المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدين والاخلاق في عصر العولمة



fawaz_a
20-07-2015, 12:15 PM
http://cdn.*******.net/i_c1b3186ee81.png (http://up.*******.net/)
http://cdn.*******.net/i_c1b3186ee82.png (http://up.*******.net/)

fawaz_a
20-07-2015, 12:29 PM
لماذا الحاجة الآنية إلى مقاييس عالمية للأخلاق؟
تأليف: هانس كينج –
عرض وتحليل: إميل أمين –

توجد بين الشعوب والأمم والبلدان مصالح مختلفة، وأولويات ومنافسات بصورة متجددة، لكن لا يمكن التوصل إلى توازن عادل للمصالح، وسلام دائم إلا إذا حل التفاهم والحوار والتعاون محل الاعتداء والمواجهة والحرب.
وتبدو السياسة والدبلوماسية كذلك على المستويين الخاص والعام بحاجة إلى قواعد أخلاقية.
والثابت أنه منذ نشأة المجتمعات الانسانية طُورت تصورات للتعايش المستمر، ولحياة هنيئة لكل إنسان، لقد تم تطوير معايير أخلاقية للسلوك في الثقافات جميعاً، معايير أخلاقية أساسية، ولقد قامت الأديان والفلسفات بصورة خاصة بتحديد هذه المعايير وتنظيمها.
من هو البروفيسور «هانس كينج» مؤلف هذا الكتاب أنه المفكر الكاثوليكي الشهير، واستاذ علم اللاهوت المسكوني، ورئيس مؤسسة الاخلاق العالمية، التي ترى أنه لا سلام حول العالم بدون سلام بين الأديان.
مقاييس عالمية للأخلاق

لم الحاجة إلى مقاييس عالمية للأخلاق؟
يطرح الناس هذا السؤال بصورة متكررة. ثمة ألف إجابة عنه، بحسب مجال الحياة، والحالة المحددة، إن الحاجة الماسة إلى مقاييس عالمية للأخلاق، مقاييس دولية للأخلاق تفرض نفسها حقاً في عالمنا الذي ينصهر بعضه في بعض بصورة متزايدة.
أولاً: من المنظور السياسي: إن وجود إجماع أخلاقي اساسي في نطاق مجتمع متعدد الثقافات، وفيما بين الأمم، يعتبر ضرورياً للحفاظ على السلام، ومنع تفكك المجتمعات.
ثانيا: تظهر كذلك ضرورة مقاييس عالمية للأخلاق من وجهة النظر الاقتصادية، فلا يجوز لاقتصاد العولمة تحديداً الاقتصار على السعي إلى الربح كمثل أعلى أو حد، بل يحتاج باعتباره أساساً له إلى مقاييس اخلاق إنسانية، إن كان له أن يخدم الإنسان، والبشرية جميعاً.
ثالثا : إن مهمة التربية والتعليم تتطلب مقاييس عالمية للأخلاق، اذ يجب أن يبدأ تكوين الوعي الاخلاقي، والثقافة الأخلاقية، لدى الأطفال والنشء في الأسرة والمدرسة، حتى يستطيعوا التأقلم مع عالم معقد، ومتعدد الثقافات.
رابعا: لا ينبغي البتة اختراع المقاييس العالمية للأخلاق، فهي موجودة بالفعل، إنها حقيقه تاريخية عالمية إن صح التعبير. ذلك أن تاريخ الاديان والفلسفات، والثقافات، يقدم مضمون مثل هذه المقاييس الاخلاقية الانسانية. لقد شبع عظماء الشخصيات الدينية، وكبار الفلاسفة الانسانيين تشكيل وعي بالمبادئ الاخلاقية والقواعد الارشادية على مر القانون. إن الحاجة الماسة إلى أساس مشترك للحوار والتعاون بين البشر في جميع الثقافات والفلسفات والاديان لصالح كوكبنا المشترك الأرض ، تلفت النظر إلى مقاييس أخلاقية اساسية مشتركة.
يؤكد هانس كينج على أنه من الممكن اكتشاف بعض القيم والمعايير والمواقف المشتركة الاساسية، في مختلف الأديان والفلسفات ينبغي التوعية بها بجميع الوسائل المتاحة لنا، للفرد كارشاد شخصي، للمجتمع كشرط لتماسكه، للأمم والجماعات الدينية كأساس للتفاهم والتعاون والسلام. وعلى اساس هذه المقاييس أو المعايير، الاخلاقية المشتركة، المسماه باختصار «معايير أخلاق إنسانية» أو «مقاييس عاملية للأخلاق»، يمكن للبشر من جميع الثقافات والامم أن يتعايشوا، ويتعاونوا من أجل عالم أكثر سلاماً وعدلاً.

