نور إلى أواخر المرحلة الابتدائية الا وكانت قد التهمت كتب أحمد باكثير ... وقرأتها في المرحلة المتوسطة مرارا ، وخاصة ملحمة عمر ثم انطلقت منها الى الآداب العالمية : تشيخوف ، دستوفسكي ... الخ ومعها كتب مصطفى محمود وخالد محمد خالد وعمرو خالد ... الخ . كانت مثل أبيها وأمها وأخواتها مولعة بالقراءة وزادت عليهم شغفا بها .
وكانت خطتنا أنا وأمهم أن لا نستخدم الدروس الخصوصية . ونكتفي بالمدارس الحكومية مع مساعدتنا لهم ، وخاصة في المراحل الأولى من الدراسة . وبفضل الله سبحانه وتعالى كانوا دائما متفوقين في جميع مراحل الدراسة .
وكنا نترك لهم اختيار الكلية التي يريدون الالتحاق بها بعد جلسة مشاورات ... ولم نكن نفضل الابن الوحيد على أخواته ، وبطبيعته كولد كان يريد أن يفرض نفسه عليهم ، ولكنه وجد حزما في أن ذلك ليس له.
وفي الجامعة كانوا جميعا متفوقين في الدراسة ، بل ونالت ثلاث من البنات لقب الطالبة المثالية في الجامعة ومنهن نور ، التي كانت مثل اخواتها ، الأولى في دفعتها ، والشكر والحمد لله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى . اللهم اجعلنا من الشاكرين الذاكرين .
وبفضل الله سبحانه وتعالى تربى الجميع على الصدق والأمانة وحب الله وخشيته ، وساعدنا في ذلك مجموعة من الاخوات السوريات الفاضلات فجزاهم الله عنا خير الجزاء . فكانت دروس القرآن والسيرة والقدوة خير حافز للجميع .
وتزوجها زميل لها في كلية الطب . وسافرا في بعثة الى كندا ، وجاءت ظروف حمل وولادة فاضطرا للعودة إلى جدة .. ثم بعد فترة عادا الى الولايات المتحدة التي تفرض امتحانات قاسية متعددة قبل الالتحاق بالدراسات العليا . ونجحا في ذلك بفضل الله . ثم حدث حمل وورم في الثدي كما تقصه علينا نور باسلوبها النوراني البديع ....
وتكلمت معها ثم سألتها عما تنوي أن تصنع بالحمل وخطورة العلاج الكيماوي عليها ، فأخبرتني بأن هناك بعض الأدوية التي لا تؤثر في الحمل ، ويمكن استخدامها وكنت قد قرأت مقالات علميا في هذا الموضوع الشائك . بل وكانت لدينا حالة في المركز الطبي الدولي وكان استشاري الأورام يرى الاجهاض ، واستشارية النساء والولادة ترى أن يتم الحمل طالما كانت الحامل راغبة في مواصلة الحمل . وبعد اطلاعي على الابحاث وافقتُ الاستشارية رغم ان الحمل كان قبل المائة وعشرين يوما التي حددّها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الذي أخرجه الشيخان عن ابن مسعود عن نفخ الروح في الجنين وسار عليه علماء الاسلام .
وهناك فتاوى واضحة بجواز الاجهاض حتى بعد المائة وعشرين يوما ، إذا لم تكن هناك وسيلة أخرى لانقاذ الأم سوى باجراء الاجهاض وتناول المواد المشعة والمواد الكيماوية الخطيرة . وشرحت لها تلك الأحكام .
قلت لنور : صلي الاستخارة . ثم سألتها بعد ذلك فوجدتها قد مالت الى مواصلة الحمل وأخبرتني أنها فتحت المصحف فوجدت أمامها قوله تعالى ( أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس )
فقلت لها فورا : انتهى الأمر ، وتوكلي على الله وسيجعل الله لك فرجا ومخرجا .
وجاءت مريم سليمة بفضل الله تعالى وقرة عين لنا جميعا مع أخيها أحمد .
بارك الله في نور واخوتها وحفظها لنا وشفاها ببركة المئات ممن دعا لها بالشفاء التام . وهو سبحانه القائل : ( ادعوني استجب لكم )"

ملاحظة: هذه الخاطرة كتبت قبل وفاة الدكتوره نور رحمها الله وغفر لها فسيح جناته.

الونيس55
05-06-2015, 08:09 PM
الفصل (٢)

من تمام الصحة.. للسرطان

طبيبة أنا... وأم لطفل ذي ثلاث سنوات... وحامل في الشهر الثالث..
وقبل أسابيع...كان يوم ميلادي الثلاثين...
بدأت القصة بكتلة صغيرة.. لاحظتها مع بداية حملي ولم أعرها بالاً في البداية.. ثم قررت أن أسأل عنها طبيبة الولادة فأحالتني لجراحة الثدي وهي ضاحكة تقول: "بالنظر لعمرك ولكونك حاملاً...فأنا متفائلة.. لكن....فقط...لنتأكد"
وعند جراحة الثدي لم تقل الطبيبة كلمة واحدة على عادة الجراحين.. كل ما قالته: "لنعمل أشعة صوتية"
كانت المخاوف تتزايد كل يوم وأنا أستعيذ بالله من الشيطان... لكن المخاوف ذات يوم أخذت منحىً آخر... تحولت من مجرد مخاوف إلى خيالات أليمة...
الرحيل عن زوجي وابني....من سأعهد للعناية بهما؟... كنت أفكر من من بين صديقاتي يمكن أن أزوجها لزوجي... لتعتني بابني بعد رحيلي.. من هذه التي أثق بها هذه الثقة؟... كان تفكيراً مؤلماً صاحبته الكثير من الدموع.. ولم أستطع أن أشارك به أحداً لأنه بدا لي سخيفاً وغير منطقي... ولكنني عشت ذلك الجو لفترة..
ذهبت لموعد الأشعة في يوم من أيام العمل وفي نفس المستشفى التي أعمل بها... ذهبت وتلقيت الخبر من طبيبة الأشعة: " هذه ليست مجرد حويصلة. هناك كتلة في أحد جوانب الحويصلة.. أنا لا أستطيع التكهن بما يمكن أن تكون. يجب أن نأخذ عينة ويحب أن نتعجل.. تعالي بعد غد لأخذ العينة"
في تلك اللحظة التي نزل علي فيها الخبر ثقيلاً ثقل الجبل...دق البيجر يخبرني أن حالةً في الطوارىء تنتظرني لأقيمها..
حبست دمعي .. وكبتت مخاوفي ..وأسرعت للطوارىء لمعاينة الحالة..
كان المريض يتكلم.. وأنا.. في عالم آخر..
لم أكن أفكر تحديداً في ما قاله الطبيب.. كنت فقط أتحسس ثقل الهم في قلبي وأتمتم: " إن شاءالله.. خير"..
سريعاً جاء موعد العينة... ومن يومها.. ولأني أعمل في نفس المستشفى كنت أبحث عن النتيجة في نظام المعلومات كل عدة ساعات.. مع العلم أن موعدي مع جراحة الثدي لمناقشة النتيجة بعد 5 أيام..
كان ينتابني إحساس غريب وأنا أترقب النتيجة..
كنت أشعر بعمق أن هذا سرطان...شكله في الأشعة...إحساسي به....الرسائل التي كانت تأتيني من غير مبرر.. كأن أفتح التويتر بعد انقطاع أشهر فلا أجد إلا رسائل الدكتورة سامية العمودي لمريض سرطان الثدي.. وكيف واجهت السرطان.. وكيف أخبرت عنه أولادها..
لكني كنت أكذب نفسي... وأحاول أن ألزم التفاؤل وأذكر قول الإمام علي" إني لأحسن الظن في الله فإن كان خيراً فبفضل الله وإن كان غير ذلك فقد عشت بالتفاؤل زمناً"
ثم جاء يوم الجمعة.. يوم موعدي مع طبيبة الجراحة.. بعد مرور الصباح على المرضى... والذي استمتعت به فعلاً مع حالات جديدة ومميزة..
ذهبت لغرفة المناوبة.. لأنظر للنتيجة.. و لوهلة قلت: " يارب.. تخرج".. ورأيتها..
من فرط الخوف.. تشابكت الأسطر أمامي.. لم أعرف من أين أبدأ قراءة التقرير.. قرأت في المنتصف.. لم أفهم شيئاً...فطرت بعيني للأسفل.. ورأيت ما فاق توقعي
" Invasive ductal carcinoma Stage 3/3"
سرطان متعدي.. من الدرجة الثالثة (أسوأ درجة واسرعها انتشارا)
تزغللت الكلمات أمام عيني... وسمعت صوتاً.. تبين لي أنه صوتي...
كنت أقول بصوت عالٍ " شكراً يارب.. الحمد لله.. الحمد لله ...الحمد لله"...
بعد دقائق من الترديد بلا تفكير.. وأنفاسي تتسارع.. وقلبي ينبض بجنون.. بدأت عيناي تذرفان.. لماذا؟ لست أعرف.. فيم كنت أفكر؟ لا أعرف..
كل ما أتذكره من تلك اللحظة هو صوتي يردد: "الحمد لله".. ممتزجة بشهقات بكاء ٍ عالية.. ونفسي المتسارع...
بدأت أفكر.. هذه نهاية زمن "نور" الصحيحة السليمة القوية.. هذه بداية حقبة أخرى... لا أعرف كم ستستمر ولا متى ستنتهي...
اتصلت بزوجي.. فلما رد قلت بهدوء: "كيف حالك حبيبي؟"... "النتيجة طلعت".. "أحتاجك"..
لم أقل أكثر... ولم يطلب هو مني أن أقول أكثر... قال لي :"سآتي الآن" وأغلق الخط.. وأشكر له ذلك.. فلم أكن لأقدر أن أنطق بالتشخيص...
كانت الساعة عندها 12 ظهراً... ومن فضل الله ومن غير المعتاد أن تكون غرفة المناوبة فارغة ً في مثل هذا الوقت... وقد استغللتها أحسن استغلال... استمريت في الحمد.. ثم تذكرت الدعاء: " اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها" ... وعدت للبكاء والحمد..
أذكر تلك اللحظة الآن وأشكر الله عليها بعمق.. أشكره أن أنطق لساني بالحمد بغير إحساس مني.. فأنا لم أفعل.. بل هو الذي فعل... أشكره أن أعطاني هذه الفرصة لأتلقى الخبر وحيدة.. في غرفة مغلقة.. حيث أستطيع البكاء و"النحيب" بغير أن يراني أحد.. ولو تأخرت النتيجة ساعة واحدة لاضطررت أن أتلقاها في عيادة الطبيبة.. في وجود الطبيبة أمامي تقول لي "أي كلام".. لتخفيف الموقف..
جاء زوجي.. فتلقيته من باب المستشفى.. ابتسمت وقلت الحمدلله وسرنا بضع خطوات.. وبعد ثوانٍ سمع نحيباً واحتضنني.. وبقيت أنتحب وأنتحب..
من تلك اللحظة وحتى جاء الموعد.. أفرغت خزانة دموعي.. فذهبت للموعد وليس لدي المزيد من الدموع..
دخلت الطبيبة مبتسمة: "كيفك؟".. "كيف الحمل؟"..."كيف الغثيان؟"..."كيف كان استئصال العينة؟".. مقدمات تلطيفية..
"حسناً.. لدينا الآن جواب واضح"...فبادرت بالرد: "أعرف.. قرأت التقرير"
فأجابت مندهشة: "تعرفين؟" فرددت مبتسمة:" وفرت عليك عملية نقل الخبر السيء" (breaking the bad news)
فقالت: " أوه كم أرحتني.. كنت قلقة ولم أدر كيف سأخبرك!" .. "حسناً يجب أن نتحرك بسرعة.. لدينا الآن هدف عاجل أن نقضي على هذا الورم.. ولدينا الكثير من القرارات لنعمل عليها"
وبدأت بإخباري كل التفاصيل والعلاجات وكل الخيارات المريرة.. التي سقطت علي كقذائف متتالية..

الونيس55
05-06-2015, 08:10 PM
لي عوده لكل يوم فصل
تحياتي للجميع

رايق البال
05-06-2015, 11:40 PM
هلا فيك الونيس ..
روايه جميله رغم انها مؤلمه وبإنتظار التكمله
الف شكر لجهدك واختيارك وتفاعلك الجميل .. كل الود لك مني
( نص يستحق النجوم الخمس)

الونيس55
06-06-2015, 12:03 AM
هلا فيك الونيس ..
روايه جميله رغم انها مؤلمه وبإنتظار التكمله
الف شكر لجهدك واختيارك وتفاعلك الجميل .. كل الود لك مني
( نص يستحق النجوم الخمس)

استاذ رايق اسعدني مرورك
مؤلمه القصه ولكن فيها كثير من العضه والعبره
متواصلين معكم بأذن الله

احساس روح
06-06-2015, 12:31 AM
رووووعه الونيس
واصل ومتابعين لك ان شاء الله
جميله القصه تحمل ف طياتها معنى الصبر والرضا بما صدر الله لنا

قائد الغزلان
06-06-2015, 05:34 AM
صباح ورد اريج
يا هلا والله بالونيس؛؛؛♡♥
قصه تاثرت بها كثيرا
واختيار في قمة روعه بالفعل يستحق النجوووم بكل جداره☆☆
وفقك الله ايها الكريم
واااصل ونحن سوف نكون متابعين لك ايها السيد الفاضل.

غلاتي ف حلاتي
06-06-2015, 08:30 AM
حلوه القصه نبأ التكمله بسرعه:(

نديم الماضي
06-06-2015, 10:51 AM
هلا فيك اخي الونيس55
قصه كثير جميله بما تحمله من عبره

كل الشكر...

الٍمٍذٍھَہّلٍھَہّ❤️
06-06-2015, 12:21 PM
قصه رائعه اخي
كل الشكر لك

الونيس55
06-06-2015, 12:36 PM
رووووعه الونيس
واصل ومتابعين لك ان شاء الله
جميله القصه تحمل ف طياتها معنى الصبر والرضا بما صدر الله لنا

شكرآ لك احساس ع مروك العطر

الونيس55
06-06-2015, 12:36 PM
حلوه القصه نبأ التكمله بسرعه:(

لا تستعجلي مطولين بعدنا فصولها عديده
شكرآ لمرورك

الونيس55
06-06-2015, 12:37 PM
صباح ورد اريج
يا هلا والله بالونيس؛؛؛♡♥
قصه تاثرت بها كثيرا
واختيار في قمة روعه بالفعل يستحق النجوووم بكل جداره☆☆
وفقك الله ايها الكريم
واااصل ونحن سوف نكون متابعين لك ايها السيد الفاضل.

الشكر لك استاذه ع المتابعه
اسعدني مرورك

الونيس55
06-06-2015, 12:38 PM
هلا فيك اخي الونيس55
قصه كثير جميله بما تحمله من عبره

كل الشكر...

شكرآ لك نديم
يعطيك العافيه ع مرورك اخي

الونيس55
06-06-2015, 12:38 PM
قصه رائعه اخي
كل الشكر لك

الروعه تواجدك هنااا استاذه

الونيس55
06-06-2015, 12:45 PM
الفصل (٣)

قنابل من الأخبار

"بعد أن أخبرتني الطبيبة بأن التشخيص هو سرطان الثدي...والذي كنت بفضل الله قد عرفته قبل ساعة...فأفرغت دموعي واستجمعت شيئاً من قواي...بدأت تنهال علي بوابل من القنابل..
"حسناً" لدينا قرارات كثيرة يجب أن نتخذها بسرعة..
أولاً: الحمل.. إن كنت تريدين الاستمرار فيه أم إنهاءه..
الجراحة.. بالنسبة لسرعة انقسام الورم وحجمه...ستحتاجين لاستئصال الثدي كاملاً...لن نستطيع استئصال الورم فحسب..
الكيماوي.. ليس كل النساء تحتاج للكيماوي بعد إزالة السرطان لكن بالنظر لعمرك الصغير...ولشراسة النوع الذي لديك.. يجب أن نعطيه الكيماوي كذلك.. وهنا تأتي مشكلة الحمل.. لا أعتقد أن بإمكاننا تأخيره حتى تضعي مولودك.. فبالتالي...يجب أن تأخذيه خلال الحمل.. أو.. أن تجهضي...ولو أجهضت ِ.. لا أعلم إمكانية أن تحملي ثانيةً بعد كل العلاج الكيماوي والإشعاع..
مع كل ما قالت.. رأيت زوجي انتفض عندما تحدثت عن احتمال عدم قدرتي على الحمل ثانية...لكنه تماسك...أما أنا فمع كل خبر من أخبارها كنت أشعر بوزن ثقيل يسقط على قلبي أكثر وأكثر وأكثر...وبداخلي ابتسامة ساخرة..."أبهذه السرعة...يحدث كل هذا.. بهذه السرعة..".. كنت أدرك أكثر فأكثر أن حياتي القديمة قد انتهت.. وأن هذه حياة جديدة و "نور جديدة".. غذاً يزال ثديها.. ويسقط شعرها مع العلاج...وربما تفقد جنينها...وربما...لا تحمل ثانية...وربما...لا تعيش طويلاً..
وكأن ما قالته لم يكن كافياً فأضافت.. "وبالنظر لعمرك الصغير علينا أن نفكر في إجراء فحص للجينات...فإن كان لديك الجين المسبب لسرطان الثدي فربما.. يجب أن نفكر في استئصال الثدي الثاني وربما المبايض كذلك.. من باب الاحتياط.. ( قبل أن تصاب بالورم)...
ومع احترامي الشديد للطبيبة...فالمعلومة الأخيرة لم يكن لها أي داع في هذا التوقيت...فأنا الآن عندي ورم متوحش.. وقد تلقيت الخبر لتوي.. ولدي الكثير لأتعامل معه في اللحظة الراهنة...فليس هذا هو الوقت المناسب أبداً للحديث عن الخطر المحتمل الذي ربما يصيب الثدي الآخر أو المبايض خلال الخمس- العشر سنوات القادمة...فليس كل ما يعرف...يقال في التو..
كنت طوال حديثها متماسكة جداً...أسأل أسئلة كثيرة وأناقش الخيارات المتاحة.. فرأت طبيبة الجراحة أنه ليست لديها كل المعلومات لإجابة أسئلتي...فأخبرتني أنها ستدعو طبيب الأورام (المسؤول عن الكيماوي) ليعطيني إجابات أدق فهذا هو مجال تخصصه.. وخرجت لتناديه...وما أن أغلقت الباب...حتى انفجر سد كان يحبس شلالاً من الدموع...وقام زوجي ليحتضنني...وبقيت أبكي لدقائق...لم أفكر في شيء.. كان الأمر أكبر من أن أفكر فيه.. كنت فقط أحاول تفريغ شيء من الثقل في قلبي...وبعد لحظات.. نظرت إلى زوجي.. كان ثابتاً.. مبتسماً.. "أنت تحتاج أن تبكي كذلك...لا تكبت دموعك.. من حقك أن تبكي"...فابتسم وعيناه تغرغران.. "فإن بكينا نحن الاثنين...من سيسكتنا"..
ثم دق الباب.. فمسحت دموعي بسرعة...وقفز هو وعاد لكرسيه...وكأن شيئاً لم يكن..
ودخل طبيب الأورام..
دخل خافضاً رأسه محنياً ظهره مظهراً حزناً شديداً..
فكرت.. هل يضطر لأخذ هذه السحنة الحزينة أمام كل مرضاه.. وابتسمت له.. فكأنما شعر أنه ليس بحاجة للتظاهر بالحزن.. فابتسم...وقال بالعربية المكسرة "كيفك؟"
- الحمد لله..
- أجدادي كانوا من لبنان.. لكني لا أعرف من العربية إلا كلمات..
بدأ طبيب الأورام يناقش كل الحلول وكل الاقتراحات ويطرح كل التساؤلات وكل المعلومات التي تنقصنا لاتخاذ القرار...وكنت أنا وكأنما أتحدث عن شخص آخر...أناقش الخيارات بكل عقلانية...وأطرح الأسئلة العلمية حتى أنهى حديثه وخرج...فأعطاني فسحةً أخرى للبكاء..
ودخلت الممرضة..
أعطتني كتاباً ضخماَ بعنوان "سرطان الثدي"...وأخبرتني أنه مرجع ممتاز لي...نظرت للكتاب وقرأت العنوان...وكأني أدرك لأول مرة...أن هذا العنوان...أصبح يخصني.. ويمثلني..
"لدينا مجموعات دعم لمرضى سرطان الثدي حيث يمكنك التعرف على مريضات أخريات...وكذلك لدينا أخصائية اجتماعية مختصة إن أردت التحدث ومشاركة إحساسك"..
كانت بادرة لطيفة منها.. لكنها لم تزد إلا أن أشعرتني أكثر فأكثر أن هويتي.. حياتي واحتياجاتي...تغيرت منذ اليوم..
قال صلى الله عليه وسلم: اغتنم خمسا قبل خمس.... صحتك قبل مرضك.."

