المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (( بــشريــتي و عــنصريــتهم __ قصه قصيره __))



بدر الحراصي
06-01-2016, 02:17 PM
توجه " مسعود " وأولاده "عمر" و" منذر" للمطار في صبيحة ذلك اليوم لإستقبال إبن أخيه "سعيد"
الذي يعيش في أحد الدول الإفريقيه منذ زمن بعيد.

ظل "مسعود" يفكر طوال الطريق لماذا أرسل سعيد إبنه "سالم " لهم وحمله مشقة السفر
والرحله؟؟
ثم لماذا طلب منه قبل ذلك إرسال تقاريره الطبيه بعدما علم بخبر إصابته بمرض "إلتهاب الكبد الوبائي"


نظر أحد أولاد "مسعود" في وجوه المسافرين القادمين وهو يتفحصهم ليعرف أي واحد منهم إبن عمه "سالم"
لم يكن قابله في حياته ولكنه ظل يتخيله كأنه واحد منهم ويشبهم .

"أبي ..يبدو أن طائرة سالم لم تصل بعد"
قالها "عمر" وهو ينظر لأخر شخص خرج من بوابة القادمين .

والتفت لأخيه " منذر " الذي إبتعد عنهم وتوجه لشاب بدا فارع الطول ذو هيئه أفريقيه مميزه
وبشره سمراء باهيه .

رأه يتحدث مع ذلك الشاب الاسمر
في نفس الوقت سال "مسعود" إبنه "عمر" : "من يكون ذلك الشاب؟؟ واصلوا البحث عن إبن عمكم فنحن هنا لهذا الغرض "
ظل بصره متعلق ب "منذر" الذي جاء سريعا لهم وهو يقول :" أبي هذا هو سالم....لقد عرفته من خلال الورقه التي ناولني إياها "
وتابع وهو ينظر ل "سالم " الذي إقترب منهم وهو يحمل حقيبه صغيره :" لا يعرف العربيه على ما يبدو..الورقه مكتوب فيها إسمه وإسم عمي سعيد "


ظل "مسعود " ينظر ل إبن اخيه "سالم " وعلامات الدهشه والإستنكار واضحه على وجهه
لا يزال لا يفهم لماذا أرسله أخيه "سعيد " لهم؟؟؟؟
لماذا بشرته سمرااء؟؟؟
يبدو مختلفا عنهم.....
لا يمكن هذا ....
كيف سيقدمونه للناس من معارفهم؟؟؟
من العار ان يقول أن هذا إبن أخيه .


" هل..هل.....هل أنته سالم فعلا؟؟"
بدا التردد في صوت "مسعود" وهو يسأل ذلك الشاب عن إسمه
إلا أنه لم يجد الإجابه وإنما جاوبه الشاب بنظرات حائره وهو يقول بلغه عربيه ركيكه نوعا ما " وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته"

"دعك من السلام الأن وجاوبني " هل أنته سالم فعلا؟؟ هل أنته إبن أخي سعيد؟؟؟
ظل الشاب حائرا وهو يقلب نظره بين مسعود وإبنيه وكأنه لا يفهم ما المطلوب منه
فتابع "مسعود" في عصبيه وهو يقول " يبدو أننا لن نجن إجابه من هذا الشاب الاسمر الغريب "

قطع حديثهم إبنه "عمر " وهو يقول " أبي هيا لنأخذ سالم للمنزل ..هل سنظل نتحدث هنا أمام الناس جميعا؟؟"
تناول الحقيبه في نفس الوقت من يد "سالم" وهو يشير إليه بالسير معه
وتبعه أخيه "منذر" الذي نظر الى أبيه وهو لا يزال متهجم الوجه وقد بدا عليه الضيق الشديد من رؤيته ل "سالم"
فحاول أن يخفف عنه قليلا وهو يقول له :
" أبي ..عمي "سعيد" غادر البلد منذ زمن بعيد ويبدو أنه تزوج من نساء تلك البلاد الإفريقيه وهذا شي طبيعي أن نرى إبنه يحمل بعضا من ملامح تلك البلاد وأهلها"
وواصل حديثه وهو يمسك بيد أبيه ويمشي معه لخارج المطار " ثم ما العيب في لون بشرته أخبرني؟؟"

