كاتمة الجروح
13-01-2016, 12:50 PM
التغيرات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها المجتمعات الخليجية وما صاحبها من ثورة في عالم الاتصال جعلت العالم بمثابة القرية الصغيرة، حيث أصبحت المعلومة التي تحدث في جزء من العالم تنتشر في بقية الأجزاء الأخرى.
وفي هذا الزمن المتغير، الذي تتسارع فيه ثورة الاتصالات لم تعد مهمة نقل الأخبار والمعلومات تقتصر على الوسائل التقليدية، بل تعدتها إلى وسائل جديدة لا تقل أهمية عنها, دخلت على خط نقل المعلومة وأصبحت طرفاً رئيساً فيها، ولعل مقاطع اليوتيوب, والواتس اب, والبلاك بيري, والتويتر, والانستجرام, والمواقع الاجتماعية باتت في عصر التقنية منافساً قوياً في نقل المعلومة، لكن مامدى مصداقية هذه الوسائل؟ وكيف يمكن التحقق من معلوماتها؟ وكيف يثق الجمهور بمعلومة من دون أن يملك القدرة على تدقيقها؟
ومع التنقل في برامج التواصل نجد سيلاً من المعلومات مجهولة المصدر يصنف معظمها ضمن قائمة (الشائعات) التي لا تستند إلى الحد الأدنى من المصداقية، وقد تتسبب في مشكلات لا حصر لها.
فقد كانت الشائعات في المجتمعات التقليدية معتمده بشكل أساسي على النقل الشفهي من شخص لآخر، بالكلمة المنطوقة غالباً، وهذا يؤدي إلى بعض التغيير والتحويل لحين انتقالها من شخص لآخر، مما يفقدها الكثير من دقتها ومصداقيتها.
وفي ظل وسائل التواصل الاجتماعي التي أوجدت مجتمعات افتراضية ذابت خلالها الحدود الجغرافية والقيود الاجتماعية, فقد أصبحت الشائعة تنتقي مادتها وأدواتها من مصادر أثرى بكثير من حيث المحتوى والمبنى بعكس الكلام المنطوق، فالشائعة في الوقت الحالي تعبر عن محتواها بالنص المكتوب والمنطوق والصورة المرافقة والصوت والرسم والفيديو أحياناً.
ونظراً لما يترتب على إطلاق الشائعة من آثار سلبية متعددة, فقد حضت الظاهرة عناية خاصة من قبل الباحثين والمختصين في مختلف العلوم, ويمكن من خلال مراجعة بعض الأدبيات والدراسات التي تناولت الموضوع عرض بعض فحواها بذكر التعريف وأنواع الشائعات ومراحل انتشارها وتأثيرها وكذلك سبل مكافحة الشائعات التي تساعد على الحد منها.
تعرّف الشائعة بالمفهوم اللغوي كما جاء في المعجم الوسيط تحت كلمة الشائع "الذائع المنتشر" والشائعة (جمع شائعات) "الخبر غير الثابت الذي ينتشر بين الناس". أما المفهوم النظري للشائعة هي خبر غير موثوق، ولم يتأكد من صحته، وأنه لا يستند لمصدر مسئول، ويتم تناقله بين الناس عادة عن طريق وسائل الاتصال المتعددة التقليدية منها كالأحاديث العابرة في الأسرة، أو بين الأصدقاء، والأقارب، أو عن طريق وسائل الاتصال الحديثة كالصحف والمجلات، الهاتف الجوال، والانترنت بما يحتويه من مواقع ومنتديات والبريد الالكتروني. كما عرفها الحقباني بأنها "خبر هام لا يمتلك ناقلوه أدلة إثبات تحققه على أرض الواقع، يشاع بين الناس بهدف التأثير على اتجاهاتهم الفكرية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو النفسية".
وتتنوع الموضوعات التي تنتشر فيها الشائعات، منها:
1. الشائعات الاقتصادية: تلك الشائعات المتصلة ببعض الموضوعات الاقتصادية مثل ارتفاع الأسعار، وتغيير بعض القوانين الاقتصادية، والتغير في سعر العملات، دون أن يكون لذلك جانب من الصدق، ويزيد هذا النوع من الشائعات في أوقات الأزمات الاقتصادية التي تواجه أفراد المجتمع.