وللكتاب بقية فصول.
#دمتم بخير

الشيخه الفلانيه
06-06-2015, 02:05 PM
روآيه جميله أخي ،
متابعه :)'

احساس روح
06-06-2015, 06:31 PM
جميل الونيس
متابعين لك
اصعب شي انك.تقرأ عن حاجه وانت مدرك تماما انها تمثلك وتخصك انت ولا تقرأها لمجرد الثقافه او التسليه

الونيس55
06-06-2015, 08:47 PM
روآيه جميله أخي ،
متابعه :)'

تشريف متابعتك

الونيس55
06-06-2015, 08:48 PM
جميل الونيس
متابعين لك
اصعب شي انك.تقرأ عن حاجه وانت مدرك تماما انها تمثلك وتخصك انت ولا تقرأها لمجرد الثقافه او التسليه

احساس لا تكوني حساسه وتتأثري هههههههه
سعيد بمتابعتك صاحبة القلم الذهبي

رايق البال
07-06-2015, 02:05 AM
هلا فيك الونيس ..
بالفعل من الصعب ان تقرأ شيئا انت مدرك بأنه يخصك واتوقع سيكون هناك تأثير نفسي اكثر على الشخص لاسيما وانه يحس بنفس الاعراض المذكوره بما يقرأه ..
بإنتظار التكمله بلاشك ..
الف شكر لجهدك واختيارك وتفاعلك الجميل .. كل الود لك مني

غاير احساس وقولها مو بس انتي اللي تحصلي 5 نجوم ههههه

نوارة الكون
07-06-2015, 07:14 AM
صباح الخيرات

انتقاء متميز بالفعل ربي يعطيك العافيه اخي الكريم

الونيس55
07-06-2015, 10:51 AM
هلا فيك الونيس ..
بالفعل من الصعب ان تقرأ شيئا انت مدرك بأنه يخصك واتوقع سيكون هناك تأثير نفسي اكثر على الشخص لاسيما وانه يحس بنفس الاعراض المذكوره بما يقرأه ..
بإنتظار التكمله بلاشك ..
الف شكر لجهدك واختيارك وتفاعلك الجميل .. كل الود لك مني

غاير احساس وقولها مو بس انتي اللي تحصلي 5 نجوم ههههه

هلا فيك استاذ رايق
متابعتك دافع لي
شكرآ لك
خلاص عاد مغايره من اول يوووم ههههههه

الونيس55
07-06-2015, 10:52 AM
صباح الخيرات

انتقاء متميز بالفعل ربي يعطيك العافيه اخي الكريم

صباح الوردات
نتميز بوجودكم
ربي يعافيك

احساس روح
07-06-2015, 01:53 PM
احساس لا تكوني حساسه وتتأثري هههههههه
سعيد بمتابعتك صاحبة القلم الذهبي

عجب احساس الاسم ما من فراغ
عدت صايحه من الفصل الاول

القيصـــــر
07-06-2015, 04:24 PM
الونيس ألف شكر لك على الطرح الأكثر من رائع
روايه مؤلمه تحكي واقع الكثير من الناس تستحق التقييم فعلاً
متابعين لك بإذن الله واصل أخي الكريم
تحياتي لك ،،

الونيس55
07-06-2015, 04:47 PM
الونيس ألف شكر لك على الطرح الأكثر من رائع
روايه مؤلمه تحكي واقع الكثير من الناس تستحق التقييم فعلاً
متابعين لك بإذن الله واصل أخي الكريم
تحياتي لك ،،

الشكر موصول لك أستاذ عابر سبيل على المتابعه
ربي يسعدك

الونيس55
07-06-2015, 04:52 PM
الفصل (٤) من كتاب :

يومان من القلق

"تقرر موعد العملية.. ولازلنا مع الأطباء في مناقشات مستمرة.. إن كان العلاج بهذه الطريقة واللحظة هو الصواب أم لا.
ولازالت الأسئلة التفصيلية تتفتق كل لحظة..
هل نحتاج لبعض الإشعاعات قبل العملية لنرى أين انتشر الورم..أم أن علينا تجنبها لنجنب الجنين خطر الإشعاع..
هل نحتاج لحقن صبغة خلال العملية داخل الورم لنرى أي الغدد اللمفاوية ستلتقطه ونقوم باستئصال هذه الغدة وتحليلها أم أن الأفضل أن نتجنب الصبغة التي قد تضر بالجنين وفي المقابل نقوم بتحليل كل الغدد اللمفاوية التي تواجهنا مما يعرض لخطر مضاعفات كثيرة كقطع في الأعصاب الموصلة لليد والذراع وحصول انتفاخ شديد في الذراع اليد لا يمكن علاجه بعد ذلك.. هل وهل وهل.. الكثير من الخيارات.. وموعد العملية يقترب.. وأنا لا أدري ما الخيار الصحيح ولا الأطباء يدرون.. وكلنا نتخبط..
والقلق في داخلي يزداد ويزداد.. حتى بدأت أقلق على كل شيء.. ماذا لو حدثت مشكلة في التخدير.. ماذا لو حدثت كارثة في العملية..ولو..ولو..
ثم قررت التوقف عن التفكير تماماً وأن أستعين فقط مع من يهمه أمري ويريد مساعدتي حقاً.. يعرف كل شيء.. ويعرف تماماً ما العلاج الأصلح والطريق الأءمن ويقدر على كل شيء.. فلا يعجزه أن يقوم بأي شيء كيف شاء.. وهكذا عدت وجلست بين يديه..
وقلت يارب.. ما هؤلاء الأطباء إلا صور.. أنت خلقتهم.. أنت أعطيتهم قليل العلم الذي عندهم.. وأنت الذي تسيرهم وتسخرهم.. ولولا أنك أمرتنا أن نأخذ بالأسباب ما ذهبت لطبيب ولا سألت دواء.. ولكنك شئت أن تضع شفاءك في هذه الأسباب التي بين أيدينا..
يارب.. أنا أوكلتك أمري.. وأنا أثق فيك وحدك.. لا في الجراح ولا طبيب الأورام.. ألقيت أمري كله بين يديك وأنت أعلم بي مني وأعلم بما يصلحني ويصلح الذي بداخلي منهم..
يارب هم في علمهم يتخبطون.. وأنت القادر على كل شيء..
يارب هم في النهاية عاجزون.. وأنت القادر على كل شيء..
يارب.. أسألك أن تدبر لي أمر هذه العملية بما يصلحني ويصلح جنيني من حيث لا نحتسب ولا ندري..
ما طبيبة الجراحة إلا أداة في يدك.. فألهمها ما تقطع وما تدع.. حتى تزيل كل شيء يجب إزالته وتبقي كل شيء يجب إبقاءه.. حتى لا أجد شيئاً من كل المضاعفات التي يثقلون بها كاهلي ويحدثونني عنها ويخوفونني منها...
يارب.. أنا أسألك أنت وحدك.. ولا أسأل سواك.. فليس أحد سواك يقدر ..وليس أحد سواك يعرف..
أنت وحدك الله..
أنت وحدك الله..
أنت وحدك الله.."

ومازالت فصول الكتاب تحمل الكثير من المعاني والعبر.
ألى ذالك الحين كونو بخير أحبتي

Emtithal
07-06-2015, 07:54 PM
روآيةة مؤلمةة تحمل معآني كثيرة اهم هذه آلمعآني آلصبر عند آلبلآء والإيمآن بمآ قدره الله للأنسآن
كل آلششكر لك ع آلروآيةة الأكثر من رآئعةة

^^
بانتظآر آلتكمله

احساس روح
08-06-2015, 01:05 AM
مسكينه
روايه جميله
متابعين لك
بارك الله فيك

رايق البال
08-06-2015, 02:11 AM
هلا فيك الونيس ..
موقف نفسي صعب ولكن جميله هي روح الثقه بالله وان البشر مجرد اداه للقدره الإلهيه ..
بإنتظار التكمله بكل شوق ..
الف شكر لجهدك واختيارك وتفاعلك الجميل .. كل الود لك مني

الونيس55
08-06-2015, 01:12 PM
روآيةة مؤلمةة تحمل معآني كثيرة اهم هذه آلمعآني آلصبر عند آلبلآء والإيمآن بمآ قدره الله للأنسآن
كل آلششكر لك ع آلروآيةة الأكثر من رآئعةة

^^
بانتظآر آلتكمله

كل الشكر لك ع المتابعه

الونيس55
08-06-2015, 01:22 PM
الفصل (٥)
الحكمة

"الآن.. يأتي الكلام.. عن الموضوع الأصعب.. والأهم.. الحكمة.. ترى أين الحكمة في كل هذا.. في أن تتبدل حياتي بهذه السرعة.. فلا تعود كالسابق أبداً.. ما الحكمة..
لم أحتج إلى وقت طيل لأدرك أول سبب...فقد كان بالنسبة لي أوضح من الشمس...كانت حياتي قبل المرض.. دوامة.. أسير فيها معصوبة العينين...كنت في السنة الأولى من الاختصاص في الطب النفسي...وكان ضغط العمل كبيراً...كان كل ما أعمله خلال أسابيع وأسابيع.. هو الذهاب للعمل.. في خضم هذا الركض السريع.. نسيت من أنا...ماذا أريد.. ما الهدف من وراء هذا الركض...لماذا تركت أهلي ووطني وجئت لأتغرب أنا وزوجي وابني...ونحن لا نجد حتى بعض الوقت لنرى بعضنا.. وابني يتنقل بي الحضانة ( لـ 9 ساعات يومياً) إلى جليسة الأطفال الوقت الباقي حتى أعود من العمل..
كان كل شيء في حياتي سريعاً.. ولا طعم له ..كانت الصلوات تؤدى خطفاً.. حتى أعود للعمل.. وكنت أرى زوجي خطفاً كل أسبوع أو أسبوعين.. بحسب ما تسمح المناوبات.. ولم أكن أرى ولدي إلا لنلبس ثياب النوم وننام..
وكان بداخلي شيء يصرخ.. ليست هذه الحياة التي أريدها.. أين المعنى.. أين الهدف.. أين العطاء.. أين العلاقات.. أين القراءة والتأمل والعبادة والكتابة.. أين ذهب كل ما يعطي لحياتي معنى.. وكنت أصبر نفسي أنها.. فترة محدودة.. لسنتين من الركض..ثم يقل عبء العمل .. ويكون لدي وقت أكثر.. ربما لأتذكر حينها من كنت وماذا كنت أريد أن أكون..
كنت أحتاج بعمق.. لوقفة.. أقف فيها مع الله.. وأخلو به.. وأتذكر.. لماذا كل هذا..أتذكر الهدف.. والنية وأعيد إصلاح الدفة..
كنت أحتاج لوقفة.. أقيم فيها وضعي الحالي.. وهل هو في الاتجاه الصحيح الذي كنت أريده.. هل أتعلم العلم الذي جئت لأجله أم أني أبذل كل هذا لاسم "شهادة البورد الأمريكي" بينما لم أتلق من العلم الذي كنت أحلم به إلا الشيء اليسير.. لأني مستهلكة في أعمال روتينية أخرى تخدم العمل ولا تخدم هدفي من العمل..
لم أكن لأمنح نفسي هذه الوقفة.. فقد كنت أرى الوقوف انهزاماً.. لم أكن لأعطي نفسي الفرصة لالتقاط أنفاسي وترميم داخلي.. فقد كنت أظن القوة هي أن أستمر في الركض مهما حدث..
فأراد الله أن يعطيني هذه الفرصة...وقد علم سبحانه أن الحدث يجب أن يكون جللاً.. حتى أقف.. وأعيد تقييم الأولويات بصدق وأنا أرى حياتي كلها.. مهددة بالزوال قريباً.. مالم تحدث معجزة من السماء.. حينما يكون الموت قريباً هكذا.. تتبدل الأولويات.. تصغر أمور.. وتكبر أمور..
تصغر الوظيفة.. والشهادة.. والسمعة.. و"البورد الأمريكي".. بعد أن كانت في حياتي.. كل شيء.. ويعاد النظر في الأولويات.. في "الغايات" و"الوسائل للغايات".. فأتذكر أن الشهادة والبورد الأمريكي.. لم تكن في البداية إلا وسيلة.. وسيلة للعطاء.. لنفع الناس وللقرب من الله.. فكيف ضاعت الغاية وبهتت حتى تلاشت أمام الوسيلة...
بالأمس.. جلست "أحدث الله" وحدي.. تحدثت طويلاً وبكيت كثيراً.. وشعرت بفيضٍ من الرحمة والحب يغمر قلبي.. فلم أملك ابتسامة واسعة تبللها الدموع.. سجدت عندها شاكرة وأنا أفكر.. لأجل هذا خلقت.. لأجل هذا القرب.. لأجل هذه السعادة.."

# ومازالت فصول الكتاب حُبلى بالكثير من الحكم
دمتم في سعادة.

Emtithal
08-06-2015, 02:47 PM
رآئع
بآلطبع لم يخلقنآ الله إلآ لنعمر الارض وعندما يسهو الانسآن عن الله ينبه الله قبل فوات الاوان
كل آلششكر لك

غلاتي ف حلاتي
08-06-2015, 02:54 PM
:(:(:( متابعه للنهااية..

الونيس55
08-06-2015, 05:56 PM
رآئع
بآلطبع لم يخلقنآ الله إلآ لنعمر الارض وعندما يسهو الانسآن عن الله ينبه الله قبل فوات الاوان
كل آلششكر لك

شكرآ لك ع المتابعه

الونيس55
08-06-2015, 05:57 PM
:(:(:( متابعه للنهااية..

تشريف
استاذه غلاغيلو هههه

وآرف ❤️
09-06-2015, 12:44 AM
لا بالونــــيس :~
قصـــــــــــه غآآويه ورآآآئعه :~
الإنسآآآن له فتررره يعمــر فيهآآ ومن ثم ينفنى هكذآآ قدره الله لكل إنسآآن :~
متآآبعين لك :~
دمت بود :~

غلاتي ف حلاتي
09-06-2015, 12:55 AM
تشريف
استاذه غلاغيلو هههه

شرايك تنزل باليوم اكثر من فصل تشوقنا نعرف الباقي

الونيس55
09-06-2015, 06:17 AM
لا بالونــــيس :~
قصـــــــــــه غآآويه ورآآآئعه :~
الإنسآآآن له فتررره يعمــر فيهآآ ومن ثم ينفنى هكذآآ قدره الله لكل إنسآآن :~
متآآبعين لك :~
دمت بود :~

هلا بك فنزوزه
ههه
سوري اقصد فزه خفوق هههه
متابعتك لي غاويه واجد

الونيس55
09-06-2015, 06:18 AM
شرايك تنزل باليوم اكثر من فصل تشوقنا نعرف الباقي

ما يستوي
احسن يكون شويه تشويق
ولا تدوريها ف النت ما بتحصليها هههههه

القيصـــــر
09-06-2015, 09:40 AM
وعادت النفس إلى خالقها وأستشعرت عظمته
دائما الإنسان يغفل عن الكثير بقصد أو بغير قصد
ولكن لو تذكرنا إننا (من تراب على تراب إلى تراب)
ربما تختلف السلوك ونستطيع قضاء أكثر الوقت بالقرب من الله
ألف شكر لك إستاذي متابعين لك إستمر ،،

وآرف ❤️
09-06-2015, 12:22 PM
عااد سوا خير وتابع الرواية يلي منزلتها وعطنا راايك عن البخل "فيس كاشخ"

الونيس55
10-06-2015, 12:25 AM
وعادت النفس إلى خالقها وأستشعرت عظمته
دائما الإنسان يغفل عن الكثير بقصد أو بغير قصد
ولكن لو تذكرنا إننا (من تراب على تراب إلى تراب)
ربما تختلف السلوك ونستطيع قضاء أكثر الوقت بالقرب من الله
ألف شكر لك إستاذي متابعين لك إستمر ،،

صدقت استاذ عابر سبيل
ربي يسعدك

الونيس55
10-06-2015, 12:26 AM
عااد سوا خير وتابع الرواية يلي منزلتها وعطنا راايك عن البخل "فيس كاشخ"

هههههههههه
متابعنها باارت باارت
باقي البارت الرابع ما قريته ما اعرف اذا نزلتيه
بعطيك راي من اقراها كامل ولا يهمك

غلاتي ف حلاتي
10-06-2015, 12:30 AM
وين الفصل مال اليوووم

الونيس55
10-06-2015, 12:31 AM
الفصل (٦)

قبل يوم من العملية

"في ذلك اليوم اتصل طبيب الأورام وترك رسائل عدة على الايميل، المحمول والهاتف يقول أنه يريد ان يراني "فورا".. دب الرعب في قلبي وقلب زوجي...وكنا بعيدا جدا عن المستشفى فتركنا كل ما في أيدينا وأسرعنا لمقابلته. في الطريق كان قلبانا يخفقان.. وكل ما يدور ببالي هو.. لا شك أن كارثة حصلت ليطلبنا بهذا الشكل.. هل اكتشف انتشار الورم من خلال التحاليل فرأى أنه لا داع من العملية وأنه علينا ان نفقد الأمل ونكتفي بالعلاج التلطيفي لتخفيف الأعراض حتى تحين الوفاة.. حاصرتني المخاوف من كل جانب.. ثم ذكرت قول الله.. "الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم!!..فزادهم ايمانا.. وقالوا حسبنا الله ..ونعم الوكيل..
فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء.. واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم"..
ماذا يملك الطبيب ليقول.. أيملك أن يقول لن تعيشي أكثر من شهر.. ليس هناك أمل.. لا داعي للعلاج..
وهل هذا بيده.. من هو لأخشى كلامه.. ما علمه أمام علم الله وما قدرته أمام قدرة الله.. ما قيمة كلامه أمام إرادة الله..
حسبي الله ونعم الوكيل.. بقيت أرددها حتى دخلت عليه,,
فلم يكن في جعبته سوى بعض النتائج لبعض التحاليل التي كما وصفها "ليست سيئة وليست جيدة.. ولكن من المهم أن تعرفيها"
تنفست الصعداء وأنا ابتسم لزوجي وهو يقول "طبيبك هذا كان سيقتلنا بالجلطة من شدة القلق"..
وعدت للبيت...منقلبة بنعمة من الله وفضل ..لم يمسني سوء... لأستعد لعملية الغد.."

#دمتم في عناية الله وأسبغ عليكم من نعمه وواسع فضله.

الونيس55
10-06-2015, 12:32 AM
وين الفصل مال اليوووم

هذا وصلك
شكرآ لك ع المتابعه

رايق البال
10-06-2015, 01:58 AM
هلا فيك الونيس ..
سبحان الله فعلا الله على كل شيئ قدير
الف شكر لجهدك واختيارك وتفاعلك الجميل .. كل الود لك مني

غلاتي ف حلاتي
11-06-2015, 01:06 AM
الونيس وين الفصل مال اليوم:(

الونيس55
11-06-2015, 12:27 PM
هلا فيك الونيس ..
سبحان الله فعلا الله على كل شيئ قدير
الف شكر لجهدك واختيارك وتفاعلك الجميل .. كل الود لك مني


الشكر موصول لك استاذ رايق ع المتابعه

الونيس55
11-06-2015, 12:28 PM
الونيس وين الفصل مال اليوم:(

ههههه
جايك ف الطريق
انشغلت امس لا اقصد نسيت ههههه
شكرآ

الونيس55
11-06-2015, 12:31 PM
الفصل (٧)

ليلة العيد

"غدا أتعرض للتخدير لأول مرة في حياتي..
غدا.. لا أعرف كم من المضاعفات سأواجه..
غدا.. يتبين لي مع تحليل العينات كم حجم الورم وان كان قد وصل للغدد اللمفاوية أم لا..
ومع كل هذه المخاوف.. جاءني احساس غريب.. يصعب وصفه.. احساس ليلة العيد..
ليلة العيد ونحن صغار.. نستعد بكل حماس للغد الجميل.. الذي سيجلب كل الهدايا والعيديات والملابس الجديدة..
بلا مبرر كانت تلك الفرحة الخفية تغمر قلبي..
نمت مبكرا.. لم أحلم بالعملية ولم أقلق خلال النوم.. (أنا التي كنت أقلق طوال الليل ولا أستطيع النوم ان كنت مقبلة على عمل بمستشفى جديد أو زملاء جدد..)
ذهبت للمستشفى وأنا أتمتم ما دمت معي.. لن يضرني شيء.. أنت حسبي...أنت حسبي..
وكان سبحانه حسبي في كل شيء..
دبر وسهل ويسر من حيث لا أحتسب كل صغيرة وكبيرة...
أحد الزملاء في قسم التخدير كان يعمل في غرفة ما قبل العمليات في ذلك الشهر بالصدفة وأوصى بدون أن أطلب منه أن يكون طاقم الجراحة والتخدير كله من النساء وهو ما حدث .. (كم كنت سأستاء إن كنت في غرفة مليئة بالرجال...)
طبيبات الولادة المقيمات الاتي أتين لمتابعة وضع الجنين قبل وبعد الجراحة كن في غاية التعاطف واللطف باعتباري زميلة في نفس المستشفى أصابها هذا المصاب..
الممرضات المساعدات في الجراحة والافاقة كن جميعا من طائفة الأمهات وعاملنني كابنتهن ..امسكن بيدي جلبن زوجي ليكون معي حتى دخولي للعملية وطلبن (بدون أن اطلب منهن) غرفة خاصة لي بعد العملية.. وعاملنني كابنتهن المدللة..
لكوني حامل لم أتمكن من أخذ دواء ما قبل التخدير وهو الذي ينيم المريض قبل الوصول لغرفة العمليات حتى لا يقلق ولا يشعر بالتخدير وبالتالي بقيت مستيقظة حتى دخلت غرفة العمليات ونظرت لكل ما فيها من مشارط ومقصات وتم اعدادي للمعملية وانا في كامل الإفاقة فسبحان من أنزل علي السكينة حينها...وبقيت أتمتم.. بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء.. وهو السميع العليم..
وكان آخر ما أذكره قبل التخدير هو قول أحدى الممرضات.. لا تخافي.. سنعتني بك جيدا..
فابتسمت وأنا أفكر.. العناية أرجو لكن ليس منكم.. بل من رب السموات والأرض.."

#دمتم في عناية الله وحفظه

قائد الغزلان
11-06-2015, 05:07 PM
***مساااء ورد اريج***

***سبحان الله...مؤلم هذا االاحساس..ولكن الاجمل في الرواية انهاا متمسكة برب العباد..وهذا خيار الشي***

***الف تشكرات ع هذا الجهد الراائع***

***واااصل ايهااا الكريم***

***وبااارك الله فيك***

زهوور الربيع
11-06-2015, 06:09 PM
رواية جميله ;
كُل آلششكرْ عَ آلأنتِقآء
يعطيكِ آلله آلععآفيهً

الونيس55
12-06-2015, 04:26 PM
***مساااء ورد اريج***

***سبحان الله...مؤلم هذا االاحساس..ولكن الاجمل في الرواية انهاا متمسكة برب العباد..وهذا خيار الشي***

***الف تشكرات ع هذا الجهد الراائع***

***واااصل ايهااا الكريم***

***وبااارك الله فيك***

الاجمل متابعتك استاذه
ربي يسعدك

الونيس55
12-06-2015, 04:27 PM
رواية جميله ;
كُل آلششكرْ عَ آلأنتِقآء
يعطيكِ آلله آلععآفيهً

الله يعافيك اختي ع المتابعه

غلاتي ف حلاتي
12-06-2015, 11:26 PM
وين فصل اليوم:)

رايق البال
13-06-2015, 12:58 AM
هلا فيك الونيس ...
جدا رائعه روح الثقه بالله التي تتمتع بها رغم هذا الموقف الصعب
بإنتظار التكمله بفارغ الصبر ..
الف شكر لجهدك واختيارك وتفاعلك الجميل .. كل الود لك مني

الونيس55
13-06-2015, 04:34 PM
وين فصل اليوم:)

لحظه جايك ف الطريق

الونيس55
13-06-2015, 04:34 PM
هلا فيك الونيس ...
جدا رائعه روح الثقه بالله التي تتمتع بها رغم هذا الموقف الصعب
بإنتظار التكمله بفارغ الصبر ..
الف شكر لجهدك واختيارك وتفاعلك الجميل .. كل الود لك مني


ربي يسعدك استاذ رايق

الونيس55
13-06-2015, 04:42 PM
الفصل (٨)
المتهم الأول.. العين

"اتصلت بي احدى الصديقات العزيزات.. "نور.. عندي سؤال مهم.. هل فكرت في العين كسبب لما أصابك؟"..
بالطبع لم تكن الاولى.. فقبلها بفترة لفتت صديقة أخرى نظري أني في حين حصلت على القبول للزمالة الطبية بجامعة مجيل بكندا.. أصبت بأعراض ولادة مبكرة في حملي الأول منذ الشهر السادس واضطررت لترك البرنامج.. والآن حين قبلت وزوجي للزمالة في أمريكا (وهي من أصعب الزمالات حول العالم في الاعداد والقبول)..أصابني المرض بعد أشهر من بدء العمل.. والكل كان يتحدث أن قبولي وزوجي في نفس المدينة "معجزة"..
حسنا.. لنبدأ الموضوع من البداية.. هل هناك ما يسمى بالعين؟.. نعم.. العين حق.. وردت في الحديث ولا أستطيع انكارها..
لكن ما الفائدة التي تعود علي من نسب مرضى لحسد الحاسدين.. كل ما سأجنيه هو أني سأشعر بالظلم.. وأن الظلم وقع علي من "نفوس شريرة" حولي لا أعرفها.. سأنعزل...سأجتهد لأخفي نعم الله علي.. سأعيش الشك والكراهية لمن حولي باعتبارهم سببا "محتملا" لم أنا فيه..
فهل هذا ما أريد الوصول إليه؟.. هل هذه الأحاسيس تعين على الشفاء؟.. القوة؟.. والعطاء؟!!..
وانظر حولي في مجتمعنا فأجد الكثيرين والكثيرين ممن عاشوا ولا يزالون يعيشون ضحية لهذه الاحاسيس ولأكبر حد..
العنوسة.. الطلاق.. فقدان الوظيفة.. ضياع فرص استثمارية.. المرض، كلها مصائب تحدث للجميع.. ولكن في مجتمعنا وحده نرى الناس فورا يشيرون بأصابع الاتهام لأنفس شريرة حولهم جلبت لهم هذا المصاب أو ذاك وأوقعتهم في المهالك.. ويعيشون بعدها أسرى لعقدة الظلم واحساس الضحية.. أسرى للشك في كل أحد حتى أقرب الناس منهم..
ويضيعون على أنفسهم أكبر متعة حقيقية تكمن داخل كل ابتلاء.. متعة البحث عن الحكمة الالهية والرسالة الربانية من وراء البلاء.. فلعلها كانت رسالة حب وقرب.. أو نضج ورقي.. أو تصحيح مسار.. أضاعها المسكين على نفسه وهو يبحث عن "الجاني" الذي حسده.
.و لعل المولى فتح بالابتلاء بابا من الزرق والعطاء لم يكن يخطر له ببال.. لكنه لم بنتبه له ولم يعره اهتماما وسط دموعه وقهره من فلان الذي حسده وفلانة التي سحرته..
ألا ترون معي أننا كمجتمع نعطي "القوى الخفية الشريرة" أكبر من حجمها بكثير.. ونسمح لها "إن وجدت" أن تكون سببا لتعاستنا وقلقنا وعدم استمتاعنا بالحياة.. حتى أن منا من يظن أن عين الحاسد وسحر الساحر أقوى من القرآن والتحصين مما يفتح الباب للمشعوذين و "الشيوخ المفتعلين" ليسترزقوا ويبنوا ثرواتهم على حساب قلة ثقتنا بالله وقدرته..
قال صلى الله عليه وسلم" واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك.. رفعت الأقلام وجفت الصحف!"