توقف "سعيد " عن المشي فجأه والتفت لإبنه "منذر " وهو يقول في عصبيه :"أنته لا تعرف ما العيب في لون بشرته...أنا لا اقبل بأن يقال لي إبن أخيك أسمر البشره "
ثم أغمض عينيه وهو يقول في ندم " سيتم رفض زواجك من إبنة الشيخ "قاسم" بالتأكيد إذا ما عرفوا أنه إبن أخي ...سيشكون في إصولنا "

كان كلام "مسعود" صادما بحق لإبنه "منذر" الذي لم يعتقد يوما أن أبيه يفكر بتلك الطريقه
كان دائما ينظر لأبيه على أنه رجل حكيم ومثقف والكل يحترمه فكيف يميز نفسه ويميزهم عن إبن عمهم الذي لم يروه أبدا في حياتهم ؟؟

ظل الجميع صامتون في المركبه التي إنطلقت بهم للمنزل
وظل "سالم" ينظر لكل واحد منهم وهو مبتسم كان يبدو أنه يشعر
بالسعاده للقائهم ..كان لا يعلم بما دار من حوار بسبب لون بشرته
وأصوله الإفريقيه وما قاله عمه "مسعود " ، من حسن الحظ أنه
لا يعرف العربيه جيدا .

تحدث فجاه "مسعود" مع إقترابهم من المنزل وهو لا يزال في حاله عصبيه
لم يستطيع إخفائها :" إسمعوني عمر..وأنته يا منذر...هذا الشاب لا بد أن نخفيه هذه الأيام عن أعين الناس "

بدت الدهشه على "عمر " و"منذر" وعلامات الإستفهام التي ظهرت على أعينهم فتابع "مسعود" حديثه وهو ينظر
ل "سالم " : " سنخفيه حتى أقوم بالعمليه اللازمه لي لنقل الكبد...لا أريد أن يشغلنا أمره عن صحتي فهي أهم منه "

والتفت في نفس الوقت لإبنيه وكأنه ينتظر إجابتهم السريعه
مما جعلهما يرتكبان قليلا وعمر يقول " بالطبع يا أبي ...بالطبع ف صحتك أهم بالفعل...سنجد لك متبرعا إن شاء الله "

بدا قليلا من الرضى على وجه "مسعود " وهم يدخلون لداخل المنزل وتابع بنظراته "سالم" وهو يصعد لغرفته بمساعدة ابنه "منذر "
فنادى على ابنه "عمر " وطلب منه أن يخبر والدته بعد إنتهائها من الترحيب ب "سالم" بأنه يرغب في الحديث معها قليلا .

جاءت " أم عمر" سريعا كما طلب "مسعود" وهي تقول " الحمدلله على وصولكم...كيف تشعر أخبرني هل أنته متعب من مشقة الطريق؟؟"
أجابها في شرود وهو يقول " تعالي إجلسي بجابني أريد أن أقول لكي كلاما مهما..أتمنى أن لا يسمعه "عمر " و " منذر " الأن .

بدا الفضول واضحا على "أم عمر " وهي تجلس بجانب "مسعود" وهي تقول في قلق " ماذا هنالك يا مسعود ؟؟ هل جائك الرد من المستشفى بخصوص عملية نقل الكبد؟؟"
كان يبدو شاردا قليلا ولم تجد الإجابه منه فتابعت :" يا إلهي...كيف لا نستطيع أن نتبرع لك بجزء من أكبادنا ونحن عائلتك...هل تأكدو مره أخرى من المستشفى بعدم قدرتنا على ذلك ؟؟"

ظل صامتا وهو يعلم قلقها منذ معرفتها بأنه يحتاج لعملية نقل كبد عاجله بسبب تليف الكبد الذي اصابه منذ فتره إلا أنهم لم يجدوا متبرعا تتناسب جيناته معه لنقل الكبد له حتى مع
ابنائه "عمر" و "منذر " لم يكن هنالك توافق في الجينات المطلوبه لهكذا عمليه .