عواقب الـ 11 من سبتمبر

في مقدمة القضايا التي يتوقف عندها المؤلف في كتابه، تلك المتعلقة بالارهاب وعلاقته بالإسلام المسلمين، وضمن الأسئلة الموجهة له …
هل يمكن تبرير الإرهاب بالقرآن؟

يرى هانس كينج أن الغالبية العظمى من المسلمين قامت على الفور بإدانة الهجمات الإرهابية التي حطت على الولايات المتحدة في الحادي عشر من سبتمبر 2001، ووصفتها بأنها غير إسلامية ويؤكد على أن إرهاب الأفراد أو إرهاب الدول يعتبره المسلمون بصفة عامة تشويها للإسلام وانحراف عنه.
أيضاً في القرآن هناك مطالبة بالرد على السيئة بالحسنة أو درء السيئة بالحسنة، كما تقول الأية الكريمة: «وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ» (الرعد: 22).
ويرى «كينج» أنه ينبغي وعظ الناس بالحكمة: «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ» (النحل: 125) .
والمقصود من هذا بوضوح هو ليس بالعنف، بل بطريقة سليمة، ومن الأقوال الرئيسية في القرآن ذلك والمبدأ الذي يذكره المسلمون بصورة متكررة « لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (البقرة: 256) … ما هو هدف مثل هذه الجماعات في رأي المؤلف؟
إن هدف هذه الجماعات الارهابية هو سياسي في المقام الأول، إنهم يريدون إصابة القوة التي يعتبرونها من وجهة نظرهم السبب الرئيسي لإذلال الفلسطينيين، بل واحتقار الدول العربية على الاطلاق، وهو بالطبع شئ لا يحتمل الأمريكيون وحدهم مسؤوليته، لكن في نهاية المطاف أيضاً الاستعمار الأوروبي لم يكن الهدف إصابة مؤسسات مسيحية مطلقاً، بل المركز التجاري والعسكري للولايات المتحدة الامريكية، لكن دوافع ذلك هي أيضاً متأثرة بالخلفيات الدينية لهؤلاء الأفراد، إنهم يعتبرون الدول الكبرى الغربية اعداء الله والإسلام.