#إجازة سعيدة

امنتك الله
13-06-2015, 04:53 PM
ما شاء الله
ووونيييس

العبرة فيها اهم شي

يسلموووو

القيصـــــر
14-06-2015, 09:16 AM
أخي الونيس
الروايه جدا جميله تحمل بين طياتها تنبيهات غفل عنها أغلب الخلق
فعلاً العين والحسد والسحر موجود ولكن السؤال هل يلزم علينا تعظيمه ؟
كل شئ بأمر الله ولا يتضرر أو ينتفع أي مخلوق إلا بإذنه ..
طرح جدا راقي واصل إستاذي متابعين لك ،،

الونيس55
14-06-2015, 05:26 PM
أخي الونيس
الروايه جدا جميله تحمل بين طياتها تنبيهات غفل عنها أغلب الخلق
فعلاً العين والحسد والسحر موجود ولكن السؤال هل يلزم علينا تعظيمه ؟
كل شئ بأمر الله ولا يتضرر أو ينتفع أي مخلوق إلا بإذنه ..
طرح جدا راقي واصل إستاذي متابعين لك ،،

شكرآ لك استاذ عابر سبيل
متابعتك تشريف ..

الونيس55
14-06-2015, 05:29 PM
الفصل (٩)

نعمة استئصال الثدي

"بعد يومين من عمليتي.. حان وقت لإزالة الشاش واللصقات.. لأنظر للجرح.. لحيث كان هناك قبل يومين عضو مهم لكل أنثى.. لتشعر أنها أنثى..
كانت الممرضة المنزلية معي.. فلم أظهر أي اهتمام بالمنظر الجديد.. ثم رحلت.. وحان وقت النظر في المرآة..
كان منظراً مؤلماً وغير متوازن.. لم يستطيعوا أن يقوموا بجراحة تجميل في نفس الوقت لكوني حامل.. فلم يريدوا إطالة مدة العملية وتعريض الجنين للمزيد من الخطر.. ولكوني سأبدأ بالعلاج الكيماوي بأسرع ما يمكن فلم يريدوا أن يأخروا زمن التئام الجرح..
نظرت للمنظر الذي زاد من بشاعته انبوبان متدليان من الجرح لتفريغ الدم والسوائل

و قلت بصوت أسمعه.. الحمد لله.. كفى سخافة..
حاولت أن أقلل من شأن الأمر بقدر ما أستطيع.. فجلست أعد النعم في كونه مجرد ثدي..
أنا لا أحتاجه للكتابة ولا للقراءة.. ولا للتفكير...ولا للسير...هو مهم فعلاً لكن أهميته محدودة في جزء واحد من الحياة.. فهو لا يؤثر على كل جوانب حياتي..
أنا لم أصب بداء ذلك المريض الذي رأيته قبل أشهر...إذ أصابه سرطان في عينه.. فاضطروا لاستئصالها كاملة...ولم يستطيعوا تعويضه بعين زجاجية ( لأسباب شبيهة بأسبابي).. فبقيت الفتحة في وجهه.. ثم أصابته حكة في موضع الجرح فكان يدخل إصبعه في تجويف الحدقة وبغير أن "يعلم" يحك دماغه مباشرة ( من غير إحساس) حتى اكتشفوا خراجاً كبيراً في الدماغ من أثر "حكه لدماغه" حتى أننا كنا نسميه في المستشفى ((the brain picker.. الحمد لله.. ليست عيني هي التي نزعت..
الحمد لله.. أن ابني ذي الثلاث سنوات بخير وعافية.. ولو شاء الله أن يصيبه السرطان بدلاً مني.. لكان ذلك أشق علي بألف مرة.. فهو لا يدرك بعد معنى الحكمة من وراء الأمور.. ولا يستطيع تصبير نفسه.. وكل ما يستطيعه أن يبكي بحرقة بسبب ألم لا يفهم له سبباً.. أظن أن ابتلاء الأم بابنها أعظم بكثير من ابتلاءها في نفسها.. فلله الحمد.. على نعمه..
الحمد لله الذي حفظ لي عقلي.. فهو رأس مالي وأهم وأغلى ما أملك...أذكر أني رأيت في الطوارئ فتاة في مثل عمري.. تعمل ممرضة.. ليس في عائلتها أحد مصاب بمرض نفسي.. وهي قد أصيبت "بلا مقدمات" بالفصام.. فصارت تسمع أصواتاً وتعيش أوهاماً.. فقدت وظيفتها.. وأصدقاءها.. وفقدت احترامها لدى الناس بهلاوسها وتهيؤاتها التي ليس لها فيها أي ذنب.. فالحمد لله على المرض العضوي الذي يجمع الناس حولك يدعون لك ويسألون لك العافية.. والذي عافانا من المرض النفسي الذي مازال المريض يلام عليه وكأنه قد جلبه لنفسه..
الحمدلله الذي أحاطني بأهل وأصدقاء.. يهونون علي.. ويواسونني ويشعرونني بحبهم ورزقني والدين...دعاهما لي خير من الدنيا وما فيها..
الحمدلله.. الذي أنزل علي من عظيم لطفه.. وأحاطني بعنايته و أشعرني بقربه ورعايته.. منذ جاءني الخبر.. وحتى هذه اللحظة..
الحمدلله الذي مكنني من إبقاء الجنين (إلى الآن).. فمع ألم الاستيقاظ من العملية بعضو ناقص.. فإن ألم الاستيقاظ من العملية بعد فقد طفلي "عمداً".. أشد بكثير.. فاللهم أدم علي هذه النعمة وارزقني أن أستمر في هذا الحمل حتى النهاية واجعله يارب مولوداً رضياً تقياً من أوليائك الصالحين.."

#دمتم في خير وسعادة

زهوور الربيع
15-06-2015, 07:17 AM
روايةة جميله ;
كُل آلششكرْ عَ آلأنتِقآء
يعطيكِ آلله آلععآفيهً

غلاتي ف حلاتي
16-06-2015, 12:04 AM
متاابعين للنهاايه:(

الونيس55
16-06-2015, 02:29 AM
زهوور
غلاتي
شكرآ لكم

الونيس55
16-06-2015, 02:32 AM
الفصل (١٠)

درس ثقيل في التوكل

"منذ بداية حملي وقبل أن أعلم بمرضي كان كل همي أن أكون "الأم المثالية" بقدر ما أستطيع..
حملت هم كل شيء.. كل التفاصيل..
كان همي الاكبر هو الرضاعة الطبيعية.. كيف لي أن أرضع المولود أطول فترة ممكنه وأنا لا يسمح لي بإجازة لأكثر من أسابيع معدودة أعود بعدها لعمل لا يرحم ومناوبات تبقيني بعيدة عنه أكثر من 24 وساعة..
كيف يمكن أن أقي المولود الاحتكاك بعدد كبير من الأطفال في الحضانة مما يسبب العدوى والالتهابات خلال شهور حياته الأولى..
كيف يمكن أن أكون الأم الأكثر "صحية" خلال الحمل.. توقفت عن شرب الشاي والقهوة لأقيه أضرارها.. توقفت عن استخدام الميكرويف لتجنب خطر الإشعاع وتوقفت عن وضع الهاتف الجوال في جيبي وصرت أغلقه تماما معظم الوقت لأجنبه الموجات الكهرومغناطيسية.. كنت انتقي طعامي انتقاء لأضمن له صحة أفضل..
كنت أظن أني "بيدي وبقوتي وتخطيطي" سأجلب للمولود تمام الصحة.. وأرهقت نفسي في التفكير في كل التفاصيل.. حتى ما بعد الولادة.. حملت الهم و كأني أنا من سيصنع الصحة ويهديها له..
ثم جاء الحدث الجديد وغير كل شيء.. أنا التي كنت أرفض شرب الشاي والقهوة حتى لا أؤثر على الجنين صار علي أن أمر بالتخدير والجراحة أثناء الحمل وأن أخقن بصبغة مشعة داخل الورم خلال الحمل والأسوء من ذلك أن آخذ العلاج الكيماوي الذي يبدو لنا كمارد مدمر لكل الخلايا التي تنمو تكبر.. أن آخذه خلال الحمل..
كان الخيار هو.. إما أن أثق في الله وأرفع يدي وأسلم وأقول يارب ليس لي من الأمر شيء.. أو أن أقتل الجنين بنفسي (كما نصح الأطباء) لتجنب احتمال تعرضه لأثر العلاج السيء..
فاخترت أن أثق في الله.. وأدركت لأول مرة.. أني مجرد "أمة".. لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا.. وأن الله وحده هو مانح الصحة.. وهو القادر أن يكمّل خلق جنين غذي بالكيماوي .. وأن بنقص خلق جنين كان من المفروض أن يولد سليما..
علمت أني كنت أحسب أني أمسك بزمام الأمور.. أني من يخطط ويدبر وينفذ.. فجاء الدرس.. أننا نحن البشر أضعف من ذلك بكثير.. وأن الله وحده هو الفاعل .. وهو وحده القادر.."

# طابت ليلتكم بكل خير

الونيس55
16-06-2015, 08:58 PM
الفصل (١١)

عزيزي الرجل الشرقي...

"يتصل بي زملاء العمل والأصدقاء من الأمريكيين ..يسألون عني ثم يسألون عن زوجي باعتباره شريكي في المصاب.. كيف هو.. كيف نفسيته وتحمله.. هل يحتاج هو كذلك للمساعدة (او حتى للعلاج النفسي!)..
ويتصل بي أصدقائي وأحبابي من بلادنا العربية.. فأشم لدى الجميع نوعا من "الدهشة" والفرحة بما لم يكن متوقعا..
"..زوجك يدعمك.. كم أنت محظوظة.. الحمد لله الذي رزقك بهذا الزوج.. الحمد لله انه لم يخذلك أو يتخلى عنك"..
وكأن المتوقع من الرجل العربي أن يكون "نذلا" بالطبيعة..
ولو تخيل أي منا بفطرته الطبيعية شخصا يعيش معه سنين (ولو كان مجرد مشارك للسكن).. ثم أصيب هذا الشخص بمرض أو مصيبة.. أليس من الطبيعي أن يتأثر كل منا.. ويدعم ويساعد.. فما بالكم بشخص يشاركك البيت والمشاعر والأبناء والفراش..
لماذا نتوقع أن يرحل الرجل الشرقي مع أول محك..
وتعود بي الذاكرة لزمن قديم.. لحصة الدين في المدرسة.. وأذكر في أحد الدروس حديث المعلمة عن التعدد..
"وهناك حكم كثيرة للتعدد.. منها أن المرأة تشيخ أسرع من الرجل فان شاخت وتعبت وبقي هو "فحلا".. فليتزوج من شابة صغيرة ليعصم نفسه!!" بعد أن انفقت المرأة حياتها لأجله وسهرت وتعبت ليحقق نجاحه وانجبت أولاده وانفقت صحتها في خدمته وخدمتهم...يكون جزاءها إذا أصابها الكبر أن يدير "الفحل" ظهره لها ليبحث عن جارية أخرى..
.." ومن المبررات أيضا أن المرأة قد يصيبها مرض كالسرطان مثلا.. فلا تعود قادرة على أداء حقوقه.. فله أن يتزوج ليعف نفسه!!"
أهذا هو الدين الذي أنزله الله؟؟ هل قال الله أن على الرجل ان يعيش انانية مطلقة وكل همه في الحياة "اشباع شهوته الجامحة" ..فان سقطت زوجته مريضة فبدلا من أن يكون انسانا يشعر ويتألم ويربت ويدعم.. تحركه غريزته الحيوانية ليبحث عن جارية أخرى يضاجعها ..
هل هذا هو الدين الذي أنزله الله .. الكريم العظيم.. الذي يأمرنا بحفظ المعروف ورد الجميل..
الاسلام الذي لم يذكر التعدد إلا كمسؤولية على عاتق الرجل ليعول أكبر عدد من نساء مجتمعه لا كوسيلة لتغيير الزوجات كما تتبدل قطع غيار السيارة.. وعلى هذا كان نهج السلف الصالح من الزواج بالأرامل والمطلقات حتى لا يبقين بغير عائل..
لماذا نربي رجالنا منذ الصغر على الأنانية.. على أنهم يستحقون كل شيء ولا يستحق غيرهم شيئا.. لماذا نربيهم تربية "العمده" و"سي السيد" ..الذي خُلق ليُخدم لا ليخدم وليُعطى ويُغذى ويٌمتّع ويرفه بلا مقابل غير وجوده الذكري المقدس..
أعتقد بصدق أن رجالنا خير من ذلك.. وأن التربية الذكورية المريضة جنت علينا وعليهم.. وأنه علينا أن نرقى بتوقعاتنا منهم على الأقل إلى حد "الانسانية" .."

#دمتم أوفياء

زهوور الربيع
17-06-2015, 07:00 AM
رواية جميله ;
كُل آلششكرْ عَ آلأنتِقآء
يعطيكِ آلله آلععآفيهً

الونيس55
17-06-2015, 03:42 PM
رواية جميله ;
كُل آلششكرْ عَ آلأنتِقآء
يعطيكِ آلله آلععآفيهً

شككرآ لك زهووور

الونيس55
18-06-2015, 04:45 AM
الفصل (١٢)

كيف أشكرك يا الله ؟!

"أردت أن أكتب إليك قبل كل شيء.. لأقول لك...لا أدري حقاً كيف أشكرك.. ما أعظم هذه النعمة التي أوقفتني عن الركض الأعمى.. لأجل هدف بات مع الأيام مسخاً لا معالم له..
أنك أخذتني من وسط كل الضوضاء.. والركض.. الأنفاس المتسارعة...لأقف في سكون بين يديك.. وأنعم بقربك.. وتغمرني برحمتك.. واستعيد لذة مجالستك..
وحشتني يارب... حقاً "وحشتني".. كم من زمن مر دون علاقة حقيقية وإن كنت أصلي لك خمس مرات..
كم من زمن مر.. والصور والناس والأحداث...توقف كل محاولة مني للقرب منك ...فلا أجد نفسي إلا أغوص أكثر وأكثر في وحل الغفلة.. فقد كل شيء طعمه بدونك... وصارت كل الألوان باهتة...فيالفرحتي بهذا المرض الذي أعطاني الفرصة...لأقف.. وأترك كل شيء خلفي... وأجلس إليك...كما كنت قبل سنين.. .حقاً اشتقت إليك...
لا أجرؤ "إلا في بعض الأحيان التي أنت بها أعلم".. أن أتشرط عليك.. وأقول لك اجعل الورم يختفي.. أو اجعله يستجيب للعلاج.. أو افعل بي كذا أو كذا.. ربما لأنني حقاً مستمتعة بكوني معك...حتى أن أي شيء آخر لم يعد يفرق...الموت والحياة.. ماداما في قربك.. أليسا سواء؟
يحدثني الناس.. وكأنما يريدونني أن أملي عليك شروطي... ثم أتوقع منك الاستجابة... فإن لم أفعل فأنا من أهل التشاؤم...ولا أتمتع بقوة "التفاؤل".. لكني حقاً لا أجرؤ...أبعد سنين من البعد...وفي اليوم الذي يتاح لي أن أكون أقرب إليك من أي وقت مضى...آتيك بقائمة الطلبات.. وكلها تدور حول إزالة السبب الذي قربني منك..
رفعت يدي كما أخبروني لأسألك الشفاء.. فكان أكثر ما استعذبت من دعاء قول أيوب عليه السلام.. رب.. إني مسني الضر.. وأنت أرحم الراحمين..
فما أرقه من سؤال..
مسني الضر.. لم يقل.. أهلكني الضر.. كسر ظهري الألم.. لم أعد أحتمل.. قالها مهوناً من شأن البلاء.. وهو يعلم أنك أعلم به من نفسه وأنك وحدك تعلم كم يعاني..
رب.. إني مسني الضر.. ثم ماذا.. أين قائمة الطلبات بإزالة المرض ثم رد الأهل ثم عمل كذا وعمل كذا..
لم يفصِّل أيوب.. لعله استحى أن يفصل.. وهو يعلم أن ربه يعلم كل شيء.. ويعلم أفضل سبيل وأفضل مخرج لما هو فيه.. كان كل ما قاله هو.. وأنت أرحم الراحمين..
هذه حالي من الضر.. وهذه حالك من الرحمة.. ولن أزيد..
فأنت تعرف كل شيء.. تشعر بألمي.. ترى حالي.. تعلم ما أحتاج وما يصلح لي "في الدنيا والآخرة" أكثر من نفسي..
فلماذا أقول أكثر..
الحمدلله.. الحمدلله..الحمدلله.. هذا فقط هو ما ينبغي علي ترديده...لأني مهما شكرتك.. لن أوفي أبداً شكر نعمة مجالستك.. بعد بُعْدٍ طويل.."

#طابت ايامكم بذكر الله

بنت االعرب
18-06-2015, 06:36 PM
رواية جميلة
سلمت الأنامل
تحياتي لك

الونيس55
19-06-2015, 11:55 PM
رواية جميلة
سلمت الأنامل
تحياتي لك

شكرآ لك بنت العرب…… ..

الونيس55
20-06-2015, 12:00 AM
الفصل (١٣)

كلام الناس

"قضاء الله يأتي برحماته وعطاياه.. فيخف على النفس.. ويهون.. أما كلام الناس.. " أو فلسفتهم".. فهو في كثير من الأحيان.. أشد على مريض السرطان من القضاء..
أتكلم الآن عن الناس المقربين.. المحبين الذين لا يريدون للمريض إلا كل خير.. كل خير على طريقتهم هم.. ومن وجهة نظرهم هم.. وهنا تبدأ فلسفة وتشدق.. لا ينتهي إلا ليبدأ..
" ماذا؟ تريدين أن تبقي في أمريكا؟.. غلط..غلط.. يجب أن تعودي للسعودية.. وهناك دكتور "فلان".. وهو أكثر من ممتاز.. ماذا يبقيك ِ في أمريكا!!"
وتنسى المتحدثة أن لي زوجاً يعمل في أمريكا.. وأن ما أحتاجه أكثر من الطبيب "فلان" هو جراح للثدي.. فأنا أحتاج فريقاً من الأطباء منهم وأهمهم طبيب أورام "للعلاج بالكيماوي" يستطيع أن يختار الأنواع الأفضل بالنسبة لنوع السرطان الذي لدي والذي يعتبر "نادراً".. مع اعتبار كوني حاملاً"...أشرح لها هذا.. فتصدم أني لا أسمع تعليماتها وتتمتم.. " الله يهديكِ.. الله يهديكِ"..
أوصل ابني للحضانة.. فتراني إحدى الصديقات العزيزات.. تراني فتقول بدون مقدمات: "أنا من رأيي.. أن تجهضي الحمل.. هذا رأيي!!"
هل تعرف كل التفاصيل عن هذا القرار؟..؟!! لا
هل تعرف رأي زوجي وطبيبي المعالج؟!! لا
هل سألتها رأيها بسبب حيرتي البالغة؟!! لا.. لماذا إذاً...الفلسفة..
تتصل بي فجأة صديقة عزيزة.. تخاف علي كنفسها...وأعلم مدى إخلاصها...تتصل وتبدأ الكلام بانفعال شديد..
"أمك أخبرتني أنك تنوين إكمال الحمل.. إذا كان المتحدث مجنوناً فالمستمع عاقل.. يبدو أنك لست "واعية".. وتحتاجين لمن "يوعيك".. وهنا بدأت بالصراخ.. " أنت مريضة.. مريضة.. هذا ليس زكاماً.. هذا مرض خطير.. ثم تأتين بطفل "معاق أو منغولي".. بسبب العلاج خلال الحمل.."
أظن أنكم أدركتم ما قلته لكم.. أن قضاء الله أهون بكثير جداً من كلام الناس"
هذا غير الفضول والأسئلة العجيبة.. التي تأتي من كل أحد..
"هل سيستأصلون ثدياً واحداً أم اثنين"..
"الكيماوي سيسقط شعرك.. أليس كذلك.."
"يا ترى ما السبب في أن أصابك هذا المرض"
"عجيب أنت "دكتوره" ولم تستطيعي اكتشاف المرض مبكرا!"
والمزيد والمزيد..
أعزائي..
مريض السرطان يحتاج للناس.. يحتاج لدعمهم.. مواساتهم.. دعائهم...مشورتهم عندما يطلب المشورة..
أرجوكم.. إن كنتم من المقربين لمريض سرطان.. فلا تفرضوا عليه آراءكم.. ولا تعرضوا اقتراحاتكم التي قد تكون مؤلمة من غير أن تُسألوا المشورة.. فنيتكم وإن كانت طيبة.. لا تعني أن حديثكم لا يجرح..
وإن كنتم من "مجرد المعارف".. فاحرصوا ألا تدعو الفضول يطلق ألسنتكم لتسألوا أسئلةً مؤلمةً جارحة.. وإن قتلكم الفضول فابحثوا في الأمر في كتاب أو موقع.. فستعلمون أن الكيماوي يسقط الشعر من غير أن تسألوا.."

