المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ملخص كتاب ..



صدى صوت
08-07-2015, 08:27 PM
يفضل الكثيرون من القراء عند لجوئهم لقراءة الكتب عدم قراءتها كاملة كل مرة، وعدم القيام بالبحث في الكتاب لفترات طويلة؛ كي يجد النقاط المهمة التي كان يبحث عنها، لذلك، يلجأ الكثيرون إلى تلخيص الكتاب، وكتابة أهم النقاط التي يرغب في قراءتها بشكل مستمر، وبطريقته الخاصة التي قد تختلف عن طريقة صياغة الكاتب لكتابه؛ وذلك كي يسهل عليه القراءة والحفظ، وفهم الكتاب بشكل أسهل وأفضل.
التلخيص يحتاج لمهارات متعددة كي تستطيع أن تلخص كتاب بطريقة صحيحة، ولذلك، يجب أن تتقن فهم الكتاب وقراءته واستيعاب المعلومات التي بداخله، ويجب أن تكون لديك القدرة علي صياغة معلومات الكتاب بطريقتك الخاصة وبشكل صحيح، وتلخيص الكتاب يعني قراءة وفهم استيعاب المعلومات التي بداخل الكتاب، وإعادة تلخيصها علي شكل نقاط مختصرة وبأسلوب جديد، ولكن مع المحافظة علي النقاط الأساسية في الكتاب، وعدم كتابة معلومات خاطئة أو بعيدة عن النص الأصلي للكتاب.

صدى صوت
08-07-2015, 08:35 PM
هنا في هذه المساحه نحاول ان نعرض ملخصات لبعض الكتب الهامه والهدف من هذه المحاوله هو وضع كتب لها قيمتها بين يديك عزيزي القارئ بطريقة مبسطة ..
وسنتيح الفرصة لكم ايضا اخواني اخواتي اعضاء السبله العمانيه محبي قسم الثقافه والابداع الفكري في طرح ملخصات كتب ترون انها ذات فائدة علمية وادبيه ..
الكتب التي سنعرضها متنوعه تتحدث عن مجالات مختلفه ولا تقتصر على غرض واحد من اغراض الكتابه ..
فأهلا وسهلا بكم ونتمنى تفاعلكم معنا ...

صدى صوت
08-07-2015, 08:41 PM
ملخص كتاب : اعذار الصائمين
للكاتب الدكتور عبدالرحمن المخضوب
----------------------------------------
الطبعة الأولى: 1426هـ
دار إمام الدعوة للنشر والتوزيع
عدد صفحات الكتاب 129صفحة
-------------------------------------


الكتاب عبارة عن ستاً وعشرين وقفة للصائمين، وقد تم إذاعته كاملاً في إذاعة القرآن الكريم عام 1424هـ، ومناسب جداً لأئمة المساجد

الوقفة الأولى: تشمل فرضية وجوبه على المسلم البالغ العاقل المقيم القادر السالم من من الموانع والأعذار، ومن أفطر في رمضان فقد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب، وقد وردت آثار في تغليظ عقوبته، فمنها ما رواه الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من أفطر يوماً في رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقض عنه صوم الدهر كله وإن صامه ) وفي سنده جهالة، وروي عن ابن مسعود وفيه انقطاع، وهذا مخرج على التغليظ والغضب لا نتهاك حرمة الشهر ووجوب صيامه.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عن رجل أفطر في نهار رمضان متعمداً ثم جامع فهل يلزمه القضاء والكفارة أم القضاء بلا كفارة، فأجاب: عليه القضاء وأما الكفارة فتجب في مذهب مالك وأحمد وأبي حنيفة، ولا تجب أي عنده - رحمه اللـه -
قلت: والحديث كما مر معنا فيه جهالة، فلا يثبت.

الوقفة الثانية: العذر: هو ما يرفع اللوم عما حقه أن يلام عليه، وهو سبب مبيح للرخصة.

والأعذار قسمان: عام، ونادر. فالعذر العام: لا قضاء معه للمشقة التي تلحق المكلف إذا طلب منه القضاء، فالمريض يصلي على حسب حاله، وكذا الخائف، وله القصر في الصلاة، ولا يؤمر بالقضاء.

والعذر النادر قسمان: قسم يدوم غالباً وقسم لا يدوم.
فالأول: كالاستحاضة وسلس البول ومن به رعاف دائم، فهؤلاء يصلون مع الحدث والنجس ولا يعيدون للمشقة والضرورة.
والثاني: يؤتى معها ببدل يسد الخلل كالتيمم مع وجود الماء لخوف البرد الشديد ومن فقد الماء والتراب، والمريض الذي لا يجد من يوضئه أو يوجهه إلى القبلة فيصلون على حسب حالهم.
وعند تأمل المشقة المؤثرة في التخفيف من ناحية الضبط الشرعي يظهر لي والعلم عند اللـه، أنها تنقسم إلى ثلاثة أنواع:
النوع الأول: مشقة ضبطها الشارع وربطها بأسباب معينة بحيث يدور حكم التخفيف معها وجوداً وعدماً وهي:

السفر: فهو سبب من أسباب التخفيف ويشمل رخصاً كثيرة أوصلها النووي إلى ثمان: قصر الرباعية والفطر في رمضان والمسح ثلاة أيام بليالها .. إلخ.
المرض: عذر في الفطر والجمع.
الإكراه: فهو عذر حتى إنه يبيح التلفظ بكلمة الكفر لمن أكره وقلبه مطمئن بالإيمان.
النسيان: عذر وسبب من أسباب التخفيف فمن أكل أو شرب في نهار رمضان ناسياً فلا شيء عليه.
الجهل: عذر مسقط للإثم مطلقاً، أما الحكم في ترك مأمور لم يسقط بل يجب تداركه كم جهل دخول شهر رمضان فأفطر جاهلاً فيسقط عنه الإثم، ويجب عليه القضاء.

النوع الثاني من أنواع المشاق: المشقة التي لم يرد بشأنها ضبط ولا تحديد في الشرع. فمنها مشقة لا تنفك عنها العبادة كالوضوء والغسل في البرد الصوم في النهار الطويل، ولمن يعمل في أغلب النهار، والمخاطرة بالنفس في الجهاد فهذا القسم لا يوجب تخفيفاً في العبادة لأنه قرر معها.
النوع الثالث: مشقة بين هذين النوعين، فما قرب من الأولى أوجب التخفيف، وما قرب من الثانية لم يوجبه، ما توسط يختلف فيه التجاذب لتجاذب الطرفين له.
قال الشاطبي –رحمه الله – في الموافقات: وضعت الشريعة على أن تكون أهواء النفوس تابعة لمقصود الشارع فيها وقد وسع اللـه على العباد في شهواتهم وأحوالهم وتنعماتهم على وجه لا يفضي إلى مفسدة ولا يحصل بها على المكلف مشقة وأحل اللـه من متاع الدنيا أشياء كثيرة فمتى جمحت نفسه إلى هوى قد جعل الشرع له منه مخرجاً وإليه سبيلاً فلم يأته من بابه كان هذا هوى شيطانياً واجباً عليه الانفكاك، كالمولع بمعصية من المعاصي فلا رخصة له البتة؛ لأن الرخصة هنا هي عين مخالفة الشرع اهـ.

فالمؤمن مكلف بأقل من طاقته لذلك لما سئل سفيان ابن عيينة عن قوله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَاالبقرة286 ، قال: إلا يسرها ولم يكلفها طاقتها؛ لأن الوسع ما دون الطاقة، كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية.

الوقفة الثالثة: إن من رحمة اللـه بعباده وفضله أنه إذا أسقط عنهم عبادة لعذر مسقط ألا يحرمهم الأجر والثواب لما ثبت عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً) رواه البخاري.
إن من الناس من تحمله المشقة الموهومة والرحمة الزائفة على من منع أولاده من الصيام ولو كانوا يطيقون ذلك مدعياً عدم وجوب الصوم عليهم، وأنه قد على نموهم وتفكيرهم، وهذا في حقيقته مخالف لنهج السلف الصالح ولنهج التشريع، ذلك أن الصغير يكون ألفه ونشأ عليه، بينما قد يبلغ الأولاد الحلم بدون علم أوليائهم بذلك.

ثم ذكر المؤلف علامات البلوغ.

الوقفة الرابعة: ذكر المؤلف أن انعدام الليل أو النهار عذر في عدم وجود الصيام، ثم ذكر فتوى هيئة كبار العلماء، في من يطول عليهم النهار، أو يقصر.

الوقفة الخامسة: وقفة مع شروط الصيام، ومنها، العقل، وزواله بالجنون وتارة بالإغماء، وتارة بالسكر والنوم، ولكل حالة حكمها:
الحالة الأولى: زوال العقل بالجنون: ولا خلاف في أن المجنون غير مكلف، ولكن إذا استغرق الجنون عند البعض جميع النهار من طلوع الفجر إلى الغروب فلا يجب عليه الصوم، وإن طرأ الجنون وقوعاً أو ارتفاعاً بأن صام وجن في أثناء النهار أو كان مجنوناً في النهار وأفاق في آخره فهل يجب عليه صيام هذا اليوم الذي أدرك جزءاً منه مكلفاً؟
خلاصة القول: أن الصيام عبادة لا تتجزأ، فمن جنونه متقطع إذا أدرك جزءاً من اليوم وهو عاقل ثم جن بقية اليوم يؤمر بقضاء اليوم الذي أدرك جزءاً منه وهو مكلف إذا أفاق، وأما إذا استغرق جنونه جميع اليوم فإن قلم التكليف مرتفع عنه، ووجوب القضاء فرع عن وجوب الأداء، فإذا لم يجب عليه الأداء أصلاً فكيف نوجب عليه القضاء، هذا هو الأظهر في المسألة.

الحالة الثانية: زوال العقل بالإغماء، وللمغمى عليه ثلاث مسائل: المسألة الأولى: إذا أغمي عليه شهر رمضان أو بعضه ثم أفاق في أثنائه أو بعده، فلا يسقط عنه القضاء، وأما إن كان الإغماء أو فقد العقل طيلة الشهر، فعليه قضاء الشهر، كما ذكر ذلك الطبري إجماعاً في جامع البيان.
المسألة الثانية: إذا أغمي عليه في يوم من أيام رمضان من الليل إلى غروب الشمس، فالصحيح أن صومه غير صحيح، لعدم وجود النية، وإن وجدت النية، فلعدم الإمساك، وعليه القضاء، فالصوم هو الإمساك مع النية.
المسألة الثالثة: إذا أفاق أثناء النهار فصومه صحيح في الأظهر من أقوال أهل العلم.، ولو كان عند طلوع الفجر مغمى عليه، كالنائم الذي لا يفيق إلا أثناء النهار.
الحالة الثالثة: زوال العقل بالنوم: فالنائم صومه صحيح، ويلحقه الإثم إذا تهاون في الواجبات كالصلاة.

الوقفة السادسة: من أعذار الصائمين الجهل والنسيان: فيصح صوم من أكل أو شرب ناسياً، وأيضاً من جامع ناسياً.

الوقفة السابعة: تحديث المؤلف عن عذر العجز عن الصيام سواءً كان العجز مستمراً أو مؤقتاً.

الوقفة الثامنة: تحدث المؤلف عن عذر المرض،
ومن المسائل: غسيل الكلى؟ وذكر أنه من المفطرات، لأنه إخراج الدم من بدن المريض، وقاس هذا بفطر الحاجم عند خروج الدم منه في نهار رمضان، وأيضاً لما يشعر به الحاجم من الضعف بعد الحجامة.
ثم ذكر أن حقن الدم تفطر لأنها تقوي الجسم، فهي بمعنى الأكل والشرب بالنسبة لمن يعاني من فقر الدم، وهو قول الشيخ ابن باز، وابن عثيمين لا يرى ذلك.

ثم ذكر أن استعمال الإبر للصائم إما أن تكون مغذية، فهي مفطرة، أو تكون غير ذلك كإبر المعالجة، كالأنسولين أو إبر التطعيم باختلاف أنواعها سواء عن طريق العضلات أو العروق فهي لا تفطر، وإن وجد حرارتها في الحلق، لأنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعناهما.
وذكر بعد ذلك أن الحقنة الشرجية وقطرة العين والأذن وقلع السن ومداواة الجرح كل ذلك لا يفطر على رأي شيخ الإسلام وتبعه جماعة من المحققين.
وأيضاً بخاخ الربو لا يفطر لأنه غاز يذهب إلى الرئة وليس بطعام.

الوقفة التاسعة: عذر السفر، وذكر شروطاً للترخص في السفر بالفطر، فمنها:
1. أن يبلغ السفر مسافة القصر، وتقدر بثمانين كيلو تقريباً.
2. أن يكون السفر مباحاً.
3. ألا يقصد بسفره التحيل على الفطر، أي التحايل لأجل الإفطار.

الوقفة العاشرة: تحدث المؤلف عن أيهما أولى الصيام أو الفطر في السفر، وتحدثنا عن ذلك في الكتاب السابق.

الوقفة الحادية عشر إلى الثالثة عشر: تحدث المؤلف عن عذر الحيض وتناول حبوب منع الحيض وخوف المرضع على نفسيهما.

الوقفة الرابعة عشر: تحدث عن أصول المفطرات: عن الجماع، وإنزال المني وخروج المذي.

الوقفة الخامسة عشر: تحدث قطرة العين والأذن وأنها تجوز، وأما قطرة الأنف فهي لا تجوز لأن الأنف منفذ إلى الحلق.

الوقفة السادسة عشر: شروط المفطرات، وهي أن يكون عالماً، وأن يكون مختاراً ، وأن يكون ذاكراً.

الوقفة السابعة عشر والثامنة عشر: حول فضل العشر الأواخر، وأحكام في الاعتكاف.

الوقفة التاسعة عشر: صوم من لا يصلي.

الوقفة العشرون: قضاء شهر رمضان.

الوقفة الحادية والعشرون:التطوع قبل رمضان.

الوقفة الثانية والعشرون: تهاون الصائم بصلاة الجماعة.

الوقفة الثالثة والعشرون: الردة.

الوقفة الرابعة والعشرون: زكاة الفطر وشروط ووقت وجوبها.

الوقفة الخامسة والعشرون: وقت إخراج الزكاة.

الوقفة السادسة والعشرون: طرق إثبات دخول الشهر وخروجه.

والكتاب صيغ بأسلوب سهل ميسر، ومناسب بأن يقرأ لجماعة المسجد، ويصلح للمبتدئ في القراءة في أحكام الصيام بالجملة، ويسأل القارئ في تلك المرحلة بعض طلبة العلم ممن يعرف عما يشكل عليه، وعن صحة فهمه لما أراده المؤلف.

نـــــــقــــــــاء
08-07-2015, 09:56 PM
رائع أخي صدى صوت
نتمنى الإستفادة من هذه الملخصات

جمال319
08-07-2015, 10:25 PM
شي رائع يعطيك العافيه على الجهد المبذول
في ميزان حسناتك ان شاء الله

صدى صوت
08-07-2015, 11:05 PM
رائع أخي صدى صوت
نتمنى الإستفادة من هذه الملخصات

شكرا استاذه نقاء .. هذا هي الامنية التي من اجلها طرحنا الموضوع .. الاستفاده

صدى صوت
08-07-2015, 11:06 PM
شي رائع يعطيك العافيه على الجهد المبذول
في ميزان حسناتك ان شاء الله

بارك الله فيك اخي جمال .. حضورك تشريف

صدى صوت
09-07-2015, 11:58 AM
اذا قرأت الملخص فاخبرنا بذلك .. فبمتابعتكم نواصل ..
تقديري

fawaz_a
10-07-2015, 10:23 AM
كتاب البخلاء، وهو كتاب أدب وعلم وفكاهة. وهو من أنفس الكتب التي يتنافس فيها الأدباء والمؤرخون. فلا نعرف كتابا يفوقه للجاحظ، ظهرت فيه روحه الخفيفة تهز الأرواح، وتجتذب النفوس. تجلى فيه أسلوبه الفياض، وبيانه الجزل الرصين، وقدرته النادرة، على الصياغة النادرة، في أوضح بيان، وأدق تعبير، وأبرع وصف. ولا نعرف كتابا غيره للجاحظ أو لغيره، وصف الحياة الاجتماعية في صدر الدولة العباسية كما وصف: فقد أطلعنا على أسرار الأسر، ودخائل المنازل، وأسمعنا حديث القوم في شؤونهم الخاصة والعامة، وكشف لنا عن كثير من عاداتهم وصفاتهم وأحوالهم.

وقد كان الذي يغلب على الظن أن يكون الجاحظ قد كتب (كتاب البخلاء) وهو في سن الشباب، وإبان الفتوة، لأن هذه السن في الغالب سن العبث والسخرية، والتندر والدعابة، والتفكه بعيوب الناس. ولكننا نقرأ في كتاب البخلاء من الأخبار ما يحملنا على أنه كتب الكتاب أو جمعه وهو هرم، يحمل فوق كتفيه أعباء السنين.

والجاحظ يشير في طليعة كتاب البخلاء أنه قدمه إلى عظيم من عظماء الدولة، ولكنه لم يبح باسمه. وإننا نرجح أن يكون الكتاب كتب لواحد من ثلاثة، هم: محمد بن عبد الملك الزيات، وزير المعتصم والواثق، لما كان بينه وبين الجاحظ من وثيق الصلة، والفتح بن خاقان وزير المتوكل، لما أثر عن الفتح من الإعجاب بكتب الجاحظ، وحثه على التأليف في مختلف الشؤون، وابن المدبر، وقد كان للجاحظ صديقا حميما.

وقد صور الجاحظ في كتابه البخلاء الذين قابلهم وتعرفهم في بيئته الخاصة خاصة في بلدة مرو عاصمة خراسان، وقد صور الجاحظ البخلاء تصويراً واقعياً حسياً نفسياً فكاهياً، فأبرز لنا حركاتهم ونظراتهم القلقة أو المطمئنة ونزواتهم النفسية، وفضح أسرارهم وخفايا منازلهم وأطلعنا على مختلف أحاديثهم، وأرانا نفسياتهم وأحوالهم جميعاً، ولكنه لا يكرهنا بهم لأنه لا يترك لهم أثراً سيئاً في نفوسنا. قصص الكتاب مواقف هزلية تربوية قصيرة والكتاب دراسة اجتماعية تربوية نفسية اقتصادية لهذا الصنف من الناس وهم البخلاء.

لكتاب البخلاء أهمية علمية حيث يكشف لنا عن نفوس البشر وطبائعهم وسلوكهم علاوة على احتوائه على العديد من أسماء الأعلام والمشاهير والمغمورين وكذلك أسماء البلدان والأماكن وصفات أهلها والعديد من أبيات الشعر والأحاديث والآثار فالكتاب موسوعة علمية أدبية اجتماعية جغرافية تاريخية.

-نظرية التطور—كان الجاحظ من أول من نظّر للتطور من البيولوجيين المسلمين. كتب عن تأثير البيئة على فرص بقاء الحيوان، وكان أول من وصف الصراع من أجل البقاء. كان الأول أيضا في الكتابة عن سلسلة الغذاء كما كان من القائلين بالحتمية البيئية حيث حاول أن يبرهن بأن للبيئة القدرة على تحديد الصفات والمميزات الجسمانية لقاطني المحيطات البيئية المختلفة، كما قال بأن لون البشرة المتباين بين البشر هو أحد نتائج تأثير البيئة. يذكر في كتابه "الحيوان" :تدخل الحيوانات صراعاً من أجل الحياة: من أجل المصادر مثلاً، أو بغية تجنب الافتراس من قبل الحيوانات الأخرى، أو من أجل التكاثر. بإمكان العوامل البيئية أن تؤثر على الكائنات الحية لتطور صفات جديدة تساعد على النجاة وبالتالي تؤدي إلى تحولها إلى أنواع حية أخرى. إن الكائنات الحية التي تتمكن من البقاء تستطيع التكاثر مما يؤدي إلى انتقال تلك الصفات المميزة إلى الذرية."

كان لكتابه هذا تأثيراً عظيماً على العلماء المسلمين خلال القرون 11 إلى 14 الميلادية، كما أن التراجم اللاتينية لأعماله وأعمال غيره توفرت لتشارلز داروين ولمن سبقه كـ لينيوس، بوفون، ولامارك.

اخصائي مشاعر
10-07-2015, 01:01 PM
طرررح مميز
الف شكرر لك
بارك الله فيك

صدى صوت
10-07-2015, 08:21 PM
جزاك الله خير .. طرح رائع اخي ويست لايف .
تقديري

صدى صوت
11-07-2015, 10:01 AM
تلخيص كتاب (طفل يقرأ)
للدكتور عبدالكريم بكار

• اسم الكتاب: طفلٌ يقرأ: أفكار عملية لتشجيع الأطفال على القراءة.
• المؤلف: أ.د. عبدالكريم بكار
• سنة النشر: 1432هـ-2011م.
• دار النشر: دار السلام بالقاهرة.
• الطبعة: الأولى.
• صفحات الكتاب: 150.

هذا هو عصر العلم والمعرفة، وإن من غير الممكن لأي أمة أن تكون في مصافِّ الدول الصناعية الكبرى من غير تحسين المقدرة المعرفية لدى شعوبها، وإن تنشئة الأجيال الجديدة على حب القراءة هي الخطوة الأولى والشاقة في هذه السبيل. وقد حاول المؤلف في هذا الكتاب كسر المعادلة الصعبة من خلال تقديم مضمون راقٍ وعميق وموثوق، لكن بصيغة سهلة وميسرة قدر الإمكان، حتى يكون متاحًا لأكبر شريحة ممكنة من القراء.

1- لماذا نهتم بتشجيع الطفل على القراءة:
1- السنوات الست الأولى هي السنوات الحاسمة في تشكيل رغبات الطفل وميوله واتجاهاته؛ ولهذا فإن الاهتمام بتحبيب القراءة إليه في هذه المرحلة يعد مهما للغاية، والشواهد والدلائل تؤكد أننا إذا لم نزرع في نفس الطفل التآلف مع الكتاب في الصغر؛ فإن من الصعوبة بمكان أن تنجح في ذلك في الكبر.

2- لممارسة القراءة في وقت مبكر علاقة كبيرة بالتفوق الدراسي في المراحل المختلفة؛ وذلك لأن النبوغ والإبداع والتفوق لا يتم من خلال الاقتصار على المناهج المدرسية، بل لا بد من التوسع والشغف بالقراءة لساعات طويلة في اليوم الواحد.

3- حب القراءة يفتح أمام الطفل بابًا واسعًا للرقي الروحي والعقلي، كما أنه يوسع مداركه ويحسن قدرته على التخيل، ويبعث في نفوس الأطفال الهمة العالية؛ لتخرج الطفل من فضائه الضيق المحدود ومن زمانه الصعب، إلى فضاء واسع جدًّا، وزمان ممتد بامتداد التاريخ.

4- يكفي تعلقُ الطفل بالكتاب فضلًا: أنه يملأ وقته، ويصرفه عن الجلوس أمام التلفاز والانهماك في ألعاب الكمبيوتر، إلى غير ذلك من الفوائد التي لا تحصى، وقد قال الإمام ابن باز رحمه الله: (حب القراءة من النعيم المعجل للمؤمن في الدنيا).

2- وعي لا بد منه:
إن ترسيخ عادة القراءة في سلوك الطفل يحتاج إلى جهد ووقت وصبر، ولا بد أن يسبقه وعيٌ حسن بقيمة ما ينبغي أن نتعب من أجله. وإليك بعضَ الأفكار التي نحتاج إليها في تشكيل وعي جديد حول قراءة الطفل:
1- استهداف ترسيخ عادة القراءة لدى الطفل:
إذا عرفنا فائدة القراءة في حياة الطفل؛ فإننا سنحفزه عليها دون شك؛ لذلك نحتاج من الآباء أن يجعلوا حب أطفالهم للقراءة من أهم أهدافهم التربوية الثابتة، وذلك لأن الطفل لا يستوعب ما نطلبه منه بالسرعة الكافية، فالاهتمام مع المثابرة يصنعان العجائب.

2- قطار لا يفوت:
قطار الإقبال على القراءة لا يفوت، ونحن نعرف عشرات الأمثلة لأشخاص تفتح وعيُهم على القراءة وهم في سن الثلاثين، وسن الأربعين. المهم دائمًا ألا نفقد الأمل، وألا نفقد العزيمة على تشجيع الأطفال، ونتحرى الأسلوبَ الصحيح في التربية والتوجيه.

3- المراحل العمرية والقراءة:
الاهتمام بارتقاء عقلية الطفل وترسيخ حب القراءة في نفسه يبدأ وهو ما يزال جنينًا في بطن أمه، وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن الطفل حين يبلغ الشهر السابع، فإن تعرضه لسماع معلومات منظَّمة؛ يجعل تفتحه الذهني أفضل في المستقبل. وتستطيع الأم أن تمضي على هذا النحو وفق الآتي:
أ‌- حين يكون الطفل رضيعًا، فإن من المناسب أن تقص الأم على مسمعه حكاية قصيرة تستغرق دقيقة أو دقيقتين، ويستحسن أن تكون الجمل قصيرة بإيقاع محدد.

ب‌- حين يبلغ الطفل سن الثالثة، تطول مدة قراءة القصة عليه أو سردها عليه لتصل إلى خمس دقائق.

ت‌- حين يبلغ الطفل الخامسة، فإن درجة استيعابه لما يسمع تتحسن كثيرًا، ولهذا في إمكان الأم أن تجعل الحكاية التي تحكيها تمتد إلى عشر دقائق.

ث‌- حين يبلغ الطفل السادسة فإنه يكون قادرًا على سماع الحكاية ولو امتدت إلى خمس عشرة دقيقة، ويبدي الطفل في هذه المرحلة اهتمامًا شديدًا بالقصص الخيالية والهزلية.

4- أهمية فهم الطفل لما يقرؤه:
من المهم أن نتيقن من أن الطفل يفهم ما يقرأ؛ لأن الفهم هو الهدف الرئيسي للقراءة، ولا يستثنى الطفل من ذلك، فإذا كان الكتاب المقروء أعلى من قدرة الطفل على الفهم، فعلى المربي أن يقرأ القصة معه، ليشرح له الكلمات الغامضة والجمل الملتبسة.

5- من الطبيعي عدم انتظام الطفل في القراءة:
من الطبيعي وقوع الاضطراب والانقطاع في إقبال الأطفال على القراءة؛ نظرًا لصبرهم المحدود على الاستمرار في الأعمال فعلى المربين أن يستمروا في تحفيز الأطفال على القراءة، وشراء الكتب الجديدة لهم، بغض النظر عن الواقع.

6- اقرأ للطفل وأنت مرتاح:
من المهم أن تقرأ لطفلك وأنت تشعر بالراحة والسرور لأداء ذلك العمل، وذلك لأن القراءة للطفل ونحن نشعر بالملل أو التعب تجعلها قليلة الجدوى وغير ممتعة.

7- الصغار لا يحبون الوعظ:
يُفضل أن نوصل ما نريد إيصاله للطفل بطريق غير مباشر، وبالكثير من اللطف والتواضع، بعيدًا عن الوعظ والتأنيب، وذلك لأن الترغيب والإيحاء من الأمور المحبوبة والمؤثرة، ولذلك نجد أن معظم الأطفال ينجذبون إلى القصص ذات الرسوم الملونة، والتي لا تكتظ بالنصائح والمواعظ.

8- التلفاز خصم الكتاب:
الطفل يحب الجلوس أمام التلفاز؛ لأنه يُفتن برؤية الصور المتحركة والرسوم والألوان، أما القراءة فليست من هذه ولا تلك. والحل يكمن في تحديد وقت مشاهدة الأطفال للبرامج وممارسة الألعاب، وعدم وضع أجهزة التلفاز في غرف الأطفال؛ لأن لذلك سلبيتين: إدمان الأطفال لمشاهدتها، وصعوبة التحكم في أوقات المشاهدة ومددها.

9- فرط النشاط والقراءة:
الحقيقة أن فرط النشاط من الحالات الشائعة في الكثير من البيوت، وتشير بعض الدراسات إلى أن نسبة الذين يعانون فرط الحركة قد تصل إلى 15%، والمطلوب في هذه الحالة هو معاملة الطفل بصبر واهتمام حتى يتم إدخال بعض التحسينات على سلوكه، ويكون ذلك من خلال البدء معهم بالكتيبات والقصص المحببة عندهم والتي تثير الانتباه لديهم، حتى يتعود القراءة بطريقة أفضل وأسرع.

10- الصدق مع الأطفال:
بعض الآباء يصور لأبنائه أنه كان يعشق القراءة في صغره، وبعضهم يتجاوز الحقيقة في ذلك دون أي شعور بالحرج وهذا خطأ؛ فالصدق يظل مطلوبًا ولو كانت الحقيقة مرة، والأطفال يكشفون مع الأيام أن آباءهم وأمهاتهم لم يكونوا يقولون لهم الحقيقة، وهذا يؤدي إلى أزمة داخل الأسرة، وهز الثقة والمصداقية هزًّا عنيفًا.

11- نوعية ما يقرؤه الأطفال:
ما يقرؤه الطفل، وما نقرؤه له ينبغي أن يظل متسمًا بسمات قليلة ثابتة، ولعل أهمها سمتان: الفائدة والمتعة. فالفائدة تساعد على تشكيل الجانب الروحي والعقلي والبدني والاجتماعي لدى الطفل، والمتعة أيضًا مهمة؛ لأن الطفل إذا لم يستمتع بما يقرأ فلن يستمر في القراءة. ولهذا علينا أن ندقق في نوعية الكتب والقصص التي نختارها للصغار، ولعل منها الآتي:
أ‌- الكتب والقصص ذات الأسلوب السهل السائغ التي لا يجد الطفل عناء في استيعابها.

ب‌- الكتب والقصص التي تشتمل على عوامل الإثارة والتشويق.

ت‌- يجب الابتعاد عن القصص التي تثير خوف الطفل وهلعه، مثل القصص التي تتحدث عن الجن والعفاريت.

ث‌- ثقافة الكاتب من الأمور المهمة التي ينبغي الانتباه لها، خاصة في الكتب المترجمة، التي قد تحتوي على ما يخدش جناب التوحيد، ونحو ذلك.

ج‌- يجب أن نختار ما يغرس في نفوس الصغار المعاني الإيمانية؛ لأن ما يقرؤه الطفل في سن مبكرة يؤثر تأثيرًا بالغًا في شخصياتهم وتكوين اتجاهاتهم.

3- بيئة حافزة على القراءة.
الوراثة تحدد الكثير من ملامح شخصياتنا على مستوى الجسم والشكل والقدرات الذهنية، ونحو ذلك، أما البيئة فإنها مصدر كبير ومؤثر جدًّا في صنع الرغبات وتحديد الاتجاهات وامتلاك المهارات... والبيئة المؤثرة في حب الأطفال للقراءة ليست واحدة، بل كثيرة ومتنوعة، منها:
البيئة المنزلية:
تتشكل الخطوط العميقة في شخصية الطفل عبر السنوات الست الأولى من عمره، والأسرة هي التي تبذر في نفس الطفل وفي عقله الميلَ إلى القراءة والشغف بمصاحبة الكتاب، وهي نفسها التي قد تتيح له تعود اللَّهو واللعب والانشغال بالأمور التافهة. ويجدر بنا الإشارة إلى ملامح الأسرة القارئة عبر النقاط الآتية:
1- الأسرة القارئة تمارس نشاط القراءة على نحوٍ يومي، فالطفل حيثما التفت يرى أبًا ممسكًا بكتاب أو أخًا يرسم شيئًا، أو أمَّا تشرح لأحد إخوته شيئًا غامضًا. وقد دلت دراسات عدة على أن تكوين عادة القراءة لدى الصغار يتطلب فعلا العيشَ في أسرة منهمكة في المطالعة والتثقيف.

2- الإنسان لا يُعد قارئًا بحق إلا إذا نظر إلى القراءة على أنها النشاط الطبيعي الذي يسعى المرء إلى ممارسته ما وجد إلى ذلك سبيلًا، وهو أيضًا النشاط المفضل خلال الأسفار وفي الحدائق وأماكن التنزه والمطاعم.

3- القراءة للطفل ليست سردًا لبعض المعلومات والأحداث، إنها وسيلة لإظهار عطف الأم وحنانها نحو صغيرها. والحقيقة أن الصلة العاطفية بين المربي وبين من يربيهم هي المادة الكيميائية التي تجعل الطفل يتقبل ما يقال له، ويطلب منه بشغف وسرور.

4- المكتبة المنزلية مهمة جدًّا لتحبيب القراءة إلى الطفل، إذ إن من الواضح أن الطفل إذا كان يعيش في محيط تكثر فيه الكتب، وأهله من حوله يقرؤون؛ فإنه تتولد لديه الرغبة في القراءة في معظم الأحيان. وينبغي أن يكون في مكتبة المنزل ما يُغذِّي عقول الكبار، وما يُغذِّي عقول الصغار.

5- لا يكفي وجود الكتب في المنزل لجذب الصغار إلى القراءة والمطالعة؛ بل لا بد من ترتيب بعض المحفِّزات الأخرى. مثل تخصيص مكان جميل للقراءة، وفيه بعض رفوف الكتب المزينة بعناية، وهكذا.

6- الجو الأسري الجيد والمحرض على القراءة لا بد أن يكون ممتعًا ومريحًا، والمقصود هو شعور الطفل بأنه يعيش في أسرة سعيدة ومرحة ومتعاطفة. فالبهجة تجعل التعليم أشد عمقًا وقوة.

البيئة المدرسية:
السؤال الذي يطرح نفسه باستمرار، هو: ما الذي يمكن أن تفعله المدارس في هذا الشأن؟ والجواب: يمكن أن تفعل المدارس الكثير والكثير، بشرط وجود درجة من الاهتمام بهذه القضية الجوهرية، ولعل مما يمكن أن تفعله المدارس الآتي:
1- تدل بعض الدراسات على أن تخصيص خمس دقائق فقط من وقت بعض الحصص الدراسية لقراءة شيء ممتع وجذاب قادر على رفع المهارات التحصيلية لدي الطلاب في القراءة والكتابة والتعبير، كما أنه تقوي علاقة الطالب بأستاذه، وتجعله يتفاعل معه روحيًا.

2- نحن اليوم نشهد موجة من تخفيف الواجبات المنزلية في المدارس الحكومية والأهلية لأغراض مختلفة وهذا خطأ. والمطلوب هو العكس، أي تكليف الطلاب بأعمال إضافية حتى يرتقي مستواهم العلمي، وتنعقد صلة عاطفية وعقلية بينهم وبين الكتاب.

3- الطلاب بفطرتهم لا يميلون إلى القراءة، ولهذا فلا بد من عمل شيء لتشجيعهم على القراءة وتحبيب الكتاب إليهم.

4- أسلوب الحفظ والتلقين والخطابة أسلوب يجعل موقف الطالب سلبيًّا من العملية التعليمية، والمطلوب أسلوب جديد في التعليم يقوم على جهد أكثر يبذله الطالب خلال الحصة الدراسية. ويقوم على الحوار والتطبيق والبحث وتعزيز الجانب العملي.

5- لا ينبغي أن تكون القراءةُ جزءًا من عقوبة تُقرر على الطلاب، إذ إن بعض المعلمين يظنون أن جعل الطالب يقرأ كتابًا، أو يكتب بحثًا؛ هو أفضل عقوبة رادعة ونافعة، وهذا ما لا يصح أن نسمح به.

4- أساليب ووسائل لتشجيع الطفل على القراءة.
هناك الكثير من النصائح والتجارب التي يمكن أن يستفيد منها الآباء الجدد في تحفيز أطفالهم على القراءة وجعلها إحدى مفردات حياتهم اليومية، من ذلك:
1- الاهتمام أبو الفضائل:
إذا رجعنا إلى الواقع لوجدنا أن معظم الناس يحبون أن يكون أولادهم أفضل الناس؛ لكن ينقصهم الاهتمام، وبعضهم ينقصه الوعي. وفي ظل التقدم الحضاري الحاصل الآن، هذا يجعل من الإهمال في تربية الأطفال شيئًا يقصم الظهر، فالحاجة إلى الاهتمام ماسة في ظل هذا التقدم الذي يوسع الهوة بين الشباب الذين يقرؤون ويعرفون، وبين الشباب الذين خيم عليهم الجهل، فإذا ما وُجِد الاهتمام؛ اندفع الإنسان إلى التعلم.

2- مشاركة الأطفال في القراءة:
تُعد العلاقة الحسنة بين الآباء وأطفالهم مصدرًا لكثيرٍ من الخير، ومعبرا لكثير من الخبرات والمهارات؛ لذلك فإن من المهم أن يدرك الآباء أهمية مشاركتهم لأطفالهم في نشاط القراءة. وهذه المشاركة تتطلب أن تكون القراءة جهرية؛ فقد أشارت دراسة أسترالية حديثة إلى أن القراءة بصوت عالٍ تعد من الأنشطة الذهنية التي تغذي عقل الطفل.

3- ترسيخ عادة القراءة هو الأهم:
من المهم أن نغض الطرف في البداية عن نوعية ما يرغب الطفل في قراءته، ونشتري له الكتب والقصص التي يحبها، ما لم يكن فيها انحراف عقدي أو شيء يخدش الحياء؛ فالأهم هو ترسيخ عادة القراءة عند الصغار، ومع الأيام ومع شيء من التوجيه سوف يصبح اختياره للكتب أكثر رشدًا.

4- الكتاب أجمل هدية:
نحن نريد أن يتحرك المجتمع كله في هذه السبيل، نريد أن تكون الكتب هي الهدايا التي تقدم في حفلات القرآن والأعراس وسكنى البيوت الجديدة والتوظف في عمل، وفي كل مناسبة يجتمع فيها الناس، وعلى المثقفين أن يتزعموا هذه الحركة؛ لأن الناس يقتدون بهم.

5- القراءة للطفل كل يوم:
الأطفال الصغار يميلون بفطرتهم إلى الرتابة ويرتاحون إلى تكرار الأشياء، ومن هنا فإن من المهم أن تحرص الأم (وكذلك الأب) على أن تقرأ لطفلها شيئًا، ولو قليلًا؛ فالقراءة على نحو يومي تلقي في العقل الباطن لدى الطفل الإحساسَ بأهمية القراءة. كما أن المداومة على القراءة توثق الصلة بين الطفل وبين من يقرأ له.

6- تشجيع بلا ملل:
لدينا طريقتان لجعل الكبار والصغار يقومون بعمل ما: الضغط والإكراه، أو التشجيع والتحفيز، وتدل الشواهد على أن الناس يميلون إلى الطريقة الأولى؛ لأنهم يجدونها أسهل، لكن لدينا أيضًا ما لا يحصى من الشواهد على أن تلك الطريقة عقيمة وغير مجدية، وما ذلك إلا لأن فعل القراءة، حتى يكون مثمرًا، فإنه ينبغي أن يكون فرعًا من حب الإنسان للمعرفة وانجذابه للكتاب، ونحن نعرف أن القيم لا تفرض، لكنها تجذب. فالتشجيع الذكي والحكيم يفعل الأعاجيب في نفوس الصغار والكبار.

ومن هنا فإن جعل الأطفال ينجذبون للقراءة هو الطريق الوحيد لجعلها جزءًا من سلوكهم وعاداتهم.

7- اصطحاب الطفل إلى المكتبة:
هذا الزمان هو زمان المعرفة؛ ولهذا فإن تغذية الأدمغة تحتاج منا إلى اهتمام يقترب من اهتمامنا بتغذية أبداننا بل أكثر؛ من أجل أن نحيا الحياة كما ينبغي أن نحياها استقامة وفاعلية وعطاء. ولهذا لا بد أن يكون من ضمن برامجنا في الحياة الذهاب إلى المكتبات مرتين في الشهر على الأقل، ولو كان ما نشتريه قليلًا، أو كان الهدف مجرد الاطلاع على الكتب الجديدة.

8- اختيار الكتاب الجيد:
نحن في عصر الألوان والأذواق المترفة، وفي عالم السعة والبدائل والمقارنات الكثيرة، وهذه المعطيات تجعل الأطفال لا يرتاحون أو ينجذبون إلى قراءة الكتب التي لا تتوفر فيها عناصر ومقومات معينة.