المواجهة بين الإسلام والغرب

يؤكد هانس كينج على أن كل إعلان أحادي السبب، لا يكفي ولا يجدي نفعاً. وينبغي بادئ ذي بدء أخذ مشاعر الكراهية لدى العرب تجاه الغرب مأخذ الجد. إن جروح الاستعمار الأوروبي والامبريالية، عندما خضع طوال أكثر من قرن كل العالم الاسلامي تقريباً من المغرب حتى إندونيسيا للسيطرة العسكرية والاقتصادية والسياسية لانجلترا وفرنسا وروسيا وهولندا، هذه الجروح لم تلتئم بعد على الاطلاق.
أخيراً لا يجوز اهمال كراهية الوجود الامريكي أيضاً في الخليج العربي، إن الهجوم على شعب مسلم شقيق في العراق، والوجود المكثف للقوات الأمريكية على «أرض عربية مقدسة»، بالقرب من مكة والمدينة، كان بالنسبة لمتطرف مثل أسامة بن لادن الذي كان في الأصل حليف لأمريكا التي قامت بتسليحه سبباً لتغيير الجبهات ضد أمريكا.
زاد أيضاً من معاداة أمريكا تأييدها للأنظمة غير الديمقراطية على حد قوله. أيضاً في الكويت بعد حرب الخليج، فالوجود الدائم لعشرات الالاف من الجنود الامريكين في منطقة الخليج منذ حرب الخليج ينظر إليه كثير من المسلمين على انه إذلال واستعراض كرأس جسر أمريكي في المنطقة العربية لها أيضاً دور في هذه المشكلة.
يمضي «هانس كينج» محللاً المشهد لأبعد من هذه الصورة، وعنده أن أكثر من خمسين عاماً من «سياسة الوساطة» الأمريكية المتنحية عملياً لاسرائيل ليقول شيمون بيريز: إن الولايات المتحدة الامريكية لم ترد لاسرائيل أي طلب على مدار 52 عاماً، جعل الفلسطينيين تحديداً، الذين تدهورت اوضاعهم بصورة مستمرة يشكون في الوساطة الصادقة للولايات المتحدة الامريكية في عملية السلام، كما أن الشرق الاوسط هو في جوهرة ليس مشكلة إرهابية، بل صراع أرض، إذا لم يمكن بعد خمسين عاماً التوصل أخيراً إلى حالة جوار سلمية بين إسرائيل ودولة فلسطينية قادرة على البقاء، فلابد من توقع حدوث هجمات إرهابية بصورة متكررة داخل المنطقة وخارجها. السلام يتطلب تنازلات من الطرفين جميعاً، لكن من الطرف الاقوى بصورة خاصة، وهو اليوم اسرائيل التي تعتبر بمساعدة الولايات المتحدة الامريكية أقوى قوة عسكرية في الشرق الأوسط.

تخليص العالم من الإرهاب

يتساءل المؤلف، هل الحرب هي الوسيلة الصحيحة لتخليص العالم من الإرهاب؟ ويرى أن الأمر هنا يتعلق بالهجوم الارهابي الذي قام به بعض الافراد، لكن على مراكز في غاية الاهمية في الولايات المتحدة الامريكية، لكن لاشك أن الامر، لا يتعلق بحرب يمكن خوضها، مثلما حدث حينئذ ضد اليابان أو ضد العراق. لحسن الحظ بدا كثير من الاشخاص في واشنطن يدركون في تلك الايام أن الحرب على الارهاب لا يمكن كسبها بوحدات الاساطيل البحرية، وأسراب الطائرات الحربية. وهنا يقينا ينبغي البحث عن الجناة وتقديمهم إلى المحاكمة إن أمكن. ربما تُبدي الأن أيضاً كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل اهتماماً بمحكمة جنائية دولية، وهي الفكرة التي قامت باعاقتها دائماً وإلى الآن.
لكن المهم جداً فيما عدا هذا هو العودة إلى الوعي، وتحقيق نموذج جيد للعلاقات الدولية، إننا مازلنا نعيش إلى حد بعيد في النموذج القديم المواجهة وسياسة القوة والهيبة.

