المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأربعون.. عمر تمام العقل والفهم والحكمة وسن بعثة الأنبياء



fawaz_a
03-08-2015, 06:08 PM
ليلى الشافعي
سن الأربعين مرحلة مهمة في حياة الإنسان سواء كان رجلا او امرأة، فهي مرحلة النضوج الفكري والقدرة على التحمل وهي المرحلة التي يبدأ فيها الاستقرار الأسري والعمل، وقد ذكر الله تعالى هذه المرحلة العمرية في قوله (حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة...) فكيف نحوّل هذه المرحلة الى مرحلة شكر وعمل صالح يرضى الله تعالى عنه ويخدم المجتمع؟ هذا ما سنتعرف عليه من خلال السطور التالية:

بسؤال د.بسام الشطي عن مرحلة «الأشد» التي جاء ذكرها في القرآن الكريم قال: قال تعالى في سورة الأحقاف (حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة) لأن سن الأربعين سن مميزة في عمر الإنسان إذ انها الوحيدة التي ذكرها الله في كتابه وجعلها سببا لبلوغ العقل تمامه ورشده فقال تعالى: (حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه).

ويقول ابن كثير في تفسيره للآية الكريمة: «ابن الأربعين لا يتغير غالبا عما يكون عليه وفي الأربعين يتناهى العقل ويكمل الفهم والحلم وتقوى الحجة وليس أدل على ذلك من أن الأنبياء بعثوا إلى أقوامهم بالرسالة بعد بلوغهم الأربعين، فقد بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم نبيا وقد اجتمعت حنكته وتمام عقله، وفي قوله تعالى في قصة موسى عليه السلام (ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما) فإن قرن بلوغ الأشد بالاستواء وهو أن يجتمع أمره وقوته وتكتمل وينتهي شبابه».

شكر النعمة

ولفت د.الشطي الى ان على المسلم ان يعلم ان سن الأربعين مرحلة مهمة في حياته وعليه شكر النعمة كما قال تعالى (رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه)، وهذا الدعاء يترتب عليه (أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا) يختار أحسن أعمالك ويتقبلها منك، (ونتجاوز عن سيئاتهم) اي تمسح ذنوبك وتكون الجائزة (في أصحاب الجنة) وما أعظمها من جائزة ان تكون ضمن أهل الجنة، (وعد الصدق) اي ان وعد الله حاصل لأن الله لا يخلف وعده.

وقوله تعالى (الذي كانوا يوعدون) فيامن تجاوزت الأربعين هذا اقرار وتذكرة من الله العزيز القدير بأن من بلغ تمام الأربعين فقد بلغ أشده اي انه قوي، واكتملت قوته الجسدية، كما انه بلغ تمام العقل والفهم والحكمة والقوة الذهنية والفكرية والنفسية (حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة) والدليل على ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم كلّف بالرسالة عندما بلغ الأربعين وكذلك كان اسلام الصديق عندما بلغ الأربعين، ولقد قال القاسم بن عبدالرحمن: قلت لمسروق متى يؤخذ الرجل بذنوبه؟ قال: إذا بلغ الأربعين فخذ حذرك.

وقفة تأمل

وزاد: فعلى من بلغ هذه السن ان يقف وقفة مع نفسه، وقفة تأمل وتدبر، تأمل فيما بين يديه من النعمة التي أنعمها الله عليه وعلى والديه من قبله، وما أكثرها وما أجلها من نعمة، نعم لا تعد ولا تحصى (وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها)، وقفة تأمل فيما أتمه الله عليك من نعمة القوة والرشد والحكمة، فإياك ان تقول كما قال قارون (إنما أوتيته على علم عندي) ولكن كما قال سليمان عليه السلام (هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر) فترجع النعمة الى المنعم وترد الفضل الى المتفضل وتتذلل اليه راكعا وساجدا وباكيا ومبتهلا ان يلهمك ويعلمك ان تشكر تلك النعمة، فشكر النعمة ليس بالكلام وليس كلمة تقال فقط وان كان الحمد والشكر بالكلام مطلوبين الا ان المهم هو الشكر العملي كما علمنا رب العزة (اعملوا آل داود شكرا) فشكر النعمة يكون بالعمل بها ولها.

العمل الطيب

وأكد د.الشطي ان على المسلم ان يتحرى العمل الطيب الصالح الذي يرضى الله تعالى عنه، لأن الله طيب لا يقبل الا طيبا، وشكر النعمة عرفانا بالفضل والجميل فليسأل المسلم الله ان يوفقه لأن يعمل صالحا يرضيه سبحانه (وأن أعمل صالحا ترضاه) وأن يصلح لك من ذريتك ونسلك ليخرجوا الى هذه الحياة أمة صالحة تحمل الراية من بعدك (وأصلح لي ذريتي).

على الإنسان ان يتذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «لا تزول قدم ابن آدم حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وماذا عمل فيما علم» فيزداد مع الندم عزيمة واصرارا على تصحيح ما مضى وتعويض ما فات.

الحياة الآخرة

وأكد ان المرء في هذه السن يشعر بأهميته وقدرته على العطاء وتسيير دفة أمور حياته ومشاركته الفاعلة في محيط الأسرة والمجتمع وعلى الرجل في هذا العمر ان يربط حياته بآخرته ودنياه بدينه، وليدرك ان الدنيا ما هي الا مرحلة قصيرة ضمن طريق طويل، وان الدار الآخرة هي دار القرار والحياة الأبدية، فالدنيا كلها ما هي الا حلقة من حلقات وجودنا الممتد في الدنيا والآخرة، فإذا ما أدركنا هذه الحقيقة تقبلنا كل مراحل العمر بالسعادة والرضا.