#دمتم ناصحين مخلصين

الونيس55
20-06-2015, 12:03 AM
الفصل (١٤)

نحن وأولادنا

"منحني المرض فرصة رائعة ليكون لدي الوقت للتعرف على ابني ذي السنوات الثلاث..
منحني الوقت لنجلس معا ونلعب ونتعلم ونحكي القصص ونقرأ الكتب.. منحني الفرصة لأتعرف على شخصيته.. مفاتيحها.. نقاط قوته وضعفه.. وأي نوع من الناس هو..
منحني متعة الأمومة التي حرمتني منها ساعات العمل الطويلة من قبل.. وبينما نتفاهم ونتحدث ونتضاحك ونخرج لإطعام البط والسناجب أذكر امهات أخريات.. حرمن انفسهن بإرادتهن من هذه المتعة العظيمة. أذكر المشهد في بلادنا حيث كنت أتعجب دوما في المولات أن أرى الأطفال يقضون وقت المتعة واللعب في مناطق الألعاب مع الخادمات.. سبحان الله.. ان كان الوالدان يستثقلان قضاء هذا الوقت الممتع مع اولادهما فلا شك ان المهام الاكثر صعوبة ورتابة كوقت الطعام والنوم والاستحمام ستكون من نصيب الخادمة من باب أولى..
ولا تدري هذه الأم المسكينة انها تفوت على نفسها مرحلة من عمر ابنها لن تعود.. فلكل عمر جماله ومتعته.. والأيام تمضي.. وسيكبر الأطفال ولن يعودوا أطفالا.. ولن يبقى للأم حين يكبر ابنها ويولي وجهه للخارج.. للمدرسة والمجتمع والأصدقاء.. لن يبقى لها سوى العلاقة القديمة والذكريات الحلوة التي كان من الممكن أن تعيد ابنها لحضنها وتجعلها مرفئ الأمان له مهما ابتعد..
فان كانت الخادمة هي التي تجهز الرضعة وتغير الحفاضة و تهدهده حتى ينام ثم تلاعبه وتغني له.. ثم تعلمه الكلام (بلغتها).. ثم تجهز له الطعام (على طريقتها وحسب معلوماتها في التغذية الصحية!)..ثم تأخذه وتعيده للحضانة ثم للمدرسة. .فماذا بقي للأم من أمومتها وكيف لها أن تغرس في هذه النبتة الصغيرة أفكارها وقيمها وتجعل منه الولد الذي تريد وهي بالكاد تعرفه..
وماذا يكون حال الطفل وارتباطه العاطفي (بحكم ساعات التواصل الطويلة) هو مع الخادمة التي قد ترحل في أي وقت ولأي سبب.. وهو رغم تعلقه بها فهو تعلق خال من الاحترام فهو يرى أمه كيف تعاملها بفوقية فيتعلم منذ نعومة أظفاره أن يحب بغير احترام وأن يحب ويذل من يحب.. وأن يرى العطاء ممن يحبه (الخادمة) واجب لا تشكر عليه بل تقدمه رغما عن أنفها فيمد قدمه لها لتربط حذائه ويصرخ في وجهها ان لم تفعل ثم يبكي حرقة إن غابت عنه أو رحلت (فلا عجب أن يتعامل مع زوجته غدا بنفس الطريقة المريضة)..
ويكون النتاج والخراج كما نتوقع من تربية الخادمات.. أطفال يفتقدون لمبادئ التربية.. لم يتعلموا المسؤولية ( فهو أعظم من أن يرتب ألعابه أو يلم أوساخه فهذه وظائف الخادمة) ولم يتعلموا العطاء (فالعلاقة بالخادمة تقوم على الأخذ دون مقابل).. ولم يتعلموا اللباقة و الكياسة لا حتى اللغة السوية (فهم يتعلمون ممن يجالسون).. ولم يتعلموا الحب ولا التعبير عنه ولا الاحساس بالأمان في علاقة مع شخص لا يتغير ولا يرحل بغير سبب ولم يتعلموا أي مهارات تؤهلهم ليكونوا أفراد ناجحين في مجتمعاتهم..
سيكون على هؤلاء المساكين ان يتعلموا كل هذا بالطريقة الأصعب.. بالصواب والخطأ.. والتخبط في الحياة.. حتى تصقلهم التجارب أو تكسرهم..
والفضل يعود لأم وأب كان كل هدفهم من الانجاب أن يحصلوا على لقب "أم فلان" و "أبو فلان".."

#حفظ الله أولادكم من كل شر وحفظكم لهم

الونيس55
20-06-2015, 10:43 PM
الفصل (١٥)

القرار الأصعب

"كان السؤال الذي سألنيه الجميع من يوم اكتشافي للمرض هو.. ماذا تنوين أن تفعلي بالحمل..
كانت جميع الاصوات من أطباء وأهل وأصدقاء (ماعدا طبيب الأورام) تدعوني للتخلص من الحمل والتفرغ لمحاربة السرطان بلا اعتبارات اخرى.. لأخفف العبء عن جسدي الذي سيكون عليه تحمل الجراحة والعلاج الكيماوي خلال الحمل الذي هو أساسا "وهن على هن"..
كان المحبون خاصة يصرخون في بحرقة.. نحن لا يهمنا هذا الحمل.. لديك ولد سليم معافى.. ويمكنك أن تحملي في المستقبل.. كل ما يهمنا الآن هو حياتك أنت.. لا نريد أن نخسرك لأجل الجنين..
لماذا تواصلين الحمل وتصعبين الأمور على الأطباء.. وتقللين من خياراتك.. وتقللين من كفاءة العلاج.. لماذا "العناد والرأس اليابس!!"..
وكنت أقاوم بصلابه لإحساس قوي بداخلي أن علي المواصلة.. حتى جاء يوم المراجعة الأولى بعد العملية...وجاء طبيب الأورام بالأخبار... أن الورم منتشر أكثر مما كانوا يتوقعون.. وأنه أكثر شراسة مما كانوا يظنون.. عندها قال لي لأول مرة منذ بدء العلاج.. ربما عليك التفكير ثانية في أمر الاستمرار بالحمل..
عندها شعرت بزلزلة حقيقية.. فهذا الذي كان يطمئنني أن الحمل لن يؤثر على العلاج تأثيرا ذا أهمية يتراجع الآن ويشعرأن الحمل يحد من فرصي في العلاج الكامل بكل الأدوية التي ينبغي أن نبدأ بها في أسرع وقت ممكن... ومع كل استشارة لطبيب كنت اسمع كلاما عن "ترك طفلين يتيمين" و "حرمان ولدي الموجود من أمه لأجل ولد لم يولد بعد" ..
وهلم جرا..
هنا حان الوقت لتفكير منطقي.. لماذا أنا متمسكة بهذا لحمل لهذا الحد مع أني لم أتمناه ولم أفرح به حين جاء ولماذا أشعر بقوة أن علي الاستمرار. بدأت تفكيري ببعض الأفكار الانانية.. فهذا الجنين وان كان يحملني عبئا جسديا فهو دافع نفسي قوي يساعدني لأقاوم وأتغذى وأكون بنفسية جيدة (فانا لست وحدي في هذا الجسد).. وهو يعطيني ضوءا في نهاية النفق.. أني سأخرج من هذه التجربة بعد فقدي عضوا مني في الجراحة وفقد شعري وصحتي خلال الكيماوي.. سأخرج من كل هذا بطفل صغير شاركني العناء.. وشاركني الداء والدواء.. طفل أحسب أن الله سيكتبه بفضله من الصالحين ومن أوليائه المتقين إذ جاء في فترة قرب ووصل ودعاء وابتهال..
ثم.. كيف أستطيع القول أن وجود الحمل وما يترتب عليه من تأخير لبعض الأدوية والعلاجات قد يؤثر على حياتي واستجابتي للمرض ثم أدعي التوكل وأني موقنة أن الله هو الطبيب وأن الدواء مجرد سبب..
أنقتل كائنا (وان لم تنفخ فيه روح بشرية مقدسة بعد...وان كان مجرد روح حيواني إلى هذا العمر وقبل المائه وعشرين يوما التي تحدث عنها الفقهاء كتاريخ لنفخ الروح.. لنعتبره هرة أو فأرا.. أنقتله وهو يحسب أنه في أمان في بطن أمه فنقتحم عليه خلوته ونكسر عظامه جزءا جزءا لتخرجه قطع صغيرة.. لنطيل حياة أمه..
وهل نملك نحن اطالة حياة الأم ولو ليوم واحد.. ولو أراد الله أن يستجيب الورم للدواء ويكون سببا في الشفاء فهل سيمنعه وجود الحمل..
ولو أراد الله ان لا يستجيب الورم للعلاج.. وأن تنتهي الحياة في يوم وساعة يعلمها هو.. هل نغير إرادته سبحانه بقتلنا لهذا الكائن الضعيف قليل الحيلة وان لم تنفخ فيه الروح بعد بحسب قول الفقهاء..
أليس كبدا رطبة.. أليس قلبا ينبض.. أليست له عينان وأذنان وفم يمص به اصبعه كأي طفل.. ولديه دماغ وأعصاب وان لم تكتمل بعد تجعله يشعر بالألم كأي حيوان صغير مسكين.. لهذا لا أستطيع أن أقرر أن أقتله..
ولهذا فإني أسأل الله ان كانت نهاية هذا الحمل خيرا لي وله أن ينهيها هو بلطفه ولا يحوجني لأن آخذ قرارا لا أقدر على اتخاذه.."


#دمتم في أمن وأمان

الونيس55
23-06-2015, 05:02 AM
الفصل (١٦)

سحر الامتنان

"في المستشفى لإجراء عملية بسيطة تحت تخدير موضعي لوضع قسطرة في الوريد يمكن اعطاء الكيماوي عن طريقها.
كان من المفروض أن تكون العملية الساعة 11 صباحا وطلبوا مني الذهاب صائمة رغم أنها تحت تخدير موضعي.. فلم أدخل العمليات حتى الساعة الرابعة عصرا وأخبرتني الممرضة حينها أنه لم يكن هناك داع للصيام..
حاولت 3 ممرضات وضع ابرة المغذي وفشلن رقم علمي بأن عروقي ليست مستعصية لهذا الحد ولكنها قلة الخبرة..
تضاربت أقوال الممرضات ان كنت سأحتاج لمضاد عبر الوريد أم لا ولم يكن هناك طبيب لساعات ليجيب عن هذا السؤال..
أرسلوا لي طبيبا مقيما لا يعرف أي شيء عن العملية وكلما سألته سؤالا أعطاني أجوبة متضاربة حتى ذهب لسؤال الاستشاري الذي جاء بإجابات مختلفة تماما.. وخلال كل ذلك كنت أنا وزوجي نغلي حنقا من قلة الكفاءة وسوء الخدمة.. وراح زوجي يقول لي لماذا لا نترك العلاج في هذه المستشفى ونذهب لمستشفى أفضل فلدينا في بوسطن مستشفى من أفضل مستشفيات أمريكا.. فتساءلت ان كان هناك في أي مكان خدمة أفضل أم أن الخدمات الصحية في كل مكان تعاني المشاكل..
وفي ظل هذا الاحساس البغيض بالغيظ تذكرت فجأة أن هناك الكثيرين الذين يتمنون هذه الخدمات الصحية التي أتذمر منها.. هناك الكثيرون يموتون بغير أن يصلوا للطبيب رغم أن أمراضهم يسهل علاجها.. وهناك أباء يرون ابناءهم يموتون ولا يستطيعون أن يجلبوا لهم الدواء لضيق ذات اليد أو لحال البلاد المؤلم من الحرب وغياب الأمن..
تذكرت ذلك فتغيرت نفسيتي فجأة من الحنق والغيظ إلى السعادة والامتنان.. الامتنان لله الذي من علي بخدمة صحية وان لم تبلغ الكمال.."

#صباحكم امتنان

الونيس55
23-06-2015, 06:39 PM
الفصل (١٧)

رؤية جديدة للكيماوي

"اقترب موعد العلاج الكيماوي.. مخاوف كثيرة تطفو على السطح... كيف سيؤثر علي.. كيف سيؤثر على مريم المسكينة (وهو الاسم الذي أطلقته على المخلوق الصغير في بطني).. هل سأكون طريحة الفراش.. هل سيمتلئ فمي بالتقرحات ولن أقدر على الأكل.. هل سيسقط شعري ورموشي وحواجبي كما أخبروني؟.
هل سأعاني من الالتهابات بسبب نقص المناعة وأضطر للتنويم في المستشفى.. هل سيتغير شكلي ولوني وجلدي وأتحول لمومياء حية رمادية اللون..
كلما قرأت أكثر عن الكيماوي وأعراضه كلما اسودت الصورة أكثر.. لكني قررت مواجهته بشجاعة كجزء لابد منه في هذه التجربة ..
حتى شاء الله وقامت صديقة عزيزة بترتيب لقاء لي مع طبيب ترك عمله في طب القلب لاكثر من 30 سنه وقرر أن يتفرغ ما بقي من عمره في العمل على دعم مرضى السرطان..
لم أشعر أني احتاج للذهاب.. (فماذا يمكنه أن يضيف لي..) وذهبت خصيصا لأجل صديقتي.. ولكني حقا لم أندم..
رأيت رجلا على مستوى عال من الفهم والعمق... والاحساس الصادق.. تكلمنا لساعات فوجدته وهو اليهودي المولد يفهم تماما معنى عمق العلاقة مع الله ..
بدأنا الحديث عن الكيماوي وكان ذلك قبل أن أبدأه بيوم واحد.. فسألني:
- ما إحساسك ؟..
- حسنا.. كان بعض الناس يقولون لي.. عليك بالدعاء والقيام والبكاء.. وسيختفي الورم ولن تحتاجي للكيماوي "اللعين".. لكني لا أشعر أن هذا ما يريده الله.. أشعر أنه يجب أن أمر بتجربة الكيماوي.. بكل ألمها وقسوتها.. كجزء من رحلتي في الطريق إلى الله..
فاجأتني اجابته..
لماذا تظنين أن الله يحتاج لأن "يفركك بليفة خشنة" ليطهرك.. لماذا تظنين أن عليك أن تقاسي الكيماوي لتكوني أقرب لله.. لتلمعي وتضيئي وتنشري نورك حولك.. أنت لؤلؤة.. ولا تحتاجين لهذا "الدعك" لتضيئي..
أتفق معك أن الله يريدنا أن نأخذ بالأسباب ولا نتواكل.. وأن أخذك للكيماوي لا بد منه لتكوني قد عملت ما يجب عليك في محاربة هذا الورم.. لكن.. ألا يستطيع الله أن يهونه عليك فيكون بردا وسلاما؟!!
بلى .. ولكن..
اسمعي... أنا دائما أنصح مرضاي أن لا ينظروا للكيماوي كمصيبة ستنزل عليهم.. كسم يحب عليهم تجرعه.. كعدو.. سيهلك أجسامهم ويسلبها البهجة والصحة...فهو في النهاية.. صنع ليساعدك...ليقضي على الورم.. فهلا استقبلته وانت شاكرة لله أنه أوجد هذا الدواء وجعله سببا للشفاء..
كانت تلك أول مرة أسمع فيها هذه الطريقة في التفكير.. كانت كل فكرتي عن الكيماوي أنه جزء من البلاء الذي يجب أن أصبر عليه واتجرعه رغم ألمه..
-استقبلي الكيماوي بفرح...بل وتحدثي إليه.. قولي له أني سعيدة أن الله سخرك لي...وأنا أسألك بقدرة الله عليك أن تدخل جسدي فتفعل ما صُنعت لأجله.. فتقضي على كل خلية سرطانية مؤذية.. وأن تدع جسدي ولا تمسه بسوء.. وأن لا تمس ابنتي بسوء...فأنا مأمورة وانت مأمور وكلنا بأمر الله نعمل..
كان يتكلم وأنا أتذكر قصة قديمة سمعتها عن عقبة بن نافع إذ دخل إحدى الغابات خلال فتح أفريقيا فوجدها ملئت سباعا فحادثها قائلا.. "نحن جيش محمد بن عبد الله.. أتينا لنعبّد الأرض لله.. إني أسألكم بالله ربي وربكم أن ترحلوا عنا ولا تؤذونا.." فرأى الناس الأسود والسباع تحمل صغارها في فمها وتغادر حتى عبر هو و جيشه..
تعجبت أن أسمع هذا المعنى العميق من الامتنان لله والتوكل عليه واستبدال الطاقة السلبية المقيتة بطاقة ايجابية متفائلة .. أن أسمع هذا من يهودي.. وحزنت لكل مريض سرطان.. غاب عنه هذا المعنى.. استقبل الكيماوي بعين دامعة وكأنما يساق إلى الموت سوقا.."

# دمتم في فرح وأبعد الله عنكم الترح

الونيس55
26-06-2015, 03:19 AM
الفصل (١٨)

رسائل ربانية

ربنا لا يعجزه شيء.. لا يعجزه القضاء على حفنة من الخلايا الضعيفة التي لو رأيتها في المختبر ل"فعصتها" بيد واحدة.؟. لا يعجزه أن يقول لها زولي فتزول كما قال لها كوني فكانت..
لكن السؤال هنا ليس سؤال قدرة بل سؤال حكمة.. هل القضاء عليها هو الخير في الدنيا والآخرة.. ماذا أفعل ببقية العمر إن عُمرت.. ام أني أريد المزيد من الأيام والأسابيع في الحياة فحسب.. " ولتجدنهم أحرص الناس على حياة" أي حياة.. حياة خواء لا معنى فيها ولا انجاز ولا عطاء ولا نمو..
فإن كنت أريد أن أسأله الشفاء وطول العمر.. فعلي قبلها أن أسأله أن يجعلني في كل يوم يمد فيه من عمري أحب إليه وأقرب منه وأنفع لعباده.. وإلا فالرحيل هو الخير الأكبر..
****
لعل رسالة الرب الرحيم من كل هذا.. أمتي.. أنت في الطريق الخطأ.. فأعطيتك هذه الوقفة.. فإما أن تصححي المسار وتسيري في الطريق الذي خلقتك له. فأزيل عنك الباس وأمد في عمرك لتستمري في القرب والترقي حتى تلقيني.. وان لم تستطيعي.. وكانت الغشاوة على عينيك كبيرة فلم تري الطريق.. فتعالي إلي ..ويكفيك تيها.. فقد طهرك المرض من ذنوبك ورحمتي تسعك.. ولا تستمري في حياة التيه التي لا تليق بك..
****
لا أملك إلا أن أشعر أن الدعاء بالشفاء وطول العمر.. والالحاح والبكاء من أجلهما من ضيق الأفق.. فالمرض جاء لحكمة.. أبدلا من ان أنشغل بالحكمة.. أنشغل بالسؤال ان يرفع الله عني المرض.. كالطفل الذي تحرمه أمه الحلوى لتعلمه شيئا.. فيبقى لساعات يبكي ويلح .."أريد الحلوى.. أريدها"... ولا يفكر لدقيقة لماذا حرمته.. وماذا تريد منه.. ولو فعل لأعطته كل حلويات الدنيا ولم تبخل عليه بشيء..
*****
أمي من أكثر النساء الذين عرفتهن قوة.. هي بصدق امرأة حديدية ،ملئت إيمانا... كنت أخشى عليها من تلقي الخبر.. فإذا بها تفاجئني على الهاتف بردها.. "الله لطيف بعباده".. واللطيف إذا قدر لطف..
قصصت عليها يوما بعد ما جاءتني لأمريكا ما قرأته ان النساء المصابات بالسرطان يرين أصعب ما في التجربة كلها.. أصعب من التشخيص والجراحة والاشعاع.. يرين الأصعب فقدانهن لشعرهن لكونه رمز الأنوثة فيهن..
أخبرتها بذلك فقالت.. نعم ولكنها فترة مؤقتة وكل شيء بعدها يعود خيرا مما كان.. شعرت أنها لم تفهم خوفي.. وأنا مقبلة على العلاج الكيماوي بعد أيام وبعد أسبوع على الأغلب سأكون أنثى من غير شعر..
قالت بعملية.. هناك حلول.. دعينا نبحث عن الحلول.. شعر مستعار.. قبعات.. مناديل للرأس.. رموش صناعية.. رسم للحواجب.. لكل مشكلة حل.. أخذنا نبحث معا على الانترنت ونتضاحك على بعض الحلول غير المنطقية.. ثم تركتها لدقائق وعدت..
وجدتها تمسح بسرعة دموعا ملأت وجهها.. كانت تتجلد من أجلي.. كانت تهون علي الأمر حتى لا تزيد ألمي..
وأنا التي ظننت أنها لقوتها لا تشعر بي ..
***
رفساتك يا صغيرة هي جرعات أمل ورسائل بهجة ترسلينها لي من داخل أخشائي في وقت أنا أحوج ما أكون فيه لرسائل البهجة والأمل..
***
من العجائب اني في هذه الفترة ومع كل دواعي القلق حتى أني لا أعلم إلى أين انتشر الورم وفي أي مرحلة هو لعدم التمكن من اجراء الأشعات أنني أكثر اطمئنانا وأقل قلقا مما كنت قبل السرطان..
فسبحان من منّ علي بالثقة فيه وفي كل ما يصنع ويدبر حتى صرت أرى كل دواعي القلق وتخويف الأطباء.. ومشاكل الدنيا.. حقيرة صغيرة.. وأرى كل الناس مهما عظمت مكانتهم وقدرتهم "الظاهرة" في التأثير على مستقبلي وحياتي .. مجرد "عبيد".. مجرد أقزام صغار لا يتحركون ولا يفعلون إلا بإذن سيدهم .. رب العزة والجلال...
فعلام القلق.. والأمر كله له وإليه.. وعلام التعلق بالناس.. أعطوا أم منعوا.. مادام هو وحده مالك خزائن كل شيء.. الصحة.. الرزق.. العلم.. السعادة.. كلها خزائنه وكلها ملكه وحده..
***
قبل أشهر كنت في اجازة لمدة أسبوع لزيارة عالم ديزني.. كنت عندها أحمل الجنين.. وأحمل السرطان.. ولا أعلم بكليهما.. لم أحمل هم شيء وكان كل ما أفكر فيه هو إلى أي الحدائق سنذهب اليوم وماذا سنلعب بعد هذه اللعبة..
كم هو محدود علم الانسان!!
***
ما الذي يدعو سيدة لا أعرفها ولا تعرفني أن تأتي بيتي طارقة الباب ومعها زجاجة ماء وتقول :" يا ابنتي هذا زمزم مقروء عليه خذيه واشربيه والله يشفيك باذن الله".. ما الذي يدعوها لذلك وزمزم في أمريكا عملة نادرة .. فكيف لم تؤثر به نفسها أو أحدا من أقربائها وأحبائها.. سبحان من أنزل الرحمة والمودة في قلوب العباد

#طابت أيامكم بكل خير

الونيس55
26-06-2015, 03:22 AM
الفصل (١٩)

منتجع الجبل والخدمات المميزة

"في الطريق لولاية مجاورة حيث يقام تجمع سنوي لمرضى السرطان لمدة 3 أيام..
زوجي متوجس شرا.. وأنا كذلك "بعض الشيء" فقد وجدت اعلان هذا التجمع في غرفة الانتظار بالمستشفى "عطلة نهاية الاسبوع في منتجع على الجبل.. كل التكاليف من سكن وأنشطة بالمجان لمرضى السرطان".. وحين سجلت بالموقع لم يطلب مني أي اثبات بأني مريضة.. وتم ارسال عنوان الفندق وجدول الانشطة...لم نعتد أن نرى خدمات مجانية في أمريكا من قبل.. وخشينا أن يكون الموضوع "مقلب".. وان يكون الفندق عبارة عن مخيمات في العراء.. أو أكواخ خشبيه تملؤها الصراصير.. لكننا ذهبنا ونحن نتحسس بطاقاتنا الائتمانية في جيوبنا لنحجز في أقرب فندق ان لزم الأمر..
بهرنا الجمال على الطريق.. فالمدينة التي اختاروها هي مدينة صغيره على جبل ضخم أخضر.. قليلة السكان والضوضاء.. الانهار تجري من تحتها من كل جانب ..
وصلنا ففوجئنا بمواقف الفندق.. متطوعون ينظمون وقوف الزوار الكثر بالمواقف ويستقبلون الجميع بابتسامات عريضة..
الفندق بدى أفخم مما كنا نتخيل في مدينة صغيرة كهذه.. وغرفتنا المجانية كانت جناحا كاملا مطلا على الجبل الأخضر.. أكل هذه الرفاهية توفر لمئات المرضى الذين حضروا هذا التجمع من تبرعات المتبرعين؟!!..
ثم نزلنا لبهو الفندق حيث صالة العرض.. وتبين لنا من أين كل هذا.. الصالة الضخمة مليئة بالطاولات للعرض والاعلان عن منتجات عشرات من الشركات المساهمة.. في النهاية مريض السرطان هو زبون ويجب ارضاؤه..
بهرت حقا بكم الخدمات والمنتجات المتوفرة لمرضى السرطان.. المستشفيات تعلن عن أقسام الأورام لديها وتتباهى بجودة الخدمة وتتنافس لكسب الزبائن..
شركات الطب البديل تعرض خدماتها وتوثقها بالأدلة العلمية عن العلاج بالإبر الصينية واليوجا والماء والتاي شي وغيرها مما لم نسمع عنها في حياتنا قط..
دورات طبخ في "المطبخ المقاوم للسرطان" لتعريف المرضى بالأغذية المقاومة للسرطان.. ملابس وقبعات واكسسوارات لمرضى السرطان بكل الاشكال مع عبارات مشجعة..
منتجات تجميل وعناية بالبشرة وأخصائيو تجميل متخصصون للعناية بمرضى السرطان خلال فترة الكيماوي وتجهيز كل ما يلزم من شهر مستعار ورموش مستعارة ورسم للحواجب..
ملابس داخليه بكل الأشكال والألوان المبهجة (بل ولباس سباحه "بكيني") للمريضات بعد استئصال الثدي..
ومن أكثر ما يثير العجب كان ناديا للعلاج بالخيول.. حيث علاقة المريض بالحصان لوحدها (دون تدريب الركوب) تكفي كسبب للشفاء..
نتفرج على المعروضات بفم مفتوح ونحن نتحسر على محدودية المشاريع في بلادنا حيث الجميع يكرر نفس الأفكار.. مشغل.. خياطة.. تجهيز عرائس.. أو مول.. ويتجاهلون احتياجات فئات لا حد لها في المجتمع يمكن أن تكون مصدرا لربح وفير وتقديم خدمة مميزة.. فلا أحد لديه الجرأة ليبدأ مشروعا جديدا يفيد به ويستفيد..
وبينما نحن نتفرج طرقت أسماعنا موسيقى مكسيكية.. قادمة من حديقة الفندق.. فخرجنا لننظر فإذا هو كلاس مجاني في "الزومبا" ( وهي رقص مكسيكي يستخدم كرياضه رفع مستوى الطاقة وجلب الصحة).. وإذا الراقصون جميعا من مرضى السرطان وبأعمار تقارب السبعين.. ولكنهم يرقصون.. ويستمتعون .. ويعيشون.. لأنهم أُعطوا الفرصة لحياة طبيعية ولم يغلق عليهم الباب ككائنات انتهى تاريخ صلاحيتها ولا تصلح إلا لاستقبال الشفقة والدعوات.."

