شموس الحق
07-10-2015, 02:04 PM
للألم مذاقات مختلفة.. وللاحزان ألوان باهتة .. العيون غارقة في دموعها .. الوجوه تشبه ظلام الليل .. تسكن الاشباح تلك الجدران .. نزل ضيقة عتيقة .. تفوح منها روائح نتنة .. بعد منتصف الليل.. تتعالى صيحات أفواه منهكة.. خطوات مقلقة .. جلجلة مقيتة ..مخالب تذرع صحراء قاحلة .. تتناثر فيها أشلاء.. تنعق غربان الليل.. فوق رؤوس نصف مدفونة.. تترقب بقايا الالم والجراح .. اي عالم ؟ .. تلك أجناس اتعبتها الفصول الأربعة..والانتظار.. انكشفت سوءة معركة الظلام.. سقط الجنود أمام أول حصن .. لم تبق لهم الا شهادة الموت فقط ... جربوا كل شيء .. نسجوا الاكفان .. كتبت الوصية .. كانت هي شبه نائمة على وسادة عتيقة ..غارقة في مأساتها .. تغمرها أحزان موغلة في أعماقها ..تترقب أن يقرع باب البيت .. توقعت وصوله من السفر.. توجست خيفة من إستمرار غيابه.. يراود أفكارها .. أقض مضجعها.. لا تزال كفوفها تحمل أمل .. كل ما تبقى لديها.. لاسباب معلومة لديها ..فتشت بقايا ذاكرته.. لم تجد شيئا في اكوام ملابسه.. سوى قصاصات .. عنونها ذلك البائس اليها.. أخفى حروفها وكلماتها .. دفن وصيته بحبر سري .. الوقت مدرك .. كان الوداع الاخير .. تتذكر تلك البائسة الميلاد الاول .. والصرخة الاولى .. تعرف أسراره منذ المهد .. تدرك مدى قربه منها .. قصة حفظتها عن ظهر قلب ..سهرت كثيرا .. كل شيء يشهد.. لا تعرف سوى الليل والنهار .. الشروق والغروب ... مرسومة على صفحات القلب .. سطرتها دموع .. ازهرت ورودا .. مكتوب على حروفها.. الموت او الغياب .. عيون تنبض بالامل والالم .. لم يتبق شيء .. حتى هدايا العيد .. أختفت من كفوف الأطفال .. كم هي بعيدة تلك القبلة..قميص يقطر دما.. مكتوبة في العيون.. ساطعة كالشمس .. لم تبارح الروح .. كانت هناك حاضرة .. كنجوم الليل .. كتبتها من جديد بذات الدموع .. سمعوها مرات عديدة .. ذات مساء .. بكى احدهم .. تذكر أشياء منسية .. وفي النصف الاخير من الليل .. جاءت الريح .. طارت الكلمات من بين يديه .. حملتها الريح .. الى قدر آخر .. الى نافذة وقفت تلك الصابرة أمامها.. كانت واقفة منذ ليلة السفر.. تترقب الأمل والحياة .. عرفت الرسالة .. عرفت سطورها ونبضات كلماتها .. ومصدرتلك الكلمات.. ليست غريبة .. قرأتها بتأني .. أدركت ما بين السطور... كما شاءت .. نادت اطفالا نائمين .. غارقين في سباتهم .. وأحلامهم .. قرأتها لهم .. ضمتها .. رسمت ابتسامة.. وفرحة أخرى ... أكدت لهم أنه لم يسافر بعد .. لم يعد بعد .. تداولوها بينهم حتى الصباح.. مسحوا الدموع.. تذكروا أشياء جميلة وصغيرة .. حينما علموا بالقصة.. اختبأوا خلف الجدران .. خلف الابواب .. غطوا وجوههم .. وقلوبهم .. سألوها.. سافرت الاوراق مع الليل .. الى شاطيء عبث به أولئك الأطفال .. سكنوا ترابه .. سافروا مع الريح ..
(بقلمي) ناصر الضامري
(بقلمي) ناصر الضامري