الإيمان

ولفت الى ان تقوية علاقة العبد بربه تحميه من تقلبات الأيام وجحود البشر ويستشعر معية الله عز وجل التي تعصمه من كل عاصفة من عواصف الزمن، وكل نائبة من نوائب الدهر ومن المفيد في علاج الأزمة ان ينمي المسلم عقله وقدراته العقلية والثقافية، فاستثمار الوقت في القراءة والاطلاع يشغل الانسان بقضايا كبرى واهتمامات خاصة قد تشغل الانسان عن التفكير في مغامرات لا جدوى من ورائها.

منتصف العمر ـ نعمة

من جهته، يقول د.عصام الفليج ان كل يوم يمضيه الإنسان في حياته يكون خيارا له بين النعمة والنقمة، فمن قضاه في الخير والطاعة.. سيكون له نعمة، ومن قضاه في المعصية وأقلها إضاعة الوقت، سيكون عليه نقمة.

إذن.. الإنسان هو صاحب القرار في الاختيار، ان يكون يومه ذلك نعمة أو نقمة، فما بالك ان يكون ذلك اليوم أياما وأسابيع وأشهرا وسنوات؟! وسيرافق ذلك بلا شك زيادة في العمر، واتساع الأسرة من زواج وذرية، وتزايد المسؤوليات العملية والمالية والوظيفية والأسرية والاجتماعية وصلة الرحم، وغير ذلك في منظومة الحياة، حتى يصل بعضهم الى التقاعد الطبيعي أو العمري أو المرضي.

الناس في هذه المرحلة العمرية ينقسمون بين الرتابة والتجديد، كمن يأكل العيش المموش أو المشخول كل يوم، فلا يشعر بلذة الطعام، ومن ينوع الأكلات ويبدع في الطبخات. وزاد: هناك من يقوم بأعمال منوعة حتى يبعد الرتابة والملل، وهناك من يضع له برنامجا يوميا مكررا بلا إبداع أو تجديد.

وكذا الحياة الأسرية أو الزوجية بشكل أكثر وضوحا، يبقى ديمومة نجاحها بيد الزوجين، كل زوج له زاوية في التجديد والنجاح، الشكل واللبس والبرنامج اليومي والكلمات والعبارات وحتى اللمسات، والتي قد يكون لها ارتباط جنسي في السابق، سيكون لها ارتباط عاطفي اكثر لدى الطرفين. منتصف العمر محطة وقوف أو انتظار أو انتقال جبرية، وكل له اختياره، فمن اختار الوقوف اختار الملل، ومن اختار الانتظار اختار التكرار، ومن اختار الانتقال اختار التقدم الى الأفضل، وأساليبها كثيرة بين زيادة الارتباط والسفر الأسري والمشاركات الاجتماعية.

استغلال العمر

أما الداعية حسين المعيوف فقال: إن من تتبع أخبار الناس وتأمل أحوالهم، وعرف كيف يقضون أوقاتهم، وكيف يمضون أعمارهم، علم ان اكثر الخلق مضيعون لأوقاتهم، محرومون من نعمة استغلال العمر واغتنام الوقت، ولذا نراهم ينفقون أوقاتهم ويهدرون أعمارهم فيما لا يعود عليهم بالنفع.

وان المرء ليعجب من فرح هؤلاء بمرور الأيام، وسرورهم بانقضائها، ناسين ان كل دقيقة بل كل لحظة تمضي من عمرهم تقربهم من القبر والآخرة، وتباعدهم عن الدنيا.

إنا لنفرح بالأيام نقطعها

وكل يوم مضى جزء من العمر

وزاد: ولما كان الوقت هو الحياة وهو العمر الحقيقي للإنسان، كان لزاما على العبد أن يحسن استغلال عمره، قبل ان يأتيه الموت بغتة وهو في غفلته ساه.

فإذا عرف الإنسان قيمة شيء ما وأهميته حرص عليه وعز عليه ضياعه وفواته، وهذا شيء بديهي، فالمسلم إذا أدرك قيمة وقته وأهميته، كان أكثر حرصا على حفظه واغتنامه فيما يقربه من ربه، وها هو الإمام ابن القيم رحمه الله يبين هذه الحقيقة بقوله: «وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم، ومادة معيشته الضنك في العذاب الأليم، وهو يمر مر السحاب، فمن كان وقته لله وبالله فهو حياته وعمره، وغير ذلك ليس محسوبا من حياته، فإذا قطع وقته في الغفلة والسهو والأماني الباطلة وكان خير ما قطعه به النوم والبطالة، فموت هذا خير من حياته».

ويقول ابن الجوزي: «ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة، ويقدم فيه الأفضل فالأفضل من القول والعمل، ولتكن نيته في الخير قائمة من غير فتور بما لا يعجز عنه البدن من العمل».

واضاف: ولقد عني القرآن والسنة بالوقت من نواح شتى وبصور عديدة، فقد أقسم الله به في مطالع سور عديدة بأجزاء منه مثل الليل، والنهار، والفجر، والضحى، والعصر، كما في قوله تعالى: (والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى)، و(الفجر وليال عشر)، و(الضحى والليل)، و(العصر إن الإنسان لفي خسر)، ومعروف ان الله إذا أقسم بشيء من خلقه دل ذلك على أهميته وعظمته وليلفت الأنظار اليه وينبه على جليل منفعته.

وجاءت السنة لتؤكد أهمية الوقت وقيمة الزمن، وتقرر ان الإنسان مسؤول عنه يوم القيامة، فعن معاذ بن جبل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه» وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم «ان الوقت نعمة من نعم الله على خلقه ولابد للعبد من شكر النعمة وإلا سُلبت وذهبت، وشكر نعمة الوقت يكون باستعمالها في الطاعات، واستثمارها في الباقيات الصالحات، يقول: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ».