همس لها بعد أن تأكد أن لا أحد من أبنائه قد يستمع لحديثه :" أم عمر ..بعد دخولي غدا للمستشفى وحتى نجد متبرعا لي أريد منك أن تقومي بأمر هام جدا "
تابعته بإهتمام بالغ ف هو ليس من العاده يطلب منها القيام بشي وكل ما يحتاج له يطلبه من إبنيه "عمر" و " منذر ".

إلا إنها قالت بتلقائيه :" نعم يا أبو عمر...قل ما لديك لقد أخفتني جدا بكلامك حتى الأن "

تلفت حوله قليلا مره أخرى وهو يقول " عند دخولي للمستشفى..أريدك أن تعطي هذا الشاب الأسمر الذي جاء إلينا مبلغا من المال ودعيه يعود لبلده "

"ماذا تقول يا أبو عمر ؟"" كانت إجابه سريعه منها لم تستطع معها منع تلك نظرة الاستنكار التي وجهتها له.
إلا أنه واصل بدون إهتمام لنظراتها تلك :" إسمعيني ..أتركي المشاعر الأن..هذا الشاب لن يعيش معنا ولا أريد أن يراه معارفنا من الناس ويعرفون أنه إبن أخي "
وواصل بنفس الصوت الهامس :" يجب أن يعود لبلده بدون أن يشعر به أحد بمجرد دخولي للمستشفى ..لا أدري حتى الأن لماذا أرسله أخي سعيد لنا؟؟؟""

ظلت "أم عمر" تنظر له بدهشه وإستنكار وهي لا تصدق ما تسمعه منه....
كان طلبه غريبا وقاسيا إلا أنها فهمت ما يقلقه وما يخطط له ....

"حسنا يا مسعود...سوف أقوم باللازم وسأهتم بهذا الأمر ...أنته أدعو الله أن نجد لك متبرعا أثناء دخولك للمستشفى فقط "

كان يعلم أنها غاضبه منه لهذا سمته بإسمه كعادتها عند الغضب منه ولكن الوضع لا يحتمل النقاش والتبرير يجب أن يعود هذا الشاب لبلده ولأبيه
قبل أن يعلم عنه الناس ويعلمون بصلة القرابه التي تربطهم به .

مر اليوم سريعا ونام "مسعود " تلك الليله نوما متقطعا فكثير من الأمور تشغل باله
ف يوم غد سيدخل للمسشتفى ولمده لا يعلمها على امل أن يجدو له متبرعا
في اسرع وقت ممكن قبل أن يصاب بفشل في وظائف كبده بشكل تام تماما.

وما زاد قلقه ابن أخيه "سالم" الذي جاء في وقت لم يكن مستعدا فيه للقائه
وظل يسأل نفسه لماذا أرسله "سعيد" لهم ولماذا طلب التقارير الطبيه بشكل عاجل
عندما علم بمرضه ؟؟؟


في صبيحة اليوم التالي إستعد الجميع للذهاب للمستشفى ومن بينهم "سالم "
الذي بدت عليه ملامح القلق الواضح على صحة عمه "مسعود " وظل يتابع المركبه
التي إنطلقت بعمه وإبنه "عمر" للمستشفى ..كان يتمنى مرافقتهم إلا أن عمه رفض ذلك
وطلب منه البقاء في المنزل مع "أم عمر" و "منذر ".

مسحت "أم عمر " دموعها هي ايضا كانت قلقه على صحة زوجها ولا تعلم هل سيكتب الله
له الشفاء من ذلك المرض الخبيث الذي اصاب كبده منذ فتره.