ما هو المهم عند صاحب هذا الكتاب؟

المهم هو تحقيق نموذج التقارب والتفاهم والتصالح مثلما حدث لحسن الحظ في الاتحاد الأوروبي الآن و في أماكن أخرى من العالم أيضاً، بخاصة في الشرق الأوسط. إن النزاعات لا يجوز حلها بالوسائل العسكرية في المقام الأول، بل يجب التغلب على المشاكل بوسائل سياسية وفكريه وأخلاقية.
ينبغي أن جميع الديانات الكبرى تمتلك القواعد الأخلاقية الأساسية نفسها، وهو ما يكون قاعدة لمقاييس انسانية مشتركة للأخلاق، مقاييس عالمية للاخلاق. إن مجرد مراعاة القاعدة الذهبية من شأنه مساعدتنا في السياسات الكبرى، وكذلك في الحياة اليومية يقول المثل المشهور الذي يعرفه الاطفال عادة في سن مبكر: «ما لا تريد أن يفعله الآخرون بك، لا تفعله أنت أيضاً بالآخرين».
والثابت انه لم يدرك كثير من الناس الضرورة الملحة لمشروع المقاييس العالمية للاخلاق عموماً، إلا من خلال مأساة الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 في الولايات المتحدة الامريكية، لا سلام بين الامم بلا سلام بين الاديان، ولا سلام بين الاديان بلا حوار بين الاديان. إذا لم يحدث هذا الحوار، أو إذا توقف فالبديل هو العنف.
فعندما لا يتحدث الناس بعضهم مع بعض، يقومون باطلاق النار بعضهم على بعض، ليس فقط في الاسلام، لكن أيضاً في اليهودية والمسيحية، بل كذلك في الاديان الشرقية، هناك خطر بأن يتم توظيف الدين لتحقيق أهداف سياسية، عندئذ يتكون خليط شديد الانفجار من الدين والسياسة. إن الدين الذي يخضع للغلو والتطرف يتحول إلى خطر على السلام العالمي. عندما يزول قليلاً الغبار الرهيب الذي ثار نتيجة للهجمات الارهابية، فلابد من التوصل إلى حوار جديد قوي. وينبغي ألا ننسى أن الاهتمام بحوار الاديان وبالمقاييس العالمية للأخلاق قد ازداد أيضاً في تلك الدوائر التي كانت متحفظة تجاهه من قبل.
هل الإسلام عدواني؟

من ضمن الأسئلة الرئيسية التي يتوقف أمامها الكاتب عن الاسلام وهل هو دين عدواني، لاسيما بعد أن عاد لفظ الجهاد يرتفع من جديد مع ظهور العديد من الحركات الأصولية الاسلامية حول العالم؟.
يرى «كينج» أن المسيحية أيضاً اثارت هذا الانطباع على مدى قرون طويلة. صحيح اننا – المسيحية – قد تحدثنا دائماً عن الحب كثيراً، لكن سياستنا الاستعمارية قد أثبتت العكس عملياً، منذ اكتشاف أمريكا حتى القرن التاسع عشر الميلادي، بل وحتى الحرب العالمية الأولى، لذا فإن من رأي المؤلف أنه ينبغي علينا توخي الحذر قليلاً عندما نصور أنفسنا كأصحاب ديانة محبة مقيمة للسلام، والاسلام على انه دين الجهاد.
إن الجهاد – الذي نأمل أن يكون معناه قد صار معروفاً في تلك الأثناء – لا يعني «الحرب المقدسة»، بل بذل جهد، جهد معنوي، لكن لا شك أيضاً أنه لا يمكن لأي مسلم أن ينكر أن مصطلح الجهاد كثيراً ما يستخدم في القرآن والشريعة في سياق الحرب. من الصحيح أيضاً أن المجاهدين ينتظر منهم بذل جهد معنوي أو جهد حربي.
لكن نحن أيضاً لدينا ظواهر مشابهة لذلك في الكتاب المقدس العبري، فهذه الروايات لم نحذفها فقط لأن هذه الفصول تتحدث عن «حروب الرب المقدسة»، فما أكثر الدماء التي سفكت، كما أن هناك احياناً وصفاً مجسماً جداً للاحداث، نحن لدينا أيضاً مزامير لعن، لا ينبغي إهداؤها حتى إلى أسوأ الاعداء.
هنا ينبغي علينا أن نقرأ كل من التاريخ اليهودي والمسيحي بأسلوب نقدي، كما يجوز لنا أيضاً أن ننتظر من المسلمين أن يقرؤوا تاريخهم قراءة نقدية، وهو ما يحاوله اليوم أيضاً مسلمون متفتحون، يفسرون الجهاد على أنه جهد معنوي في المقام الأول في سبيل الخلاص، ويحاولون حل مشاكل العنف في الإسلام.
لكننا نعايش أيضاً من خلال الحادي عشر من سبتمبر 2001 إمكانية اساءة استخدام مصطلح الجهاد من المتطرفين السياسيين، لذلك يطرح السؤال نفسه مبدئياً عن تفسير القرآن، فالإسلام ينبغي عليه مواجهة مناقشات الحداثة بصدق.

