المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : زاهر العريضي: سلطنة عمان و سحرها الهادئ...مرة واحدة لا تكفي



احمر ابيض اخضر
24-02-2016, 05:14 AM
زاهر العريضي: سلطنة عمان وسحرها الهادىء … مرة واحد لا تكفي

يسألني هل زرت سابقا سلطنة عمان من قبل ؟ كدت اقوال له نعم، ربما زرتها في مخيلتي ورغبتي. وادعيت معرفتها من خلال “ google map “ وبحثت بين الاحرف عن سرها واغرتني بعض العبارات ل ” فريدة وانغ فو ” التي كتبت في مجلة ” الصين اليوم ” مشاهداتها تحت عنوان “سلطنة عمان في عيون الصينيين ” . استوقفتني حين تقول: زرت أماكن كثيرة في العالم، وكنت في كل مرة أقول مرة واحدة تكفي. بعد أن زرت سلطنة عمان وجدتني أشتاق إليها وأتلهف لزيارتها مرة أخرى بل مرات. إنها قصة رائعة وددت لو أحكيها لكل الناس. حسناً، نحن في زيارة خاطفة لا تتعدى الايام بدعوة رسمية للمشاركة في اسبوع التقارب والوئام الانساني الخامس تحت عنوان الاعلام ودوره في التقارب والوئام الانساني. انا برفقته وهو سيشارك في احدى الندوات او الجلسات الاحتفالية. وانا الدخيل على هذه المشاركة كالمتصل والمنفصل في وجودي هنا. ربما اضحك في سري واعيش تجربتي على طريقتي خارج عنوان التقارب والوئام الانساني الذي حاولت في بادئ الامر مقاربته على الواقع الذي جئت منه. كيف افسر لهم بانني قادم من بيروت على مسافة من دمشق، من بلاد شام وبغداد حيث لا تقارب ولا انسانية، انها الحرب هناك التي تمعن في تدمير الحجر والبشر. وتقسم وتفتت وتعمق الفجوة لتصبح الفاجعة اكثر عمقا وقهرا. عن ماذا تتحدثون ؟ هل فعلا الانسانية ما زالت بالف بخير هنا ؟ هل ما احمله في جعبتي من اخبار سمعتها عن هذا البلد من اصدقاء وقراءات فعلا صحيحة ؟ لست بحاجة الى الكثير من الوقت لتكتشف سلطنة عمان وسحرها الهادىء. في مسائك الاول عند تلاشي الضوء ستأخذك اقدامك الى الشاطئ حيث الموج وعذابة النسمات اللطيفة كوجوه اهل هذا البلد، ترمي للبحر احكامك المسبقة والصور النمطية. ايام قليلة هنا كفيلة في اعادة ترتيب رؤيتك ، مع ابتساماتهم العفوية تكتشف ان ابتسامتك سرقت منك، مع وجوههم الوديعة الصافية تتأكد كم خدشتك الحياة. في تبادل الاحاديث مع من تصادفه من النادل وحامل الحقائب والسائق والمنظمين والمسؤولين تعلم كم هم على اطلاع بأدق التفاصيل وليسوا بمنأى عن ما يحدث في كل بقعة من عالمنا العربي. ربما سأترك لغيري ان يصور بدقة سحر سلطنة عمان من البناء العمراني الهندسي ومساجدها الى قلاعها ودار الاوبرا السلطانية واناقة مسقط في زهورها واشجارها ونظافة شوارعها كأنك في حديقة من الجمال تحتوي مدنية آمنة وهادئة وحكيمة. هي ليست حكاية نفهمها عن بعد، هي مكان مختلف وتاريخ وحضارة وانسان مختلف لا بد لك ان تصبو اليها وتطأ قدمك ارضها كفعل معرفة لتصبح ملما بهويتها وثقافتها ورقي ناسها، لانك ستكون مشدودا الى اهمية الانسان فيها في لغته الفصيحة ومخزون السلام والطمأنينة الذي يحتويه في تناغم شعبها المستقر واحترامه للضيف ولهفة شبابه للمعرفة. هكذا بكل بساطة ستفهم حكمة سياستها الخارجية ودورها في التقارب والحلول بدبلوماسيتها النابعة من قناعات واضحة، بل لا تنأى بنفسها انما هي حاجة ايجابية في خضم الاسلاك الشائكة وحلقة الوصل في حافة الهاوية لتعيد إلى هذا العالم اتزانه… وانا ابحث عن سرها كنت على وشك الرحيل عن هذا السلام الداخلي… ربما بحاجة الى وقت اكثر، ولكن دائما الاشياء الجميلة لها نهاية. ربما كنت سأهمس لهذا البحر.كم نحن بحاجة الى تسامحك والى حقيقة اسلامك ومخزون ألفتك ومضمون سياستك وحكمتك.كم نحن بحاجة الى ابتسامة اهلك.وكم نحن بحاجة الى قربك والطريق اليك.فلا تكوني بعيدة عن عروبتك الممزقة والمشتتة… لن انسى بعض مطر ينهمر هنا… وليل يهمس من قلب رجل يضىء بقلمه ومواقفه مساحات من ظلمة تاريخنا… ربما احسد نفسي ونحن هنا نحلم ونهمس… ويرسم لي لوحة من نبيذ تجربته وفي هذا العالم الافتراضي ينتظره الالاف ليلتهم كلاماته ورؤيته ومعلوماته. اما انا بين رجلين… احدهم يبتكر ويخطط للوحة خارج الابيض والاسود ليرسم مفهوم مختلف. فاتذكر مقولة قديمة، “رسالة من الاله بعل 5000 سنة قبل الميلاد من التراث السوري في اوغاريت، تقول حطم سيفك وتناول معولك واتبعني لنزرع السلام والمحبة في كبد الارض.: ربما بعد حين سيسألني،زاهر هل زرت سلطنة عمان؟ سابتسم حتما واقول له.مرة واحد لا تكفي.