2. الشائعات السياسية: هي شائعات متعلقة بالجانب السياسي مثل إدعاء البعض من الناس أو الصحف أو القنوات التلفزيونية أن هناك تغييراً وزارياً دون أن يكون لذلك سند من الصحة، أو إثارة الشائعات التي تؤدي إلى حدوث مشاكل بين الدول، أو تشويه سمعة رجال السياسة.
3. الشائعات الاجتماعية: وتخص بالأوضاع الاجتماعية مثل الشائعة التي تروج للفتنة الطائفية خاصة في المجتمعات التي يوجد فيها سكان من أديان مختلفة، وقد تنشر الشائعات لإثارة الفتن العرقية، أو لإثارة البغضاء والكراهية بين أفراد المجتمع، أو لتشويه سمعة بعض فئاته أو أفراده.
4. الشائعات المتعلقة بالجانب الصحي: مثل إشاعة انتشار مرض في محافظة ما أو في الدولة بشكل عام، أو أن هناك نقص في الأدوية سيحدث بعد فترة.
أما مراحل انتشار الشائعة فهي تمر بمرحلتين, المرحلة الأولى مرحلة الولادة وتعرف بأنها مرحلة إنتاج الشائعة وتولدها، فيقوم صاحب الشائعة بإنتاجها عند توفر الوقت والجو المناسبين والتربة الخصبة سواء بحسن نيه أو بقصد الإضرار لزرع بذور الفتنة وإثارة النزاعات, ففي الوقت الذي يطلب الناس المعلومات التي تساعدهم على تفسير ما يجري حولهم في السلم والحرب ولا يجدونها يقوم مطلقو ومنتجو ومروجو الشائعات بتزويدهم بمعلومات تلبي رغباتهم وتفك الغموض وتقدم لهم ما يبدو أنه المجهول الذي يؤرقهم.
ويليها مرحلة المغامرة أو المجازفة وهي مرحلة انتشار الشائعة وذيوعها بين الناس إنها الدائرة التي تسير فيها الشائعة، ولقد أثبتت عدة دراسات بأن انتشار الشائعة يعتمد بشكل أساسي على قانون محدد وعلى الفعل والعمل الجماعي، فالأفراد والجماعات يطلقون الشائعة ويشتركون في ترويجها على حد سواء.
تعتبر الشائعات من الأسلحة الفتاكة والمدمرة للمجتمعات والأشخاص فهي تقلق الأبرياء, وتساهم في تحطيم العظماء, وتتسبب في جرائم مثل الانتقام والثأر, وايضاً يترتب على الشائعات انهزام الجيوش كما هي وظيفة الطابور الخامس.
ونظراً لآثار الشائعات السلبية على تماسك المجتمع ووحدته كما حذر الإسلام من ترويج الشائعات لما لها من خطر وتأثير على وحدة وتماسك المجتمع، قال تعالى: (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ). فهناك عدة طرق لمحاولة مكافحتها إما من خلال تكذيب الشائعات معلوماتياً وتكذيبها بالحقائق والبيانات والمنطق والعلم, وكشف مصدرها والهدف من بثها. وكذلك يمكن إنشاء موقع على الانترنت لمقاومة الشائعة، ومثال ذلك ما أنشأته جماعة لويزيانا في موقعها على الانترنت يحتوي على وثائق ومعلومات عامة عن الجامعة، و يتم مناقشة كل الشائعات التي تطلق حول الجامعة من مختلف الاتجاهات. بالإضافة إلى أنه على وسائل الاعلام تطوير طرقها في التحري عن صحة المعلومات, ووضع آلية للكشف عن مصدر الشائعات ومعاقبته, كذلك لابد من التصدي للشائعات وخصوصاً في أوقات الحروب والصعوبات حيث يكون المناخ خصباً لترويجها, بالإضافة إلى أنه لابد من حرص وسائل الإعلام على توفير المعلومات الصادقة عن أي موضوع يهم الناس وتبني الشفافية والصراحة معهم وعدم إخفاء الحقائق حتى لا يقعوا في الغموض وتصديق الشائعات, والمهم تربية النشء على التفكير النقدي الذي يحلل الأمور قبل تصديقها, وكذلك إشاعة فضيلة الصدق في المجتمع, وتوعية أفراده على جعل الأمور مجهولة المصدر تقف عندهم ولا يساهموا في نشرها, وكذلك لمؤسسات التربية مثل الأسرة والمدرسة والمسجد دوراً هاماً في نشر الوعي بخطر تداول الشائعات وآثارها الخطيرة على المجتمع.