فعل الخيرات

وتحدث رئيس لجنة زكاة الفردوس سعود المطيري عن واجب المسلم نحو وقته قائلا: لما كان للوقت كل هذه الأهمية حتى انه ليعد هو الحياة حقا، كان على المسلم واجبات نحو وقته، ينبغي عليه ان يدركها، ويضعها نصب عينيه، ومن هذه الواجبات: الحرص على الاستفادة من الوقت..

وقال: فإذا كان الإنسان شديد الحرص على المال، شديد المحافظة عليه والاستفادة منه، وهو يعلم ان المال يأتي ويروح، فلابد ان يكون حرصه على وقته والاستفادة منه كله فيما ينفعه في دينه ودنياه، وما يعود عليه بالخير والسعادة أكبر، خاصة إذا علم ان ما يذهب منه لا يعود، ولقد كان السلف الصالح أحرص ما يكونون على أوقاتهم، لأنهم كانوا أعرف الناس بقيمتها، وكانوا يحرصون كل الحرص على ألا يمر يوم أو بعض يوم أو برهة من الزمان وإن قصرت دون ان يتزودوا منها بعلم نافع أو علم صالح أو مجاهدة للنفس أو إسداء نفع الى الغير، يقول الحسن: أدركت أقواما كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصا على دراهمكم ودنانيركم.

تنظيم الوقت

وأكد انه من الواجبات على المسلم نحو وقته تنظيمه بين الواجبات والأعمال المختلفة دينية كانت أو دنيوية بحيث لا يطغى بعضها على بعض، ولا يطغى غير المهم على المهم.

يقول أحد الصالحين: «أوقات العبد أربعة لا خامس لها: النعمة، والبلية، والطاعة، والمعصية، ولله عليك في كل وقت منها سهم من العبودية يقتضيه الحق منك بحكم الربوبية: فمن كان وقته الطاعة فسبيله شهود المنة من الله عليه ان هداه لها ووفقه للقيام بها، ومن كان وقته النعمة فسبيله الشكر، ومن كان وقته المعصية فسبيله التوبة والاستغفار، ومن كان وقته البلية فسبيله الرضا والصبر».

اغتنام وقت الفراغ

ولفت الى ان الفراغ نعمة يغفل عنها كثير من الناس فنراهم لا يؤدون شكرها، ولا يقدرونها حق قدرها، فعن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نعمتان من نعم الله مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ» (رواه البخاري)، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على اغتنامها فقال: «اغتنم خمسا قبل خمس..» وذكر منها «.. وفراغك قبل شغلك» (رواه الحاكم وصححه الألباني).

يقول أحد الصالحين: «فراغ الوقت من الأشغال نعمة عظيمة، فإذا كفر العبد هذه النعمة بأن فتح على نفسه باب الهوى، وانجر في قياد الشهوات، شوش الله عليه نعمة قلبه، وسلبه ما كان يجده من صفاء قلبه».

فلابد للعاقل ان يشغل وقت فراغه بالخير والا انقلبت نعمة الفراغ نقمة على صاحبها، ولهذا قيل: «الفراغ للرجال غفلة، وللنساء غلمة» اي محرك للشهوة.

العطاء

وبين المطيري انه لابد ان يكون في حياتنا توازن بين عطائنا لأنفسنا وعطائنا للآخرين حتى نستعد لمواجهة الأزمات قبل حدوثها وذلك يتحقق انجازات حقيقية راسخة ومتراكمة في مراحل الشباب، وألا نضيع سنوات الانتاج هباء، وحتى لا نكتشف في لحظة اننا ضيعنا عمرنا من أجل انسان لم يقدر هذا العطاء بل تنكر له وجحده، فيكون لدينا أهداف نحاول تحقيقها وأهداف نبيلة نتوجه اليها في حال إخفاقنا في تحقيق الأهداف الأولى، فالبدائل تقي الإنسان من الوقوف في الطرق المسدودة، خاصة ان الرجل يكون قد اكتسب الكثير من النضج والخبرة والوعي والقدرة على القيادة في العمل وفي الأسرة.

علماء نفس واجتماع: التواصل والبعد عن الوحدة وتأخير سن التقاعد سبل لمواجهة أزمة منتصف العمر

الحويلة: التغييرات الفيسيولوجية بعد سن الأربعين تكون لها آثار نفسية
فرغلي: الإحساس بحدة المزاج لدى البعض في ربيع العمر يعود إلى شعورهم بفقدان الكفاءة والقدرة على مواجهة أعباء الحياة
الموسوي: الرضا عن الذات والنظرة العقلانية للأمور تقاوم الاكتئاب
القبندي: الفكر الإيجابي يجعل المشكلة مؤقتة
العياد: معرفة حجم أي مشكلة تساعد في التوصل إلى العلاج
الفضلي: ممارسة الرياضة والاسترخاء من أفضل الحلول

حنان عبد المعبود رندى مرعي ـ لميس بلال
درج باحثون ومتخصصون غربيون في علم النفس على إطلاق تعبير «أزمة منتصف العمر» على ما يمر به البعض رجالا ونساء من مشاعر سلبية ترتبط ببلوغ سن الأربعين أو ما فوقها، على اختلاف الدراسات.

وسواء اتفقنا أم اختلفنا على تسمية «الأزمة» فإنه يبدو وكأن هناك شبه اتفاق على أن هذه المرحلة لدى الكثيرين تتسم ببعض السمات والمشاعر التي تمثل قاسما مشتركا يتجلى في تعاملات الرجال والنساء.

«الأنباء» طرحت الموضوع على بعض المتخصصين في علم النفس والاجتماع لإلقاء الضوء على هذه الظاهرة وكيفية التعامل معها وعلاج أي مشاكل ان وجدت.

أوضحت الآراء أن الوحدة من أهم مسببات الاكتئاب في هذه المرحلة ويمكن التعامل مع ذلك من خلال التواصل والانخراط في العلاقات الاجتماعية الصحية. كذلك ذهب البعض إلى أن تأخير سن التقاعد من شأنه أن يقي البعض من مشكلات هذه المرحلة. نتعرف من خلال السطور التالية على مزيد من التفاصيل.

في البداية، اعتبرت أستاذة علم النفس في جامعة الكويت د.أمثال الحويلة أن الإنسان يمر بمراحل نمو مختلفة إلى أن يصل لمرحلة منتصف العمر وهي مرحلة أواخر النضج وفيها استقرار أسري وعاطفي واجتماعي ولكن غالبا في هذا العمر يصل الإنسان إلى سن التقاعد، وفي هذه المرحلة يشعر الإنسان بأن المرحلة الشبابية في نهايتها وانتهت كل المسؤوليات الملقاة على عاتقه وتدخل الرتابة إلى حياته ويغيب عنها التشويق.

وأوضحت الحويلة أن مرحلة منتصف العمر هي في الفترة العمرية بين 40 و65 سنة ولها صفات فسيولوجية ذات تأثيرات سلبية على الشخص وهي على سبيل المثال تراجع وظائف عدسة العين وتعب النظر وتراجع حدة الإبصار، كما أن وظائف السمع قد تتأثر كما أن كثافة العظام قد تتأثر في هذا العمر لدى النساء والرجال على حد سواء إلا أن إصابة النساء بهشاشة العظام نسبتها أكبر إلى جانب تراجع نسبة الإنجاب والتي تكون سريعة لدى المرأة وتدريجية عند الرجل وكل هذه التأثيرات الفسيولوجية غالبا ما يكون لها تأثيرات نفسية على الإنسان.

هذا إلى جانب تغير الهرمونات وانخفاضها لدى البعض الأمر الذي يحدث تقلبات كثيرة في المزاج ما يصيب صاحبها بالأمراض والاكتئاب والقلق، وهنا تجدر الإشارة إلى أن القلق نوعان: قلق عام وهو عندما يقلق الشخص على مستقبل أبنائه وعلى كيفية تسيير حياته وغيرها من الأمور العامة، والقلق الخاص وهنا المقصود هو عندما يقلق الإنسان من أشياء محددة كالموت والمرض والاستمرارية في الحياة.

كما يدخل الأشخاص في منتصف العمر مرحلة اكتئاب لشعورهم أنهم دخلوا مرحلة نهاية حياتهم ويعتبرون أن رسالتهم انتهت في حياتهم ويخافون من الإصابة ببعض الأمراض كالزهايمر خاصة عندما يبدأ الأبناء باتخاذ القرارات بعيدا عن والديهم.

وتابعت الحويلة أن الدراسات الحديثة تشير إلى أن مرحلة سن الشيخوخة أصبحت متأخرة وذلك لأن الوعي الصحي أصبح متزايدا ويحظى باهتمام أكبر مما كان عليه، كما أن الكويت تعتبر من الدول الأكثر شبابا على الرغم من أن هذا لم يلغ الاهتمام بكبار السن في مختلف المرافق حيث تحظى هذه الفئة باهتمام ومتابعة جيدة من قبل الجهات المختصة.

ولكن هذا برأي الحويلة لا يكفي وذلك لأنه في أغلب دول الشرق الأوسط تعتبر مرحلة الخمسينيات من أهم مراحل الحياة حيث تكون الخبرات قد نضجت ويجب الاستفادة منها وعليه فإن بداية التعامل السليم مع مرحلة منتصف العمر تبدأ من تأخير سن التقاعد والتعامل مع هذه المراحل العمرية بوعي تام من خلال الاستعانة بذوي الخبرات رجالا أو نساء وأن يتم توظيفهم كاستشاريين كل في مجاله وتعزيز الثقة بهذه الخبرات وعدم أسرهم بالتقاعد وتهميش دورهم المجتمعي.

كذلك الأمر على الصعيد الاجتماعي حيث يجب الحفاظ على سلطته داخل المنزل وإشراكه في جميع الأنشطة الاجتماعية وإعطائه أولوية الرأي واتخاذ القرار وذلك لتجنيبه الإصابة بالاكتئاب وشعوره بأنه غير نافع لا لمجتمعه ولا لأسرته.

من جهتها، أكدت المعالجة النفسية د.رضوى فرغلي أن الإنسان حين يكبر في السن يواجه العديد من المتغيرات النفسية منها ضعف الانتباه والذاكرة وضيق الاهتمامات والمحافظة وشدة التأثر الانفعالي والحساسية النفسية.

كما يكون هناك انحدار في القدرات الوظيفية البدنية والعقلية. وقالت «قد تزداد حدة المزاج لدى الأشخاص ممن هم في مرحلة ربيع العمر، ومن الممكن أن يتحول إلى شخص عصبي وغير محتمل، ويكون ملاحظ أنه يفقد طول البال الذي اتسم به أثناء فترة الشباب، وهذا قد يعود لإحساسهم بأنهم فقدوا الكثير من كفاءتهم وقدراتهم سواء كانت المادية أو النفسية أو الجسمانية على مواجهة الحياة وأعبائها».

وأضافت: «أحيانا ما يصاب بعض الآباء أو الأمهات الكبار في السن بدرجة من الاكتئاب والقلق الشديد سواء لإحساسهم بالوحدة النفسية حتى وان كانوا يعيشون مع الأبناء الذين يكونون منشغلين في الأساس بحياتهم الجديدة وبأبنائهم وأعمالهم ومشاغل الحياة العادية، أو يكونوا بعيدين عنهم في أماكن بعيدة يصعب التواصل المستمر فيما بينهم، مما يجعلهم يعانون من درجة عالية من أعراض ونتائج الوحدة النفسية».

