المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ((((( حــــــــــــــكاية قلب قد هرم ..)))))



نسر البوادي
30-03-2016, 10:18 AM
خرجت يوما و أنا على عجلة من أمري .. شاهدتها ...
إنها جارتنا المسنة تجر نفسها بصعوبة حتى وصلت باب شقة ابنها.. فهي تقطن معه و عائلته
دقت الباب مرارا و لم يرد أحد يبدو أنه لم يكن أحد منهم موجودا في المنزل ..
كانت تعبة تلهث أنفاسها هي امرأة مريضة ومسنة جدا..
بدأت أستغرب و أتساءل ...
كيف لا يوجد أحد ليستقبلها !
ألا يعرف أحد منهم أنها قد تكون قبلهم في المنزل !
طيب ألم يتركوا معها نسخة من مفاتيح البيت ..!
ماذا لو تدهورت و هي بهذا التعب و المرض !!


بعدها رأيتها تعود متجهة لباب العمارة لتخرج ...
عرضت عليها المساعدة فاتكأت علي و خرجت تنتظر في الخارج ..
مررت أنا على محل قريب ووجدت فيه زوجة ابنها ..
و كأني فرحت جدا لرؤيتها فأسرعت لإخبارها أن حماتها بقيت وحيدة في الخارج تعبة مريضة ..
لكنني فوجئت بنظرتها الباردة و أسلوبها العادي في الرد ..
حيث قالت : نعم لقد ذهبت لقضاء بعض الحاجيات ...
و عندما قلت لها أن حماتها تبدو مريضة جدا ...
قالت لي : نعم فهي امرأة عجوز لقد كبرت و أصبحت أكثر تعبا و مرضا ...!

خرجت و أنا مندهشة ..
هم ليسوا عاقين أبدا و الله أعلم ...
فهي تعيش معهم دوما و لا أسمع لهم صوت شجار أو سوء معاملة ...
فابنها ليس صغير و أحفادها منهم من أنجب يعني حتى ابنها و زوجته أصبحوا أجداد ...

فكرت كثيرا
كيف يكون شعور إنسان في هذا العمر
لا أحد يهتم لمشاعره لا أحد يرى لوجوده أهمية
يخرج الجميع و هو باق وحيدا في المنزل ..
فهو يعطلهم عن مشوارهم و يفسد عليهم متعتهم ...

كيف يكون شعوره هو في نظر الآخرين مجرد عبء
له الأكل و الشرب و المبيت فقط ..

و كأنه ينتظر بل كأنهم م ينتظرون له الموت
و لو لم يصرحوا بها .........

الحقيقة أن أفكاري تلك ضيقت صدري
فكل منا لو مد الله في عمره سيوضع في نفس الموقف
أو ضمن أحدنا الشباب و القوة و الصحة الأبدية !
طبعا لا و لا أحد مهما كبر سنه يحب أن يشعر بالعجز و اللا مبالاة

و خطرت في ذهني أقوال آبائنا و أقاربنا الكبار
كيف كان كبر السن في الماضي دليل الحكمة و العقل الرزين
كيف كان للمسنين مكانتهم الكبيرة ...
فيلجأ لهم أصحاب المشاكل ليشيروا عليهم بالرأي السديد..
كيف كان كبير العائلة هو أب كل العائلة
يجتمع عنده الكبير قبل الصغير
الجميع يقبل يده و يكن له الاحترام و التقدير
لا يجرؤ أحد على رفع صوته في مقامه
و لا يمكن أن يرد له طلب ..
فإن أمر بالصلح كان به ..إن نادى تزاحم الجميع تلبية لندائه
فمن يفعل أولا نال شرف خدمته و القرب منه

لكن للأسف هذه الصورة المشرقة لكبارنا
تلاشت لا عدنا نراها و لا عاد للكبير قيمته و احترامه
فهو إما أن يجلس مع أبنائه منبوذا يتأففون منه و من وجوده في حياتهم .. وربما يعقونه
و إما أن يقبلوه على مضض كأنه جزء من أثاث ليس له إلا غرفته و طعامه
لا يشارك العائلة أي نشاط و لا اعتبار له في أي قرار ...

لذا أصبحنا نرى كم من المسنين أصبحوا يتلهفون و يصرون على إظهار أنهم أصحاب الرأي السديد
و يفرحون بأقل كلمات الاطراء ...
يتمسكون بآرائهم بشكل متعنت لآخر لحظة ...
و نحن نحتار..لا نفهمهم و لا نفهم نفسيتهم..نتذمر من عنادهم و نستاء من بنية عقولهم
و ما كل ذلك إلا نتيجة الألم الداخلي الدفين ...
الذي يسكن قلوبهم ........