#صباح السعادة

الونيس55
29-06-2015, 04:50 AM
الفصل (٢٠)

لماذا.. وأنا حامل

"أحاول أن أفهم الحكمة.. لماذا حدث ما حدث وأنا حامل.. لماذا عقّد الحمل كل خطوة في التشخيص والعلاج حتى أننا تقريباً صرنا نعالج الورم "عميانياً" بغير أن نعلم إلى أين انتشر وفي أي مرحلة هو لنتجنب أي إشعاعات قد تضر بالجنين.. أتأمل وأذكر.. كيف بدأ الحمل..
أتذكر دموعي حين اكتشفت أني حامل.. وحزني العميق الذي قد يصل لحد الغضب.. جاء الحمل في هذا الوقت غير المناسب وأنا في بداية سنوات الاختصاص.. والمناوبات كثيرة...وأنا بالكاد قادرة على العناية بابني ذي الثلاث سنوات الذي يمر اليوم واليومين بغير أن أراه أحياناً بسبب ضغوط العمل..
رضيت بهذا الحمل على مضض.. وقلت في نفسي لعله خير.. لكني لم أزل أخبر الأهل والأصدقاء بخبر حملي...وكأني أحمل خبراً يستحق التعازي.. وأنتظر من الناس المواساة "أعانك الله ما أكبر مصابك".. وهكذا كان غالباً رد من أخبر.. "قدر الله وما شاء فعل ولاحول ولا قوة إلا بالله".. كنت أدعو الله وأنا محزونة أن يصبرني ويعينني.. لم أر النعمة في خبر الحمل.. لم أستشعر الفضل و المن بكوني والجنين بصحة وعافية.. لم أشهد بالفضل وأظهر الفرح بعطية عظيمة من الله.. تعاملت مع الطفل الآتي كمصيبة تقف في وجه مستقبلي المهني.. مصيبة يجب الصبر عليها...وتحملها...وبقيت بهذا الإحساس حتى جاءت المصيبة الحقيقية...بل حتى تجلت.. النعمة الحقيقية..
سبحان مغير الأحوال بين عشية وضحاها، جاء خبر السرطان.. .فتلقيته برضىً أكبر مما تلقيت به خبر الحمل من قبل.. جاء خبر السرطان.. فلم أشعر أنه سيحول بيني وبين مستقبلي المهني بل شعرت أنه سيغير دفة حياتي.. ويصحح المسار.. في الدنيا..وفي الآخرة..
جاء خبر السرطان فصار المستقبل المهني والنجاح الوظيفي آخر همي وصرت أنظر لما وراء ذلك.. لما كان الهدف من وراء العمل والدراسة و الوظيفة..للسير لله..والوصول إليه.. وجلب النفع لعباده.. وجلبهم إليه..
جاء خبر السرطان فاكتشفت أن القلق على الغد حماقة.. فلا أحد يعلم أيعيش للغد أم لا.. وأن حمل الهم.. والتباكي لثقل الحمل من قلة التوكل على رب كريم عظيم قادر.. لا يزيد الحمل إلا ويقوي الظهر.."

#دمتم بألف خير أيها الأصدقاء

الونيس55
29-06-2015, 04:55 AM
الفصل (٢١)

ماذا لو كان مرضي نفسيا؟


"الحمد لله.. مرضت فأحاطني كل من أعرف بالتعاطف والدعاء والتآزر وبجرعات الأمل في الشفاء..
لكن مرضى آخرين يعاملون معاملة مختلفة تماما في مجتمعنا.. لنتخيل فقط.. ماذا لو كان ما أصبت به هو أحد الأمراض النفسية.. لنقل بالاكتئاب الحاد.. مع بعض الهلاوس severe depression with psychosis..
ماذا لو اكتأبت وانعزلت.. وفقدت القدرة على الذهاب إلى العمل (بدون أي سبب عضوي).. ثم أمضيت أيامي في السرير مع أفكار سوداوية.. تحولت مع الأيام إلى ضلالات لا تمت للواقع بصلة.. ككوني مسؤولة عن موت أحد.. أو خراب البلد..
ماذا ستكون ردة فعل الناس.. والأهل والاصدقاء.. ورؤساء العمل.. رأيت هذا يحدث بعيني مع أحد الأصدقاء فلست أتخيل.. لكني أظن أن باستطاعتكم أن تتخيلوا..
أما المقربون الأحباب.. فسيبدؤون فورا بالبحث عن سبب هذه النكسة.. فهي بلا ريب عين أو سحر أو مس.. وسيسعون بكل جهدهم لإبقاء المريض محاطا بالشيوخ للقراءة عليه وتزع هذا "العفريت" منه..
وأما الأبعدون... المعارف والزملاء.. فلن يملكوا إلا أن يحملوا المريض مسؤولية مرضه..."عليك بالتفكير الايجابي".. "كن رجلا و تحمل .. ولا تقل أنا مكتئب!".. "هو ضعيف الشخصية ولذلك لم يتحمل متاعب الحياة العادية.." "هذا كله من البعد عن الله.. عليك بالقرآن".. ويستمر الجميع بالفلسفة وتحميل المريض الذي يعاني أصلا تأنيب الضمير (كأحد أعراض مرض الاكتئاب) مزيدا من الهم.. وينسى الجميع أن الاكتئاب الحاد(major depressive disorder) كما هو الفصام (Schizophrenia) كما هو الاضطراب الوجداني ثنائي القطب (Bipolar Affective disorder) وغيرها ان هي جميعا إلا أمراض.. لا تختلف عن سرطان الثدي الذي أصبت به شيئا إلا أنها تهدد جودة الحياة (مالم ينتحر المريض من شدة المعاناة) بينما السرطان يهدد استمرارها.. وهي أكثر تعقيدا وتشابكا في مسبباتها التي تضم أسبابا وراثية وبيولوجية وبيئية.. ومريضها بحاجة أشد لمساندة من حوله لا لومهم..
فهلا رحمنا مرضانا النفسيين بشيء مما نرحم به مريض السرطان.."

#دمتم في صحة وعافية

الونيس55
29-06-2015, 05:00 AM
الفصل (٢٢)

كيف تأكل فيموت السرطان جوعا؟!!

"ما الذي يحدث لنا اليوم.. في كل يوم أسمع عن شخص جديد حولي.. يصاب بالسرطان.. فلان في العشرين أصيب بسرطان الخصية.. فلانة في الواحد والعشرين تصاب بسرطان اللسان..فلانه ذات العشر سنوات تصاب باللوكيميا.. وفلان.. ذو الثمان سنوات يودع الحياة بسبب سرطان الدماغ..ما الذي يحدث.. ولماذا لم تكن الأمور كذلك قبل ..50 سنة.. ولماذا الأمور آخذه في السوء أكثر وهذا الوباء يصطاد الأهل والأحباب واحدا بعد الآخر..

في محاضرة ممتازة من الTed TALK يقول الطبيب وليام لي أننا نقول للناس عليك أن لا تأكل ولا تفعل كذا لتحافظ على صحتك وتمنع الأمراض.. لماذا لا نأخذ طريقة أخرى ونخبر الناس ماذا عليهم أن يأكلوا ليحاربوا ويمنعوا السرطان ويحافظوا على صحة ممتازة.. ففي النهاية طعامنا يمكن أن يكون مضاد السرطان الذي نتناوله 3 مرات في اليوم.
وأنا أتفق تماما مع هذا التوجه.. فالحرمان دوما ثقيل على نفس الانسان.. (ما أن تقرر التوقف عن أكل الوجبات السريعة تجد نفسك تفكر في كل مطاعم الوجبات السريعة وتشتاق لها وخلال ساعات تقرر أن تاخذ وجبة كبيرة اليوم.. على أن تبدأ الحرمان من الغد.. وهكذا.. فالحمية دوما تبدأ من الغد.. الغد الذي لا يأتي أبدا..
كل خلية سرطانية تتكون في جسد أي منا (حتى غير المصابين بالسرطان) تحتاج لأوعية دموية توصل لها الغذاء لتنمو وتتكاثر وتتحول لسرطان قاتل.. وهناك أطعمة نستطيع تناولها يوميا أثبتت الأبحاث (وهنا أتكلم كطبيبة عن أبحاث علمية حقيقية لا خرافات) أنها قادرة أن تمنع عملية انشاء اوعية دموية جديدة angiogenisis لتغذية السرطان الوليد وبالتالي تموت الخلايا السرطانية جوعا.. إليكم القائمة الذهبية لنضيفها لمائدتنا كل يوم:
العنب الأحمر ، الفراولة، التوت الأسود والكرز
البرتقال، الليمون، التفاح
الكركم، جوزة الطيب.
الشاي الأخضر والايرلجراي.
الثوم
الطماطم
زيت الزيتون
الشكولاته الداكنة
البقدونس
هذه القائمة التي تم دراستها على خلايا الأوعية الدموية في المختبر وأثبتت أن كميات يستطيع الانسان تناولها بسهوله منها قادرة على منع تكاثرها بنسبة تصل ل80% عند إضافة مستخلص أكثر من نوع مرة واحده (بالنسبة لنا تناول أكثر من القائمة في اليوم الواحد). هذا لا يعني أبدا أن هذه القائمة هي الوحيدة لعلاج ومنع السرطان بل نحن نتحدث هنا عن طريقة واحدة وهي منع وصول الدم المحمل بالغذاء للخلايا السرطانية. وهناك أطعمة كثيرة تمنع السرطان بطرق أخرى كمضادات الأكسده والأطعمة التي تساعد الكبد على إزالة سموم الأغدية السيئة التي نتناولها (كالمواد الحافظة والمنكهات والألوان الاصطناعية).. وأنا أشجع قارئي على البحث عن هذه الأغذية واضافتها لوجباته اليومية ليس فقط لينعم بصحة أفضل بل ليؤدي أمانة سيسأله الله عنها يوم القيامة.. أمانة الجسد.

للاطلاع على المحاضرة كاملة على اليوتيوب بعنوان: Can we eat to starve cancer?"

# كل عام وأنتم بخير وأعاد الله ونسأل الله أن يبارك لنا في صيام شهر رمضان وأن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال

احساس روح
30-06-2015, 10:43 AM
متابعين لك الونيس
قصة جميله جدا
تحمل معنى كبير
والاكبر لكل من عايش هذا المرض سواء فيه او لقريب له
عفانا الله واياكم من شر هذه الامراض

الونيس55
05-07-2015, 08:32 PM
متابعين لك الونيس
قصة جميله جدا
تحمل معنى كبير
والاكبر لكل من عايش هذا المرض سواء فيه او لقريب له
عفانا الله واياكم من شر هذه الامراض

شكرآ لك ع المتابعه احساس
ربي يسعدك.

الونيس55
05-07-2015, 08:35 PM
الفصل (٢٣)

ربيعي وربيعها

"تقف أمامي شجرة..أول ما يخطر ببالك حين تراها أنها لا تزال جرداء.. لا تزال خشبا وأغصانا.. لم تتفتح وتزهر كقريناتها.. ولم تبدأ البراعم بالظهور بعد.. لكن.. إذا دققت النظر.. رأيت الجمال الكامن.. والعطاء الكامن.. رأيت جذعا أقوى من كل قريناتها.. وغصونا غنية قوية متشابكة.. توحي بحكمة كبيرة وتجارب كثيرة..
رأيت جمالا أخاذا متخفيا في مظهرها الجرد.. رأيت عمقا للجذور يجعلها أكثر ثباتا من مثيلاتها..
رأيت جمالا لا يوصف ينتظر أن يأتي وقته ليتفتق زهرا وخضرة وثمرا وعطاء.. ولكن يبدو أنه لم يحن الوقت بعد... ترى هل هي غيرى من قريناتها...الأقل غصونا وتشعبا.. الأقل عمقا وأقل جمالا لكنهن جميعا أزهرن وأينعن بينما هي تنتظر..
لا أظن.. لأنها تعرف حقيقة نفسها.. وتعرف ما خبأ الله لها من عطاء كبير دفين.. وتعرف أن الزمن في عين الله لا وجود له..
ولا زلت معها انتظر أن يحل الربيع.. ربيعها هي .. وربيعي أنا.. ربيعنا الذي يختلف عن ربيع باقي المخلوقات لنزهر ونثمر..
ولكل منا ربيعه.. ولكننا نستعجل.."

الونيس55
06-07-2015, 03:50 AM
الفصل (٢٤)

الافتراضات المزعجة

"تجاوزت الحزن بسبب المرض منذ الأيام الأولى من التشخيص وكانت الأمور بفضل الله أهون كثيرا مما يظن من يراها من الخارج...و صرت خلال الأشهر التالية أعيش مع التحديات يوما بيوم.. فلا أقلق على مستقبل ولا آسى على ماض..
أما ما ينغص علي هذا الطور من الطمأنينة فهو عادة.. زيارة المستشفى.. كلما قابلت شخصا جديدا (ممرضة أو طبيبا مقيما أو طالب طب أو تقنيا).. كانوا يشعرونني بالمأساة.. هذا تدمع عينه.. وتلك تتأثر ويبدأون في السؤال عن تفاصيل كثيرة أجيب عنها بصدر رحب لأني ارى اهتمامهم الصادق.. ثم استمع للتعليقات..
"اوه ما تعرضت له كثير جدا على شخص واحد"
"3 شهور من الكيماوي.. يا إلهي ما أصعب ذلك.. تحاربين السرطان وتعتنين بطفل وتحملين طفلا آخر.: ثم الولادة والعناية بمولود جديد.. لا بد أن تكوني تحت ضغط لا يحتمل.."
ورغم شكري الحقيقي لاهتمامهم وانسانيتهم إلا أني أشعر بالتعجب من افتراضاتهم التي لا تدع أي احتمال لأن تكون الأمور سلسة وجيده وعلى ما يرام ونفسيتي ممتازة وحياتي شبه طبيعية.. ما يسوؤني هنا هو الافتراض بأني يجب أن أكون قلقة ..غاضبة.. ناقمة .. وتعيسة..
ويسوؤني من نفسي أني قليلة الكلام فلا أشرح لهم وضعي الحقيقي بل أتمتم مبتسمة "أنا على ما يرام" و أدعهم وافتراضاتهم.."

#تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.

الونيس55
06-07-2015, 03:52 AM
الفصل (٢٥)

ووصلت مريم

"ووصلت مريم.. ووصل معها الخير الكثير.. والرحمة والرزق من رب كريم..
جاءت سليمة معافاه وخالفت توقعات الكثيرين لتثبت أن الله أكبر من كل التوقعات وأنه لا يعجزه شيء..
جاءت بعد أشهر كنت أحدثها فيها قبل أن أراها.. إذ شاركتني المرض والجراحة والكيماوي.. وكانت معي خير معين..
كانت رفساتها من داخلي جرعات أمل بحياة جديدة تخرج إلى حياتي قريبا.. كانت جرعات أمل أنا في أشد الاحتياج إليها في وقت كانت كل الرسائل التي تأتيني من جسدي رسائل مؤلمة حزينة....
ولكن بقي في القلب بعد وصولها غصة.. إذ أشعر بالتقصير في حقها لأني لا أقدر على ارضاعها (فلم أرضعها إلا اسبوعين عدت بعدها للكيماوي فتوقفت عن الرضاعة)..
فالرضاعة ليست مجرد مصدر غذاء صحي ومناعة وأجسام مضادة.. بل هي علاقة وارتباط وتواصل لا يوصف..
فرغم حبي الشديد لمريم إلا أني أذكر جيدا أن ارتباطي بأخيها الذي أرضعته لوحدي (بغير استعانة بحليب صناعي) كان أكبر وأشد.. فالرضاعة الطبيعية تعني أن تبقى الأم مع طفلها اربع وعشرين ساعة في اليوم وسبع أيام في الاسبوع بلا انقطاع ولا انفصال.. هكذا أرادها الله.... حيث الارتباط الجسدي يوصل دفء الأم لطفلها.. و رحمة الرضيع لأمه.. وحيث تلاقي الأعين لساعات وساعات يجعل لغة الأعين هي اللغة الرسمية في علاقة هي أقوى العلاقات في الكون.. .. حيث يفهم الاثنان بعضهما من غير حاجة للكلمات..
لم أزل أعجب لكل أم تحرم نفسها من هذه النعمة العظيمة (وان بدت مرهقة متعبة) .. وتضحي بأجمل ما في الأمومة من احساس.. فتلقي بولدها للخادمات.. لتقضي وقتها مع الصديقات والقريبات.. "

#وفقنا الله لصيام هذا الشهر وقيامه

تباشيرالأمل
07-07-2015, 11:40 PM
السلام عليكم
جزاك الله خيرا وغفرلك
متابعه لك ولجميل طرحك
اسال الله ان يجعلها في ميزان حسناتك

الونيس55
08-07-2015, 12:29 AM
السلام عليكم
جزاك الله خيرا وغفرلك
متابعه لك ولجميل طرحك
اسال الله ان يجعلها في ميزان حسناتك

وعليك السلام استاذه هدوء
اللهم امين
ولك بالمثل
اسعدني متابعتك

الونيس55
08-07-2015, 12:32 AM
الفصل (٢٦)

في المستشفى .. قل خيرا أو اصمت!!

"من أصعب الفترات التي مرت علي كانت فترة تنويمي بالمستشفى للولادة.. رغم أنها كان من المفروض أن تكون فترة سعيدة إذ رزقني الله فيها مريم صحيحة معافاة بعد أن شاركتني الداء والدواء خلال أشهر.. إلا أن الطاقم الطبي استطاع أن يكدر تلك الفرحة بغير أن يدري..
في كل يوم تدخل علي وجوه جديده من ممرضات ومساعدات الممرضات والأطباء المناوبين.. كلهم يقرأ ملفي قبل أن يدخل.. ثم يأتي ليسمعني بعض التعليقات التي يطلقونها بكل حسن نية.. " ما أسوء حظك" "هذا كثير عليك جدا.. هذا كم من المصائب كثير جدا على شخص واحد!!" "it sucks" ولا أجد لها ترجمة بالعربية.. "اوه لقد أرضعت طفلك الأول وكان المفروض أن يحميك هذا من سرطان الثدي.. هذا ليس عدلا!!" وعلي أن أكرر عشرات المرات في اليوم أن الأمر ليس بهذا السوء وأني بخير وأن لله حكمة في كل شيء .. حتى شعرت بالاختناق من رسائلها السلبية في وقت أنا فيه اضعف ما أكون بعد الولادة الشاقة...فقررت أن أترك المستشفى وان لم يحن وقت خروجي بعد وغادرت بعد يومين رغم أن المقرر كان خمسة أيام.. لكنهم سمّموا بقائي بسلبيتهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا..
أكتب هذه الكلمات الآن وأتذكر تلك الأيام لأرسل رسالة خاصة لزملائي من الأطباء والعاملين بالمجال الطبي..
"قل خيرا أو اصمت!!"
***
لم أعلق على نفسي لافتة تقول أني طبيبة.. ولم أحرص أن يعرف كل من أراه في المستشفى أثناء تنويمي ذلك.. فرأيت نموذجا مخزيا من احترام قرار المريض..
قبل الولادة كان لدي بعض فقر الدم بسبب العلاج الكيماوي.. وتناقشت مع طبيب الاورام في الأمر واحتمالية احتياجي لنقل دم قبل الولادة فأخبرني أني لن أحتاج مالم يحدث نزيف شديد في الولادة يحتم نقل الدم..
جاءت الولادة وبعدها مباشرة تم تحليل الدم ووجد أن فقر الدم قد ساء قليلا...تحدثت مع استشارية الولادة التي لم تر حاجة لنقل الدم حينها.. وجاء اليوم التالي.. لأسمع قرع الباب من مسؤولة سحب الدم.. "لديك تحليل"
ما هو
-CBC الذي يتم فيه قياس مستوى فقر الدم
-حسنا لم يخبرني أحد أن لدي تحليلا وعموما فقد فحصناه بالأمس ولا يتوقع أن يكون قد اختلف اليوم إذ لم يحدث أي نزيف يذكر منذ الأمس وعليه فإني أرفض التحليل.. شكرا لك..
بعد دقائق.. جاءت الطبيبة المناوبة.. لتقنعني بالتحليل فأخبرتها أنه لا يتوقع تغيير عن نتيجة الأمس وأنه لن يترتب أي شيء على النتيجة حيث أني لا أنوي أخذ دم لأني أشعر أني بخير ولا أشعر بأي ضعف أو خفقان (أعراض فقر الدم الحاد)..وبالتالي سيكون التحليل مجرد اهدار للمال والوقت..
وهنا بدأت الطبيبة المناوبة أسلوبا عجيبا في الاقناع وهي لا تعلم أني طبيبة..
بداية بدأت بمغالطات طبية " أمس أخذت الكثير من السوائل عبر الوريد وربما تكون قد حسنت نتيجة الهيموجلوبين حينها أما اليوم لم تأخذي أي سوائل فربما يكون المستوى قد انخفض" (علميا هذه المعلومة خاطئة ومعكوسة فالكثير من السوائل تخفف الدم أكثر وتجعل نتيجة فقر الدم أسوء لا أفضل).. لم أشرح لها خطأها حتى لا أحرجها وقلت لها أني لن أعمل تحليلا لمجرد ارضاء "الفضول" طالما أنه لن يترتب عليه أي شيء في العلاج حيث أني لا أنوي أخذ دم..
هنا عادت إلى "التخريف" قائلة ان فقر الدم قد يؤثر على قلبي ويجهده ويسبب مشاكل ومضاعفات..
- "هذا يا عزيزتي لمن لديهم مشاكل مسبقة في القلب ولكبار السن.. وليس لأمرأه في الثلاثين وبقلب سليم.. كما أن فقر الدم حدث خلال شهور من تناول الكيماوي مما سمح للجسم بالتأقلم على الوضع.. ونحن لا نعالج نتائج التحليل بل نعالج "المريض" وأنا أمامك لا أشعر بإرهاق ولا خفقان وأشعر أني أفضل مما كنت أثناء الحمل..
فلما لم تجد ردا التفتت إلى زوجي وهي تعلم أنه طبيب تخدير وقالت..
-يا دكتور أقنعها من فضلك.. أخبرها أنه "من وجهة نظر التخدير" هذا يضر بصحتها..
أغاظتني الكلمة تماما.. أن تقحم زوجي في قرار يتعلق بي وتتفلسف قائلة "من وجهة نظر التخدير" وليس للتخدير أي علاقة بالأمر. فابتسمت وقلت..
"على فكرة.. أنا كذلك طبيبة وأعرف كيف أتخذ قراري جيدا.."
عندها فقط.. ابتلعت لسانها وكفت عن الإلحاح والفلسفة.. وأنا أتساءل.. ماذا عن المرضى الآخرين.. أليس لهم حق الاختيار .. علما بأن الطب فيه الكثير من المناطق الرمادية التي يختلف فيها الأطباء وتختلف فيها نتائج البحوث.. فلم يفرض الطبيب رأيه على مريضه ويضيق عليه..
وما يحدث في بلادنا اشد وأسوء.. فالطبيب عندنا يعتبر أن كلامه قرآنٌ منزل وأنه ليس للمريض الحق في أن يناقش ولا يفهم ولا حتى يسأل.. ومن باب أولى فليس له الحق أن يعترض.. ومن اعترض عندنا "انطرد" وكم رأيت من أطباء أثناء دراستي بالكلية يطردون المريض من العيادة طردا لكثرة سؤاله أو لقوله أنه سمع رأيا مختلفا من طبيب آخر..
ولكن الممارسة التي رأيتها في أمريكا من أغلب الأطباء الذين تعلمت منهم ومن الاستشاريين المسؤولين عن علاجي (غير الأطباء المناوبين قليلي الخبرة) كانت تتلخص في أن دور الطبيب هو أن يشارك المريض في المعلومات التي لديه ويشرح له كل اختيارات علاجه ومميزات كل منها وإيجابياته.. ثم يذكر رأيه الشخصي وعلى أي اساس بنى هذا الرأي (بلا تحيز وبموضوعية تامة) ثم يترك للمريض حق الاختيار ويعطيه الوقت الكافي ليتخذ قراره..

هكذا يكون احترام حرية الانسان فطالما الجسم جسم المريض.. فالقرار في النهاية.. قراره."

#اللهم اكتبنا عندك من الصائمين الفائزين

الونيس55
08-07-2015, 12:35 AM
الفصل (٢٧)

انسان مميز.. وطبيب انسان

"أكتب الان خلال ساعات تلقي العلاج الكيماوي.. قررت أن أكتب عن أحد الأشخاص الرائعين الذين اسعدني المرض بالتعرف بهم.. عن طبيب الأورام الذي تولى علاجي..
شخصية رائعة.. اتمنى لو استنسخ منه مئات النسخ أوزعها على مستشفيات بلادنا ليسعد به مرضانا كما سعدت به.. ولعل الكتابة عنه تكون وسيلتي لهذا الاستنساخ.. ليعلم زملائي في الطب كيف يمكن أن يكون الطبيب انسانا..
يوم التقينا لأول مره.. يوم تشخيصي...بدء بالتحدث بالعربية "اللبنانية" المكسرة ليقول أن والديه من لبنان لكنه لا يعرف من العربية إلا كلمات...بدأ علاقتنا بإيجاد رابط مشترك يجمعننا ليقول...أنا أقرب لك من مجرد طبيب..

في كل مرة يقابلني فيها يدخل للغرفة مبتسما وهاتفا.. "الدكتورة نور البار!!.. سعيد برؤيتك".. حفظ لي مكانتي بمناداتي بالدكتورة.. أظهر سعادته برؤيتي وكأني مريضته الوحيدة والمفضلة.. ما أجمل أن نحفظ مكانة مرضانا. فلا يصح أن ننادي الجميع ب "يا عم " أو "يا خاله".. هناك من نداؤه المفضل هو "أبو فلان" أو "أستاذ فلان" أو "دكتور فلان" وحفظ مكانة المريض واظهار الاهتمام والتقدير لمهنته يشعره أن المرض لم يسحب منه مكانته ومؤهلاته..

في كل مرة يقابلني يكون لديه شيء جميل يقوله.. "تبدين بشكل ممتاز" "انت معجزه.. لا تؤثر فيك الأعراض الجانبية للكيماوي أبدا".. "واو ما أخف حركتك رغم أنه لم يمر على عمليتك سوى أيام".. أنا مندهش من سرعة التئام الجرح لديك" "الجميع يخبرونني أنك تبدين رائعة ولا أحد يتخيل أنك على الكيماوي".. مجاملة المريض بمثل هذه العبارات لا تستغرق الكثير من الوقت ولكنها تعني الكثير بالنسبة له.. فهذه الكلمات تسعده.. تشعره بالثقة.. تقويه.. وجميعها أحاسيس هامة للشفاء.. فكما قال ابن سينا "الوهم نصف الداء والاطمئنان نصف الدواء"

لديه قدرة عجيبة (وهذا أكثر ما يعجبني فيه) على تجنب الحديث بأي كلمة سلبية (الموت، عودة المرض، المضاعفات) واستبدالها بكلمات ايجابية.. تخيل كم يكون هذا صعبا ومحتاجا لفن حقيقي عندما يكون المريض مريض سرطان وفي مرحلة متقدمة وهو مع ذلك ملتزم بالشفافية و لا يحاول التغرير بالمريض ولا اعطائه أمالاً كاذبة...مثلا..

بدلا من أن يقول "الورم ضخم جدا وحجمه 7 سم" يقول "رغم كبر حجم الورم إلا أنه ليس ملتصقا بالجلد ولا بالقفص الصدري وهذا جيد جدا"!!
وبدلا من أن يقول "لا بد من العلاج الاشعاعي وإلا قد يعود المرض" يقول "ثبت بالدراسات أن العلاج الاشعاعي يزيد من نسبة الشفاء التام"..
وبدلا من أن يقول أن الكيماوي يسبب مضاعفات في أعصاب الاطراف قد تصل لآلام شديدة كالكهرباء يقول "في الاغلب يسبب هذا النوع بعض التنميل وعند أغلب الناس يكون تنميلا خفيفا يزول بمجرد انتهاء العلاج. ومن النادر أن يكون أشد من ذلك".. وهكذا وهكذا.. كل جملة يقولها منتقاه بعناية لعلمه أن المريض يتلقى كل كلمة بمنتهى الحرص ويحفظها ويرددها ويقتنع بها..
رأيت عددا كبيرا من الاطباء حتى في أمريكا على عكس ذلك تماما.. فهم يلقون في وجه المريض كل الاعراض الجانبية والمضاعفات وأحيانا لا تكون المعلومات حتى دقيقة ولا صحيحة.. كما قالت لي طبيبة الجراحة في يوم التشخيص.. "الحقيقة أشك في قدرتك على الانجاب ثانية بعد تعرضك للكيماوي" مع انه لم يكن لديها علم بهذه النقطة ثم ثبت أن كلامها كان غير صحيح علميا بالإضافة لأنها ذكرت ذلك بأسلوب فظ وفي وقت غير مناسب على الاطلاق (في نفس ساعة التشخيص).
لديه درجة عالية من المرونة فهو لا يطبق العلاج كما تقول الكتب على الجميع بل يدرس الابحاث الجديدة ويستأذن المريض في أن يأخذ وقته في البحث حتى يصل لخطة علاج تناسب خصوصية كل مريض.. ولأنني لم أكن حالة تقليدية باعتبار الحمل فقد رأيت من مرونته الشيء الكثير...مثلا.. عدد مرات الكيماوي التي تنص عليها الكتب والتي أخذتها خلال الحمل هي 4 وكان يجب أن أذهب للولادة بعد الجلسة الرابعة مع العلم انها ستكون ولادة مبكرة في الشهر السابع لأواصل الكيماوي بعد الولادة مباشرة حتى لا يكون هناك مدة زمنية طويلة بغير علاج مما قد تؤثر على استجابة المرض للعلاج.. فاتصلت به وأبلغته أني أجد صعوبة في تقبل الولادة في الشهر السابع لأن المولودة ستبقى في العناية المركزة أسابيع وربما تحتاج لتنفس اصطناعي.. فطلب مني مهلة أسبوع ليبحث عن حل .. وقام بالبحث ثم جاءني بالحل.. سنؤجل الولادة 3 أسابيع وسنملأ الفراغ الزمني بجرعة خامسة من الكيماوي. يعطي فها أحد العلاجين فقط دون الآخر الذي أثبتت الدراسات ان جرعات أضافيه منه قد تؤثر على القلب. وشرح لي كل الخيارات (المعقدة) الأخرى ولماذا استبعد كلا منها.. وأنهى كلامه قائلا :" لن تجدي هذه الجرعة الخامسة في أي كتاب.. انما فصلتها تفصيلا لتلائم وضعك الخاص".. كم يحتاج أطباؤنا لمثل هذه المرونة المبنية على الأبحاث لا على المزاج الشخصي. وألا يكونوا مجرد رجال آلية تطبق ما في الكتب حرفيا بغير النظر في خصوصية كل مريض واحتياجه..

احترامه الشديد لرأي المريض.. وقدرته على التفاوض معه واقناعه إذا لزم الأمر.. مثلا.. قبل العملية رفضت القيام باستئصال الغدد اللمفاويةlymph node dissection بسبب مضاعفاتها الشديدة (انتفاخ شديد في الذراع لا يزول بل يزيد مع السنين) كما رفضت عمل Sentinel lymph node وهو حقن ماده مشعه في الورم ليروا لأي الغدد اللمفاوية تسري المادة المشعة ثم يستأصلونها.. لكوني حاملا والاشعاع خطر على الجنين.. فلم يقل لي أن رفضي هذا جنون وأنه لم يقم أحد بهذا من قبل.. بل قال "ربما تكونين على حق وربما ليس هناك داع لاستئصال الغدد الليمفاوية في وقت تطور فيه العلاج الكيماوي بما قد يضمن الشفاء للمريض بغير استئصال جراحي ولكن ليس هناك حاليا أي أبحاث تثبت ذلك.. وستكونين الحالة الأولى التي تقرر ذلك.. ربما تثبت الأبحاث ذلك بعد 10 سنين لكن حاليا ليست لدينا هذه المعلومة فلا يمكننا المجازفة.. وأخذ يناقشني حتى وصلنا لحل وسط.. أن أعمل أشعة صوتيه على الغدد اللمفاوية فان وجدناها متضخمة فسأوافق على استئصالها .. وبهذا استطاع أن يقنعني من غير أن يفرض علي رأيه و من غير أن يدعني وقراري الخاطئ.

حين كان علي أن أقرر هل أستمر في الحمل أم لا.. كان صبره عجيبا.. وقد أخذ القرار مني أسابيع.. كل ما فعله هو أن شرح لي الواقع والايجابيات والسلبيات.. بل وأعطاني الابحاث التي وجدها في الموضوع وفتح لي باب الأمل قائلا "لو أردت الاستمرار في الحمل فأنا على يقين اننا سنصل لحلول تحافظ عليك وعلى الجنين" ثم تركني لأقرر ..لم يضغط.. ولم يستعجل.. ولم يحاول اقناعي برأيه الشخصي.. التزم الصمت وانتظر وكان ذلك منتهى الحكمة..

بعد ولادتي وأنا منومة في المستشفى.. فوجئت به يطرق الباب زائرا ويرفع صوته ضاحكا كعادته "د. البار. مبروك.. مبروك.." جاء ليرى المولودة ويهنئني بالسلامة ولم يكتفي بأن يكون طبيب أورام..


لم أكتب هذه المواقف الجميلة.. إلا سعيا لاستنساخ هذا السلوك الطبي المميز لدى أطبائنا الواعدين.. وأنا على يقين أنهم قادرون على الوصول لهذا المستوى الراقي.. وأكثر.."

#دمتم راقين أيها الأحبة ومشرقين في كل جوانب حياتكم

احساس روح
08-07-2015, 03:18 PM
رائع الونيس
سبحان الله
الف شكر لك

الونيس55
09-07-2015, 12:08 AM
رائع الونيس
سبحان الله
الف شكر لك

الاروع متابعتك احساس
شكرآ لك

الونيس55
09-07-2015, 12:15 AM
الفصل (٢٨)

هل انت مريض؟؟

"أمراض هي أشد من أي سرطان وأفتك بالإنسان.. أمراض تقطع الانسان عن مصدر الجود واللطف والاحسان.. تلك الأمراض التي ننسى أو نتناسى وجودها.. لأنها ربما لا تؤثر على دنيانا العاجلة.. ونتناسى كم تؤثر على حياتنا الأزلية الباقية..
الجميع يدعو لي ويبتهل.. يسأل الله لي الشفاء من داء قد يقصر العمر.. من ستين إلى ثلاثين.. قد يفارقني عن أحباب أنا مفارقتهم لا محالة طال الزمن أو قصر. وقد يهد جسدي (الفاني لا محالة) ..
وكلنا ينسى تلك الأمراض التي تشوه وتدمر الحياة الباقية.. الحياة الأزلية.. الحياة الحقة..
كم من مره أهمنا رأي الناس فكان هو محركنا للعمل أو العطاء فحبط العمل عند الله وبطل..
كم من مره رأينا أنفسنا أكثر صلاحا أو تميزا من فلان أو فلان فهوينا من معراج القرب بغير أن ندري..
كم من مرة تكلمنا أو قلنا أو "غردنا" فأعجبنا ما قلنا وما فعلنا فمحقت بركة العمل والقول وصار كالزبد الذي يذهب جفاء..
كم من السنوات قضيناها في علم نظن أننا نخدم به الناس.. والنيّة من وراءه العلو في الأرض لا خدمة الناس.. هل في الناس من هو أشد خسارة ممن يمضي عمره يعمل ويكد ثم يضيع عمله سرابا حين يلاقي ربه لمجرد أنه "استمتع بنظر المعجبين إليه..
ثم تقولون لي أن السرطان مرض خطير..
أين خطر هذه الخلايا المسكينة التي لا تفعل إلا أن تعجل في رحلة الانسان لربه.. أمام خطر هذه السرطانات القلبية التي تضيع كل خير يبذله الانسان ويكد لأجله في لحظات.. في خواطر خافته لا تكاد تحس.. فإذا أصلح الناس وأكثرهم علما وعطاء يضيع عملهم هباء..
حديث لم يزل يخيفني" أول من تسعر بهم النار.. عالم وشهيد ومتصدق.. أما العالم فيقول يا رب تعلمت فيك وعلمت فيقول له الله كذبت.. تعلمت ليقال عالم.. وقد قيل.. ألقوا به في النار..
كذبت قاتلت ليقال جريء.. كذبت أنفقت ليقال جواد.. ألقوا بهم في النار..
هذه رسالة خاصة لكل المبتعثين وطالبي العلم "والشهادات".. الجزء الأول من الحديث يخصنا جميعا.. كم منا جاء وتغرب وترك الأهل وربما العمل.. ليتعلم فيقال صاحب شهادة.. جاء من أمريكا. جاء من أوروبا.. وليعود فيتشدق على العباد بالعبارة الشهيرة "عندما كنت في أمريكا".. تذكروا.. أول من تسعر بهم النار... وأعيدوا حساباتكم بسرعة.."

#اللهم إنَّا نسألك الإخلاص في القول والعمل. تقبل الله منا ومنكم.

الونيس55
09-07-2015, 11:37 PM
الفصل (٢٩)

أنا والموت

"من أصعب الحقائق التي يتعامل معها مريض السرطان.. هي حقيقة أن الموت أقرب إليه من أي وقت مضى...ربما.. أو هكذا نعتقد.. أن العد التنازلي في حياته "ربما" قد ابتدأ.. وعليه أن يستغل ما بقي له من أيام طالت أو قصرت بأفضل الاستغلال..
والحقيقة أن هذا هو الحال بالنسبة للجميع.. فكم من أصحاء معافين خرجوا من بيوتهم ولم يعودوا بسبب حادث سيارة...أو موت مفاجئ.. لكن مريض السرطان لديه "ميزة" هذا الإنذار المبكر.. ليستعد...فلا يؤخذ على حين غرة..
للناس في التعامل مع فكرة قرب الموت طرق مختلفة.. فالكثير يفضلون "التناسي" و"التجاهل" والعيش بالأمل.. والاستمتاع باليوم.. وترك التفكير بالغد.. والتفكير بهذه الطريقة...مريح حقاً.. وربما هو الصواب بالنسبة للبعض.. ولكني أشعر أنني إن ملت لهذا الاتجاه فسأضيع الهدف الذي من أجله حدث كل ما حدث.. بالنسبة لي.. من أعظم الحكم التي لأجلها نزلت هذه "العطية".. هو أن أدرك أن هناك ساعة موقوتة تعمل.. وأن وقتي على هذه الأرض ليس "اللانهاية"...وأني راحلة.. سواءً قرب السرطان رحيلي أم لا.. لكن علي أن أدرك أن مكاني ليس هنا...
أحاول قدر المستطاع أن أتقبل الموت كنهاية "سعيدة".. ألم يعطني الله إنذاراً ولم يأخذني وأنا في غفلة.. ولو أراد لانتهت حياتي في حادث سيارة وأنا أفكر بغيظ في مناوبة الليلة الماضية، وكيف ألقوا علي بكل العمل وذهبوا هم ليرتاحوا..
لكن الله شاء أن يخرجني من تلك الدوامة.. لاستعد.. وأتجهز.. فإن كانت النهاية بإذن الله وبكرمه وحده جنة ونعيماً.. فلماذا أخشى الموت.. ولماذا أعيش في قلق من نتيجة تحليل أو أشعة أو كلمة طبيب. إن كانت النهاية اجتماعاً جميلاً بالنبي والصحابة وكل الأتقياء الأنقياء الذين مروا على هذه الأرض.. ساعدني هذا التفكير كثيراً وأزال عني الكثير من الحزن والقلق.. فلم يعد لدى الأطباء ما يخوفونني به.. فالخبر الأسوأ.. ليس سيئاً على الإطلاق.. بل هو بداية لحياة أخرى سعيدة.. ولكن بقي جرح واحد لا أملك دمعي كلما فكرت في النهاية بسببه.. أن يعيش ابني ذو الثلاثة أعوام يتيماً.. أنظر إليه فأجد دمعي يسيل من حيث لا أدري.. وليس أقل معزةً منه عندي زوجي.. ولكني أعلم أنه سيغالب حزنه بعدي.. ويواصل حياته ويحاول النسيان...ووالدي.. فأعلم أن مخزون الإيمان لديهما سيكون لهما عوناً لمواصلة المشوار.. أما الصغير.. فما أقسى الحياة بغير أم.. أذكر أني كنت جالسة يوما وابني يلعب بالهاتف المحمول.. وأخرج فيديو لي معه ونحن نطعم الماعز والخراف ونلعب معهم في أحد المزارع.. لم أستطع أن أمنع نفسي من أن أقول لزوجي.. (الذي لا يحب النكد).. "لا تمسح صوري من جوالك"..
ماذا؟
" لا تمسحها.. أريد لابني أن يعرف أمه.. وأن لا ينساها".. لم أستطع أن أكمل وانفجرت باكية.. لاستمع لمحاضرة طويلة عن التفاؤل.. وحسن الظن بالله..
لماذا أحكي كل هذا الآن.. الدموع تخفي الأسطر فلا أستطيع الكتابة.. حسناً.. وهكذا.. فذكر الموت وتقبله.. مريح حقاً في وجود رب كريم.. وإن كان لا يخلو من "غصة" تختلف باختلافنا.."

#أسأل الله لي ولكم حسن الخاتمة. صوماً مقبولاً وإفطاراً شهياً

الونيس55
09-07-2015, 11:40 PM
الفصل (٣٠)


في العالم المجنون-الجزء الأول

"عالم مجنون هذا الذي نعيش فيه.. الكل يركض.. بهدف وبدون هدف.. الكل يجري وراء شيء ما.. وخلال الركض.. للدراسة.. للعمل.. لتحصيل الرزق وحتى للمتعة.. لا يبقى للإنسان وقت ليتحسس إنسانيته. ليعرف نفسه.. ليذكر من هو.. وماذا يريد..
حتى الدقائق التي يمكن استغلالها هنا وهناك والتي أسميها "قصاصات الوقت" كأوقات الانتظار في السيارة والمواعيد المختلفة وفي المواصلات العامة.. صارت محجوزة لسيل من أخبار الناس وهراءاهم على مواقع التواصل الاجتماعي.. وسيل من فيديو اليوتيوب المضحكة والمسلية.. وصار كل انسان "مشبوكا" بالسماعات بهاتفه الذكي الذي يمطره في دقائق خلوته بسيل من الهراء ليشغل دقائق فراغه. وكأنما لم يعد الانسان يحتمل أن يجالس نفسه.. كأنما صار يستوحش من نفسه فيريد ضيوفا ونزلاء على عقله في كل لحظة كائنا من كانوا.. وما أشقى من يستوحش نفسه ولا يطيق مجالستها..
في هذا الزمن.. صارت رياضة التأمل.. أو سمها ان شئت عبادة التفكر طوق النجاة لنا جميعا..
أن تخصص من يومك دقائق.. تجالس فيها نفسك. بلا تشويش ولا ضوضاء.. بل وبلا أفكار عن الدنيا ومشاغلها..
أن تقضي دقائق كل يوم تعرف فيها نفسك.. وتأنس بها.. وتستشعر عمق انسانيتك..
..في قسم خاص بمستشفى mhg المستشفى الرئيسي لجامعة هارفارد يقوم الباحثون بدراسة تأثير هذه الدقائق من التأمل على الانسان ويرون عجبا..
فليس تأثيرها على نفسية الانسان فحسب من جعله أقل عرضة للقلق والاكتئاب بل وعلى جسده كذلك فهي تهبط الضغط المرتفع وتقلل سرعة نبض القلب وتساعد في مقاومة الالتهابات وأمراض المناعة بل وتقوم فعلا بتغيير شفرة الجينات والبروتينات المصنعة منها داخل كريات الدم البيضاء. كل هذا تقوم به 20 دقيقة من التأمل في اليوم.. الذي اشترطوا فيه ان تجلس في مكان هادئ بلا مقاطعات (ولا هواتف ذكية تطنطن حولك)..وتركز على كلمة واحدة أو معنى واحد.. تكرره داخل قلبك أو على لسانك. فان جاءتك أفكار متفرقة من نوع أين ستركن السيارة، ماذا ستتغذى اليوم، هل رد فلان على الإيميل.. فدعها تنزلق من فكرك بهدوء وعاود التركيز على المعنى الواحد مهما يكن هذا المعنى أو هذه الكلمة..
هذا ما يقولونه في mgh.. فكيف إذا كان المعنى هو ذكر الإله الواحد الذي بيده طاقة الكون كلها والذي هو القادر على منح السكينة والطمأنينة والعافية والرزق وكل ما يحتاجه الانسان..
كم هي ثمينة هذه الدقائق.. ثمينة لعقلك المشوش بضوضاء العصر.. ثمينة لقلبك المثقل بالهموم والقلق على الغد.. وثمينة حتى لجسدك ليعيد بناء نفسه بنفسه ويغالب الأمراض التي تتحداه..
ألا تستحق ذاتك 20 دقيقة في اليوم لحياة أسعد؟.."