وأردفت «هذا في الأحوال العادية. ولكن المشكلة تزداد ان كان الأب أو الأم لديهما من الاستعداد النفسي للإصابة ببعض الأمراض النفسية في الكبر، حيث ان البعض منهم لا يحتمل هذه الضغوط فيبدأ عليه ظهور بعض الأعراض النفسية».

وعن كيفية التعامل معهم أكدت فرغلي ان المجتمعات العربية لديها من العادات والتقاليد التي كادت تمثل حائط صد، وصمام أمان لانحدار الأهل من كبار السن إلى هوة الاكتئاب والقلق، ولهذا فإن المعية والتواصل الدائم مع الأب والأم وحمايتهم من الإحساس بأنهم أناس أدوا رسالتهم وانتهت مهمتهم في الحياة وانتهى دورهم النفسي والاجتماعي في الحياة وعليهم التنحي جانبا، حيث يجب إشعارهم الدائم بالامتنان النفسي وأنهم مازالوا قادرين على العطاء حتى وان كان هذا العطاء عاطفيا وليس ماديا، لأن كل إنسان في الدنيا له رحلة حياة تنتهي، حيث تنتهي رحلة الحياة المادية مثلا وتبقى رحلة الحياة النفسية والعاطفية متواصلة طوال الوقت، وبالتالي فإن بث الأبناء للمشاعر الطيبة طوال الوقت لوالديهم بأنهم يحملون الجميل وممتنين لهم ولأدوارهم التي مثلوها لهم، وتعليمهم وبث الكثير من الخصال التي ساعدتهم في حياتهم العملية يساعدهم كثيرا على احتوائهم.

وقالت «هناك وجه آخر للأمر فهناك عقوق والدين كما أن هناك عقوق أبناء، فالآباء الذين يكونون عاقين لأبنائهم وهم في شبابهم وقوتهم وعطائهم حين يكبر الأبناء يكون هناك منهم نسبة لا يستهان بها يمارسون عقوق الوالدين عليهم كنوع من رد الفعل وهو أمر متبادل، ولكن غالبا من يعطي ويبث أبناءه طاقة حب كبيرة هو من يجني هذا الحب فيما بعد، حيث ان الآباء يجب ان يزرعوا ويزيدوا من أرصدة الحنان في قلوب أبنائهم لأنهم حين يكبرون يكون هذا هو الرصيد الذي سيسحبون منه بعد ذلك، وحتى لا يكون هناك معاناة نفسية قاسية».

وأشارت الى ضرورة الحرص على مشاعر الوالدين المسنين وتلافي احساسهم بعدم الكفاءة لأنهم لم يعودوا يعملون، او أن صحتهم لم تعد تقوى على العمل، حيث ان الغالبية منهم قد يعانون حرجا شديدا في أخذ أموال من الأبناء الذين يكونون في هذه الحالة مكلفين بإعالة أهلهم، خاصة أن هناك شريحة كبيرة من الناس ليس لديهم معاش تقاعدي، وعلى الأبناء أن يعلموا أن هذا كأنه دين يسدد على سنوات مثلما اخذوا من رصيد الأب والأم ليكبروا ويتعلموا ويعملوا ويكون لديهم دخل، عليهم رد هذا الدين مغلفا بنوع من المحبة والحنان والامتنان لكل ما عملوه وهو ما لا يقدر بمال.. ولهذا فإن إحاطة الوالدين في مرحلة ربيع العمر بسياج من الحب والاهتمام كما فعلوا مع ابنائهم في الصغر هو الحل اللازم لتلافي حدوث الكثير من المشاكل النفسية التي قد تتسبب في حدوث مشاكل صحية أخرى.

من جهته، وفيما يتعلق بكيفية التعامل مع الاكتئاب بصفة عامة يقول الاستشاري النفسي د. حسن الموسوي: «أولا لابد أن نتقبل الموقف كما هو، ثانيا فهم ابعاد المشكلة وجوانبها المختلفة لنرى مدخلا لحل المشكلة، ثالثا البحث عن اكثر من حل للبعد عن الاحباط واليأس وإيجاد اكثر من حل، رابعا لا أتوقع الحل المثالي وأهمية القبول والرضا بما يعني القناعة، خامسا مفهوم «الاحباط بداية للتحدي» بالتفكير والتعلم والتغيير باعتباره جرس الإنذار ونوعا من الصحوة، سادسا لابد ان يكون عندي رضا على كل شيء وان انظر لنفسي على انني قادر ولست فاشلا والنظرة للأمور بعقلانية تحقق التوتر والدافع يزيد.

ويضيف: «الاكتئاب عند المرأة مرتبط بنقص العاطفة والإنجاز وأيضا عندما ترى ان الطرف الآخر لا يعطيها الاهتمام والاكتفاء وتقديرا لإنجازاتها، حيث ان اكتئاب المرأة مرتبط بطريقة تفكيرها بنفسها.

اما الرجل فتحقيق الذات والوصول لأعلى درجاته والضغوط التي يواجهها وعدم مقدرته على انجاز ما هو مفترض ان ينجز هو ما يدفع الرجل للوصول للإحباط، فالإحباط مرتبط عنده بالهدف وعدم تحقيق الهدف».

وختم الموسوي: «الإنسان لابد ان تكون توقعاته مثالية ويعرف قدراته وامكاناته ليصل لمرحلة القناعة في حياته والابتعاد عن الإحباط»، مؤكدا ان الضغوطات زادت والتوقعات والرغبات زادت ايضا، لذا مطلوب من الانسان تقليل حاجاته وزيادة قوته لتحقيق هدف ثم هدف وليس كل الاهداف مرة واحدة.