يقول تعالى في سورة الحجرات (آية: 6)
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ))
وفي هذا الزمن المتغير، الذي تتسارع فيه ثورة الاتصالات لم تعد مهمة نقل الأخبار والمعلومات تقتصر على الوسائل التقليدية، بل تعدتها إلى وسائل جديدة لا تقل أهمية عنها, دخلت على خط نقل المعلومة وأصبحت طرفاً رئيساً فيها، ولعل مقاطع اليوتيوب, والواتس اب, والبلاك بيري, والتويتر, والانستجرام, والمواقع الاجتماعية باتت في عصر التقنية منافساً قوياً في نقل المعلومة، لكن مامدى مصداقية هذه الوسائل؟ وكيف يمكن التحقق من معلوماتها؟ وكيف يثق الجمهور بمعلومة من دون أن يملك القدرة على تدقيقها؟
ومع التنقل في برامج التواصل نجد سيلاً من المعلومات مجهولة المصدر يصنف معظمها ضمن قائمة (الشائعات) التي لا تستند إلى الحد الأدنى من المصداقية، وقد تتسبب في مشكلات لا حصر لها.
فقد كانت الشائعات في المجتمعات التقليدية معتمده بشكل أساسي على النقل الشفهي من شخص لآخر، بالكلمة المنطوقة غالباً، وهذا يؤدي إلى بعض التغيير والتحويل لحين انتقالها من شخص لآخر، مما يفقدها الكثير من دقتها ومصداقيتها.
وفي ظل وسائل التواصل الاجتماعي التي أوجدت مجتمعات افتراضية ذابت خلالها الحدود الجغرافية والقيود الاجتماعية, فقد أصبحت الشائعة تنتقي مادتها وأدواتها من مصادر أثرى بكثير من حيث المحتوى والمبنى بعكس الكلام المنطوق، فالشائعة في الوقت الحالي تعبر عن محتواها بالنص المكتوب والمنطوق والصورة المرافقة والصوت والرسم والفيديو أحياناً.
ونظراً لما يترتب على إطلاق الشائعة من آثار سلبية متعددة, فقد حضت الظاهرة عناية خاصة من قبل الباحثين والمختصين في مختلف العلوم, ويمكن من خلال مراجعة بعض الأدبيات والدراسات التي تناولت الموضوع عرض بعض فحواها بذكر التعريف وأنواع الشائعات ومراحل انتشارها وتأثيرها وكذلك سبل مكافحة الشائعات التي تساعد على الحد منها.
تعرّف الشائعة بالمفهوم اللغوي كما جاء في المعجم الوسيط تحت كلمة الشائع "الذائع المنتشر" والشائعة (جمع شائعات) "الخبر غير الثابت الذي ينتشر بين الناس". أما المفهوم النظري للشائعة هي خبر غير موثوق، ولم يتأكد من صحته، وأنه لا يستند لمصدر مسئول، ويتم تناقله بين الناس عادة عن طريق وسائل الاتصال المتعددة التقليدية منها كالأحاديث العابرة في الأسرة، أو بين الأصدقاء، والأقارب، أو عن طريق وسائل الاتصال الحديثة كالصحف والمجلات، الهاتف الجوال، والانترنت بما يحتويه من مواقع ومنتديات والبريد الالكتروني. كما عرفها الحقباني بأنها "خبر هام لا يمتلك ناقلوه أدلة إثبات تحققه على أرض الواقع، يشاع بين الناس بهدف التأثير على اتجاهاتهم الفكرية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو النفسية".
وتتنوع الموضوعات التي تنتشر فيها الشائعات، منها:
1. الشائعات الاقتصادية: تلك الشائعات المتصلة ببعض الموضوعات الاقتصادية مثل ارتفاع الأسعار، وتغيير بعض القوانين الاقتصادية، والتغير في سعر العملات، دون أن يكون لذلك جانب من الصدق، ويزيد هذا النوع من الشائعات في أوقات الأزمات الاقتصادية التي تواجه أفراد المجتمع.
2. الشائعات السياسية: هي شائعات متعلقة بالجانب السياسي مثل إدعاء البعض من الناس أو الصحف أو القنوات التلفزيونية أن هناك تغييراً وزارياً دون أن يكون لذلك سند من الصحة، أو إثارة الشائعات التي تؤدي إلى حدوث مشاكل بين الدول، أو تشويه سمعة رجال السياسة.