مقاييس الأخلاق الجديدة

هل يمكن أن نقول ان مشروع المقاييس العالمية للأخلاق يريد أن يوجد شيئاً كميثاق للأديان العالمية، أوشيئاً مثل الوصايا العشر الأساسية لاديان العالم؟
يرى البروفيسور «كينج» أن المسألة برمتها تتخلص في بلورة إحداثيات أخلاقية جديدة، ذلك أنه عندما تمتلك فقط بوصلة، وخريطة، فأنت تحتاج أيضاً إلى الإحداثيات حتى تجد الطريق. من هذه الناحية يمكننا أن نتحدث عن الإحداثيات الأخلاقية لبوصلة الضمير وبالطبع لابد من صياغة كل هذا …. هل هذه الاحداثيات الأخلاقية تغني عن وصايا وتعاليم الخالق في أي من الاديان كافة؟

ليس هذا من أجل إحلالها محل وصايا الرب العشر، بل لأظهار ما تحتويه بالفعل في الواقع وصايا الرب هذه. وهو موجود ليس فقط في سيناء، وليس فقط في موعظة الجبل ، أو في القرآن، بل أيضاً عند «باتانغالي» مؤسس اليوجا، وفي القانون البوذي، أو عند كنفوشيوس، وفي نصوص أخرى عظيمة لتاريخ أديان الإنسانية.
إن أهم شيء في عصرنا هذا هو أن يتضح للإنسانية أولاً انه لا يجوز السماح بسلوك ما بعد الحداثة الذي يسمح بكل شئ بمعنى التسيب، لا يجوز السماح بشعار «كل شئ مباح» فيما يخص الأخلاق. بل إن هناك قواعد معينة، لابد أن يلتزم بها كل شخص، ليس فقط المواطنات والمواطنون العاديون، بل أيضاً رؤساء الدول، ورجال الصناعة، والاساتذة في الجامعات والمعامل.
ثانياً: أن يعي الناس أن هذه القواعد الأساسية مشتركة بين الجميع، أي إنها ليست سارية المفعول فقط في محيط الديانات النبوية الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام، بل إن مثل هذه المعايير موجودة أيضاً في الأديان الهندية والصنية الأصل.

في العروة الوثقى بين الأديان:

تطرح على صاحب الكتاب علامة استفهام جدية: فالعروة الوثقى بين الأديان العالمية، وإن لم تكن هي صورة الخالق سبحانه وتعالى فهل هي اليأس والقنوط أم النقص؟
لا شك أن السلبيات تجمع بين الأديان، بمعنى أن الانسان في حاجة إلى الخلاص بالمعنى الأوسع للكلمة، وإنه يعاني من الأساس من مشاكل، سواء أتم شرح ذلك من خلال فكرة الخطيئة الأصلية، مثلما تفعل الاديان الكتابية، أو أرجع ذلك إلى عمى بصيرة الإنسان، وتكالبه، مثلما يفعل البوذي، هذه هي الحالة الأساسية، ونقطة البداية.
يرى صاحب الكتاب أنه لايوجد دين يمكن أن يكون وهمياً بحيث يقول: «إن الإنسان سعيد من الاصل، وإنه ليس بحاجة إلا إلى أن يواصل المضي في هذا الطريق، هذا هو الوجه السلبي للحقيقة إن صح التعبير».
لكن توحد الأديان أيضاً الاقتناع بأن هناك طريقا لتحسين الأمور، يمكن توضيح هذا الطريق، إنه دائماً طريق الخلاص، وذلك هنا في هذه الدنيا دائماً، لكن أيضاً مع التطلع إلى نهاية الزمان، فالموت يؤخذ في كل الاديان مأخذ الجد ، الموت هو نقيض الأوتوبيا المطلق، إنه يثير فوراً اسئلة: عن النيرفانا ، عن الحياة السرورية، عن العودة. هذا الأيمان بطريق الخلاص يوحد الاديان ومن هذه الناحية من الممكن أن يتفاهم أيضاً الرهبان المسيحيون والبوذيون جيداً، عندما يصمتون معاً، إنهم متوجهون إلى شيء أخر، وهم يعلمون: يوجد هنا إنسان بحاجة إلى طريق، وهدف، إنسان لم يصل بعد إلى درجات الكمال، لكن يمكن منحه الكشف والكمال.
في الواقع ان المقدسات موجودة في الأديان كافة، كل الأديان تقدس أيضاً الجبال المقدسة، كثيراً ما يكون لديها أيضاً أماكن حج مقدسة، تقع في الغابات أو فوق الجبال، وفي جميع الاحوال في مناطق نائية نسبياً في الأصل. هذا جزء من الدين، بيد أنه ليس جزءاً حاسماً، لأن هذا هو دائماً مجرد تمثيل رمزي للأديان، لكن بسبب هذه الصفة بالذات، فزيارة هذه الأماكن هي دائماً تجربة في حد ذاتها أيضاً.
أسباب الأصوليات المعاصرة

ما الذي جعل الغلو الديني يتصاعد على النحو الذي نراه في الحال والمرشح للارتفاع في الاستقبال؟

يرى كينج انه ينبغي دائماً النظر إلى كل حالة على حدة، لتحديد ما يقف ورائها من أسباب، أو في الأقل البحث بدقة عن سر تطرف جماعات معينة، فأسباب التطرف ليست واحدة في جميع الحالات.
تطرف كثير من الناس، لأنهم لا يستطيعون التعامل مع الحداثة، ولأنهم أصيبوا بخيبة أمل من التطورات الحديثة، إنهم قدموا وعوداً كاذبة لكثير من الناس في دول العالم الثالث، بأن الحداثة ستجلب لهم كل الخيرات والبركات جميعاً.
عندما يضطرون بعد ذلك إلى العيش في مدينة كالجزائر أو القاهرة فليس هناك ما يرونه على أنه حداثة من البركات والخيرات من شيء، هنا يمكن للمرء أن يتساءل فعلاً أن كان هؤلاء الفلاحون الذين كانوا يحرثون حقد لهم على ضفاف نهر النيل من قبل، قد عاشوا حياة أكثر سعادة وهناء قبل انتقالهم للعيش في المدينة. إن خيبة الأمل مما يسمى التقدم الغربي كبيرة إلى حد ما، بخاصة في تلك الدول التي تعذر فيها تكون ديمقراطية حقيقية، والتي لا يستطيع فيها المواطنون والمواطنات المشاركة في الحكم بصورة حقيقية، حيث قامت ومازالت تقوم جزئياً حتى اليوم الطبقة الحاكمة باستغلالهم وفرض وصايتها عليهم.
في ظل مثل هذه الظروف يشهد الدعاة المسلمون المحافظون بسرعة كبيرة إقبالاً شديداً، حيث يشرحون رسالتهم، قائلين «من أين جاء كل هذا؟ لقد جاء لأننا ابتعدنا عن الدين الأصلي، لابد أن نجدد هذا الدين من جديد».
هذا في حد ذاته ليس سيئاً، إذا حدث التجديد بالطريقة الصحيحة. أنت تجد بالمناسبة ظواهر مشابهة في المحيط الكاثوليكي أيضاً، حيث أرادوا إقناع الناس بأنه ليس عليهم إلى الالتزام من جديد بكل التعليمات الرومانية الكاثوليكية وعندئذ سيتحسن كل شئ.
كانت هذه ومازالت أيضاً وجهة نظر بعض الشيوخ أو الخطباء المسلمين واحيانا، يكونون أيضاً من المسلمين العاديين حيث يقولون: «ليس عليكم إلا الالتزام بالشريعة، وبعدئذ سيتحسن كل شيء». وكثيراً ما يكون هؤلاء من أصحاب النية الحسنة الذين لا ينبغي تعميم الحكم عليهم.
المبادئ والاخلاقية العالمية
ما هي أفضل الكلمات التي يمكن بها أن نختتم هذا العرض السريع لكتاب يقع في أكثر من ثمانمائة صفحة من القطع الكبير؟

يمكننا بلاشك التوقف مع رؤية الكاتب عن كيفية أكتشاف أديان العالم عبر حوارها المتبادل أن مبادئها الاخلاقية الاساسية تؤيد تلك القيم الاخلاقية العلمانية الموجودة في الإعلان العام لحقوق الإنسان وتعمقها.
ففي برلمان الأديان العالمية المنعقد في شيكاغو عام 1993، أعلن أكثر من مائتي مندوب ومدوبة عن جميع الاديان العالمية لأول مرة في التاريخ إجماعهم على بعض القيم الاخلاقية، والمعايير والمواقف المشتركة كأساس لمقاييس عالمية للاخلاق، والتي تم إدراجها لاحقاً في تقرير مجموعة خبرائنا المقدم إلى السكرتير العام والجمعية العامة للأمم المتحدة (الحديث للمؤلف) …. ما هو إذن الاساس لمقاييس عالمية للاخلاق، يمكن أن يشارك فيها البشر من جميع الاديان والتقاليد الاخلاقية الكبرى؟
أولاً: مبدأ الانسانية: «يجب أن يعامل كل انسان معاملة إنسانية، سواء أكان رجلاً أم أمرأة، أبيض أم ملوناً، غنياً أم فقيراً، صغيراً أم كبيراً؟
هذا معبر عنه بصورة أكثر وضوحاً في القاعدة الذهبية للمعاملة بالمثل: «ما لا تريد ألا يفعله الآخرون بك ، لا تفعله أنت أيضاً بالآخرين».
يتم شرح هذين المبدأين في أربعة مجالات رئيسية للحياة، حيث توجه الدعوة إلى كل إنسان، وكل مؤسسة، وكل أمة إلى تحمل المسؤولية:
•من أجل ثقافة خالية من العنف، واحترام الكائنات الحية كافة.
•من أجل ثقافة تسامح وحياة معيشة بصدق.
•من أجل ثقافة المساواة في الحقوق، والشراكة بين الرجل والمرأة.
والمؤكد أن هذه المقاييس العالمية للأخلاق، تعتبر في غاية الضرورة في عصر العولمة بالذات. ذلك أن عولمة الاقتصاد، والتكنولوجيا والاتصالات تؤدي أيضاً إلى عولمة مشاكل في جميع أنحاء العالم، تهدد بانفلات الزمام، مشاكل في مجال البيئة، والتكنولوجيا الذرية، وتكنولوجيا الجينات لكن أيضاً في مجال الجريمة العالمية والإرهاب.
ومن الضروري جداً في عصر كهذا، أن يتم دعم عولمة الاقتصاد والتكنولوجيا، والاتصالات بعولمة المقاييس الأخلاقية، بعبارة أخرى تحتاج العولمة إلى مقاييس أخلاقية عالمية، ليس كعبء إضافي، لكن كدعامة وعون للبشر والمجتمع المدني.
قناعات الكاتب والكتاب يمكن تلخيصها في سطور معدودات:
•لا سلام بين الأمم بلا سلام بين الأديان.
•لا سلام بين الأديان بلا حوار بين الأديان.
•لا حوار بين الأديان بلا معايير أخلاق عالمية.
•لا بقاء لكرتنا الأرضية في سلام وعدل، بلا نموذج جديد للعلاقات الدولية على أساس مقاييس عالمية للأخلاق.

مسقط الحب
20-07-2015, 05:41 PM
لي عوده ..............

الصممت هيبةة
21-07-2015, 11:53 AM
طرح رائع .. شكرا لكك

تباشيرالأمل
22-07-2015, 06:22 AM
السلام عليكم

كاتب انصف في بعض ماقال..

ولونظرالغرب للأسلام نظرة تجرد لوجدوا فيه دين السلام


دين صالح لكل زمان ومكان فهويهذب الناس ويقوم اعوجاجهم


وينظم علاقاتهم ببعضهم البعض


فهودين الحرية والعدل والمساوة بين الجميع سواء اتباعه او مخاليفه


والأخلاق هي من اهمزالأمورالتي دعى لها ديننا


ول أننا طبقنه كما جائنا لرأيت آثره العجيب على الغرب


كل الشكروالتقديرلك [/b]]