التعرف على الأسباب

أما د.سهادم القبندي أستاذة علم الاجتماع بجامعة الكويت فعلقت على الموضوع بالقول: بداية يجب التعرف واكتشاف اسباب الارق واليأس والوصول لهذه المراحل لا يأتي بيوم وليلة فالمشكلة في حياة الانسان شيء طبيعي والمطلوب ان يمرن الانسان نفسه وان تكون المشكلة جزءا من الانسان وعنده الدافع للحل، فمن يملك آلية لن يصل لمرحلة اليأس.

وأضافت: «نحن كمسلمين هذه الاشياء مرحلية في حياتنا مثل فقدان عزيز ومشكلة مالية ولوجود الامل بالله عز وجل نستطيع تجاوز هذه المشاكل. فالايمان بالله وبالنفس والقدرات مهم جدا واذا كان فكري ايجابيا تتحول المشكلة الى وضع مؤقت نستطيع ان نضع له حلولا، اما لو كانت المشكلة كبيرة فالبحث في جزئياتها والتعامل معها يغيرها بالتأكيد».

وتمنت القبندي ان يتعب كل الناس على أنفسهم ويعملون على راحة النفس وتقويتها وتكوين علاقات مع الناس وحب النفس، فعندما يتعرض الانسان لمشكلة لابد له ان يتطلع على مهارات التعامل مع المشكلات افضل من الجلوس مكتوف الايدي والبكاء او الكلام الكثير بشأن المشكلة لان «التحلطم» شماعة الفاشل.

وفي النهاية، أكدت على أن «الوعي يكشف المشكلة وتكوين العلاقات مع الناس الايجابيين يساعد ايضا والابتعاد عن السلبيين له دور كبير بالإضافة لقراءة الكتب وتطوير الذات له دور كبير ايضا».

إدراك حجم المشكلة

بدورها، أستاذة علم النفس في جامعة الكويت د.فاطمة العياد قالت: الاكتئاب واليأس والاحباط مرتبط احدهم بالآخر ولا يمكن فصلهم عن بعض والتغلب عليهم يمكن ان يكون بطريقة فردية او طبية وطرق اخرى، الخروج من الحالة بتوجيههم الى انشطة معينة.

لابد من التعامل مع الشخصية من كل الجوانب الانفعالي والسلوكي ولابد ان يدرك الشخص حجم المشكلة والدافع والرغبة ثم العلاج، ومن لا يستطيع الوصول لحل يمكنه اللجوء للعلاج الطبي.

التعايش الإيجابي

استاذة علم النفس هدى الفضلي تقول حول علاج الاكتئاب: ان ممارسة الرياضة والاسترخاء والتأمل والتعايش الايجابي من افضل الحلول، كذلك تبديل الافكار السلبية بالايجابية يجعلنا نتغير للافضل، البعض يفكر «الضربة قوتني» والبعض الآخر يقول «دمرتني»، القراءة هي ابسط شيء وتغيير الاماكن التي تعتاد الناس الجلوس فيها ومصاحبة المتفائلين.

وتضيف «اسلوب تفسير المشكلة والوصول للحل مهم والتفكير بها بايجابية والتعلم من المشكلة التي مر بها الانسان، كذلك الصلاة والدعاء مهم لمن يواجه عوارض الكآبة وغيرها.

وتؤكد انه لابد من عزل الاكتئاب عن القلق فالاول يأس بالحياة والثاني خوف من المستقبل وحزن على الماضي اما الارق فهو احد اعراض الكآبة.

النصف الممتلئ

في الختام، أكد أستاذ علم النفس في جامعة الكويت د.خضر البارون أن «لكل شيء طريقة معينة للعلاج لكن الانسان لابد له ان يهتم بنفسه ولا يشغل باله بما يقلقه ويجعله مكتئبا وكيف ينظر هو للأمور، خصوصا ان هناك اشياء لا يمكن التحكم بها وهنا لابد من وضع الجانب الايجابي حيث انه يجب بمجرد انتهاء المنبه الذي يثير الاكتئاب حاول ان تنظر اليه بصورة ايجابية واعتباره «درسا تعلمناه»، فالإنسان الذي ينظر لنصف كأس الماء الفارغ سلبي اما الذي ينظر للنصف الممتلئ فهو ايجابي بتفكيره.

ويضيف «ابعث في نفسك روح الاسترخاء والتمتع بالحياة وانظر لهذه الامور الى انها استمتاع بالوقت وبما اعطاك الله، وأكثر من حمد الله عز وجل على ما اعطاك وتمتع بحياتك، وتعلم كيفية التعامل مع الأمور بحكمة وعقلية وموضوعة».

حلول تعبّر عن رفض التقدم في العمر.. وزيجات تنتهي غالباً بالطلاق

عمليات تجميل أو زوجة ثانية.. العلاج الكويتي لـ «منتصف العمر»

دانيا شومان

الدراسات العلمية تتضارب فيما بينها، فبينما تشير معظم الدراسات النفسية إلى أن أزمة منتصف العمر تصيب الرجال والنساء بين الاربعين والخمسين من العمر، ودراسات اخرى تؤكد ان أزمة منتصف العمر لا تأتي الا بعد الخامسة والخمسين للرجل والمرأة، هناك دراسة حديثة تشير إلى ان أزمة منتصف العمر تبدأ في سن الخامسة والثلاثين، فمثلا أشارت دراسة أجراها موقع «Love to Learn» التعليمي إلى أن منتصف العمر يبدأ في الخامسة والخمسين، أي في مرحلة عمرية متأخرة كثيرا عما كان يعتقد في السابق.