#تقبل الله صيامكم وأسعد الله أيامكم

الونيس55
09-07-2015, 11:43 PM
الفصل (٣٠)


في العالم المجنون-الجزء الثاني

"ماما هل أنت حزينة؟"
-"ماما هل انت حزينة؟"
-"لا لماذا؟"
-"هل ستبكين الآن؟"
-"لا... لماذا؟!!"
-"لأن شعرك يسقط ثانية.."
ابتسمت دامعة.. متعجبة من ذاكرة ابني الذي لم يبلغ الأربعة سنوات في موضوع مرت عليه أشهر عدة... حين بدأت الكيماوي لأول مرة..
أبلغني الطبيب أني سأفقد شعري بعد أول جرعة ..تألمت وحزنت.. ولكن بقي هناك أمل أن أكون محظوظة.. وأشذ عن القاعدة.. وذهبت لأول جلسة وسارت الأمور على ما يرام.. ومر على الجلسة 16 يوما كان شعري فيها في أحسن أحواله...حتى جاء اليوم السابع عشر.. لازلت أذكر ذلك تماما.. كنت أستحم.. ومررت بيدي على شعري ..فبدأ يتساقط بغزارة.. أصبت بم يشبه نوبة الهلع ورحت اتنفس بسرعة وأجهش بالبكاء...إذ وقع ما كنت أخشاه..
لم تكن الكمية التي سقطت حينها كبيرة ولكنها كانت إشارة لبداية النهاية لشعري الجميل..
كان إحساسا أليما بالعجز .. العجز عن إنقاذ شعري الذي طالما أحببته كما هو.. وندمت حينها اني لم أقم بحلاقته قبل أن يسقط كما قرأت في كثير من المنتديات لمريضات السرطان ولسان حالهن يقول "بيدي لا بيد عمرو"
بعدها وعلى مر أسبوع كانت كميات كبيرة من شعري تساقط هنا وهناك.. في اليوم الأول كان الحزن هو سيد الموقف..
حينها كان ابني يراني باكية ويسألني.." لمَ انت حزينة؟"..
لم أحاول أن أخفي عنه ذلك...لأني شعرت أنه في كل ما أمر به...هذا امر يستطيع استيعابه.. ولأني أردته أن يقدر مشاعر الآخرين وأن يعلم أن من حق كل انسان أن يحزن حتى وان كانت ماما القوية..
"أنا حزينة لأني أفقد شعري.. لكن لو أعطيتني حضنا كبيرا سأكون أفضل.."

في الأيام التي تليها تلاشى الحزن تماما.. وحل محله شعور عجيب باللامبالاة.. ماذا يعني بعض الشعر.. لا شيء.. سخافة.. وعندما صار رأسي نصف فارغ.. حل الشعور بالغيظ.. الغيظ من هذا الشعر الباقي الذي لا يريد أن يسقط مرة واحدة ليريحني..
كنت طوال تلك الفترة أرتدي البندانة طوال اليوم ومع كل وضوء أغلق الباب على نفسي حوالي النصف ساعة وأنا أحاول أن "أقطف" ما بقي من شعري لينتهي الاحساس بالخسارة.. العجز.. والحسرة..
لم أسمح لأحد أن يرى رأسي، لكني كنت أري الشعر المتساقط لزوجي (ليتأهب للمنظر الجديد) وأقول ساخرة: " انظر لمحصول اليوم"..
ومر الأسبوع.. ولم يبق في رأسي شعر كثير.. وجاء زوجي من العمل يقول لي..."اشتقت لرؤية رأسك.. لماذا لا تنزعين هذه البندانة؟".. رفضت تماما.. لان الشعر بالنسبة لي لم يكن مجرد جمال للمرأة.. كان شعري هو كبريائي وكرامتي.. وشعرت أني بدونه سأبدو ضعيفة مريضة...وهو مالم أكن أتحمله..
عندها دخل زوجي للحمام وسمعت صوت ماكينة الحلاقة..
-"ماذا تفعل بالداخل"
-"مفاجأة"..
وخرج بعد دقائق برأس حليق..
-"لم فعلت ذلك.. لقد كنت تحب شعرك!!"
وخلال ثوان دخلت للحمام وأغلقت الباب ومررت بماكينة الحلاقة على ما بقي من شعري.. ثم استجمعت كبريائي.. وخرجت..
..وكانت على غير المتوقع دقائق من الضحك المتبادل..
-"أوبس.. ما أصغر رأسكِ!"
- "مع ذلك أنا في منتهى الذكاء.. أرأيت كيف يكون استغلال المساحات!! أما أنت فما أكبر رأسكَ!"
-"هو مليء بكرة القدم والبلايستيشن واليوتيوب.. نحتاج لمساحات شاسعة!"
-انظر لهذا النتوء في مؤخرة رأسك.. هذا مكان ال gps.. لهذا أنت ممتاز في الخرائط والوصول للأماكن.."
وأخذنا نتضاحك وابننا يضحك خولنا وهو يقول..
-"ماما.. بابا.. ماذا فعلتما!!.."
وسألناه معا هل تريد أن نحلق رأسك كذلك؟.. فأجاب :"لا شكرا.."
ومن يومها لم أحتج لإخفاء رأسي أمام أسرتي .. ولم احتج لارتداء الشعر المستعار أو البندانة واستطعت التمسك بكبريائي وقوتي وإن كان رأسي حليقا.."

#دمتم بألف خير.. إجازة سعيدة وتقبل الله منا ومنكم.

احساس روح
11-07-2015, 01:09 PM
الشعر بالنسبة للمرأه شي كبير
ويتحكم ف نفسيتها كثيرا
بالنسبه لها هو تاج تتزينبه وهو انوثه تتباهى بها
وصعب جدا للمرأه ان تفقد شعرها
يعني احنا لما يتساقط نتضايق كثير فما بالنا بوحده مريضه هكذا
اعان الله جميع مرضى المسلمين
واعجبني جدا موقف زوجها ونعم الزوج صراحه ....
وقف معها
الف شكر لك
قصه رائعه جدا.....

زهوور الربيع
11-07-2015, 02:52 PM
يعطيك الف عافية
رواية جميلة

الونيس55
11-07-2015, 06:26 PM
احساس روح
زهور المحبه
شكرآ لكم ع المتابعه
يعطيكم العافيه

الونيس55
11-07-2015, 06:30 PM
الفصل (٣١)

طريقة أكل الفيل

"هناك طريقة واحدة لأكل الفيل.. قضمه واحدة تلو الأخرى.. لا أحد يستطيع أكل الفيل مرة واحدة.. ولا أحد يستطيع حل مشاكل العالم مرة واحدة.. مهما أحب الناس وأراد التغيير.. لا يأتي التغيير مرة واحدة.. والخطأ يقع عندما نستصغر العمل ونستقله..
أن أبدأ بمحاربة الفقر في العالم بجاري الجائع.. والشحاذ الذي على رأس الشارع.. هو حقا بداية التغيير..
لا أدري من أين أتينا بذلك الطموح العجيب الذي يجعلنا نريد "فجأة" أن نصبح عظماء مغيرين مشهورين.. رغم أن سنة الله في الأرض كانت دوما أن كل عمل لابد أن يبدأ صغيرا ثم يكبر.. هكذا بدأ الأنبياء وبعضهم لم بحرز إنجازا ملحوظا في حياته (بمفهومنا الحالي للإنجاز)رغم أنهم كانوا أقرب الناس لله.. وأصدقهم رغبة في التغيير..
فما أشد حمقنا حين نضيع فرصا ونغلق أبوابا للخير يفتحها لنا الله من فوق سبع سماوات أو ندير ظهرنا لها غير مكترثين إذ لا نراها تليق "بعظمتنا".. وتعريفنا للتغيير الكبير والانجاز العظيم مخيف حقا.. فكم يشوبه حب الشهرة وكم تلوثه "الأنا"..
وكم من الناس قد أُعطوا منابر وتابعهم الملايين ولم يكن منهم تغيير حقيقي ولا خير حقيقي وكان أثرهم كمثل الزبد الذي يذهب جفاء.. وكم من عبد تقي نقي.. مستعين بربه في رغبته الصادقة في التغيير .. أنزل الله على يديه الخير الكثير وإن لم يتبعه الكثيرون وبقي أثره كشجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها...
العبرة ليست بالأرقام ولا "بأتباع تويتر" ولا المصفقين ولا المعجبين.. العبرة بمحتوى وعمق العطاء.. وليس لنا بعدها من الأمر شيء.. بل الأمر بيد الله.. الذي يفتح وينشر ويبلغ... ولا يضيع صدق الصادقين.."

#طابت ايامكم بكل خير

الونيس55
11-07-2015, 06:33 PM
الفصل (٣٢)

مقايضة المصائب

"في دورة للتنويم المغناطيسي للمعالجين النفسيين والأطباء .. تعرفت على لويس وزوجته ايمي.. في البداية تعرفت على لويس في أحد مجموعات العمل الصغيرة.. سألني المدرب عما أريد أن أحققه لنفسي من خلال التنويم المغناطيسي فأخبرته عن بعض أعراض الكيماوي التي اود أن أتخلص منها.. وكان لويس يستمع.. فسحب كرسيه إلى جانبي وسألني عن قصتي.. فأخبرته الحكاية باختصار وانا ابتسم.. فتأثر كثيرا.. وأشعرني بإعجابه الكبير بصبري وقوتي مع كبر المصاب..
ثم جاء وقت الغداء.. فجلست معه هو وزوجته وبعض الحضور الآخرين.. وعرفت أن أيمي قد فقدت بصرها تدريجيا خلال السنوات الأخيرة بسبب مرض وراثي.. وانها الآن لا ترى أبدا...ولكنها مع ذلك مستمرة في العناية بأولادها والعمل كمعالجة نفسية ومستمرة في تطوير نفسها وحضور الدورات والصراع مع الحياة مغمضة العينين.. تعلمت كيف تقوم بمسح كل الكتب والمواد العلمية ضوئيا على الكمبيوتر الخاص بها ليقوم بالقراءة لها.. تعلمت كيف تستخدم "سيري" في هاتفها الذكي لتعينها في كل أمور حياتها. وهي الان على قائمة الانتظار منذ أكثر من عام للحصول على كلب مرشد يعينها في التنقل .فالتحدي الأكبر دائما هو الذهاب لمكان جديد.. حيث لا تعرف الطرق ..فكان لويس يصاحبها خطوة بخطوة ولا يدعها أبدا..
وبعد الغداء.. أرادت ايمي الذهاب لدورة المياه.. ولما كانت مخصصة للنساء فقد طلب مني لويس مساعدتها.. وذهبت معها.. كم كانت أتفه الأمور التي نقوم بها بكل بساطة صعبة عليها.. أن تعرف بأي اتجاه يفتح الباب.. مكان المناديل.. طريقة استخدام عبوة الصابون طريقة فتح صنبور المياه.. كل التفاصيل الصغيرة التي نقوم بها بلا مبالاة، كانت بالنسبة لها تحديات كبيرة.. وخرجت معها وبينما نحن على وشك نزول الدرجات المؤدية لقاعة المحاضرات قالت ضاحكة.. "اعطني كتفك.. لا أحتاج إلا كتفا.. لأعرف طريقي"..
ملأ التأثر قلبي.. وأنا أتخيل حجم المصيبة التي وقعت عليها وعلى زوجها.. ورحت أتعجب من قوتهما ومن صبرهما...ومن روحهما العالية التي جعلتهما يتعايشان مع هذه المصيبة معا..
ثم فكرت للحظة.. ترى لو قيل لي أن أقايض إيمي.. فآخذ فقدها لبصرها (الذي لا يهدد حياتها في نهاية الأمر.. ولا يعرضها للكيماوي ولا للإشعاع ولا لكل القلق والمخاوف).. وأعطيها سرطان الثدي.. هل كنت سأقبل..
ولم أتردد لثانية...وشعرت فجأة أن سرطان الثدي هو صديقي العزيز الذي أستقبله سعيدة راضية إذا قورن بفقد بصري واحتياجي لشخص يقودني ويسوقني في كل الأوقات..
وتخيلت لو عرضت هذه المقايضة على إيمي ولويس.. وتخيلت الاثنين وهما يصيحان معا.. السرطان.. لا لا.. فقد البصر أهون بكثير من هذا التهديد المستمر بالرحيل عن الحياة..
ورحت استعرض كل أصحاب الابتلاءات الذين أعرفهم.. كل الابتلاءات صغيرها وكبيرها.. من المرض النفسي.. للطلاق.. لمرض الأبناء...و حتى الخلافات الزوجية.. هل أحب أن أقايض أيا منهم بأن آخذ بلاءه وأعطيه مرضي..
شعرت عندها بحب شديد لله الذي هو أعلم بي من نفسي.. والذي اختار لي (ولكل منا) البلاء المناسب تماما والذي اقوى على تحمله...ليجزيني به أجر الصابرين.. ولو كان بلائي مثلا كبلاء بعض من أعرف.. زوج بغيض .. يذكرني بعيوبي ويحطم نفسيتي وثقتي بنفسي (رغم أنه يبدو من بعيد أهون بكثير من الاصابة بسرطان شرس وفي مرحلة متقدمة) لكان هذا البلاء أثقل على نفسي بكثير ولا أدري أكنت أستطيع الصبر والاستمرار في الانجاز والعطاء أم لا..
فسبحان من قسم الأرزاق.. وقسم الابتلاءات.. لعلمة بكل منا وبما يصلحه في الدنيا والآخرة.."

#أبعد الله عنكم البلاء وأرفل عليكم ثوب الصحة والعافية

الونيس55
13-07-2015, 01:37 AM
الفصل (٣٣)

الآلة المنتجة

"لا أدري أين ذهبت علاقتي بالله..
لا أدري كيف غدا تركيزي واهتمامي بالإنجازات التي قد تقربني منه بصورة غير مباشرة بدلا من التركيز على العلاقة نفسها..
على المناجاة والكلام والدموع والاحساس..
لماذا كلما تحررت من سجن "الآلة المنتجة" الذي كنت أعيش فيه أعود إليه مرة أخرى..
وتعود قيمتي ثانية تكمن في.. كم كتابا قرأت.. كم مقالا كتبت.. وكم محاضرة أعطيت.. وعلى كم شهادة حزت...
بينما هؤلاء بغير روح كمثل الزبد الذي يذهب جفاء..
لا أدري لم أركز على الأعمال وانجازها والكفاءة في استخدام الوقت وعدد الأعمال المنجزة في نهاية اليوم ولا أعير بالا للاستمتاع بالعمل واستشعار التقرب إلى الله بالعمل..
لا أدري متى سأتعلم ..متى سأفهم أن الحياة ليست سباقا نجري فيه حتى الموت..
وان وقفة صدق.. قد تقطع بي في الطريق إلى الله مالا تقطعه سنوات من الركض المتمر لإنجاز اكبر قدر ممكن من الأعمال الخاوية..

علام العجلة
من العجائب.. أنني في كل مراحل حياتي كنت دوماً متعجلة للقفز للمرحلة التي تليها.. أما في هذه المرحلة فأشعر أني أريد أن أعيش كل يوم بطوله وأستمتع بكل لحظة فيه.. حين يدعو لي الأحباب بشفاء بين عشية وضحاها.. أو يستعجلون العلاج لنقضي على المرض بأسرع ما يمكن.. أشعر بالاستغراب.. لأني لست مستعجلة أبداً.. فإن كانت نهاية هذه المرحلة الشفاء والعودة للعمل ولدوامة الحياة فإني أريد أن أتزود أولاً بإيمان راسخ.. وعلم نافع.. ومعرفة أعمق لذاتي...قبل أن أعود لحلبة السباق.. وعالم الراكضين.. لأعود بفكر مختلف وعطاء مختلف...وإن كانت النهاية هي الرحيل.. والعودة لجوار الله.. فإني أريد أن أستعد للقائه...وأتزود للرحيل.. وأتمتع فيما بقي من أيامي برؤية ابني قبل أن أودعه.. فعلام العجلة.. وهذه في كل الأحوال.. أيام مميزة في حياتي لن تعود بعد ذلك أبداً.."

#أسأله تعالى أن يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى

الونيس55
13-07-2015, 01:39 AM
الفصل (٣٤)

البادجر وأمهات اليوم

أشاهد مع ابني فيلما وثائقيا عن حيوان أفريقي اسمه البادجر honey badger. (يترجم للعربية بلفيف العسل)
لقطة عجيبة.. الأم تحمل ابنها الرضيع معها في كل مكان وهي تبحث عن صيد.. ولا تستطيع تركه في "البيت" لأنه ليس هناك بيت آمن في السفانا الأفريقية.. وخلال الرحلة .. يمرض الصغير يكاد يموت.. واضح من انفاسه المتباعدة وضعفه الشديد أنه لن يعيش طويلا.. لكنها تستمر في حمله معها في كل مكان لأنها تدرك أنها لو تركته فسيكون فريسة لمئات الحيوانات الجائعة التي تنتظر صغيرا مريضا كوجبة سهلة.. تبقى تحمله حتى تواجه ذكرا من نفس فصيلتها يحاول التهام ابنها.. فتدخل معه في معركة حامية تكاد تفقد فيها حياتها لأجل ابنها الميت لا محالة.. وينتصر الذكر القوي.. ويركض بعيدا بابنها ليأكله ويتركها متخمة بالجراح..
هي ليست غبية.. هي تعرف أنه ميت لا محالة. وحتى ان عاش فقريبا يكبر وينفصل عنها بل ويصبح منافسا لها في صيدها.. فلم تخاطر بحياتها لأجله..
+++
في غرفة انتظار بالمستشفى قرأت في احدى المجلات قصة فتاة في الثانية والعشرين.. اصيبت بسرطان المبيض.. ونصحها الأطباء بعملية استئصال المبيضين مع الكيماوي .. رفضت ان تستأصل المبيضين..: لم ترد أن تخسر فرصتها في الإنجاب.. واستأصلت المبيض المصاب فحسب ثم بدأت رحلة العلاج الكيماوي.. حتى شفيت.. وخلال خمس سنين.. وفي زيارة عادية للطبيب.. اكتشفت عودة السرطان لمبيضها المتبقي.. وهو الآن ورم ضخم بحم 10 انشات.. ورم يهدد حياتها,, وينذر بعودة لنفس الطريق المؤلم طريق الجراحة والكيماوي و كوابيس الموت.. لكن كل ذلك لم يكن أكبر همها.. كان أكبر همها هو...هل يعقل أنني سأحرم تماما من أن يكون لي طفل.. وقررت أن تجازف.. قررت أن تؤجل العملية العاجلة لاستئصال الورم حتى تجد طبيب اخصاب يستطيع أن يحصل على عدد من بويضاتها لتجمدها في بنك البويضات إلى أجل غير مسمى.. رأى أطباء الورم أن ما تقوم به جنون.. ومخاطرة بحياتها لغير سبب.. فجني البويضات للتجميد يستغرق وقتا ويعطل العلاج و يسمح للورم بالانتشار.. لكن شعور الأمومة عندها طغى على كل شيء.. "أريد أن أشعر أن السرطان لم يسلبني كل شيء.. أن هناك في الثلاجة تنتظرني 10 بويضات لحين أنهي العلاج وأجد الشريك المناسب ليكون لي طفل من صلبي.."
أي عاطفة عجيبة هذه التي تجعل المرء يخاطر بحياته لأجل ابن لم يأت للحياة بعد.. بل لم يصبح حتى جنينا بعد.. انه مجرد مشروع ابن كامن في خلية واحدة في مبيضها..
وأنظر حولي فأرى عجبا وأسمع عجبا.. أرى فكرا عجيبا... غريبا على الانسانية.. وغريبا حتى على عالم الحيوان.." سأرمي بالأولاد لأبيهم.. فغدا يكبرون ويذهبون له وينسونني.. فلم أضيع شبابي معهم الآن؟!!"
"هؤلاء الاولاد لن ينفعوني غدا.. غدا يصبح كل همهم الأصحاب والخرجات ثم الزوجات.. وظيفتي هي ما سيبقى لي.. وهي وحدها الأمان...ونجاحي الوظيفي يأتي أولا"..
أعلم أن حياتنا اليوم قد تغيرت وصارت جد صعبة.. ولكنها لن تكون أصعب من حياة أم البادجر التي قررت أن تضحي بنفسها للدفاع عن جرو سيموت بعد ساعات ولن ينفعها في أي حال..

#طاب مسائكم بكل خير

الونيس55
14-07-2015, 02:57 AM
الفصل (٣٥)

العِلم المسكين

"عالم عجيب هذا الذي نعيش فيه.. نزع فيه من العلم النافع معناه وصار العلم يطلب لورقة اسمها "الشهادة" حتى الشغف باكتشاف الجديد في دورة أو مؤتمر صار محصورا في إطار "هل سآخذ شهادة حضور؟!!" قتل هذا النظام العلم لأحل العلم.. لأجل النفع والبركة.. لأجل أجر طلب العلم.. وصرنا جميعا طلاب "أوراق" طلاب "شهادات حضور" و "بوردات عالمية".. على أمل أن تفتح لنا هذه الوريقات أبواب الرزق الوفير والعمل المرموق والتبجيل عند الناس.. ثم نستغرب إن لم تفعل.. ويقول أحدنا أنا عندي كذا وكذا من الشهادات ولم أنل العمل أو التقدير أو الراتب الذي أستحق...وكأنما صارت هذه الوريقات المدعوة بالشهادات تقرير استحقاق للحياة الرغيدة ..فان لم تكن نسخط ونقول لماذا يا رب!!
ولو وضع أي منا في المحك ليختار بين علم بشهادة وعلم أنفع منه وأعمق لكن بغير شهادة لاختار الشهادة على العلم فهكذا صارت الحياة..
مسكين هو العلم بمعناه الواسع العميق.. العلم الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : « مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ وَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِى السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِى الأَرْضِ وَالْحِيتَانُ فِى جَوْفِ الْمَاءِ وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ » ".
هذا الفضل العظيم راح ضحية الوريقات التي أسميناها الشهادات.."