فالكتاب الجيد إذن هو كتاب جميل في شكله ومقاسه ورسومه وألوانه، والكتاب الجيد هو كتاب ملائم لسن الطفل، ثم إن الكتاب الجيد هو الكتاب الذي يوحي على نحو خفي بالقيم العظيمة التي ينبغي أن يتربى عليها الطفل المسلم.

5- كيف نحكي للطفل.
على مدار التاريخ كانت الشكوى في مجال التربية لا تتركز في عدم معرفة الناس لما ينبغي عليهم قولُهُ لأطفالهم، أو نقله إليهم من مفاهيم ومبادئ، وإنما كانت تتركز في الأسلوب الناجح الذي يمكن استخدامه في ذلك.

وقد كان (الحَكْي للأطفال) من الوسائل الجيدة التي اخترعها الوعيُ البشري للتواصل مع الطفل وتوجيهه وتعريفه على نفسه والعالم من حوله.

لماذا نحكي للأطفال:
الحكي للأطفال من الوسائل المهمة التي تقلل من سيطرة التلفاز والألعاب الإلكترونية والجوال على وعي الطفل ووقته. وقد كانت قديمًا الوسيلة شبه الوحيدة للتثقيف ببعض أحداث التاريخ ولنشر المبادئ والأخلاق الكريمة، فنحن نريد من وراء الحكي والسرد للأطفال الوصولَ إلى أربعة أمور أساسية، هي:
• إمتاع الطفل وتسليته وملء وقت فراغه.
• تقوية الرابطة بين جميع أفراد الأسرة، وتوفير وقت للقاءات مشتركة.
• تنمية الجانب العقلي والانفعالي لدى الطفل وإثراء خبراته.
• توجيه الطفل وغرس القيم والمبادئ والمفاهيم الإسلامية في نفسه.

حكايات لمعرفة البيئة:
من مهمة الحكايات أن تجعله يتفهم ما حوله، بالإضافة إلى توليد درجة من الطمأنينة إلى مفردات البيئة المحيطة، فالطفل يأتي إلى عالمنا، وهو يجهل كل شيء، ولذلك فإنه يتوجس خيفة من كل شيء.

ونحن على سبيل المثال: نعرف أن الطفل يخاف من الحشرات والظلام، ويمكن من خلال الحكايات أن ننزع منه الخوف من كل ذلك.

حكايات لبناء القيم والمبادئ:
لا يعرف الأطفال شيئًا عن القيم، ولا يعرفون أي شيء عن معايير الصواب والخطأ، كما لا يعرفون شيئًا عن الأمور اللائقة اجتماعيًا والأمور غير اللائقة. وتشكل الحكايات وسيلة مثالية لغرس جميع القيم والأخلاق السامية، وهي أفضل بديل عن الوعظ المباشر وعن اللوم والتوبيخ.

حكايات لتنمية الوعي والمنطق السليم:
للبشرية جمعاء خبرة واسعة وتجارب عريضة في فهم منطق الأشياء وفي فهم ملامح التصرف والحُكم الصحيح، وقد أودعت الأممُ كلَّ تلك الخبرات فيما لديها من أساطير وقصص وحكايات، وهذا أتاح لها أن تنتقل من جيل إلى جيل، وإن علينا اليوم أن نجعل من كل ذلك أدوات في تنشئة الأجيال الجديدة.

حكايات لتنمية الحس الاجتماعي:
السلوك الاجتماعي يدل دلالة واضحة على شخصية الإنسان، بل إن معظم أخلاق الواحد منا لا يظهر إلا من خلال احتكاكه بغيره، وهذا يولِّد الكثير من التصادم والتوتر بينهم، لذلك كان لزامًا علينا - معشر الآباء والأمهات - أن ننمِّي في شخصيات أطفالنا المعانيَ التي تساعدهم على تفهم الآخرين والتعاطف معهم.

والحكايات التي يمكن أن تستخدم في ذلك كثيرة. وحين يحكي الأب أو الأم مثل هذه الحكايات للأطفال فليقصها بأسلوب تمثيلي مشوق، كما أن من المفضل أن يُترك للصغار استخلاصُ العبرة والمغزى بأنفسهم، فإن لم يستطيعوا، فلنحدثهم عما تستوعب عقولهم منه.

نحكي للطفل أم نقرأ له؟
القراءة للطفل والحكي له أسلوبان ممتازان في تعليم الطفل وفي التواصل معه. ومشكلتنا الأساسية مع الآباء الذين لا يقومون بهذا ولا ذاك.

ولكل من القراءة من شيء مكتوب، وللكلام الشفوي؛ خصائصُه ومميزاته وعيوبه. ومن هنا فإن علينا إذا قرأنا القصة قراءة أن نحذر من ملل الصغار وسأمهم، وإذا حكينا فعلينا أن نحذر من الوقوع في التناقض أو اختلاف مضامين ما نكرر روايته.

6- حكاية ما قبل النوم.
الحقيقة أن حكاية ما قبل النوم جزء من الإرث العربي العتيد، وكان في البيوت الكثير من الجدات والأمهات البارعات في ذلك، وكان الصغار ينتظرون قدوم الليل بلهفة حتى يستمتعوا بسماعها. ولحكايات ما قبل النوم أهمية كبيرة، منها:
• إن حكاية ما قبل النوم فرصة لتهدئة الخواطر وتندية المشاعر وفرصة للاندماج والتفاعل بين أفراد الأسرة جميعًا، وقد ذكر بعض الباحثين أن الأمهات الألمانيات ينظرن إلى حكاية ما قبل النوم نظرة تقدير بالغ، حتى إن الواحدة مستعدة لترك كل ما بين يديها من عمل في سبيل المكوث في سرير الصغير تروي له وتحكي.

• حين ينام الإنسان فإن عقله يظل مشغولًا بالماضي، وشيء جيد أن نجعل آخر ما يسمعه الطفل قبل أن ينام شيئًا لطيفًا وممتعًا.

• إن حكاية ما قبل النوم تجعل الطفل يشعر بالحنان والأمان والمساندة، وهذا يدعم جهاز المناعة لديه، وينظِّم الهرمونات داخل جسمه، فينمو بصورة طبيعية وجيدة.

حكاية ما قبل النوم كيف ينبغي أن تكون؟
هدفنا الأساسي هو تسلية الطفل وإسعاده وتوجيهه والارتقاء به، وفي إمكان الأم أن تعرف ما إذا كانت قاصة جيدة؛ وذلك من خلال حرص أطفالها على حكاياتها. وينبغي أن نستخدم الحكاية في إيصال بعض الرسائل وترسيخ بعض المفاهيم في أذهان الصغار. وهذه بعض الملاحظات المفيدة في هندسة (حكاية ما قبل النوم) أوردها في الحروف الصغيرة التالية:
حكاية بسيطة:
نحن نقوم بسرد حكاية ما قبل النوم في وقت يمكن وصفه بالحرِج، في هذا الوقت لا تكون استعداداتُ الدماغ في أفضل أحوالها، ولهذا فإن حكايات المساء الجيدة هي الحكايات التي تقوم على فلسفة سهلة لا تعقيد فيها ولا عمق ولا توسع في الاستطراد أو زيادة في الحشو وسوق الجمل المعترضة والأحداث العارضة، وهذا يتحقق حين نحكي للصغار حكايات تشتمل على رسائل محدودة واضحة.

حكاية مؤثرة:
لدى الأطفال قابلية للتأثر تشبه قابلية الكبار، ومن هنا فإن من المستحسن أن تحكي الأم لصغارها عن بعض الأحداث التي مرت بها، أو بعض الحكايات الشائقة التي حكتها لها والدتها حين كانت صغيرة.

حكاية نهايتها سعيدة:
يتفاعل الصغير تفاعلًا كبيرًا مع الحكايات، ولا يفرِّق بين ما هو واقعي وما هو خيالي، ولهذا فإنه يحمل كل ما يسمعه على محمل الجد، ومطلوب من الذي يقدم حكاية ما قبل النوم أن يجعل خاتمتها جميلة وسعيدة، ينتصر فيها الحق على الباطل.

حكاية تحرك الخيال:
نريد لحكاية ما قبل النوم - وكل الحكايات - أن تحرك ذهن الطفل، وتبعثه على التخيل والتفكر والتساؤل والتأمل.

أمور سلبية:
الحكايات الموروثة عن الآباء والأجداد تعكس رؤيتهم للحياة، وبما أن الأمة قد مرت بمرحلة انقطاع حضاري دامت قرونًا، فإن من المتوقع أن تكون أساليبهم في الحكي مشوبة بالنقص والخلل، وهذه إشارات سريعة إلى شيء من ذلك:
• إن الطفل – كما أشرنا من قبل - ملول، لذلك ينبغي أن تكون حكاية ما قبل النوم قصيرة، ومن قِصَرها اختصار المقدمة، والأولى أن يقال بصوت واضح وجماعي: بسم الله الرحمن الرحيم، يحكى أنه كان هناك رجلٌ بخيل.. ونختم بالحمد لله رب العالمين، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

• يجب أن تظل عملية الحكي جذابة إلى آخر كلمة، لكن بعض الآباء والأمهات يعكرون ذلك بكثرة أسئلة الأطفال عما فهموه، وإذا تبين لهم أن الطفل شرد في أثناء سرد الحكاية؛ فإنهم يوبخونه، وهذا خطأ.

• علينا اختيار الحكايات بدقة، وأن نلمِّح ونصرِّح بأن لدى بني الإنسان جميعًا ألوانًا من الخير والشر والصواب والخطأ، لكن يغلب على بعضهم جانب الخير، كما يغلب على بعضهم الآخر جانبُ الشر.

• بعض الحكايات الموروثة تنشر الفكر التصالحي وتروِّج للحلول التي تُرضي كل الأطراف، وهذا لا يخلو من شيء من الإيجابية، لكن جعل الأطفال يعتقدون أننا حين نختلف فإن مع كل طرف شيئًا من الحق، فهذا ليس صحيحًا دائما، فهناك في أحيان كثيرة معتدٍ ومعتدى عليه.

7- تشجيع المراهق على القراءة.
مرحلة المراهقة: هي مرحلة متوسطة بين الطفولة والرشد، أو الطفولة والشباب، وهي مرحلة تأسيس للهُوية الشخصية ومرحلة نزوع إلى الاستقلالية، ولهذا فإن المراهق ينفر نفورًا شديدًا من الوعظ المباشر. من هنا فإن التحفيز والتشجيع هما الطريق السريع إلى جعله يقرأ، وهذه بعض الإضاءات حول تشجيع المراهق على القراءة:
البيئة أولًا:
إن مساهمتنا الأساسية في جذب أولادنا إلى القراءة ينبغي أن تتركز فيما نفعل، وليس فيما نقول؛ ولهذا نقول للآباء: مهما كان عملُ الإنسان بعيدًا عن العلم، فإن عليه أن يقرأ على نحو يومي من أجل الارتقاء بعقله ومواكبة التطور الثقافي لأولاده، ومن أجل توفير جو يعبق بالعلم والفكر والإبداع.

لماذا لا يقرأ المراهقون:
يفضِّل كثير من المراهقين معرفة الحياة من خلال السماع والتجربة المباشرة على معرفتها عن طريق القراءة، بل إن المراهق قد يعتقد أن ما يعرفه كافٍ، ولن تضيف إليه القراءة الكثير.

وزاد عليه الدخول إلى الإنترنت ومشاهدة الفضائيات، التي تقدم أحيانًا معرفة أغزر وأوسع مما يقدمه الكتاب.

وسائل لتحفيز المراهق على القراءة:
1- على الآباء أن يبحثوا بأنفسهم عن الكتب والقصص والروايات الجيدة والمناسبة الموجَّهة للمراهقين بشرط أن تكون جذابة وملائمة لهم.

2- علينا أن نساعد أبناءنا على توفير وقت للقراءة، وهذا يكون بتقليل طلباتنا منهم؛ إذ إن هناك من يثقلون كاهل أبنائهم المراهقين بقضاء حاجات لا تنتهي.

3- ضبط استخدام الجوال و(النت) ومشاهدة التلفاز بشيء من الرقابة والمتابعة والتحديد لساعات المشاهدة والاستخدام.

4- البحث عن المدرسة الجيدة خاصة في المرحلة الإعدادية والثانوية، فالمدرسة الجادة التي تقدم تعليمًا متفوقًا تزرع الأمل في الطلاب وتدفعهم للقراءة خلال متطلباتها التعليمية.

5- ينجذب المراهقون إلى قراءة أدب البطولات والمغامرات، ويمكن أن يساعد الأهل في اختيار بعض الكتب التي تترجم للعظماء من أبناء هذه الأمة، كما أن كتب (تنمية الشخصية) و(تطوير الذات) من الكتب التي تشد المراهقين.

6- مما يشيع الرغبة في التشوق إلى التفوق والعظمة والاستقلالية الاجتماع بالعلماء والمفكرين والمبدعين الكبار وأصحاب التجارب الناجحة، ويمكن أن تنظم المدارس وبعض الجمعيات الخيرية لقاءات مع هؤلاء المبدعين كي يستفيد منهم المراهقون.

7- أهمية وجود برنامج للقراءة يشترك فيه الأبوان والشباب والمراهقون داخل الأسرة الواحدة.

8- علينا أن نحرص الحرص كله على أن يكون رفاق أبنائنا مستقيمين وجادين ومجتهدين؛ فالصاحب ساحب والمرء على دين خليله


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/73318/#ixzz3fcQUs8F8

بقايا طيف
11-07-2015, 11:43 AM
بوركت الانامل على الطرح القيم

دمت وسلمت

صدى صوت
11-07-2015, 01:38 PM
بوركت الانامل على الطرح القيم

دمت وسلمت

ربي يبارك فيك عزيزتي بقايا طيف ويسلمك ..
شرفتينا .. نتمنى تشاركينا بتلخيص كتاب ..
تقديري

صدى صوت
13-07-2015, 01:54 AM
تلخيص كتاب
(القراءة المثمرة مفاهيم وآليات)
للدكتور: عبدالكريم بكار

كان لأمةِ الإسلام تاريخٌ حافل بالإنجازات الكبرى في شتى المجالات، والمتابعُ لتاريخ النمو الحضاري في الإسلام يَلحَظ أنه كان في توتُّره مقترنًا بـ(القراءة)، وحب العلم والشغف بالمعرفة؛ مما لا يدع مجالًا لأي شك في أن الولعَ بالاطلاع واصطحاب الكتاب هو أحدُ الحلول المهمة للأزمة الحضارية التي تعانيها أمةُ الإسلام.

سيكون من المؤسف أن تحتاج أمةٌ أولُ كلمة نزلت في كتابها (اقرأ) إلى من يحثها على القراءة، ومع هذا فإن علينا أن نواجه مشكلاتنا بواقعية وشجاعة، ونكف عن التغني بأمجاد الآباء والأجداد، والإشادة بانتصارات لم نخض معاركها.

ولعل الله يقدر لهذه الرسالة الصغيرة أن تمثل إسهامًا في تحسين موقفنا من الكتاب، وتعاملنا معه.

التعلم مدى الحياة:
إن فَطْر الله جلا وعلا لبني الإنسان على التساؤل وحُب الاستكشاف أتاح لهم أن يندفعوا دائمًا نحوَ معرفة المزيد، دون أن يجدوا أي حدود للتشبُّع أو الارتواء.

وهناك الكثير من الدواعي التي تفرض على الواحد منا أن يتعلم، ويقرأ، ويكتسب الخبرات مدي الحياة؛ منها:
1- أنَّ الذي يدعو الإنسان إلى مزيد من التعلم هو العلمُ نفسه، فكلما زادت المعرفة، اتسعت منطقة الجهل.

فالمثقفُ الذي يرغب في الحفاظ على قيمة ثقافته وكرامتها، مُطالَب بأن يعيد تكوينَ ثقافته على نحو مستمر ومتجدد، فجهلُنا ينبسط مع تقدم المعرفة، وهذا يمثل تحدِّيًا متزايدًا لكل قارئ.

2- لم يكن لدى الناس قديمًا إحساسٌ قوي بارتباط كسب الرزق بمدى ما يحصلونه من علم، لكن الوضع تغير اليوم، إذ تضاءلت المهنُ والوظائف التي يمكن للأميين ومحدودي الثقافة الاضطلاعُ بها.

3- إن ما نمتلكه اليوم من معارف وخبرات، لا يتمتع بقيمة مطلقة، وشيوع الأمية الأبجدية والحضارية، قد يجلب على أمة الإسلام مشكلات، فالإسلام بما أنه بنية حضارية راقية، لا يتجلى على نحو كامل إلا عبر تجربة معرفية وحضارية رائدة.

4- إن العقل البشري، يميل دائمًا إلى تكوين عادات، ورسم أطر لعمله، وهي مع مرور الوقت تشكل نوعًا من البرمجة له. وكلما كانت ثقافة الإنسان ضحلة، ضاقت مساحة تصوراته، وأصبح شديد المحلية في نماذجه ورؤاه.

5- التدفق الهائل للمعلومات، وتراكم منتجات البحث العلمي في اتساع مستمر، والنتيجة المباشرة لذلك: هي تقادم ما بحوزتنا من معارف ومعلومات، والعلاج لذلك: دوام الاطلاع والمتابعة، حتى لا يتدهور ما لدينا من معرفة.

القراءة ومصادر المعلومات الأخرى:
عصرنا عصر انفجار المعرفة؛ فالأعداد الهائلة من العلماء الذين يشتغلون بالبحث العلمي، والوسائل المتطورة في حفظ المعلومات ونقلها وبثها؛ جعلت الناس مغمورين بالأخبار والمعلومات التي ترد إليهم.

هذه الوضعية حملت الناس على طرح سؤال حول وظيفة القراءة والكتاب؛ والحقيقة أن لتلك الشكوى ما يُسوِّغها؛ ويكفي أن نعلم أن متوسط ما يُطبع من معظم الكتب في البلاد العربية، لا يتجاوز ثلاثة آلاف للكتاب الواحد.

إن وسائل الإعلام تقدم برامج على درجة عالية من الإتقان، مع معلومات قليلة قلما تتصل بالحاجة المعرفية الحقيقية للمتابع لها، بالإضافة إلى ما سببته من أضرار بالغة للشعور بالحاجة إلى التفكير، فمعدو برامجها قاموا بذلك نيابة عن المتلقِّين.

فمُشاهِد تلك الوسائل يتلقى مركبًا كاملا من البيانات والإحصاءات بأسلوب بارع، مما يدفع إلى الاستسلام لها، والانقياد إلى توجهاتها، وهذا كله مغاير لمتطلبات التطور العلمي والاجتماعي الحديث.

وهذا كله لا يجعلنا ننكر أن الدفق الإعلامي قد أوجد نوعًا من الاستنارة العامة، ورفع درجة الوعي لدى الناس.

وأعتقد أن الكتاب ما زال هو الوسيلة الأساسية للتثقيف الجيد، حيث نستطيع أن نمارس حريتنا كاملة في اختيار ما نحتاج إليه، ومع هذا فلست أميل إلى التقليل من شأن مصادر المعلومات الأخرى، فالمهم دائمًا أن تكون أهدافنا في التثقيف والارتقاء المعرفي واضحة.

من أجل القراءة:
إذا كانت القراءة أهم وسيلة لاكتساب المعرفة، وإذا كان اكتساب المعرفة أحد أهم شروط التقدم الحضاري، فإن علينا ألا نبخل بأي جهد يتطلبه توطينُ القراءة في حياتنا الشخصية، وفي حياة الأمة عامة.

وإليك أهمَّ ما أظن أن علينا أن نقوم به من أجل إشاعة ثقافة (اقرأ)، وذلك على النحو التالي:
1- الدافع:
زود البارئ جل وعلا الإنسان بعدد من القوى الفطرية (الغرائز) التي تدفعه إلى سلوك معين، وترسم له أهدافَه وغاياتِه، من أجل تحقيق توازنه الداخلي، وإعداده للتكيف مع البيئة الخارجية.

وهناك إلى جانب هذه حاجات ودوافع، يتوقف عليها تحسين نوعية الحياة والارتقاء بالإنسان وتوفير الهناء له، ولم يصادف الإنسان مشكلة في التعامل مع دوافعه الأساسية، لكن مشكلته في الاستجابة لدوافعه الثانوية، وهذا هو السبب الجوهري في انعدام الدافع نحو القراءة لدى كثير من المسلمين.

وحين يقطع المجتمع شوطًا في طريق الحضارة، فإنه يمارس على أفراده ضغوطًا من أجل الرفعة، وهذا ما نجده واضحًا في المجتمعات الإسلامية الأولى، حيث نظرت إلى العلم على أنه من أفضل القربات إلى الله تعالى، وهذا ما نجده اليوم في المجتمعات المتقدمة.

فالخطوة الأولى تكمن في إيجاد الدافع نحو القراءة، وسوف ننجح إذا أَولَيْناه ما يستحقه من الجدية والاهتمام.

2- تكوين عادة القراءة:
البدايات دائمًا شاقة، وأشق مراحل الطريق هي المرحلة الأولى، وكثير منا يجد صعوبة بالغة عند البدء في أي عمل، وذلك لأن نتائج جهده في البداية تكون ضعيفة.

البدايات التربوية الجيدة تبدأ دائمًا في المنزل، والآباء هم المربون الطبيعيون، ولذا كان اهتمامهم بالعلم عاملًا حاسمًا في تطور الموقف النفسي لأطفالهم تجاه قضية التعليم، فسردُ حكاية أو قراءة قصة مما يتمتعُ به الطفل، وينمي خيالَه المبدع، وسيكون لشراء الكتب المصورة، أو وجود مكتبة في المنزل أثرٌ كبيرٌ في توجيه الطفل نحو القراءة.

وتأتي بعد ذلك وظيفة المؤسسات التعليمية في رعاية ما بدأه الأهل في البيت، ولن يكون هذا إلا بتكليف الطلاب بالرجوع إلى المراجع والموسوعات وتلخيص الكتب، والمناقشات حول الكتب الجديدة.

إن قابليتنا للتعلم، تتحول بفضل ممارسة القراءة إلى براعة، كما أن التكرار والتمرين يجعل عادة القراءة نوعا من الاكتشاف وتنمية العقل، وفيه الكثير من المتعة واللذة.

3- توفير الكتاب:
لأن القراءة لا تتمتع بأي أهمية لدى السواد الأعظم من أبناء الأمة، فإننا نسمع شكوى مستمرة من غلاء الكتب، وعدم توفير المال المطلوب لشرائها.

وقضية كبرى كقضية القراءة، يحتاج تعميمُها إلى عدد من (الحلول المركبة) وليس إلى حل واحد، ومن تلك الحلول:
• إيجاد تنظيمات تُلزم الهيئاتِ والجهات المختلفة بإيجاد مكتبات مناسبة لتثقيف منسوبيها؛ مثل النوادي، والنقابات، ومجالس الأحياء، والبلديات.

• من المهم أن يكون هناك رابطةٌ لأصدقاء الكتاب، يكون همها العمل على توفير الكتاب، وتسهيل الوصول إليه، وذلك من خلال المعارض، وتنشيطِ سوق الكتاب المستعمل، وتأسيسِ صندوق لدعم بعض الكتب القيمة، لتوفيرها للناس.

• إيجاد نظام وطني لإعارة الكتاب وتبادله بين الهيئات والمؤسسات العلمية، على غرار ما هو معمول به في عدد من الدول المتقدمة، ومن أجل ذلك لا بد من تعزيز أداء الخدمات البريدية.

• قيام الجامعات والهيئات العلمية بتبسيط العلوم، عن طريق إصدار عدد من سلاسل (كتب الجيب) في التخصصات المختلفة، من أجل مساعدة الناس على التثقيف والاطلاع.

• إن تخصيص 2% من مصروف الأسرة، كافٍ لتأمين عدد من الكتب متوسطة الحجم شهريًّا.

4- توفير الوقت للقراءة:
إن أكثر من 80% ممن لا يقرؤون كتابًا في الشهر، يعتذرون بأنه ليس لديهم وقت للقراءة... أعذار كثيرة يبديها كثير من الناس، والإحساس بالزمن منتج حضاري، فالوقت هو المادة التي صُنعت منها الحياة، وسيكون لكل الذين يبذرون في إنفاقه أن يوجدوا الكثير والكثير من البراهين على حسن تعاملهم معه.

ولو أن واحدًا منا وضع سجلًا كاملًا، يوضح فيه كيفية قضائه لأوقاته لوجد أن نحوًا من 20% من نشاطاته لا يخدم أي هدف، ولا يعود عليه بالنفع، وإني واثق أن تنظيم هذا الجانب وحده من حياتنا، كفيل بأن يوفِّر لنا يوميًّا نصفَ ساعة على الأقل، يمكن أن نستفيد منها في القراءة.

إن المشكلة الأساسية للذين لا يقرؤون أنهم لا يملكون أية أهداف أو أولويات، وسيكون مفيدًا أن نحاول تغيير سلوكنا في التعامل مع الوقت، وهذا يحتاج إلى وقت، وعلينا أن نثابر ولا نيأس.

5- تهيئة جو القراءة:
إن هناك ارتباطًا وثيقًا بين إمكانية الفهم والاستيعاب وبين الأجواء والأوضاع التي تجري فيها القراءة، وهناك شروط عدة ينبغي توفيرها من أجل تهيئة الجو المناسب للقراءة؛ منها:
• يجب أن يكون مكان الدراسة منظمًا وجميلًا، يبعث على الارتياح والانشراح، وهذا يتوفر بوجود حجرة خاصة بالدارسة، ومن الملائم أن يستغرق القارئ الدقائق الأخيرة من الدراسة في ترتيب المكان والاستعداد للجلسة التالية.

• ينبغي أن تكون حجرة الدراسة صحيحة حسنة التهوية، جيدة الإضاءة، وينبغي أن تكون درجة الحرارة فيها بين 15 و21م، حتى يحتفظ القارئ بنشاطه.

• بعض الناس لا يهتم بهدوء المكان وانعزاله عن الناس، مما يفقدهم صفاء الذهن والقدرة على التركيز، لذا فإن مكان الدراسة ينبغي أن يكون بعيدًا عن الضوضاء داخل المنزل وخارجه.

• ينبغي أن يكون الكرسي مريحًا، وأن يكون مناسبًا لمكتب الدراسة، ويضع بجواره ما يحتاجه من مراجع وكتب، حتى لا يضيع الوقت في القيام والقعود.

• إن العبرة ليست بكثرة الكتب التي تُقرأ، وإنما بالإنتاجية والثمرة التي نقطفها، وهذا يوجب علينا أن نحرص على الاحتفاظ بدرجة من الحيوية والارتياح في أثناء القراءة، فالقراءة المثمرة تستحق منا التخطيط والتفكير والمثابرة والعناء.

لماذا نقرأ:
الإنسان متسائل بالفطرة، توَّاق إلى اكتشاف المجهول بالطبيعة، وحين يرتقي في معارج الحضارة؛ يتحول لديه كثيرٌ من المعارف العلمية من معطيات ممتعة إلى ضرورات حياة، يتوقف عليها نموُّه الرُّوحي والعقلي والمَهاري.

من هنا فإن أهداف الناس من وراء القراءة متنوعة، بحسب وضعية القارئ وما يريده من وراء ذلك، فظروف الحياة تجعل أهداف القراءة تتفاوت تفاوتا بعيدًا، وكثير من الناس لا يعرف لماذا يقرأ.

ويمكن أن نقول: إن الأهداف العامة لقراءة معظم الناس ثلاثة، هي:
1- القراءة من أجل التسلية، وهذه القراءة الأكثر شيوعًا بين الناس، وتثبت الإحصاءات أن نحوًا من 70% من القراء يتجهون إلى القراءة من أجل التسلية.

2- ومع ذلك فإن القراءة من أجل التسلية لا تخلو من فائدة، وقد يُشغل بها عن ملء فراغه بأشياء ضارة.

3- القراءةُ من أجل الاطلاع على معلومات أسلوبٌ يمارسه كثير من الناس، والجهد الذي يتطلبه هذا النوع من القراءة محدود أيضًا، وهذه الطريقة شائعة جدًّا؛ لأن في عالمنا الإسلامي (حمى) تجتاح كثيرًا من الناس، وهي البحث عن الأسهل.

4- القراءة من أجل توسيع قاعدة الفهم، وهي أشق أنواع القراءة وأكثرها فائدة، والذين يقرؤون من أجل هذا الغرض قلة من الناس؛ وذلك لأن أكثر الناس يعتقدون أن ما يملكون من قدرات ذهنية كاف وجيد.

5- إن القراءة من أجل الفهم، هي تلك القراءة التي تستهدف امتلاك منهج قويم في التعامل مع المعرفة، وتكسبنا عادات فكرية جديدة، وتلك التي تزيد في مرونتنا الذهنية.

أنواع القراءة:
أولًا- القراءة الاكتشافية:
لا بد للمرء من أن يغتبط لكثرة ما يرى من الكتب الجديدة في المكتبات، لكن هذا لا يدعو مطلقًا إلى أن نندفع إلى الشراء دون تأمل في مدى مناسبة ما نشتريه لنا، فقد يكون الكتاب في حد ذاته جيدًا، لكنك لست من الشريحة الموجه إليها.

ونستطيع خلال نصف ساعة أن نصل إلى حكم جيد على الكتاب إذا قمنا بالتالي:
1- قراءة مقدمة الكتاب، حيث يكشف كثيرٌ من الكتاب في مقدماتِ كتبِهم عن دوافع التأليف، وأهدافه، والفئة التي يخدمها الكتاب.

2- قراءة فهرس الموضوعات من أجل الاطلاع على موضوعات الكتاب، وأهم من ذلك اكتشافُ المنظور المنطقي للكتاب.

3- الاطلاع على فهرس المصادر والمراجع التي اعتمد عليها المؤلف في بناء كتابه، حيث إنها تمثل المورد الأساسي لمعلوماته وصياغته.

4- بعض المؤلفين يضع ملخصًا مكثفًا في آخر كل فصل لما أورده فيه، ومن المفيد قراءة بعض الملخصات لتحسُّس جوهر المادة المعروضة.

5- قراءة بعض صفحات أو فقرات من الكتاب لمعرفة مستوى المعالجة في الكتاب وهذا مهم جدًّا.

ثانيًا: القراءة السريعة:
إن المعرفة تتضاعف كل خمس عشرة سنة على أبعد تقدير، وهذا يعني أن الكتب المنشورة تتحدى القراء، وتتطلب منهم المزيد من الاستعداد.

بعد تصفح الكتاب واكتشاف مستواه، يقرر القارئ أي نوع من القراءة يستحق، فهناك كتب تُقرأ قراءة سريعة، وهناك كتب يجب أن تقرأ بدقة متناهية. وتقوم فكرة القراءة السريعة على ما هو معلوم من أن النظر يقفز من مساحة إلى أخرى، وعندما يستقر على مساحة معينة فإنه يلتقط عددًا من الرموز والإشارات، ثم يقفز ليستقر ثانية وهكذا.

وقد عرفت بعضُ الدول المتقدمة قيمة السرعة في القراءة، فأقامت الدورات للقراءة السريعة منذ أكثر من نصف قرن، وتهدف في المقام الأول إلى تدريب القارئ على أن يلتقط أكبر عدد ممكن من الكلمات في أثناء اللحظة التي تقف فيها العين.

مشكلة الفهم:
هناك من يقول: إن بطء القارئ في نقل عينيه من كلمة إلى أخرى، وقلة ما يلتقط في الوقفة الواحدة... ما هو إلا انعكاس لعجز العقل عن استيعاب معاني الصور التي نقلتها إليه العين، وارتباكه في تفسيرها وتحليلها؛ فسرعة القارئ منوطةٌ إلى حد بعيد بسهولة المادة التي يقرؤها.

وعل كل حال فإن القارئ الذي يقرأ مادةً سبَقَ له الاطلاعُ عليها، يستطيع أن يقرأ تلك المادة بسرعة أعلى بكثير من قارئ لم يَخبُرها قبل ذلك، مما يعني أن استمرار القراءة في محور من محاور المعرفة، سيكون مساعدًا أساسيًّا على قراءةٍ أسرعَ وإنجازٍ أعظمَ.

ثالثًا: القراءة الانتقائية:
حين يتجه المرء إلى التعمق في موضوع بعينه، فإنه يكون بحاجة إلى تتبع الكثير من المراجع والكتب المتنوعة للعثور على مادة متجانسة، والكتبُ التي يمكن أن يعود إليها أيُّ باحثٍ نوعان:
النوع الأول: كتب تنتمي إلى الحقل المعرفي الذي ينتمي إليه الموضوعُ الذي يَبحث فيه، ويمثل هذا النوعُ المصدرَ الأساسي للباحث، فعن طريقه يمكن تكوينُ رؤية جيدة للبنية الأساسية للموضوع.

ومع التسليم بالأهمية القصوى لهذا النوع من المراجع، إلا أن الاقتصار عليه يجعل معرفةَ القارئ بموضوعه شبهَ معزولةٍ عن فروع المعرفة الأخرى. ومعظم القراء يؤثر الاعتمادَ على هذا النوع؛ لسهولة معرفته وحصره.

النوع الثاني: كتب لا تنتمي إلى الحقل المعرفي الذي ينتمي إليه الموضوعُ الذي نود سبرَ أغواره، وفائدة هذا النوع من المطالعة أنه يعطينا لونًا من ألوان توحيد المعرفة، وإعادة الربط بين فروعها وأجزائها.

رابعًا: القراءة التحليلية:
إن القراءة التحليلية هي أفضل أسلوب يمكن للمرء أن يتبعه في استِكْناهِ مضمونِ كتابٍ ما في وقت غير محدد، فهي محاولة للارتقاء بالقارئ إلى أفق الكاتب الذي يَقرأ له، ومحاولة النفاذ إلى معرفة شيء من مصادره وخلفيته الثقافية.

سمات القارئ الجيد:
1- المثابرة على القراءة، والحماسة في متابعتها، والصبر عليها.

2- القارئ الجيد يتمتع بقابلية جيدة لاستيعاب الجديد، وبنية عقلية متفتحة، تقبل التحوير، وتستفيد من المراجعة.

3- القدرة على الاستجابة لنبض العصر الثقافي ضرورةٌ لمن يريد أن يقرأ قراءة مثمرة ينتفع بها.

4- من المهم للقارئ الجيد أن يعرف كيف يتعامل مع الكتب التي عزم على قراءتها، بالإضافة إلى الاهتداء إلى الطريقة التي ستتعامل بها مع كل كتاب، من حيث السرعة، والتلخيص والتعليق.

أنواع الكتب:
هناك نوع من الكتب لا يُقرأ دفعة واحدة، مثل: المراجع والمعاجم، وإنما يعود إليها طالبُ العلم عند الحاجة، فهي تحتفظ بقيمتها قرونًا عدة. ونوع ثان لا يتطلب فهمُه مهاراتٍ قِرائيةً عالية؛ فهو يقرأ للتسلية، وهذا التنوع من الكتب لا يقرأ في العادة سوى مرة واحدة.

وثمة نوع ثالث من الكتب يَشعُر المرء بأنه بحاجة إلى قراءة بطيئة وتركيز جيد، لكن بعد قراءته يشعر أنه أخذ كل ما فيه. وهذا النوع لا يمثلل أكثر من 5% مما هو مطروح في الأسواق من كتب.

وهناك نوع من الكتب يشعر قارئه أنه لم يستفد كل ما فيه مهما استخدم من مهارات القراءة، وأنه يستحق عودة ثانية، لكن إذا عاد إليه المرءُ مرةً ثانية لم يخرج كل ما كان يؤمله منه، وهذا النوع يحتاج إلى مهارات عالية في قراءته والرجوع إلى بعض الشروح والمراجع.

النوع الأخير من الكتب نادر جدًّا، وهو نوع لا ينضُب محتواه، وكلما عدت إليه شعرت أنه ينميك، وكأنه ينمو معك، يجد الفاقهون من المسلمين مثل هذا في القرآن الكريم.

مبادئ وقواعد:
1- مهمة الكاتب أن يوصل إلينا بعض المعاني والأفكار مما ابتدعه، أو اقتبسه من غيره، ومهمة القارئ تَلقِّي ذلك والاستفادة منه.

2- إن بين الفكرة التي يعبر عنها الكاتب وبين الكلمة التي يستخدمها مسافةً ما، وعلى القارئ أن يقطع تلك المسافة من خلال الملاحظة الحادة والخيال الخصب، والذهن المتمرس.

3- اللغة هي أداة التواصل الأساسية بين بني البشر، فاللغة كائن مبدع، والإبداع هو سر عظمتها؛ لذا فإن على القارئ أن يكون على وعي تام بالمعنى اللغوي للمفردات التي يقرؤها.

4- مما يسهل قراءةَ أي كتاب في أي علم معرفةُ المصادر والمراجع التي رجع إليها المؤلف؛ مما يساعد القارئ على فهم الكتاب الذي بين يديه.

5- إن القراءة التحليلية الجيدة تعني نوعًا من (التفلية) للكتاب، ومحاولة إضفاء نوع من التنظيم على محتواه الداخلي من أجل تسهيل استيعابه.

تساؤلات مهمة:
من واجب كل قارئ حريصٍ أن يعمِد إلى توجيه عدد من الأسئلة قبل قيامه بشراء الكتاب، وفي أثناء قراءته، وبعد الفراغ منه، ولعل أهم تلك التساؤلات ما يلي:
1- هل أنا من الشريحة التي يستهدفها المؤلفُ، ويوجه إليها خطابَه، وهذا مهم؛ لأن قراءة كتاب ليس موجهًا إليك قد لا تنفعك بأي شيء.

2- من المهم أن يعرف القارئُ هُويةَ الكتاب والجنس المعرفي الذي ينتمي إليه، وكلما استطاع القارئ أن يعبِّر عن ذلك على نحو دقيق وموجز كانت فائدته مما يقرأ أعظم.

3- من الأسئلة الحيوية أن يوجه القارئ لنفسه أسئلة تتعلق بمدى استيعابه لما قرأه، وأدوات اختبار الفهم كثيرة لعل من أهمها أداتين:
4- الأولى: أن يحاول القارئ أن يأتي بأمثلة وملاحظات على القواعد والأفكار والملاحظات التي يثيرها الكاتب.

5- الثانية: محاولة القارئ تلخيصَ ما قرأه في عبارات وفِقَر محددة، بأسلوبه الخاص.

6- من المهم أن يسأل القارئ نفسه: ما المسائل التي حاول الكاتبُ حلَّها، وتقديم رؤى فيها، وما الأسئلة التي طرحها الكاتب في القضايا التي يعالجها، ومدى جدية تلك الأسئلة وموضوعيتها.

الحوار مع الكاتب:
لا ريب في أن الهدف الأساسي من قراءة أي كتاب، ينبغي أن يكون هو الاستفادة والارتقاء في معارج العلم والفهم، وتحسين المحاكمة العقلية لدى القارئ، ونقد الكتاب، ومحاولة العثور على وجهة نظر أخرى غير وجهة نظر المؤلف.

إن القارئ الجيد لا ينجح في فهم الكتاب فحسب، وإنما يتجاوز ذلك إلى فهم التيار المعرفي أو المذهب الذي ينتمي إليه الكاتب، وهذا يساعده على ترشيد حكمه النقدي، ومن ناحية أخرى لا ينبغي للقارئ أن يصدر حكما نهائيًا على الكاتب من خلال الكتاب الذي يقرؤه، إلا إذا تبين له أنه آخر كتاب له.

لتلافي ذلك يمكننا أن نقترح بعض النقاط التي تمثل مساقات لنقد القارئ لما يقرأ، وذلك في الآتي:
1- إن كثيرًا من الكتاب، لا يكتفون بعرض وجهات نظرهم، بل يسعون إلى إقناع القارئ بذلك، لكن الإشكال أن بعض الكتاب يلجأ إلى البيان والخطابة، دون المعلومات، وهذه الظاهرة من أكثر النواقص الكتابية.

2- بإمكان القارئ أن يقول في نقده: إن بعضَ المعلومات التي نقلها الكاتب غيرُ صحيحة، والقاعدة تقول: (إن كنت ناقلا فالصحة، وإن كنت مدعيًا فالدليل)، فتوثيق المعلومات هو ما على الكاتب أن يفعله.

3- مما يمكن أن يكون نقدًا محددًا القولُ: إن الكاتب أهمَلَ عواملَ أساسية في أثناء بعض معالجاته، مما جعلها ناقصة، وهذا شائع في عالمنا الإسلامي.

خامسًا: القراءة المحورية:
القراءة المحورية هي تلك القراءة التي تستهدف الوقوف على معلومات وأفكار ومفاهيم، تتعلق بموضوع معين، فهي تستهدفُ استخراجَ كل ما يمكن استخراجه من الكتاب المقروء، فتَملُّك ما في الكتاب وفقهُه هو الغاية منها.

البداية:
كثيرًا ما تبرق عناوين لقضايا أو مشكلات، يرى المرء أنها تستحق البحثَ والمعالجة، وكثيرًا ما يجد المرءُ بعد ذلك أن الموضوع الذي ظَن أنه يمكن أن يكون محورًا لقراءات مكيفة قد قُتل بحثًا.
الخطوة الأولى: أن يطلع القارئ على الكتب والمراجع التي تعرض الأدبيات العامة للعلم الذي ينتمي إليه الموضوعُ الذي يقرأ من أجله، ويخدمه في ذلك الاطلاعُ على فهارس بعض المكتبات.

الخطوة الثانية: وتتمثل في قراءة الفصول والمقاطع والنصوص التي يرى أنها لَصِيقةٌ بموضوعه، ويجب أن تكون القراءةُ هذه المرة تحليليةً.

الخطوة الثالثة: وتتمثل في توزيع النصوص التي اخترناها على الأسئلة التي استطعنا بلورتها، والقارئ بحاجة إلى درجة عالية من الشفافية حتى يلتقط أجوبةَ أسئلته من نصوص ربما كانت في الأساس بعيدةً عن حقل الموضوع الذي يعالجه.

إن أصعب نقطة هي البداية، لكن لنكن على ثقة أننا سندهش من أنفسنا عندما ننطلق... والأمر لن يحتاج سوى الالتزام التزامًا جادًّا ودقيقًا بقراءة ساعتين يوميًّا مدةَ خمس سنوات على نحو متواصل، وستكون هناك نتائج باهرة، فوق ما نظن.

قراءة كتاب في التاريخ (نموذجًا):
إن معظم الكتب تتناول بعض المسائل والموضوعات في بعض العلوم، لكنها لا تمنحنا رؤية واضحة حول نوعية الأحكام والمعالجات التي تتم في ذلك العلم، ولا تبين مدى مصداقية التعميمات والقوانين التي يستخدمها الباحثون فيه؛ مما يولد بعض الانطباعات الخاطئة لدى القراء.

ومعرفة القارئ بتاريخ العلم الذي يقرأ فيه، وبطبيعته ومشكلاته الحقيقية، ستعودُ عليه ببصيرة معرفية لا تُقدر بثمن، وقد اخترتُ أن أقدم للقارئ هذه الخلفيةَ عن (علم التاريخ)، ولعلي أوجز ما أظنه يساعدُنا على تشكيل رؤيةٍ حول هذا العلم، في المفردات الآتية:
1- تعرَّض (التاريخ) إلى مواقفٍ متباينة كثيرة، فقد تعرض للإفراط والتفريط، فقوم جعلوه كلَّ شيء، وقال قوم آخرون: إنه لا شيء.

يرى الأستاذ (هرنشو) أن أقرب العلوم الطبيعية شبهًا بالتاريخ هو (الجيولوجيا)، فالمؤرخ يعتمد في معرفة الوقائع على آثار أو سجلات سَلِمت من عَوادي الزمن، وقيمتها في دلالتها على الماضي لا في ذاتها، وعلي المؤرخ أن يقوم بـ(الجراحة النفسية والعقلية)؛ ليستشرف العواملَ الخفية، لكن بين التاريخ والجيولوجيا مفارقة كبيرة، فالصخور شواهد محايدة، لكن وثائق التاريخ كُتبت بيد إنسانٍ، ويدرسها إنسانٌ له عواطفُه ومعاييره ومسلماته ومصالحه.

2- مهما امتلك المؤرخ من عناصرَ مساعدةٍ على قراءة التاريخ، فإنه لا يستطيع أن يجد كل المواد التي يحتاجها في بناء الصورة التي يوضحها للناس.

إن إشكالية المسألة التاريخية لا تنتهي عند جمع معلومات مجردة، حيث إنها أيضًا أسلوب رواية، وطريقة تحليل، ومنهج تركيب، وهذه مجتمعة تمثلُ أدواتِ تقديم المعرفة التاريخية.

3- من أخطر ما يتعرض له العمل التاريخي (الانتقائية)؛ فالروايات المتعددة حول حادثة ما، تُلزم المؤرخ أن يختار منها ما يتناسب مع رؤيته العامة لتلك الحادثة، فالانتقاءُ الذي يقوم به المؤرخ يجعل البنيانَ التاريخي كله انتقائيًا، أي أن ثقافة المؤرخ وحدسه ومدى اطلاعه على الواقعة ومركبه العقلي العام، ومزاجه وخياله.. كل ذلك وسائط وأدوات معرفية تشترك في تشكيل الصورة التي اجتهد المؤرخ في تقديمها.

4- طبيعة العمل التأريخي تُملي نوعًا من الالتزام الأدبي على المؤرخ نحو قرائه، فهو إلى جانب شعوره بضرورة توخي الدقة والأمانة، يشعر بضرورة تقديم صورة كاملة عن الحدث الذي يؤرخ له.

ولذا فإن المؤرخ يعُدُّ الحقائق القليلة المتوفرة، تمثلُ كلَّ الحقائق المحيطة بالحدث، وعليه من جهته أن يسد الثغرات، ويكمل النواقص التي فيها، ولن يكون ذلك إلا من خلال إصدار سلسلة من الأحكام التي ترسم صورة ما للواقعة التي يتحدث عنها.

5- اختلاف المؤرخين في سَوق الأحداث وتحليلها؛ يعود إلى أسباب كثيرة، ولعلنا هنا نشير إلى أهمها في المفردات الآتية:
1- للمزاج تأثيره في صياغة الحدث التاريخي، وهناك إلى جانب هذا أهواء التحيز أو الافتراضات المرتبطة باتباعِ المؤرخِ جماعةً معينة، أو مذهبًا معينًا.

2- مهما بلغ المؤرخ من العالمية، فإنه في النهاية يظل ابن بيئته ومحيطه، ووليد لحظات زمانه المتغير، فالبيئات الجغرافية والاجتماعية والثقافية، بكل ما تحمله من ثوابت وملامح ومعطيات وتقاليد ومفاهيم وأفكار وأمزجة؛ تبرمج آليةَ التفكير والتحليل والتفسير لدي المؤرخ.

3- حاول الباحثون في فلسفة التاريخ أن يقفوا على العوامل الرئيسة التي تتحكم في سير التاريخ، وقد تشعبت بهم السبلُ وأخذ منهم الاختلافُ كلَّ مأخذ في العامل الحاسم، وكل مؤرخ لا يجد بدَّا من التركيز على كل ما يدعم نظريته.

6- النتيجة التي يمكن أن ننتهي إليها من وراء كل ما سبق هي أنه ليس في أعمال المؤرخين موضوعية مطلقة؛ لأن المؤرخ مهما أكثر من محاولات إلزام نفسه بالبعد عن التحيز، فإنه لن يتوقى ذلك على نحو تام.

7- حين يقع حدث تاريخي ما، فإنه لا يقع في فراغ فكري أو اجتماعي أو سياسي أو اقتصادي أو جغرافي، بل تظل هناك عواملُ مؤثرة في صياغة حجم الحدث ومضمونه، ودلالته ونتائجه، ولا بد أن يراعي المؤرخ وقارئُ التاريخ ذلك؛ حتى لا يسيء الفهم.

8- لم نُرد من وراء ما ذكرنا الحطَّ من قدر التاريخ، وإنما أردنا أن نوضح بعضَ المعالم التي تساعد على تكوين خلفية ثقافية لدى من يطالع في كتب التاريخ، على أمل أن يكمل القارئ عملَ المؤرخ، فالكتاب التاريخي لا يؤدي رسالته المعرفية من غير تَلَقٍّ حَسَن من قُرائه.

ومما يساعد القارئَ في كتاب تاريخي على فهم عميق: أن يقوم بطرح سلسلة من الأسئلة، وذلك نحو:
1- هل المؤرخ ذو صبغة مذهبية معينة، أو اتجاه فكري معين؟
2- هل البيئة التي ينتمي إليها بيئة مغلقة، أو بيئة مفتوحة تختلط فيها الأعراق والأجناس والثقافات؟
3- هل المؤرخ ممن يحاول أن يترك مسافة واعية بين رأيه الشخصي وبين الأحداث التي يؤرخ لها؟
4- هل المؤرخ على دراسة حسنة بما يكتب عنه، وهل مصادره التي اعتمد عليها موثوقة؟
5- هل المؤلف يكثر من التفاصيل الدقيقة في رواياته، أو أنه يكتفي بالوقوف عند أصول الأخبار والوقائع؟

الخاتمة:
كان القصد الأساسي من وراء هذه الرسالة تعزيز الاهتمام بممارسة القراءة واصطحاب الكتاب، بالإضافة إلى تحسين فعل القراءة، واستثماره على أفضل وجه ممكن.

ولا يخفي أن ما ذكرناه هو النموذج الأرقى في تنظيم الجهود القرائية، وسيكون بإمكان كل قارئ أن يقترب من ذلك النموذج على مقدار ما تسمح به إمكاناته وظروفه.

إنني أعتقد أننا سننال من القراءة أكثر؛ كلما كان وعيُنا بما نريده من ورائها أكثرَ نضجًا وتنظيمًا


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/73426/#ixzz3fm98jXCC

الشيخه الفلانيه
13-07-2015, 04:24 AM
،








كُل آلششكرْ عَ آلطرح
يعطيكِ آلله آلععآفيهً :) !

صدى صوت
13-07-2015, 01:38 PM
،








كُل آلششكرْ عَ آلطرح
يعطيكِ آلله آلععآفيهً :) !





العفو اختي الشيخه .. مرورك يسعدنا

صدى صوت
13-07-2015, 10:09 PM
ارجو مشاركتكم لنا في طرح كتب ملخصه هنا كنوع من تنويع الافكار والمصادر .

صدى صوت
15-07-2015, 08:42 PM
تلخيص كتاب المفاتيح العشرة للنجاح للدكتور ابراهيم الفقي

المفتاح الأول: الدوافع والتي تعمل كمحرك للسلوك الإنساني ذهب شاب يتلمس الحكمة عند حكيم صيني فسأله عن سر النجاح، فأرشده أنها الدوافع، فطلب صاحبنا المزيد من التفسير، فأمسك الحكيم برأس الشاب وغمسها في الماء، الذي لم يتحرك لبضعة ثوان، ثم بدأ هذا يحاول رفع رأسه من الماء، ثم بدأ يقاوم يد الحكيم ليخرج رأسه، ثم بدأ يجاهد بكل قوته لينجو بحياته من الغرق في بحر الحكمة، وفي النهاية أفلح. في البداية كانت دوافعه موجودة لكنها غير كافية، بعدها زادت الدوافع لكنها لم تبلغ أوجها، ثم في النهاية بلغت مرحلة متأججة الاشتعال، فما كانت من يد الحكيم إلا أن تنحت عن طريق هذه الدوافع القوية. من لديه الرغبة المشتعلة في النجاح سينجح، وهذه بداية طريق النجاح.

المفتاح الثاني: الطاقة التي هي وقود الحياة العقل السليم يلزمه الجسم السليم، ولا بد من رفع مستوى كليهما حتى نعيش حياة صحية سليمة. خير بداية هي أن نحدد لصوص الطاقة اللازمة لحياتنا نحن البشر، وأولها عملية الهضم ذاتها، والتي تتطلب من الدم –وسيلة نقل الطاقةجميع الجسم- أن يتجه 80% منه للمعدة عند حشو الأخيرة بالطعام،. القلق النفسي هو اللص الثاني للطاقة، ما يسبب الشعور بالضعف، والثالث هو الإجهاد الزائد دون راحة. الآن كيف نرفع مستويات الطاقة لدى كل منا- على المستوى الجسماني والعقلي والنفسي؟ الرياضة والتمارين، ثم كتابة كل منا لأهدافه في الحياة، ومراجعتها كل يوم للوقوف على مدى ما حققناه منها، ثم أخيرًا الخلو بالنفس في مكان مريح يبعث على الراحة النفسية والهدوء والتوازن.

المفتاح الثالث: المهارة والتي هي بستان الحكمة جاء في فاتورة إصلاح عطل بماكينة أن سعر المسمار التالف كان دولار واحد، وأن معرفة مكان هذا المسمار كلف 999 دولار. يظن البعض أن النجاح وليد الحظ والصدف فقط، وهؤلاء لن يعرفوا النجاح ولو نزل بساحتهم. المعرفة هي القوة، وبمقدار ما لديك من المعرفة تكون قوياً ومبدعًا ومن ثم ناجحًا. كم من الكتب قرأت وكم من الشرائط التعليمية سمعت مؤخرًا؟ وكم من الوقت تقضي أمام المفسديون؟ شكت شاكية حضرت محاضرة أنها فٌصلت من عملها كنادلة في مطعم، فسألها هل تعلمت أو قرأت أي شيء لتكوني مؤهلة للعمل في المطاعم، فجاء ردها بأن العمل في المطاعم لا يحتاج إلى تعلم أي شيء، وهذا الجهل كلفها وظيفتها. لتصل إلى غد أفضل ومستقبل زاهر بادر بتعلم المزيد دون توقف، وتذكر الحكمة الصينية القائلة بأن القراءة للعقل كالرياضة للجسم . “Luck”" أود هنا ذكر معلومة لغوية، ألا وهي معنى كلمة حظ في اللغة العربية، والتي هي ترجمة كلمة في الإنجليزية –وهذه ترجمة قاصرة، إذ أن تعريف الحظ في اللغة العربية هو النصيب، ففي القرآن نجد الآية: (وما يُلقاها إلا الذين صبروا، وما يُلقاها إلا ذو حظ عظيم) وفي اللغة يُقال فلانًا على حظ من القوة، وفلانة ذات حظ من الجمال، وكلها تعني النصيب والقدر، فهل كان أجدادنا العرب لا يعرفون -أو قل لا يعترفون- بما اتفق على تسميته الحظ اليوم؟ “”"

المفتاح الرابع: التصور (التخيل) هو طريقك إلى النجاح إنجازات ونجاحات اليوم هي أحلام وتخيلات الأمس، فالتخيل بداية الابتكار، وهو أهم من المعرفة ذاتها، وهو الذي يشكل عالمنا الذي نعيش فيه. الكثير من الأحلام كانت محط سخرية العالم قبل تحققها، مثل حلم فريد سميث مؤسس فيدرال اكسبريس، وحلم والت ديزني الذي أفلسه ست مرات حتى تحقق. يحدث كل شيء داخل العقل أولاً، لذا عندما ترى نفسك ناجحاً قادرًا على تحقيق أهدافك مؤمنًا بذلك في قلبك، كل هذا سيخلق قوة ذاتية داخلية تحقق هذا الحلم. تموت بعض الأفكار العظيمة قبل أن تولد لسببين: عدم الإيمان الداخلي، وتثبيط المحيطين بنا. المكان الوحيد الذي تصبح أحلامك فيه مستحيلة هو داخلك أنت شخصيًا.

المفتاح الخامس: الفعل (تطبيق ما تعلمته) هو الطريق إلى القوة المعرفة وحدها لا تكفي، فلا بد وأن يصاحبها التطبيق العملي، والاستعداد وحده لا يكفي، فلا بد من العمل. بل إن المعرفة بدون التنفيذ يمكنها أن تؤدي إلى الفشل والإحباط. الحكمة هي أن تعرف ما الذي تفعله، والمهارة أن تعرف كيف تفعله، والنجاح هو أن تفعله! يتذكر الإنسان العادي 10% أو أقل مما يسمعه، و25% مما يراه، و90% من الذي يفعله. ينصحنا أصحاب النجاح دوماً أنه ما دمنا مقتنعين بالفكرة التي في أذهاننا، فيجب أن ننفذها على الفور. موانع الناس من التحرك لا يخرجون عن اثنين: الخوف (من الفشل أو من عدم تقبل التغيير أو من المجهول أو الخوف من النجاح ذاته!) والمماطلة والتلكؤ والتسويف. حل هذه المعضلة هو وضع تخيل لأسوأ شيء يمكن أن يحدث وأفضل ما يمكن حدوثه نتيجة هذا التغيير، ثم المقارنة بين الاثنين. ليس هناك فشل في الحياة، بل خبرات مكتسبة فالقرار السليم يأتي بعد الخبرة التي تأتي من القرار غير السليم. لا تقلق أبداً من الفشل، بل الأولى بك أن تقلق على الفرص التي تضيع منك حين لا تحاول حتى أن تجربها. الحكمة اليابانية تقول أنك لو وقعت سبع مرات، فقف في المرة الثامنة. الحياة هي مغامرة ذات مخاطر أو هي لا شيء على الإطلاق. التصرف بدون خطة هو سبب كل فشل.

المفتاح السادس: التوقع هو الطريق إلى الواقع نحن اليوم حيث أحضرتنا أفكارنا، وسنكون غدًا حيث تأخذنا. ما أنت عليه اليوم هو نتيجة كل أفكارك. كل ما تتوقعه بثقة تامة سيحدث في حياتك فعلاً. سافر الدكتور خارج البلاد ومعه عائلته، وفي خلفية عقله راودته فكرة سلبية أن بيته سيتم سرقته. وفعلاً حدث ما توقعه الدكتور. لقد أرسل عقله –دون إدراك منه - إشارة إيجابية للصوص بأن تفضلوا، وهكذا يفعل الكثيرون منا بقلقهم الزائد، فنحن غالبًا ما نحصل على ما نتوقعه. نحن نتسبب في تكوين وتراكم حاجز من التراب ثم بعدها نشكو من عدم قدرتنا على الرؤية بوضوح. عندما تبرمج عقلك على التوقعات الإيجابية فستبدأ ساعتها في استخدام قدراتك لتحقيق أحلامك. عندما تضبط نفسك وهي تفكر بشكل سلبي — قم على الفور بلسع نفسك بشكل يسبب لك الألم البسيط بشكل يجعلك تنفر من التفكير السلبي،.

المفتاح السابع: الالتزام يفشل الناس في بعض الأحيان، ليس ذلك بسبب نقص في القدرات لديهم، بل لنقص في الالتزام. من يظن نفسه فاشلاً بسبب بضعة صعاب داعبته عليه أن ينظر إلى توماس إديسون الذي حاول عشرة آلاف مرة قبل أن يخترع المصباح الكهربي، وهناك قصة الشاب الذي أرسل أكثر من ألفي رسالة طلب توظيف فلم تقبله شركة واحدة، ولم ييأس فأعاد الكرة في ألفي رسالة أخرىـ ولم يصله أي رد، حتى جاءه في يوم عرض توظيف من مصلحة البريد ذاتها، التي أعجبها التزامه وعدم يأسه. الالتزام هو القوة الداخلية التي تدفعنا للاستمرار حتى بالرغم من أصعب الظروف وأشقها، والتي تجعلك تخرج جميع قدراتك الكامنة.

المفتاح الثامن: المرونة وقوة الليونة كل ما سبق ذكره جميل، لكن لابد من تفكر وتدبر، فتكرار ذات المحاولات غير المجدية التي لا تؤدي إلى النجاح لن يغير من النتيجة مهما تعددت هذه المحاولات. لم تستطع الديناصورات التأقلم مع تغيرات البيئة التي طرأت من حولها فانقرضت، على عكس وحيد القرن (الخرتيت) الذي تأقلم فعاش لليوم. إذا أصبحت فوجدت طريقك المعتاد للذهاب للعمل مسدودًا، فماذا ستفعل؟ هل ستلعن الزحام أم ستبحث عن طريق بديل؟ إن اليوم الذي تعثر فيه على فرصة عمل هو اليوم الذي تبدأ فيه البحث عن عمل آخر، فعليك أن تجعل الفرص دائماً متاحة أمامك. نعم التفاؤل والأفكار الإيجابية مطلوبان بشدة، لكن هذا لا ينفي إمكانية حدوث معوقات وتداعيات يجب الاستعداد لها مسبقاً، فالطريق ليس مفروشاً بالورود. اجعل لنفسك دائمًا خطة بديلة، بل أكثر من خطة واحدة.

المفتاح التاسع: الصبر كثير من حالات الفشل في الحياة كانت لأشخاص لم يدركوا كم كانوا قريبين من النجاح عندما استسلموا. الإنسان الذي يمكنه إتقان الصبر يمكنه إتقان كل شيء. ويكفينا النظر في القرآن وتدبر مغزى عدد مرات ذكر الصبر والصابرين والصابرات لنعلم أن عدم الصبر هو أحد أسباب الفشل، لأنك قبل النجاح ستقابل عقبات وموانع وتحديات مؤقتة، لن يمكنك تخطيها ما لم تتسلح بالصبر. للصبر قواعد هي العمل الشاق والالتزام، حتى يعمل الصبر لمصلحتك. لا تيأس، فعادة ما يكون آخر مفتاح في سلسلة المفاتيح هو الذي سيفتح الباب.

المفتاح العاشر: الانضباط وهو أساس التحكم في النفس جميعنا منضبطون، فنحن نشاهد التليفزيون يومياً بانتظام، لكننا نستخدم هذا الانضباط في تكوين عادات سلبية مثل التدخين والأكل بشراهة… بينما الناجحون يستعملون هذا الانضباط في تحسين حياتهم والارتقا بمستوى صحتهم ودخلهم ولياقتهم. العادات السيئة تعطيك اللذة والمتعة على المدى القصير، وهي هي التي تسبب لك الألم والمرض والمعاناة على المدى البعيد. إذا لم تكن منضبطاً فتداوم على الرغبة في النجاح وتتسلح بالإيجابية بشكل يومي وبحماس قوي فحتماً ستفشل. الانضباط الذاتي هو التحكم في الذات، وهو الصفة الوحيدة التي تجعل الإنسان يقوم بعمل أشياء فوق العادة، وهو القوة التي تصل بك إلى حياة أفضل، فالمثابرة تقضي على أي مقاومة.

ختم الدكتور إبراهيم كل مفتاح من هذه المفاتيح بهذه المقولة: عش كل لحظة كأنها الأخيرة، عش بالإيمان، عش بالأمل، عش بالحب، عش بالكفاح، وقدر قيمة الحياة. أتمنى لو تطبعون هذه المقالة مرات ، وتوزعوها على الأصدقاء والأصحاب، فنحن اليوم في أشد الحاجة للتفكير الإيجابي ولشحن بطاريات الأمل لدينا، وأختم بما ختم به الدكتور: لن أتمنى لك حظًا سعيدًا، فأنت من سيصنع نصيبه. ------------ -------- لاشيء عظيم يمكن أن يتحقق بدون أشخاص عظماء ؛ وهؤلاء لايكونون عظماء إلا إذا كانوا عازمين عزماً أكيداً على أن يكونوا كذلك

شهد~
17-07-2015, 10:24 PM
طرح جميل و مميز
ألف شكر لك

صدى صوت
17-07-2015, 10:37 PM
طرح جميل و مميز
ألف شكر لك

شكرا شهد لمرورك

صدى صوت
19-07-2015, 12:40 AM
تلخيص كتاب اعمل اقل تنجح أكثر

بعنوان رئيسي متناقض .. وعنوان فرعي صادم ..يستقبلك كتاب اعمل أقل .. تنجح أكثر لـ ايرني زيلنسكي معتبراً أن الكسل هو سر النجاح .. لكن لا تستعجل فهو لايتحدث عن الكسل الذي تعرفه !.
الكتاب مؤلف من ستة فصول، وعندما تفتحه تجده مكتوب بالكامل على الصفحة اليسرى فقط ( للنسخة العربية)، أما الصفحة اليمنى فهي تحوي ما سماه المؤلف ( أفكار تغير حياتك ) وفيها يتحدث عن فكرة يمكن اعتبارها ملخص موجز للصفحة التالية وتحتها يضع بعض الإقتباسات من أقوال المشاهير التي تدور في فلك الفكرة أيضاً.
يدور الكتاب حول معادلة النجاح التي هي محصلة جمع العمل القليل و التفكير الكثير. إذاً علينا أن نعمل على طرفي المعادلة، فالتفكير الكثير في أداء العمل بشكل ذكي هو الأهم للوصول إلى النجاح.
يدحض الكتاب بأفكاره ما اعتاد عليه عالم الأعمال، كالعمل لساعات طويلة تصل إلى 12 ساعة، فالكاتب يشجع على عدم العمل لأكثر من 5 ساعات يومياً، ويؤكد على ضرورة حصولك على المتعة من أوقات الفراغ، لا أن تكون مهموماً بالعمل الذي ستؤديه لاحقاً.

ويتشارك الكتاب بفكرة مع ما ينادي به ستيف جوبز وهو أن يعمل الشخص في المجال الذي يحبه، لا أن يحب الوظيفة التي يعمل بها فقط لأنها أصبحت مفروضة عليه.
ومن تجربة شخصية أشجع هذه الفكرة و أطبقها في عملي الذي أحبه بالتالي استمتع فيه ولا أشعر كيف ينقضي الوقت، وقد تتفاجئ لو أخبرتك أني لا أحصل على عطلة اسبوعية، بالنسبة لي العمل كله عطلة !!.
ببساطة حتى تكون ناجحاً يجب أن تعمل أقل وتفكر بذكاء أكبر، لأن الإنسان لم يخلق للعمل إنما للتفكير، فالآلات مهمتها العمل ولايمكنها حتى اليوم مع كل هذا التطور من التفكير بنفس مستوى البشر.
ويرى المؤلف أنه لو كان العمل المضني لساعات طويلة طريقاً للثراء، لوجدنا عمال المناجم أصحاب ملايين اليوم، ويقول لمن يشجع على العمل الطويل المرهق أن يتجه للمناجم بدلاً من المكاتب.
يدرس الكتاب علاقة الإنسان مع المال ويؤكد كونه وسيلة لا غاية، و متى تفهم الإنسان هذه العلاقة أصبح يشعر بالوفرة، ويقول مهما كان لديك من المال فلا يمكنك شراء بعض الأمور ، فالمال يشتري ساعة يد فاخرة لكن لايشتري الوقت، لذا احرص على استثمار وقتك بالتفكير لا العمل.
وتذكر أن الطريق إلى النجاح أجمل من الوصول إليه.

صدى صوت
20-07-2015, 07:11 PM
ملخص كتاب الايام
عميد الادب العربي طه حسين

الفصل الأول

- يتحدث الكاتب عن ذكرياته عن يوم مجهول، لا يتأكد من تحديد وقته ولكنه يرجح أنه كان فى فجر ذلك اليوم أو فى عشائه لأن (أ) هواءه كان باردًا (ب) ونوره هادئًا خفيفًا (جـ) وحركة الناس فيه قليلة ويتذكر الصبى أسوار القصب التى لم يكن يقدر أن يتخطاها ويحسد الأرانب التى كانت تقدر على ذلك فى سهولة.
- كما كان يذكر صوت الشاعر بأناشيده العزبة وأخباره الغريبة والتى كانت أخته تقطع عليه استمتاعه بها عندما كانت تأخذه بقوة وتدخله البيت لينام بعد أن تضع له أمه سائلاً فى عينيه يؤذيه ولكنه يتحمل الألم ولا يشكو ولا يبكى ثم تنيمه أخته على حصير وتلقى عليه لحافًا وهو لا يستطيع النوم خوفًا من الأوهام والتخيلات التى كان يتصورها من الأشباح.
- ويستيقظ من نومه المضطرب بأعلى أصوات النساء يعدن وقد ملأن جرار الماء فجرًا، فتعود الضوضاء إلى المنزل، وهو يصبح عفريًتًا أشد حركة ونشاطًا مع إخوته.


الفصل الثانى

- كان مفهوم الصبى عن القناة (الترعة التى فى قريته) فى ذهنه عالمًا مستقلاً عن العالم الذى يعيشه، تعمرها كائنات غريبة من التماسيح التى تبتلع الناس، ومنها المسحورون الذين سحرهم الجن فى خيال أهل الريف، ومنها أسماك ضخمة تبتلع الأطفال، وقد يجد فيها بعضهم (خاتم سليمان) عندما يديره بأصبعه يحقق له خادماه من الجن ما يتمناه.
- فكثيرًا ما تمنى الصبى أن تلتهمه سمكة من هذه الأسماك فيجد فى بطنها هذا الخاتم لكن هناك أهوال كثيرة تحيط به قبل أن يصل إلى هذه السمكة ولكن حقيقة هذه القناة التى لم يكن بينها وبينه إلا خطوات أن عرضها ضئيل يمكن أن يقفزه شاب نشيط، ويمكن أن يبلغ الماء إبطى الإنسان وأنه ينقطع عن القناة من حين لآخر بحيث تصبح حفرة مستطيلة يبحث الأطفال فى أرضها اللينة عن صغار السمك الذى مات لانقطاع الماء.
- كانت هناك أخطار حقيقية حول هذه القناة يشهدها الصبى فعن يمينه جماعة (العدويين) الأشرار وعن شماله (سعيد الأعرابى) و(امرأته كوابس) يتذكر كل ذلك عندما عبر القناة على كتف أحد إخوته وأكل من شجر التوت، كما أكل التفاح وقُطِف له النعناع والريحان.


الفصل الثالث

- كان الصبى يعيش فى أسرة كبيرة تصل إلى (ثلاثة عشر فردًا) وكان لا يستطيع أن يحكم على منزلته بينهم، فكان يجد فى أبيه لينا ورفقًا ومن أمه لينا ورحمة، ومن إخوته الاحتياط فى معاملته وكان هذا يضايقه وكان يرى من أبيه وأمه إهمالاً وغلظة أحيانًا.
- إحساس الصبى واكتشافه سبب هذه المعاملة بعد ذلك وأنهم يكلفون بأشياء لا يكلف بها مما جعله فى حزن صامت حتى علم الحقيقة وأنه (أعمى).

الفصل الرابع

- حفظ الصبى القرآن ولم يتجاوز التاسعة من عمره وفرح باللقب الذى يطلق على كل من حفظ القرآن وهو (الشيخ) وكان أبواه يلقبانه بهذا اللقب إعجابًا به، وكان الصبى ينتظر شيئًا آخر من مظاهر المكافأة وهو لبس العمة والقفطان.
- والحقيقة أنه لم يكن مستحقًا لذلك، لأن حفظه للقرآن لم يدم طويلاً لأنه لم يداوم على مراجعته ، وكان يومًا مشئومًا عندما امتحنه والده فى حفظك وتأكد أنه نسيه تمامًا، فغضب من نفسه وغضب عليه سيدنا، وأخذ الصبى يتساءل: أيلوم نفسه أم يلوم والده؟ أم يلوم سيدنا لأنه أهمله؟

الفصل الخامس

- فرح سيدنا بالصبى عندما شرفه أمام والده بحفظه القرآن بعد أن نسيه وكان خائفًا أن يخطئ الصبى، وأعطاه والده الجبة وأخذ سيدنا على الصبى عهدًا أن يقرأ على العريف ستة أجزاء من القرآن فى كل يوم فور وصوله إلى الكُتَّاب حتى لا ينسى مرة أخرى، ودعا سيدنا العريف، وأخذ عليه العهد أن يسمع للصبى ستة أجزاء من القرآن الكريم يوميًا

صدى صوت
24-07-2015, 02:20 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

(كتاب هل يكذب التاريخ)

كتاب جدا رائع وأنصح الجميع بقرائته وهذا تلخيص للكتاب :

افتتح المؤلّف عبد الله بن محمّد الداود كتابه بإهداء قويّ العبارة .. عميق المعنى .. سريع التأثير .. إلى المسلمة الصامدة في عصر الحضارة الجاهلية حينما تصارعت عليها قوى الشر العالمية وأبواق الصهاينة الناطقين بالعربية ، وإلى كل غيور يتعبّد الله بغيرته على أخواته المسلمات ، وإلى كل مخدوع بدعاوى العلمانيين فيما أسموه تحرير المرأة في حين أنهم لم ينادوا يومًا بتحرير العبيد والإماء أو يكتبوا حرفًا واحدًا في تحرير الأقصى ..
وقد قدم المؤلف لكتابه بمقدمه شرح فيها معنى تحرير المرأة فقد بدأ بعرض تاريخي موثق بالصور لهيئة لباس المرأة عموما ولباس المرأة المسلمة قبل مائة عام وتكلم عن لفظ تحرير المرأة وأنه شعار ينادي به العلمانيون مع أن غايتهم ليست التحرير بل غايتهم الاستعباد والسجن فالمرأة المسلمة لم تكن
مستعبدة إلا لله عز وجل فهدفهم تحريرها من ذلك وجعلها مستعبده للهوى وأصنام المادية وحرمانها من الاقتداء بعظيمات المسلمين أمثال خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وعائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما وغيرهما .
ثم عرض الكاتب جمله من القضايا في موضوع المرأة ليقيم الحجة على العلمانيين ويحاول أن ينقل المخدوعين من وحل العلمانية النتن وهذه القضايا هي (الحجاب , المساواة,الاختلاط ,عمل المرأة, قيادة المرأة للسيارة), ومن ثم وجه الكاتب أربعة رسائل إلى أربعة جهات مختلفة وهم العلماء وكافة الناس الغيورين على دينهم وأعراضهم وللعلمانيين أنفسهم ووجه رسالته الأخيرة إلى قاسم أمين ثم ختم كتابه بمقتطفات من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع حول موضوع المرأة .

المناقشة الأولى :

وهي بعنوان أرشيف قرن من الفساد فتكلم الكاتب عن الاحتشام والستر وأثبت أنه صفة عالميه فمنذ سالف التاريخ والى عصرنا الحالي عاش العالم بأجمعه حالة من الاحتشام والستر رغم اختلاف دياناتهم ويؤكد على ذلك الكتب السماوية فجميعها تدعو إلى الحشمة والحجاب وتحذر من التعري والسفور, والقران الكريم يؤكد على ذلك بالعديد من الأدلة منها قول الله سبحانه وتعالى ( قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال انه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمن لله رب العلمين) فقوله سبحانه و تعالى: كشفت عن ساقيها دليل على أن ساقيها كانتا في حالة من الستر والتغطية, وكذلك الصور التاريخية والآثار التي يتم اكتشافها بين الحين والآخر كصورة كليوباترا أو ما نراه من صور الفراعنة فكلها تدل على الواقع المحتشم الذي عاشته البشرية في الأزمنة السالفة , والإنتاج السينمائي ,والحضارات الحديثة مثل الحضارة الأمريكية والأوروبية فثقافتها تؤكد على العفاف والحشمة والدليل على ذلك ما نجده في أدبيات التاريخ القديمة والحديثة والأفلام في ما تصوره من احتشام في لباس المرأة ورغم التحول الكبير الذي نتج عن الثورة الفرنسية عام (1789) إلا أن ثقافة الاحتشام بقيت سائدة إلى عام (1825) الذي اعتبر منعطف جديد ونقطة تحول حيث نشأت العلمانية على الأيدي اليهودية فحاولوا نشر الفتنة بين الناس فاتضح أن الفساد يعم في أي دولة يدخلها اليهود ويؤكد على ذلك خطاب للرئيس الأمريكي (بنيامين فرانكلين )ألقاه عام (1789) يقول فيه (أينما حل اليهود هبط المستوى الأخلاقي والشرف التجاري ..) حيث كان هدف اليهود هو الإفساد العالمي لكل المجتمعات فبدأت هجراتهم إلى أمريكا بهدف التأثير على الشعب الأمريكي وإفسادهم حيث قال ياسر فرحات (ولقد كشف ذلك هنري فورد في كتاب (اليهودي العالمي) حيث أوضح أن اليهود من أجل تحقيق غاياتهم قد سيطروا على ثلاثة أشياء : البنوك للربا والسينما لتقديم مفاهيمهم المسمومة , وشركات الملابس والأزياء والعطور وسواها من مستلزمات الموضة.. فكلما غيروا أنماط الموضة زادت النساء شراء وإنفاقا, وتسربت الأموال إلى جيوب اليهود, وهم يحققون أيضا قتل الأخلاق ويشيعون التفسخ وينشرون الشهوات.. وإنما الملابس القصيرة ابتكار يهودي, فقد رفعوا أزياء النساء فوق الركبة ليزول الحياء وتنتشر الرذيلة , ويشيع الاختلاط غير البريء بين الشبان والشابات, وتضيع طهارة الفتاة وتتهدم الأسرة وتنتشر الأمراض الجنسية , ويبتلى الأطفال وينشأ جيل ضائع موبوء مريض ) .ومن ثم أظهر انخداع المسلمين وتوهمهم أن كشف المرأة وجهها هو الأصل وأن قلة الاحتشام والتعري المنتشرة في وقتنا الحالي هي الصفة السائدة منذ مئات السنين إلا أن هذا الكلام غير صحيح حيث كان الحجاب هو الصفة السائدة منذ مئات السنين ولا وجود للتبرج والسفور المنتشر في وقتنا الحالي حيث أن هذه الصفة لم تطرأ على العالم الإسلامي إلا على أيدي العلمانيين فعلى سبيل المثال ما حدث في تركيا حيث كان الحجاب هو الأصل عند النساء إلى أن ألغاه العلماني مصطفى كمال أتاتورك بعد أن تولى السلطة ,وفي العراق كان الزهاوي من أول الداعين إلى التبرج والسفور, وفي الشام ظهر كتاب عنوانه (السفور والحجاب ) للداعية إلى التبرج والسفور نظيرة زين الدين,وفي ألبانيا قام الملك زوغو بنزع الحجاب باسم التمدن والتطور وفي بلاد الأفغان قامت ملكة الأفغان بخلع الحجاب لتكون قدوة للأفغانيات, وفي فقد كانت المرأة المغربية لعهود طويلة تعرف بزيها المحتشم إلى أن جاء الاستعمار الفرنسي فأصبح الطابع الأوروبي يغلب على لباس المرأة المغربية, وغيرها من الدول التي تعرضت للغزو الفكري .
وأخيرا تكلم عن سيناريو إفساد المرأة في العالم الإسلامي فابتدأ في مرحلة التنظير: وهي مرحلة نشر الأفكار في عملية إفساد المرأة المسلمة بداية من المناداة في تحرير المرأة والتي نادي بها أحمد فارس الشدياق وقاسم أمين ورفاعة رافع الطهطاوي الذي ذكر (أن السفور والاختلاط ليس داعيا إلى الفساد والفسق ..). وتليها مرحلة التطبيق غير الرسمية: بعد أن نشرت الأفكار الملوثة والفاسدة وكان من المؤسف أن صمت المصلحون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر وسائر المجتمع أمام تلك الأفكار ولم يواجهوها فأصبحت تتطور إلى إجراءات عمليه في المجتمع وكان أبرزها اقتحام العنصر النسائي ومن أهمهم هدى شعراوي . ومن ثم مرحلة التطبيق الرسمية: وكانت على يد سعد زغلول بعد أن تسلم رئاسة الوزراء عام (1919) حيث نفذ عمليا أفكار قاسم أمين الذي دعا إلى تحرير المرأة فقام بتسويق الرذيلة أي جعل الفسق والانحلال أمرا طبيعيا وأيضا أباح البغاء رسميا حيث أصدر الرخص للزانيات بصفتها وظيفة رسمية , ولكن الجامع الأزهر حاول محاربة البغاء حيث قام فضيلة الشيخ محمود أبي العيون المفتش بالجامع الأزهر والمعاهد الدينية بإرسال تقرير إلى رئيس مجلس الوزراء يسأله فيه أن يقوم بإلغاء ما أصدره من إباحة للبغاء حيث ذكر في تقريره بعض البيانات التي دعته إلى المطالبة بإلغاء البغاء الرسمي ومنها أن دستور الدولة المصرية اعتبر الإسلام دين الدولة الرسمي والإسلام يحرم الزنا ويأمر بجلد الزاني والزانية ورجمهما ,وكذلك أن التقارير الطبية أجمعت على أن تشريع البغاء وتنظيمه من أشد الأخطار وأفدحها في ذيوع البغاء وانتشار الأمراض ,وأيضا أن كثيرا من المماليك المتمدنة كانجلترا وألمانيا حرمته ولاسيما أمريكا فإنها حرمته بتاتا. وأخيرا مرحلة التأيد الإعلامي ومباركة الانحلال: حيث قام فريق من الصحفيين العلمانيين بالادعاء بأن البغاء شر لابد منه واستغلوا وسائل الإعلام لنشر أفكارهم الفاسدة .