ثم نظرت لإبنها "منذر " الذي بدا حزينا هو أيضا وهي تقول له " سننفذ رغبة أبيك يا منذر وسنأخذ سالم للمطار"
وتحول نظرها ل "سالم " وهي تقول بحزن بالغ " لا ذنب له في لون بشرته ولكن لا طاقة لنا في عتاب عمه لنا وهو في هذه المرحله الصحيه الحرجه "
أمسكت بيد "سالم " ونظرت لعينيه الواسعتين وهي تتابع " أنا متأكده أنك ستعود لزيارتنا في المستقبل..فأنته لا تعلم بما يفكر به عمك الأن عنك ..جهلك للغتنا هو نعمه لك يا إبني "

ظل "سالم " صامتا طوال الطريق للمطار إلا انه شعر بحزن زوجة عمه وكذلك بحزن إبن عمه "منذر "
كان لا يعلم أنه في الطريق لمغادرة البلاد ...

وصلوا للمطار وتابع "منذر " وهو يخلص أوراق سفره حتى وصلوا لبوابة المغادرين
لم يتسطيع "منذر" كتمان دموعه وهو يعانق إبن عمه "سالم" هذه المره وهو يودعه في ألم بالغ.

ظل سالم ساكتا وقد علم أخيرا بأنه غير مرحب به مع أسرة عمه ومع أنه جهل الأسباب إلا أنه رضخ
لرغبتهم في مغادرته البلاد فامسك بحقيبته وفتحها وأخرج منها ظرف كبير وهو يقول
في عربيه ركيكه ل "منذر" : " هذه أوراق لعمي مسعود " .
تناول "منذر " الظرف وهو يتابع "سالم" مبتعدا عنه حتى إختفى تماما عنه بدخل ذلك الممر المخصص للمغادرين.

عاد "منذر " وحيدا هذه المره والمراره تعتصر قلبه على إبن عمه "سالم " وعلى حالة أبيه الصحيه
في نفس الوقت، كان يفكر من أين سيجدون متبرعا له في هذه الفتره القصيره التي حددت له من الأطباء؟؟
ألقى نظره قصيره على الظرف الذي رماه على المقعد المجاور له وساوره فضول لمعرفة ما تحتويه تلك الأوراق
التي أشار لها "سالم " بأنها مهمه لابيه؟

اوقف المركبه جابنا وتناول الظرف وفتحه وتناول الأوراق التي بدت ك تقارير طبيه مكتوبه باللغه الإنجليزيه والتي
لا يجيدها بشكل جيد فتركها جانبا واخرج من نفس الظرف رساله مغلفه فتحها في سرعه وكانت مكتوبه بخط اليد
باللغه العربيه فقرأها بإهتمام بالغ وكانت كل كلمه منها تجعله يتنفس في قوه وعيناه تتسعان وهما تقرأن ما جاء فيها.

لم يجد كلمة تعبر عن ما في جوفه من ألم سوى " تبا لهذه العنصرية "

نوارة الكون
07-01-2016, 07:37 AM
للاسف هالعنصريه بعدها موجوده
سلمت يمناك اخوي
انتقاء جميل وتواجد اجمل
دمت في حفظ الرحمن ورعايته

بدر الحراصي
07-01-2016, 07:57 AM
للاسف هالعنصريه بعدها موجوده
سلمت يمناك اخوي
انتقاء جميل وتواجد اجمل
دمت في حفظ الرحمن ورعايته

صباحك خير أختي نوارة الكون
شكرا لرأيك الجميل في القصة.

نديم الماضي
07-01-2016, 08:46 PM
شكرا اخي انتقاء رائع
يعطيك العافيه

همس الأفكار
07-01-2016, 09:37 PM
قصة جميلة وهادفه

والله تعالى قضى على هذه العنصريه وبيّن في كتابه العزيز
" إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم "
فلا ندري اي الناس أفضل وأرفع مكانة عند الله
فلايحق لنا أن نحكم عليهم بلون أو شكل أو عرق

بارك الله فيك على هذه الكتابه

وفقك الله

عملاق الشعر
09-01-2016, 12:48 AM
ملف المستقبل


طرح جداااا رااائع اخي


سلمت يداك المبدعة وذوقك الراقي

بدر الحراصي
09-01-2016, 12:54 PM
تشكرو إخواني الكرام.

نديم الماضي
همس الأفكار
عملاق الشعر

لكم كل التقدير.

حنااايا..الروح
26-01-2016, 09:59 AM
إختيار موفق
جزيل الشكر لك على الطرح