#اللهم إجعلنا ممن يسمعون القول فيتبعون أحسنه.

الونيس55
14-07-2015, 02:59 AM
الفصل (٣٦)

آخر أيام الإشعاع

"أجر أقدامي ليوم آخر من العلاج الاشعاعي.. لمدة سبعة أسابيع آتي للمستشفى كل يوم لتلقي الاشعاع.. ولكن في الأيام الأخيرة صارت الأمور أصعب. ..وصرت أمقت هذا المشوار الصباحي البغيض.. فالجو يزداد برودة والعواصف الثلجية تهب كل حين وآخر.. والسير في الثلج والرياح مؤلم ومرهق.. أضف لذلك أن العلاج في الاسابيع الاخيرة قد أثر كثيرا على المنطقة المتعرضة للإشعاع.. فالتهبت وتقرحت وصارت حتى الثياب مؤلمة ان لامستها...ولكن لا يزال علي الاستمرار... والتعرض للمزيد والمزيد من العلاج الاشعاعي على منطقة احترق فيها جلدي تماما... أجر أقدامي وأحاول تجديد النية.. حسنا.. أنا ذاهبة لطلب التداوي كما أمرنا الله.. حتى اكون قد أخذت بكل الاسباب ولم أدع شيئا أستطيع فعله.. أطلب التداوي لأقضي على ما بقي من المرض.. لأحيا.. وأعيد التفكير مرارا.. لماذا أريد أن أحيا..
لأكون لأبنائي خير أم... لأعينهم في مشوار الحياة الصعب وأضيئ لهم طريقهم ما استطعت.. لأكون نورا للناس من حولي ... ودفعة أمل لهم... لأكون لمرضاي الذين ضاقت بهم السبل خير طبيبة تشعر بألمهم وتفهمه بعمق بعد كل ما مررت به... لأفتح في الطب النفسي فتوحا تخدم بلادنا التي تعاني فقرا مدقعا في هذا المجال.. فقرا في الكم والكيف والموارد وحتى الفهم والتقبل...
حسنا.. جددت النية.. ووصل القطار لمحطة المستشفى.. وحان الوقت للمزيد من الاشعاع.. تستقبلني الممرضة ضاحكه.. اليوم الأخير ...ياااااااي....
-حقا.. اليوم هو اليوم الأخير.. وتنفرج أساريري بضحكه من القلب.. أخيييييرا... الحمد لله..
كنت أكاد أقفز فرحا .. غيرت ملابسي بسرعة وجلست في غرفة الانتظار.. وإلى جواري سيدة مسنة أراها لأول مرة..
بادرتها بسعادة..
-اليوم آخر يوم لي !!! (لم تكن الفرحة تسعني فأردت مشاركة أي أحد)..
-حقا.. مبروك.. انا في ثالث اسبوع من أصل سبعه..
-ستكونين بخير.. وستمر بسرعة..
-أين تأخذين الاشعاع..
-مكان الثدي المستأصل .. وانت؟
-الدماغ.. هذا سيء أليس كذلك...لكني واثقة أن الله سيعتني بي.. وبك..
-نعم.. أعلم ذلك.. نحن في نعمة... وسكت برهة ولا أدري لم وجدت نفسي أقول لها..
-لدي في البيت طفلان.. أربعة سنوات.. وأربعة أشهر.. وابتسمت..
فردت بابتسامة واسعة وقالت..
-لا تقلقلي سيبقيك الله لهم لتربيهم.. أنا واثقة.. سأدعو لك.. وانت.. أدع لي ..
وجاءت الممرضة لتناديني للجلسة...
ابتسمت لها وذهبت.. وبعد الاشعاع.. أعطتني الممرضة ورقة ملفوفة.. تساءلت ما هي فقالت ضاحكة.. شهادة التخرج!
فتحتها ووجدت فيها شهادة تخرج من الاشعاع.. بتوقيع كل الممرضات الذين رأيتهم خلال أسابيع العلاج وتمنياتهم لي بالشفاء..
كم أحببت هذه الهدية.. وكم حملت كثيرا من التفاؤل في طياتها..
وخرجت من المستشفى وقلبي ينبض بالحب لكل من يشاركني الانسانية و يتنفس معي نفس الهواء.."

#دمتم في تفاؤل وأبعد الله عنكم كل حزن.

غلاتي ف حلاتي
14-07-2015, 03:14 AM
بعدها هالقصه عاايشه
متابعه لك بالتقطيع الفصول لي
مافيهن شي عن القصه بس نصائح وكلام
ما اقرأهن ولي فيهن تكملت القصه بس اقرأ

الونيس55
14-07-2015, 03:33 AM
بعدها هالقصه عاايشه
متابعه لك بالتقطيع الفصول لي
مافيهن شي عن القصه بس نصائح وكلام
ما اقرأهن ولي فيهن تكملت القصه بس اقرأ

قربت لنهايه
شكرآ لك ع المتابعه
النصائح والكلام هوه الهدف من القصه وهن الي فيهن العبره والاستفاده

الونيس55
15-07-2015, 03:29 PM
الفصل (٣٧)

شريح القاضي

"من تعرض لرحمات الله نالها.. ومن أعد الأسباب التي في يده ليستعمله الله فتح الله له باب العمل من حيث لا يحتسب.. ورزقه فوق ما يستحق اعداده..
شريح.. رجل عادي.. من أهل اليمن.. حرم من العدل منذ صغره فصار العدل أكبر معنى في حياته..
أسلم في الثلاثين على يد علي بن ابي طالب مع أهل اليمن.. ومنذ أسلم.. كان حلمه أن يكون سببا في احقاق العد ل في الأرض.. لم يكن يملك منصبا.. ولا عينه أحد.. ولا استعمله أحد.. لم يكن إلا رجلا من البسطاء.. لكنه عشق حلمه في احقاق العدل...وبدأ يعد نفسه وهو في بيته.. فدرس وقرا وتفكر وأعد كل ما يمكن أن تقع عليه يده من ذكر للعدل في القرآن او السنة.. وتخيل نفسه في ذلك الموقع الذي يمكنه به احقاق العدل.. وتخيل كل القضايا الشائكة التي يمكن أن تعرض عليه.. وأعد لها في نفسه قرارا عادلا..
وبعد 13 سنة من الاعداد.. بعد أن بلغ شريح من العمر 47 عاما بغير أن يرى أي بادرة لتحق حلمه.. جاء اليوم الذي دبر الله له فيه تدبيره.. فاختلف عمر بن الخطاب الخليفة آنذاك مع أحد المسلمين فأرادا أن يحتكما إلى أحد.. فاختار خصم عمر شريحا ليحتكم إليه..
وحان وقت الاستعمال والفتح الإلهي الكبير...وحكم شريح.. وأعجب عمر بحكمه.. وبفهمه العميق في القضاء.. فعينه قاضيا على الكوفة.. وبقي شريح قاضيا للمسلمين على مدى60 سنة و لمدة حكم 5 خلفاء.. أمد الله في عمره حتى المائة وسبعة وهو بكامل عقله ولا يزال في منصبه.. أمد الله في عمره أضعاف ما فاته من وقت للإعداد. وقت أن كان بذرة تحت الأرض لا يراها الناس ولكن جذورها تمتد في الأرض.. وترسخ وتهيئ لشجرة طيبة تخرج بعد 13 سنة.. أصلها ثابت وفرعها في السماء, تؤتي أكلها بإذن ربها 60 سنة و تستمر في إيتاء أكلها حتى بعد وفاة شريح بما تركه من تراث في احقاق العدل..
إنما علينا الاعداد.. وعليه سبحانه الفتح والتمكين..
وبناء الجذور الراسخة وان استغرق وقتا ولم يبد للناس فهو الأساس لكل عطاء كبير يبقى أثره..
أما ما نراه اليوم من ضوضاء.. يحدثها الغث والسمين...طلبا للشهرة والمجد.. الكل يتكلم.. الكل يتفلسف.. الكل يمسك بمنبر.. الكل يريد أن يشتهر ويعلو اسمه ..بلا جذور.. بلا عمق.. وبلا معنى..
فأحق ما يقال فيه أنه كالزبد الذي يذهب جفاء.. ويجرفه السيل بكل سهولة...مهما كثر المتابعون والمصفقون"

#طابت ايامكم بكل خير

الونيس55
15-07-2015, 03:33 PM
الفصل (٣٨)

العيش بنصف جسد

"أعود للعمل بمستشفى الإدمان مع عتاة المدمنين والمجرمين... أعود للعمل مع أناس أمضو سنين وسنين ولا معنى لحياتهم سوى المخدرات.. خسروا كل شيء.. الأهل والأصدقاء والمال ارتكبوا الجرائم والحماقات وكبرت بهم السن وهم لا يزالون يلهثون وراء السعادة الزائفة في هذه الشمة وتلك الحقنة.. أقابل مرضاي واحدا تلو الآخر.. ليست هذه زيارتهم الأولى ولن تكون الأخيرة.. فالحال لم يتغير منذ سنين. ومع كل مريض أراه أشعر بألم شديد يعتصر روجي ولا أكاد أستطيع التنفس..
وددت لو أصرخ في كل واحد منهم: "أنت لا تدرك ولن تدرك كم هي ثمينة نعمة الحياة هذه التي تريد أن تضيعها بحماقتك!!"..
لا يدرك كم هي ثمينة نعمة الحياة ‘لا من كاد يفقدها.. وتعود بي الذاكرة لليلة أليمة.. ليلة من ليالي العلاج الاشعاعي... انتفخت منطقة الاشعاع فجأة وتغير لونها من الأحمر للبني ثم للأسود.. صارت المنطقة مشدودة ومنفوخة ومؤلمة حتى أن الملابس صارت تؤلم ان لامستها.. ولم استطع النوم في تلك الليلة..
لم يكن أسوء ما في الأمر الألم.. بل كانت أفكاري.. لأني طبيبة تخيلت ماذا يمكن أن يكون قد حدث هكذا فجأة...لعل العضلات قد ماتت من الاشعاع.. لعلي أصبت بحالة Necrotizing facietis وهي حالة تشبه الغرغرينا في منطقة تكاد تموت .. الحل في هذه الحالة هو قطع اليد أو الرجل المصابة في أسرع وقت حتى لا ينتشر المرض في الجسم ويقضي عليه.. تمنيت حينها لو كان هذا الاتهاب في يد أو رجل لتقطع في سبيل أن أبقى على قيد الحياة.. ولم يكن في صدري .. فكيف يمكن استئصال صدري.. كنت شبه نائمة وأتخيل عملية خرافية لاستئصال نصف الصدر.. كان الليل طويلا ومرعبا..
تذكرت فيما يشبه الهذيان عملية أخبرني زوجي عنها.. عملية لا يقوم بها إلا قلة من الأطباء الروس في روسيا.. تسمى hemicorpectomy يقومون بها عندما ينتشر السرطان في الحوض وتستحيل كل العلاجات الأخرى فيستأصلون نصف الإنسان السفلي تماما و يفتحون في الجذع العلوي فتحتين للتبول والتبرز.. ويودع المريض رجليه وحوضه ويفضل أن يعيش بنصف جسد على أن يخسر حياته.. في لحظات الهذيان والألم كنت مستعده لتقديم هذه العملية بل تمنيتها لأبقى على قيد الحياة.. ولكن المرض كان في نصف قفصي الصدري فكيف يستأصل هذا؟؟ لا حل...
وجاء الصباح وذهبت لطبيبة الاشعاع لتنظر لصدري المنفوخ والمسود وتقول لا داع للقلق.. هذا يحصل لكثير من مرضى الاشعاع وهو من الاعراض الجانبية التي ستزول بعد فترة..
إذا لم تمت العضلات.. وليست هذه غرغرينا ولا التهابا قاتلا.. عندها تذكرت استعدادي للعيش بلا يد أو رجل بل وبنصف جسد وأدركت كم هي غالية نعمة الحياة"

#اللهم أشفِ مرضانا وأغفر لموتانا وموتى المسلمين

الونيس55
15-07-2015, 03:35 PM
الفصل (٣٩)

ما أتعس من يهرب من نفسه

"في مستشفى الإدمان لمدة شهر.. و يا له من شهر.. تعرفت على أجزاء من الحياة لم أرها منن قبل.. رأيت أنواعا من البشر لم أرها من قبل... مرضاي الأعزاء... كلهم زاروا هذه المستشفى سابقا مرات ومرات (وبعضهم لم يزل يزورها منذ 20 سنة)... كلهم تقريبا خسروا أهلهم تماما فلا يريد أهلهم سماع أي شيء عنهم ولا السماح لهم بالاقتراب من منازلهم (والبعض يصدر الاهل حكما من المحكمة لا يسمح للمريض بالاقتراب من البيت على مدى كيلومترات)...معظمهم يعيش في الشارع ويتنقل بين المستشفيات في الليالي الباردة مدعيا أنه على وشك الانتحار ليهرب من برد الشتاء القارص.. او يتسكع في بيوت الأصدقاء و ينام على أريكة هذا وذاك حتى يتم طرده .. معظمهم زار السجن لجرائم تتراوح بين حيازة المخدرات.. السرقة المسلحة.. الاعتداء على الممتلكات و والاعتداء على ضباط الشرطة... معظمهم اعتدي عليه طفلا بالضرب او الاغتصاب ليكبر ويكون هو المعتدي والمغتصب لاحقا.. أما الفتيات فكلهن تقريبا تم اغتصابهن مرات عدة.. ومعظمهن يمارسن الدعارة ليوفرن ثمن العنصرين الذين لا غنى عنهما لحياتهن... المخدرات.. وشيء من الطعام..
دورنا كفريق معالج يتلخص في مساعدتهم في التوقف عن تعاطي المخدرات.. خلال 3-4 أيام نقوم بإعطائهم بديلا عن المادة التي كانوا يتعاطونها في الخارج ونقلل الجرعة يوميا لنساعد اجسامهم على التخلص منها بأقل أعراض انسحابيه ممكنه... ونعالجهم من أي مرض نفسي مصاحب للإدمان كالقلق او الاكتئاب ومن ثم يعمل فريق الاخصائيين الاجتماعيين على نقلهم لبرامج إعادة التأهيل المخصصة للمدمنين والتي تتوفر بدرجات وجودات متفاوتة...وهذه البرامج تقدر فيم بعد ان احسن المريض فيها التصرف ان تنقله لسكن تهيئه الولاية للمقلعين عن الإدمان.. سكن مجاني او شبه مجاني شرطه الوحيد ان لا يدخل الساكن اليه أي مخدر او كحول ابدا ...
ورغم ان الخدمة المقدمة تبدو للقارئ جيدة وكافية ليبدأ المدمن حياة جديدة إلا ان العامل في المجال يرى الفشل الذريع.... يخرج المريض من المستشفى اليوم قائلا.. هذا آخر عهدي بالإدمان.. انتهت هذه الحقبة و سأبدأ حياة جديدة (ولا أدري هل يعنون هذه الكلمات ام يقولونها إرضاء لخواطر الكادر الطبي).. يخرج لبرنامج إعادة التأهيل... فيدخل في مشاجرة و يضرب أحدا أو يسرق ادوية احد او يمل ولا يطيق البقاء.. والنتيجة واحده... العودة للشارع وحقن الهيروين وأنفاس الكوكايين...ليعود لنا او لغيرنا من مستشفيات الإدمان بعد أسبوع او اثنين يعد ان يجده احدهم ملقى مغمى عليه في جرعة زائدة او بعد ان يقرصه البرد والجوع فيقرر الدخول مرة أخرى ليستمتع ببعض الليالي الدافئه والوجبات الساخنة..
سألت نفسي مئات المرات.. لماذا,, لماذا هذا الفشل الذريع.. وجاءني الرد مع كثرة الحوار والتعامل معهم... مساكين هؤلاء الناس...لسنين لم يجالسوا انفسهم للحظات.. لا يطيق احدهم فكرة أن يكون مع نفسه.. أن يفكر.. ويقولونها صراحة كما صاغتها أحدهم " منذ سنين وكل ما أعمله هو to get high ان أعيش تحت تأثير نشوة هذا المخدر او ذاك.. فإن لم يكن للنشوة فهو لمجرد الهرب.. من التفكير.. ومن أن أنظر لحياتي.. فحياتي لا مستقبل فيها ولا ماضي... تشوه ماضي بالاعتداء والاغتصاب والذكريات المؤلمة.. وليس في المستقبل ما يمكن أن أطمح له.. البقاء بغير أي مخدر.. أو حتى دواء مهدئ أو منوم.. يجعلني أواجه نفسي التي أكرهها كثيرا.. ولا أجد مهربا منها إلا الانتحار...
اسمع كلماتها وكلمات غيرها المشابهة.. ولا يسعني إلا التعاطف والتفهم...التعاطف حتى مع المجرمين منهم والمعتدين والمغتصبين...
أرى هذا الإدمان العنيف... بأبشع صوره ثم اركب في القطار بعد بكل يوم عمل... لأرى وجها أخر من الإدمان. حيث الكل مربوط بجهازه الذكي من أذنيه ويستمع لموسيقاه بينما أنامله تتحرك بسرعة على الشاشة الذكية لتستعرض كل ما في المواقع الاجتماعية من "لا شيء"... والسبب هو نفس السبب ..ان الانسان لم يعد يطيق مجالسة نفسه.. ولم يعد يتحمل الوحشة القاتلة في جوفه فهو يبحث متشنجا عن أي ادمان يلهي عقله عن التفكير وقلبه عن الإحساس.. ولكل منا إدمانه.. من حقنة الهروين إلى المواقع الإباحية إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي لا تواصل فيها ولا اجتماع...
الكل يهرب.. الكل يهرب... و ما أتعس من يهرب من نفسه"

#دمتم في سعادة وألقاكم غداً بإذن الله في الفصل الأخير من المذكرات

الونيس55
15-07-2015, 11:52 PM
الفصل (٤٠) والأخير

بعد انتهاء العلاج


"يظن الناس أن كل مشاكل مريض السرطان تنتهي بانتهاء فترة العلاج...وكأن العصا السحرية قد قضت على كل خلية شريرة ما دمنا لا نرى بالفحوصات شيئا فالموضوع انتهى وصار تاريخا وذكرى..
والواقع مع الأسف ليس كذلك.. لا الواقع علميا كذلك ولا الواقع نفسيا كذلك...
فعلميا.. الطب أعجز بكثير مما نتخيل.. لا توجد فحوصات تنفي وجود أي خلية سرطانية هنا أو هناك.. لا يمكن تأكيد عدم انتشار المرض ولا يمكن التكهن بطريقة تصرف تلك الخلايا السريعة النمو مهما بلغ بنا العلم.. الأمر في النهاية بيد العلي القدير ..أما نفسيا فلا يرحل المرض أيدا.. يبقى القلق من عودته., من انتشاره من انتقاله لمكان آخر.. ويبقى الأثر الحميل الذي يبقي حبل المريض موصولا بربه يرجوه ويتوكل عليه حيث لا ينفع أحد ولا يعي حقيقة الأمر أحد...
في كل ليلة لي لقاء مع أفكار المرض...ذاك الصداع الذي أصابني اليوم أيكون انتشارا له في الدماغ.. وأستعيد كل أعراض اورام الدماغ فاذكر أن الصداع بدأ ليلا وصداع الورم عادة يبدأ فور الاستيقاظ من النوم ويصاحبه الغثيان.. وحين أفكر في الغثيان أذكر ذاك الغثيان الذي أصابني قبل أسبوع.. لكنه لم يستمر إذا ليس عرضا... ماذا عن بعض الام البطن.. أتكون انتشارا في الكبد.. لكن وظائف الكبد في آخر فحص جيده.. لكن الورم يجب أن يدمر اكثر من ربع الكبد ليؤثر على وظائفه.. لكن ماذا لو كان ألم البطن بسبب سرطان المبايض والذي عادة ما يصاحب سرطان الثدي... وهكذا يبقى الحال لدقائق حتى أنام وانا اتمتم.. رضيت بالله ربا.. رضيت بقضائك يا رب..
واصحى في اليوم التالي وقد نسيت الأمر كله وعدت للعمل والأولاد والحياة. لتعاودني المخاوف في الليلة التالية واتساءل متى بالضبط يجب ان اشرك طبيبي في المخاوف لنقوم ببعض الفحوصات (التي لا تخلو من التعرض للإشعاع في أغلب الأحيان} .. متى ترقى المخاوف لحد الخطر الحقيقي الذي يستحق اهتماما اكبر من مجرد التعوذ بالله من الشيطان ..هذا غيض من فيض مما يعيشه مريض السرطان وحيدا. حتى لا يولم من حوله بمخاوفه التي تفتح باب نكد لا ينتهي

سنكون جميعا بخير

في غرفة الانتظار مع بقية مرضى السرطان بانتظار العلاج الكيماوي التكميلي (سأستمر عليه لمدة سنة أخرى) .. عادة لا أضطر للانتظار مع الجميع بل أدخل فورا لغرفة الكيماوي الخاصة...لكن لعل الله أراد اليوم أن يعطيني درسا...
قبل أيام عدت للعمل.. وربما عاد للقلب شيء من عنجهية الأطباء وإن لم ألحظه... ربما عاد لي اعتقاد "المناعة" و "الحصانة" الذي يشعر به جميع الأطباء فالأمراض دوما تصيب الآخرين ولكن ليس نحن...
أجلس وسط مرضى السرطان.. منهم من يرتدي الكمامة... منهم من يحتاج للأكسجين... منهم من أسود وجهه و جحظت عيناه.. وأبدو بفضل الله بحال أفضل بكثير... أخجل من شكلي الجيد وسطهم... أخجل من قميصي الأحمر وحجابي المزين بالورود الملونة...
لكن لعلي بذلك أعطيهم أملا... ستكونون بخير كما أنني الآن بخير.. ستمر الأيام .. ونكون جميعا بخير.."

#انتشر المرض عند الدكتوره نور في الكبد والعظام وأختارها الله إلى جواره في مايو 2015. تاركة خلفها طفلها وطفلتها .غفر الله لها وأسكنها فسيح جناته. وغفر الله لموتانا وموتى المسلمين وشفا الله مرضانا ومرضى المسلمين.

#أتمنى أن العبر في هذه المذكرات قد حركت المشاعر والتفكير لدينا جميعا وأبرزت حاجتنا كبشر أن ندرك أهمية أن نترك أثرا إيجابيا في الحياة مستشعرين نِعَم وفضل الله علينا في كل وقت وكل حين.

#ألتقيكم بعد عيد الفطر مع كتاب جديد بإذن الله وكل عام وأنتم بخير وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ولاتنسونا من صالح دعائكم.

الونيس55
16-07-2015, 12:04 AM
انتهت القصه
كل الشكر لمن تابعها لنهايه وعلق ع القصه
وكذالك شكرآ لمن تابعها بصمت
اتمنى الأستفاده للجميع
نلتقيكم في كتاب اخر ان شاء الله

غلاتي ف حلاتي
16-07-2015, 12:15 AM
نهاااية مؤلمه جدا.....الله يرحمهااا
اشكرك الونيس على سرد احداث هذه القصه
كفيت وفيت......
ننتظر الجديد.... بالتووفيق

الونيس55
16-07-2015, 02:28 AM
نهاااية مؤلمه جدا.....الله يرحمهااا
اشكرك الونيس على سرد احداث هذه القصه
كفيت وفيت......
ننتظر الجديد.... بالتووفيق

العفو استاذه غلاتي
شكرآ لك ع المتابعه