المناقشة الثانية :

وهي بعنوان ملامح خطه العلمانيين لإفساد المرأة فتكلم الكاتب عن سياسة لويس التاسع فقد أسس القديس لويس التاسع سياسته الجديدة بعد هزيمته في الحملة الصليبية الثانية وكانت على النحو التالي:
1- تحويل الحملات الصليبية العسكرية إلى حملات صليبيه سلميه تهدف إلى نفس الغرض إلا أن نوعيه السلاح المستخدم تختلف حيث يحاولون محاربة العقول وغزوها بأفكارهم الفاسدة.
2- تجنيد المبشرين الغربيين لمحاربة الإسلام ووقف انتشاره.
3- استخدام مسيحي الشرق في تنفيذ سياسة الغرب .
4- العمل على إنشاء قاعدة للغرب في قلب الشرق العربي .
ثم بين وقت بدء العلمانية حيث بدأت العلمانية في العالم الإسلامي بدخول القائد الغربي (نابليون بونابرت) إلى مصر الذي جاء مستعمرا من باريس والذي اجتهد في جمع 500 أو 600 من الممالك والعرب ومشايخ البلدان وأرسلهم إلى فرنسا فاحتجزهم لمدة سنتين يشاهدون فيها الأمة الفرنسية ويعتادون على تقاليدهم وعندما يعودون إلى مصر يكون لهم حزب ينضم إليه غيرهم . ومن ثم تكلم الكاتب عن أهداف الخطة العلمانية لإفساد الأمة ومن أهدافها إقصاء الدين عن الحياة والتذمر منه وكره أحكامه وكذلك إسقاط العلماء والدعاة وإشاعة الفاحشة والوصول إلى مراكز النفوذ والسيطرة على وسائل الإعلام لنشر أفكارهم من خلالها وتغيب عقيدة الولاء والبراء وقيامهم بالثناء على محاسن الأديان الأخرى للترغيب بها وكذلك إشغال المسلمين عن هموم الأمة الاسلاميه ومهاجمة اللغة العربية الفصحى والدعوة للحديث بالعامية وإفساد المرأة وغيرها من الأهداف .
ومن ثم تكلم عن منهجهم في إفساد المرأة فأولا اتخذوا منهج التطبيع أي جعلهم الفساد يبدو أمرا طبيعيا عند الناس وذلك من خلال عدة طرق مثل دعوتهم للاختلاط وإظهارهم الألبسة العارية على أنها رقي وتطور وتعظيمهم للغرب وأهله وإظهارهم أهل الفن على أنهم قدوات واستمراء التفحش بتعويد الناس على إظهار صور من الانحلال الجنسي في وسائل الإعلام وتحسين العلاقات المحرمة, ثانيا استغلالهم للدين وذلك عن طريق الاستدلال بالأقوال الشاذة وادعائهم الفهم الصحيح للدين والتسمح به , ثالثا احتوائهم الأقلام النسائية أسيرات الشهرة والمتهالكات على الظهور الإعلامي وادعائهم لنصرة المرأة عن طريق استغلالهم للمشاكل الاجتماعية للمرأة. ومن أبرز الأمثلة التطبيقية على الأفكار العلمانية برنامج ستار أكاديمي فهو نموذج صغير للأفكار العلمانية فهو يبين ما يأملون أن يكون عليه المجتمع حتى أن رئيس الوزراء اليهودي أريل شارون قد أثنى على هذا البرنامج وقال (هذا هو الإسلام الذي نريده ) , ومن بعض أهداف هذا البرنامج استمراء التفحش وتطبيعه في النفوس, وإشغال شباب الأمة الإسلامية بالأمور التافهة, والدعوة للاختلاط وترويج الفن والغناء والتمثيل , وتعظيم شأن الغرب حيث أن فكرة البرنامج منقولة من الغرب ونمط الألبسة من إنتاج الغرب ونمط المعيشة والديانة غربي .

المناقشة الثالثة:

عرض الكاتب في هذه المناقشة جملة من القضايا المطروحة في موضوع المرأة ليقيم الحجة على العلمانيين ويحاول أن يوقظ المخدوعين من وحل العلمانية النتن فكانت أولى هذه القضايا: هي الحجاب فالحجاب فرض من الله سبحانه وتعالى على كل امرأة مسلمة تكريما لها وحفاظا على مكانتها من أن تمس بسوء ومتى ما بقى الحجاب مرفوعا على رؤوس المسلمات فهو دلالة على انتصار الإسلام على العلمانية ومتى ما أسقطوه فهو علامة انتصار الباطل ومؤشر على تراجع الإسلام في نفوس أهله لذلك تجد العلمانيين يحاربونه بشكل دائم, فمن الأمور التي يزعمونها أن هيئة الحجاب الشرعي لا تشمل الوجه وأن الذين يرون وجوب تغطية الوجه هم من علماء الحنابلة المتشددين فقط ولكن ادعائهم غير صحيح حيث أورد سليمان الخراشي في كتابه (أسماء القائلين بوجوب ستر المرأة لوجهها من غير النجديين ) أكثر من (66) كتابا لعلماء من شتى أنحاء العالم الإسلامي ؛ من مصر , وتركيا , والعراق , واليمن , وتونس , والجزائر , والهند , وغيرهم , وجميعهم يقولون بوجوب تغطية الوجه والعلماء الذين لا يقرون بوجوبه فإنهم يرونه مستحب وهو الأولى وجميعهم يؤكدون بوجوب تغطية الوجه عند مظنة الفتنة. ثم تكلم عن ارتباط الاحتلال بقضية خلع الحجاب وكيف تزامنت الدعوة لخلع الحجاب مع وجود المحتل الأجنبي فمثلا ماحدث بالجزائر فيما فعله الاحتلال الفرنسي من محاربة الحجاب وخلعه بالقوة في الشوارع من فوق رؤوس المسلمات, وفي مصر فبعد سنوات قليلة من الاحتلال البريطاني ألف مرقص فهمي وهو كاتب مصري مسيحي كتاب يدعى (المرأة في الشرق) وهو كتاب يدعو للقضاء على الحجاب,
وغيره من الكتب التي تبعته وتدعو إلى السفور ونزع الحجاب , وفي تونس حين كانت البلاد تحت الاحتلال الفرنسي , دخلت معركة الحجاب في طور جديد اصطبغ بالسياسة؛ ذلك أن امرأة تونسية تدعى حبيبة المنشاري ,اعتلت سافرة منبر جمعية الترقي بالعاصمة ؛ فألقت مسامرة في جمع من الرجال ومن الأوانس والعقائل التونسيات وقد بسطت فيها حال المرأة التونسية ونددت بالحجاب , ومما يعضد ارتباط الاحتلال بنزع الحجاب أن أحد بنود المعونة الأمريكية لأحد البلدان العربية ؛ تمول بث نسخة عربية من برنامج الأطفال الأمريكي (شارع السمسم ) لتربية الأطفال على أنه لا فرق بين الولد والبنت وأن البنت مثل الولد .وأخيرا تكلم الكاتب على بعض من المظاهرات النسائية التي تدعو لخلع الحجاب فعلى سبيل المثال في مصر انطلقت أول مظاهرة نسائيه في العالم الإسلامي في زمن الاحتلال الانجليزي عام (1919)تحت إشراف سعد زغلول وبقيادة زوجته صفية مع رفيقتها هدى شعراوي إضافة إلى مجموعه من النساء القبطيات وذلك للتعبير عن رفضهن للاحتلال الانجليزي إلا أن المظاهرة تحولت إلى الهتاف بالحرية ونزع الحجاب , وتحدث عن غيرها من المظاهرات مثل التي حدثت في سوريا حيث قامت مظاهرة نسائية عام (1926)احتجاجا على سياسة الانتداب الفرنسي وبعدها بسنتين قامت مظاهرة نسائية بقيادة ثريا الحافظ التي رفعت الغطاء عن وجهها كما فعلت مائة امرأة كن يساهمن معها في المظاهرة نفسها وغيرها من المظاهرات التي حدثت في الكويت والبحرين والجزائر ..

القضية الثانية :

وهي من أكثر القضايا التي يطالب بها العلمانيون فهم يطالبون بالتمتع بجميع الحقوق (السياسية,الاقتصادية,الاجتماعية,الثقافية ,العسكرية ..) دون تميز بين الرجل والمرأة, وتم الرد عليهم بردود عقلية تدل على انتفاء المساواة وردود قرانيه كذلك , أما العقلية فمنها أن التاريخ القديم ينفي المساواة ويخبرنا عن قيام حضارات وأمم وممالك بادت , كانت متنوعة الديانات ، متعددة اللغات , مختلفة المفاهيم والأفكار لكنها جميعا اتفقت أن الرجل ليس مساويا للمرأة, ولم يطرحوا قضية المساواة أصلا للبحث ,
وأن الأنبياء جميعهم رجال وكذلك الزعامة والسيادة فقد كانت رجولية المعالم عبر القرون وأيضا الفروق الجسدية ترفض المساواة بين الرجل والمرأة , و الطفولة ترفض المساواة فالفطرة تجعل فوارق كبيرة بين البنت والولد وغيرها من الأمور..
وأما الردود القرآنية التي تنفي المساواة فمنها قول الله سبحانه وتعالى
(وليسالذكر كالأنثى ) و قولة تعالى (يأيها الناس إنا خلقنكم من ذكر وأنثى ) وكذلك قوله
سبحانه (يوصيكم الله في أولدكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) وغيرها من الأدلة .
وفي النهاية تكلم عن مصلح الجندرية الجديد الذي أطلقته الحركات الأنثوية المعاصرة ومعناه باختصار: أن الخلقة الجسدية سواء للرجل أو للمرأة ليس له علاقة باختيار أدوارهم الاجتماعية التي يمارسونها فالمرأة ليست امرأة إلا لأن المجتمع أعطاها ذلك الدور وكذلك الذكر فظهر هذا المصطلح ليلغي معنى (رجل) و(امرأة) فلا يوجد (رجولة) أو(أنوثة ) أصلا بل الجميع (جندر) بمعنى نوع فهو مصطلح يناسب الرجل والمرأة على حد سواء .

القضية الثالثة:

وهي الاختلاط الذي يعتبر وباء تعاني منه الدول الإسلامية إلا أن المجتمع السعودي بصورة خاصة لا زال أكثر المجتمعات الإسلامية محافظة والتزاما في قضيه فصل الرجال عن النساء لذلك بدأت الدعوات التي ينادي بها العلمانيون في المجتمع السعودي تأخذ شكلا قويا فأخذوا يطالبون بمسألة الاختلاط لمبررات عديدة ومن هذه المبررات مبرر الوقت وانه كفيل باعتياد احدهما على الآخر وادعاهم بأن الفصل بين الجنسين هو السبب في وقوع الفتن ورد عليهم الكاتب بالعديد من الأمور منها أن الاختلاط منتشر بالدول الغربية منذ زمن بعيد ولكن هذا الأمر لم يمنع من انتشار الفتن والضرر,وأيضا لو كانت المسألة مسألة وقت ومن ثم سيعتاد الرجال على النساء فهذا يعني أنه لن يكون هناك زواج لأن الرجال سيرون النساء في الشارع والمحلات وأماكن العمل مما ينتج عنه أن يذوب ما بينهما من ميل وانجذاب فطري وذلك سيؤدي إلى ترك الزواج لأن التعامل مع النساء سيكون بكل براءة ونزاهة مما يترتب عليه توقف النسل البشري , فهل توقفوا الغرب عن الزواج لأنهم رأوا المرأة متكشفة؟
ومن مبرراتهم كذلك مبرر الثقة بالمرأة وقولهم بأن ( نساءنا غنيات بإيمانهن,قويات بعفافهن,وعدم فتح المجال لاقتراب الجنسين دليل على عدم الثقة) ولكن هذا المبرر مردود عليه لأن الله سبحانه وتعالى هو خالق هذه الأنفس وشارع لها ما يناسبها فلو كان بالاختلاط خير لشرعه الله سبحانه وتعالى ,فمثلا ما فعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما أمر (نصر بن الحجاج) بحلق رأسه لأنه فتن بعض فتيات المسلمين وهو فارغ القلب من الشهوة ,غير قاصد لفتنهن , وما يحدث في التعامل مع المستثمر الأجنبي وما يتم فيه من ضوابط لحماية الأموال فان المسألة ليست مسألة ثقة أو عدمها بل من العقل أن يتم ضبط أمور الناس والحزم فيها , وكذلك قول الله سبحانه وتعالى (يأيها النبي قل لأزوجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلبيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين).فإذا كان الخوف على أمهات المؤمنين من ذوي القلوب المريضة في أطهر العصور أمرا طالب الله سبحانه وتعال به نبيه فان خوفنا على نساء المسلمين في هذا العصر أولى وأشد .

القضية الرابعة :

وهي قضية عمل المرأة وهي من القضايا التي دعوا إليها فأخرجوا المرأة من بيتها وفتحوا لها جميع مجالات العمل وما فيه من خلوة واختلاط وغيره بحجة أن عملها في بيتها احتقار وامتهان لها وتنقيصا من قدرها ووصفوا بقاء المرأة في بيتها بأنه تجن وظلم لها , فهم ينظرون إلى وظيفة ربة البيت بازدراء وامتهان وبالمقابل فإنهم لا يزدرون الخادمة المنزلية أو المربية أو الطباخة أو مديرة المنزل على الرغم من أن جميع هذه المهن تصنعها ربة البيت فهي السيدة والأميرة والمطاعة وصاحبة العمل واليد العليا وليست أجيرة عند أحد ومهما أخلص غيرها في أداء مهمتها لن يكون كإخلاصها .

القضية الخامسة:

وهي قضية قيادة المرأة للسيارة وهي من القضايا التي تعتبر منحصرة على المجتمع السعودي وهي من أهم القضايا التي يطالب بها العلمانيون لتحقيق أهدافهم كالاختلاط ونزع الحجاب ونشر الفتن وغيرها, وبين الكاتب مبرراتهم على هذا الموضوع ومن هذه المبررات التوفير المالي فيزعمون أن السائق يستنزف أموالا متفرقة لا تقتصر على الرواتب فقط بل في العديد من الأمور من طعام وسكن وعلاج وغيرها ,والخلوة المحرمة شرعا مع السائق الأجنبي, والخلل الأمني حيث أن وجود عمالة من غير البلد يسبب خللا أمنيا, ورد الكاتب على هذه المبررات فمن الردود بالنسبة للخلوة فان في المجتمع حالات كثيرة للخلوة المحرمة هي أشد وأفظع من خلوة السائق بالمرأة فمثلا فيما يحدث في الإعلام وفي بعض التخصصات الجامعية ,
و بالنسبة للتوفير فان عدد النساء يفوق عدد السائقين فلو قادت النساء فان ذلك يترتب عليه شراء عدد من السيارات يفوق العدد المستعمل لأن كل امرأة كان يقوم السائق بإيصالها سوف تحتاج لسيارة خاصة بها, وأما بالنسبة للخلل الأمني فان عدد العمالة من خارج البلد أكثر عددا في المهن الأخرى فمن باب أولى أن يتحدثوا عن كثرة وجود العمالة من خارج البلد في المهن الأخرى .

وختم الكاتب المناقشة بإيضاح التناقض الذي يقع فيه العلمانيون فهم يحاولون إظهار الغيرة على المحارم عندما يأتي الحديث عن قياده المرأة مثلا ويزعمون خشيتهم عليها من الخلوة بالسائق ولكنهم في الوقت نفسه يطالبون بسفر المرأة بدون محرم وبالاختلاط وغيره من الأمور التي تعتبر أخطر من خلوه المرأة بالسائق ..

المناقشة الرابعة:

في هذه المناقشة قام المؤلف بتوجيه أربع رسائل لأربع جهات مختلفة فأما الأولى فكانت لولاة أمر المسلمين وهم العلماء فيطالبهم بالوقوف وقفة قوية مشرفة في الدفاع عن أعراض المسلمين بمواجهة العلمانيين والرد على معتقداتهم الباطلة,أما الرسالة الثانية فقد خاطب فيها عامة المسلمين وهم الغيورون على أعراضهم فحملهم المسؤولية لما يحدث في بلاد المسلمين وألقى العتب واللوم عليهم واستشهد على ذلك بقوله تعالى (يا أيها الذين امنوا قو أنفسكم وأهيكم نارا وقودها الناس والحجارة).
وأما الرسالة الثالثة فوجهها للعلمانيين أنفسهم وهم منبع الفساد في المجتمع وشبههم بما يفعلون بالمنافقين فعلى سبيل المثال : فإنهم يشابهونهم بإخفاء الكفر وإظهار الإسلام,وكذلك رؤيتهم بأن الإسلام تخلف ورجعية,وأيضا سعيهم لنشر الفاحشة والفساد في الأرض ,وإلغائهم لمفهوم الولاء والبراء وغيرها من الأمور.أما الرسالة الرابعة والأخيرة وجهها لقاسم بك أمين ومن بعض ما احتوته الرسالة:
أكتب لك بعد مائة سنة من رحيلك عن الحياة حينما رأيت وجهك على مجلة صدرت عام (1928). لقد علمتُ من كاتبة المقال (هدى شعراوي) أنك عشت ثلاثاً وأربعين سنة فقط , كان هذا الرقم سبباً لكي يقشعرَّ جلدي لقد أهلكت شبابك حتى اللحظة الأخيرة فيمحاربة الحجاب وتزيين السفور والدعوة للاختلاط بين النساء المسلمات لكن قطعالموتُ عليك الطريق فلم تستمتع ولم تذق من اللذات والشهوات ما يكفي فصرت أول مندعا لإفساد المرأة المسلمة فأنت مثلهم الأعلى في التمرد على شرع الله عز وجل .

لقد شاعتالفاحشة في الذين آمنوا بسببك فبعد موتك بسنين انتشر الخنا وأبيح الزنا وشاعالفساد، واستمتع الناس ببعضهم في الحرام فهل ذقت من الشهوات ما ذاقوه بل لعلكالآن تلاقي في قبرك أوزاراً مع أوزارك ولا تدري من أين أتاك كل هذا ولعلك الآنتُحاسب عن لذاتٍ لم تذقها فغيرك ذاق واستمتع أضعاف ما ذقته وأنت تحاسب عن جميع ماأجرموه بسببك.
يا قاسم بك أمينكبرت مصيبتكمن بعدك فللأسف لم تفسد مصر وحدها بسببك بل إن إفسادك استشرى بعد موتك منحيث لم تحتسب فالتابعون لك والمؤيدون لفكرتك علوا في الأرض وأنفقوا أموالهموجهودهم في محاربة الفضيلة والعفاف وساهموا في ترويج الرذيلة إلى بلاد الشام وإلىبلاد المغرب والعراق والخليج وأنحاء العالم الإسلامي فها أنا من بلاد الحرمينأرى بيننا ألف قاسم كان أولى لنا أن ننصبمن موتك عبرةً في قلوبنا حتى تكون لحظاتك الأخيرة زاجراً لمن أراد الفساد والإفساد فقد كنت تقوم بتقديم فتياتٍرومانياتٍ كما يكتبه عنك أحمد لطفي السيد فأصابتك السكتة القلبية في ذلك النادي وعلى تلك الصفة فهل ستبعث يوم القيامة وأنت ممسك بأيديهنّ للتحرُّر وبغض الحجاب
والإنسان يُبعث على ما مات عليه ما أتعس هذه الخاتمة وما أظنُّ عاقلاً يشتاق لمثلهذه الميتة وأعوانك يحتفلون ويمتدحون ويمجِّدون تاريخك وتمرّدك، لكنهم لن يغنوا عنك منالله شيئاً، ولن يقدِّموا لك في قبرك من الأعمال خيراً، لقد ضل سعيهم في الحياةالدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.

مضى قرن من تاريخ أمة محمد صلى اللهعليه وسلم بعد موتك أصاب الأمة فيها الكثير من الفجور والانحلال والخور فنحن في قرن ضاع فيه أقصانا وبقي في يد اليهود أكثر من نصف قرنونحن صامتون, واغتصبوا أعراض بناتنا ونسائنا وأمهاتنا ونحن صامتون, واستباحوادماءنا وذرياتنا ونحن صامتون ونهبوا ثرواتنا واحتلّوا أراضينا ونحن صامتون فهلترى يا قاسم بك أمين في كل هذه الأحوال أننا ينقصنا تحرير المرأة ولماذا لميناد أتباعك من العلمانيين بتحرير القدس ولو في سطرٍ يتيم منكتاباتهم الكثيرة تلك الكتابات التي قتلوا أنفسهم في الحديث عن تحرير المرأة أمأن تحرير القدس يُغضب أسيادهم اليهود .

لقد أصبحت أجساد المسلمات المؤمنات تتراقص عاريةمتمايلة يستمتع برؤيتها الفاسق والفاجر والمسلم والكافر وأدهى من هذا فظاعة وحسرةأن يتهافت المسلمون على رؤية المسلمات بقلوب باردة وتسابق مخمور بالغفلة فلاتتحرك نفوسهم بالغيرة ولا يستشعرون أنها مسلمة عبث بعقلها اليهود وأن هذه المرأةوقعت ضحيَّة حرب مؤلمة تنهش في جسد الأمة بغير سلاح فهل أتباعك يا قاسم بك أيضاًفي كل هذه الأحوال يرون أننا لا ينقصنا إلا تحرير المرأة
أكلت جسدَك الأرضُ وبقيت تحت ترابها أضعافالزمن الذي مشيته فوقها فهل تطاول عليك العمر وهل فعلاً وجدت أن حماسك العنيفلقضية التحرير يستحق كل ما فعلته.

يا قاسم بكأمينعاشت مبادؤك وأفكارك بعدك في صراع مع الدين وأهله، وللأسف طغى أصحابكوعلوا في الأرض؛ حتى صار(البغاء الرسمي) معلنا تدعمه بعض الحكومات في أرض الإسلامفأكرمالله سبحانه وتعالى أناساً حين أكرمهم بالدفاع عن دينه وسنّة نبيه وماتوا ولم تمت صحوتهمومات أتباعهم لتحيا دعوتهم ويخرج الله سبحانه وتعالى النور من بينالظلمات فأصابت أصحابك صفعةٌ أليمةٌ في رجوع الناس إلى الدين المتأصِّل في النفوسوعاد الحجاب الذي نذرت نفسك لحربه .

يا قاسم بك أمينفي الختام أقيمت مدرسة تحمل اسمك لتمجيدك وتخليد ذكراك فيكون فيطالباتها للمؤمنين عبرةٌ، وابتسامة البداية للفوز والغلبة حيث تروي الأخبارالموثوقة أن جميع الطالبات في مدرسة قاسم أمين الإعدادية للبنات لبسن الحجاب عام 1922 م مقتنعات بفريضته مؤمنات أن الحجاب صيانةٌ وتكريم وتشريع .

المناقشة الخامسة:

وأخيرا فقد ختم الكاتب بخطبه الوداع للرسول صلى الله عليه وسلم فذكر بعض الأمور التي تتعلق بقضايا المرأة مثل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالعدل وليس المساواة بقوله صلى الله عله وسلم ( أما بعد أيها الناس إن لنسائكم عليكم حقا ولكم عليهن حق ) فالنساء لهن حقوق تختلف عن حقوق الرجال مما يدل على انتفاء المساواة ,وبيان الحقوق حيث قال صلى الله عليه وسلم ( أما بعد أيها الناس إن لنسائكم عليكم حقا ولكم عليهن حق لكم ألا يوطئن فرشهم غيركم , ولا يدخلن أحدا تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم ولا يأتين بفاحشة , فان فعلن فان الله قد أذن لكم أن تعضوهن , وتهجروهن في المضاجع, وتضربوهن ضربا غير مبرح, فان انتهين وأطعنكم فعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ...) فمن هذا النص يتأكد وجوب خضوع المرأة لزوجها ووجوب استئذانها منه قبل التصرف في ملكه وتأكيد على الأزواج بأن يراعوا حقوق زوجاتهم وغيرها من الأمور التي احتوت على مجموعه من الردود المسكتة التي يرد بها على العلمانيين ومتزعمي إفساد المرأة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

صوت الحمام
28-07-2015, 05:02 PM
"العرب من وجهة نظر يابانية"
المؤلف: نوبواكي نوتوهارا.
ملخص الكتاب:
المعتاد أن نسمع عن اليابان من أفواه العرب، لكن هذه المرة ما حدث هو العكس تماما.
(نوبواكي نوتوهارا) عايش العرب حوالي 40 عاما، وتنقل بين مدنها المختلفة، حضرها وريفها. وفي عام 2003، كتب كتابا كاملا عن انطباعاته عن العرب. انطباعات تلخص كثيرا من الواقع العربي، وما يلي أهمها:

*العرب متدينون جدا، وفاسدون جدا!!

*الحكومة لا تعامل الناس بجدية، بل تسخر منهم وتضحك عليهم.

*الشعور بالاختناق والتوتر سمة عامة للمجتمعات العربية. توتر شديد ونظرات عدوانية تملأ الشوارع.

*في مجتمع كمجتمعنا -المجتمع الياباني- نضيف حقائق جديدة، بينما يكتفي العربي باستعادة الحقائق التي اكتشفها في الماضي البعيد
.
*الدين أهم ما يتم تعليمه، لكنه لم يمنع الفساد وتدني قيمة الاحترام.

*مشكلة العرب أنهم يعتقدون أن الدين أعطاهم كل العلم! عرفت شخصا لمدة عشرين عاما، ولم يكن يقرأ الا القرآن. بقي هو ذاته، ولم يتغير.

*لكي نفهم سلوك الانسان العربي العادي، علينا أن ننتبه دوما لمفهومي الحلال والحرام.

*عقولنا في اليابان عاجزة عن فهم أن يمدح الكاتب السلطة أو أحد أفراد السلطة. هذا غير موجود لدينا على الإطلاق. نحن نستغرب ظاهرة مديح الحاكم، كما نستغرب رفع صوره في أوضاع مختلفة كأنه نجم سينمائي. باختصار، نحن لا نفهم علاقة الكتاب العرب بحكوماتهم.

*المجتمع العربي مشغول بفكرة النمط الواحد، على غرار الحاكم الواحد، لذلك يحاول الناس أن يوحدوا أفكارهم وملابسهم.

*على العرب أن يفهموا التجربة اليابانية، فسيطرة العسكر على الشعب هي سبب دخول البلاد في حروب مجنونة.

* في اليابان، قيادة الدولة المعاصرة أكبر من إمكانيات أي شخص مهما كان موهوبا أو قويا، وهذا المنصب يمارسه المسؤول مرة واحدة فقط، وهكذا نضمن عدم ظهور مركزية فردية مهيمنة. الحال مختلف عند العرب.

*السجناء السياسيون في البلاد العربية ضحوا من أجل الشعب، ولكن الشعب نفسه يضحي بأولئك الشجعان. انعدام حس المسؤولية طاغ في مجتمعاتهم.

*حين يدمر العرب الممتلكات العامة، فهم يعتقدون أنهم يدمرون ممتلكات الحكومة، لا ممتلكاتهم!

*و لازال العرب يستخدمون القمع والتهديد والضرب خلال التعليم، ويسألون متى بدأ القمع?

*الرجل العربي في البيت يلح على تعظيم قيمته، ورفعها إلى السيطرة والزعامة. وفي الحياة العامة، يتصرف وفق ميزاته وقدراته ونوع عمله. هذان الشكلان المتناقضان ينتج عنهما غالبا أنواعا شتى من الرياء والخداع والنفاق.

*أستغرب لماذا تستعمل كلمة (ديمقراطية) كثيرا في العالم العربي!

*مفهوم الشرف والعار يسيطر على مفهوم الثقة في مجالات واسعة من الحياة العربية.

*العرب مورست عليهم العنصرية، ومع هذا فقد شعرت عميقا أنهم يمارسونها ضد بعضهم البعض.

*ضيافة العرب فريدة ممتازة...

الروح الخجوله
28-07-2015, 08:37 PM
ما شاء الله ....عمل رائع وجهد ملموس....بارك الله فيكم ...

صدى صوت
29-07-2015, 03:46 PM
شكرا اختي صوت الحمام على الاضافة الجميله ونتمنى ان تواصلي عطاءك معنا .

صدى صوت
29-07-2015, 03:47 PM
ما شاء الله ....عمل رائع وجهد ملموس....بارك الله فيكم ...

شرفتي المنشور الروح الخجوله بمرورك .. شكرا

زهرة الأحلام
29-07-2015, 04:26 PM
ملخص كتاب " لا تحزن " للدكتور " عائض القرني "

هذا الكتاب

دراسة ٌ جادةٌ أخّاذةٌ مسؤولةٌ ، تعنى بمعالجةِ الجانبِ المأسوي من حياةِ البشريةِ جانب الاضطرابِ والقلق ِ ، وفقدِ الثقةِ ، والحيرة ، والكآبةِ والتشاؤمِ ، والهمِّ والغمِّ ، والحزنِ ، والكدرِ ، واليأس والقنوطِ والإحباطِ .
وهو حلٌّ المشكلاتِ العصر على نورٍ من الوحي ، وهدي من الرسالة ، وموافقةٍ مع الفطرةِ السويَّةِ ، والتجاربِ الراشدةِ ، والأمثالِ الحيَّةِ ، والقصصِ الجذَّابِ ، والأدبِ الخلاَّبِ ، وفيه نقولاتٌ عن الصحابة الأبرار ، والتابعين الأخيارِ ، وفيه نفحاتٌ من قصيِدِ كبارِ الشعراء ، ووصايا جهابذةِ الأطباءِ ، ونصائحِ الحكماءِ ، وتوجيهاتِ العلماء .
وفي ثناياه أُطروحاتٌ للشرقيين والغربيين ، والقدامى والمحدثين . كلُّ ذلك مع ما يوافقُ الحقَّ مما قدَّمَتْه وسائلُ الإعلام ، من صحفٍ ومجلات ، ودورياتٍ وملاحق ونشرات .
إن هذا الكتاب مزيجٌ مرتَّبٌ ، وجهدٌ مهذَّبٌ مشذَّبٌ . وهو يقولُ لك باختصار :

(( اسعدْ واطمئنَّ وأبشرْ وتفاءلْ ولا تحزن ))

*************************************


المقدمة
الحمدُ لله ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله ِ ، وعلى آله وصحبهِ وبعدُ :
فهذا الكتاب ( لا تحزن ) ، عسى أن تسعد بقراءتهِ والاستفادةِ منه ، ولك قبل أن تقرأ هذا الكتابٍ أن تحاكمه إلى المنطقِ السليمِ والعقلِ الصحيحِ ، وفوق هذا وذاك النقْل المعصوم .
إنَّ من الحيْفِ الحكمَ المُسبق على الشيءِ قبلَ تصوُّرهِ وذوقهِ وشمِّهِ ، وإن من ظلمِ المعرفةِ إصدار فتوى مسبقةٍ قبلَ الإطلاعِ والتأمُّلِ ، وسماعِ الدعوى ورؤيةِ الحجةِ ، وقراءةِ البرهان .
كتبتُ هذا الحديث لمن عاش ضائقةً أو ألمَّ بهِ همٌّ أو حزنٌ ، أو طاف به طائفٌ من مصيبةٍ ، أو أقضَّ مضجعة أرقٌ ، وشرَّدَ نومَه قلقٌ . وأيُّنا يخلو من ذلك ؟!
هنا آياتٌ وأبياتٌ ، وصورٌ وعِبرٌ ، وفوائدُ وشواردُ ، وأمثالٌ وقصصٌ ، سكبتُ فيها عصارة ما وصل إليه اللامعون ؛ من دواءٍ للقلبِ المفجوعِ ، والروحِ المنهكةِ ، والنفسِ الحزينةِ البائسةِ .
هذا الكتابُ يقولُ لك : أبشِر واسعدْ ، وتفاءَلْ واهدأ . بل يقولُ : عِشِ الحياة كما هي ، طيبةً رضيَّة بهيجةً .
هذا الكتابٌ يصحّحُ لك أخطاء مخالفةِ الفطرة ، في التعاملِ مع السننِ والناسِ ، والأشياءِ ، والزمانِ والمكانِ .
إنه ينهاك نهياً جازماً عن الإصرارِ على مصادمةِ الحياةِ ومعاكسةِ القضاءِ ، ومخاصمةِ المنهجِ ورفضِ الدليل ، بل يُناديك من مكانٍ قريبٍ من أقطارِ نفسِك ، ومن أطرافِ رُوحِك أن تطمئنَّ لحُسْنِ مصيرِك ، وتثق بمعطياتِك وتستثمر مواهبك ، وتنسى منغّصاتِ العيشِ ، وغصص العمرِ وأتعاب المسيرةِ .
وأريدُ التنبيه على مسائل هامّة في أوله :
الأولى : أنَّ المقصد من الكتاب جلْبُ السعادةِ والهدوءِ والسكينة وانشراح ِ الصدرِ ، وفتحُ بابِ الأملِ والتفاؤلِ والفرج والمستقبلِ الزاهرِ .
وهو تذكيرٌ برحمة اللهِ وغفرانِهِ ، والتوكُّلِ عليه ، وحسنِ الظنِّ بهِ ، والإيمانِ بالقضاءِ والقدرِ ، والعيشِ في حدودِ اليومِ ، وتركِ القلقِ على المستقبل ِ ، وتذكُّرِ نِعَمِ الله ِ .
الثَّانية : وهو محاولةٌ لطردِ الهمِّ والغمِّ ، والحزن والأسى ، والقلقِ والاضْطرابِ ، وضيقِ الصدرِ والانهيارِ واليأسِ ، والقنوطِ والإحباطِ .
الثالثة : جمعتُ فيه ما يدورُ في فلكِ الموضوعِ منْ التنزيلِ ، ومن كلام المعصومِ  ، ومن الأمثلةِ الشاردة ِ ، والقصصِ المعبرةِ ، والأبياتِ المؤثّرةِ ، وما قالهُ الحكماءُ والأطباءُ والأدباءُ ، وفيه قبسٌ من التجاربِ الماثِلة والبراهينِ الساطعة ، والكلمةِ الجادَّةِ وليس وعظاً مجرداً ، ولا ترفاً فكريّاً ، ولا طرحاً سياسياً ؛ بل هو دعوةٌ مُلِحَّةٌ من أجلِ سعادتِك .
الرابعة : هذا الكتابُ للمسلم وغيره ، فراعيتُ فيه المشاعر ومنافذ النفسِ الإنسانيةِ ؛ آخذاً في الاعتبار المنهج الربانيَّ الصحيح ، وهو دينُ الفطرِة .
الخامسةِ : سوف تجدُ في الكتاب نُقولاتٍ عن شرقيين وغربيّين ، ولعلّه لا تثريب علىَّ في ذلك ؛ فالحكمة ضالةُ المؤمنِ ، أنَّى وجدها فهو أحقُّ بها .
السادسة : لم أجعلْ للكتاب حواشي ، تخفيفاً للقارئ وتسهيلاً له ، لتكون قراءاته مستمرّةً وفكرُه متصلاً . وجعلتُ المرجع مع النقلِ في أصلِ الكتاب ِ .
السابعةِ : لم أنقلْ رقم الصفحةِ ولا الجزءِ ، مقتدياً بمنْ سبق في ذلك ؛ ورأيتُه أنفع وأسهل ، فحيناً أنقلُ بتصرُّفٍ ، وحيناً بالنصِّ ، أو بما فهمتُه من الكتابِ أو المقالةِ .
الثامنةِ: لم أرتبْ هذا الكتاب على الأبوابِ ولا على الفصولِ ، وإنما نوعتُ فيه الطَّرح ، فربَّما أداخلُ بين الفِقراتِ ، وأنتقلُ منْ حديثٍ إلى آخر وأعودُ للحديثِ بعد صفحاتٍ ، ليكون أمتع للقارئ وألذّ لهُ وأطرف لنظرهِ .
التاسعةِ : لم أُطِلْ بأرقامِ الآياتِ أو تخريجِ الأحاديث ؛ فإنْ كان الحديثُ فيه ضعفٌ بيّنتُهُ ، وإن كان صحيحاً أو حسناً ذكرتُ ذلك أو سكتُّ . وهذا كلُّه طلباً للاختصار ، وبُعداً عن التكرارِ والإكثارِ والإملالِ ، (( والمتشبِّعُ بما لم يُعط كلابسِ ثوبيْ زُورٍ )) .
العاشرة : ربما يلْحظُ القارئُ تكراراً لبعض المعاني في قوالب شتّى ، وأساليب متنوعةٍ ، وأنا قصدتُ ذلك وتعمدتُ هذا الصنيع لتثبت الفكرةُ بأكثر من طرحٍ ، وترسخ المعلومةُ بغزارةِ النقلِ ، ومن يتدبّرِ القرآن يجدْ ذلك .
تلك عشرةٌ كاملةٌ ، أقدِّمها لمن أراد أن يقرأ هذا الكتاب ، وعسى أن يحملَّ هذا الكتاب صدْقاً في الخبرِ ، وعدلاً في الحكم ِ ، وإنصافاً في القولِ ، ويقيناً في المعرفةِ ، وسداداً في الرأيِ ، ونوراً في البصيرة .
إنني أخاطبُ فيه الجميع ، وأتكلم ، فيه للكلّ ، ولم أقصِدْ به طائفةً خاصّةً ، أو جيلاً بعينهِ ، أو فئةً متحيّزةً ، أو بلداً بذاتهِ ، بل هو لكلِّ من أراد أنْ يحيا حياة سعيدةً .

ورصعتُ فيهِ الدُّرَّ حتى تركتُهُ
يُضيءُ بلا شمسٍ ويسرْي بلا قمرْ

فعيناهُ سحرٌ والجبينُ مهنَّدٌ
ولله درُّ الرَّمشِ والجيدِ والحورْ

*****************************************



يــا الله

﴿ يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾ : إذا اضطرب البحرُ ، وهاج الموجُ ، وهبَّتِ الريحُ ، نادى أصحابُ السفينةِ : يا الله.
إذا ضلَّ الحادي في الصحراءِ ومال الركبُ عن الطريقِ ، وحارتِ القافلةُ في السيرِ ، نادوا : يا الله.
إذا وقعت المصيبةُ ، وحلّتِ النكبةُ وجثمتِ الكارثةُ ، نادى المصابُ المنكوبُ : يا الله.
إذا أُوصدتِ الأبوابُ أمام الطالبين ، وأُسدِلتِ الستورُ في وجوهِ السائلين ، صاحوا : يا الله .
إذا بارتِ الحيلُ وضاقتِ السُّبُلُ وانتهتِ الآمالُ وتقطَّعتِ الحبالُ ، نادوا : يا الله.
إذا ضاقتْ عليك الأرضُ بما رحُبتْ وضاقتْ عليك نفسُك بما حملتْ ، فاهتفْ: يا الله.
إليه يصعدُ الكلِمُ الطيبُ ، والدعاءُ الخالصُ ، والهاتفُ الصَّادقُ ، والدَّمعُ البريءُ ، والتفجُّع الوالِهُ .
إليه تُمدُّ الأكُفُّ في الأسْحارِ ، والأيادي في الحاجات ، والأعينُ في الملمَّاتِ ، والأسئلةُ في الحوادث.
باسمهِ تشدو الألسنُ وتستغيثُ وتلهجُ وتنادي،وبذكرهِ تطمئنُّ القلوبُ وتسكنُ الأرواحُ ، وتهدأُ المشاعر وتبردُ الأعصابُ ، ويثوبُ الرُّشْدُ ، ويستقرُّ اليقينُ، ﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ ﴾
الله : أحسنُ الأسماءِ وأجملُ الحروفِ ، وأصدقُ العباراتِ ، وأثمنُ الكلماتِ، ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً ﴾ ؟! .
اللهُ : فإذا الغنى والبقاءُ ، والقوةُ والنُّصرةُ ، والعزُّ والقدرةُ والحِكْمَةُ ، ﴿ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ .
الله : فإذا اللطفُ والعنايةُ ، والغوْثُ والمددُ ، والوُدُّ والإحسان ، ﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ﴾ .
الله : ذو الجلالِ والعظمةِ ، والهيبةِ والجبروتِ.
اللهم فاجعلْ مكان اللوعة سلْوة ، وجزاء الحزنِ سروراً ، وعند الخوفِ أمنْاً. اللهم أبردْ لاعِج القلبِ بثلجِ اليقينِ ، وأطفئْ جمْر الأرواحِ بماءِ الإيمانِ .
يا ربُّ ، ألق على العيونِ السَّاهرةِ نُعاساً أمنةً منك ، وعلى النفوسِ المضْطربةِ سكينة ، وأثبْها فتحاً قريباً. يا ربُّ اهدِ حيارى البصائرْ إلى نورِكْ ، وضُلاَّل المناهجِ إلى صراطكْ ، والزائغين عن السبيل إلى هداك .
اللهم أزل الوساوس بفجْر صادقٍ من النور ، وأزهقْ باطل الضَّمائرِ بفيْلقٍ من الحقِّ ، وردَّ كيد الشيطانِ بمددٍ من جنودِ عوْنِك مُسوِّمين.
اللهم أذهبْ عنَّا الحزن ، وأزلْ عنا الهمَّ ، واطردْ من نفوسنِا القلق.
نعوذُ بك من الخوْفِ إلا منْك ، والركونِ إلا إليك ، والتوكلِ إلا عليك ، والسؤالِ إلا منك ، والاستعانِة إلا بك ، أنت وليُّنا ، نعم المولى ونعم النصير.

***************************************


كن سعيداً
- الإيمان والعمل الصالح هما سر حياتك الطيبة ، فاحرص عليهما .
- اطلب العلم والمعرفة ، وعليك بالقراءة فإنها تذهب الهم .
- جدد التوبة واهجر المعاصي ؛ لأنها تنغص عليك الحياة .
- عليك بقراءة القرآن متدبراً ،وأكثر من ذكر الله دائماً .
- أحسن إلى الناس بأنواع الإحسان ينشرح صدرك .
- كن شجاعاً لا وجلاً خائفاً ، فالشجاع منشرح الصدر .
- طهر قلبك من الحسد والحقد والدغل والغش وكل مرض .
- اترك فضول النظر والكلام والاستماع والمخالطة والأكل والنوم .
- انهمك في عمل مثمر تنسَ همومك وأحزانك .
- عش في حدود يومك وانس الماضي والمستقبل .
- انظر إلى من هو دونك في الصورة والرزق والعافية ونحوها .
- قدِّر أسوأ الاحتمال ثم تعامل معه لو وقع .
- لا تطاوع ذهنك في الذهاب وراء الخيالات المخيفة والأفكار السيئة .
- لا تغضب ، واصبر واكظم واحلم وسامح ؛ فالعمر قصير .
- لا تتوقع زوال النعم وحلول النقم ، بل على الله توكل .
- أعطِ المشكلة حجمها الطبيعي ولا تضخم الحوادث .
- تخلص من عقدة المؤامرة وانتظار المكاره .
- بسِّط الحياة واهجر الترف ، ففضول العيش شغل ، ورفاهية الجسم عذاب للروح .
- قارن بين النعم التي عندك والمصائب التي حلت بك لتجد الأرباح أعظم من الخسائر .
- الأقوال السيئة التي قيلت فيك لن تضرك ، بل تضر صاحبها فلا تفكر فيها .
- صحح تفكيرك ، ففكر في النعم والنجاح والفضيلة .
- لا تنتظر شكراً من أحد ، فليس لك على أحد حق ، وافعل الإحسان لوجه الله فحسب .
- حدد مشروعاً نافعاً لك ، وفكر فيه وتشاغل به لتنسى همومك .
- احسم عملك في الحال ولا تؤخر عمل اليوم إلى غد .
- تعلم العمل النافع الذي يناسبك ، واعمل العمل المفيد الذي ترتاح إليه .
- فكر في نعم الله عليك ، وتحدث بها واشكر الله عليها .
- اقنع بما آتاك الله من صحة ومال وأهل وعمل .
- تعامل مع القريب والبعيد برؤية المحاسن وغض الطرف عن المعائب .
- تغافل عن الزلات والشائعات وتتبع السقطات وأخبار الناس .
- عليك بالمشي والرياضة والاهتمام بصحتك ؛ فالعقل السليم في الجسم السليم .
- ادع الله دائماً بالعفو والعافية وصالح الحال والسلامة .

*****************************

فكر واشكر

المعنى : أن تذكر نِعم اللهِ عليك فإذا هي تغْمُرُك منْ فوقِك ومن تحتِ قدميْك ﴿ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا ﴾ صِحَّةٌ في بدنٍ ، أمنٌ في وطن ، غذاءٌ وكساءٌ ، وهواءٌ وماءٌ ، لديك الدنيا وأنت ما تشعرُ ، تملكُ الحياةً وأنت لا تعلمُ ﴿ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ عندك عينان ، ولسانٌ وشفتانِ ، ويدانِ ورجلانِ ﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ هلْ هي مسألةٌ سهلةٌ أنْ تمشي على قدميْك ، وقد بُتِرتْ أقدامٌ؟! وأنْ تعتمِد على ساقيْك ، وقد قُطِعتْ سوقٌ؟! أحقيقٌ أن تنام ملء عينيك وقدْ أطار الألمُ نوم الكثيرِ؟! وأنْ تملأ معدتك من الطعامِ الشهيِّ وأن تكرع من الماءِ الباردِ وهناك من عُكِّر عليه الطعامُ ، ونُغِّص عليه الشَّرابُ بأمراضٍ وأسْقامٍ ؟! تفكَّر في سمْعِك وقدْ عُوفيت من الصَّمم ، وتأملْ في نظرِك وقدْ سلمت من العمى ، وانظر إلى جِلْدِك وقد نجوْت من البرصِ والجُذامِ ، والمحْ عقلك وقدْ أنعم عليك بحضورهِ ولم تُفجعْ بالجنونِ والذهولِ .
أتريدُ في بصرِك وحدهُ كجبلِ أُحُدٍ ذهباً ؟! أتحبُّ بيع سمعِك وزن ثهلان فضةَّ ؟! هل تشتري قصور الزهراءِ بلسانِك فتكون أبكم؟! هلْ تقايضُ بيديك مقابل عقودِ اللؤلؤ والياقوتِ لتكون أقطع؟! إنك في نِعمٍ عميمةٍ وأفضالٍ جسيمةٍ ، ولكنك لا تدريْ ، تعيشُ مهموماً مغموماً حزيناً كئيباً ، وعندك الخبزُ الدافئُ ، والماءُ الباردُ ، والنومُ الهانئُ ، والعافيةُ الوارفةُ ، تتفكرُ في المفقودِ ولا تشكرُ الموجود، تنزعجُ من خسارةٍ ماليَّةٍ وعندك مفتاحُ السعادة، وقناطيرُ مقنطرةٌ من الخيرِ والمواهبِ والنعمِ والأشياءِ ، فكّرْ واشكرْ ﴿ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ فكّرْ في نفسك ، وأهلِك ، وبيتك ، وعملِك ، وعافيتِك ، وأصدقائِك ، والدنيا من حولِك ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا ﴾ .

*****************************************


ما مضى فات

تذكُّرُ الماضي والتفاعلُ معه واستحضارُه ، والحزنُ لمآسيه حمقٌ وجنونٌ ، وقتلٌ للإرادةِ وتبديدٌ للحياةِ الحاضرةِ. إن ملفَّ الماضي عند العقلاء يُطْوَى ولا يُرْوى ، يُغْلَقُ عليه أبداً في زنزانةِ النسيانِ ، يُقيَّدُ بحبالٍ قوَّيةٍ في سجنِ الإهمالِ فلا يخرجُ أبداً ، ويُوْصَدُ عليه فلا يرى النورَ ؛ لأنه مضى وانتهى ، لا الحزنُ يعيدُهَ ، ولا الهمُّ يصلحهُ ، ولا الغمَّ يصحِّحُهُ ، لا الكدرُ يحييهِ ، لأنُه عدمٌ ، لا تعشْ في كابوس الماضي وتحت مظلةِ الفائتِ ، أنقذْ نفسك من شبحِ الماضي ، أتريدُ أن ترُدَّ النهر إلى مَصِبِّهِ ، والشمس إلى مطلعِها ، والطفل إلى بطن أمِّهِ ، واللبن إلى الثدي ، والدمعة إلى العينِ ، إنَّ تفاعلك مع الماضي ، وقلقك منهُ واحتراقك بنارهِ ، وانطراحك على أعتابهِ وضعٌ مأساويٌّ رهيبٌ مخيفٌ مفزعٌ .
القراءةُ في دفتر الماضي ضياعٌ للحاضرِ ، وتمزيقٌ للجهدِ ، ونسْفٌ للساعةِ الراهنةِ ، ذكر اللهُ الأمم وما فعلتْ ثم قال : ﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ﴾ انتهى الأمرُ وقُضِي ، ولا طائل من تشريحِ جثة الزمانِ ، وإعادةِ عجلةِ التاريخ.
إن الذي يعودُ للماضي ، كالذي يطحنُ الطحين وهو مطحونٌ أصلاً ، وكالذي ينشرُ نشارةُ الخشبِ . وقديماً قالوا لمن يبكي على الماضي : لا تخرج الأموات من قبورهم ، وقد ذكر من يتحدثُ على ألسنةِ البهائمِ أنهمْ قالوا للحمارِ : لمَ لا تجترُّ؟ قال : أكرهُ الكذِب.
إن بلاءنا أننا نعْجزُ عن حاضِرنا ونشتغلُ بماضينا ، نهملُ قصورنا الجميلة ، ونندبُ الأطلال البالية ، ولئنِ اجتمعتِ الإنسُ والجنُّ على إعادةِ ما مضى لما استطاعوا ؛ لأن هذا هو المحالُ بعينه .
إن الناس لا ينظرون إلى الوراءِ ولا يلتفتون إلى الخلفِ ؛ لأنَّ الرِّيح تتجهُ إلى الأمامِ والماءُ ينحدرُ إلى الأمامِ ، والقافلةُ تسيرُ إلى الأمامِ ، فلا تخالفْ سُنّة الحياة .

****************************************

يومك يومكَ

إذا أصبحتَ فلا تنتظر المساءُ ، اليوم فحسْبُ ستعيشُ ، فلا أمسُ الذي ذهب بخيرِهِ وشرِهِ ، ولا الغدُ الذي لم يأتِ إلى الآن . اليومُ الذي أظلَّتْكَ شمسُه ، وأدركك نهارُهُ هو يومُك فحسْبُ ، عمرُك يومٌ واحدٌ ، فاجعلْ في خلدِك العيش لهذا اليومِ وكأنك ولدت فيهِ وتموتُ فيهِ ، حينها لا تتعثرُ حياتُك بين هاجسِ الماضي وهمِّهِ وغمِّهِ ، وبين توقعِ المستقبلِ وشبحِهِ المخيفِ وزحفِهِ المرعبِ ، لليومِ فقطْ اصرفْ تركيزك واهتمامك وإبداعك وكدَّك وجدَّك ، فلهذا اليومِ لابد أن تقدم صلاةً خاشعةً وتلاوةً بتدبرٍ واطلاعاً بتأملٍ ، وذِكْراً بحضورٍ ، واتزاناً في الأمور ، وحُسْناً في خلقِ ، ورضاً بالمقسومِ ، واهتماماً بالمظهرِ ، واعتناءً بالجسمِ ، ونفعاً للآخرين .
لليوم هذا الذي أنت فيه فتقُسِّم ساعاتِه وتجعل من دقائقه سنواتٍ ، ومن ثوانيهِ شهوراً ، تزرعُ فيه الخيْر ، تُسدي فيه الجميل ، تستغفرُ فيه من الذنب ، تذكرُ فيه الربَّ ، تتهيأ للرحيلِ ، تعيشُ هذا اليوم فرحاً وسروراً ، وأمناً وسكينةً ، ترضى فيه برزقِك ، بزوجتِك، بأطفالِك بوظيفتك ، ببيتِك ، بعلمِك ، بمُسْتواك ﴿ فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ تعيشُ هذا اليوم بلا حُزْنٍ ولا انزعاجٍ ، ولا سخطٍ ولا حقدٍ ، ولا حسدٍ .
إن عليك أن تكتب على لوحِ قلبك عبارةً واحدة تجعلُها أيضاً على مكتبك تقول العبارة : (يومك يومُك). إذا أكلت خبزاً حارّاً شهيّاً هذا اليوم فهل يضُرُّك خبزُ الأمسِ الجافِّ الرديء ، أو خبزُ غدٍ الغائبِ المنتظرِ .
إذا شربت ماءً عذباً زلالاً هذا اليوْم ، فلماذا تحزنُ من ماءِ أمس الملحِ الأجاجِ ، أو تهتمُّ لماءِ غدٍ الآسنِ الحارِّ.
إنك لو صدقت مع نفسِك بإرادةٍ فولاذيةٍ صارمةٍ عارمةٍ لأخضعتها لنظرية: (لن أعيش إلى هذا اليوْم ). حينها تستغلُّ كلَّ لحظة في هذا اليوم في بناءِ كيانِك وتنميةِ مواهبك ، وتزكيةِ عملكُ ، فتقول : لليوم فقطْ أُهذِّبُ ألفاظي فلا أنطقُ هُجراً أو فُحْشاً ، أو سبّاً ، أو غيبةً ، لليوم فقطْ سوف أرتبُ بيتي ومكتبتي ، فلا ارتباكٌ ولا بعثرةٌ ، وإنما نظامٌ ورتابةٌ. لليوم فقط سوف أعيشُ فأعتني بنظافةِ جسمي ، وتحسين مظهري والاهتمامِ بهندامي ، والاتزانِ في مشيتي وكلامي وحركاتي.
لليوم فقطْ سأعيشُ فأجتهدُ في طاعةِ ربِّي ، وتأديةِ صلاتي على أكملِ وجهِ ، والتزودِ بالنوافلِ ، وتعاهدِ مصحفي ، والنظرِ في كتبي ، وحفظِ فائدةٍ ، ومطالعةِ كتابٍ نافعٍ .
لليومِ فقطْ سأعيشُ فأغرسُ في قلبي الفضيلةً وأجتثُّ منه شجرة الشرِّ بغصونِها الشائكةِ من كِبْرٍ وعُجبٍ ورياءٍ وحسدٍ وحقدٍ وغِلًّ وسوءِ ظنٍّ .
لليوم فقط سوف أعيشُ فأنفعُ الآخرين ، وأسدي الجميلَ إلى الغير ، أعودُ مريضاً ، أشيِّعُ جنازةً ، أدُلُّ حيران ، أُطعمُ جائعاً ، أفرِّجُ عن مكروبٍ ، أقفٌ مع مظلومٍ ، أشفعُ لضعيفٍ ، أواسي منكوباً، أكرمُ عالماً ، أرحمُ صغيراً ، أجِلُّ كبيراً .
لليوم فقط سأعيشُ ؛ فيا ماضٍ ذهب وانتهى اغربْ كشمِسك ، فلن أبكي عليك ولن تراني أقفُ لأتذكرك لحظة ؛ لأنك تركتنا وهجرتنا وارتحلْت عنَّا ولن تعود إلينا أبد الآبدين .
ويا مستقبلُ أنْت في عالمِ الغيبِ فلنْ أتعامل مع الأحلامِ ، ولن أبيع نفسي مع الأوهام ولن أتعجَّلَ ميلاد مفقودٍ ، لأنَّ غداً لا شيء ؛ لأنه لم يخلق ولأنه لم يكن مذكوراً.
يومك يومُك أيها الإنسانُ أروعُ كلمةٍ في قاموسِ السعادةِ لمن أراد الحياة في أبهى صورِها وأجملِ حُلِلها.

****************************************
اتركِ المستقبلَ حتى يأتيَ

﴿ أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ﴾ لا تستبقِ الأحداث ، أتريدُ إجهاض الحملِ قبْل تمامِهِ؟! وقطف الثمرةِ قبل النضج ؟! إنَّ غداً مفقودٌ لا حقيقة لهُ ، ليس له وجودٌ ، ولا طعمٌ ، ولا لونٌ ، فلماذا نشغلُ أنفسنا بهِ ، ونتوجَّسُ من مصائِبِهِ ، ونهتمُّ لحوادثهِ ، نتوقعُ كوارثهُ ، ولا ندري هلْ يُحالُ بيننا وبينهُ ، أو نلقاهُ ، فإذا هو سرورٌ وحبورٌ ؟! المهمُّ أنه في عالمِ الغيبِ لم يصلْ إلى الأرضِ بعْدَ ، إن علينا أنْ لا نعبر جسراً حتى نأتيه ، ومن يدري؟ لعلَّنا نقِف قبل وصولِ الجسرِ ، أو لعلَّ الجسرَ ينهارُ قبْل وصولِنا ، وربَّما وصلنا الجسر ومررنا عليه بسلامٍ.
إن إعطاء الذهنِ مساحةً أوسع للتفكيرِ في المستقبلِ وفتحِ كتابِ الغيبِ ثم الاكتواءِ بالمزعجاتِ المتوقعةِ ممقوتٌ شرعاً ؛ لأنه طولُ أملٍ ، وهو مذمومٌ عقلاً ؛ لأنه مصارعةُ للظلِّ. إن كثيراً من هذا العالم يتوقُع في مُستقبلهِ الجوعَ العري والمرضَ والفقرَ والمصائبَ ، وهذا كلُّه من مُقرراتِ مدارسِ الشيطانِ ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً ﴾ .
كثيرٌ همْ الذين يبكون ؛ لأنهم سوف يجوعون غداً، وسوف يمرضون بعد سنةٍ، وسوف ينتهي العالمُ بعد مائةِ عام. إنَّ الذي عمرُه في يد غيره لا ينبغي لهُ أن يراهن على العدمٍ ، والذي لا يدرِي متى يموتُ لا يجوزُ لهُ الاشتغالُ بشيءٍ مفقودٍ لا حقيقة له.
اترك غداً حتى يأتيك ، لا تسأل عن أخبارِه ، لا تنتظر زحوفه ، لأنك مشغولٌ باليوم.
وإن تعجبْ فعجبٌ هؤلاء يقترضون الهمَّ نقداً ليقضوه نسيئةً في يومٍ لم تُشرق شمسُه ولم ير النور ، فحذار من طولِ الأملِ .

****************************************
كيف تواجه النقد الآثم ؟

الرُّقعاءُ السُّخفاءُ سبُّوا الخالق الرَّازق جلَّ في علاه ، وشتموا الواحد الأحد لا إله إلا هو ، فماذا أتوقعُ أنا وأنت ونحنُ أهل الحيف والخطأ ، إنك سوف تواجهُ في حياتِك حرْباً! ضرُوساُ لا هوادة فيها من النًّقدِ الآثمِ المرِّ ، ومن التحطيم المدروسِ المقصودِ ، ومن الإهانةِ المتعمّدةِ مادام أنك تُعطي وتبني وتؤثرُ وتسطعُ وتلمعُ ، ولن يسكت هؤلاءِ عنك حتى تتخذ نفقاً في الأرضِ أو سلماً في السماءِ فتفرَّ منهم ، أما وأنت بين أظهرِهِمْ فانتظرْ منهمْ ما يسوؤك ويُبكي عينك ، ويُدمي مقلتك ، ويقضُّ مضجعك.
إن الجالس على الأرضِ لا يسقطُ ، والناسُ لا يرفسون كلباً ميتاً ، لكنهم يغضبون عليك لأنك فُقْتَهمْ صلاحاً ، أو علماً ، أو أدباً ، أو مالاً ، فأنت عندهُم مُذنبٌ لا توبة لك حتى تترك مواهبك ونِعَمَ اللهِ عليك ، وتنخلع من كلِّ صفاتِ الحمدِ ، وتنسلخ من كلِّ معاني النبلِ ، وتبقى بليداً ! غبيَّا ، صفراً محطَّماً ، مكدوداً ، هذا ما يريدونهُ بالضبطِ . إذاً فاصمد لكلامِ هؤلاءِ ونقدهمْ وتشويهِهِمْ وتحقيرِهمْ (( أثبتْ أُحُدٌ )) وكنْ كالصخرةِ الصامتةِ المهيبةِ تتكسرُ عليها حبّاتُ البردِ لتثبت وجودها وقُدرتها على البقاءِ . إنك إنْ أصغيت لكلامِ هؤلاءِ وتفاعلت به حققت أمنيتهُم الغالية في تعكيرِ حياتِك وتكديرِ عمرك ، ألا فاصفح الصَّفْح الجميل ، ألا فأعرضْ عنهمْ ولا تكُ في ضيقٍ مما يمكرون. إن نقدهمُ السخيف ترجمةٌ محترمةٌ لك ، وبقدرِ وزنِك يكُون النقدُ الآثمُ المفتعلُ .
إنك لنْ تستطيع أن تغلق أفواه هؤلاءِ ، ولنْ تستطيع أن تعتقل ألسنتهم لكنك تستطيعُ أن تدفن نقدهُم وتجنّيهم بتجافيك لهم ، وإهمالك لشأنهمْ ، واطِّراحك لأقوالهِمِ!. ﴿ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ ﴾ بل تستطيعُ أنْ تصبَّ في أفواهِهِمُ الخرْدَلَ بزيادةِ فضائلك وتربيةِ محاسنِك وتقويم اعوجاجِك . إنْ كنت تُريد أن تكون مقبولاً عند الجميع ، محبوباً لدى الكلِّ ، سليماً من العيوبِ عند العالمِ ، فقدْ طلبت مستحيلاً وأمَّلت أملاً بعيداً .

************************************************
لا تنتظرْ شكراً من أحدٍ

خلق اللهُ العباد ليذكروهُ ورزق اللهُ الخليقة ليشكروهُ ، فعبد الكثيرُ غيره ، وشكرَ الغالبُ سواه ، لأنَّ طبيعة الجحودِ والنكرانِ والجفاءِ وكُفْرانِ النِّعم غالبةٌ على النفوس ، فلا تُصْدمْ إذا وجدت هؤلاءِ قد كفروا جميلك ، وأحرقوا إحسانك ، ونسوا معروفك ، بل ربما ناصبوك العِداءَ ، ورموك بمنجنيق الحقدِ الدفين ، لا لشيءٍ إلا لأنك أحسنت إليهمْ ﴿ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ ﴾ وطالعْ سجلَّ العالمِ المشهود ، فإذا في فصولِهِ قصةُ أبٍ ربَّى ابنهُ وغذّاهُ وكساهُ وأطعمهُ وسقاهُ ، وأدَّبهُ ، وعلَّمهُ ، سهر لينام ، وجاع ليشبع ، وتعِب ليرتاح ، فلمَّا طرَّ شاربُ هذا الابن وقوي ساعده ، أصبح لوالدهِ كالكلبِ العقورِ ، استخفافاً ، ازدراءً ، مقتاً ، عقوقاً صارخاً ، عذاباً وبيلاً .
ألا فليهدأ الذين احترقت أوراقُ جميلِهمْ عند منكوسي الفِطرِ ، ومحطَّمي الإراداتِ ، وليهنؤوا بعوضِ المثوبةِ عند من لا تنفدُ خزائنُه .
إن هذا الخطاب الحارَّ لا يدعوك لتركِ الجميلِ ، وعدمِ الإحسانِ للغير ، وإنما يوطِّنُك على انتظار الجحودِ ، والتنكرِ لهذا الجميلِ والإحسانِ ، فلا تبتئس بما كانوا يصنعون.
اعمل الخير لِوجْهِ اللهِ ؛ لأنك الفائزُ على كل حالٍ ، ثمَّ لا يضرك غمْطُ من غمطك ، ولا جحودُ من جحدك ، واحمدِ الله لأنك المحسنُ ، واليدُ العليا خيرٌ من اليدِ السفلى ﴿ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً ﴾ .
وقد ذُهِل كثيرٌ من العقلاءِ من جبلَّةِ الجحودِ عند الغوْغاءِ ، وكأنهمْ ما سمعوا الوحي الجليل وهو ينعي على الصنف عتوَّه وتمردهُ ﴿ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ لا تُفاجأ إذا أهديت بليداً قلماً فكتب به هجاءك ، أو منحت جافياً عصاً يتوكأ عليها ويهشُّ بها على غنمهِ ، فشجَّ بها رأسك ، هذا هو الأصلُ عند هذهِ البشريةِ المحنّطةِ في كفنِ الجحودِ مع باريها جلَّ في علاه ، فكيف بها معي ومعك ؟! .

****************************************
الإحسانُ إلى الآخرين انشراحٌ للصدر

الجميلُ كاسمِهِ ، والمعروفُ كرسمِهِ ، والخيرُ كطعمِهِ. أولُ المستفيدين من إسعادِ النَّاسِ همُ المتفضِّلون بهذا الإسعادِ ، يجنون ثمرتهُ عاجلاً في نفوسهِمْ ، وأخلاقِهم ، وضمائِرِهِم ، فيجدون الانشراح والانبساط ، والهدوء والسكينة.
فإذا طاف بك طائفٌ من همٍّ أو ألمِّ بك غمٌّ فامنحْ غيرك معروفاً وأسدِ لهُ جميلاً تجدِ الفرج والرَّاحة. أعطِ محروماً ، انصر مظلوماً ، أنقِذْ مكروباً ، أطعمْ جائعاً ، عِدْ مريضاً ، أعنْ منكوباً ، تجدِ السعادة تغمرُك من بين يديْك ومنْ خلفِك.
إنَّ فعلَ الخيرِ كالطيب ينفعُ حاملهُ وبائعه ومشتريهُ ، وعوائدُ الخيرِ النفسيَّة عقاقيرُ مباركةٌ تصرفُ في صيدليةِ الذي عُمِرتْ قلوبُهم بالبِّر والإحسان .
إن توزيع البسماتِ المشرقةِ على فقراءِ الأخلاقِ صدقةٌ جاريةٌ في عالمِ القيمِ (( ولو أن تلقى أخاك بوجهِ طلْقِ )) وإن عبوس الوجهِ إعلانُ حربٍ ضروسٍ على الآخرين لا يعلمُ قيامها إلا علاَّمٌ الغيوبِ .
شربةُ ماءِ من كفِّ بغي لكلب عقورٍ أثمرتْ دخول جنة عرضُها السمواتُ والأرضُ ؛ لأنَّ صاحب الثوابِ غفورٌ شكورٌ جميلٌ ، يحبُّ الجميل ، غنيٌ حميدٌ .
يا منْ تُهدِّدهُمْ كوابيسُ الشقاءِ والفزع والخوفِ هلموا إلى بستانِ المعروفِ وتشاغلوا بالآخرين، عطاءً وضيافةً ومواساةً وإعانةً وخدمةً وستجدون السعادة طعماً ولوناً وذوقاً ﴿وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى{19} إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى{20} وَلَسَوْفَ يَرْضَى ﴾ .

*****************************************
اطردِ الفراغ بالعملِ

الفارغون في الحياةِ هم أهلُ الأراجيفِ والشائعات لأنَّ أذهانهم موزَّعةٌ ﴿ رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ ﴾ .
إنَّ أخطر حالات الذهنِ يوم يفرغُ صاحبُه من العملِ ، فيبقى كالسيارةِ المسرعةِ في انحدارِ بلا سائقٍ تجنحُ ذات اليمين وذات الشمالِ .
يوم تجدُ في حياتك فراغاً فتهيَّأ حينها للهمِّ والغمِّ والفزعِ ، لأن هذا الفراغ يسحبُ لك كلَّ ملفَّاتِ الماضي والحاضرِ والمستقبلِ من أدراج الحياةِ فيجعلك في أمرٍ مريجٍ ، ونصيحتي لك ولنفسي أن تقوم بأعمالٍ مثمرةٍ بدلاً من هذا الاسترخاءِ القاتلِ لأنهُ وأدٌ خفيٌّ ، وانتحارٌ بكبسولٍ مسكِّنٍ .
إن الفراغً أشبهُ بالتعذيب البطيءِ الذي يمارسُ في سجونِ الصينِ بوضعِ السجينِ تحت أنبوبٍ يقطُرُ كلَّ دقيقةٍ قطرةً ، وفي فتراتِ انتظارِ هذه القطراتِ يُصابُ السجينُ بالجنونِ .
الراحةُ غفلةٌ ، والفراغُ لِصٌّ محترِفٌ ، وعقلك هو فريسةٌ ممزَّقةٌ لهذه الحروبِ الوهميَّة .
إذاً قم الآن صلِّ أو اقرأ ، أو سبِّحْ ، أو طالعْ ، أو اكتبْ ، أو رتِّب مكتبك ، أو أصلح بيتك ، أو انفعْ غيرك حتى تقضي على الفراغِ ، وإني لك من الناصحينْ .
اذبحْ الفراغ بسكينِ العملِ ، ويضمن لك أطباءُ العالم 50% من السعادة مقابل هذا الإجراءِ الطارئِ فحسب ، انظر إلى الفلاحين والخبازين والبنائين يغردون بالأناشيد كالعصافيرِ في سعادةٍ وراحةٍ وأنت على فراشك تمسحُ دموعك وتضطرُب لأنك ملدوغٌ .

****************************************
لا تكن إمعة

لا تتقمص شخصية غيرك ولا تذُب في الآخرين. إن هذا هو العذاب الدائم ، وكثيرٌ هم الذين ينسون أنفسهم وأصواتِهم وحركاتِهم ، وكلامَهم ، ومواهبهم ، وظروفهم ، لينصْهرُوا في شخصيِّات الآخرين ، فإذا التكلّفُ والصَّلفُ ، والاحتراقُ ، والإعدامُ للكيان وللذَّات.
من آدم إلى آخر الخليقة لم يتفق اثنانِ في صورةٍ واحدةٍ ، فلماذا يتفقون في المواهبِ والأخلاق .
أنت شيءٌ آخرُ لم يسبق لك في التاريخِ مثيلٌ ولن يأتي مثُلك في الدنيا شبيه .
أنت مختلف تماماً عن زيد وعمرو فلا تحشرْ نفسك في سرداب التقليد والمحاكاة والذوبان .
انطلق على هيئتك وسجيَّتك ﴿ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ ﴾ ، ﴿ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ ﴾ عشْ كما خلقت لا تغير صوتك ، لا تبدل نبرتك ، لا تخالف مشيتك ، هذب نفسك بالوحي ، ولكن لا تلغِ وجودك وتقتل استقلالك.
أنت لك طعم خاص ولون خاص ونريدك أنت بلونك هذا وطعمك هذا ؛ لأنك خلقت هكذا وعرفناك هكذا ((لا يكن أحدكم إمَّعة)) .
إنَّ الناس في طبائعهمْ أشبهُ بعالمِ الأشجارِ : حلوٌ وحامضٌ ، وطويلٌ وقصيرٌ ، وهكذا فليكونوا. فإن كنت كالموزِ فلا تتحولْ إلى سفرجل ؛ لأن جمالك وقيمتك أن تكون موزاً ، إن اختلاف ألوانِنا وألسنتِنا ومواهبِنا وقدراتِنا آيةٌ منْ آياتِ الباري فلا تجحد آياته .

******************************
قضاء وقدر

﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا﴾ ، جفَّ القلمُ ، رُفعتِ الصحفُ ، قضي الأمرُ ، كتبت المقادير ، ﴿ قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا ﴾ ، ما أصابك لم يكنْ لِيُخطئِك ، وما أخطأكَ لم يكنْ لِيُصيِبك .
إن هذه العقيدة إذا رسختْ في نفسك وقرَّت في ضميرِك صارتْ البليةُ عطيةً ، والمِحْنةُ مِنْحةً ، وكلُّ الوقائع جوائز وأوسمةً ((ومن يُرِدِ اللهُ به خيراً يُصِبْ منه)) فلا يصيبُك قلقٌ من مرضٍ أو موتِ قريبٍ ، أو خسارةٍ ماليةٍ ، أو احتراقِ بيتٍ ، فإنَّ الباري قد قدَّر والقضاءُ قد حلَّ ، والاختيارُ هكذا ، والخيرةُ للهِ ، والأجرُ حصل ، والذنبُ كُفِّر .هنيئاً لأهلِ المصائب صبرهم ورضاهم عن الآخذِ ، المعطي ، القابضِ ، الباسط ، ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾ .
ولن تهدأ أعصابُك وتسكن بلابلُ نفسِك ، وتذْهب وساوسُ صدْرِك حتى تؤمن بالقضاءِ والقدرِ ، جفَّ القلمُ بما أنت لاقٍ فلا تذهبْ نفسُك حسراتٍ ، لا تظنُّ أنه كان بوسعِك إيقافُ الجدار أن ينهار ، وحبْسُ الماءِ أنْ ينْسكِبُ ، ومَنْعُ الريحِ أن تهبُّ ، وحفظُ الزجاج أن ينكسر ، هذا ليس بصحيحٍ على رغمي ورغمك ، وسوف يقعُ المقدورُ ، وينْفُذُ القضاءُ ، ويحِلُّ المكتوبُ ﴿ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ﴾ .
استسلمْ للقدر قبْل أن تطوّق بجيش السُّخْط والتذمُّر والعويل ، اعترفْ بالقضاءِ قبْل أن يدهمك سيْلُ النَّدمِ ، إذاً فليهدأ بالُك إذا فعلت الأسباب ، وبذلت الحِيل ، ثم وقع ما كنت تحذرُ ، فهذا هو الذي كان ينبغي أن يقع ، ولا تقُلْ ((لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا ، ولكن قُلْ : قدَّر اللهُ وما شاء فعلْ)) .

***************************************
﴿ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ﴾
يا إنسانُ بعد الجوع شبعٌ ، وبعْدَ الظَّمأ ريٌّ ، وبعْدَ السَّهرِ نوْمٌ ، وبعْدَ المرض عافيةٌ ، سوف يصلُ الغائبُ ، ويهتدي الضالُّ ، ويُفكُّ العاني ، وينقشعُ الظلامُ ﴿ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ ﴾ .
بشَّر الليل بصبح صادق يطاردُهُ على رؤِوسِ الجبال ، ومسارب الأوديةِ ، بشِّر المهمومَ بِفرجٍ مفاجئ يصِلُ في سرعةِ الضَّوْءِ ، ولمُحِ البصرِ ، بشِّرِ المنكوب بلطف خفيٍّ ، وكفٍ حانيةٍ وادعةٍ .
إذا رأيت الصحراء تمتدُّ وتمتدُّ ، فاعلم أنَّ وراءها رياضاً خضراء وارفةّ الظِّلالِ.
إذا رأيت الحِبْل يشتدُّ ويشتدُّ ، فاعلمْ أنه سوف يَنْقطُعِ .
مع الدمعةِ بسمةٌ ، ومع الخوفِ أمْنٌ ، ومع الفَزَعِ سكينةٌ .
النارُ لا تحرقُ إبراهيم الخليلِ ، لأنَّ الرعايةَ الربانيَّة فَتَحتْ نَافِذَةَ ﴿ بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ .
البحرُ لا يُغْرِقُ كَلِيمَ الرَّحْمَنِ ، لأنَّ الصَّوْتَ القويَّ الصادق نَطَقَ بـ ﴿ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ .
المعصومُ في الغارِ بشَّرَ صاحِبهُ بأنه وحْدَهْ جلَّ في عُلاهُ معنا ؛ فنزل الأمْنُ والفتُح والسكينة .
إن عبيد ساعاتِهم الراهنةِ ، وأرِقّاءَ ظروفِهِمُ القاتمةِ لا يرَوْنَ إلاَّ النَّكَدَ والضِّيقَ والتَّعاسةَ ، لأنهم لا ينظرون إلاَّ إلى جدار الغرفةِ وباب الدَّارِ فَحَسْبُ. ألا فلْيَمُدُّوا أبصارَهُمْ وراء الحُجُبِ وليُطْلِقُوا أعنة أفكارِهِمْ إلى ما وراء الأسوارِ.
إذاً فلا تضِقْ ذرعاً فمن المُحالِ دوامُ الحالِ ، وأفضلُ العبادِة انتظارُ الفرجِ ، الأيامُ دُولٌ ، والدهرُ قُلّبٌ ، والليالي حُبَالى ، والغيبُ مستورٌ ، والحكيمُ كلَّ يوم هو في شأنٍ ، ولعلَّ الله يُحْدِثُ بعد ذلك أمراً ، وإن مع العُسْرِ يُسْراً ، إن مع العُسْرِ يُسْراً .

*******************************
اصنع من الليمون شراباً حلواً

الذكيُّ الأريبُ يحوّلُ الخسائر إلى أرباحٍ ، والجاهلُ الرِّعْديِدُ يجعلُ المصيبة مصيبتينِ.‍‍‍ ‍
طُرِدَ الرسولُ  من مكةَ فأقامَ في المدينةِ دولةً ملأتْ سمْع التاريخِ وبصرهُ .
سُجن أحمدُ بنُ حَنْبَلَ وجلد ، فصار إمام السنة ، وحُبس ابنُ تيمية فأُخْرِج من حبسهِ علماً جماً ، ووُضع السرخسيُّ في قعْرِ بئْرٍ معطلةٍ فأخرج عشرين مجلداً في الفِقْهِ ، وأقعد ابن الأثيرِ فصنّفَ جامع الأصول والنهاية من أشهرِ وأنفعِ كتبِ الحديثِ ، ونُفي ابنُ الجوزي من بغداد ، فجوَّد القراءاتِ السبعِ ، وأصابتْ حمى الموتِ مالك بن الريبِ فأرسل للعالمين قصيدتهُ الرائعة الذائعة التي تعدِلُ دواوين شعراءِ الدولةِ العباسيةِ ، ومات أبناءُ أبي ذؤيب الهذلي فرثاهمْ بإلياذة أنْصت لها الدهرُ ، وذُهِل منها الجمهورُ ، وصفَّق لها التاريخُ .
إذا داهمتك داهيةٌ فانظرْ في الجانبِ المشرِقِ منها ، وإذا ناولك أحدُهمْ كوب ليمونٍ فأضفْ إليهِ حِفْنَةً من سُكَّر ، وإذا أهدى لك ثعباناً فخذْ جلْدَهُ الثمين واتركْ باقيه ، وإذا لدغتْك عقربٌ فاعلم أنه مصلٌ واقٍ ومناعةٌ حصينة ضد سُمِّ الحياتِ .
تكيَّف في ظرفكِ القاسي ، لتخرج لنا منهُ زهْراً وورْداً وياسميناً ﴿ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾ .
سجنتْ فرنسا قبل ثورتِها العارمةِ شاعرْين مجيديْنِ متفائلاً ومتشائماً فأخرجا رأسيْهما من نافذةِ السجنِ . فأما المتفائلُ فنظر نظرةٌ في النجومِ فضحك. وأما المتشائمٌ فنظر إلى الطينِ في الشارعِ المجاور فبكى. انظرْ إلى الوجه الآخر للمأساةِ ، لأن الشرَّ المحْض ليس موجوداً ؛ بل هناك خيرٌ ومَكْسبٌ وفَتْحٌ وأجْرٌ .

*****************************************
﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ﴾

من الذي يفْزعُ إليه المكروبُ ، ويستغيثُ به المنكوبً ، وتصمدُ إليه الكائناتُ ، وتسألهُ المخلوقاتُ ، وتلهجُ بذكِرِه الألسُنُ وتُؤَلِّهُهُ القلوب ؟ إنه اللهُ لا إله إلاَّ هو.
وحقٌ عليَّ وعليك أن ندعوهُ في الشدةِ والرَّخاءِ والسَّراءِ والضَّراءِ ، ونفزعُ إليه في المُلِمَّاتِ ونتوسّلُ إليه في الكرباتِ وننطرحُ على عتباتِ بابهِ سائلين باكين ضارعين منيبين ، حينها يأتي مددُهْ ويصِلُ عوْنُه ، ويُسْرعٌ فرجُهُ ويَحُلَّ فتْحُهُ ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾ فينجي الغريق ويردُّ الغائب ويعافي المبتلي وينصرُ المظلوم ويهْدِي الضالَّ ويشفي المريض ويفرّجُ عن المكروبِ ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ .
ولن أسْرُد عليك هنا أدعية إزاحةِ الهمِ والغمِ والحزنِ والكربِ ، ولكن أُحيلُك إلى كُتُبِ السُّنَّةِ لتتعلم شريف الخطابِ معه ؛ فتناجيهِ وتناديهِ وتدعوهُ وترجوه، فإن وجدْتهُ وجدْت كلَّ شيءٍ ، وإن فقدت الإيمان به فقدت كلَّ شيء ، إن دعاءك ربَّك عبادةٌ أخرى ، وطاعةٌ عظمى ثانيةٌ فوق حصولِ المطلوبِ ، وإن عبداً يجيدُ فنَّ الدعاءِ حريٌّ أن لا يهتمَّ ولا يغتمَّ ولا يقلق كل الحبال تتصرّم إلاَّ حبلُه كلُّ الأبوابِ توصدُ إلاَّ بابهُ وهو قريبٌ سميعٌ مجيبٌ ، يجيب المضطرَّ إذا دعاه يأمُرُك- وأنت الفقيرُ الضعيفُ المحتاجُ ، وهو الغنيُّ القويُّ الواحدُ الماجدُ - بأن تدعوه ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ إذا نزلتْ بك النوازلُ ، وألَمَََََّتْ بك الخطوبُ فالْهجْ بذكرِهِ ، واهتفْ باسمِهِ ، واطلبْ مددهُ واسألْه فتْحهُ ونصْرَهُ ، مرِّغِ الجبين لتقديسِ اسمِهِ ، لتحصل على تاج الحريَّةِ ، وأرغم الأنْف في طين عبوديتِهِ لتحوز وِسام النجاةِ ، مدَّ يديْك ، ارفع كفَّيْكَ ، أطلقْ لسانك ، أكثرْ من طلبِهِ ، بالغْ في سؤالِهِ ، ألحَّ عليه ، الزمْ بابهُ ، انتظرْ لُطْفُه ، ترقبْ فتْحهُ ، أشْدُ باسمِهِ ، أحسنْ ظنَّك فيه ، انقطعْ إليه ، تبتَّلْ إليه تبتيلاً حتى تسعد وتُفْلِحَ .
**************************************
وليسعك بيتك

العُزْلةُ الشرعيَّةُ السنيَّةُ : بُعْدُك عن الشرِّ وأهلِهِ ، والفارغين َواللاهين والفوضويين ، فيجتمعُ عليك شملُك ، ويهدأ بالُك ، ويرتاحُ خاطرُك ، ويجودُ ذهنُك بِدُررِ الحِكم ، ويسرحُ طرفُكَ في بستانِ ا لمعارفِ.
إن العزلة عن كلِّ ما يشغلُ عن الخيرِ والطاعةِ دواءٌ عزيزٌ جرَّبهٌ أطباءُ القلوبِ فنجح أيَّما نجاحٍ ، وأنا أدُّلك عليهِ ، في العزلةِ عن الشرِّ واللّغوِ وعن الدهماءِ تلقيحٌ للفِكْر ، وإقامةٌ لناموسِ الخشيةِ ، واحتفالٌ بمولدِ الإنابةِ والتذكرِ ، وإنما كان الاجتماعُ المحمودُ والاختلاطُ الممدوحُ في الصلواتِ والجُمَعِ ومجالسِ العِلْمِ والتعاونِ على الخيْرِ ، أما مجالسُ البطالةِ والعطالةِ فحذارِ حذارِ ، اهربْ بجلدِك ، ابكِ على خطيئتك ، وأمسكْ عليك لسانك ، وليسعك بيتك ، الاختلاط الهمجي حرب شعواء على النفس ، وتهديد خطير لدنيا الأمنِ والاستقرارِ في نفسك ، لأنك تجالسُ أساطين الشائعاتِ ، وأبطال الأراجيفِ، وأساتذة التبشير بالفتن والكوارث والمحن، حتى تموت كلَّ يومٍ سَبْعَ مراتٍ قبل أن يصلك الموتُ ﴿ لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً﴾ .
إذاً فرجائي الوحيدُ إقبالك على شانِك والانزواءُ في غرفتِك إلاَّ من قولِ خيرٍ أو فعلِ خيرٍ ، حينها تجدُ قلبك عاد إليك ، فسلمَ وقتُك من الضياعٍ ، وعمرُك من الإهدارِ ، ولسانُك من الغيبةِ ، وقلبُك من القلقِ ، وأذنُك من الخنا ونفسُك من سوءِ الظنِ ، ومن جرَّب عَرَفَ ، ومن أركب نفسه مطايا الأوهامِ ، واسترسل مع العوامِ فقلْ عليه السلامُ .
*************************************
العوض من الله

لا يسلبك الله شيئا إلاَّ عوَّضك خيراً منه ، إذا صبرْتَ واحْتَسَبْتَ ((منْ أخذتُ حبيبتيه فصبر عوَّضتُه منهما الجنة)) يعني عينيه ((من سلبتُ صفيَّهُ من أهل الدنيا ثم احتسب عوَّضْتُهُ من الجنَّة)) من فقد ابنه وصبر بُني له بَيْتُ الحمدِ في الخُلْدِ ، وقِسْ على هذا المنوالِ فإن هذا مجردُ مثال .
فلا تأسفْ على مصيبة فان الذي قدّرها عنده جنةٌ وثوابٌ وعِوضٌ وأجرٌ عظيمٌ .
إن أولياء الله المصابين المبتلين ينوِّهُ بهم في الفِرْدوْسِ ﴿ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ .
وحق علينا أن ننظر في عِوض المصيبةِ وفي ثوابها وفي خلفها الخيِّر ﴿ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ هنيئاً للمصابين ، بشرى للمنكوبين.
إن عُمْر الدنيا قصيرٌ وكنزُها حقيرٌ ، والآخرةُ خيرٌ وأبقى فمن أُصيب هنا كُوفِئ هناك ، ومن تعب هنا ارتاح هناك ، أما المتعلقون بالدُّنيا العاشقون لها الراكنون إليها ، فأشدَّ ما على قلوبهم فوت حظوظُهم منها وتنغيصُ راحتهم فيها لأنهم يريدونها وحدها فلذلك تعظُمً عليهمُ المصائبُ وتكبرُ عندهمُ النكباتُ ؛ لأنهمْ ينظرون تحت أقدامِهم فلا يرون إلاَّ الدُّنيا الفانية الزهيدة الرخيصة.
أيها المصابون ما فات شيءٌ وأنتمُ الرابحون ، فقد بعث لكمْ برسالةٍ بين أسطرها لُطْفٌ وعطْفٌ وثوابٌ وحُسنُ اختيار. إن على المصابِ الذي ضرب عليه سرادقُ المصيبة أن ينظر ليرى أن النتيجة ﴿فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ﴾ ، وما عند اللهِ خيرٌ وأبقى وأهنأ وأمرأُ وأجلُّ وأعلى .
**************************************
الإيمان هو الحياة
الأشقياءُ بكلِّ معاني الشقاءِ همُ المفلسون من كنوزِ الإيمانِ ، ومن رصيدِ اليقينِ ، فهمْ أبداً في تعاسةٍ وغضبٍ ومهانةٍ وذلَّةٍ ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً ﴾ .
لا يُسعدُ النفس ويزكّيها ويطهرُها ويفرحُها ويذهبُ غمَّها وهمّها وقلقها إلاَّ الإيمانُ بالله ربِّ العالمين ، لا طعم للحياةِ أصلاً إلاَّ بالإيمانِ .
إنَّ الطريقة المثلى للملاحدةِ إن لم يؤمنوا أن ينتحرُوا ليريحُوا أنفسهم من هذه الآصارِ والأغلالِ والظلماتِ والدواهي ، يا لها منْ حياةِ تاعِسة بلا إيمان ، يا لها منْ لعنةٍ أبديةٍ حاقتْ بالخارجين على منهج الله في الأرض ﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ وقد آن الأوانُ للعالمِ أن يقتنع كلَّ القناعة ، وأن يؤمن كلَّ الإيمانِ بأنَّ لا إله إلا الله بعْدَ تجربةٍ طويلةٍ شاقةٍ عبْرَ قُرونٍ غابرةٍ توصَّل بعدها العقْلُ إلى أن الصنم خرافةٌ والكفر لعنةٌ ، والإلحاد كِذْبةٌ وأنّ الرُّسُلَ صادقون ، وأنّ الله حقٌّ له الملكُ ولهُ الحمدُ وهو على كلِّ شيء قديرٌ .
وبقدرِ إيمانِك قوةً وضعفاً ، حرارةً وبرودةً ، تكون سعادتُك وراحتُك وطمأنينتُك .
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ وهذه الحياةُ الطيبةُ هي استقرارُ نفوسِهم لَحُسْنِ موعودِ ربِّهم ، وثباتُ قلوبِهم بحبِّ باريهم ، وطهارةُ ضمائرِهم من أوضارِ الانحرافِ ، وبرودُ أعصابِهِم أمام الحوادثِ ، وسكينةُ قلوبِهم عندْ وقْعِ القضاءِ ، ورضاهم في مواطن القدر ، لأنهم رضُوا باللهِ ربّاً وبالإسلام ديِناً ، وبمحمَّدٍ  نبياً ورسولاً .
*************************************
اجنِ العسل ولا تكسرِ الخليَّة

الرفقُ ما كان في شيءٍ إلاَّ زانهُ ، وما نُزع من شيءٍ إلاَّ شانُه ، اللينُ في الخطاب ، البسمةُ الرائقةُ على المحيا ، الكلمةُ الطيبةُ عند اللقاءِ ، هذه حُلُلٌ منسوجةٌ يرتديها السعداءُ ، وهي صفاتُ المؤمِنِ كالنحلة تأكلُ طيِّباً وتصنعُ طيِّباً ، وإذا وقعتْ على زهرةٍ لا تكسرُها ؛ لأنَّ الله يعطي على الرفقِ ما لا يعطي على العنفِ . إنَّ من الناسِ من تشْرَئِبُّ لقدومِهِمُ الأعناقُ ، وتشخصُ إلى طلعاتِهمُ الأبصارُ ، وتحييهمُ الأفئدةُ وتشيّعهُمُ الأرواحُ ، لأنهم محبون في كلامهِم ، في أخذهم وعطائِهم ، في بيعهِم وشرائِهم ، في لقائِهم ووداعِهِم .
إن اكتساب الأصدقاءِ فنٌّ مدروسٌ يجيدُهُ النبلاءُ الأبرارُ ، فهمْ محفوفون دائماً وأبداً بهالةٍ من الناسِ ، إنْ حضروا فالبِشْرُ والأنسُ ، وإن غابوا فالسؤالُ والدعاءُ .
إنَّ هؤلاءِ السعداء لهمْ دستور أخلاقٍ عنوانُه : ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ فهمْ يمتصون الأحقاد بعاطِفتِهِمُ الجيّاشةِ ، وحلمِهِمُ الدافِئ ، وصفْحِهم البريءِ ، يتناسون الإساءة ويحفظون الإحسان ، تمُرُّ بهمُ الكلماتُ النابيةُ فلا تلجُ آذانهم ، بل تذهبُ بعيداً هناك إلى غيرِ رجْعةٍ . همْ في راحةٍ ، والناسُ منهمُ في أمنٍ ، والمسلمون منهمُ في سلام (( المسلمُ من سلِم المسلمونُ من لِسانِهِ ويَدِهِ ، والمؤمنُ من أمِنَهُ الناسُ على دمائِهم وأموالِهم )) (( إن الله أمرني أنْ أصل منْ قطعني وأن أعْفُوَ عمَّن ظلمني وأن أُعطي منْ حرَمَنِي )) ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾ بشّرْ هؤلاء بثوابٍ عاجلٍ من الطمأنينةِ والسكينةِ والهدوءِ .
وبشرهم بثوابٍ أخرويٍّ كبيرٍ في جوارِ ربٍّ غفورٍ في جناتٍ ونَهَرٍ ﴿ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ﴾ .
**********************************
﴿ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾

الصدقُ حبيبُ اللهِ ، والصراحةُ صابونُ القلوبِ ، والتجربةُ برهانٌ ، والرائدُ لا يكذبُ أهله ، ولم يوجدْ عملٌ أشرحُ للصدرِ وأعظمُ للأجرِ كالذكر ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾ وذكرُهُ سبحانهُ جنَّتُهُ في أرضِهِ ، من لمْ يدخلْها لم يدخل جنة الآخرةِ ، وهو إنقاذٌ للنفس من أوصابِها وأتعابِها واضطرابِها ، بلْ هو طريقٌ ميسّرٌ مختصرٌ إلى كلِّ فوزٍ وفلاحٍ . طالعْ دواوين الوحي لترى فوائدَ الذكرِ ، وجَرِّبْ مع الأيامِ بلْسمهُ لتنالَ الشفاءَ .
بذكره سبحانهُ تنقشعُ سُحُبُ الخوفِ والفَزَعِ والهمِّ والحزنِ . بذكره تُزاحُ جبالُ الكَرْبِ والغمِ والأسى .
ولا عجبَ أنْ يرتاح الذاكرون ، فهذا هو الأصلُ الأصيلُ ، لكن العَجَبَ العُجابَ كيف يعيشُ الغافلون عن ذكِرِهِ ﴿ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ﴾ .
يا منْ شكى الأرق ، وبكى من الألم ، وتفجَّع من الحوادثِ ، ورمتْهُ الخطوبُ ، هيا اهتفْ باسمه المقدس ، ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً ﴾ .
بقدرِ إكثارك من ذكرِه ينبسطُ خاطرُك ، يهدأُ قلبُك ، تسعدُ نفْسُك ، يرتاحُ ضميرك ، لأن في ذكره جلَّ في عُلاه معاني التوكلِ عليه ، والثقةِ به والاعتمادِ عليه ، والرجوعِ إليه ، وحسنِ الظنِّ فيه ، وانتظار الفرجِ منُه ، فهو قريبٌ إذا دُعِي ، سميعٌ إذا نُودِي ، مجيبٌ إذا سُئلَ ، فاضرعْ واخضعْ واخشعْ ، ورَدِّدِ اسمهُ الطيب المبارك على لسانِك توحيداً وثناءً ومدحاً ودعاءً وسؤالاً واستغفاراً ، وسوف تجدُ – بحولِهِ وقوتِهِ – السعادة والأمنَ والسرور والنور والحبورَ ﴿ فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ ﴾ .
*****************************
﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ ﴾

الحسدَ كالأكلةِ الملِحَةِ تنخرُ العظمَ نخْراً ، إنَّ الحسد مرضٌ مزمنٌ يعيثُ في الجسم فساداً ، وقد قيل : لا راحة لحسود فهو ظالمٌ في ثوبِ مظلوم ، وعدوٌّ في جِلْبابِ صديقٍ . وقد قالوا : لله درُّ الحسدِ ما أعْدَلَهْ ، بدأ بصاحبهِ فقتَلَهَ .
إنني أنهى نفسي ونفسك عن الحسدِ رحمةً بي وبك ، قبل أنْ نرحم الآخرين ؛ لأننا بحسدِنا لهمْ نطعمُ الهمَّ لحومنا ، ونسقي الغمَّ دماءَنا ، ونوزِّعُ نوم جفوننا على الآخرين .
إنَّ الحاسد يُشْعِلُ فرناً ساخناً ثم يقتحمُ فيه . التنغيصُ والكدرُ والهمُّ الحاضرُ أمراضٌ يولّدها الحسدُ لتقضي على الراحةِ والحياةِ الطيبةِ الجميلةِ . بلِيَّةُ الحاسِدِ أنهُ خاصمَ القضاءَ ، واتهم الباري في العدْلِ ، وأساء الأدب مع الشَّرعْ ، وخالف صاحبَ المنْهجِ .
يا للحسد من مرضٍ لا يُؤجرُ عليهِ صاحبُه ، ومن بلاءٍ لا يُثابُ عليه المُبْتَلَى به ، وسوف يبقى هذا الحاسدُ في حرقةٍ دائمةٍ حتى يموت أو تذْهَبَ نِعمُ الناسِ عنهم . كلٌّ يُصالحُ إلاَّ الحاسد فالصلحُ معه أن تتخلّى عن نعمٍ اللهِ وتتنازل عن مواهِبِك ، وتُلْغِي خصائِصك ، ومناقِبك ، فإن فعلت ذلك فلَعَلَّهُ يرضى على مضضٍ ، نعوذُ باللهِ من شرِّ حاسد إذا حسدْ ، فإنه يصبحُ كالثعبانِ الأسودِ السَّام لا يقر قراره حتى يُفرِغَ سمَّهُ في جسم بريءٍ .
فأنهاك أنهاك عن الحسد واستعذ باللهِ من الحاسِدِ فإنه لك بالمرصادِ .
***********************************
اقبلِ الحياة كما هي

حالُ الدنيا منغصةُ اللذاتِ ، كثيرةُ التبعاتِ ، جاهمةُ المحيَّا ، كثيرةُ التلوُّنِ ، مُزِجتْ بالكدرِ ، وخُلِطتْ بالنَّكدِ ، وأنت منها في كَبَد .
ولن تجد والداً أو زوجةً ، أو صديقاً ، أو نبيلاً ، ولا مسكناً ولا وظيفةً إلاَّ وفيه ما يكدِّرُ ، وعنده ما يسوءُ أحياناً ، فأطفئ حرَّ شرِّهِ ببردِ خيْرِهِ ، لتنْجُوَ رأساً برأس ، والجروحُ قصاصٌ .
أراد اللهُ لهذه الدنيا أن تكون جامعةً للضدينِ ، والنوعين ، والفريقين ، والرأيين خيْرٍ وشرٍ ، صلاحٍ وفسادٍ ، سرورٍ وحُزْنٍ ، ثم يصفو الخَيْرُ كلُّهُ ، والصلاحُ والسرورُ في الجنةِ ، ويُجْمَعُ الشرُّ كله والفسادُ والحزنُ في النارِ . في الحديث : (( الدنيا ملعونةٌ ملعونٌ ما فيها إلا ذكرُ اللهِ وما والاهُ وعالمٌ ومتعلمٌ )) فعشْ واقعكَ ولا تسرحْ من الخيالِ ، وحلّقْ في عالمِ المثالياتِ ، اقبلْ دنياكَ كما هي ، وطوِّع نفسك لمعايشتها ومواطنتِها ، فسوف لا يصفو لك فيها صاحبٌ ، ولا يكملُ لك فيها أمرٌ ، لأنَّ الصَّفْوَ والكمال والتمام ليس من شأنها ولا منْ صفاتِها .
لن تكمل لك زوجةٌ ، وفي الحديث : (( لا يفركُ مؤمنٌ مؤمنةً إن كره منها خلقاً رضي منها آخر )) .
فينبغي أنْ نسدد ونقارب ، ونعْفُوَ ونصْفحَ ، ونأخُذ ما تيسَّرَ ، ونذر ما تعسَّر ونغضَّ الطَّرْف أحياناً ، ونسددُ الخطى ، ونتغافلُ عن أمورٍ .
******************************************
تعزَّ بأهلِ البلاءِ
تَلَفَّتْ يَمْنَةً ويَسْرَةً ، فهل ترى إلاَّ مُبتلى ؟ وهل تشاهدُ إلاَّ منكوباً في كل دارٍ نائحةٌ ، وعلى كل خدٍّ دمْعٌ ، وفي كل وادٍ بنو سعد .
كمْ منَ المصائبِ ، وكمْ من الصابرين ، فلست أنت وحدك المصاب ، بل مصابُكَ أنت بالنسبةِ لغيرِك قليلٌ ، كمْ من مريضٍ على سريره من أعوامٍ ، يتقلبُ ذات اليمينِ وذات الشِّمالِ ، يَئِنُّ من الألمِ ، ويصيحُ من السَّقم .
كم من محبوس مرت به سنوات ما رأى الشمس بعينه ، وما عرف غير زنزانته .
كمْ من رجلٍ وامرأةٍ فقدا فلذاتِ أكبادهِما في ميْعَةِ الشبابِ وريْعانِ العُمْرِ .
كمْ من مكروبٍ ومدِينٍ ومُصابٍ ومنكوبٍ .
آن لك أن تتعزّ بهؤلاءِ ، وأنْ تعلم عِلْمَ اليقين أنِّ هذه الحياة سجْنٌ للمؤمنِ ، ودارٌ للأحزانِ والنكباتِ ، تصبحُ القصورُ حافلةً بأهلها وتمسي خاويةً على عروشها ، بينها الشَّمْلُ مجتمِعٌ ، والأبدانُ في عافية ، والأموالُ وافرةً ، والأولادُ كُثرٌ ، ثمَّ ما هي إلاَّ أيامٌ فإذا الفقرُ والموْتُ والفراقُ والأمراضُ ﴿ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ ﴾ فعليك أن توطِّن مصابك بمنْ حولك ، وبمن سبقك في مسيرةِ الدهرِ ، ليظهر لك أنك معافىً بالنسبة لهؤلاءِ ، وأنه لم يأتك إلا وخزاتٌ سهلةٌ ، فاحمدِ الله على لُطْفهِ ، واشكره على ما أبقى ، واحتسِبْ ما أخذ ، وتعزَّ بمنْ حولك .
ولك في الرسول  قدوةٌ وقدْ وُضعِ السَّلى على رأسِهِ ، وأدمِيتْ قدماه وشُجَّ وجهُه ، وحوصِر في الشِّعبِ حتى أكل ورق الشجرِ ، وطُرِد من مكَّة ، وكُسِرتْ ثنيتُه ، ورُمِي عِرْضُ زوجتِهِ الشريفُ ، وقُتِل سبعون من أصحابهِ ، وفقد ابنه ، وأكثر بناتِه في حياتهِ ، وربط الحجر على بطنِه من الجوعِ ، واتُّهِم بأنهُ شاعِرٌ ساحِرُ كاهن مجنونٌ كاذبٌ ، صانُهُ اللهُ من ذلك ، وهذا بلاءٌ لابدَّ منهُ وتمحيصٌ لا أعظم منهُ ، وقدْ قُتِل زكريَّا ، وذُبِح يحيى ، وهُجّرَ موسى ووضع الخليلُ في النارِ ، وسار الأئمةُ على هذا الطريق فضُرِّج عُمَرُ بدمِهِ ، واغتيل عثمانُ ، وطٌعِن عليٌ ، وجُلِدَتْ ظهورُ الأئمةِ وسُجِن الأخيارُ، ونكل بالأبرار ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ﴾ .
********************************

الصلاة .. الصلاة
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ ﴾

إذا داهمك الخَوْفُ وطوَّقك الحزنُ ، وأخذ الهمُّ بتلابيبك ، فقمْ حالاً إلى الصلاةِ ، تثُبْ لك روحُك ، وتطمئنَّ نفسُك ، إن الصلاة كفيلةٌ – بأذنِ اللهِ باجتياحِ مستعمراتِ الأحزانِ والغمومِ ، ومطاردةِ فلولِ الاكتئابِ .
كان  إذا حزبَهُ أمرٌ قال : (( أرحنا بالصلاةِ يا بلالُ )) فكانتْ قُرَّةَ عينِهِ وسعادتهُ وبهجتَهُ .
وقد طالعتُ سِيرُ قومٍ أفذاذٍ كانتْ إذا ضاقتْ بهم الضوائقُ ، وكشَّرتْ في وجوههمُ الخطوبُ ، فزعوا إلى صلاةٍ خاشعةٍ ، فتعودُ لهم قُواهُمْ وإراداتُهم وهِمَمُهُمْ .
إنّ صلاة الخوفِ فُرِضتْ لِتُودَّى في ساعةِ الرعبِ ، يوم تتطايرُ الجماجمُ، وتسيلُ النفوسُ على شفراتِ السيوفِ ، فإذا أعظمُ تثبيتٍ وأجلُّ سكينةٍ صلاةٌ خاشعةٌ .
إنَّ على الجيلِ الذي عصفت به الأمراضُ النفسيةُ أن يتعرّفَ على المسجدِ ، وأن يمرّغَ جبينَهُ لِيُرْضِي ربَّه أوَّلاً ، ولينقذ نفسهُ من هذا العذابِ الواصِبِ ، وإلاَّ فإنَّ الدمع سوف يحرقُ جفْنهُ ، والحزن سوف يحطمُ أعصابهُ ، وليس لديهِ طاقةٌ تمدّهُ بالسكينةِ والأمنِ إلا الصلاةُ .
من أعظمِ النعمِ – لو كنّا نعقلُ – هذهِ الصلواتُ الخمْسُ كلَّ يومٍ وليلةٍ كفارةٌ لذنوبِنا ، رفعةٌ لدرجاتِنا عند ربِّنا ، ثم هي علاجٌ عظيمٌ لمآسينا ، ودواءٌ ناجِعٌ لأمراضِنا ، تسكبُ في ضمائرِنا مقادير زاكيةً من اليقين ، وتملأُ جوانحنا بالرِّضا أما أولئك الذين جانبوا المسجد ، وتركوا الصلاة ، فمنْ نكدٍ إلى نكدٍ ، ومن حزنٍ إلى حزنٍ ، ومن شقاءٍ إلى شقاءٍ ﴿ فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ﴾ .
*****************************

حسبنا الله ونعم الوكيل

تفويضُ الأمرِ إلى اللهِ ، والتوكلُ عليهِ ، والثقة بوعدِهِ ، والرضا بصنيعهِ وحُسنُ الظنِّ بهِ ، وانتظارُ الفرجِ منهُ ؛ من أعظمِ ثمراتِ الإيمانِ ، وأجلِّ صفاتِ المؤمنين ، وحينما يطمئنُّ العبدُ إلى حسنٍ العاقبةِ ، ويعتمدُ على ربِّهِ في كلِّ شأنِه ، يجد الرعاية ، والولاية ، والكفاية ، والتأييدَ ، والنصرةَ .
لما ألقي إبراهيمُ عليه السلامُ في النارِ قال : حسبنا اللهُ ونِعْمَ الوكيلُ ، فجعلها اللهُ عليه برْداً وسلاماً ، ورسولُنا  وأصحابُه لما هُدِّدُوا بجيوشِ الكفار ، وكتائبِ الوثنيةِ قالوا : ﴿حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ{173} فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾ .
إنَّ الإنسان وحده لا يستطيعُ أنْ يصارع الأحداث ، ولا يقاوم الملمَّاتِ ، ولا ينازل الخطوبَ ؛ لأنه خُلِقَ ضعيفاً عاجزاً ، إلا حينما يتوكلُ على ربِّه ويثقُ بمولاه ، ويفوِّضُ الأمرَ إليه ، وإلا فما حيلةُ هذا العبدِ الفقيرِ الحقيرِ إذا احتوشتْهُ المصائب ، وأحاطتْ به النكباتُ ﴿ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ .
فيا من أرادَ أن ينصح نفسه : توكلْ على القويِّ الغنيِّ ذي القُوَّةِ المتين ، لينقذك من الويلاتِ ، ويخرجك من الكُرُباتِ ، واجعلْ شعِارَك ودثارَكَ حسبنا اللهُ ونِعْمَ الوكيلُ ، فإن قلَّ مالُك ، وكثُرَ ديْنُك ، وجفَّتْ موارِدك ، وشحّتْ مصادِرُك ، فنادِ : حسبُنا اللهِ ونِعْمَ الوكيلُ .
وإذا خفتَ من عدوٍّ ، أو رُعبْتَ من ظالِمٍ ، أو فزعت من خَطْبٍ فاهتفْ : حسبنا اللهُ ونِعْمَ الوكيل .
﴿ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً ﴾ .
**********************************

﴿ قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ﴾

مما يشرحُ الصَّدْرَ ، ويزيحُ سُحُب الهمِّ والغمِّ ، السَّفَرُ في الديارِ ، وقَطْعُ القفارِ ، والتقلبُ في الأرضِ الواسعةِ ، والنظرُ في كتابِ الكونِ المفتوحِ لتشاهد أقلام القدرةِ وهي تكتبُ على صفحاتِ الوجودِ آياتِ الجمالِ ، لترى حدائق ذات بهجةٍ ، ورياضاً أنيقةً وجناتٍ ألفاً ، اخرجْ من بيتكَ وتأملْ ما حولك وما بين يديك وما خلفك ، اصْعَدِ الجبال ، اهبطِ الأودية ، تسلّقِ الأشجارَ ، عُبَّ من الماءِ النميرِ ، ضعْ أنفك على أغصانِ الياسمين ، حينها تجدُ روحك حرةً طليقةً ، كالطائرِ الغرّيدِ تسبحِّ في فضاءِ السعادةِ ، اخرجْ من بيتِك ، ألقِ الغطاء الأسودَ عن عينيك ، ثم سرْ في فجاجِ اللهِ الواسعةِ ذاكراً مسبحاً .
إنَّ الانزواء في الغرفةِ الضيّقةِ مع الفراغِ القاتل طريقٌ ناجحٌ للانتحارِ ، وليستْ غرفتك هي العالمُ ، ولست أنت كلَّ الناسِ فَلِمَ الاستسلامُ أمام كتائبِ الأحزان ؟ ألا فاهتفْ ببصرِك وسمعِك وقلبِكَ : ﴿ انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً ﴾ ، تعال لتقرأ القرآن هنا بين الجداولِ والخمائِل ، بَيْنَ الطيورِ وهي تتلو خُطَبَ الحبِّ ، وبَيْنَ الماءِ وهو يروي قصة وصولهِ من التلِّ .
إن التَّرحْالَ في مساربِ الأرض متعةٌ يوصِي بها الأطباءُ لمن ثَقُلَتْ عليه نفسُهُ ، وأظلمتْ عليهِ غرفتهُ الضيقةُ ، فهيَّا بنا نسافْر لنسعد ونفرح ونفكر ونتدبّر ﴿ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ ﴾ .
************************************
فصبرٌ جميلٌ

التحلِّي بالصبر من شيمِ الأفذاذِ الذين يتلقون المكاره برحابةِ صَدْرٍ وبقوةِ إرادةٍ ، ومناعةٍ أبيَّة . وإنْ لم أصبرْ أنا وأنت فماذا نصنعُ ؟! .
هل عندك حلٌّ لنا غيرُ الصبرِ ؟ هل تعلم لنا زاداً غيرَهُ ؟
كان أحدُ العظماءِ مسرحاً تركضُ فيه المصائبُ ، وميداناً تتسابقُ فيهِ النكباتُ كلما خرج من كربةٍ زارتهُ كربةٌ أخرى ، وهو متترسٌ بالصبرِ ، متدرّعٌ بالثقةِ باللهِ .
هكذا يفعلُ النبلاءُ ، يُصارعون الملمّاتِ ويطرحون النكباتِ أرضاً .
دخلوا على أبي بكر -رضي اللهُ عنهُ- وهو مريضٌ ، قالوا : ألا ندعو لك طبيباً ؟ قال : الطبيبُ قد رآني . قالوا : فماذا قال ؟ قال : يقولُ : إني فعَّالٌ لما أريدُ .
واصبرْ وما صبرُك إلاَّ باللهِ ، اصبرْ صَبْرَ واثقٍ بالفرجِ ، عالم بحُسْنِ المصيرِ ، طالبٍ للأجرِ ، راغبٍ في تفكيرِ السيئاتِ ، اصبرْ مهما ادلهمَّت الخطوبُ ، وأظلمتِ أمامك الدروبُ ، فإنَّ النصر مع الصَّبْرِ ، وأنَّ الفرج مع الكَرْبِ ، وإن مع العُسْرِ يُسْراً .
قرأتُ سير عظماءٍ مرُّوا في هذه الدنيا ، وذهلتُ لعظيمِ صبرِهِمْ وقوةِ احتمالِهم ، كانت المصائبُ تقعُ على رؤوسِهم كأنَّها قطراتُ ماءٍ باردةٍ ، وهم في ثباتِ الجبالِ ، وفي رسوخِ الحقِ ، فما هو إلاَّ وقت قصيرٌ فتشرقُ وجوهُهم على طلائع فجرِ الفرجِ ، وفرحةِ الفتحِ ، وعصرِ النصرِ . وأحدُهم ما اكتفى بالصبرِ وَحْدَهُ ، بل نازَلَ الكوارِث ، وصاحَ في وجهِ المصائبِ مُتحدِّياً .
***************************************
لا تحملِ الكرة الأرضية على رأسِكَ

نفرٌ من الناسِ تدورُ في نفوسِهم حرْبٌ عالميَّةٌ ، وهم على فُرُش النوم ، فإذا وضعتِ الحرْبُ أوزارها غَنِمُوا قُرْحَة المعدةِ ، وضَغْطَ الدمِّ والسكَّريَّ . يحترقون مع الأحداثِ ، يغضبون من غلاءِ الأسعارِ ، يثورون لتأخر الأمطارِ ، يضجُّون لانخفاضِ سعْرِ العملةِ ، فهم في انزعاجٍ دائمٍ ، وقلقٍ واصِبٍ﴿ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ﴾ .
ونصيحتي لكَ أنْ لا تحملِ الكرة الأرضية على رأسِكَ ، دعِ الأحداث على الأرضِ ولا تضعْها في أمعائِك . إن بعض الناس عنده قلبٌ كالإسفنجة يتشربُ الشائعاتِ والأراجيفَ ، ينزعجُ للتوافِهِ ، يهتزِ للوارداتِ ، يضطربُ لكلِّ شيءٍ ، وهذا القلبُ كفيلٌ أن يحطم صاحبهُ ، وأن يهدم كيان حامِلِهِ .
أهلُ المبدأ الحقِّ تزيدُهم العِبرُ والعظاتُ إيماناً إلى إيمانِهم ، وأهْلُ الخورِ تزيدُهم الزلازلُ خوفاً إلى خوفِهِم ، وليس أنفع أمام الزوابع والدواهي من قلبٍ شجاعٍ ، فإن المِقْدام الباسلَ واسعُ البطانِ ، ثابتُ الجأشِ ، راسخُ اليقينِ ، باردُ الأعصابِ ، منشرحُ الصدر ، أما الجبانُ فهو يذبح فهو يذبح نفسه كلَّ يوم مرات بسيف التوقّعات والأراجيفِ والأوهامِ والأحلامِ ، فإن كنت تريدُ الحياة المستقرَّةَ فواجِهِ الأمور بشجاعةٍ وجلدٍ ، ولا يستخفنّك الذين لا يوقنون ، ولا تك في ضيْقٍ ممَّا يمكرون ، كنْ أصلب من الأحداثِ ، وأعْتى من رياحِ الأزماتِ ، وأقوى من الأعاصيرِ ، وارحمتاه لأصحابِ القلوبِ الضعيفةِ ، كم تهزُّهم الأيامُ هزّاً ﴿وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ ﴾ ، وأما الأُباةُ فهم من اللهِ في مَدَدٍ ، وعلى الوعدِ في ثقةٍ ﴿ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ ﴾ .
****************************************
لا تحطمك التوافهُ

كم من مهمومٍ سببُ همِّهِ أمرٌ حقيرٌ تافهٌ لا يُذْكَرُ !! .
انظر إلى المنافقين ، ما أسقط همَمَهُم ،وما أبْردَ عزائِمَهُمْ . هذه أقوالُهم : ﴿ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ ﴾ ، ﴿ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي ﴾ ، ﴿ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ ﴾ ، ﴿ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ ﴾ ، ﴿ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً ﴾ .
يا لخيبةِ هذِهِ المعاطس يا لتعاسةِ هذهِ النفوسِ .
همهم البطونُ والصحونُ والدورُ والقصورُ ، لم يرفعوا أبصارهم إلى سماء المُثُلِ ، لم ينظروا أبداً إلى نجوم الفضائل . همُّ أحدِهِمْ ومبلغُ عِلْمِهِ : دابَّتهُ وثوبُهُ ونعلُهُ ومأدبتُهُ ، وانظرْ لقطَّاعٍ هائلٍ منَ الناسِ تراهم صباح مساء سببُ همومهمْ خلافٌ مع الزوجةِ ، أو الابنِ ، أو القريبِ ، أو سماعُ كلمةٍ نابيةٍ ، أو موقفٌ تافهٌ . هذه مصائبُ هؤلاءِ البشَرِ ، ليس عندهم من المقاصدِ العليا ما يشغلُهم ، ليس عندهم من الاهتماماتِ الجليلةِ ما يملأُ وقتهم ، وقدْ قالوا : إذا خرج الماءُ من الإناءِ ملأهُ الهواءُ ، إذاً ففكرْ في الأمرِ الذي تهتمُّ له وتغتمُّ ، هلْ يستحقُ هذا الجهد وهذا العناءَ ، لأنك أعطيته من عقلِك ولَحْمِك ودَمِك وراحتِك ووقتِك ، وهذا غُبْنٌ في الصفقةِ ، وخسارةٌ هائلةٌ ثمنُها بخسٌ ، وعلماءُ النفسِ يقولون : اجعلْ لكلِ شيء حداً معقولاً ، وأصدق من هذا قولهُ تعالى : ﴿ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ﴾ فأعطِ القضية حجْمها ووزنها وقدْرها وإياكَ والظلم والغُلُوَّ .
هؤلاءِ الصحابةُ الأبرارُ همهم تحت الشجرةِ الوفاءُ بالبيعةِ فنالوا رِضوان اللهِ ، ورجُلٌ معهم أهمَّه جملُهُ حتى فاتهُ البيعُ فكان جزاءهُ الحرمانُ والمقتُ ,
فاطرحِ التوافِه والاشتغال بها تجدْ أنَّ أكثر همومِك ذهبتْ عنك وعُدْتَ فَرِحاً مسروراً .
*******************************
ارض بما قسمَ اللهُ لكَ
تكنْ أغنى الناسِ