3. الشائعات الاجتماعية: وتخص بالأوضاع الاجتماعية مثل الشائعة التي تروج للفتنة الطائفية خاصة في المجتمعات التي يوجد فيها سكان من أديان مختلفة، وقد تنشر الشائعات لإثارة الفتن العرقية، أو لإثارة البغضاء والكراهية بين أفراد المجتمع، أو لتشويه سمعة بعض فئاته أو أفراده.
4. الشائعات المتعلقة بالجانب الصحي: مثل إشاعة انتشار مرض في محافظة ما أو في الدولة بشكل عام، أو أن هناك نقص في الأدوية سيحدث بعد فترة.
أما مراحل انتشار الشائعة فهي تمر بمرحلتين, المرحلة الأولى مرحلة الولادة وتعرف بأنها مرحلة إنتاج الشائعة وتولدها، فيقوم صاحب الشائعة بإنتاجها عند توفر الوقت والجو المناسبين والتربة الخصبة سواء بحسن نيه أو بقصد الإضرار لزرع بذور الفتنة وإثارة النزاعات, ففي الوقت الذي يطلب الناس المعلومات التي تساعدهم على تفسير ما يجري حولهم في السلم والحرب ولا يجدونها يقوم مطلقو ومنتجو ومروجو الشائعات بتزويدهم بمعلومات تلبي رغباتهم وتفك الغموض وتقدم لهم ما يبدو أنه المجهول الذي يؤرقهم.
ويليها مرحلة المغامرة أو المجازفة وهي مرحلة انتشار الشائعة وذيوعها بين الناس إنها الدائرة التي تسير فيها الشائعة، ولقد أثبتت عدة دراسات بأن انتشار الشائعة يعتمد بشكل أساسي على قانون محدد وعلى الفعل والعمل الجماعي، فالأفراد والجماعات يطلقون الشائعة ويشتركون في ترويجها على حد سواء.
تعتبر الشائعات من الأسلحة الفتاكة والمدمرة للمجتمعات والأشخاص فهي تقلق الأبرياء, وتساهم في تحطيم العظماء, وتتسبب في جرائم مثل الانتقام والثأر, وايضاً يترتب على الشائعات انهزام الجيوش كما هي وظيفة الطابور الخامس.
ونظراً لآثار الشائعات السلبية على تماسك المجتمع ووحدته كما حذر الإسلام من ترويج الشائعات لما لها من خطر وتأثير على وحدة وتماسك المجتمع، قال تعالى: (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ). فهناك عدة طرق لمحاولة مكافحتها إما من خلال تكذيب الشائعات معلوماتياً وتكذيبها بالحقائق والبيانات والمنطق والعلم, وكشف مصدرها والهدف من بثها. وكذلك يمكن إنشاء موقع على الانترنت لمقاومة الشائعة، ومثال ذلك ما أنشأته جماعة لويزيانا في موقعها على الانترنت يحتوي على وثائق ومعلومات عامة عن الجامعة، و يتم مناقشة كل الشائعات التي تطلق حول الجامعة من مختلف الاتجاهات. بالإضافة إلى أنه على وسائل الاعلام تطوير طرقها في التحري عن صحة المعلومات, ووضع آلية للكشف عن مصدر الشائعات ومعاقبته, كذلك لابد من التصدي للشائعات وخصوصاً في أوقات الحروب والصعوبات حيث يكون المناخ خصباً لترويجها, بالإضافة إلى أنه لابد من حرص وسائل الإعلام على توفير المعلومات الصادقة عن أي موضوع يهم الناس وتبني الشفافية والصراحة معهم وعدم إخفاء الحقائق حتى لا يقعوا في الغموض وتصديق الشائعات, والمهم تربية النشء على التفكير النقدي الذي يحلل الأمور قبل تصديقها, وكذلك إشاعة فضيلة الصدق في المجتمع, وتوعية أفراده على جعل الأمور مجهولة المصدر تقف عندهم ولا يساهموا في نشرها, وكذلك لمؤسسات التربية مثل الأسرة والمدرسة والمسجد دوراً هاماً في نشر الوعي بخطر تداول الشائعات وآثارها الخطيرة على المجتمع.
يقول تعالى في سورة الحجرات (آية: 6)
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ))