المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من سلسلة النكاح "أُسُسِ اخْتِيَارِ شَرِيْكِ الحَيَاةِ (3)"



محمد255
05-10-2015, 11:59 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من سلسلة النكاح
تابع أُسُسِ اخْتِيَارِ شَرِيْكِ الحَيَاةِ (3)
(تابع أُسُسِ اخْتِيَارِ الزَّوْجَةِ)

الأَسَاسُ الرَّابِعُ/ الدِّيْنُ:
لَمَّا كان الدِّين هو مصدر السعادة ومنبع الخير والفضيلة، ومدرسة الأخلاق الكريمة، والصفات الزكية الحسنة، بل هو أغلى شيء يتمسك به المرء في حياته ويعيش من أجله، وأعظم خير يعين عليه غيرَه، ويعينه عليه غيرُه، وهو أنفس ما يربي عليه الأبُ أبناءَه، وأكبر إرث يخلِّفه لورثته فقد جعل الشارع الأساس المتين الذي ينبني عليه الاختيار السليم من قبل الرجل والمرأة هو وفرة الدِّين والتمسك به والاستقامة عليه والعض على نواجذه؛ ولذا خصه النبي  بالوصية فقال في جانب المرأة كما في حديث أبي هريرة  السابق: ".. فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ".
وفي جانب الرَّجل شدد المصطفى المختار -عليه الصلاة والسلام- على هذا الأساس في الاختيار والقبول حتى كرر ذلك ثلاث مرات، ففي الحديث الآخر عنه  أنه قال: "إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ إِلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ؟ قَالَ: "إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ- ثَلاثَ مَرَّاتٍ".
ومع اعتبار الدِّين أهم المقوِّمات والأسس التي ينبغي مراعاتها عند اختيار شريك الحياة إلا أن ذلك لا يعني الإلغاء الشرعي لِما تقدم من الاعتبارات السابقة كالمال والجمال والحسب، بل المراد ألاَّ يكون الجمال أو المال أو النسب هدفا مجردا عن الدِّين والأخلاق، وأن الأساس الأول الذي ينبغي أن ينطلق منه الرجل في الاختيار لشريكة الحياة ومحضن الأبناء هو الدِّين وما بعده فزيادة من خير وبركة.
وإذا كان المرءُ حريصًا على المحافظة على استقامته ودينه، وعلى أخلاق أبنائه وحسن سلوكهم فلا ينبغي له أن يفرط في الزوجة الناصحة له والأم الصالحة لأبنائه،
فإن الكسر في الدِّين لا يجبره شيء بينما كمال الدِّين يتمم كل نقص، ويجبر كل كسر.
وهذا ما يؤكد ضرورة وجود أساس الدِّين في المرأة على أي حال؛ لأنه إذا تزوجها لاعتبارات مادية أو شكلية مع كونها خالية من الاستقامة والدِّين لم يأمن أن تزول تلك الاعتبارات، فالمال ذاهب، والجمال زائل، والعز قد يستحيل ذلا، فعندها لا يبقى له في نفسه ما يتمسك لأجله بتلك المرأة، فتفتر جذوة الحب وتخبو بينهما المودة حتى تكون كرها، والرحمةُ حتى تكون نقمة وعذابا.
وقد تبقى كل تلك المظاهر الفرعية إلا أنها تكون مصدر شقاء بدل أن تكون مصدر سعادة؛ لأنه لا يؤمن من تلك المرأة -وهي مُقلَّةٌ في الدِّين- أن تشهر ما تتميز به سلاحا في وجه زوجها؛ فتمتن عليه في بيته بمالها إن كانت ذات مال، أو تختال خارجه بحسنها وفاتن جمالها إن كانت ذات جمال، وتزهو وتفخر في كل ذلك بأصالة حسبها وعراقة نسبها إن كان فيها ما تقول.. وهذا ما يصيب الرجل في مقاتله ويطعنه في صميم كبريائه، ويجعله يفرط فيها أو يفارقها، وعن هَذِه العاقبة الوخيمة جاء الهديُ النبوي محذرا ومرهبا فقال عليه الصلاة والسلام: "لا تَزَوَّجُوا النِّسَاءَ لِحُسْنِهِنَّ فَعَسَى حُسْنُهُنَّ أَنْ يُرْدِيَهُنَّ، وَلا تَزَوَّجُوهُنَّ لأمْوَالِهِنَّ فَعَسَى أَمْوَالُهُنَّ أَنْ تُطْغِيَهُنَّ، وَلَكِنْ تَزَوَّجُوهُنَّ عَلَى الدِّينِ؛ وَلأَمَةٌ خَرْمَاءُ سَوْدَاءُ ذَاتُ دِينٍ أَفْضَلُ".
وعن أنس بن مالك  قال: سمعتُ النبيَّ  يقول: "من تزوج امرأة لعزها لم يزده الله إلا ذلا، ومن تزوجها لمالها لم يزده الله إلا فقرا، ومن تزوجها لحسبها لم يزده الله إلا دناءة، ومن تزوج امرأة لم يتزوجها إلا ليغض بصره أو ليحصن فرجه، أو يصل رحمه بارك الله له فيها، وبارك لها فيه".

(المصدر/ كتاب المعتمد في فقه النكاح)


مع تحيات :
حملة شباب ولاية المضيبي للأعمال الخيرية
شاركنا الأجر وساهم في نشر رسائلنا

ضياء القرآن
09-10-2015, 09:07 PM
السلام عليكم..
جزاكم الله خيراً..
زادكم الله علماً..

بدر الدجى
11-10-2015, 10:09 AM
شكراً لك أخي...بارك الله فيك