لذلك نرى كم من طاعن في السن مريض غير قادر حتى على المشي
لكن نراه في الشارع يركب المواصلات في عز الشمس أو البرد
ليأخذ معاشه بنفسه رغم أنه يمكن أن يجد و بكل سرور من يسحب له نقوده
لكنه يضغط على نفسه و يقوم بذلك فقط
ليثبت لنفسه أنه فاعل و أنه يشارك الناس نشاطاتهم
و أنه لا زال يعيش ........

لو وضع أحدنا نفسه مكانهم و شعر بشعورهم
فسنرى كم هو مؤلم و صعب
فمهما كبر الإنسان فهو إنسان يبقى عنده حب الحياة
و الأمل فيها و الرغبة في المعيشة عيشة حقيقة
و ليس عيشة من ينتظر الموت

لا يكفي أن نأويهم و لا يكفي أن لا نعقهم
بل يجب أن نشعر بمشاعرهم و نقدرها
يجب أن نراعي ما استطعنا طريقة تفكيرهم
نسري عنهم نأخذهم في نزهات و نبدي استمتاعنا معهم
نظهر لهم في كل وقت حبنا و نهتم لأمورهم الصحية
علاجاتهم و أدويتهم و مواعيدها
نراعي اهتماماتهم التي قد تبدو لنا مملة أو تافهة
فلا نسخر منهم أو نضحك فلربما نعتقد أنهم لا يميزون
إلا أنهم في الحقيقة يتألمون

نأخذ آراءهم في المواضيع و المشاكل المختلفة
فحتى لو لم نرغب في تنفيذها فإن مجرد سماعهم كلمات الإعجاب برأيهم الحكيم
يفرحهم و يبعث فيهم الأمل و النور و السعادة

هذا على الصعيد الشخصي و ما يستطيع الأفراد عمله بأنفسهم

أما على صعيد الحكومات والدول
فبالطبع يجب أن يكون هناك خدمات و مؤسسات خاصة ترعى المسنين
بخلاف دار المسنين الوجه الأسود لتلك الخدمات
و الذي على الرغم من ضرورته إلا أنه ساهم في نشر الفكرة
و اعتبار ترك الأم و الأب فيه أمرا عاديا
و إدخال ذلك في ثقافة الشعوب

هناك الكثير من الدول تهتم بشكل خاص بالمسنين و تخصص لهم مراكز خاصة بهم
فيها ما يحبون من نشاطات و فعاليات
يدمجونهم في المجتمع بشكل مفيد و فاعل
فيفيدون و يستفيدون

و من قال أن المسن لا ينفع سوى لشرب الشاي و قراءة الجريدة على أحسن حال ?


أسال الله أن يمد في أعمارنا و أحبابنا في الخير و أن لا يردنا إلى أرذل العمر
و أن يمتعنا بأسماعنا و أبصارنا و قواتنا ما حيينا آمين

فجر المزون
30-03-2016, 10:54 AM
موضوع راااااااائع راق لي كثيرا
للأسف زمان اول تحول
ولكن الحمدلله لايزال اجدادنا لهم قيمة بالنسبة لنا كثييرا ولاتزال هناك عوائل يهتمون لهم
ويبقى الامل ...........
اللهم احفظ روحا احبها قلبي ( أمي )

نسر البوادي
30-03-2016, 10:19 PM
غجر مرورك تلرقي ايسعدني اختي

نسر البوادي
03-04-2016, 09:54 AM
صباح الخير

نسر البوادي
10-04-2016, 09:47 AM
صباح الخير

حنــان
10-04-2016, 10:40 AM
رائع جدا ومحزن في نفس الوقت

و نحن كذلك راح يجي وقتنا و نعيش هذي المرحلة .. فلنحسن لآبائنا لنكون قدوه لأبنائنا ..

نسر البوادي
12-04-2016, 09:47 AM
مابا 86 مرورك اسعدني اختي

جمال319
12-04-2016, 10:13 AM
الحمدلله نعيش في مجتمع يقدر كبار السن ويفرح لتواجدهم فحياتنا جدي وصل سن ال90عام بصحه وعافيه لكن بدى عليه الخرف وعدم المعرفه بلاسماء لكن يحضا بكل لاهتمام من الجميع

البروفيسور عيسى
12-04-2016, 11:27 AM
بارك الله فيك '
موضوع رائع بالفعل"

نسر البوادي
13-04-2016, 09:47 AM
جمال مرورك وتعليقك الراقي اسعدني اخي

نسر البوادي
13-04-2016, 09:48 AM
الامام الصلت تسلم مرورك الرائع اسعدني اخي

مائة بيسة
14-04-2016, 04:17 PM
قلوب قاسية
اليوم شفت شخص كبير بالسن تعبان مسكين ماقدر يمشي ويبي يتعثر رحمته بس مابيدي شي

happy199566
14-04-2016, 06:02 PM
موضوع رائع

أبـوالولـــيـد
20-04-2016, 11:41 AM
جميل جدا
جزيت خيرا