المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عدم اللعب بمساحة الحرية



صدى صوت
26-01-2016, 08:44 AM
علي بن راشد المطاعني

تشكل الحرية مطلباً ملحّا للإنسان أيًّا كان مجتمعه، خاصة تلك الحرية التي تتعلق بحق التعبير، إلا أننا نلاحظ في الآونة الأخيرة استغلال البعض لحريات التعبير المتاحة في البلاد بشكل غير ملائم، ويسيئ لنعمة الاستقرار التي نعيشها في بلدنا، ويُهدد السلم الاجتماعي الذي تتمتع به السلطنة على مدار عقود، ظناً منه أنّه يكسب تعاطفاً من الآخرين في ترديد ما يتلفظ به، وغير واعٍ لطبيعة المرحلة وخطورة مثل هذه الممارسات على الفرد والمجتمع، وهو ما يفرض التعامل بحزم مع مستغلي هذه الوسائل بصورة سلبية وتهييج المجتمع بأشكال عدة.

فلا شك أن إتاحة حرية التعبير في أيّ مجتمع حق من حقوق الإنسان نص عليه النظام الأساسي للدولة في مادته الـ 29 صراحة، عندما نصت: "حرية الرأي والتعبير عنه بالقول والكتابة وسائر وسائل التعبير مكفولة في حدود القانون"، ولعل المشرع قصد في حدود القانون أن تكون تلك الحرية مسؤولة منضبطة غير منفلتة، لأنّها عندما تتجاوز القانون تتحول من حرية للتعبير إلى تحريض على الفرقة والفتنة، ونشر الأفكار المغلوطة، فهناك خطوط حمراء تمس الأمن والسلم الاجتماعي الذي نحن جميعا حريصين عليه.

فأعظم الدول التي تتحدث عن الحريات، تتخذ من السلام الاجتماعي مؤشرًا لضبط المجتمع والحفاظ على ثوابته وأمنه الاجتماعي والقومي، إذ ليست هناك حرية في العالم تترك لتضر مصالح البلاد والعباد، بل إنّ أكبر الدول الديمقراطية في العالم تتخذ قوانين استثنائية لما تراه يُهدد سلامتها، أو يشكل تهديداً فكريّا لنمطها، كما فعلت الولايات المتحدة في ستينيات القرن الماضي، عندما كانت تواجه المد الشيوعي، بالإضافة إلى الإجراءات الصارمة التي قامت بها في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر2011، ، فليست هناك حريات مطلقة يكيّفها كل فرد على مزاجه دون التقيد بالحدود التي يسمح بها القانون.

بالطبع لست أتحدث عن تكميم الأفواه، أو تضييق الحريات، فالحمد لله نظامنا الأساسي يحوي العديد من المواد التي تؤكد وتشدد على الحقوق الأساسية للإنسان، كما أنني لست أدافع هنا عن أجهزة الدولة، فلديها العديد من القوانين الرادعة التي ستردع كل من يعبث بمصلحة هذا الوطن، لكني أدعو لضبط الحرية، بضوابط تراعي أمن وسلامة الوطن والمواطن، ومصلحته العليا ذاتيًا، فالإنسان رقيب ذاته، وأؤكد أنّ تلك الحالة العبثية من الانفلات على الفضاء الإلكتروني وترويج الشائعات قد تُقلل مساحات حرية التعبير وتعصف بها، مما سيؤثر على كل مخلص يُعبّر عن رأيه لمصلحة هذا الوطن.

لذا فمن الوعي بمكان الاستفادة من مساحات الحرية بشكل أفضل مما هو عليه وذلك بتسخيرها لمصلحة البلاد والعباد، وليس بتهييج الرأي العام، من خلال نشر وبث معلومات مغلوطة أو إشاعات غير دقيقة تصرف الناس عمّا هو أهم فيه، بل إنّ البعض يتعمّد صناعة فيديوهات ملفقة ومقاطع غير دقيقة بهدف لفت الانتباه لجزئيات غير مكتملة النصوص وتعابير تهديد وتحذير وغيرها مما يُربك المشهد العام ويُثير المخاوف لدى البعض ببث صور لمشاهد حرائق على أنّها أفعال حدثت هنا وهناك أو غير ذلك، وعرضها لإرباك المشهد وتشويه الصورة العامة بعد الإجراءات التي اتخذت في معالجة انخفاض أسعار النفط.

إنّ هذه الأزمة أزمة عالمية تُعاني منها كل دول العالم ومتأثرة بها، ولها انعكاسات على كل الدول دون استثناء وخاصة التي تتخذ إجراءات لتعويض نقص الإيرادات النفطية المتراجعة، ولكن لا تسمع أصواتاً نشازاً لما ترغب فيه الدولة وتوجهاتها نحو كيفية التعامل مع الأزمة، وما تتخذه يكون مرحبًا به، دون أيّ ضوضاء، غير أنّه هنا عندما يجد البعض المساحة المتاحة للتعبير فيستغلها بشكل سيئ، تتحول الأمور إلى ما هو أشبه بالفوضى، ويصبح خروج الفرد على النظام والعنتريات غير المرغوبة وإثارة الناس كأنه عمل بطولي، من خلال ما يبث عبثاً فيبعث على الحزن والأسى لمستويات التفكير وكيفية التعامل معها، وبعضها للأسف تصدر من مستويات إدارية وفكرية عالية كان المفترض بها ألا تبعث أو تبث رسائل غير إيجابية بشكل يتنافى مع القيم المجتمعية والواجبات الوطنية.

إنّ البعض يتوقع أنّ الأمور غير ملاحظة أو مراقبة وهم الذين يمتهنون تهييج المجتمع وبث رسائل مغلوطة هدفها إثارة الرأي العام، واللعب على الأوتار الحساسة، فهذه كلها تحت المراقبة والمتابعة الدقيقة، لكن يبدو كل شيء في وقته عندما يحين وقت الضبط والمسألة القانونية.

وبالطبع ليس معنى ذلك أنّ مستويات الحريات تقلّصت أو تمّ الحد منها، بل بالعكس فإنّ الحالة التي نعيشها كإعلاميين تعد من أفضل المراحل لأن فيها تفهّما واسعا لما يقوم به الإعلام بكل مؤسساته والإعلام الاجتماعي أيضًا، واستغلال مساحة الحرية بالإساءة مسألة خطيرة يجب أن نفهم دواعيها.

نأمل أن نتفهم معنى الحرية قبل أن نستخدم الهاتف النقال في حياتنا اليومية، وأن ننبّه الجميع إلى أن الحريّات مصانة بالقانون والتجاوزات ملاحقه أيضاً، فالحد الفاصل هو تقديرك لما يهم الصالح العام.

احساس روح
26-01-2016, 09:54 AM
كلام رائع جدا صراحة
من الاخ المطاعني
فصحيح
هناك من يصطادون في الماء العكر
وهناك من هم مستترون ولا يطلعون الا اخر الليل اي ف الازمات...
لم تقصر معنا حكومتنا سابقا واحنا معها في اجراءات للحد من الازمه ....
شكرا اخي صدى

اطياف السراب
27-01-2016, 02:30 PM
شكرا جزيلا لك على جهودك