مرَّ فيما سبق بعضُ معاني هذا السبب ؛ لكنني أبسطُهُ هنا ليُفهم أكثرَ وهو : أنَّ عليكَ أن تقْنع بما قُسِمَ لك من جسمٍ ومالٍ وولدٍ وسكنٍ وموهبةٍ ، وهذا منطقُ القرآن ﴿ فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ إنَّ غالبَ علماءِ السلفِ وأكثر الجيلِ الأولِ كانوا فقراء لم يكنْ لديهم أُعطياتٌ ولا مساكنُ بهيةٌ ، ولا مراكبُ ، ولا حشمٌ ، ومع ذلك أثْروُا الحياة وأسعدوا أنفسهم والإنسانية ، لأنهم وجّهوا ما آتاهمُ اللهُ من خيرٍ في سبيلِهِ الصحيحِ ، فَبُورِكَ لهم في أعمارِهم وأوقاتِهم ومواهبهم ، ويقابلُ هذا الصنفُ المباركُ مَلأٌ أُعطوا من الأموالِ والأولادِ والنعمِ ، فكانتْ سببَ شقائِهم وتعاستِهم ، لأنهم انحرفوا عن الفطرةِ السويَّةِ والمنهجِ الحقِّ وهذا برهانٌ ساطعٌ على أن الأشياءَ ليستْ كلَّ شيءٍ ، انظرْ إلى من حمل شهاداتٍ عالميَّةً لكنهُ نكرةٌ من النكراتِ في عطائهِ وفهمهِ وأثرهِ ، بينما آخرون عندهم علمٌ محدودٌ ، وقدْ جعلوا منه نهراً دافقاً بالنفعِ والإصلاحِ والعمارِ .
إن كنت تريدُ السعادةُ فارضَ بصورتِك التي ركبَّك اللهُ فيها ، وارض بوضعكِ الأسري ، وصوتِك ، ومستوى فهمِك ، ودخلِك ، بل إنَّ بعض المربّين الزهادِ يذهبون إلى أبعدِ من ذلك فيقولون لك : ارض بأقلَّ ممَّا أنت فيهِ ودون ما أنت عليهِ .
هاك قائمةً رائعةً مليئةً باللامعين الذين بخسوا حظوظهُمُ الدنيوية :
عطاءُ بنُ رباح عالمُ الدنيا في عهدهِ ، مولى أسودُ أفطسُ أشَلُّ مفلفلُ الشعرِ .
الأحنفُ بنُ قيس ، حليمُ العربِ قاطبةً ، نحيفُ الجِسْمِ ، أحْدَبُ الظهرِ ، أحنى الساقين ، ضعيفُ البنيةِ .
الأعمش محدِّثُ الدنيا ، من الموالي ، ضعيفُ البصرِ ، فقيرُ ذاتِ اليدِ ، ممزقُ الثيابِ ، رثُ الهيئةِ والمنزلِ .
بل الأنبياء الكرامُ صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهم ، كلٌّ منهم رعى الغنَمَ ، وكان داودُ حَدَّاداً ، وزكريا نجاراً ، وإدريس خياطاً ، وهم صفوةُ الناسِ وخَيْرُ البشرِ .
إذاً فقيمتُك مواهبُك ، وعملُك الصالحُ ، ونفعُك ، وخلقك ، فلا تأس على ما فات من جمالٍ أو مالٍ أو عيالٍ ، وارض بقسمِة اللهِ ﴿ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ .
****************************************
ذكّر نفسك بجنةٍ عرضُها السماواتُ والأرضُ
إنْ جمعتَ في هذه الدارِ أو افتقرتَ أو حزنتَ أو مرضتَ أو بخستَ حقاً أو ذقت ظلماً فذكِّر نفسك بالنعيمِ ، إنك إن اعتقدت هذه العقيدة َ وعملتَ لهذا المصيرِ ، تحولتْ خسائرُك إلى أرباحِ ، وبلاياك إلى عطايا . إن أعقلَ الناسِ هم ُ الذين يعملون للآخرةِ لأنها خيرٌ وأبقى ، وإنَّ أحمق هذه الخليقة هم الذين يرون أنَّ هذه الدنيا هي قرارُهم ودارُهم ومنتهى أمانيهم ، فتجدَهم أجزعَ الناسِ عند المصائبِ ، وأندهم عندَ الحوادثِ ، لأنهمْ لا يرون إلاَّ حياتهمْ الزهيدة الحقيرة ، لا ينظرون إلاَّ إلى هذهِ الفانيةِ ، لا يتفكرون في غيرِها ولا يعملون لسواها ، فلا يريدون أن يعكّر لهم سرورُهم ولا يكدّر عليهم فرحُهم ، ولو أنهمْ خلعوا حجاب الرانِ عن قلوبهِمْ ، وغطاء الجهلِ عن عيونهِمْ لحدثوا أنفسهم بدارِ الخلدِ ونعيمِها ودورِها وقصورِها ، ولسمعوا وأنصتوا لخطابِ الوحيِ في وصفِها ، إنها واللهِ الدارُ التي تستحقُّ الاهتمام والكدَّ والجهْدَ .
هل تأملنا طويلاً وصف أهلِ الجنة بأنهم لا يمرضون ولا يحزنون ولا يموتون ، ولا يفنى شبابُهم ، ولا تبلى ثيابُهم ، في غرفٍ يُرى ظاهرُها من باطنِها ، وباطِنُها من ظاهرهِا ، فيها ما لا عينٌ رأتْ ، ولا أُذُنٌ سمعتْ ، ولا خَطَرَ على قلبِ بَشَرٍ ، يسيرُ الراكبُ في شجرةٍ من أشجارهِا مائة عامٍ لا يقطعُها ، طول الخيمَّةِ فيها ستون ميلاً ، أنهارُها مُطَّرِدةٌ قصورُها منيفةٌ ، قطوفُها دانيةٌ ، عيونُها جاريةٌ ، سُرُرُها مرفوعةٌ ، أكوابُها موضوعةٌ ، نمارقُها مصفوفَةٌ ، زرابيُّها مبثوثةٌ ، تمَّ سروَرها ، عظُم حبورُها ، فاح عرْفُها ، عظُم وصْفُها ، منتهى الأماني فيها ، فأين عقولُنا لا تفكرْ ؟! ما لنا لا نتدبَّرْ ؟!
إذا كان المصيرُ إلى هذه الدارِ ؛ فلتخفَّ المصائبُ على المصابين ، ولتَقَرَّ عيونْ المنكوبين ، ولتفرح قلوبُ المعدمين .
فيها أيها المسحوقون بالفقرِ ، المنهكون بالفاقةِ ، المبتلون بالمصائب ، اعملوا صالحاً ؛ لتسكنوا جنة اللهِ وتجاوروهُ تقدستْ أسماؤُه ﴿ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ .
****************************************
﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ﴾

العدلُ مطْلَبٌ عقليٌّ وشرعيٌّ ، لا غُلُوَّ ولا جفاءٌ ، لا إفراطٌ ولا تفريطٌ ، ومنْ أراد السعادة فعليهِ أنْ يضبطَ عواطفهُ ، واندفاعاتِهِ ، وليكنْ عادلاً في رضاهُ وغضبِهِ ، وسرورِهِ وحُزْنِهِ ؛ لأن الشَّطَطَ والمبالغةَ في التعامل مع الأحداثِ ظلمٌ للنفسِ ، وما أحْسنَ الوسطيّةَ ، فإنَّ الشرع نزل بالميزان والحياةُ قامتْ على القِسط ، ومنْ أتعبِ الناسِ منْ طاوعَ هواه ، واستسلم لعواطفِهِِ وميولاتِه ، حينها تتضخّمُ عنده الحوادثُ ، وتظِلمُ لديه الزوايا ، وتقومُ في قلبِه معاركُ ضاربةٌ من الأحقادِ والدخائلِ والضغائنِ ، لأنه يعيشُ في أوهامٍ وخيالاتٍ ، حتى إن بعضهمْ يتصوّرُ أنَّ الجميع ضِدَّهُ ، وأنَّ الآخرينَ يحبكون مؤامرةً لإبادتهِ ، وتُمْلِي عليه وساوسُه أنَّ الدنيا له بالمرصادِ فلذلك يعيشُ في سحبٍ سودٍ من الخوفِ والهّمِ والغّمِ .
إن الإرجافُ ممنوعٌ شرعاً ، رخيصٌ طبعاً ، ولا يمارسُه إلاَّ أناسٌ مفلسون من القيمِ الحيَّةِ والمبادئِ الربانيَّةِ﴿ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ ﴾ .
أجلِسْ قلبَكَ على كرسيّه ، فأكثرُ ما يخافُ لا يكونُ ، ولك قبْلَ وقوع ما تخافُ وقوعه أن تقدِّرَ أسوأ الاحتمالاتِ ، ثم توطِّن نفسكِ على تقبُّل هذا الأسوأ ، حينها تنجو من التكهُّناتِ الجائرةِ التي تمزّقُ القلب قبلَ أنْ يَقَعَ الحَدَثُ فَيَبْقَى .
فيا أيُّها العاقلُ النَّابهُ : أعطِ كلَّ شيء حجمَهُ ، ولا تضخِّم الأحداث والمواقفَ والقضايا ، بل اقتصدْ واعدلْ والبغضِ في الحديث : (( أحبب حبيبَك هوْناً ما ، فعسى أن يكون بغيضَكَ يوماً ما ، وأبغض بغيضك هوْناً ما ، فعسى أن يكون حبيبكَ يوماً ما )) ﴿عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾.
إنَّ كثيراً من التخويفات والأراجيف لا حقيقة لها .
*********************************
الحزنُ ليس مطلوباً شرعاً ، ولا مقصوداً أصلاً

فالحزنُ منهيٌّ عنهُ قوله تعالى : ﴿ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا ﴾ . وقولِه : ﴿ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ﴾ في غيْرِ موضعٍ . وقوله : ﴿ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا ﴾ . والمنفيُّ كقوله : ﴿ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ . فالحزنُ خمودٌ لجذْوَةِ الطلبِ ، وهُمودٌ لروحِ الهمَّةِ ، وبرودٌ في النفسِ ، وهو حُمَّى تشلُّ جسْمَ الحياةِ .
وسرُّ ذلك : أن الحزن مُوَقِّفٌ غير مُسَيّر ، ولا مصلحة فيه للقلب ، وأحبُّ شيءٍ إلى الشيطان : أن يُحْزِن العبد ليقطعهُ عن سيرِه ، ويوقفه عن سلوكِه ، قال الله تعالى :﴿ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ . ونهى النبيُّ  : (( أن يَتَناجَى اثنانِ منهم دون الثالثِ ، لأن ذلك يُحْزِنُه )) . وحُزْنُ المؤمنِ غيْرُ مطلوبٍ ولا مرغوبٍ فيه لأنَّهُ من الأذى الذي يصيبُ النفس ، وقد ومغالبتُه بالوسائلِ المشروعةِ .
فالحزنُ ليس بمطلوبٍ ، ولا مقصودٍ ، ولا فيه فائدةٌ ، وقدِ استعاذ منه النبيُّ  فقال : (( اللهمَّ إني أعوذُ بك من الهمِّ والحزنِ )) فهو قرينُ الهمِّ ، والفرْقُ ، وإنّ كان لما مضى أورثه الحُزْنَ ، وكلاهما مضعِفٌ للقلبِ عن السيرِ ، مُفتِّرٌ للعزمِ .
والحزنُ تكديرٌ للحياةِ وتنغيصٌ للعيشِ ، وهو مصلٌ سامٌّ للروحِ ، يورثُها الفتور والنكَّدَ والحيْرَة ، ويصيبُها بوجومٍ قاتمٍ متذبِّلٍ أمام الجمالِ ، فتهوي عند الحُسْنِ ، وتنطفئُ عند مباهج الحياةِ ، فتحتسي كأسَ الشؤم والحسرةِ والألمِ .
ولكنَّ نزول منزلتِهِ ضروريٌ بحسبِ الواقعِ ، ولهذا يقولُ أهلُ الجنةِ إذا دخلوها : ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ﴾ فهذا يدلُّ على أنهمْ كان يصيبُهم في الدنيا الحزنُ ، كما يصيبهُم سائرُ المصائبِ التي تجري عليهم بغيرِ اختيارِهم . فإذا حلَّ الحُزْنُ وليس للنفسِ فيه حيلةٌ ، وليس لها في استجلابهِ سبيلٌ فهي مأجورةٌ على ما أصابها ؛ لأنه نوْعٌ من المصائبِ فعلى العبدِ أنْ يدافعه إذا نزل بالأدعيةِ والوسائلِ الحيَّةِ الكفيلةِ بطردِه .
وأما قوله تعالى : ﴿ وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ ﴾ .
فلمْ يُمدحوا على نفسِ الحزنِ ، وإنما مُدحوا على ما دلَّ عليه الحزنُ من قوةِ إيمانِهم ، حيث تخلَّفوا عن رسولِ اللهِ  لِعجزِهم عن النفقِة ففيهِ تعريضٌ بالمنافقين الذين لم يحزنوا على تخلُّفهم ، بل غَبَطُوا نفوسهم به .
فإن الحُزْن المحمود إنْ حُمِدَ بَعْدَ وقوعِهِ – وهو ما كان سببُه فوْت طاعةٍ ، أو وقوع معصيةٍ – فإنَّ حُزْنَ العبدِ على تقصيرِهِ مع ربّه وتفريطِهِ في جَنْبِ مولاه : دليلٌ على حياتهِ وقبُولِهِ الهدايةَ ، ونورِهِ واهتدائِهِ .
أما قولُه  في الحديثِ الصحيحِ : (( ما يصيبُ المؤمن من همِّ ولا نصب ولا حزن ، إلاَّ كفر اللهُ به من خطاياه )) . فهذا يدلُّ على أنه مصيبةٌ من اللهِ يصيبُ بها العبْدَ ، يكفّرُ بها من سيئاتِه ، ولا يدلُّ على أنه مقامٌ ينبغي طلبُه واستيطانُه ، فليس للعبدِ أن يطلب الحزن ويستدعيّه ويظنُّ أنهُ عبادة ، وأنَّ الشارعَ حثَّ عليه ، أو أَمَرَ به ، أو رَضِيَهُ ، أو شَرَعَهُ لعبادِهِ ، ولو كان هذا صحيحاً لَقَطَعَ  حياتَهُ بالأحزانِ ، وصَرَفَهَا بالهمومِ ، كيفَ وصدرُه مُنْشَرِحٌ ووجهُه باسمٌ ، وقلبُه راضٍ ، وهو متواصلُ السرورِ ؟! .
وأما حديثُ هنْدِ بن أبي هالة ، في صفةِ النبيّ  : (( أنهُ كان متواصلَ الأحزانِ )) ، فحديثٌ لا يثبُتُ ، وفي إسنادهِ من لا يُعرَفُ ، وهو خلاف واقعِهِ وحالِهِ  .
وكيف يكونُ متواصلَ الأحزانِ ، وقد صانَهُ اللهُ عن الحزنِ على الدنيا وأسبابها ، ونهاهُ عن الحزنِ على الكفارِ ، وغَفَرَ له ما تقدَّم من ذنبِهِ وما تأخَّرَ ؟! فمن أين يأتيهِ الحزنُ ؟! وكيفَ يَصلُ إلى قلبِهِ ؟! ومن أي الطرق ينسابُ إلى فؤادِهِ ، وهو معمورٌ بالذِّكرِ ، ريّانٌ بالاستقامةِ ، فيّاضٌ بالهداية الربانيةِ ، مطمئنٌّ بوعدِ اللهِ ، راض بأحكامه وأفعالِه ؟! بلْ كانَ دائمَ البِشْرِ ، ضحوك السِّنِّ ، كما في صفته (( الضَّحوك القتَّال )) ، صلوات الله وسلامه عليه . ومَن غاصَ في أخبارهِ ودقَّقَ في أعماقِ حياتِهِ واسْتَجْلَى أيامَهْ ، عَرَفَ أنه جاءَ لإزهاقِ الباطلِ ودحْضِ القَلَقِ والهمِّ والغمِّ والحُزْنِ ، وتحريرِ النفوسِ من استعمارِ الشُّبَهِ والشكوكِ والشِّرْكِ والحَيْرَةِ والاضطرابِ ، وإنقاذهِا من مهاوي المهالكِ ، فللهِ كمْ له على البَشَرِ من مِنَنٍ .
وأما الخبرُ المرويُّ : (( إن الله يحبُّ كلَّ قلب حزين )) فلا يُعرف إسنادُه ، ولا مَن رواه ولا نعلم صِحَّتَهُ . وكيف يكونُ هذا صحيحاً ، وقد جاءت الملَّةُ بخلافِهِ ، والشرعُ بنقْضِهِ؟! وعلى تقديرِ صحتِهِ : فالحزنُ مصيبةٌ من المصائبِ التي يبتلي اللهُ بها عَبْدَهُ ، فإذا ابتُلي به العبدُ فصيرَ عليهِ أحبَّ صبرَه على بلائِهِ . والذين مدحوا الحزنَ وأشادوا بهِ ونسبُوا إلى الشرعِ الأمر به وتحبيذهُ ؛ أخطؤوا في ذلك ؛ بلْ ما ورد إلاَّ النهيَّ عنهُ ، والأمرُ بضدِّه ، من الفرحِ برحمةِ اللهِ تعالى وبفضلهِ ، وبما أنزل على رسولِ اللهِ  ، والسرورِ بهدايةِ اللهِ ، والانشراحِ بهذا الخيرِ المباركِ الذي نَزَلَ من السماءِ على قلوبِ الأولياءِ .
وأما الأثَرُ الآخَرُ : (( إذا أحبَّ اللهُ عبداً نَصَبَ في قلْبِهِ نائحةً ، وإذا أبغض عبداً جعلَ في قلبه مِزْماراً )) . فأثر إسرائيليٌّ ، قيل : إنه في التوراة . وله معنى صحيحٌ ، فإنَّ المؤمنَ حزينٌ على ذنوبهِ ، والفاجرُ لاهٍ لاعبٌ ، مترنِّمٌ فَرِحٌ . وإذا حصَلَ كسْرٌ في قلوبِ الصالحينَ فإنما هو لمِا فاتَهُم من الخيراتِ ، وقصّروا فيهِ من بلوغِ الدرجاتِ ، وارتكبوهُ من السيئاتِ . خلاف حزنِ العُصاةِ ، فإنَّهُ على فوتِ الدنيا وشهواتِها وملاذِّها ومكاسبِها وأغراضِها ، فهمُّهُمْ وغمُّهُمْ وحزنُهُمْ لها ، ومن أجلِها وفي سبيلِها .
وأما قولُه تعالى عن نبيِّهِ (( إسرائيل )) : ﴿ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴾ : فهو إخبارٌ عن حالهِ بمصابِه بفقْدِ وِلدِهِ وحبيبِهِ ، وأنه ابتلاهُ بذلك كما ابتلاهُ بالتفريق بينَهُ وبينَهُ . ومجرد الإخبارِ عن الشيءِ لا يدلُّ على استحسانِ ه ولا على الأمرِ به ولا الحثِّ عليه ، بل أمرنا أنْ نستعيذَ باللهِ من الحزنِ ، فإنَّهُ سَحَابَةٌ ثقيلةٌ وليل جاِثمٌ طويلٌ ، وعائقٌ في طريقِ السائرِ إلى معالي الأمور .
وأجمع أربابُ السلوكِ على أنَّ حُزْنَ الدنيا غَيْرُ محمودٍ ، إلا أبا عثمان الجبريَّ ، فإنهُ قالَ : الحزنُ بكلِّ وجهٍ فضيلةٌ ، وزيادةٌ للمؤمنِ ، ما لمْ يكنْ بسببِ معصيةٍ . قال : لأنهُ إن لم يُوجبْ تخصيصاً ، فإنه يُوجبُ تمحيصاً .
فيُقالُ : لا رَيْبَ أنهُ محنةٌ وبلاءٌ من اللهِ ، بمنزلةِ المرضِ والهمِّ والغَمِّ وأمَّا أنهُ من منازِلِ الطريقِ ، فلا .
فعليكَ بجلب السرورِ واستدعاءِ الانشراحِ ، وسؤالِ اللهِ الحياةَ الطيبةَ والعيشةَ الرضيَّة ، وصفاءَ الخاطرِ ، ورحابة البالِ ، فإنها نِعمٌ عاجلة ، حتى قالَ بعضُهم : إنَّ في الدنيا جنةً ، منْ لم يدخلها لم يدخلْ جنةَ الآخرةِ .
والله المسؤولُ وَحْدَهْ أن يشرح صدورَنا بنورِ اليقينِ ، ويهدي قلوبنا لصراطِهِ المستقيمِ ، وأنْ ينقذنا من حياةِ الضَّنْكِ والضيِّقِ .
********************************


وقفــة

هيَّا نهتفْ نحنُ وإياكَ بهذا الدعاءِ الحارِّ الصّادقِ . فإنهُ لِكشفِ الكُرَبِ والهمِّ والحزنِ : (( لا إلهَ إلا اللهُ العظيمُ الحليم ، لا إله إلا اللهُ ربُّ العرشِ العظيمِ ، لا إله إلا اللهُ ربُّ السمواتِ وربُّ الأرضِ وربُّ العرشِ الكريمِ ، يا حيٌّ يا قيومُ لا إله إلا أنتَ برحمتك أستغيثُ )) .
(( اللهمَّ رحمتكَ أرجو ، فلا تكِلْني إلى نفسي طرْفَةَ عَيْنِ ، وأصلحْ لي شأنيَ كلَّه ، لا إله إلا أنتَ )) .
(( استغفرُ الله الذي لا إله إلا هو الحيَّ القيومَ وأتوبَ إليه )) .
((لا إله إلا أنت سبحانك إني كنتُ من الظالمين )) .
(( اللهمَّ إني عبدُكً ، ابنُ عبدِك ، ابنُ أمتِك ، ناصيتي بيدِك ، ماضٍ فيَّ حكمُكَ ، عدْلٌ فيَّ قضاؤُك ، أسألك بكلِّ اسمٍ هو لك سمَّيت به نفسك ، أو أنزلتهُ في كتابكَ ، أو علَّمتهُ أحداً من خلقك ، أو استأثرت به في علمِ الغيبِ عندكَ ، أنْ تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري ، وذهاب همِّي ، وجلاء حزني )) .
(( اللهمَّ إني أعوذُ بك من الهمِّ والحزنِ ، والعَجْز والكَسَلِ ، والبُخْلِ والجُبْنِ ، وضلعِ الديْنِ وغلبةِ الرِّجالِ )) .
(( حسبنا اللهُ ونعم الوكيلُ )) .
************************************
ابتسمْ
الضَّحِكُ المعتدلُ بلْسَمٌ للهمومِ ومرهَمٌ للأحزانِ ، وله قوةٌ عجيبةٌ في فرحِ الروحِ ، وجَذلِ القلْبِ ، حتى قال أبو الدرداء – رضي اللهُ عنه - : إني لأضحك حتى يكونَ إجماماً لقلبي . وكان أكرمُ الناس  يضحكُ أحياناً حتى تبدو نواجذُه ، وهذا ضحكُ العقلاءِ البصراءِ بداءِ النفسِ ودوائِها .
والضحك ذِروةُ الانشراحِ وقِمَّةُ الراحةِ ونهايةُ

صدى صوت
29-07-2015, 07:27 PM
كتاب لا تحزن كتاب جميل جدا ومفيد قرأته واستفدت .
شكرا زهرة لمساهماتك الرائعه في سبلة الثقافه .

حلم يرتجي التحقق
01-08-2015, 02:39 PM
طرح راااقي جدا لا ينبع إلا من فكر مثقف ونفس تواقة للمزيد من الرقي
أستاذ صدى صوت تشكرااتي لك على طرحك الرائع
بحق اعجبني وفيه عذاء بكميات هائلة للعقول الراغبة في زيادة ثقافتها
اهنئك على روحك المثقفة

قرأت العديد من الكتب
للكاتب : ابراهيم الفقي / خبير التنمية البشرية
وتركيزي الأكثر على كتب القصائد الشعرية
لم انجح إلى الأن في تلخيص احد تلك الكتب
وطرحك هذا افادني في عملية التلخيص

تشكراتي

صدى صوت
01-08-2015, 03:01 PM
طرح راااقي جدا لا ينبع إلا من فكر مثقف ونفس تواقة للمزيد من الرقي
أستاذ صدى صوت تشكرااتي لك على طرحك الرائع
بحق اعجبني وفيه عذاء بكميات هائلة للعقول الراغبة في زيادة ثقافتها
اهنئك على روحك المثقفة

قرأت العديد من الكتب
للكاتب : ابراهيم الفقي / خبير التنمية البشرية
وتركيزي الأكثر على كتب القصائد الشعرية
لم انجح إلى الأن في تلخيص احد تلك الكتب
وطرحك هذا افادني في عملية التلخيص

تشكراتي

اهلا وسهلا فيك اختي الغاليه حلم يرتجى التحقيق .. اشادتك تاج على الرأس .
الهدف من هذا الموضوع هو تسهيل عملية البحث عن كتب مختلفه و ايجاد كتب ذات قيمة ملخصه بطريقه جيدة ..
شكرا اختي سعدت بحضورك الراقي

صدى صوت
02-08-2015, 12:23 AM
تلخيص كتاب الرحيق المختوم:-

الكتاب عبارة عن بحث في السيرة النبوية، قدمه فضيلة الشيخ صفي الرحمن المباركفوري في مؤتمر أقامته رابطة العالم الإسلامي، وقد حاز على الجائزة الأولى في مسابقة ذلك المؤتمر.
يعد من أهم الكتب التي أثرت خزانة الفكر الإسلامي والسنة النبوية، كما أنه من أكثر كتب السيرة مبيعاً بين أواسط طلاب العلم الشرعي.
يقع الكتاب في ثمانية فصول رئيسية، تحتها الكثير من المتفرعات، حيث بدأ المؤلف كتابه بالتحدث عن العرب وأصلهم، وحياة الجاهلية، وسألخص كل فصل من الفصول على النحو الآتي:
الفصل الأول: موقع العرب وأقوامها :

جزيرة العرب يحدها من الغرب البحر الأحمر، ومن الشرق الخليج العربي والعراق، ومن الشمال بلاد الشام، ومن الجنوب بلاد الهند. هذه هي جزيرة العرب وموقعها، وأما أقسام العرب فثلاثة:

العرب البادئة.
العرب العاربة.
العرب المستعربة: وإبراهيم -عليه السلام- من هذا القسم، وكذلك ولده إسماعيل وأولاده حتى الحبيب محمد -صلى الله عليه وسلم-.
الفصل الثاني: الحكم والإمارة في العرب :

كان هناك ملك وإمارة في اليمن حيث قوم سبأ، وتملكهم بلقيس.
وكان ملك للعرب في الحيرة بالعراق على يد الإسكندر المقدوني.
وكان ملك بالشام، توالى عليه العديد من الملوك، آخرهم جبلة بن الأيهم.
وكان على الحجاز إمارة وملك منذ زمن إسماعيل -عليه السلام-، حتى وصلت زعامتها إلى قريش.
الفصل الثالث: ديانات العرب :

كان للعرب مراسم يعبدون خلالها الأصنام، وهي:

أنهم كانوا يعكفون عليها، ويلجأون إليها في نفعهم وضرهم.
وكانوا يحجون إليها.
ويتقربون إليها بالنذور والقرابين.
البحيرة والسائبة والوصيلة والحام.
وأما الحالة الدينية التي تسودهم، يدعون أنهم على دين إبراهيم، رغم كل مظاهر الشرك! وكان قليل منهم من ينتسب لليهود أو النصارى؛ ويواليهم ويتبع ملتهم.

الفصل الرابع: صور من المجتمع العربي الجاهلي :

كانت الحالة الاجتماعية مبنية على العصبية القبلية، والتمايز بين اللون، والجنس، والعرق؛ لذلك كان إذا سرق الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد، كما كانت الفوضى تعم شريعتهم، في الزواج لا حدود، وفي الميراث، وفي كل الأمور.
أما الحالة الاقتصادية فقد تبعت الحالة الاجتماعية، فكبار القوم وساداتهم هم التجار، وأصحاب الأموال، لهم سوق مميز واسمه عكاظ. كما كانت تجارتهم صيفاً بالشام، وشتاءً باليمن.
الفصل الخامس: نسب النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- :

ذكر المؤلف نسب الحبيب المصطفى من اسمه حتى وصل به إلى بني عدنان أولاً، مروراً بإسماعيل -عليه السلام-، وانتهاءً بأبي البشر آدم -عليه السلام-.
ثم ذكر الأسرة النبوية، الهاشمية؛ نسبة إلى جده هاشم بن عبد مناف، الذي تولى الرفادة والسقاية، وذكر نبذة عن جد النبي عبد المطلب، الذي كان سيد قريش، وحامي الحرمين، وعرج على قصة عام الفيل وهدم الكعبة، ثم تحدث عن عبد الله والد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنه لقب بالذبيح؛ لأن عبد المطلب نذر أن يذبحه لما أتم العشرة أولاد.
الفصل السادس: المولد وأربعون عاماً قبل النبوة :

تحدث فيها المؤلف عن نشأة النبي -صلى الله عليه وسلم-، في بني سعد أولاً، ثم عودته لأمه، إلى أن ماتت، فكفله جده حتى مات، ثم أصبح تحت رعاية عمه أبو طالب.
ذكر المؤلف بعدها الأحداث التي شارك فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل البعثة، ومنها: حرب الفجار، وحلف الفضول، وقضية التحكيم، وبناء الكعبة، وتكلم عن زواجه بخديجة -رضي الله عنها-، ثم ساق سيرة إجمالية قبل النبوة.
الفصل السابع: في ظلال النبوة والرسالة :

في غار حراء، حيث كان يتعبد، نزل عليه الوحي جبريل، فحمل هم الدعوة والرسالة من يومها، وكان عمره آنذاك أربعين عاماً، وكانت زوجته خير صاحب ومساند له في تلك الفترة، ثم بدأ يرى رؤى صادقة، حتى علم أنه رسول رب العالمين؛ ليخرج الناس من الظلمات إلى النور.
وتكلف -صلى الله عليه وسلم- بالدعوة إلى الله، وأن يصدع بها، حتى بدأت مرحلة الدعوة سراً.
الفصل الثامن: أدوار الدعوة ومراحلها :

الدور المكي: بدأت الدعوة سراً، حتى اجتمع للنبي عدد من الصحابة المؤمنين، فصعد أعلى جبل في مكة، وصدع بالدعوة، فبدأ الأذى يحيط به وبالمسلمين، حوصروا، وأوذوا، وقتلوا، حتى أمروا بالهجرة للمدينة.
الدور المدني: استمرت دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر سنوات بالمدينة، ثم قويت شوكة المسلمين، وأصبح للإسلام دولة وشعائر، وأصبح الناس يرهبونهم، فأتم الحبيب ما عليه، وأدى الرسالة، وبلغ الأمانة، فاصطفاه ربه إلى جواره.

صدى صوت
05-08-2015, 11:19 AM
تلخيص كتاب :
(حوار مع صديقى الملحد)


الباب الأول
لمْ يلد ولمْ يولد
المدخل الفلسفي

*
يسأل الملحد صديقه المؤمن سؤاله الكبير إن كان الله هو الخالق فمن خلق الله ؟

فيجيب المؤمن بأن المحدود لا يستطيع إدراك اللامحدود
قائلا ً بأن القوانين المخلوقة لا تسير على المشرع الخالق المؤسس لها , ويضرب مثلا ً مضحك جميل وهو أن هذا السؤال أشبه بالعرائس التي تتحرك بالزنبرك وتتصور أن الإنسان الذي صنعها يتحرك مثلها بالزنبرك , فإذا قلنا لها بأنه يتحرك من تلقاء نفسه . قالت بأنه يستحيل أن يتحرك شيء من تلقاء نفسه إن كل شيء بعالمي يتحرك بالزنبرك !.

ثم يتابع حواره مستدلا ً بــ عمانويل كانت, وأرسطو, وبن عربي, ثم ينتهي بالحديث القدسي (أنا يستدل بي .. أنا لا يستدل عليّ )
*
يسأل الملحد صديقه المؤمن , لم َ يتصور أن هناك إله واحد فقط ؟

ويجيب هنا المؤمن جواب جميل رائع يستدل به بالكون ذو الخامة الواحدة والتناغم الواحد المتعدد الأشكال, قائلا ً بأن الإيدروجين هو مكون العناصر الـ 92 , كما أن جميع الكائنات الحية مكونة من الكربون , وأن الخريطة التشريحية لها جميعا ً متشابهه فالزرافة لها سبع فقرات في رقبتها تماما ً كالقنفذ !.

الباب الثاني
إذا كان الله قد قدّر عليّ أفعالي فلمَ يحاسبني ؟
المدخل القدري

*
يسأل الملحد صديقه المؤمن , إن كان الله قدر علي أعمالي فلمَ يحاسبني عليها ؟
فيجيبه المؤمن بأن أعمال البشر موجودة عند الله بعلمه النهائي ولكنها ليست مكتوبة عليهم جبرا ً ثم يضرب على هذا مثلا ً ويقول , كأنك تعلم بأن لك ولد سيقترف ذنبا ً ولكن لم تأمره بأن يقترفه وبعد حين يقترفه فعلا ً
*
ثم يقول له صديقه الملحد . لا تقل لي بأني مخير فأنا لم أختر أن أولد ولم أختر أن أموت ولم أختر شكلي ولا جنسي ولا عرقي ولا لوني.. فكيف أكون مخيرا ً ؟
فيجيبه المؤمن , أنت لا تملك حرية التصرف بالكون وأنت وأنا أحد مخلوقات هذا الكون, فهو للملك , ولكنك تملك حرية التصرف بالجسد الذي أعطيت إياه أيا كانت لو بشرتك وأيا ً كان جنسك وعرقك , فأنت حر في أن تلجم شهواتك أو أن تطلق لها العنان وهذا ما سيحاسبك الله عليه, ولن يحاسبك لمَ كنت أبيضا ً أو أسودا ً, أو ذكرا ً أو أنثى. وهناك دليل داخلي على هذه الحرية وهو الضمير, فأنت حين ترتكب العمل السيئ تشعر بالمسؤولية وحين تقوم بالعمل الطيب تحس بالزهو.

الباب الثالث
لماذا خلق الله الشر ؟
المدخل الغائى الغاية من الشر
*
يسأل الملحد صاحبه قائلا ً , إن كنتم أيها المؤمنون تقولون بأن الله هو الخير وهو العادل فلمَ خلق الظلم والشرور والأمراض والزلازل والبراكين والحروب ؟

فيجيب المؤمن بأن الله لمْ يأمر بالظلم والشرور ولكنه سمح بها , لتكون للحرية إرادة فاعلة مختارة بين الصواب والخطأ, وبأن بالخطأ يعرف الصواب وبالشر يعرف الخير , وبأن طبيعة الأشياء هي الخير وأن الشرور حوادث طارئة , كالصحة التي هي أصل والمرض الذي هو عارض , واستقرار الأرض منذ خلقتها لا يقارن بالزلازل التي لا تستمر إلا ّ لثواني , وأن الشعوب تعيش بسلام لسنين وربما لقرون ثم تتحارب لسنوات.
ومن ثم يقول له بأن حتى في حدوث الشرور تأتي الخيرات, فالزلازل تعيد هيكلة القشرة الخارجية للكوكب لتمنع الكوارث العظمى , والبراكين تخرج الثروات المخبوءة وتنفس عن ضغط الكوكب فلا ينفجر, والحروب تعيد تشكيل المجتمعات لتتطور وتتقدم.. وهكذا . ثم يختم الباب بعبارة جميلة عميقة ( خير من الله, شر من نفوسنا )

الباب الرابع
ما ذنب الذي لم يصله القرآن ؟
مدخل المسؤولية
*
يسأل الملحد , وما مصير الإنسان الذي لم يصله القرآن ولم ينزل عليه كتاب ولم يأته نبي ؟ ما ذنبه ؟ وما مصيره عندكم يوم الحساب ؟ مثل أحد سكان القطبين ؟ أو أحد سكان غابات أفريقيا ؟
فيجب صاحبه المؤمن , بأن كل أمة أتى لها رسول مبلغ ومنذر مستشهدا ً بقول الحق سبحانه وتعالى ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا ) 36 النحل. وأن هناك آلافا ً من الرسل لا نعرف عنهم شيئا ً. والجميل في هذا الباب أن الرجل المؤمن يخبر صديقه بأن الله قد يوحي بالكتب وقد يوحي بالنور يلقيه في قلب العبد أو الانشراح يضعه في صدره أو الحكمة أو الفهم أو الحقيقة الذي يرشدها له ويهديه إليها. ثم يقول لصاحبه بأنه لا يدري لعل نظرة ينظر بها رجل زنجي أو من شعب الاسكيمو إلى السماء بقلب صافٍ سليم تكون كصلاة العباد طوال حياتهم. ثم يذكر قول الحق جل في علاه ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا ً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) 62 البقرة
ثم يختم الحوار بسؤال مؤلم لصديقة الملحد قائلا ً له , بأنك تعرف القرآن والإنجيل والتوراة ولكن هذا لم يزدك إلاّ إنكارا ً فهل تظن بأن حالك سيكون كحال من يعيش في القطب الجنوبي أو في أحد مجاهل غابات أفريقا يوم الحساب؟.


الباب الخامس
الجنة والنار
الجريمة والعقاب

*
يقول الرجل الملحد لصاحبه المؤمن , كيف يعذبنا الله, بسبب ذنب محدود في الزمن القصير بعذاب غير محدود في الأبد ؟ ولم َ ينتقم منا كل هذا الانتقام والإنسان ليس إلا ذرة أو هباء مقارنة بالكون ؟

فيجيب المؤمن, بأننا لسنا هباء ولا ذرة بالكون بل شأننا عظيم عند الله فهو الذي نفخ فينا من روحه وأسجد لنا الملائكة وسخر لنا كل شيء وأورثنا الأرض ببرها وبحرها وسمائها وقال عنا سبحانه ( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضلا ) 70 الإسراء
إننا قد نبدو كذرة بأجسادنا في الكون ولكننا نحوي الكون بفكرنا وعقولنا وأننا بالنظر إلى أرواحنا نحوي الكون كله, لذا قال المفكرون بأن الكون صفحات والإنسان هو كتابه الجامع.

أما عن الذنب المحدود في الزمن ومقابله من العذاب اللامحدود في الأبد فلقد أجاب الله عليه حين قال ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ) 28 الأنعام
أي أن ذنبهم ليس ذنبا ً محدودا ً بالزمن, بل خصلة ثابتة سوف تتكرر في كل زمن.


ابن النعمان تقول:
Wed 01-06 Jun-2011
افتراضي


الباب السادس
الدين أفيون الشعوب
الصراع الطبقي
*
يسأل الملحد , أوَليس الدين هو من يعد الطبقة الفقيرة بالجنة والحياة بعد الموت ليرضوا بفقرهم وحياتهم البائسة تاركين الأغنياء يتمتعون بنعيمهم بحجة أنه من حقهم وأن الله خلق الناس درجات ؟ ألا يمكن ألاّ يكون قد جاء من السماء ولكنه أتى من الأرض لكي يحقق سيطرة طبقة على طبقة أخرى ؟

يجيب صاحبه بأن لو كان أفيونا ً لكان يحلل من المسؤوليات ويهرب منها , ولكنه بعكس ذلك فهو تكليف وأعباء على معتنقه أن يقوم بها, وبأنه لم يأتِ لكي يصهر الطبقات كما تفعل الاشتراكية أو ليجعل بعضها تستعبد بعضها كما تفعل الرأسمالية, بل أتى ليحقق التكامل بينها ليصبح المجتمع الإنساني متناسق مع الكون المتكامل بعضه مع بعض. فالغني عليه دفع الزكاة للفقراء وليس دفع الضريبة للدولة كما في المجتمع الرأسمالي. وهو يستطيع تكوين ثروته الخاصة ليس كما في المجتمع الاشتراكي. لذا يعيش الغني والفقير في تكامل وتساوي بالفرص. ولو كان أتى من الأرض من أجل تحقيق سيطرة طبقة على أخرى لما كان للفرد فيه كل هذا الاهتمام والاحترام, فالفرد بالإسلام يساوي الإنسانية كلها , قال الحق جل في علاه ( من قتل نفسا ً بغير نفس أو فسادا ً في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ً. ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ). 32 المائدة . ولو كان أتى ليشرع سيطرة طبقة على طبقة لما قال الله ( ولا يتخذ بعضنا بعضا ً أربابا ً من دون الله ) 64 آل عمران.

الباب السابع
وحكاية المرأة مع الإسلام
مدخل المساواة بين الجنسين
*
قال الرجل الملحد لصديقه المؤمن , ألا ترى بأن الإسلام موقفه رجعي مع المرأة ؟ فهناك تعدد الزوجات , وبقاء المرأة في البيت , والحجاب, والطلاق الذي في يد الرجل , وحكاية ما ملكت أيمانكم ؟

فما كان من صاحبه المؤمن إلاّ أن قال له , الإسلام الذي خصصته بالاتهام دون بقية الأديان بالرجعية في معاملة المرأة في الحقيقة هو الدين الذي أنصفها, فبداية بقضية تعدد الزوجات فهو لم يشرعه إلا بشرط وهو في قوله تعالى ( وإن خفتم ألاّ تعدلوا فواحدة ) 129 النساء. فالعدل أساس في التعدد, كما أن التعدد في صالح المرأة كما هو في صالح الرجل, فهو أفضل من تعدد " العشيقات " الذي يمارس في الغرب والذي ينتج أبناء السفاح والخيانات الزوجية. كما أن المرأة التي تظن بأن الإسلام يظلمها بهذا الأمر تعرف أن الرجل متزوج بامرأة أخرى, لذا فأنت تنظر لطرف واحد وهو المرأة الأولى وعلى هذا تبني حكمك بأنه ظلم النساء جميعا ً, ولكن ماذا عن الزوجة الثانية ؟ أليس الإسلام قد أنصفها وأعطاها الحق بدل أن تكون مجرد "عشيقة " ؟ ألم يجعلها بدل ذلك تتمتع بالأمان الأسري والعاطفي وحق الإنجاب وتربية الأطفال؟ . أما قضية بقائهن بالبيوت فقد قال الحق ( وقرن في بيوتكن ) 33 الأحزاب. وهو موجه لأمهات المؤمنين زوجات النبي عليه الصلاة والسلام ليكن القدوة العليا لبقية المؤمنات. ومع هذا نجد المرأة في الإسلام شاركت زوجها بكفاحه وساعدته, فلقد ذهبن أمهات المؤمنين مع النبي الأكرم في غزواته وحروبه. وفي السيرة النبوية تجد المؤمنات يساعدن أخوانهم المؤمنين ويطببن جراحاتهم في الحروب. والإسلام لا يمنع المرأة التي تحتاج لأن تخرج وتعمل. ولكنه أعطاها مهمة عظيمة كمهمة الرجل ولعلها أعظم وهي تربية الإنسان وصنعه, وأنظر يا صديقي في حال المجتمعات التي تتغني بها حيث تعمل المرأة لتنافس زوجها بالكسب ويرمى الأولاد بالحضانات وكأنهم أيتام لا يذوقون نعيم الحنان ولا أمان حب أمهم كيف يكبرون ليصبحوا مشوهين عاطفيا ً. أما عن الحجاب فالإسلام دين واقعي وعملي ويعرف أن المرأة أجمل من الرجل وأضعف منه جسديا ً وأرق منه عاطفيا ً لذا يقوم بحمايتها بسترها, لذا تجد جرائم الاغتصاب في المجتمعات الإسلامية لا تقارن عدديا ً بمثلها بالمجتمعات المنحلّة. أما الطلاق فهو ليس في يد الرجل فقط, فتستطيع المرأة أن تطلب الطلاق بالمحكمة تماما ً مثل الرجل. والإسلام يعطي المرأة مالا تعطيه أي ديانة ولا أي مجتمع في الزواج, فهو الدين الوحيد الذي يشترط المهر ولها الحق في التصرف في أملاكها ولا تفقد اسم عائلتها بعد زواجها. كما أن النفقة لا تجب عليها بل على الزوج. أما حكاية ( ما ملكت إيمانكم ) فهي تجر إلى السؤال عن (الرق ). والإسلام لم يدعو إلى الرق بل إلى تصفيته والتقليل منه, ففي كل كفارة تجد ( تحرير رقبة ) وهو الذي منع تحويل الأسرى إلى رقيق كما كانت تفعل جميع شعوب الأرض , حيث قال الحق سبحانه ( فأما منا بعد وأما فداء ) 4 محمد . أي فما أن تمن عليه وتطلق سراحه أو أن تطلب منه الفدية ليطلق سراحه. ثم حين تصل إلى الرق في المعاشرة فالإسلام حرمها إلا على سيدها فقط, فهي لا تحل للسيد ولابنه وإذا أنجبت منه ولدا ً فإنها تصبح حرة.

