المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ليس عبثا



صدى صوت
07-12-2015, 10:35 AM
تأملت قول النبي صلى الله عليه وسلم:
"وأن تؤمن بالقدر خيره وشره"، فرأيت أنَّ الإيمان بالقدر يورث السكينة والطمأنينة في نفس الإنسان، ويشيع فيها جوًّا من البهجة والسرور والسعادة والأمل.

بينما الذي لا يؤمن بالقدر فهو بالضرورة ينسب ما يجري في الحياة من مصائب ومصاعب إلى الصدفة والعبثية.

فإذا نزلت به مصيبة قال: لماذا هذا السهم من سهام المصائب قد أصابني دون غيري؟
ولماذا اختارني دون سواي؟ ولماذا ترك الجميع ثم نزل بي؟ فتنقلب حياته إلى جحيم لا يطاق، ويكوى بعذابين: عذاب المصيبة، وعذاب إلقاء اللوم على نفسه جراء تلفظه بلو، ولماذا؟

أما المؤمن الذي يؤمن بالقدر خيره وشره من الله، فهو يعلم علم اليقين أن ما يجري في الحياة إنما يجري بتدبير الله سبحانه وتعالى.

فالله تعالى مالك السموات والأرض، ويتصرف في ملكه بما يشاء، وإذا كان الإنسان المالك لا يسأل عن تصرفه وهو مخلوق؛ لأنه حرٌّ، فكيف يسأل الخالق عن ذلك وهو ملك الملوك؟! قال تعالى: ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾ [الأنبياء: 23].

وهو تعالى حكيم، وأفعاله وأحكامه منزهة عن الفوضى والعبثية.
وهو تعالى عليم، وأفعاله وأحكامه منزهة عن الجهل.
وهو عدل، وأفعاله وأحكامه منزهة عن الظلم.
وهو مريد، وأفعاله وأحكامه منزهة عن الصدفة.
وصدق الله عندما قال: ﴿ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ [الرعد: 39].

إن الكون كاللوحة الجميلة، وأن الصورة لا تكتمل إلا بالنظر إلى كل جزء من أجزاء هذه اللوحة الجميلة، وإن كلمة لو، ولماذا هي عمل من أعمال الشيطان، وإن الإيمان بالقدر يفتح أبواب التفاؤل والأمل، وليس مدعاة للتقاعس والكسل.

والمطلوب من المسلم أن يأخذ بالأسباب في أمر دينه ودنياه، وكلٌّ ميسر لما خلق له.

فمن أخذ بسبب الهداية، فهو من السعداء إن شاء الله.
ومن أخذ بأسباب الشقاء كالعصاة والكافرين، فهو من الأشقياء.
ومن أخذ بأسباب الرزق ورزقه الله، حمد الله على ذلك وكان من الشاكرين.
ومن أخذ بأسباب الرزق وقتر عليه رزقه، صبر وهو من الصابرين.
ولكن عليه ألا يستسلم، وأن يحاول جاهدًا.

ولكن ليس من أخلاق المسلم أن يحتج بكسله على الأقدار؛ لأن هذا الاحتجاج من أخلاق الكفار؛ قال الله تعالى: ﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾ [الأنعام: 148].

فما يجري في الكون ليس عبثًا؛ لأن أفعاله تعالى كلها حكمة وعدل، وإنما العبث هو فعل الإنسان عند ما يخالف أوامر الله تعالى!

ولنا بقصة الجزار القاتل عبرة:
هذه القصة تدور أحداثها حول رجل كان يعمل جزارًا ، وفي ليلة من الليالي وبينما هو عائد إلى منزله سمع صوتًا ينادي ساعدوني, فأسرع راكضًا لمساعدته، ولكنه وجد شخصًا مرميًّا على الأرض غارقًا في دمائه، وعندما انحنى لمساعدته وقعت السكينة الخاصة به على الجثة، وقد التمَّ الناس من حوله، جاءت الشرطة، وقيدت يديه وكان حكم الإعدام هو جزاؤه! وفي ساحة الحكم أخذ يصرخ: إني أستحق القتل بجريمة ارتكبتها قبل 10 سنوات، ولكن لست أنا القاتل في هذه الجريمة، ابحثوا عن القاتل الحقيقي، ويسرد الحكاية، ولله في كونه شؤون وحِكَم يُبديها ولا يبتديها، فسلم تسلم، والسلام.

ومن قصص القدر أيضًا، وهي قصة رمزية: ما جاء أن امرأة جاءت إلى داود عليه السلام فقالت: يا نبي الله، أربك ظالم أم عادل؟!
فقال داود: ويحك يا امرأة! هو العدل الذي لا يجور!
ثم قال لها: ما قصتك؟
قالت: أنا أرملة عندي ثلاث بنات، أقوم عليهن من غزل يدي، فلما كان أمس شددت غزلي في خرقة حمراء، وأردت أن أذهب إلى السوق لأبيعه، وأبلغ به أطفالي، فإذا أنا بطائر قد انقض عليّ وأخذ الخرقة والغزل وذهب، وبقيت حزينة لا أملِك شيئًا أبلغ به أطفالي.

فبينما المرأة مع داود عليه السلام في الكلام إذا بالباب يطرق على داود، فأذن له بالدخول وإذا بعشرة من التجار كل واحد بيده: مائة دينار، فقالوا: يا نبي الله أعطها لمستحقها.

فقال لهم داود عليه السلام: ما كان سبب حملكم هذا المال؟ قالوا: يا نبي الله، كنا في مركب، فهاجت علينا الريح وأشرفنا على الغرق، فإذا بطائر قد ألقى علينا خرقة حمراء وفيها غزل فسدَّدنا به عيب المركب، فهانت علينا الريح، وانسد العيب، ونذرنا لله أن يتصدَّق كل واحد منا بمائة دينار، وهذا المال بين يديك، فتصدق به على من أردت، فالتفت داود - عليه السلام - إلى المرأة وقال لها: رب يتاجرُ لكِ في البر والبحر، وتجعلينه ظالمًا، وأعطاها الألف دينار

وقال: أنفقيها على أطفالك.

♦ إن الله لا يبتليك بشيء إلا وبه خير لك، حتى وإن ظننت العكس.

فأرح قلبك!
لولا البَلاء، لكانَ يُوسف مُدللاً فِي حضن أبيه، ولكنه مع البلَاء صار عَزِيز مِصر!

♦ أفنضيق بعد هذا؟!
‏‏‏‏‏‏‏كُونوا عَلى يَقينَ أنْ هُناكَ شَيئًا يَنتظْرُكمَ بعَد الصَبر؛ ليبهركم، فيُنسيكم مَرارَة الألَم!

ضياء القرآن
10-12-2015, 09:41 PM
السلام عليكم..
المسلم واجب عليه الإيمان بجميع أركان الإيمان..
بارك الله مسعاك..