وكشفت الدراسة التي نشرها موقع بي بي سي اون لاين واعتمدت على مسح شمل 1000 بريطاني تجاوزوا الخمسين، أن البريطانيين لا يعتبرون أنفسهم مسنين إلا بعد بلوغ السبعين.

وهناك دراسة أخرى تقول ان أزمة منتصف العمر تصيب الرجال والنساء بين الخامسة والثلاثين والسادسة والثلاثين.

ولكن كانت الدراسات تعتمد على مسح ميداني لدول أوربية ولكن ماذا عن بلادنا، وكيف يرى مشاركون من رجال ونساء استطلعنا آراءهم مرحلة منتصف العمر كيف مروا بها وكيف تعايشوا معها؟! وكيف ينظرون اليها؟! أم أحمد (56 عاما) وان كانت ترفض مسمى أزمة منتصف العمر الا انها وبعد ان عرضنا عليها ما أشارت إليه الدراسات تقول: «سمعت هذا الكلام كثيرا، عندما بلغت الخامسة والأربعين قالوا انني سأعاني من تلك الأزمة، وبعدها بخمسة أعوام أيضا اي عندما بلغت الخمسين سمعت ذات الكلام، ولكن انا استطيع ان أتحدث عن نفسي، وعن تجربتي اولا لا اعتقد انني مررت بتلك الأزمة، وربما مررت بها ولكنني لم انتبه لها، خاصة وهي لم تؤثر على حياتي ولا على اسلوب نظرتي للحياة، او تعاملي مع إفراد عائلتي أو الاخرين».

وحول ما اذا كانت تملك وصفة سحرية خاصة مكنتها من العبور دون ان تشعر بتلك الأزمة قالت ام احمد: «انا سأتحدث عن تجربتي في حياتي كلها، فانا كنت أعيش وفق أحكام كل مرحلة من مراحل عمري، فللطفولة أحكامها وسعادتها وميزاتها، وكذلك كان لفترة المراهقة، وبعدها الشباب، ثم ما بعدها، فأنا اعرف ان لكل عمر أحكامه، ولكل مرحلة عمرية ميزاتها وحسناتها، المسالة إذن قناعة بالنسبة لي، فالشخص اذا اقتنع بأحكام عمره وعرف ما له وما عليه في كل مرحلة عمرية سيعيش في حالة سلام مع نفسه».

وتقدم ام احمد نصيحة قائلة: «نعم عش يومك وعش حاضرك ولا تنظر لماضيك الا بفرح ولا تتطلع الى مستقبلك سوى بترقب، اعتقد ان هذه المعادلة هي ما جنبتني الإحساس بما يسمونه أزمة العمر».

بدورها، لم تبتعد كثيرا ام عادل 47 عاما في نظرتها لما يعرف بأزمة منتصف العمر عن نظرة ام احمد ولكنها تصوغها بطريقة مختلفة: «اولا لا اعترف بهذا المسمى وارى انه مجرد وهم يقع فيه الرجال والنساء وهذا الوهم يدفعهم للتصرف بطريقة غريبة كأن يقوم الرجل بالبحث عن زوجة بدعوى تجديد شبابه او تقوم المرأة بالتصابي وتحاول ان تعمل عمليات تجميل تصغر من عمرها، ونعم اعرف نساء وقعن ضحايا لوهم أزمة منتصف العمر، والحل برأيي هو القناعة والرضى بما بلغ الانسان من عمر بغض النظر عن اي شيء اخر، وان يكون قد انجز شيئا يستحق في حياته، كأن يكون قد احسن تربية أولاده او قدم شيئا لبلاده في وظيفته او اختراعا ما او قام بتأليف كتاب او قضى حياة جميلة، اما من لم ينجز شيئا من هذا في حياته، او لم ينجز شيئا على الاطلاق فاعتقد انه هو من يقع ضحية لوهم أزمة منتصف العمر».

وعن تجارب لنساء رأتهن وقعن ضحية لازمة منتصف العمر تقول ام عادل: «بصراحة النساء يتصابين، يحاولن ان يجددن شبابهن وكأن العمر كله يتمحور لديهن حول الشكل فقط، واعرف سيدة خمسينية تجري كل عام عملية تجميلية منذ ان بلغت الـ 40 عاما، اي انها الان يفترض انها أجرت ما لا يقل عن 10 عمليات تجميل وربما اكثر لا اعلم، ولكنها ولانها لم تمتلك القناعة وترفض ان تعيش عمرها فعلت ما فعلته وتستمر في ذلك، وهذا نموذج لمن يقع ضحية لوهم أرمة منتصف العمر».

ابو ياسر (52 عاما - متقاعد) يكشف الجانب الخاص بالرجال وفي الكويت تحديدا عندما يقعون ضحايا لما يعرف بمرحلة منتصف العمر: «منذ سنوات ونحن نعرف ومن واقع معايشة ان اي رجل يتوجه للزواج على زوجته هو رجل يعاني من أزمة منتصف العمر، وغالبا ما يفعلها الرجال بين الخامسة والأربعين والخمسين في الكويت، واعلم تماما ان من يتزوج من ثانية بعد هذا العمر هو رجل في الغالب يعاني من أزمة منتصف العمر، وغالبا ما ينتهي الزواج الى الفشل، وانا اعتقد ان هذا الزواج الثاني محاولة للرجل للهروب من واقعه ويحاول ان يثبت انه لا يزال مرغوبا، واعتقد ان هذا هو حال الرجل العربي الذي يمر بأزمة منتصف العمر فحلها الأسهل بالنسبة له هو الزواج».