الباب الثامن
الروح
محاولة لمس مالا يلمس
*
قال الملحد لصاحبه , ما دليلكم على أن الإنسان له روح ؟ أي أنه ليس مجرد جسد من ذرات؟

فقال له صاحبه, لقد أثبت الله لنا الروح لأنه ذكرها في كتابه ولكنه أخبرنا بأننا لن نستطيع أن نعرف ماهيتها لأنه قال سبحانه ( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلا )85 الإسراء. ولكن سأضرب لك مثلا ً بسيطا ً , وهو لو كنت راكبا ً بقطار يسير بنعومة على سكة الحديد , فما كنت لتعرف بأنه يتحرك إلا إن نظرت من خلال النافذة للعالم خارجه. وكذلك أنت لا تستطيع رؤية دوران الكوكب إلا بالقمر الصناعي الذي يطير فوقها, وهكذا الشيء لا يدرك إلا بالخروج عنه. إذا ً أخبرني كيف كان يصح لنا أن ندرك الزمن لو أننا كانا مجرد أجساد وكائنات زمنية ؟. ألا يعني هذا أن لنا وعي أكبر يتخذ الخلود منبعا ً له ليراقب به تغير الأشياء الزمنية؟
حينها سأل الملحد مرة ثانية , إذا ً وما موقف دينكم على قضية تحضير الأرواح ؟
فقال له صاحبه , ديننا يخبرنا أن هناك عالما ً آخر يسمى البرزخ تستقر بها الأرواح بعد مرورها بعالم الحياة الدنيا, وأن أرواح المؤمنين قد تزور أحبابها حين يأذن الله لها بالمنام أو بغيره, وأن تحضير الأرواح ليس إلاّ دجل, وإن كان هناك نوع من التواصل فهو ما يقول عنه الهنود بأن الأرواح السفلية هي من تأتي لتضحك وتسخر من البشر الحاضرين لتلك الجلسات, فهم _ أي تلك الأرواح _ تعلم شيئا ً عن الميت الذي يريد البشر تحضير روحه ويدعون بأنهم هم أرواح لأولئك البشر. ونحن كمسلمين نقول بأنه قد يكون هو القرين من يأتي في تلك الجلسات ليدعي بأنه روح الميت فيقلد صوته ويتقمص شخصيته ليسخر من الجهلة. والقرين هو الجني المصاحب للإنسان, ونحن نعلم بان الجن يعمرون أكثر من البشر. وهم يسخرون من البشر لكرههم لهم, أما الجن المؤمن فهو يترفع عن هذا بالأساس. ولي بذلك مثال , فلو أنك قرعت جرس المكتب فسيأتي لك الخادم ليجيبك لا السيد. ولعلك تسخر من هذا ولا تصدقه, وأنا أتفهم هذا , تماما ً كما أتفهم شعور رجل عاش قبل مائة سنة حين أخبره بأن هناك موجات بالهواء فيها أصوات وصور, وبأن هناك أشعة تستطيع اختراق الحديد والعظم وتكشف ما خلفها.

الباب التاسع
الضمير
القاضي الداخلي
*
قال الملحد , أنتم تتحدثون عن الضمير بتقديس كما لو أنه شيء مطلق , مع أنه صنيعة المجتمع ؟

فما كان جواب صاحبه ألا أن قال , الخطأ الأكبر في تصورك بأن الضمير صنعه المجتمع ليحمي نفسه من تصرفات الأفراد, وليس دليلا ً على كلامي هذا أكثر من أن الضمير هو شيء داخلي يرافق الإنسان منذ الطفولة وحتى المشيب, منذ الصباح حتى يضع رأسه على الوسادة. فلو كان صنيعة المجتمع لظهر في الجماعة واختفى في تفرد الشخص بنفسه, ولكنه لا يفعل. كما أنه ليس بصنيعة المجتمع لأنه دائما ً ما يحمي الفرد من ظلم المجتمع بقدر ما يحمي المجتمع من ظلم الفرد.


الباب العاشر
هل مناسك الحج وثنية ؟
الإيمان للتناسق مع الكون
*
قال الملحد , ألا تلاحظ أن مناسك الحج وثنية صريحة ؟ ذلك البناء الحجري الذي تسمونه الكعبة وتطوفون حوله, وحكاية السبع طوافات والسبع هرولات والسبع رجمات . وثوب الإحرام الذي تلبسونه على الجسد العاري ؟

قال له المؤمن , في قوانين المادة تعلم أن الأصغر يدور حول الأكبر, فالإلكترون يدور حول النواة, كما يدور القمر حول الأرض وهي حول الشمس والأخيرة حول المجرة التي تدور بدورها حول مجرة أكبر وهكذا إلى أن نصل للأكبر المطلق ( الصمد ) وهو الذي لا يتحرك ولا يتغير ولا يدور على شيء وهو الله سبحانه. لذا تجدنا نقول دائما ً ( الله أكبر ). وأنت الآن تطوف حول الكون مثلنا ولكنك مجبر بينما نحن أقررنا هذا الطواف وجعلناه حبا ً بالله. ونطوف حول الكعبة لأنها أول بيت وجد لعبادة الله كما اخبرنا هو سبحانه. أما عن حكاية الأرقام فكل شعوب الأرض اتفقت دون اجتماع أو تشاور أن هنالك سبعة أيام, وللطيف سبعة درجات وللسلم الموسيقي سبع درجات, والإلكترون يدور حول النواة في سبع نطاقات والجنين لا يكتمل إلا بالشهر السابع. فهل كل هذه مصادفة أم أنها طقوس وثنية أخرى ؟ أما ثوب الإحرام فهو ليخرج البشر من اختلافاتهم ويوحدهم أمام الرب, غنيهم وفقيرهم, فهي رسالة لهم بأنكم عند الرب متساوون


ابن النعمان تقول:
Wed 01-06 Jun-2011
افتراضي

الباب العاشر
هل القرآن من تأليف محمد ؟ *
_ من أجمل أبواب الكتاب في نظري ولقد لخصته بشدة وعلى من يريد الاستزادة أكثر فعليه قراءته من الكتاب نفسه _
قل الرجل الملحد لصاحبة , لمَ لا يكون القرآن من تأليف محمد ؟ فرجل بعظمة محمد لا يستغرب عليه أن يأتي بكتاب عظيم كالقرآن.

فقال له صاحبه بأنه يستحيل أن يكون بشريا ً لأنه ليس بالشعر ولا بالنثر بل أن بعد نزول القرآن صنف علماء اللغة كل النصوص إلى شعري أو نثري أو " قرآني " أي أنه سبك لم يأتي من قبل بمثله ولن يأتي بعده مثله. ولو كان من محمد عليه الصلاة والسلام فكيف تفسر الآيات التي يعاتبه الله فيها مثل ( عبس وتولى ) ولو كان من عنده لوجدت فيه ولو آية واحدة عن همومه وأحزانه ولقد ماتت زوجته التي هي أول من آمن به وعمه الذي يحبه وليس لهما ذكر بالقرآن. بل حتى ابنه إبراهيم الذي يحبه كثيرا ً مات ولم يذكر خبره بالقرآن. ولو أنه من تأليفه فكيف تفسر كل هذا الإعجاز على جميع الأصعدة من بلاغي ولغوي وعلمي بجميع صنوفه الطبيعية والإنسانية. كيف تبرر هذا التحدي في القرآن بأن يتحد الإنس والجن أن يأتوا ولو بآية واحدة مثله.

الباب الحادي عشر
القرآن لا يمكن أن يكون مؤلفا ً
*
في هذه المرة ابتدأ المؤمن صاحبه الملحد بالحديث , قائلا ً بأنهما تحدثا بالأمس عن القرآن وعن شكوك صاحبه بأن يكون من عند محمد عليه الصلاة والسلام. لذا سيكمل من حيث انتهيا بالأمس محدثا ً صاحبه عن اللمحات العلمية في القرآن لاستثارة عقله العلمي.

فقال له , تعلم بأن القرآن نزل قبل أكثر من 1400 سنة, ومع هذا فقد تعرض لجميع العلوم ولكن عن طريق اللمحات والإشارات التي تنير العقل, فلو توقف عندها بالشرح لصدم تلك العقول التي عاصرت نزوله ولما أدرك العرب أي شيء منه, كما أنه ليس بكتاب علوم فقط , بل هو كتاب عقيدة وتشريع ومنهج, فهو يظهر من آياته لكل جيل وعصر ما يناسبهم وقد قال الحق سبحانه ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق, أوَلم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ؟ ) 53 فصلت.

خذ عندك مثلا ً تكوير الكوكب , أوَلم يقل الله ( يكوّر الليل على النهار ويكور النهار على الليل ) 5 الزمر . وقال سبحانه ( حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا ً أو نهارا ً فجعلناها حصيدا ً كأن لم تغن بالأمس ) 24 يونس. وقوله (ليلا ً أو نهارا ً) يعني أنه إن كان ليل في أحد نصفي الكوكب فهو نهار في النصف الآخر. وأيضا ً يقول الحق ( رب المشارق والمغارب ) 40 المعارج . ويقول ( رب المشرقين ورب المغربين ) 17 الرحمن. ولو كانت الأرض مسطحة لكان هناك مشرق واحد ومغرب واحد. وأيضا ً في القرآن يصف الله حديث العبد مع شيطانه يوم القيامة قائلا ً ( يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين ) 38 الأعراف. وأبعد ما تكون المسافة بالأرض هي بين المشرقين نتيجة لكرويتها.

ثم تعال لأحدثك قليلا ً عن الجبال , ألم يقل الحق عنها بالقرآن ( وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء ) 88 النمل. وهي إشارة صريحة أن الجبال تسبح بالفضاء وبالتالي فالأرض كلها بجبالها تسبح بالفضاء. ولكن لو قلت هذا للبشر قبل 500 سنة لفزعوا منك فما بالك بالبشر قبل 1400 سنة.

ماذا عن السماء ؟ ألم يقل الحق عنها ( والسماء ذات الحبك ) 7 الذاريات . فالحبك تعني الطرائق, والآن علماء الفلك يعلمون أن السماء أشبه بطريق سريع والأقمار والكواكب والنجوم والمجرات . والحبك تعني أيضا ً النسيج المحكم, وهذا ما عرفه الإنسان بعد اختراعه للتلسكوبات العملاقة التي تكبر الصور لملايين المرات. وأيضا ً فيما يتعلق بالسماء فقد قال الحق ( والسماء ذات الرجع ) 11 الطارق. أي أنها ترجع كل ما يرتفع إليها, فبخار الماء ترجعه مطرا ً, وترجع الأجسام بالجاذبية الأرضية, وترجع الأمواج اللاسلكية بانعكاسها من طبقة الايونوسفير, كما ترجع الأشعة الحرارية تحت الحمراء إلى الأرض فتدفئها بالليل. وهي كما تعيد ما يرتفع من الأرض لها في أيضا ً ترجع ما يأتي من الإشعاعات من الفضاء الخارجي فلا يدخل الأرض مسببا ً الكوارث فهي تتصرف وكأنها سقف. ألم يقل الحق ( وجعلنا السماء سقفا ً محفوظا ) 32 الأنبياء. وأيضا ً قال سبحانه (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون) 47 الذاريات. وهو ما يعرف الآن باسم تمدد الكون المضطرد.

ماذا عن الذرة يا صديقي, ألم يكن الاعتقاد البشري بأنها أصغر مثقال, وأنها جوهر الفرد فلا ينقسم ؟ . ولكن بالقرآن قال الحق ( لا يغرب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر ) 3 سبأ. فمن كان يعلم ذاك الوقت أن الذرة قابلة للكسر والقسمة ؟

الباب الثاني عشر
شكوك
هل القرآن متناقض ؟
*
سأل الملحد صاحبه , تقول أن القرآن لا يناقض نفسه فما بالك في بهذه الآيات ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) 29 الكهف. والآية الأخرى التي تناقضها ( وما تشاءون إلا أن يشاء الله ). 30 الإنسان. أوَليس هذا بتناقض ؟

قال صاحبه , هذا دليل على الحرية, فالله يخبرنا بأن لنا الخيار بأن نكون مؤمنين أو كافرين, ولكنه يخبرنا أيضا ً أن هذه الحرية لمْ نأخذها غصبا ً من الله بل هو من أعطانا إيّاها بمشيئته, أي أن حرية العبد ضمن مشيئة الرب وليست ضدها, فهو أراد لنا أن نكون مخلوقات مفكرة تختار بنفسها الإيمان أو الكفر, فالكفر يناقض رضا الرب ولكنه لا يتحدى مشيئته.

حينها قال الملحد حسنٌ ماذا عن كلام القرآن عن العلم الإلهي ففي القرآن ( إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا ً وما تدري نفس بأي أرض تموت ) 34 لقمان. يقول القرآن أن الله اختص نفسه بهذا العلم لا يعلمه غيره, فما بالك الآن بالأطباء ينظرون ما في الأرحام ويعلمون إن كان ذكرا ً أو أنثى ؟ وما بالك بالعلماء الذين يستطيعون إنزال المطر الصناعي عن طريق الأساليب الكيميائية ؟.
أجابه صاحبه, بأن الأطباء يستطيعون أن يعلموا إن كان المولود ذكر أو أنثى, ولكن ليس هذا هو العلم الذي اختص الله به نفسه, فهو علم محيط يعلم ما سيكون شأن ومصير هذا المولد منذ أول يوم له حتى آخر يوم له.

ثم إن القرآن لم يتكلم عن إنزال المطر, بل عن "الغيث" وهو ما ينفع الناس لذا سمي غيثا ً وهو الذي يغير مصائر المناطق والدول والأمم, بينما المطر قد يكون ضارا ً وقد يكون نافعا ً لذا تجد في القرآن ذكر الغيث مع الرحمة والخير والمطر يوافق العذاب والعقاب. قال الحق (وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد ) 28 الشورى. وقال سبحانه عن المطر (وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين ) 173 الشعراء.
قال الملحد بعد هذا لصاحبه, إذا ً أخبرني لم َ يريد الله أن نعبده فهو الذي قال ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) 56 الذاريات ؟ هل هو بحاجة أن نعبده ؟
قال له صاحبه, مفهوم العبودية البشري غير الإلهي, فالسيد هو المستفيد من عبده في عبودية البشر, أما بالعبودية الإلهية فالعبد هو المستفيد بعبوديته من سيده. فالرب سبحانه لمْ يخلق الجن والإنس إلا ليعطيهم ويحبهم ويرحمهم ويكرمهم ويشرفهم بالخلافة على الأرض. فالله هو الغني سبحانه عن مخلوقاته كلها, فهو يخبرنا أنه لمْ يخلقنا لنعطيه شيئا ً بل لنأخذ منه, فالصلاة عبادة وهي تفيد المخلوق ولا تفيد الخالق سبحانه ولا تضره, والدعاء له عباده وهي تفيد العبد لا المعبود سبحانه, وطلب العلم عبادة وهي ككل الأشياء لا تفيد إلا العبد لا المعبود.

الباب الثالث عشر
موقف الدين من التطور
آدم أم شمبانزي ؟
*
قال الملحد, كيف تثبت لي أن الله هو من خلق الإنسان بهذا الشكل على طريقة " جلا جلا " _ يقصد بـ جلا جلا أي طريقة غير مقنعة غير عقلية وغير قابلة للتصدق _ ولمْ يأتي عن طريق التطور ؟ لم َ تريد أن توهموا البشر بأن أب الإنسان آدم وليس الشمبانزي ؟
أجابه المؤمن, نحن لا نقول أننا خلقنا على طريقة ( جلا جلا ) كما تقول ولقد ذكر لنا الله سبحانه في القرآن آيات كثيرة يخبرنا عن أطوار خلقنا ومراحله منها قوله جل وعلا ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ) 12 المؤمنون. وبأنه لم يكن قبل هذا الخلق شيئا ً وقد قال الحق ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا ً مذكورا ) 21 الإنسان. وقال عن أطوار خلقنا سبحانه ( مالكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا ) 13-14 نوح. يا صاحبي إننا نحن المؤمنون من ننظر لنظرية التطور على أنها نظرية ( جلا جلا ) فعلم القانون يقول بأن البينة على من أدعى, فأين بينتكم ؟ أعطني طورا ً واحدا ً وحيدا ً يربط الإنسان بالشمبانزي. الدول الغربية الغنية تمتلك جامعاتها ومراكز أبحاثها الملايين وتمتلك أحدث أجهزة التنقيب والفحص والكشف ومع ذا كله لم يجدوا منذ القرن الثامن عشر حتى مستحاثة أو هيكل عظمي واحد ليثبوا به هذه النظرية. هذا ولو استخدمنا علما ً مثل الرياضيات لهدمت النظرية على رؤوسكم, فأنتم تقولون بأن الحياة والأشياء أتت عن طريق الصدفة أي أن البروتين تطور إلى خلية عن طريق الصدفة وأن الخلية تطورت إلى عديدة الخلايا عن طريق الصدفة أيضا ً وان عديدة الخلايا تطورت إلى كائن عن طريق الصدفة وأن هذا الكائن تطور إلى عدت كائنات عن طريق الصدفة وهلم جرا . ويبلغ عمر كوكب الأرض كما تقولون أنتم 4500 مليون سنة فلو استخدمت قانون الاحتمالات في الرياضيات وحاولت قياس احتماليات تطور هذه الأشياء صدفة ً فستجد أنها ستستغرق تريليونات الملايين من السنين إلا إن أتت جميعها عن طريقة (الصدفة) , فأخبرني بالله عليك كيف تحدث كل هذه الصدف وراء بعضها البعض صدفة ً ؟. فسبحان الله ( الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ) 50 طه .

الباب الرابع عشر
كلمة لا إله إلا الله
معنى كلمة الإخلاص
*
قال الملحد لصاحبه, أخبرني لم َ ترددون هذه الكلمة ( لا إله إلا الله ) وتطبعونها على العملات وتعلقونها على الجدران وتستقبلون بها الوليد وتودعون بها الميت . لم َ كل هذا الترديد المبالغ لها ؟

قال له صاحبه, حسنا ً يا صاح فكر معي قليلا ً في هذه العبارة, فهي تحمل النفي والاستثناء, نفي وجود إله, ثم إقرار بوجود إله واحد. والإله تعني المعبود, فتكون ( لا إله ) أي لا معبود, ثم يأتي الإثبات والاستثناء وهو ( إلا ّ الله ) أي لا معبود بحق إلا ّ الله. وهنا يكمن المنهج الرباني الذي يكرم الثقلين الجن والإنس بالكرامة والحرية من عبادة آلاف بل ملايين الأشياء والتذلل والخضوع لها. فالله يخبرنا ألا ّ أحد يستحق العبادة سواه لأنه هو الإله الوحيد المتحكم بكل شيء, لذا نكتبها على العملات الذهبية والورقية كي نذكر أنفسها فلا نعبدها, ولذا نكتبها ونعلقها على جدران البيوت لنخبر أنفسنا أننا لا نعبدها, فالإنسان عادة يعبد نفسه وشهواتها, ولذا نقولها في كل مكان وفي كل زمان وأمام كل شيء, لا للرئيس, لا للنساء الجميلات الباهرات, ولا للشهوات, ولا لعصى الشرطي, ولا للميكروب, نحن لا نخافك لا نعبدك, لا لست إله, فلا إله إلا ّ الله. فكما ترى إنها ليست مجرد عبارة كما تصوت إنها عقيدة ومنهج ودستور

الباب الخامس عشر
كهيعص
العلم مابين اختراع العجلة والوصول للقمر
*
حينها قال الملحد, حسن ٌ وما قصة ( أ. ل . م .ر) و ( كهيعص ) و ( حم ) و ( ألم ) و(ق) ؟ ما هذه الحروف المفصلة التي تبدأ بها بعض سور القرآن ؟ أليست مجرد طلاسم ؟
أجاب صاحبه, حسنا ً وما قصة ط = ك * س2 ؟ أليست أيضا ً مجرد طلاسم لمن لا يعرف الرياضيات والجبر والفيزياء ؟ أخبرني ماذا عن(d.n.a) أما كانت لتكون مجرد طلاسم بلا معنى قبل 100 سنة ؟ أنت يا صديقي تحاول أن تحاكم النص القرآن وكأن الإنسان وصل إلى نهاية العلوم, وهو في الحقيقة لم يبتعد كثيرا ً في علومه عن البدايات. ولكن دعني أخبرك شيئا ً فالقرآن أتى ليتحدى العقل الكافر وليستثير العقل المؤمن, فمثلا ً أحدهم قام بتحليل سور القرآن التي تبدأ ب ( ألم ) رياضيا ً فوجد نتيجة أبهرته وهي أن ترتيب الحروف أي أ و ل و م و ر متجانس مع تكرارها في السورة. في سورة الرعد مثلا ً وجد أن حرف أ كرر 625 مرة ووجد ل تردد 479 مرة ووجد حرف م 260 ووجد حرف ر تردد137. أي أن عدد ترددها في السورة نفس ترتيبها ( أ ل م ر ) وهذا رجل آخر وقف أمام سورة (ق) وعد حروف القاف فيها فوجدها 57 ثم قام بقسمتها على الرقم 19 وهو عدد حروف البسملة فكان الناتج 3 وهو مجموع حروف كلمة ( لله ). وهذا آخر قام بجمع عدد حرف القاف سورة (ق) مع عدد حرف القاف في سورة (الشورى) وهي التي قبل سورة (ق) فوجدها 57 أيضا ً, ومجموع 57 + 57= 114 وهي عدد سور القرآن.

أنا لا أقول لك أن هذا هو المعنى النهائي من تلك الحروف المفصلة في بعض سور القرآن بل أن البعض أستخدم شعبة من العلم وهي الرياضيات فخرج بكل هذا وأعلم أن لها معاني أخرى قد تنجلي في العصر المناسب لها كما انجلت في عصرنا الحالي معاني لآيات لم يكن يعرف معناها في وقت نزولها مثل قول الحق (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس علي الذين لا يؤمنون‏)‏ 125 الأنعام. فمن كان يعرف في ذاك الوقت أنه كلما ارتفعت كلما خف الضغط الجوي وقلت كمية الأكسجين؟.

الباب السادس عشر
المعجزة
نصف المعرفة أخطر من الجهل
*

قال الملحد لصاحبه, أخبرني كيف يحدث أن ربكم الرحيم الرءوف يأمر نبيه إبراهيم بقتل ابنه ؟ أين رحمته ورأفته التي تدعونها له ؟

أجابه المؤمن, حسنا ً يا صديقي القصة تدل من سياقها أن الله لمْ يريد لإبراهيم أن يذبح ولده, بدليل أن الذبح لمْ يحدث بالنهاية, ولكنه أراد لنبيه أن يذبح حبه وشغفه وتعلقه الزائد بابنه, الذي أتاه على كبر وهو في شيخوخته فشغفه وهام تعلقا ً به, والأنبياء هم قدوة البشر, وعلى النبي ألا ّ يكون قلبه متعلقا ً بشيء غير الله, لذا أتى الأمر بالذبح, وحين امتثل النبي لأمر ربه جاء الفداء من السماء. وهذه القصة تعلم المؤمنين ألا ّ يتعلقوا بشيء سوى بربهم, لذا تجدنا نعيد تجسيد هذه الواقعة في كل عام. أي لا شيء نحبه أكثر منك, لا شيء نتعلق به سواك, ولا أحد نطيع إلا ّ أنت.
قال الملحد لصديقه, إذا ً وما رأيك بمعجزة دخول إبراهيم النار دون أن يحترق, وما فعله موسى حين شق البحر, وعصاه التي تحولت أفعى, ويده التي أخرجها من تحت إبطه فأصبحت بيضاء, أليست هذه أشبه بعروض بهلوانية في سيرك؟ لم َ يحتاج الله لهذه البهلوانيات ليدلل على قدرته ؟ أليست القوانين والعقل والمنطق هي التي تدلل على قدرته كإله بدلا ً من تلك ؟
رد المؤمن, لقد فهمت المعجزة بشكل خاطئ يا صديقي فأنت تنظر لها على أنها هدم للمنطق وللقوانين, ولكن الله هو من خلق المنطق والقوانين, وهو من أعطاك سبيل الوصول والتعمق فيها رويدا ً رويدا ً حتى تدرك وتصل إلى ما شاء هو منها. ولكي أقرب لك الفكرة, فتخيل لو أنك أخذت معك الآن كمبيوتر وذهبت به للعصر القديم, ودخلت به على فرعون وأريته كيف تخرج الأصوات والصور منه ألن يتحلّـّق حولك السحرة وحاشية فرعون وهم يهتفون ( ياه ! إنه سحر! لا معقول ! معجزة !) وأنت تعلم الآن أنه ليس بسحر وليس بشيء غير معقول لأنك تعلم قوانين وعلم الإلكترونيات. وسيكون الأمر مماثلا ً لو أنك دخلت على ملك آشور ومعك تلفاز وأريته ملك الروم وهو يتحدث, سيقوم ويصفق ويهلل لك. ولكي أقرب لك الصورة أكثر, في عصرنا القريب عندما أتى المستعمر الأبيض إلى أفريقيا وهبط بطائراته على الزنوج في مجاهل غابات أفريقيا سجدوا للطائرة كلهم وقدموا القرابين وقرعوا الطبول, فهم يظنون أن الله قد أتاهم من السماء. فهم تصوروا أن هذا الطيران خرق لجميع القوانين, وأنت تعلم أنه ليس بخرق للقوانين, بل تجاوز لها عن طريق قوانين أخرى, فلقد تجاوزوا قانون الجاذبية بقانون الدفع وقانون الفعل ورد الفعل. يا صديقي الماء يصعد إلى قمم الأشجار العالية متجاوزا ً قانون الجاذبية عن طريق قوانين أخرى مثل تماسك العامود المائي وقانون الخاصية الشعرية وقانوني الضغط الاسموزي. إذا ً ليس هناك اختراق للقوانين, ولكن هناك تفاضل بينها. فالله يا صديقي لا يهدم القوانين في معجزاته, بقدر ما يرينا أننا لا نعرف إلا قليل من العلم فقط, والمعجزة هي نور من العلم الإلهي. فالله يقول لنا بمعجزاته بأن هناك علم ونظام أعلى لم تصلوا إليه بعد, وبأن هناك نظام وعلم لن تصلوا إليه أبدا ً.

الباب السابع عشر
معنى الدين
بين القلب والروح والعقل والجسد
*

قال الملحد لصاحبه, اسمع إذا كانت هنالك جنة فعلا ً كما تقول فأنا من سيدخلها, فأنا أكثر تدينا ً من كثير من أصحابكم أصحاب اللحى والمسابح !.

فقال له صاحبه, أكثر دينا ً ؟ ماذا تعني بهذا ؟

فأجابه الملحد, أعني أني لا أؤذي أحدا ً ولا أحمل الحقد ولا الحسد ولا أسرق ولا أقتل ولا أرتشي ولا أضمر سوءا ً لأحد ولا أنوي إلا الخير ولا أهدف إلا للنفع العام, أصحو وأنام بضمير مستريح, وشعاري بالحياة هو الإصلاح ما استطعت. أليس هذا هو الدين؟ ألا تقولون بأن الدين المعاملة ؟

فقال له المؤمن, يا صديقي هذا أسمه "حسن سيرة وسلوك " وهو من مقتضيات الدين ولكن ليس الدين نفسه, ليس للدين إلا معنى واحد , وهو معرفة الإله, أن تعرف إلهك حق المعرفة ويكون بينك وبين هذا الإله سلوك ومعاملة, أن تعرف إلهك عظيما ً رحيما ً قريبا ً مجيبا ً, يسمع ويرى , فتدعوه راكعا ً ساجدا ً خاشعا ً, خشوع العبد لربه, هذه المعاملة الخاصة بينك وبين الرب هي الدين. أما حسن معاملتك لإخوانك فهي من مقتضيات هذا الدين, وهي تقربك للرب, فنبينا عليه الصلاة والسلام يقول ( إن الصدقة تقع في يد الله قبل أن تقع في هذا السائل ) فمن أحب الله أحب مخلوقاته, أما إذا اقتصرت معاملتك على الناس لا ترى إلا هم ولا تعترف إلا بهم ولا تؤمن بغير الدنيا, فأنت مجرد كافر, وحسن سيرتك وسلوكك إنما يدل على الفطنة والكياسة والسياسة والطبع اللبيب وليس على الدين. فأنت بالنهاية تسعى من حسن سيرتك وسلوكك إلى مكسب دنيوي, إما بمحبة الناس أو بكف شرهم, أو حتى لتحب أنت نفسك وترضى عنها. وتلك طباع أكثر الكفار أمثالك يا صديقي.
قال الملحد بانفعال, صدقني أنا أشعر أحيانا ً بأن هناك قوة.. !

قال صاحبه متسائلا ً , قوة ..؟

أردف الملحد بسرعة, نعم ثمة قوة مجهولة وراء الكون.. أنا أؤمن بوجود قوة..

قال المؤمن, وما تصورك لهذه القوة؟ أتتصورها تسمع وترى وتعقل وتتعهد مخلوقاتها بالحب والرعاية والهداية وتنزل لهم الكتب وتبعث لهم الرسل وتستجيب لصرخاتهم وتوسلاتهم؟
أجاب الملحد, صراحة ً أنا لا أصدق هذا الكلام ولا أتصوره وأكثر من هذا أراه ساذجا ً لا يليق بهذه القوة العظيمة.!
حينها قال المؤمن مستفسرا ً , إذا ً هل هي قوة كهرومغناطيسية عمياء تسوق الكون في عبثية لا خلاق لها.. هل هذه الصفة التي تليق بقوتك العظيمة ؟
أجاب الملحد, ربما ..

قال المؤمن بأسف , بئس ما تصورت إلهك. أعطاك البصر فتصورته أعمى, أعطاك العقل والرشد فتصورته عابثا ً أخرق, والله أنك الكافر بعينة, وأعمالك الصالحة مصيرها الإحباط يوم الحساب.

قال الملحد بانفعال , ألا يكون هذا ظلما ً ؟!

أجابه المؤمن , بل هذا هو العدل بعينه, فلقد تصورت بأن أعمالك الحسنة والطيبة من تلقاء نفسك وليس وراءها الرب الهادي الذي هداك للخير فجحدت فضل ربك. وهذا هو الفرق بين المؤمن والكافر وإن تساويا في حسن السيرة والسلوك, فالمؤمن يقوم بالأعمال الخيّرة مؤمنا ً أن الله هو الذي يأمره بذلك, أما الكافر فيقوم بأعمال الخير مؤمنا ً بأن الخير إنما جاء من نفسه, لذا تنكسر نفس المؤمن لربه شكرا ً , ويغتر الكافر متكبرا ً ولو كبرا ً داخليا ً بأعمال الخير. فارق كبير بين التواضع والكبرياء, بين خفض الجناح والعلو, بين الجبروت والدعة. لذا أنتم في ديانتكم الوثنية لهذه القوة الكهرومغناطيسية العمياء لا تصلون ولا تسجدون.
قال الملحد, ولماذا نصلي ؟ إني لا أرى لصلاتكم هذه أية حكمة !.

قال المؤمن, حكمة الصلاة أن يتحطم هذه الكبرياء المزيف الذي تعيش فيه لحظة سجودك وملامسة جبهتك للأرض وقولك بلسانك وقلبك ( سبحان ربي الأعلى ), وقد عرفت أخيرا ً مكانتك بأنك أنت الأدنى وهو الأعلى, وأنك أنت التراب على التراب وهو ذات منزهة من فوق سبع سماوات.
حينها قال الملحد, ولما كل هذه الحركات الجسدية؟ أما كان يكفي الخشوع القلبي ؟

أجابه صاحبه, لم َ خلق الله لنا الأجساد إذا ً ولم َ لا نكتفي بالحب الشفوي, فنريد أن نعانق ونقبـّل, لم َ لا نكتفي بالكرم المعنوي فنجود باليد والمال ؟. بل خلق الله لنا الجسد ليفضح قلوبنا, فما كان في قلبك بحق فاض على جسدك, فإذا كان خشوعك صادقا ً صليت وركعت وسجدت, وإذا كان مزيفا ً لم يتعدى لسانك.

الباب الأخير
فزنا بسعادة الدنيا وفزتم بالأوهام
من يضحك أخيرا ً..
*

قال الملحد لصاحبه ساخرا ً , مهما اختلفنا وتناقشنا فلا شك أننا خرجنا نحن فائزين, فلقد كسبنا فرحة الدنيا وسعادتها, وخرجتم أنتم ببعض أوهام في رؤوسكم, فلنا السهرة والسكرة والنساء الباهرات والنعيم الباذخ واللذة التي لا يعكرها الخوف من الحرام, ولكم الصيام والقيام والتسبيح والخوف من يوم الحساب, فمن الذي ربح ؟

فأجابه الرجل المؤمن, هذا لو كان ما ربحتموه هو السعادة, ولكن لو فكرنا معا ً في هدوء لما وجدنا هذه الصورة التي وصفتها عن السكرة والسهرة والنساء الباهرات والنعيم الباذخ واللذات التي لا يعكرها خوف الحرام إلا ّ الشقاء بعينه!.

سأل الملحد مستغربا ً , الشقاء ؟ كيف ؟!.

أجاب صاحبه, لأنها في حقيقتها عبودية لغرائز لا تشبع حتى تجوع, وإذا أتخمتها أصابتك بالملل والضجر. وأصابك أنت الخمول والبلادة. هل يصلح حضن امرأة أن تكون مستقر سعادة والقلوب تتقلب وتتغير والهوى لا يستقر على حال, وما قرأنا في قصص العشاق إلاّ التعاسة والحزن فإذا تزوجوا كانت التعاسة أكبر وخيبة الأمل الأشد, لأن كلا الطرفين يفقد في الآخر الكمال المعبود الذي كان يتخيله, وبعد قضاء الوطر وانطفاء الشهوة يبدأ يرى كلاهما عيوب الآخر بعدسة مكبرة. وهل الغنى الفاحش والثراء إلا نوع من العبودية حيث يصبح الإنسان خادما ً لماله لا يفكر إلا بكيفية إكثاره فيصحب خادما ً له بعد أن كانت خادمة له؟. وهل الجاه والسلطان ليس إلا مزلق إلى الكبر والغرور والطغيان , وهل راكب السلطان إلا ّ كراكب الأسد, فيوما ً مطيته ويوما ً هو مأكولة ؟. وهل الخمر والسكر والمخدرات والجنس بعيدا ً عن العيون وبعيدا ً عن خوف الحرام سعادة؟. وهل هي إلا نوع من الهروب من العقل والضمير وعطش الروح ومسئولية الإنسان بالشهوة وسعار الرغبات ؟ وهل هو ارتقاء أم هبوط إلى حياة القرود وتناكح البهائم؟. صدق القرآن إذ يقول أنهم ( يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم ) 12 محمد. فالقرآن لم ينكر أنهم يتمتعون, ولكن كما تتمتع الأنعام.
السعادة بالنسبة لنا نحن المؤمنين هي حالة سلام بين الإنسان ونفسه, والإنسان وأخوته البشر, والإنسان وربه. ألم يقل أحد الصالحين واصفا ً سعادته ( نحن في لذة لو عرف عنها الملوك لحاربونا عليها بالسيوف ). الذين ذاقوا لذة وحلاوة الإيمان يدركون معنى هذا الكلام, لذة الصلة بالله سبحانه والصلح مع النفس.
قال الملحد متعجبا ً , ألم تكن مثلنا قبل سنوات ؟ تسكر كما نسكر وتلهو كما نلهو وتسعد هذه السعادة الحيوانية التي نسعد بها ؟ وتكتب الكفر بعينة في كتابك الله والإنسان ؟! فما الذي غيرك من النقيض إلى النقيض ؟
أجاب المؤمن بثقة , سبحانه يغير ولا يتغير.

قال الملحد بسرعة, أعلم بأنك ستقول هذا , ولكن ماذا كان دورك ؟ ماذا كان سعيك لتتغير ؟

أجابه المؤمن, رأيت العالم حولي محكما ً دقيقا ً , لا شيء في عبث ولا هزل , ولو كانت الحياة هزل وعبث , فلماذا نحزن ونبكي ونحب الحقيقة والعدل والشرف والقيم ؟. رأيت النجوم تجري في أفلاكها بقانون ورأيت الحشرات الاجتماعية تتكلم وتبني وتنظم, ورأيت النباتات تحس وتشعر وتتكلم. ورأيت الحيوانات لها أخلاق, ورأيت المخ البشري عجيب العجائب يتألف من 10 بلايين خط عصبي تعمل في وقت واحد أي أكثر من عدد سكان الكوكب مرتين يقومون بالأعمال المختلفة داخل المخ البشري. فمن الذي زود هذا الجهاز بكل هذه الكمالات ؟ رأيت الجمال في ورقة الشجرة وفي ريشة الطاووس , وسمعت الموسيقى في صوت البلابل والعصافير. وأينما نظرت رأيت رسم رسام وإبداع مبدع وتصميم مصمم. فكل شيء بالكون يصرخ ( دبـّرني مدبر ! وخلقني قادر عليم ).
وقرأت القرآن فكان له في سمعي رنين وإيقاع ليس في مألوف اللغة. وكان له في عقلي انبهار, فهو يأتي بالكلمة الأخيرة في كل ما يتعرض له من أمور السياسة والتشريع والأخلاق والكون والحياة والنفس والمجتمع. فهو على ما تقادم من نزوله منذ أكثر من 1400 سنة إلا أنه يوافق جميع ما يستجد من علوم رغم أنه أتى على يد رجل بدوي أمي لا يعرف القراءة ولا الكتابة في أمة متخلفة بعيدة عن نور الحضارات, فقلت في نفسي بل هو نبي , ولا يمكن أن يكون إلا نبي, ولا يمكن لهذا الكون البديع إلا أن يكون صنع الله الذي وصفه القرآن ووصف أفعاله.
قال صاحبة بعد أن أستمع لحديثه باهتمام , ماذا يكون الحال لو كنت مخطئا ً فمت فلم تجد إلا التراب, فلا جنة ولا نار ولا حساب ؟

قال له المؤمن, لن أكون خسرت شيئا ً لأني عشت السعادة الحقيقة, ولكنكم أنتم من ستخسرون كثيرا ً لو كانت حساباتي صحيحة, وإنها صحيحة وستكون مفاجأة هائلة لكم.

قال الملحد, سترى أن التراب هو ما ينتظرك وينتظرنا.

قال المؤمن , هل أنت متأكد ؟

أجابه الملحد ببطء , نعم..

فقال له المؤمن بثقة, كذبت فهذا أمر لا يمكن أن تتأكد منه أبدا ً.