وعن واقع تلك الزيجات الثانية يقول ابو ياسر: «غالبها كما ذكرت تنتهي بالطلاق بعد عامين او ثلاثة، وهو حل يراه الرجل سهلا ولكنه ليس كذلك، فهو بالنهاية ربما يخسر زوجته الاولى ام عياله حتى وان لم يطلقها، ونصيحتي لكل من يرى انه يمر بتلك المرحلة ان يتجاوزها بالتقرب من عائلته ومن زوجته اكثر، وعامة انا ارى ان اغلب من يقعون ضحايا لها هم المتقاعدون خاصة ممن يتقاعدون مبكرا».

اما ابو حمد الاربعيني فيرى ان الرجال والنساء ممن يقعون ضحايا لأزمة منتصف العمر غالبا ما يبحثون عن أسهل الحلول لتجاوز تلك الأزمة ويقول: «نعم الرجل يبحث عن زواج جديد في محاولة منه لتجديد شبابه، وأما المرأة فتحاول ان تجدد شبابها بعمليات التجميل المبالغ فيها كالشد وربما تغيير الوجنتين والانف وهذا امر شائع خاصة في السنوات الاخيرة، وانا رأيي هو ان يعيش الانسان عمره كما هو ويتمتع بحياته في اي عمر كان، وان يحاول ان يشغل نفسه بما ينفعه.

المهنا: الأزمة مرتبطة بتغيرات في الهرمونات وخلايا الجسم العضلية

تناول رئيس قسم العلاج الطبيعي بمستشفى العدان د.علي المهنا الجانب الجسدي لكبار السن وقال إن الإنسان يمر في حياته بمراحل عدة، إلا أن هناك مرحلتين على وجه الخصوص يحتاج إلى رعاية مكثفة فيهما ألا وهما مرحلتا الطفولة والشيخوخة، وقد تكون مرحلة الطفولة قد حظيت باهتمام كبير على كافة المستويات في العالم المتقدم، إلا أن مرحلة الشيخوخة لم تحظ بنفس القدر من الاهتمام وخاصة في البلاد النامية.
ولفت الى أن تقدم وسائل المعيشة الحديثة، وارتفاع مستوى الخدمات الصحية والاهتمام بالصحة العامة في الجوانب الوقائية والعلاجية أحدث زيادة في عدد كبار السن في العالم كله، ورفع من معدل احتمالات زيادة عمر الإنسان، وقال «ان مرحلة الشيخوخة تعد مرحلة عادية من مراحل النمو لأي إنسان، ولها من المظاهر الخاصة بها كما هو الحال في كل مرحلة من مراحل حياة الفرد، والتي تعتبر عامة بالنسبة للجميع، كذلك لكل من هذه المراحل مشكلاتها التي تعتبر خاصة بها».

وأضاف «هناك تغيرات جسمانية تحدث مع زيادة سنوات العمر، حيث يكون هناك تغيرات في الهرمونات وخلايا الجسم العضلية التي تشهد ضمورا وعدم القدرة على أداء وظيفتها الطبيعية وبالتالي تؤثر على أداء العضلة ككل، مما يؤثر بدوره على أداء المفاصل».

وأشار الى أن كبار السن يواجهون ضعف العضلات الذي يحدث نتيجة له انحناء، وقد لا يدركون أنهم أصيبوا به حيث يحدث تدريجيا، وبالتالي قد يجد المسن صعوبة مرة واحدة في محاولة الوقوف وشد الجسم بطريقة مستقيمة، لأن الانحناء صاحبه تيبس في عضلات الظهر، وتيبس في العمود الفقري.

وأردف «كما يميل كبار السن إلى الانحناء إلى الأمام بالرقبة، وهذا يحدث نتيجة خشونة شديدة بالرقبة وشد بالعضلات، كما أنهم دائما ما يعانون من متاعب وآلام في مفصل الكتف وهي التي تعد من أكثر المشاكل التي يعاني منها كبار السن حيث يشعرون بألم بسيط في مفصل الكتف مما يجعل الشخص يتفادى تحريك يده، وبالتالي يهملها ومفصل الكتف على وجه الدقة المفصل الواحد يتشارك ويتحد ثلاثة مفاصل به وبالتالي يميل إلى التيبس الذي يصيبه وبسرعة، والذي إن تيبس يكون هناك صعوبة في رجوعه إلى حالته الأولى، وبالتالي يفقد حركات معينة أساسية ويكون هناك صعوبة في الوصول إلى بعض أجزاء من الجسم بيده مثل الأرجل او الظهر، لأن التيبس حال دون ذلك.

وأوضح المهنا أن البعض من كبار السن إن لم يكن هناك اهتمام مكثف بهم فقد يحدث معهم سقوط غير متوقع، مما يصيبهم بكسور أغلبها يكون في مفصل الفخذ مما يؤثر على حياتهم، وكذلك الكثير منهم يصابون بخشونة في الركبة والتي تحتاج إلى عناية معينة وتمرينات معينة أيضا بشكل مستمر.

ابوقيس99
04-08-2015, 03:00 PM
ما شالله طرح طويل . حتى اني. تعبت ونمت وطاح التلفون من يدي
نعم عمر الأربعين هو اكتمال كل شئ في الإنسان
وتتوقف الأعضاء من النمو
وبعد الأربعين يبداء كل شئ يضعف ويقل

شكرا على مجهودك يالويس

fawaz_a
04-08-2015, 04:53 PM
ما شالله طرح طويل . حتى اني. تعبت ونمت وطاح التلفون من يدي
نعم عمر الأربعين هو اكتمال كل شئ في الإنسان
وتتوقف الأعضاء من النمو
وبعد الأربعين يبداء كل شئ يضعف ويقل

شكرا على مجهودك يالويس

اخوي ابوقيس
تواجدك اسعدني والنص فعلا جميل بلاشك والذى اعجبني فيك حب الاستكشاف والمعرفة وقراءة النصوص بشكل محترف ومفكر. بارك الله فيك